ج1.وج2.كتاب:مجاز القرآن
أبو عبيدة
مجاز القرآن
بِسمِ
اللهِ الرَّحَمنِ الرَّحِيمِ
حدثنا أبو الحسين
محمد بن هارون الزّنجانيّ الثَقَفي، قال: أخبرنا أبو الحسن على بن عبد العزيز،
قال: حدثنا علي بن المُغيرة الأثْرَم، عن أبي عُبيدة مَعْمَر بن المُثَنَّى
التَّيْميّ، قال: القرآن: اسم كتاب الله خاصْة، ولا يُسمّى به شيء من سائر الكتب
غيره، وإنما سُمّى قرآناً لأنه يجمع السور فيضمها، وتفسير ذلك في آية من القرآن؛
قال الله جلّ ثناؤه: (إنّ علينا جَمه وقُرْأنَه) (7518). مجازه: تأليف بعضه إلى
بعض؛ ثم قال: (فإذا قَرَأناه فاتَّبِعْ قُرآنه) (7518) مجازه: فإذا ألَّفنا منه
شيئاً، فضممناه إليك فخذ به، واعمل به وضمّه إليك؛ وقال عمَرو ابن كُلْثُوم في هذا
المعنى:
ذِراعَىْ حُرَّةٍ
أدماءَ بَكْرٍ ... هِجانِ اللَّوْن لم تَقرَأ جَنينا
أي لم تضمّ في رحمها
ولداً قط، ويقال للتى لم تحمل قط: ما قرأت سَلىً قط. وفي آية أخرى: (فإِذا قرأتَ
القُرْآنَ) (1698) مجازه: إذا تلوت بعضه في إثر بعض، حتى يجتمع وينضمّ إلى بعض؛
ومعناه يصير إلى معنى التأليف والجمع. وإنما سُمّى القرآن فُرقاناً لأنه يفرق بين الحق والباطل، وبين المسلم
والكافر، وخرج تقديره على تقدير: رجل قُنْعان، والمعنى أنه يَرضَى الخصمان والمختلفان
في الأمر بحكمه بينهما ويقنعان به.
والسورة من القرآن
يهمزها بعضهم، وبعضهم لا يهمزها، وإنما سُمّيت سورة في لغة من لا يهمزها، لأنه يجعل
مجازها مجازَ منزلة إلى منزلة أخرى، كمجاز سورة البناء، قال النابغة الذبياني:
ألم تر أن الله أعطاك
سورةً ... ترى كل مَلْكٍ دونها يتذبذبُ
أي منزلة شرف ارتفعتَ
إليها عن منازل الملوك، غير أن جمع سورة القرآن خالف جمع سورة البناء في لغة من
همز سورة القرآن، وفي لغة من لم يهمزها؛ قالوا جميعاً في جمع سورة القرآن (سُوَر)
الواو مفتوحة كما قال: لا يقرأنَ بالسُوَرِ فخرج جمعها مخرج جمع ظُلمة والجميع
ظُلمَ ونحو ذلك، وقالوا جميعاً في جمع سورة البناء سُور الواو ساكنة، فخرج جمعها
مخرج جمع بُسْرة والجميع بُسْر قال العجّاج:
فرُبَّ ذي سُرادقٍ
محجورِ ... سِرتُ إليه في أعالي السُوْرِ
الواو ساكنة،
السُرادق: الفُسطاط وهو البَلق؛ ومجاز سورة في لغة من همزها: مجاز قطعة من القرآن
على حِدة وفضلة منه لأنه يجعلها من قولهم: أسأرتُ سؤراً منه، أي أبقيت وأفضلت منه
فضلةً.
والآية من القرآن:
إنما سّميت آية لأنها كلام متصل إلى انقطاعه، وانقطاع معناه قصة ثم قصة.
ولسور القرآن أسماء:
فمن ذلك أن (الحمد الله) تسمّى (أم الكتاب)، لأنه يبدأ بها في أول القرآن وتعاد
قراءتها فيُقرأ بها في كل ركعة قبل السورة؛ ولها اسم آخر يقال لها: فاتحة الكتاب
لأنه يُفتتح بها في المصاحف فتُكتب قبل القرآن، ويُفتتح بقراءتها في كل ركعة قبل
قراءة ما يُقرأ به من السور في كل ركعة.
ومن ذلك اسم جامعِ لما
بلغ عددهن مائة آية أو فُوَيق ذلك أو دُوَينه فهو المئون، وقد فرغنا من ذلك في
الرجز الذي بعد هذا. ومن ذلك اسم جامع للآيات وهو: المثاني، وقد فرغنا من ذلك في
الرجز الذي بعد هذا. ومن ذلك اسم لقوله: (قل يا أيها الكافرون) (109)، ولقوله: (قل هو الله أحد) (112) يقال
لهما: (المقشقِشتان)، ومعناه المبرِّئتان من الكفر والشكّ والنفاق كما
يُقشقِش الهِناء الجَرِبَ فيبرئه. ومن ذلك اسم جامع لسبع سور من أول القرآن، يقال للبقرة
(2)، وآل عمران (2)، والنساء (4)، والمائدة (5)، والأنعام (6)، والأعراف (7)، والأنفال (8): (السبع الطُوَل)،
قال سليمان:
نَشدتُكم بمُنْزِل
الفُرقانِ ... أم الكتاب السبع من مَثاني
تُنّين من آيٍ من
القرآنِ ... والسبع سبعِ الطُوَل الدَّواني
وقال في جمع أسمائها:
حَلفتُ بالسبع
اللواتى طُوّلتْ ... وبمِئين بعدها قد امْئيتْ
وبمثَانٍ ثُنّيت
فكُرّرت ... وبالطواسيم التي قد ثُلِّثت
وبالحواميم اللواتي
سُبّعت ... وبالمفصّل اللواتي فُصّلت
وقال الشاعر فيما يدل
على أن الحمد هي السبع المثاني:
الحمد لله الذي
أعفاني ... وكلَّ خير صالح أعطاني
رب المثاني الآى
والقرآنِ
بِسمِ الله
الرَّحَمنِ الرَّحِيمِ
قالوا: إنما
أُنزل القرآن بلسان عربي مبين، وتِصداق ذلك في آية من القرآن، وفي آية أخرى:
(وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إلاَّ بِلِسَان قَوْمِه) (144)، فلم يحتج السلف ولا الذين أدركوا وحيه إلى
النبي صلى الله عليه وسلم أن يسألوا عن معانيه لأنهم كانوا عرب الألسُن، فاستغنوا
بعلمهم به عن المسألة عن معانيه، وعما فيه مما في كلام العرب مثله من الوجوه
والتلخيص. وفي القرآن مثل ما في الكلام العربي من وجوه الإعراب، ومن الغريب،
والمعاني.
ومن المحتمل من مجاز
ما اختصر وفيه مضمر، قال: (وَانْطَلَقَ الَمَلأُ مِنْهُمْ أَن أمشُوا وَاصْبِروا)
(386)، فهذا مختصر فيه ضمير مجازه: (وانْطَلَقَ المَلأُ منهم)، ثم اختصر إلى فعلهم
وأضمر فيه: وتواصوا أن أمشوا أو تنادوا أن أمشوا أو نحو ذلك. وفي آية أخرى:
(مَاذَا أَرَادَ اللهُ بهَذا مَثَلاً) (226)،
فهذا من قول الكفار، ثم اختصر إلى قول الله، وأضمر فيه قل يا محمد: (يُضِلُّ
بِه كَثِيراً) (226)، فهذا من كلام الله.
ومن مجاز ما حُذف وفيه
مضمَر، قال: (وسَلِ الْقَرْيَةَ التي كُنَّا فيهَا والعيرَ التي أَقبَلْنا فيها)
(1282)، فهذا محذوف فيه ضمير مجازه: وسل أهل القرية، ومَن في العير.
ومن مجاز ما كُفّ عن
خبره استغناءً عنه وفيه ضميرٌ قال: (حَتَّى إذَا جَاؤُهَا وفُتِحَت أَبْوابها وَقَال لَهُم خَزَنَتُها
سَلاَمٌ علَيْكُم طِبْتُم فَادْخُلُوهَا خَالدِين) (3973)، ثم كُفّ عن خبره.
ومن مجاز ما جاء لفظه
لفظ الواحد الذي له جماع منه ووقع معنى هذا الواحد على الجميع، قال: (يُخْرِجُكُم
طِفْلاً) (225)، في موضع: (أطفالا). وقال: (إنما المُؤْمِنُون إخْوَةٌ
فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُم) (4910) فهذا وقع معناه على قوله: (وإِن
طَائفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقتَتَلُوا) (499)،
وقال: (وَالمَلَك عَلَى أَرْجَاَئها) (697)، في موضع: (والملائكة).
ومن مجاز ما جاء من
لفظ خبر الجميع على لفظ الواحد، قال: (وَالمَلاَئكَةُ بَعدَ ذِلكَ ظَهِيرٌ) (664)،
في موضع: ظُهَراءُ.
ومن مجاز ما جاء لفظه
الجميع الذي له واحد منه، ووقع معنى هذا الجميع على الواحد، قال: (الذينَ قَالَ
لَهُم النَّاسُ إن النَّاسَ قَد جَمَعُوا لَكمُ) (3173)، والناس جميع، وكان الذي
قال رجلا واحداً. (أَنا رَسُولُ رَبِّك) (1919)، وقال: (إنّا كُلَّ شَيْءٍ
خَلَقْنَاءُ بقَدَر) (5449)،
والخالق الله وحده لا شريك له.
ومن مجاز ما جاء لفظه
الجميع الذي له واحد منه ووقع معنى هذا الجميع على الاثنين: قال: (فَإن كَانَ لَهُ
إخْوَةٌ) (410) فالإخوة جميع ووقع معناه على أخوين، وقال: (إنَّما المُؤْمِنُونَ
إخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بينَ أَخَوَيْكمُ) (4910)، وقال: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا) (541)، في
موضع يديهما.
ومن مجاز ما جاء
لاجماع له من لفظه فلفظُ الواحد منه ولفظ الجميع سواء، قال: (حَتَّى إذَا كُنْتُم
فِي الْفُلْكِ) (1022)، الفلك جميع وواحد، وقال: (وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ
يَغُوصُونَ لَهُ) (2182)، جميع وواحد، وقال: (فَمَا مِنْكمُ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ
حَاجِزِينَ) (6947) جميع وواحد.
ومن مجاز ما جاء من
لفظ خبر الجميع المشرك بالواحد الفرد على لفظ خبر الواحد، قال الله: (أَن
السَّمَواتِ والأَرضَ كاَنَتا رَتقْاً فَفتَقْنَاهُمَا) (2130) جاء فعل السموات
على تقدير لفظ الواحد لما أُشركن بالأرض.
ومن مجاز ما جاء من
لفظ الإثنين، ثم جاء لفظ خبرهما على لفظ خبر الجميع، قال: (ائْتِيَا طَوْعاً أو
كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعين) (4111).
ومن مجاز ما خُتر عن
اثنين مشركين أو عن أكثر من ذلك فجعل لفظ الخبر لبعض دون بعض وكُفّ عن خبر الباقي،
قال: (وَالذينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقْونَهَا فِي
سَبِيلِ اللهِ) (935)
ومن مجاز ما جُعل في
هذا الباب الخبرُ للأول منهما أو منهم قال: (وَإذا رَأوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً
انْفَضُّوا إليْها) (6211).
ومن مجاز ما جُعل في
هذا الباب الخبرُ للآخر منهما أو منهم، قال: (ومَنْ يَكْسِبَ خَطِيئة أَوْ إثْماً
ثُمَّ يَرمِ به بَرِيئاً) (4111).
ومن مجاز ما جاء من
لفظ خبر الحيوان والموات على لفظ خبر الناس قال: (رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ
كَوْكَباً والشَّمْسَ والقَمَرَ رَأَيْتَهُمْ لي سَاجِدِين) (124)، وقال: (قَالتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) (4111)،
وقال للأصنام: (لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هؤُلاَءِ يَنْطِقُونَ) (2165)، وقال: (يا
أَيُّهَا النَّملُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وجُنُودُه)
(2718)، وقال: (إنَّ السَّمعَ والبَصَرَ والفُؤَادَ كُلُّ أُولئكَ كَانَ عَنْهُ
مَسْئُولاً) (3617).
ومن مجاز ما جاءت
مخاطبته مخاطبة الغائب ومعناها للشاهد، قال: (آلم ذَلِكَ الكِتَابُ) (21)، مجازه:
آلم هذا القرآن.
ومن مجاز ما جاءت
مخاطبته مخاطبة الشاهد، ثم تُركت وحُوّلت مخاطبته هذه إلى مخاطبة الغائب، قال
الله: (حَتَّى إذا كُنتمُ في الفُلْك وَجَرَيْنَ بِهِمْ) (1022)، أي بكم.
ومن مجاز ما جاء خبره
عن غائب ثم خوطب الشاهد، قال: (ثُمَّ ذهَبَ إلَى أهْلِهِ يَتَمَطَّى أَوْلَي لَكَ
فَأَوْلَى) (7523،24).
ومن مجاز ما يزاد في
الكلام من حروف الزوائد، قال الله: (إنَّ اللهَ لاَ يَسْتَحْيِى أَنْ يَضْرِبَ
مَثَلاً مّا بَعوضَةً فَمَا فَوْقَهَا) (226)،
وقال: (فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنهُ حَاجزين) 69 47)، وقال: (وَشَجَرةً
تَخرُجُ مِن طُورِ سِينَاءَ تنْبُتُ بالدُّهْنِ وصِبْغٍ للآكِلِين) (2320)، وقال:
(وَإذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْملاَئِكَةِ) (230)،
وقال: (مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ) (717)، مجاز هذا أَجمع إلقاؤهن.
ومن مجاز المضمر فيه
استغناءً عن إظهاره قال: (بِسْمِ اللهِ) (2730)، ففيه ضمير مجازه: هذا بسم الله.
أو بسم الله أول كل شيء ونحو ذلك.
ومن مجاز المكرر
للتوكيد قال: (رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً والشمْسَ والقَمَر رأيتُهْمِ لي
سَاجِدِين) (124)، أعاد الرؤية. وقال: (أَوْلَى لَك فَأَوْلَى) (7434،35)، أعاد
اللفظ. وقال: (فَصِيَامُ ثَلاَثةِ أيَّامٍ في الْحَجِّ وسَبْعةٍ إذاً رَجعْتُم
تِلْك عَشَرةٌ كَامِلَة) (2196). وقال: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) (1111).
ومن مجاز المجمل
استغناءً عن التكرير قال: (. . . .) (؟).
ومن مجاز المقدم
والمؤخر قال: (فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الماءَ اهتَزَّتْ ورَبَت) (225) أراد
ربت واهتزت. وقال: (لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا) (2440) أي لم يرها ولم يكد.
ومن مجاز ما يحوّل
خبره إلى شيء من سببه، وُيترَك خبره هو قال: (فَظَلَّتْ أَعْناقُهمْ لَها
خَاضِعين) (264) حُوّل الخبر إلى الكناية التي في آخر الأعناق.
ومن مجاز ما يُحوّل
فعل الفاعل إلى المفعول أو إلى غير المفعول قال: (مَا إنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بالعُصْبَة)
(2876) والعُصبة هي التي تنوء بالمفاتح.
ومن مجاز ما وقع المعنى
على المفعول وحُوِّل إلى الفاعل قال: (كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ
يَسْمَعُ) (2171)، والمعنى على الشاء المنعوق به وحُوِّل على الراعى الذي ينعِق
بالشاء.
ومن مجاز المصدر الذي
في موضع الاسم أو الصفة قال: (ولكِن البِرّ مَن آمَنَ بِاللهِ) (2189) خروج المعنى
البارُّ. وقال: ( أَنَّ السَّمَواتِ واْلأَرضَ كانتَا رَتْقاً) (2130)، والرتق مصدر وهو
في موضع مرتوقتين، وقال: (أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ) (1919) أي رسالة ربك.
ومجاز ما قرأته
الأئمة بلغاتها فجاء لفظه على وجهين أو أكثر، من ذلك قرأ أهل المدينة (فَبِمَ
تبَشِّرُونِ) (1554) فأضافوا بغير نون المضاف بلغتهم، وقال أبو عمرو: لا تُضاف
تبشِّرون إلاَّ بنون الكناية كقولك تبشِّرونني.
ومن مجاز ما جاءت له
معانٍ غير واحد، مختلفة فتأولته الأئمة بلغاتها فجاءت معانيه على وجهين أو أكثر من
ذلك، قال: (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ) (2825) ففسروه على ثلاثة أوجه؛ قال
بعضهم: على قَصْدٍ، وقال بعضهم: على مَنْع، وقال آخرون: على غضبٍ وحِقْد.
ومن مجاز ما جاء على لفظين
وذلك لاختلاف قراآت الأئمة، فجاء تأويله شَتى؛ فقرأ بعضهم قوله: (إنْ جَاءَكُم
فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ) (496)،
وقرأها آخرون: (فَتَثَّبتُوا) وقرأ بعضهم قوله: (أَإذَا صَلَلْنَا فِي اْلأَرْضِ) (3210)، وقرأها آخرون (أإذَا
ضَلَلْنَا في الأرض)، صللنا: أنتنا من صلَّ اللحمُ يصل؛ وقرأ بعضهم: (وادَّكَرَ بَعْدَ
أُمَّة) (2245)، وقرأها آخرون: (بَعْدَ أَمْهٍ) أي نسيان. وقرأ بعضهم (في لَوْحٍ
مَحْفُوظٌ) (8522) وقرأ آخرون (في لُوْحٍ محفوظٍ) أي الهواء.
ومن مجاز الأدوات
اللواتي لهن معانٍ في مواضع شتى، فتجئ الأداة منهن في بعض تلك المواضع لبعض تلك
المعاني، قال: (أَنْ يضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا) (226) معناه
فما دونها، وقال: (وَاْلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا) (7930) معناه مع ذلك، وقال: (لأَصَلِّبَنَّكُمْ
فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) (2071) معناه: على جذوع النّخل، وقال: (إذا أكْتَالُوا عَلَى
النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ) (832) معناه: من الناس، وقال: (هَذِهِ اْلأَنْهَارُ
تَجْري مِن تَحْتِيَ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الذي هو
مَهِينٌ) ( 4351،52) معناه: بل أنا خير.
ومن مجاز ما جاء على
لفظين فأعملت فيه الأداة في موضع، وتركت منه في موضع، قال: (وَيْلٌ
لِلْمْطَفِّفِيْنَ الذينَ إذَا أكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإذَا
كَالُوهُم أَوْ وَزَنُوهُم يُخْسِرُونَ) (833) معناه: وإذا كالوا لهم أو وزنوا لهم.
ومن مجاز ما جاء على
ثلاثة ألفاظ فأعملت فيه أداتان في موضعين وترُكتا منه في موضع، قال: (اهْدِنَا
الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ) (15)، وإلى الصراط وللصراط.
ومن مجاز ما جاء فيه
على لفظين فأعلمت فيه أداة في موضع، وتركت منه في موضع، قال: (وَإذَا قَرأْتَ
الْقُرْآن) (1698) وقال: (اقْرَأ بِاسْمِ رَبِّكَ) (961).
ومن مجاز ما فيه
لغتان فجاء بإحداهما قال: (وإنَّ لَكُمْ في اْلأَنْعَامِ لَعِبْرةً نَسْقِيكمُ
مِمّا في بُطُونِهِ) (1666)، فالأنعام يذكر ويؤنث، وقال: (كذّبَت قَوْمُ نُوحٍ
المُرْسَلِينَ) (26105) يقال: هذه قومك، وجاء قومك.
ومن مجاز ما أظهر من
لفظ المؤنث ثم جعل بدلا من المذكر فوصف بصفة المذكر بغير الهاء؛ كذلك، قال:
(السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِه) (7318) جُعلت السماء بدلاً من السقف بمنزله تذكير سماء البيت.
ومن مجاز ما جاء من
الكنايات في مواضع الأسماء بدلا منهن قال: (إنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِر)
(2069). فمعنى (ما) معنى الاسم، مجازُه إنّ صَنيعَهم كَيدُ ساحرٍ.
ومن مجاز الاثنين
المشتركين وهما من شَتَّى أو من غير شَتَّى، ثم خُبّر عن شيءٍ لا يكون إلا في
أحدهما دون الآخرُ فجعل فيهما أو لهما لمّا أُشرك بينهما في الكلام، قال: (مَرَجَ
البَحْرَيْنِ يَلْتِقيَانِ) (5519)،
(يخْرُجُ مِنْهُمَا اللؤْلؤُ والمَرْجَان) (5522)، وإنما يخرج اللؤلؤ
من البحر دون الفرات العذب.
ومن مجاز ما جاء من
مذاهب وجوه الإعراب، قال: (سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا) (241) رفعٌ ونصب، وقال: (والسَّارِقُ والسَّارِقَةُ
فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا) (541) رفعٌ ونصبٌ، وقال: (والزَّانِيَةُ والزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مائَةَ
جَلْدة) (242) رفع ونصب.
ومجاز المحتمِل من
وجوه الإعراب كما قال: (إنَّ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ) (2063).
قال: وكل هذا جائز
معروف قد يتكلمون به.
بِسمِ اللهِ
الرَّحَمنِ الرَّحِيمِ
(بسم الله) إنما هو
بالله لأن اسم الشيء هو الشيء بعينه، قال لبيد:
إلَى الَحوْلِ ثُمَّ
اسمُ السَّلامِ عليكما ... ومن يَبْكِ حَولاً كاملاً فقدِ اعتَذَرْ
(إنَّ عَلَيْنَا
جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) (7517): أي تأليفه؛ (فإذَا قَرَأْنَاهُ) (7518) أي إذا جمعناه؛ ومجازه مجاز قول عَمْرو بن كُلْثوم:
هِجانِ اللَوْن لم
تَقْرأ جَنينا
أي لم تضمَّ في
رحمها، ويقال للتي لم تلد: ما قرأَتْ سَلًى قطّ.
نزل القرآن بلسان
عربي مُبين، فمن زعم أن فيه غير العربية فقد أَعظم القول، ومن زعم أن (طه) (20)
بالنَّبطِيّة فقد أكبر، وإن لم يعلم ما هو، فهو افتتاح كلام وهو اسم للسورة وشعار
لها. وقد يوافق اللفظُ اللفظَ ويقار به ومعناهما واحد وأحدهما بالعربية والآخر
بالفارسية أو غيرها. فمن ذلك الإسْتبْرَق بالعربية، وهو الغليظ من الدِّيباج،
والفِرِند، وهو بالفارسية إسْتَبْرَهْ؛ وكَوْز وهو بالعربية جوز؛ وأشباه هذا كثير.
ومن زعم أن (حِجَارةً مِنْ سِجِّيلٍ) (1054) بالفارسية فقد أعظم، من قال: إنه
سَنْك وكِلْ إنما السجيل الشديد.
والقرآن: اسم كتاب
الله، لا يسمَّى به غيرهُ من الكتب، وذلك لأنه جَمَع وضمَّ السور؛ ومجازه من قوله:
(إنَّ علَينا جَمْعَه وقُرْآنَه) (7518)، أي تأليف بعضه إلى بعض، (فإذا
قَرَأْنَاهُ فاتَّبِعْ قُرْآنَه)؛ وسُمِّى الفرقانَ لأنه يفرق بين الحق والباطل
والمؤمن والكافر.
ففي القرآن ما في
الكلام العربيّ من الغريب والمعاني، ومن المحتمِل من مجاز ما اختُصِر، ومجاز ما
حُذف، ومجاز ما كفَّ عن خبره، ومجاز ما جاء لفظه لفظ الواحد ووقع على الجميع،
ومجاز ما جاء لفظه لفظ الجميع ووقع معناه على الاثنين، ومجاز ما جاء لفظه خبر
الجميع على لفظ خبر الواحد، ومجاز ما جاء الجميع في موضع الواحد إذا أُشرك بينه
وبين آخر مفرد، ومجاز ما خُبّر عن اثنين أو عن أكثر من ذلك، فجعل الخبر للواحد أو
للجميع وكُفَّ عن خبر الآخر، ومجاز ما خُبّر عن اثنين أو أكثر من ذلك، فجعل الخبر
للأول منهما، ومجاز ما خُبّر عن اثنين أو عن أكثر من ذلك، فجعل الخبر للأخر منهما،
ومجاز ما جاء من لفظ خبر الحيوان والمَوَات على لفظ خبر الناس؛ والحيوانُ كل ما
أكل من غير الناس وهي الدواب كلُّها، ومجاز ما جاءت مخاطبتهُ مخاطبة الغائب ومعناه
مخاطبة الشاهد، ومجاز ما جاءت مخاطبته مخاطبة الشاهد، ثم تُركت وحوّلت مخاطبته هذه
إلى مخاطبة الغائب، ومجاز ما يزاد من حروف الزوائد ويقع مجازُ الكلام على إلقائهن،
ومجاز المضمر استغناءً عن إظهاره، ومجاز المكرر للتوكيد، ومجاز المجمل استغناءً عن
كثرة التكرير، ومجاز المقدَّم والمؤخَّر، ومجاز ما يحوّل من خبره إلى خبر غيره بعد
أن يكون من سببه، فيجعل خبره للذي من سببه ويترك هو. وكل هذا جائز قد تكلموا به.
بِسمِ اللهِ
الرَّحَمنِ الرَّحِيمِ
أُمُّ الكتاب (1)
مجاز تفسير ما في سورة
(الحمد) وهي (أم الكتاب) لأنه يبُدأ بكتابتها في المصاحف قبل سائر القرآن، ويبدأ
بقراءتها قبل كلّ سورة في الصلاة؛ وإنما سُمِّيت سورةً لا تُهمز، لأن مجازها من
سُور البناء أي منزلة ثم منزلة، ومَن همزها جعلها قطعةً من القرآن، وسميت السورة
لأنها مقطوعة من الأخرى، فلما قرن بعضها إلى بعض سُمِّى قرآنا. قال النَّابغة:
ألم تر أَن الله
أعطاك سورةً ... ترى كلَّ مَلْك دونَها يتَذبذبُ
أي منزلة، وبعضُ
العرب يهمز سورة، ويذهب إلى (أسأرتُ). نقول: هذه ليست من تلك.
فمجاز تفسير قوله
(بسم الله) مضمر، مجازه كأنك قلت: بسم الله قبل كل شيء وأول كل شيء ونحو ذلك، قال
عبد الله بن رَوَاحة:
بسم الإله وبه
بَدِينا ... ولو عبَدْنا غيرَه شَقِينا
يقال: بدأتُ وبدَيت،
وبعضهم يقول: بدِينا لغة.
(الرَّحْمَن) مجازه ذو
الرحمة، و(الرَّحِيم) مجازه الراحم، وقد يقدّرون اللفظين من لفظ واحد والمعنى واحد،
وذلك لاتّساع الكلام عندهم، وقد فعلوا مثل ذلك فقالوا: ندمان ونديم، قال بُرْج بن مُسْهِر الطائيّ، جاهلي:
ونَدْمانٍ يزيد
الكأسَ طِيباً ... سَقيتُ وقد تغوَّرت النجومُ
وقال النُعْمان بن
نَضْلَة، عَدويُّ من عَدي قُريش:
فإن كنتَ نَدْماني
فبالأكبر أسْقِني ... ولا تَسقِني بالأصغر المُتَثلْمِ
وقال بُرَيق الهذليّ
عدَوَيّ من عَدي قريش:
رُزينا أبا زيدٍ ولا
حيَّ مِثْلَه ... وكان أبو زيد أخي ونديميِ
وقال حَسّان بن ثابت:
لا أخدِشُ الخَدْش
ولا ... يَخْشَى نَدِيمي إذا انتشيتُ يَدِي
(رَبِّ العَالمِين)
(1) أي المخلوقين، قال لبيد بن ربيعة:
ما إن رأيتُ ولا سمع
... تُ بمثلهم في العالمَينا
وواحدهم عالَم، وقال
العجّاج:
فَخِنْدِفٌ هامةُ هذا
العالِمَ
(مَالِك يَوْمِ
الدِّين) (2) نصب على النِّداء، وقد تُحذف ياء النداء، مجازه: يا مالك يوم الدين،
لأنه يخاطب شاهداً، ألا تراه يقول: (إيّاكَ نَعْبُدُ) (4) فهذه حجة لمن نصب، ومن جره قال: هما كلامان.
(الدِّين) (2) الحساب
والجزاء، يقال في المثل: (كما تَدين تُدان)، وقال ابن نُفيل
واعلمْ وأَيقِن أنّ
مُلككَ زائل ... واعلم بأنَّ كما تَدِين تُدانُ
ومجازُ مَن جرّ
(مَالِك يَوْمِ الدِّين) أنه حدّث عن مخاطبة غائب، ثم رجع فخاطب شاهداً فقال:
(إيَّاكَ نَعْبُد وَإيَّاكَ نَسْتَعِينُ اهْدِنَا) (5)، قال عَنْترة بن شَدّاد
العَبْسِيّ:
شَطّتْ مَزَارَ
العاشقين فأصبحتْ ... عَسِراً علىَّ طِلابُكِ ابنةَ مَخْرَمِ
وقال أبو كبير
الهذليّ:
يا لَهْفَ نفسي كان
جِدّةُ خالدٍ ... وبَياضُ وَجْهك للتُّراب الأَعْفرِ
ومجاز (إيّاك
نَعْبُد): إذا بُدئ بكناية المفعول قبل الفعل جاز الكلام، فإن بدأتَ بالفعل لم
يجز، كقولك: نعبد إياك، قال العجّاج:
إيّاك أدعو فتقَّبلْ
مَلَقِى
ولو بدأتَ بالفعل لم
يَجز كقولك: أدعو إيّاك، محالٌ، فإن زدتَ الكناية في آخر الفعل جاز الكلام: أدعوك
إياك.
(الصِّرَاط) (5):
الطريق، المنهاج الواضح، قال:
فصدّ عن نَهْج
الصِّراط القَاصِدِ
وقال جرير:
أميرُ المؤمنين على
صراطٍ ... إذا أعوجَّ المواردُ مستقيمِ
والموارد: الطرق، ما
وردتَ عليه من ماء، وكذلك القَرِىُّ وقال:
وَطِئنا أرضهم
بالخَيْل حتى ... تركناهم أذلَّ من الصراطِ
(غَيْرِ المَغْضُوبِ
عَلَيْهم وَلاَ الضَّالِّين) (7) مجازها: غير المغضوب عليهم والضالين، و(لا) من
حروف الزوائد لتتميم الكلام، والمعنى إلقاؤها، وقال العجاج:
في بئرِ لا حُورٍ
سَرَى وما شَعَرْ
أي في بئر خور أي
هلكة، وقال أبو النجم:
فما ألوم البيضَ ألا
تَسخَرا ... لمّا رأين الشَّمَطَ القَفَنْدَرا
القَفَندر: القبيح
الفاحش، أي فما ألوم البيض أن يسخرن، وقال:
ويَلْحَيْننَى في
اللَهْو أَلاّ أُحبّه ... ولِلَّهو داعٍ دائبٌ غير غافلِ
والمعنى: ويَلحَيْنَنى
في اللهو أن أحبه. وفي القرآن آية أخرى: (ما مَنَعَك أَلاّ تَسْجُدَ) (711)
مجازها: ما منعك أن تسجد. (ولا الضَّالِّين): (لا) تأكيدٌ لأنه نفيٌ، فأُدخلت (لا)
لتوكيد النفي، تقول: جئت بلا خير ولا بركة، وليس عندك نفع ولا دَفع.
قال أبو خِراش:
فإنكِ لو أبصرتِ
مَصْرَعَ خالدٍ ... بجنب السِّتار بين أظْلَمَ فالحَزْمِ
إذاً لرأيتِ النَّابَ
غيرَ رَزِيّةٍ ... ولا البَكْرَ لأضطمَّتْ يداكِ على غُنْم
بِسمِ اللهِ
الرَّحَمنِ الرَّحِيمِ
سورة البقرة (2)
(آلم) (1) سُكّنت
الألف واللام والميم، لأنه هجاء، ولا يدخل في حروف الهجاء إعراب، قال أبو النَّجْم
العِجليّ:
أقبلتُ من عند زِياد
كالِخِرفْ ... أَجُرُّ رِجليَّ بخٍطّ مخٌتِلفْ
كأنمّا تُكَتِّبان
لام ألفْ
فجزمه لأنه هجاء،
ومعنى (آلم): افتتاح، مُبتدأ كلامٍ، شِعار للسورة.
(ذَلِك الكِتابُ) (2)
معناه: هذا القرآن؛ وقد تخاطِب العرب الشاهدَ فتُظهر له مخاطبةَ الغائب.
قال خُفاف بن نَدْبة
السُلَمىّ، وهي أُمه، كانت سوداء، حبشية. وكان من غِربان العرب في الجاهلية:
فإن تك خَيلي قد
أُصيب صَميمها ... فَعمداً على عين تيممّتُ مالِكا
أقول له والرُّمح
يأطرُ مَتْنَه ... تأمَّلْ خُفافاً إنّني أنا ذلكا
يعني مالك بن حَمَّاد
الشَمْخِيّ، وَصميمُ خيلهِ: معاويةُ أخو خَنْساء، قتله دُريَد وهاشم ابنا حَرمْله
المُرِيَّان.
(لا رَيْبَ فيهِ) (2)
لا شكّ فيه، وأنشدني أبو عمرو الهذليّ لساعِدة بن جُؤيَّة الهذليّ:
فقالوا تركْنا
الحَيَّ قد حَصروا به ... فلا رَيْب أن قد كان ثَمَّ لَحيِم
أي قتيل، يقال: فلان
قد لُحمِ، أي قُتل، وحصروا به: أي أطافوا به، لا رَيْبَ: لا شكَّ.
(هُدىً لِلُمَّتقِين)
(2) أي بياناً للمتقين.
(المفْلِحُون) (5): كل
من أصاب شيئا من الخير فهو مُفْلِح، ومصدره الفَلاَح وهو البقاء، وكل خير، قال
لبيد بن ربيعة:
نحُلُّ بلاداً كُلها
حُلَّ قبلَنا ... ونرجو الفَلاح بعد عادٍ وحِمْيرِ
الفلاح أي البقاء،
وقال عَبيد بن الأبْرَص:
أَفْلِحْ بما شئتَ
فقد يُدرَك بالضَّ ... عْفِ وقد يُخدَعُ الأريبُ
والفلاح في موضع آخر:
السَّحور أيضا. وفي الأذان: حَيَّ على الفَلاح وحيَّ على الفَلَح جميعا والفَلاّح
الأكار، وإنما اشتَّق مِن: يفلُح الأرضَ أي يشقُّها ويُثيرها، ومن ذلك قولهم:
إنَّ الحديد بالحديد
يُفْلَحُ
أي يُفلَق والفلاح هو
المكارِي في قول ابن أحمر أيضاً:
لها رِطْل تَكيِل
الزيتَ فيه ... وفَلاَّحٌ يَسوق لها حمارا
فلاّح مُكارٍ، وقال
لبيد:
أعقِلي إن كنتِ لمّا
تَعْقِلي ... ولقد أفلحَ من كان عَقَلْ
أي ظفر، وأصاب خيراً.
(إنَّ الّذِين كَفَروا
سَواءٌ عَلَيْهِمْ أآنْذَرتَهم أمْ لَمْ تُنْذِرْهم) (6): هذا كلام هو إخبارٌ، خرج مخرج الاستفهام؛ وليس هذا إلا في ثلاثة
مواضع، هذا أحدها، والثاني: ما أبالي أقبلتَ أم أدبرت، والثالث: ما أدري أولَّيت أم
جاء فلان.
(خَتَم اللهُ عَلَى
قُلُوبِهم وَعَلَى سَمْعِهم وَعَلَى أبْصَارِهم) (7): ثم انقطع النصب، فصار خبراً،
فارتفعت فصار (غشاوة) كأنها في التمثيل، قال: (وَعَلَى أبْصَارِهم غشاوةٌ) أي
غِطاء، قال الحارث بن خالد بن العاص بن هشام بن المُغيرة:
تبعتُك إذ عينى عليها
غِشاوةٌ ... فلما أنجلت قطَّعتُ نفسي ألوُمها
(يُخَادِعُون) (9) في معنى يَخدعون، ومعناها: يُظهرون غيرما في أنفسهم، ولا يكاد يجئ (يفاعل)
إلاَّ من اثنين، إلا في حروف هذا أحدهما؛ قوله: (قَاتَلُهم اللهُ) (931) معناها: قتلهم الله.
(فِي قُلُوبِهم
مَرَضٌ) (10) أي شكّ ونِفاق.
(عَذَابٌ ألِيمٌ) (10)
أي مُوجع من الألم، وهو في موضع مُفعِل، قال ذو الرمة:
ونَرفعُ في صدور
شَمَرْدَلاتٍ ... يَصُكّ وُجوهَها وَهَجٌ ألِيمُ
الشَّمَر دَلة:
الطويلة من كل شيء.
(الشَّيَاطِين) (14)
كل عاتِ متمرد من الجن والإنس والدواب فهو شيطان.
(فِي طُغْيانهم
يَعْمَهُون) (15): أي بغيهم وكفرهم، يقال: رجل عَمِهٌ وعامِه، أي جائر عن الحق،
قال رؤبة:
ومَهْمهٍ أطرافُه في
مَهْمهِ ... أعمَى الهُدَى بالجاهلين العُمَّهِ
(وتَركَهُم فِي
ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُون) (17) ثم انقطع النصب، وجاء الاستئناف: (صُمُّ بُكْمٌ)
(18)، قال النابغة:
توهَّمتُ آياتٍ لها
فعرَفتُها ... لِستَّة أعْوامٍ وذا العامُ سابعُ
ثم استأنف فرفع فقال:
رَمادٌ كَكُحْلِ
العينَ لأيا أُبينُه ... ونُؤْىٌ كجِذْم الحَوْض أثَلمُ خاشعُ
(كَصَيِّبٍ مِن السَّماءِ)
(19) معناه: كمطر، وتقديره تقدير سَيِّد مِن صاب يصوب، معناه: ينزل المطر، قال
عَلْقَمة بن عَبْدة:
كأنُهُم صابت عليهم
سَحابةٌ ... صَواعِقُها لطيرهن دَبِيبُ
فلا تَعدلِي بيني
وبين مُغَمَّرٍ ... سَقتكِ روايا المُزْنِ حيث تَصُوبُ
وقال رجل من عبد
القَيْس، جاهليّ، يمدح بعض الملوك:
ولستَ لأنِسيِّ ولكن
لَمْلأَكٍ ... تنزَّل من جَوّ السماءْ يصوبُ
(الّذِي جَعَل لَكمُ
الأَرْضَ فِراشاً) (22) أي مِهاداً ذللّها لكم فصارت مهاداً.
(فَلاَ تَجْعَلوا للهِ
أَنْدَاداً) (22) واحدها نِدٌّ، معناها: أضداد، قال حَسَّان:
أتهجوه ولستَ له
بِنٍدّ ... فشرُّكما لخِيركما الفِداءُ
(فَأْتُوا بسُورَةٍ
منْ مِثْلِه) (23) أي من مثل القرآن، وإنما سُمّيت سورة لأنها مقطوعة من الأخرى.
وسُمَّى القرآن قرْآناً لجماعة السُوَر.
(وَقُوُدُها النَّاسُ
والحِجارُة) (24): حَطبها الناس، والوُقود مضموم الأول التلهبُ.
(وَأْتُوا بِه
مُتَشَابِهاً) (25) أي يُشبه بعضه بعضاً، وليس من الاشتباه عليك، ولا مما يُشِكل
عليك.
(ولَهُم فِيهَا
أزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ) (25) واحدها زوج، الذكر والأنثى فيه سواء. (وَقُلْنَا
يَا آدَمُ أسْكُنْ أنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّة) (235).
(لا يَسْتَحيى أنْ
يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً) (26) معناها: أن يضرب مثلا بعوضة، (ما) توكيد
للكلام من حروف الزوائد، قال النابغة الذبياني:
قالت ألا ليت ما هذا
الحمَامَ لنا ... إلى حمَامتنا ونصفَه فَقَدِ
أي حَسبُ، و(ما) ها
هنا حشو.
قال: وسأل
يونسُ رؤبة عن قول الله تعالى (ما بعوضة)، فرفعها، وبنو تميم يعملون آخر الفعلين
والأداتين في الاسم، وأنشد رؤبة بيت النابغة مرفوعاً:
قالت ألا ليت ما هذا
الحمامُ لنا ... إلى حمَامتنا ونِصفُه فَقدِ
(فما فوقها) (26): فما
دونها في الصغر.
(وَإذْ قَالَ رَبُّكَ
لِلْمَلاَئِكَةِ) (30): الهمزة فيها مُجتلَبة، لأن واحدها ملَك بغير همزة، قال
الشاعر فهمز:
ولستَ لإنسيٍّ ولكن
لَمْلأَكٍ ... تنزَّلَ من جوِّ السماء يَصُوبُ
(أتَجْعَلُ فِيهَا
مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا) (30) جاءت على لفظ الاستفهام، والملائكة لم تستفهم ربَّها،
وقد قال تبارك وتعالى: (إنّيِ جَاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً) (30) ولكن معناها
معنى الإيجاب: أي أنك ستفعل. وقال جرير، فأوجب ولم يستفهم، لعبد الملك بن مروان:
ألستم خيرَ مَن ركب
المَطايا ... وأندىَ العالمين بُطونَ راحِ
وتقول وأنت تضرب
الغلام على الذنب: ألستَ الفاعل كذا؟ ليس باستفهام ولكن تقرير.
(نُقَدِّسُ لَكَ) (30)
نطهِّر، التقديس: التطير.
(وَنُسَبِّحُ) (30)
نُصَليّ، تقول: قد فرغتُ من سُبحتي، أي من صلاتي.
(وَعَلَّم آدَمَ
الأسْماءَ كُلَّها) (31) أسماء الخَلقِ، (ثُمَّ عَرَضَهم عَلىَ المَلاَئِكَةِ)
(31) أي عرض الخلق.
(سُبْحَانَكَ) (32)
تنزيه للرب، وتبرؤٌ، قال الأعشى تبرءاً وتكذيباً لفخر عَلْقمةَ:
أقول لمّا جاءني
فَخْرُه ... سبحانَ مِن عَلْقمةَ الفاخرِ
(وَإذْ قُلْنَا
لِلْملاَئِكَةِ اسْجُدُوا) (34) معناه: وقلنا للملائكة، واذمن حروف الزوائد، وقال
الأسْود بن يغْفُر:
فإذا وذلك لا مَهاهَ
لذِكره ... والدهرُ يُعقِب صالحاً بفَسادِ
ومعناها: وذلك
لامَهاه لذكرهِ، لا طعم ولا فضل؛ وقال عبد مَناف بن رِبْع الهذليّ وهو آخر قصيدة:
حتى إذا أسلكوهم في
قُتائِدةٍ ... شَلاَّ كما تطرد الجَمَّالةُ الشُرُدا
معناه: حتى أسلكوهم
(فَسَجَدُوا إلاَّ ابْلِيسَ) (34) نصب ابليس على استثناء قليل من كثير، ولم يُصْرف
إبليس لأنه أعجمي.
(وَقُلْنَا يَا آدَمُ)
(35) هذا شيء تكلمت به العرب، تتكلم بالواحد على لفظ الجميع.
(فَكُلاَ مِنْهَا
رَغَداً) (35) الرَغَد: الكثير الذي لا يُعنِّيك من ماء أو عيش أو كَلأ أو مال،
يقال: قد أرغد فلان، أي أصاب عيشا واسعا، قال الأعشى:
زَبِداً بمصْرٍ يومَ
يَسْقى أهلهَا ... رَغَداً تُفجّره النَبيطُ خِلالَها
(فَأَزلَّهما
الَّشْيطانُ) (36) أي استزلهما.
(ومَتَاعٌ إلى حِينٍ)
(36) إلى غاية ووقت.
(فتَلقيَّ آدَمُ مِن
رَبِّهِ كَلمِاتٍ) (37) أي قبِلها وأخذها عنه، قال أبو مَهْدي، وتلاعلينا آية
فقال: تلقيتها من عمَّي، تلقَّاها عن أبي هُريرة، تلقَّاها عن النبي عليه السلام.
(إنَّهُ هُو
الَتَّوابُ) (33) أي يتوب على العباد، والتوّاب من الناس: الذي يتوب من الذنب.
(واسْتَعِينُوا بالصَّبْرِ
والَصَّلاةِ وَإنها لَكَبِيرَةٌ إلاَّ علَىَ الخَاشِعِين) (45) العرب
تقتصر على أحد هذين الاسمين، فأكثره: الذي يلى الفعَل، قال عمرو بن امرىء القيس من
الخزرج:
نحن بما عندنا وأنتَ
بما ... عندك راضٍ والرأي مختلفُ
الخبر للآخر؛ وفي
القرآن مما جُعل معناه على الأول قوله: (وإذا رأوْا تِجارةً أوْ لَهْواً انْفَضُّوا
إلَيْهَا) (6211)، (الخَاشِعُونَ) (45) المخْبِتون المتواضعون.
(الّذِينَ يَظُنُّون
أنَّهُمُ مُلاَقُو رَبِّهم) (46) معناها: يوقنون، فالظن على وجهين: يقين، وشك؛ قال
دُرَيد بن الصِّمَّة:
فقلتُ لهم ظُنّوا
بأَلْفَى مُدَجَّج ... سَراتُهُمُ في الفارسيّ المُسَرَّدِ
ظُنُّوا أي أيقِنوا:
فلما عصَوني كنتُ
منهم وقد أَرَى ... غَوايَتَهم وأنني غير مُهتدِ
أي حيث تابعتُهم؛
وجعله يقينا.
(يَسَوُمُونَكُمْ
سُوءَ العَذَابِ) (49)؛ (يُولُونكم أشدّ العذاب).
(وَفِي ذَلِكُمْ
بَلاءٌ مِنْ رَبكُمْ عَظِيم) (49) أي ما ابتليتم من شدة، وفي موضع آخر: البلاء
الابتلا، يقال: الثناء بعد البلاء، أي الاختبار، من بلوتُه، ويقال: له عندي بلاء
عظيم أي نِعمة ويد، وهذا مِن: ابتليته خيراً.
(آل فِرْعَوْنَ) (50)
قومه وأهل دينه، ومثلها: (ادْخُلُوا آل فِرْعَوْنَ أشَدَّ العَذابِ) (4046).
(آتَيْنا مُوسَى الكِتابَ)
(53) أي التوراة. (وَالْفُرقانَ) (53) ما فرّق بين الحق والباطل.
(وَإِذْ قَالَ مُوسَى
لِقَوْمِهِ) (54)، معناها: وقال موسى لقومه.
(بَارِئكُمْ) (54):
خالقكم من برأتُ.
(الْمَنَّ) (57) شيءٌ
كان يسقط في السّحرَ على شجرهم فيجتنونه حُلْواً يأكونه.
(والسَّلْوَى) (57):
طائر (بعينه، وهو الذي سمّاه المولَّدُون سُماني).
(وَقُولُوا حِطَّةٌ)
(58) رفع، وهي مصدر من حُطَّ عنا ذنوبنَا؛ تقديره مدَّة من مددت، حكاية: أي قولوا:
هذا الكلام، فلذلك رُفع.
(الرِّجْز) (59):
العَذاب.
(ولا تَعْثَوْا) (60):
أي لا تُفسدوا، من عثِيتَ تَعثَى عُثُوّاً، وعَثَا يَعثوا عُثُواً وهو أشدّ الفساد.
(وفومها) (61):
الفُوم: الحنطة، وقالوا: هو الخبز.
(اهْبِطُوا مِصْراً)
(61) من الأمصار لأنهم كانوا في تيه. قالوا: اثنى عشر فرسخاً في ثمانية فراسخ
يتيهون متحيرين لا يجاوزون ذلك إلاَّ أن الله ظلَّل عليهم بالغَمام، وآتاهم رزقهم
هذا المنّ والسّلوَى، وفجَّر لهم الماء من هذه الحجارة، وكان مع كل سبط حجر غير
عظيم يحملونه على حمار، فإذا نزلوا وضعوا الحجر فبَجَس الله لهم منه الماء. وبعض
حدود التيه بلاد أرض بيت المَقْدِس إلى قِنِّسْرِين.
(الذِّلَّة) (61):
الصَّغار (والْمَسْكَنَةُ) (61): مصدر المسكين، يقال: ما في بني فلان أسكنُ من
فلان أي أفقر منه.
(بَاؤُوا بِغَضَبٍ)
(61): أي احتملوه.
(الذِّينَ هَادُوا)
(62) أي الذين تابوا ممن تهوَّد (؟) أي هُدنا إلى ربنا.
(وَالصَّابِئِينَ)
(62): يقال: صبأتَ من دينك إلى دين آخر، إذا خرجت، كما تصبأ النجوم تخرج من
مطالعها.
(ويقال صبأتُ ثنيةً
إذا طلعتها) (الطُّور) (63) جبل، كان رُفع عليهم حيث قيل لهم: (قُولُوا حِطَّة)
(58).
(خَاسِئِنَ) (65):
مبعَدين، يقال: خسأته عني وخسأت الكلب، باعدته وخسأ الرجل، إذا تباعد.
(إنَّها بَقَرَةٌ لاَ
فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ) (68): لا فارض: مُسنّة، ولا بكر: صغيرة.
(بَيْنَ ذلِكَ) (68):
والعرب تقول: لا كذا ولا كذا ولكن بين ذلك؛ فمجاز هذه الآية: بين هذا الوصف، ولذلك
قال: بين ذلك، وقال رؤبة:
فيها خطوطٌ من سَوادٍ
وَبلَقْ
فالخطوط مؤنثة
والسواد والبلق اثنان، ثم قال:
كأنه في الجِلد
تَوْلِيعُ البَهَقْ
قال أبو عبيدة فقلت
لرؤبة: إن كانت خطوط فقل كأنها، وإن كان سواد وبلق فقل: كأنهما، فقال: كأنّ ذاك ويلك توليع البَهق، ثم رجع إلى السواد والبلق والخطوط
فقال:
يُحسَبن شاماً أو
رِقَاعاً مِن بَنَقْ
جماعة شأمة.
(بَقَرَةٌ صَفْرَاء)
(69) إن شئت صفراء، وإن شئت سوداء، كقوله: (جِمَالاَتٌ صُفْرُ) (7733) أي سود.
(فَاقِعٌ لَوْنُها)
(69) أي ناصع.
(إنَّها بَقَرَةٌ لاَ
ذَلُولٌ تُثِيرُ الارْضَ وَلاَ تَسْقِى الْحَرثَ مُسَلَّمَةٌ لاَشِيَة فِيهَا)
(78) أي لون سوى لون جميع جلدها.
(قَالُوا الآنَ جِئْتَ
بِالْحَقِّ) (73) أي الآن تبّينا ذلك، ولم تزل جائياً بالحق.
(فَإدَّارَأَتْمُ
فِيها) (72): اختلفتم فيها من التدارئ والدَرْء.
(فَقُلْناَ اضْرِبُوهُ
بِبَعْضِهَا) (73): أي اضربوا القتيل ببعضها، ببعض البقرة.
(وَيُرِيكمُ آيَاتِهِ)
(73): أي عجائبه، ويقال: فلان آية من الآيات، أي عجب من العجب، ويقال: اجعل بيني
وبينك آية أي علامة، وآيات بينات أي علامات وحُجج، والآية من القرآن: كلام متصل
إلى انقطاعه.
(قَسَتْ قُلُوُبكمْ)
(74) أي جفَت، والقاسي: الجافي اليابس.
(أتُحَدِّثُونَهُمْ
بِمَا فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ) (76): أي بما منّ الله عليكم، وأعطاكم دونهم.
(اتخَذْتُمُ عِنْدَ
اللهِ عَهْداً) (80): أي وعداً، والميثاق: العهد يوثق له.
(لاَ تَسْفِكُونَ
دِمَاءَكْم) (84): سَفَك دمه: أي صبّ دمه كما يَسْفَحُ نَحْيَ السَمْن يُهَرِيقه.
(وَقَفَّيْنَا) (87):
أي أردفنا، مِن يَقفوه.
(وَأَيَّدْنَاهُ
بِرُوِح القُدْسِ) (87) أي شدّدناه وقوّيناه، ورجل ذو أيد وذو آد: أي قوة، والله
تبارك وتعالى ذو الأيد، قال العجاج:
مِنْ أَنْ تَبَدّلتُ
بآدى آدا
(وَالسَّمَاءَ
بَنَيْناَهَا بأَيْدٍ) (5147) أي: بقوة.
(قُلُوبُنَا غُلْفٌ)
(88): كل شيء في غلاف، ويقال: سيفٌ أغلفُ، وقوسٌ غلفاء، ورجل أغلفُ: إذا لم يختتن.
(قُلُوبُنَا فِي
أَكِنَّةٍ) (415): أي في أغطية واحدها كِنان، قال عمر بن أبي ربيعة:
تحت عَيْنٍ كِنانُها
... ظِلُّ بُرْدٍ مُرحَّلِ
(لَعَنَهُم اللهُ) (88):
أي أطردهم وأبعدهم، قالوا: ذئبٌ لعين، أي مطرود مُبعد، وقال الشَمّاخ:
ذَعرتُ به القَطَا
ونَفيتُ عنه ... مقامَ الذئب كالرجل اللَّعينِ
يريد: مقام الذئب
اللعين كالرجل.
(يَسْتَفْتِحِونَ)
(89): يستنصرون.
(وَيَكْفُرُونَ بِمَا
وَرَاءَهُ) (91): أي بما بعده.
(وَأُشْربُوا فِي
قُلُوبِهِمْ العِجْلَ) (93): سُقوه حتى غَلب عليهم؛ مجازه مجاز المختصَر؛ أشربوا
في قلوبهم العجل: حُبّ العِجل، وفي القرآن: (وَسَلِ الْقَرْيَة) (1282)، مجازها:
أهلَ القرية، وقال النابغة الذبياني:
كأنك من جِمال بنى
أُقَيْشٍ ... يُقعَقع خَلفَ رِجليه بِشَنِّ
أُقَيش: حي من الجن،
أضمر جملاً يُقعقَع خلف رجليه بشن، وقال الأَسديّ:
كذبتم وبيتِ الله لا
تُنكحونها ... بنى شابَ قَرْناها تَصُرُّ وَتَحلُبُ
أضمر التي شاب
قرناها؛ وقال أبو أسلم، وأُوتى بطعام قبل طعام، فقال: الذي قبلُ أطيبُ.
(بِمُزَحْزِحهِ) (96)
بمُبعدِه.
(مُصَدِّقاً لمِا
بَيْنَ يَدَيْهِ) (97) أي لما كان قَبلَه.
(نَبَذَ فَرِيقٌ)
(101) أي بعض؛ نبذه: نركه، وقال أبو الأسود الدُّؤليّ، قال أبو عبيدة: أخذ من
الدألان، واختار الدُّؤلى:
نظرتُ إلى عنوانه
فنبذتهُ ... كنبذك نَعْلاً أَخَلقتْ من نِعالكا
(فِي الآخِرَةِ مِنْ
خَلاَقٍ) (102): من نصيب خير.
(وَاتّبَعُوا مَا
تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ) (102)أي تَتَبَّع(؟)، وتتلُو: تحكى وتكلمُ به كما تقول:
يتلو كتاب الله أي يقرؤه.
(وَلَبِئْسَ مَا
شَرَوا بِهِ) (102) أي: باعوا به أنفسهم، وقال ابن مُفَرِّغ الحِمْيَريّ:
وَشَرَيْتُ بُرداً
لَيتَنِي ... من بعد بُرْدٍ كنتُ هَامَه
أي بعتُه.
(لَمُثوبَةٌ) (102):
من الثواب.
(رَاعِنَا) (104): مِن
راعيت إذا لم تُنوَّن، ومَن نَوَّن جَعَلَهَا كلمة نُهوُا عنها؛ راعيتُ: حافظت
وتعاهدت.
(أَنْ يُنَزَّلَ
عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ) (105)، قال أبو ذؤيب:
جزَيتُكِ ضِعفَ الحبّ
لما استثبِتِه ... وما إن جزاكِ الضِّعِفَ مِن أحدٍ قبليِ
أي أحد قبلي،
(استثبته: استغللته).
(مَا نَنْسَخْ مِنْ
آيَةٍ) (106) أي: ننسخها بأية أُخرى، (أو نُنْسِهَا) من النِّسيان: (نذهب بها)،
وَمَنْ همزها جعلها مِن نؤخرها (من التأخير، ومن قال: ننسُوها كان مجازها تُمضيها،
وقال جرير:
ولا أنسأْتُكم
غَضَبِي
ونسأتُ الناقة:
سُقتها، وقال طرفة:
وعَنْسٍ كألواح
الإران نسأتُها ... على لاحبٍ كأنه ظهر بُرْجُدِ
يعني أنه يسوقها
ويُمضيها.
(نَأتِ بِخَيْرٍ
مِنْهَا) (106) أي نأتيك منها بخير.
(سَوَاءَ السَّبِيل)
(108) أي وسطه، قال عيسى بن عمر: ما زلت أكتب حتى انقطع سوائي: أي وسطي،
وقال حسّان بن ثابت يرثى عثمان بن عَفّان:
يا وَيْحَ أنصارِ
النبي ونسلهِ ... بَعد المغيَّب في سَواء المُلْحَدِ
(فاعْفُوا واصْفَحُوا)
(109) عن المشركين، وهذا قبل أن يؤمر بالهجرة والقتال؛ فكل أمر نُهى عنه عن مجاهدة
الكفار فهو قبل أن يؤمر بالقتال، وهو مكى.
(وَءاتُوا الزَّكَاةَ)
(110) أي أعطوا.
(بُرْهَانَكُمْ) (111)
بيانكم وحجتكم.
(بَلَى مَن أَسْلَمَ
وَجْهَهُ لله وَهُو مُحْسِنٌ) (112) ذهب إلى لفظ الواحد، والمعنى يقَع على الجميع.
(وَلاَ خَوْفٌ
عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنْون) (112) (؟)
(يَتْلُونَ الكِتَابَ)
(113): يقرؤنه.
(وَللهِ المَشْرِقُ
وَالمَغْرِبُ) (115): ما بين قُطري المغرب وما بين قطري المشرق، والمشارق والمغارب
فيهما: فهو مشرقُ كلِّ يوم تطلع فيه الشمس من مكان لا تعود فيه إلى قابِلٍ،
والمشرقين والمغربين: مشرق الشتاء ومشرق الضيف، وكذلك مغربهما، (القُطْر والقُتْر
والحَدّ والتَّخوم واحد).
(إنَّ اللهَ وَاسِعٌ)
(115) أي جواد يَسع لمِا يُسأل.
(قَانِتُون) (116) كل
مُقِرٌّ بأنه عبد له؛ قانتات: مطيعات.
(بَدِيعُ) (117):
مبتدع: وهو البادىء الذي بدأها.
(وَإذَا قَضَى أمراً
فإنَّما يَقُولُ له كُنْ فَيَكُونُ) (117) أي أَحكمَ أمراً، قال أبو ذُؤيب:
وعلَيْهِما مسرودتان
قَضَاهُما ... داودُ أَو صَنَعُ السَّوابغ تُبَّعُ
أي أحكم عملهما،
فرُفع (فيكون) لأنه ليس عطفاً على الأول، ولا فيه شريطة فيجازى، إنما يخبر أن الله
تبارك وتعالى إذا قال: كن، كان.
(لَوْلاَ يُكلِّمُنَا
اللهُ) (118): هلاّ يكلمنا الله، وقال الأَشْهب ابن رُمَيلة:
تَعُدُّون عَقْر
النِّيبِ أفضلَ مجدكم ... بَنِى ضَوْطَرَى لولا الكَمِىَّ المُقَنَّعَا
يقول: هلاّ تعدُّون
الكِمَىَّ المقنَّعا، (يقال رجل ضَوْطَرِى وامرأة ضَوْطرة: أي ضَخْمة كثيرة الشحم
ومثله ضَيطار).
(حَتَّى تَتَّبِعَ
مِلَّتَهُم) (120) أي دينهم، والملل: الأديان.
(يَتْلُونَهُ حَقَّ
تِلاَوَتِهِ) (121) أي يُحلُّون حلاله، ويحرِّمون حرامه.
(وَمَنْ يَكْفُرْ بِه
فأُولئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ) (121) وقع على الجميع.
(لا تَجزِى نفْسٌ عَنْ
نَفسٍ شَيْئاً) (123) أي لا تُغنى.
(وَلاَ يُقبَلُ مِنْها
عَدْلٌ) (123): أي مِثلٌ، (يقال: هذا عَدْل هذا؛ والعدل الفريضة، والصَّرف
النافلة؛ وقال أبو عبيدة: العدل المِثلُ والصَّرْف المِثل، والعدل الفِدَاء، قال
الله تبارك وتعالى: (وَإنْ تَعْدِلْ كلَّ عَدْلٍ) (670).
(وإذا ابْتَلَى
إبْرَاهِيمَ ربُّهُ) (124) أي اختبره.
(مثَابَةً) (125)
مصدرُ (يثوبون إليه) أي يصيرون إليه.
(وَالْعَاكِفِينَ)
(125): العَاكِف أي المقيم.
والرُكَّعِ
السُّجُودِ (125): الذين يركعون ويسجدون (والراكع العاثر من الدواب قال الشاعر:
على قَرْوَاءَ
تَرْكَع في الظِّرابِ
الظراب: الجبال
الصغار؛ قال لبيد:
أخبِّرُ أخبارَ
القرون التي مضتْ ... أَدِبُّ كأنّي كلما قُمتُ راكعُ
(قَوَاعِدَ البَيْتِ)
(127): أساسه، مخفف، والجميع أُسُس، وجماع الأُسّ إذا ضممته آساس، تقديره: أفعال؛
(والقواعد): الواحد من قواعد البيت قاعدةٌ. والواحدة من قواعد النسا قاعدة، وقاعد
أكثر، قال الكُمَيت ابن زيد:
في ذِروة مِن يَفاعٍ
أوّلهُم ... زَانت عواليها قواعدُها
وقال أيضاً:
وعاديةٍ من بِناء
الملوك ... تَمُتُّ قواعدُ منها وسورا
واحدها قاعدة.
(يَرْفَعُ) (127) أي
يبنى.
(وَأَرِنَا
مَنَاسِكَنَا) (128) أي علِّمنا، قال حُطائِط بن يَعْفُر:
أريني جواداً مات
هَزْلاً لأَنني ... أرى ما ترين أو بخيلا مُخَلَّدَاً
(لأنني بفتح اللام)،
أراد: دلّيني ولم يرد رؤية العين، ومعنى (لأنني) لعلني.
(وَيُزَكِّيهِمْ) (129)
أي يطهّرهم، قال: (نَفْساً زَكِيّةً) (1875) أي مطَّهرة.
(سَفِهَ نَفْسَهُ)
(130) أي أهلك نفسه وأوبقها، تقول: سفهتَ نفسك.
(اصْطَفَى لَكمُ
الدِّينَ) (132) أي أخلص لكم الدين، من الصَفْوة.
(أَمْ كُنْتُمْ
شُهَدَاءَ) (133) (أم) تجئ بعد كلام قد انقطع، وليست في موضع هل، ولا ألفِ
الاستفهام، قال الأخطل:
كذبَتْك عينُك أم
رأيتَ بواسطٍ ... غَلَسَ الظَّلام من الرَّبابِ خيالا
(يقول: كذبتك عينك، هل
رأيت، أوبل رأيت).
(قَالُوا نَعْبُدُ
إلهَكَ وَإلهَ آبَائِكَ إبْرَاهِيمَ وَإسْمَاعِيلَ وَإِسْحاقَ) (134) والعرب تجعل
العم والخال أباً.
(قال أبو عبيدة: لم
اْسمع من حَمّاد هذا، قال حماد بن زيد عن أيوب، عن عِكرمة: إنّ
النبي صلى الله عليه قال يوم الفتح، حيث بعث العباس إلى أهل مكة: رُدُّوا
عَليَّ أبي فإنّي أخَافُ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ قريش مَا فَعَلت ثَقِيف بِعُرْوَةَ
ابن مَسْعُود، ثم قال: لَئن فَعَلُوا، لأَضْرِ مَنَّهَا عَلَيْهِمْ نَاراً، وكان
النبي صلى الله عليه بعث عُرْوة إلى ثقيف، يدعوهم إلى الله، فرقى فوقَ بيتٍ، ثم
ناداهم إلى الإسلام فرماه رجل بسهم، فقتله.
(بَلْ مِلَّةَ
إبْرَاهِيمَ) (135): انتصب، لأن فيه ضمير فعلٍ، كأن مجازه بل اتبعوا ملة إبراهيم،
أو: عليكم ملة إبراهيم.
(حِنِيفاً) (135): الحنيف في الجاهلية من كان على دين إبراهيم، ثم سمّى من اختتن وحج البيت
حنيفاً لما تناسخت السنون، وبقي من يعبد الأوثان من العرب قالوا: نحن حُنفاء على
دين إبراهيم، ولم يتمسكوا منه إلا بحج البيت، والخِتان؛ والحنيف اليوم: المسلم.
(قال ذو الرمة:
إذا خالف الظِّلّ
العشِيّ رأيته ... حنيفاً ومِن قَرْن الضُّحَى يتَنصَّرُ
يعني الحرباء).
(فَإنّمَا هُمْ فِي
شِقاقٍ) (137)، مصدرُ شاققته وهو المشاقّة أيضاً، (وشاقّه: باينه، قال النابغة
الجَعْديّ:
وكان إليها كالذي
اصطاد بَكْرَها ... شِقاقاً وبُغضاً أو أَطمَّ وَأَهْجَرا
ومجازه: حارب، وعصى.
(صِبْغَةَ اللهِ)
(138) أي دينَ الله، وخِلقتَه التي خلقه عليها، وهي فِطرته، مِن فاطر أي خالق.
(أَم تقُولُونَ إنَّ
إبْرَاهِيمَ) (140) أم في موضع ألف الاستفهام، ومجازها: أتقولون.
(أُمَّةً وَسَطاً)
(143) أي عَدْلاً خياراً، ومنه قولهم: فلان واسطٌ في عشيرته، أي في خيار عشيرته.
(وقال غَيْلان:
وقد وسَطتُ مالكا
وحَنْظَلا
أي صرت من أوسطهم
وخيارهم). وواسط: في موضع وسط، كما قالوا: ناقة يَبَسٌ ويابسةُ الخِلْف.
(رَؤُفٌ) (143): فَعول
من الرأفة، وهي أشدّ الرحمة.
(قال الكُميت:
وهم الأَرأفون بالناس
في الرأ ... فة والأحْلمون في الأحلامِ
(شَطْرَ الْمَسْجِدِ
الْحَرَامِ) (144) أي قصدَ المسجد الحرام، قال الهذليّ:
إنّ العَسِير بها
داءٌ مُخَامِرُها ... فَشطْرَها نَظَرُ الْعَيْنَيْنِ مَحْسُورُ
(العسير: الناقة التي
لم تُركب)، شطرها: نحوها، وقال ابن أحْمَر:
تَعْدو بنا شَطْرَ
جَمْعٍ وهي عاقِدةٌ ... قد كارب الْعقْدُ مِن إيقادها الحُقُبَا
إيقادها: سُرعتها.
(بِكُلِّ آيةٍ) (145)
أي علامة، وحجة.
(وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ
هُوَ مُوَلّيهَا) (148) أي موجّهها.
(لَئِلاَّ يَكُونَ
لِلنّاسِ عَلَيْكُمْ حُجّةٌ إلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) (150) موضع (إِلاَّ) ها هنا ليس بموضع استثناء، إنما هو موضع واو الموالاة، ومجازها:
لئلا يكون للناس عليكم حجة، وللذين ظلموا، وقال الأعشى:
إلاّ كخارِجةَ
المكلِّفِ نفسَه ... وَابْنَي قَبِيصةَ أن أَغِيبَ وَيَشْهَدا
ومعناه: وخارجةَ،
وقال عَنزَ بن دَجاجةَ المازِنيّ:
مَنْ كان أَسْرَعَ
فِي تَفَّرُقِ فالجٍ ... فلبُونُه جَرِبَتْ معاً وأَغدَّتِ
إلاّ كناشِرَةَ الذي
ضَيّعتمُ ... كالغُصْن في غُلَوائِهِ المُتَنَبِّتِ
غُلَوَائه: سرعة
نباته، يريد: وناشرة الذي ضيعتم، لأن بني مازن يزعمون أن فالجا الذي في بني
سُلَيم، وناشرة الذي في بني أسد: هما، ابنا مازنٍ.
(أُوَلئِكَ عَلَيْهِم
صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِم وَرَحْمَة) يقول: ترحّمٌ من ربهم، قال الأعشى:
تقول بِنْتِى إذا
قَرَّبْتُ مُرْتَحِلاً ... يا رَبِّ جَنِّبْ أبي الأوصابَ والوَجَعا
عليكِ مِثل الذي
صَلَّيتِ فاغْتَمِضِى ... نَوماً فإن لجِنب المرء مُضْطجَعا
فمن رفع (مثل) جعله:
عليكِ مثلُ ذلك قلتِ لي ودعوتِ لي به، ومن نصبه جعله أمراً يقول: عليكِ بالترحم
والدعاء لي.
(شَعَائِر اللهِ)
(158): واحدتها شعيرة، وهي في هذا الموضع: ما أُشِعر لِمَوقفٍ أو مَشْعَرٍ أو
مَنْحَرٍ أي أُعلم لذاك. وفي موضع آخر: الهَدْى، إذا أَشعرها، وهو أن يُقلِّدها،
أو يحللِّها فَأَعلم أنها هَدىٌ، والأصل: أنُ يشعرها بحديدة في سنامها من جانبها
الأيمن: يَطعُنها حتى يَخرج الدم.
(والفُلْكِ) (164):
تقع على الواحد، وعلى الجميع، وهي السفينة والسُّفُن، والعرب تفعل ذلك قالوا: هي
الطَّرْفاء، وهذه الطَّرْفاء.
(وَبَثَّ فِيهَا)
(164) أي فرّق وبسَط، (وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ) (8816) أي متفرقة مبسوطة.
(وُلَوْ يَرَىَ
الْذِينَ ظَلَمُوا) (165) أي يعلم، وليس برؤية عين.
(وَتَقَطَّعَتْ بِهِمْ
الأَسْبَابُ) (166) أي الوُصُلات التي كانوا يتواصلون عليها في الدنيا، واحدتها
(وُصْلة).
(حَسَراتٍ) (167):
الْحَسْرَة أشدّ الندامة.
(خُطُوَاتِ
الشَّيْطَانِ) (168) هي الخُطَى، واحدتها: خُطوة، ومعناها: أثر الشيطان.
(أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ
آبَاءَنَا) (168): أي وجدنا. (أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُم لاَ يَعْقِلُون شَيْئاً)
(170)، الألف ليست ألف (الاستفهام) أو الشك، إنما خرجت مخرج الاستفهام تقريراً
بغير الاستفهام. (أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُم لاَ يَعْلِقون شَيْئاً) أي: وإن كان
آباؤهم.
(وَمَثَلُ الَّذِينَ
كَفَرُوا كَمَثَلِ الّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ) (170)، إنما الذي يَنْعِقُ
الراعي، ووقع المعنى على المنعوق به وهي الغنم؛ تقول: كالغنم التي لا تسمع التي
ينعق بها راعيها؛ والعرب تريد الشيء فتحوّله إلى شيء من سببه، يقولون: أعرض
الحوضَ على الناقة وإنما تُعرَض الناقة على الحوض، ويقولون: هذا القميص لا يقطعني،
ويقولون: أدخلت القَلَنْسُوَة في رأسي، وإنما أدخلت رأسك في القَلَنْسُوَة، وكذلك
الخُفّ، وهذا الجنس؛ وفي القرآن: (مَا إنْ مَفَاتِحَه لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ)
(2836) ما إنّ العُصْبة لتنوء بالمفاتح: أي تثقلها. والنعيق: الصِيَاح بها، قال
الأخطل:
انْعِقْ بضَأنك يا
جريرُ فإنما ... منَّتك نفْسُك في الخلاء ضَلالا
(وَمَا أُهِلَّ بِه)
(173) أي وما أريدَ به، وله مجاز آخر، أي: ما ذُكر عليه من أسماء آلهتهم، ولم يُرد
به الله عز وجل. جاء في الحديث: أَرَأَيْتَ مَنْ لاَ شَرِبَ وَلاَ أَكَلَ وَلاَ
صَاحَ فاسْتُهِلَّ أَلَيْسَ مِثْلُ ذَلِكَ يُطَلّ.
(غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ
عَادٍ) (173) أي لا يبغي فيأكله غيرَ مضطر إليه، ولا عادٍ شِبَعَه.
(فَما أَصْبَرَهُم
عَلَى النَّارِ) (175) (ما) في هذا الموضع في معنى الذي، فمجازها: ما الذي صبّرهم
على النار، ودعاهم إليها، وليس بتعجب.
(لَيْسَ البِرُّ أَنْ
تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشرِق وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ
آمَنَ بِاللهِ) (177)، فالعرب تجعل المصادر صفاتٍ، فمجاز البرّ ها هنا: مجاز صفة
ل(مَن آمن بالله)، وفي الكلام: ولكن البارَّ مَن آمن بالله، قال النابغة:
وقد خِفتُ حتى ما
تَزيدُ مَخافتِي ... على وَعِلٍ في ذي القِفَارة عاقِلِ
(وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِم)
(177) رُفعت على موالاة قوله: (وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ) وفي وفعل
(وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِم)، ثم أُخرجوا (والصَّابِرِين فِي البَأَسَاءِ) (177) من الأسماء المرفوعة، والعرب
تفعل ذلك إذا كثر الكلام؛ سمعتُ مَن ينشد بيت خِرْنِق بنت هِفّان من بني سعد بن ضُبَيْعة،
رهط الأعشى:
لا يَبْعَدَنْ قَوْمي
الذين هُمُ ... سُمُّ العُداة وآفةُ الْجُزرِ
النازلين بكل مُعْتَرَكٍ
... والطيبين مَعاقِدَ الأزْرِ
فيخرجون البيت الثاني
من الرفع إلى النصب، ومنهم من يرفعه على موالاة أوله في موضع الرفع.
(فَمَنْ عُفِىَ لهُ
مِنْ أخِيهِ شَيْءٌ) (178) أي تُرك له.
(مِنْ مُوصٍ جَنَفاً)
(182) أي جوراً عن الحق، وعُدولاً، قال عامر الخَصَفّيِ:
هُمُ المَوْلَى وقد
جنَفَوا علينا ... وإنّا من لِقائهم لَزُورُ
جنفوا: أي جاروا،
والمولى هاهنا في موضع الموالى، أي بنى العم، كقوله: (يُخْرِجُكم طِفْلاً) (225).
(كُتِبَ عَلَيْكُمُ
الصِّيَامُ) (183) أي فُرض عليكم.
(فَلْيَسْتَجِيبُوا
لِي) (186) أي يُجيبوني قال كَعْب الغَنَوِيّ:
وداعٍ دعا يا مَن
يُجِيب إلى النَّدَى ... فلم يستجبه عند ذاك مُجيبُ
أي فلم يحبه عند ذاك
مجيب.
(لَيْلَةَ الصِّيَامِ)
(187): مجازها ليل الصيام، والعرب تضع الواحد في موضع الجميع، قال عامر الخَصَفّيِ:
هُمُ المَوْلى وقد
جنَفَوا علينا ... وإنّا من لِقائهم لَزُورُ
(الرَّفَثُ) (188) أي
الإفضاء إلى نسائكم، أي النكاح.
(هُنَّ لِيَاسٌ
لَكُمْ) (187): يقال لامرأة الرجل: هي فراشه، ولباسه وإزاره، ومحل إزاره، قال
الْجَعْدِيّ:
تَثَنَّتْ عليه فكانت
لِباسا
(الْخَيْط اْلأَبْيَضُ
مِنَ الْخَيَطِ اْلأَسْوَدِ) (187): الخيط الأبيض: هو الصبح المصدّق، والخيط
الأسود هو الليل، والخيط هو اللون.
(فَرِيقاً) (188):
الفَرِيق هي الطائفة.
(وَلَيْسَ الْبِرُّ
بِأَنْ تَأتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى
وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أبْوَابِهَا) (189): البرّ هنا: في موضع البار، ومجازها:
أي اطلبوا البرّ من أهله ووجهه ولا تطلبوه عند الجهَلة المشركين.
(وَالْفِتْنَةُ
أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ) (19) أي الكفر أشدّ من القتل في أشهر الحُرُم، يقال: رجل
مفتون في دينه أي كافر.
(التَّهْلُكَةِ) (195)
والهَلاك، والهَلَك، والهُلْك واحد.
(وَأَتِمُّوا الْحَجَّ
وَالْعُمْرَةَ لله، (196): والمعنى: أن العمرة ليست بمفترضة، وإنما نصبت على ما
قبلها؛ قال أبو عبيدة: وأخبرنا ابن عَوْن عن الشَّعْبي أنه كان يقرأ (وَأَتِمُّوا
الْحَجَّ وَالْعُمْرَةُ لله) يرفع العمرة، ويقول: إنها ليست بمفترضة. ومن نصبها
أيضاً جعلها غير مفترضة.
(فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ)
196) أي إن قام (بكم) بعير، أو مرضتم، أو ذهبت نفقتكم، أوفاتكم الحجُّ، فهذا (كله)
مُحْصَر، والمحصور: الذي جُعل في بيت، أو دار، أو سجنٍ.
(الهَدْىِ) (196) قال
يونس: كان أبو عمرو يقول في واحد (الهَدْى): هَدْية، تقديرها جَدْية السرج، والجميع الْجَدى، مخفف. قال
أبو عمرو: ولا أعلم حرفاً يشبهه.
(أَوْ نُسُكٍ) (196):
النُّسُك أن يَنسُك، يَذبَح لله، فالذبيحة النسيكة.
(فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ
أيّامٍ فِي الحَجّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشْرَةٌ كَامِلةٌ) (196)،
العرب تؤكد الشيء وقد فُرغ منه فتعيده بلفظ غيره تفهيماً وتوكيداً.
(فمنْ فَرَضَ فِيهِنَّ
الحجَّ) (197) مَنْ أَوْ ذَم في الحج: أي فرضه عليه أي ألزمه نفسه.
(فلا رَفَثَ) (197) أي
لا لَغَا من الكلام، قال العجاج:
عن اللَّغَا ورَفثِ
التكلّمِ
(وَلاَ جِدَالَ فِي
الحَجِّ) (197) أي لا شك فيه أنه لازِمٌ في ذي الحجة، هذا فيمن قال: (جدالَ) ومن
قال: (لا جدالٌ في الحجّ): من المجادلة.
(فَإِذَا أَفَضْتُمْ)
(198) أي رجعتم من حيث جئتم.
(مَعْدُودَاتٍ) (203):
الْمَعْدُودَات: أيام التشريق؛ المعلومات: عَشْر ذي الحجة.
(أَلَدُّ الخِصَام)
(204): شديد الخصومة، ويقال للفاجر: أبلُّ وألدُّ، ويقال: قد بللَتَ ولدِدت بعدي؛
مصدره اللَدَد، والجميع: قوم لُدّ، قال المُسَيَّبُ بن عَلَس:
ألا تتّقون اللهَ يا
آل عامرٍوهل يتّقى اللهَ الأَبَلُّ المُصَمِّمُ (وَلَبِئْسَ المِهَادُ) (206):
الفِرَاش.
(يَشْرِى نَفْسَهُ)
(207): يبيعها.
(السِّلْمِ) (208):
الإسلام، والسَّلْم يؤنث ويذكر، قال حاجز الأزْدِيّ:
وإنّ السِّلم زائدةٌ
نَوَاه
وفي موضع آخر الصلح،
(كَافَّةً) (208): جميعاً، يقال: إِنه لَحَسَنُ السِّلمِ.
(وَالَّذِينَ
اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ) (212): أي أفضل منهم.
(بِغَيْرِ حِسَابٍ)
(212) بغير محاسبة.
(أُمةً وَاحِدَةً)
(213) أي مِلَّةً واحدةً.
(أَمْ حَسِبْتمُ أَنْ
تَدْخُلُوا الْجَنَّة) (214) أي أحسبتم (أنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ).
(خَلَوْا مِنْ
قَبْلِكُمْ) (214) أي مضّوا.
(وَزُلْزِلُوا) (214)
أي خُوِّفوا.
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ
الشَّهْرِ الحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ) (217) مجرور بالجوار لمِا كان بعده (فِيهِ)
كنايةٌ للشهر الحرام، وقال الأعشى:
لقد كان في حَولٍ
ثَواءٍ ثَوَيتُه ... تُقَضِّى لُبَاناتٍ ويَسأم سائمُ
(حَبِطَتْ
أَعْمَالُهُمْ) (217) أي بطَلت وذهبت.
(الْمَيْسِرِ) (218)
القِمار.
(قُلِ الْعَفْوَ)
(218) أي الطاقة التي تُطيقها والقَصْدَ، تقول: خذ ما عفا لك، أي ما صفا لك.
(لأَعْنَتَكُمْ) (220)
أي لأهلككم، مِن العَنَت.
(نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ
لَكُمْ) (223) كنايةٌ، وتشبيه، قال: (فَأتُوا حَرْثَكُمْ أنَّى شِئْتُمْ) (223).
(وَلاَ تَجْعَلُوا
اللهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ) (224) أي نَصباً.
و(اللَّغْوِ) (225):
لا والله، وبلى والله، وليس بيمينٍ تقَتَطِع بها مالاً أو تظلم بِها.
(يولُونَ) (225):
يُولِى يحلف، من الأَليّة وهي اليمين، أُلْوَة، وأليّة اليمينُ قال أوْس بن حَجَر:
عَلَىَّ أَليّةٌ عتقت
قديماً ... فلَيس لها وإن طُلِبتْ مَرامُ
(فَإِنْ فَاؤُوا)
(226) أي رجعوا عن اليمين.
(يَتَرَبَّصْنَ) (228): وَالتَّرَبُّص (أَن) لا تَقدَم على زوج حتى تقَضى ثلاثة قروءٍ؛ واحدها:
قَرْءٌ، فجعله بعضهم (الحِيضة)، وقال بعضهم: الطهر، قال الأعشى:
وفي كل عام أنتَ
جاشمُ غزوةٍ ... تَشُدُّ لأَقصاها عَزِيمَ عَزائِكا
مؤرَّثةٍ مالاً وفي
الأصل رِفْعَةً ... لِما ضاَع فيها مِن قُرُوءِ نِسائكا
وكل قد أصاب، لأنه
خروج من شيء إلى شيء فخرجتْ من الطهر إلى الحيض، ومن قال: بل هو الطهر فخرجتْ من الحيض إلى الطهر. وأظنه أنا من قولهم: قد أقرأت
النجومُ، إذا غابت.
(وَبُعُولَتُهُنَّ)
(228): الأزواج، واحدها بَعْل.
(دَرَجَةٌ) (228):
منزلة.
(إلاَّ أَنْ يَخَافَا
أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ) (229) معناها: إلاّ أن يُوقنا.
(فَإنْ خِفْتُمْ)
(229) ها هنا: فإن أيقنتم.
(إِنْ ظَنّا أَنْ
يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ) (230) أي أيقَنا.
(فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ)
(232): منتهى كل قرءٍ أو شهر، فإذا فبلغن أجلهن (فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ) (232) في
هذا الموضع: منتهى العِدَّة الوقت الذي وقَّت الله؛ ثم قال: (تَرَاضَوْا
بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ) (232) أي تزويجاً صحيحاً؛ (لاَ تَعْضُلُوهُنَّ) (232)
أي لا تحبسوهن، ونرى أن أصله من التعضيل.
(لاَ تُضَارُّ
وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا) (233) رفعٌ، خبر، ومن قال: (لاَ تُضَارَّ) بالنصب؛ فإنما
أراد (لاَ تُضَارِرْ)، نَهْىٌ.
(فِيمَا عَرَّضْتُمْ
بِه مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ) (235) أي في عِدَّتهن أن تقول: إني أريد أن أتزوجكِ
وإن قُضى شيء كان.
(لاَ تُوَاعِدُوهُنَّ
سِرّاً) السِّر: الإفضاء بالنكاح، قال الْحُطَيْئَة:
ويَحرُم سِرُّ
جارتِهم عليهم ... ويأكل جارُهم أُنُفَ القِصاعِ
أي ما استأنفت؛ وقال
رؤبة بن العجّاج:
فعَفَّ عن إسرارها
بَعد العَسَقْ
يعني غشيانها، أراد
الجمِاع. قال امرؤ القيس بن حُجْر الكِنْديّ:
ألا زَعمتْ بَسْباسةُ
اليومَ أنَّنِي ... كَبِرتُ وألاَّ يُحسِنُ السِرَّ أمثالِي
(المُقْتِرِ) (236)
يقال: قد أقترَ فلان، إذا كان كان مُقِّلاً، قال الشاعر:
ولا مِن رَبِيع
الُمْقِترين رُزِئْتُهُ ... بِذِي عَلَقٍ فاقنَىْ حَياءَكِ واصْبرِي
(إلاَّ أنْ يَعْفُونَ)
(237) هن: يتركن، يهبن، عفوت لك عن كذا وكذا: تركته لك.
(فرِجَالاً) (239):
واحدها: راجل، مثل قيام وقائم.
(وَلِلمُطَلَّقَاتِ
مَتَاعٌ بالْمَعْرُوفِ) (241): كانوا إذا طّلقوا يمتعونها من المِقنعة فما فوق
ذلك؛ متعها وحمَّمها: أي أعطاها.
(الَمَلإِ مِنْ بَنِي
إسْرَائِيلَ) (246): وجوههم، وأشرافهم، ذُكر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما
رجعوا من بدر سمع رجلاً من الأنصار يقول: إنمَا قَتَلْنَا عَجَائِزَ صُلْعاً، فقال
النبي صلى الله عليه وسلم: أولئِكَ الَمَلأ مِنْ قُرَيَشٍ لو احتَضرتَ فَعَالهم،
أي حضرت، احْتَقَرْتَ فَعَالَكَ مَعَ فَعَالهِم.
(هَلْ عَسَيْتُمْ)
(246): هل تعدون أن تفعلوا ذلك.
(بَسْطَةً فِي
الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ) (247) أي زيادة، وفضلاً وكثرة.
(إنَّ فِي ذَلِكَ
لآيَاتٍ) (247): علامات، وحُججاً.
(مُبْتَلِيكمُ
بِنَهَرٍ) (249): مختبركم.
(غَرْفَةً) (249)
الغَرْفة مصدر، والغُرْفة: مِلْء الكف.
(يَظُنُّونَ أَنَّهُم
مُلاَقُوا اللهِ) (249) يوقنون.
(فِئَةٍ) (249): جماعة.
(أفْرِغْ عَلَيْنَا
صَبْراً) (250): أنزل علينا.
(خلَّةٌ) (254): مصدر
الخليل، وتقول: فلان خُلّتى: أي خليلي، قال أوْفَى بن مَطَر المازنيّ:
ألا أبلِغا خُلنِي
جابراً ... بأن خليلك لم يُقْتَلِ
يقال: فلان خُلَّتِي:
أي خليلي.
(الْقَيُّوم) (255):
القائم وهو الدائم الذي لا يزول، وهو فَيْعول.
(سِنَةٌ) (255)
السِّنة: النُّعاس، والوَسنة النُّعاس أيضاً. قال عَدِي بن الرِّقاع:
وَسْنَانُ أقصَدَه
النُّعَاسُ فرنَّقَتْ ... في عينه سِنةٌ وليس بنائمِ
(ولاَ يَئُودُهُ)
(255): ولا يُثقله، تقول: لقد آداني هذا الأمر، وما أداك فهو لي آئدٌ، قال
الكمَيْت:
علينا كالنِّهَاءِ
مُضاعَفات ... مِن الماذِيّ لم تؤُدِ المتُونَا
تقول: ما أثقَلك فهو
لي مُثْقِل.
(لاَ انْفِصَامَ لها)
(256) أي لا تكسر، وقال الكميت:
فهُم الآخذون من
ثِقَة الامرِ ... بتقواهم وعُرىً لا إنفصامَ لها)
(بالطَّاغُوت) (256): الطّاغُوت: الأصنام، والطواغيت من الجن والإنس شياطينهم. (العُرْوَةِ
الوُثْقَى) (256) شُبّه بالعُرَى التي يُتَمسك بها.
(أوْلِيَاؤُهمُ
الطَّاغُوتُ) (257) في موضع جميعٍ لقوله: (يُخْرِجُونَهُمْ) (257)، والعرب تفعل
هذا، قال:
في حَلْقكم عَظمٌ وقد
شَجِينا
وقال العباس بن
مِرْداس:
فقلنا أسلمِوا إنا
أخوكم ... فقد بَرئَتْ من الإحَنِ الصُّدورُ
(فَبُهتَ) (258): انقطع،
وذهبتْ حُجَته، وبُهِتَ: أكثرُ الكلام، وبَهُت إن شئت.
(خَاوِيَةٌ) (259): لا
أنيس بها، (عَلَى عُرُوشِهَا) على بيوتها وأبنيتها.
(لم يَتَسَنَّهْ)
(259): لم تأت عليه السنون فيتغير، وهذا في قول من قال للسنة: (سُنَية) مصغرة،
وليست من الأَسن المتغير، ولو كانت منها لكانت ولم يتَأسن.
(نَنْشُرُهَا) (259):
نجييها ومن قال: (نَنْشُزُها) قال: نَنْشز بعضها إلى بعض).
(فَصُرْهُنَّ إلَيْكَ)
(260): فمن جعل من صُرتَ تصور، ضمَّ، قال: (صُرْهُنَّ إِليْكَ) ضُمَّهن إليك، ثم
اقطعهن.
(ثُمَّ أجْعَلْ عَلَى
كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً): فمن جعل من (صِرْتُ قطَّعت وفرَّقت) قال: خذ
أربعة من الطير إليك فصِرهن إليك أي قطعهن ثم ضَع على كل جبل منهن جزءاً قالت
خنساء:
لَظَلتْ الشُّمُّ
منها وهي تِنصارُ
الشُّمُّ: الجبال،
تنصار: تُقطَع وتُصدَع وتُفلَق؛ وأنشد بعضهم بيت أبي ذُؤيب:
فَانْصرْنَ من فَزَعٍ
وسَدَّ فروجَه ... غُبْرٌ ضَوارٍ وافيانِ وأَجْدَعُ
صُرْنا به الحكم: أي
فصَّلنا به الحكم. وقال المُعَلّي بن جَمال العَبْدِيّ.
وجاءت خُلْعة دُهْسٌ
صَفايا ... يَصور عُنوقَها أَحْوَى زَنِيمُ
ولون الدَّهاس: لون
الرمل كأنه ترابُ رَمْلٍ أدهَسُ. خُلْعة: خيارُ شائِه؛ صفايا: غزِارٌ، ويقال
للنخلة: صَفيّة أي كثيرة الحمل.
(صَفْوَانٌ) (264)
الصَفْوان: جِماع، ويقال للواحدة: (صَفْوَانة) في معنى الصَّفاة، والصَّفا:
للجميع، وهي الحجارة المُلْس.
(صَلْداً) (264) والصَّلْد:
التي لا تُنبت شيئاً أبداً من الأرضِين، والرؤوس، وقال رؤبة:
بَرّاقُ أصلادِ
الجَبينِ الأَجْلَهِ
وهو الأجْلح
(بِرُبْوَةٍ) (265) رُبْوَة: إرتفاع من المسيل.
(إِعْصَارٌ) (266)
اْلإِعصار: ريح عاصف، تهبّ من الأرض إلى السماء، كأنه عمود فيه نار.
(وَلاَ تَيَممَّوُا
الْخبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) (267): أي لا تَعمِدوا له، قال خُفاف بن نَدْبة:
فإِن تك خَيْلِى قد
أُصِيب صَمِيمُها ... فَعَمْداً على عينٍ تَيمّمت مالِكا
(إلاَّ أنْ تُغْمِضُوا
فِيهِ) (267): تُرخّص لنفسك.
(إلْحَافاً) (273):
إلحاحاً.
(المَسِّ) (275) من الشيطان،
والجن، وهو اللَّمَم، وهو ما ألمَّ به، وهو الأولَق والألْسُ والزُّؤد، هذا كله
مثل الجنون.
(فَمَنْ جَاءَهُ
مَوْعِظةٌ مِنْ رَبِّهِ) (275): العرب تصنع هذا؛ إذا بَدَءوا بفعل المؤنث قبله.
(فَلَهُ مَا سلَف)
(275): ما مضى.
(يَمْحَقُ اللهُ
الرِّبا) (276): يُذهبه كما يمحق القمر، ويمحق الرجل إذا انتقص مالَهُ.
(فأذَنُوا بِحَرْبٍ
مِنَ اللهِ) (279): أيقنوا، تقول: آذنتُكَ بحرب، فأذِنتَ به.
(لاَ يَبْخَسْ مِنْهُ
شَيئاً) (282): لا ينقُص، قال: لا تَبْخَسْنِي حقي (؟)، قال في مَثَل: (تحسبها
حَمْقاء وهي باخسة) أي ظالمة.
(أنْ تَضِلَّ
إحْدَاهُمَا فَتُذَكِّر إحْدَاهُمَا الأخْرَى) (282) أي تنسَى.
(وَلاَ يَأبَ
الشُّهَدَاءُ إذَا مَا دُعُوا) (282) قال فيمن شَهِد: لا يأب إذا دُعى، وله قبل أن
يشهد أن لا يفعل.
(أَقْسَطُ عِنْدَ
الله) (282) أعدل.
(فُسُوقٌ) (282)
الفسوق: المعصية في هذا الموضع.
(فَرُهُنٌ
مَقْبُوضَةٌ) (283) قال أبو عمرو: الرِّهان في الخيل، وأنشد قول قَعْنَب بن أُمّ
صاحب من بني عبد الله بن غَطفَان:
بانَتْ سُعادُ وأمس
دونَها عَدَنُ ... وغُلّقتْ عندها من قبلك الرُّهنُ
(غُفْرَانَكَ) (285):
مغفرتك، أي اغفر لنا.
(إصْراً) (286): الإِصْر الثِّقل وكلُّ شيء عطفك على شيء من عهدٍ، أو رحم فقد أصرك عليه،
وهو الأصر مفتوحة، فمن ذلك قولك: ليس بيني وبينك آصِرة رَحْمٍ تأصُرني عليك، وما
يأصرني عليك حقٌ: ما يعطفني عليك؛ وقال الأُبَيْرِد في قوله عزّت قدرته:
(فَصُرْهُنَّ إلَيْكَ) (260).
فما تَقبل الأحياءُ
من حُب خِنْدِفٍ ... ولكن أطراف العَوالِي تصورها
أي تضمّها إلينا.
ولو أن أمّ الناس
حَوَّاءَ حاربتْ ... تميمَ بن مُرٍّ لم تجد من تُجيرُها
بِسمِ اللهِ
الرَّحَمنِ الرَّحِيمِ
سورة آل عمران (3)
(آلم) (1): افتتاح
كلام، شِعار للسورة، وقد مضى تفسيرها في البقرة (2)، ثم انقطع فقلتَ: (اللهُ لاَ
إلَه إلاَّ هُوَ) (2): استئناف.
(آياتٌ مُحْكمَاتٌ)
(7): يعنى هذه الآيات التي تُسَمّيها في القرآن.
(وَأُخَرُ
مُتَشَابِهَاتٌ) (7): يشبه بعضها بعضاً.
(فِي قُلُوِبهِمْ
زَيْغٌ) (7) أي جور.
(فَيَتَّبِعُونَ مَا
تَشَابَهَ مِنْهُ) (7): ما يشبه بعضه بعضاً، فيَطعنون فيه.
(ابْتغَاءَ
الْفِتْنَةِ) (7): الكفر.
(وَالرَّاسِخُونَ فِي
الْعِلْمِ) (7): العلماء، ورَسخ أيضاً في الإيمان.
(تَأوِيَلهُ) (7):
التأوِيل: التفسير، والمرجع: مَصِيرُه، قال الأعشى:
عَلَى أَنها كانت
تَأَوّلُ حُبِّها ... تأوُّلَ رِبْعِيّ السِّقابِ فأصْحَبا
قوله: تأول
حبها: تفسيره: ومرجعه، أي إنه كان صغيراً في قلبه، فلم يزل ينبت، حتى أصحب فصار
قديما، كهذا السَقْب الصغير لم يزل يشِبُّ حتى أصحب فصار كبيراً مثل أمِّه.
(مِنْ لَدُنْكَ) (8)
أي من عندك.
(لاَ رَيْبَ فِيهِ)
(9) لا شك فيه.
(لَنْ تُغْنِى عَنْهُم
أمْوَالهُم وَلاَ أوْلاَدُهُمْ مِن الله شَيئاً) (10): يعنى عند الله.
(كَدَأْبِ آلِ
فِرْعَوْنَ) (11): كسُنة آل فرعون وعادتهم، قال الراجز:
ما زال هذا دأبُها
ودأبِي
(كَذَّبُوا
بِآيَاتِنَا) (11) أي بكتُبنا وعلاماتنا عن الحق.
(المِهادُ) (12)
الفِراش.
(قَدْ كَانَ لَكمُ
آيةٌ) (13) أي علامةٌ.
(فِي فِئَتَيْنِ) (13)
أي في جماعتين. (فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ) (13): إن شئت، عطفتَها على (فِي)، فجررتَها وإن شئتَ قطعتها فاستأنفت، قال، كُثَيِّر
عَزّة:
فكنتُ كذي رجْلِين
رِجْلٍ صحيحةٍ ... ورِجْلٍ رَمَى فيها الزمانُ فشَلَّتِ
وبعضهم يرفع رجل
صحيحة.
(يَرَوْنَهُم
مِثْلَيْهم رَأْىَ العَيْنِ) (13): مصدر، تقول: فعَل فلان كذا رأْىَ عينى وسَمْعَ
أُذِني.
(يُؤَيِّدُ) (13)
يقوّى، من الأيد، وإن شئتَ من الأد.
(لَعِبْرَةً) (13):
اعتبار.
(والقَناطِير) (14):
واحدها قِنطار، وتقول العرب: هو قَدْر وزنٍ لا يحدّونه. (المُقَنْطَرة) مفنعلة،
مثل قولك: ألفٌ مؤلفَّةٌ.
قال الكلبي: مِلء
مَسْك ثَوْرٍ من ذهب أو فضة؛ قال ابن عباس: ثمانون ألف درهم؛ وقال السُّدِّى
(مائة) رِطلٍ، من ذهب أو فضة؛ وقال جابر بن عبد الله: ألف دينار).
(والْخَيْلِ
المُسوَّمة) (14) المُعْلمة بالسيماء، ويجوز أن تكون (مسوّمة) مُرعاةً، من
أسمتُها؛ تكون هي سائمة، والسَّائِمة: الراعية، وربُّها يُسيمها.
(اْلأَنْعَام) (14):
جماعة النَّعَم.
(والحَرْث) (14):
الزرع.
(مَتاعُ الحَياةِ
الدُّنْيا) (14) يمتِّعهم، أي يقيمهم.
(المَآب) (14) المرجع،
من آب يؤب.
(مُطَهَّرة) (15):
مهذَّبة من كل عيب.
(والقَانِتيِن) (17):
القانت المطيع.
(شَهِدَ اللهُ) (18):
قضَى الله. (أنَّه لاَ إلهَ إلاَّ هُوَ وَالمَلائِكَةُ) (18) شُهُودٌ على ذلك.
(بالقِسْطِ) (18)
أقسط: مصدر المقُسِط وهو العادل؛ والقاسط: الجائر.
(الذِينَ أُتُوا
الْكِتابَ) (19): الأمَم الذين أتتْهم الكتُب والأنبياء.
(والأُمِّيِّين) (20):
الذين لم يأتهم الأنبياءُ بالكتب؛ والنبيُّ الأميُّ: الذي لا يكتب.
(يَفْتَرُونَ) (24)
يختلقون الكذب.
(تُولِجُ اللَّيلَ فِي
النَّهار) (27): تَنقُص من الليل فتزيد في النهار، وكذلك النهار من الليل
(وتُخْرِجُ الْحَيَّ مِن المَيِّتِ) (27) أي الطيِّبَ من الخبيث، والمسلم من
الكافر.
(تُقاةً) (28)
وتَقِيّة واحدة.
(أمَداً) (30): الأَمد
الغاية.
(فإن تَولَّوْا) (32)،
في هذا الموضع: فإن كفروا.
(إذْ قَالَتْ امْرَأَةُ
عِمْرَانَ) (35) معناها: قالت: إمرأة عِمران.
(مُحَرَّراً) (35) أي
عتيقاً لله، أعتقته وحرّرته واحد.
(فَتَقَبَّلَها
رَبُّها بقبَول حَسَنٍ) (37): أوْلاَها.
(وكَفَلها زَكَريّاء)
(37) أي ضمَّها، وفيها لغتان: كفَلها يكفُل وكَفِلها يكفَل.
(المِحْرابَ) (37):
سيِّدُ المجالس ومقدَّمها وأشرفها، وكذلك هو من المساجد.
(أَنَّى لَكِ هَذَا)
أي من أين لكِ هذا، قال الكمُيت بن زيد:
أنّيَ ومن أيْن آبك
الطُّرَبُ ... مِن حيث لا صَبْوَةٌ ولا رِيَبُ
(يُبَشِّرُكَ) (39)،
(يَبْشُرُكَ) واحد.
(بِكَلِمَةٍ مِنَ
الله) (39) أي بكتاب من الله؛ تقول العرب للرجل: أَنشِدْني كلمة كذَا وكذا، أي
قصيدة فلان وإن طالت.
(وحَصَوراً) (39): الحصور له غير موضع والأصل واحد؛ وهو الذي لا يأتي النساء، والذي لا يولد
له، والذي يكون مع النَّدامَى فلا يُخرِج شيئاً، قال الأخطل:
وشاربٍ مُرْبِحٍ
لِلكأس نادَمَنى ... لا بالحَصور ولا فيها بسَوّارِ
الذي لا يساور جليسَه
كما يساور الأسدُ؛ والحَصور: أيضاً الذي لا يخرج سِرّا أبَداً، قال جرير:
ولقد تُسقِّطنى
الوُشَاةُ فصادفوا ... حَصِراً بِسرّكِ يا أُمَيْم ضَنِينا
(وقَدَ بلَغَني
الكِيَرُ) (40) أي بلغتُ الكبرَ، والعرب تصنع مثل هذا، تقول: هذا القميص لا يقطعنى
أي أنت لا تقطعه، أي إنه لا يبَلغ ما أُريد من تقديرٍ.
(عَاقِرٌ) (20)
العاقِر: التي لا تلد، والرجل العاقر: الذي لا يولد له، قال عامر بن الطُّفَيْل:
لَبئس الفَتَى إن
كنتُ أعورَ عاقراً ... جَباناً فما عُذرى لَدىَ كل مَحضَرِ
(إلاّ رَمْزاً) (41):
باللسان من غير أن يُبين، ويخفض بالصوت مثل هَمْسٍ.
(والإبْكَارِ) (41):
مصدرُ من قال أبكر يُبكر، وأكثرها بكرّ يبكرّ وباكَر.
(وَإِذْ قَالَتْ
الَملاَئِكَةُ) (42): مثل قالت الملائكة.
(مِنْ أَنْباءِ
الْغَيْبِ) (44): من أخبار الغيب، ما غاب عنك.
(وَمَا كُنْتَ
لَدَيهِمْ) (44) أي عندهم.
(أَقْلاَمَهُمْ) (44):
قداحهم.
(يَكْفُلُ) أي يَضُمّ.
(بِكَلِمَةٍ مِنْهُ)
(45): الرسالة، هو ما أوحَى الله به إلى الملائكة في أن يجعل لمريم ولداً.
(وَجِيهاً) (45)
الوَجِيه: الذي يشرف، ويكون له وجه عند الملوك.
(اْلأكْمَه) (49):
الذي يولد من أمه أعمى، قال رؤبة:
وكَيْدِ مَطَّالٍ
وَخَصْمٍ مِنْدَهٍ ... هَرَّجْتُ فَارْتدَّ ارْتِدَادَ اْلأكْمَهِ
هرّجته حتى هَرَج،
مثل هَرَج الحرّ.
(وَلأحِلَّ لَكُمْ
بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ) (50) بعض يكون شيئاً من الشيء، ويكون كلَّ
الشيء، قال لبيد بن ربيعة:
تَراكُ أمكنةٍ إذا لم
أَرْضَهَا ... أو يَعتِلقْ بعضَ النفوسِ حمامُها
فلا يكون الحمامَ
ينزل ببعض النفوس، فيُذهب البعضَ، ولكنه يأتى على الجميع.
(فَلَمَّا أَحَسَّ
عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ) (52) أي عرف منهم الكفر.
(قَالَ مَنْ أَنْصَارِي
إلَى اللهِ) (52) أي مَن أعْواني في ذات الله.
(قَالَ الْحَوَارِيُّونَ)
(52): صفوة الأنبياء الذين اصطفوهم، وقالوا: القصّارون؛ والحواريات: من النساء
اللاتى لا ينزلن البادية، وينزلن القُرَى، قال الحادي:
لما تَضمَّنتِ
الحوَاريَّات
وقال أبو جَلْدَة
اليَشْكُرِىّ:
وقُلْ لِلْحَواريات
تبكين غيرَنا ... ولا تبكنا إلاَّ الِكلابُ النوابحُ
(وَمَكَرُوا وَمَكَرَ
اللهُ) (54): أهلكهم الله.
(وَجَاعِلُ الَّذِينَ
اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) (55): أي هم عند
الله خير من الكفار.
(لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)
(57): الكافرين.
(فَيَكُونُ. الْحَقُّ
مِنْ رَبَكَ (59،60): انقضى الكلام الأول، واستأنف فقال: (الحقُّ مِنْ رَبِّكَ).
(فَلاَ تَكُنْ مِنَ
الْمُمْتَرِينَ) (60) أي الشّاكِّين.
(ثمَّ نَبْتَهِلْ)
(61) أي نَلْتعن؛ يقال: ماله بهَلَه اللهُ، ويقال: عليه بهْلَةُ الله؛ والناقة
باهلٌ وباهلة، إذا كانت بغير صِرارٍ، والرجل باهل، إذا لم يكن معه عصاً؛ ويقال:
أبهلتُ ناقتى، تركتُها بغير صِرَارٍ.
(إنَّ هَذَا لَهُوَ
الْقَصَصُ الْحَقُ) (62) أي الخبر اليقين.
(فإنْ تَوَلَّوْا)
(63): فإن كفروا، وتركوا أمر الله.
(سَوَاءِ بَيْنَنَا
وَبَيْنَكُمْ) (64) أي النِّصف، يقال: قد دعاك إلى السواء فاقبلْ منه.
(إلَى كَلِمَةٍ) (64)
مفسرة بعد (أن لاَ نَعبُدَ إلاّ اللهَ، وَلاّ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً) بهذه الكلمة
التي دعاهم إليها.
(لمَ تَكْفُرُونَ
بِآياتِ اللهِ) (70): بكتب الله.
(وَأَنْتُمْ
تَشْهَدُونَ) (70) أي تعرفون.
(يَا أَهْلَ
الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ) (71) أي لم تَخْلِطون، يقال:
لبَست عليّ أمرك.
(وَجْهَ النّهَارِ)
(72) أوله، قال ربيع بن زياد العَبْسِي.
مَن كان مسروراً
بمَقْتَل مالكٍ ... فليأتِ نِسوتَنا بوجهِ نهارِ
كقولك: بصدر نهار.
(وَلاَ تُؤْمِنُوا إلا
لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ) (73): لا تُقِرُّوا: لا تصدِّقوا.
(إّلا مَا دُمْتَ
عَلَيْهِ قَائماً) (75) يقول: ما لم تفارقه.
(لاَ خَلاَقَ لَهُمْ)
(77) أي لا نصيب لهم.
(وَلاَ يُزَكِّيِهْم)
(77) لا يكونون عنده كالمؤمنين.
(يَلْوُونَ
ألْسِنَتَهُمْ بالْكِتَابِ) (78) أي يقلبونه ويُحرِّفونه.
(وَلكِنْ كُونُوا
رَبَّانِيينَ) (79): لم يعرفوا ربانيين.
(عَلَى ذَلِكمُ
إِصْرِي) (81) أي عهدي.
(فَمَنِ افتَرَى عَلَى
اللهِ الكَذِبَ) (94) أي اختلق.
(لَلّذِي ببَكَّةَ)
(96): هي اسم لبطن مكةَ، وذلك لأنهم يتباكّون فيها ويزدحمون.
(تَبْغُوَنهَا عِوَجاً)
(99): مكسورة الأول، لأنه في الدِّين، وكذلك في الكلام والعمل؛ فإذا كان في شيء
قائمٍ نحو الحائط، والجِذع: فهو عَوَج مفتوح الأول.
(وَأنْتُمْ شُهَدَاءُ)
(99) أي علماء به.
(عَلَى شَفَا حُفْرةٍ)
(103) أي حرفٍ مثل شَفا الرَّكِيّة وحروفها. (فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا) (103) ترك (شَفَا)، ووقع التأنيث على (حفرة) وتصنع
العرب مثل هذا كثيراً، قال جرير:
رَأَتْ مَرَّ السنين
أخذن منِي ... كما أَخذ السِّرَارُ من الهِلاَلِ
وقال العّجاج:
طَولُ الليالِي
أسرعتْ في نَقْضِى ... طَوَيْنَ طُولِى وطَوَيْنَ عَرْضِي
(وَلتَكُنْ مِنْكُمْ
أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلَى الخَيْرِ) (104)، و(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ
لِلنّاسِ) (110)، أما قوله: (إنَّ إبرَهِيمَ كَانَ أُمَّةً قانتاً) (16 120) أي
كان إماماً مُطيعاً، ويقال أنت أُمَّة في هذا الأمر، أي يُؤتم بك. (وَادَّكَرَ
بَعْدَ أُمَّةٍ) (12 45): بعد قرن، ويقال: (بَعْد أَمَهٍ) أي نسيان، نسيتُ كذا وكذا: أي أمِهْتُ، وأنا آمَهُهُ، ويقال:
هو ذو أمِهٍ. مكسور الميم، وبعُضهم يقول: ذو أُمَّةٍ بمعنًى واحد، أي ذو دين
واستقامة؛ وكانوا بأمةٍ وبإمة، أي استقامة من عيشهم، أي دَوْم منه؛ (كُنْتُمْ
خَيْرَ أُمَّة) أي جماعة؛ وهو أمَّةٌ على حِدة، أي واحد، ويقال: يُبعَث زيد بن
عمرو ابن نُفَيل أمةً وحده، وقال النابغة في أُمة وإِمَّةٍ، معناه الدِّين
والإستقامة:
وهل يأثمَنْ ذو أمة
وهو طائعُ
ذو أمة: بالرّفع
والكسر، والمعنى الدِّين، والاستقامة.
(فأمّا الذِينَ
اسوَدَّتْ وُجُوههم أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إيمَانِكُمْ) (106): العرب
تختصر لعلم المخاطَبُ بما أريد به، فكأنه خرج مَخرج قولك: فأما الذين كفروا فيقول
لهم: أكفرتم، فحذف هذا واختُصر الكلام، وقال الأَسَدِيّ:
كذبتم وبيتِ اللهِ لا
تُنكِحُونها ... بَنِي شابَ قَرْناها تَصُرّ وتَحْلُبُ
أراد: بنى التي شاب
قرناها، وقال النابغة الذيبانيّ:
كأنكَ مِن جمال بني
أُقَيْشٍ ... يُقَعْقَع خَلفَ رجْلَيه بشنّ
بني أقَيْشٍ: حَيٌّ
من الجن، أراد: كأنك جمل يقعقع خلف الجمل بشنّ، فألقى الجمل، ففُهم عنه ما أراد.
(تِلْكَ آياتُ اللهِ
نتْلُوهَا عَلَيْكَ بالْحَقِّ) (108) أي عجائب الله، (نتلوها): نقصُّهَا.
(إلاَّ بحَبْلِ مِنَ
اللهِ) (112): إلا بعهد من الله، قال الأعشى:
وَإذا تجوّزُها
حِبالُ قبيلَةٍ ... أخذتْ من الأخرى إليكَ حبالهَا
(وَبَاءوا بِغَضَبٍ
مِنَ اللهِ) (112) أي أحرزوه وبانوا به.
(وَضُرِبَتْ عَلَيْهِم
المَسْكَنَةُ) (112): أي أُلزِمُوا المسكنة.
(لَيْسُوا سَوَءاً منْ
أَهْلِ الكِتَابِ أمّةٌ قَائمةٌ) (113): العرب تجوّز في كلامهم مثل هذا أن يقولوا:
أكلوني البراغيثُ، قال أبو عبيدة: سمعتُها من أبي عمرو والهذلي في منطقه، وكان
وجْهُ الكلام أن يقول: أكلني البراغيث. وفي القرآن: (عَمُوا وصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ) (574): وقد يجوز أن
يجعله كلامين، فكأنك قلت: (ليسوا سواءً من أهل الكتاب)، ثم قلتَ: (أُمَّةٌ قَائمةٌ)،
ومعنى (قَائمة) مستقيمة.
(آناءَ اللَّيْلِ)
(113): ساعاتِ الليل، واحدُها (إنْيٌ)، تقديرها: (جِثْىٌ)، والجميع (أجْثاء)، قال
أبو أثَيْلة:
حُلْوٌ ومُرٌّ كعِطْف
القِدْح مِرَّته ... في كل إنْيٍ قضَاه الليلُ يَنتعلُ
(كمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا
صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ) (117): الصّر: شدة البرد، وعصوفٌ من الريح.
(يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِن دُونِكُمْ) (118): البِطَانة:
الدُّخلاء من غيركم.
(لا يَألُوَنكُمْ
خَبَالاً) (118) أي لا تألوكم هذه البطانة خبالاً، أي شّراً.
(قَدْ بَيَّنَّا
لَكُمُ الآيَاتِ) (118) أي الأعلام.
(إنَّ الله عَليمٌ
بِذَات الصُّدُورِ) (119) أي بما في الصدور.
(مِن أَهْلِكَ
تُبَوِّئُ المُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ للقِتَالِ) (121): مُتّخِذاً لهم مصافاً
مُعَسكراً.
(بِخَمْسَةِ آلاَفٍ
مِن المَلاَئِكَةِ مُسَوَّمِينَ) (125) أي مُعْلَمين. هو مِن المُسَوَّم الذي له
سِيماء بعمامة أو بصوفة أو بما كان.
(لِيَقْطَعَ طَرَفاً
مِن الذِينَ كَفَرُوا) (127) أي ليهلك الذين كفروا.
(أو يَكْبِتَهُمْ)
(127) تقول العرب: كبتَه الله لوجهه: أي صرَعه الله.
(قَدْ خَلَتْ) (137):
قد مضت، (سُنَنٌ) (127) أي أعلامٌ.
(وَلاَ تَهِنُوا)
(139) أي لا تَضْعفوا، هو من الوَهن.
(إنْ يَمْسَسْكُمْ
قَرْحٌ) (140)، القَرْح: الجراح، والقتل.
(انْقَلَبْتُمْ عَلَى
أعْقَابِكُمْ) (144): كل مَن رجع عما كان عليه، فقد رجع على عقبيه.
(وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ
أنْ تَمُوتَ) (145) معناها: ما كانت نفسِ لتَموتَ إلاَّ بإذن الله.
(رِبِّيُّون) (146)
الرِّبِّيُّون: الجماعة الكثيرة، والواحد منها رِبِّي.
(وإسْرَافَنَا فِي
أَمْرِنَا) (147): تفريطنا.
(مَا لَمْ يُنَزِّلْ
بِهِ سُلْطَاناً) (151) أي بياناً.
(إذْ تَحُسُّونَهم)
(152): تستأصلونهم قَتْلاً، يقال: حسسناهم من عند آخرهم، أي استأصلناهم، قال رؤبة:
إذا شكَوْنا سَنَةً
حَسوسا ... تأكلُ بَعْدَ الأخضرِ اليَبيِسَا
(ثُمَّ صَرَفكُمْ
عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ) (152) أي ليبلوكم: ليختبركم، ويكون (ليبتليكم) بالبلاء.
(إذْ تُصْعِدُونَ)
(153) في الأرض، قال الحادي:
قد كنتِ تبكين على
الإصعادِ ... فاليوم سُرّحتِ وصاحَ الحادي
وأصل (الإصعاد)
الصعود في الجبل، ثم جعلوه في الدَّرَج، ثم جعلوه في الإرتفاع في الأرض، أصعد
فيها: أي تباعد.
(أُخْرَاكُمْ) (153)
آخِركم.
(يَغْشَى طَائِفةً
مِنْكُمْ) (154): انقطع النصب، ثم جاء موضع رفعٍ: (وَطائِفةُ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ
أنْفُسهُمْ) ولو نصبتَ على الأول إذ كانت مفعولاً بها لجازت إن شاء الله، كقولك:
رأيت زيداً، وزيداً أعطاه فلان مالاً، ومثلُها في القرآن: (يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ
فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالميِنَ أَعَدَّ لَهمُ عَذَاباً أَلِيماً) (7631) فنصب
(الظالمين) بنصب الأول على غير معنى: (يُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَتِهِ).
(ضَرَبُوا فِي
اْلأَرْضِ) (156) يقال: ضربتُ في الأرض: أي تباعدتُ.
(أَوْ كَانُوا غُزّىً)
(156) لا يدخلها رفع ولا جرّ لأن واحدها: غازٍ، فخرجت مخرج قائل وقُوَّل، فُعَّل،
وقال رؤبة:
وقُوَّلٍ إلاَّ دَهِ
فلا دَهِ
يقول: إن لم يكن هذا
فلا ذا. ومثل هذا قولهم: إن لم تتركه هذا اليوم فلا تتركه أبداً، وإن لم يكن ذاك
الآن لم يكن أبداً.
(حَسْرَةً) (156)
الحسرة: الندامة.
(فَبمِا رَحْمَةٍ مِنَ
اللهِ) (159): أعملْتَ الباء فيها فجررتَها بها كما نصبت هذه الآية: (إنَّ الله
لاَ يَسْتَحْيى أنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضةً) (2 26).
(لاَ نْفَضُّوا مِن
حَوْلِكَ) (159) أي تفرَّقوا على كل وجه.
(فَإذَا عَزَمْتَ)
(159) أي إذا أجمعتَ.
(وَمَا كَانَ لنَبِيٍّ
أنْ يُغَلَّ) (161): أن يُخان.
(هُمْ دَرَجَاتٌ
عِنْدَ اللهِ) (197) أي هم مَنَازلُ، معناها: لهم دَرَجات عند الله، كقولك: هم
طبقات، قال ابن هَرْمة:
أرَجْماً لِلمَنُونِ
يَكونُ قَوْمِي ... لرِيبِ الدَّهر أم دَرَجُ السُيُولِ
تفسيرها: أم هُم على
درج السيول. ويقال للدرجة التي يصعَد عليها: دَرَجة، وتقديرها: قَصَبة، ويقال لها
أيضاً: دُرَجة.
(قُلْ هُوَ مِنْ
عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) (165) أي إنكم أذنبتم فعُوقبتم.
(لَوْ نَعْلَمُ
قِتَالاً) (167) أي لو نعرف قتالا.
(فَادْرَءُوا عَنْ
أنْفُسِكُمْ) (168) أي ادفعوا عن أنفسكم.
(أَمْوَاتاً بَلْ
أَحْيَاءٌ) (169) أي بل هم أحياء.
(الَّذِينَ قَالَ
لَهُمْ النَّاسُ إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمعُوا لَكُمْ) (173): وقع المعنى على رجل
واحد، والعرب تفعل ذلك، فيقول الرجل: فعلنا كذا وفعلنا، وإنما يعنى نفسه، وفي
القرآن: (إنَّا كُلَّ شَيءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) (5449) والله هُوَ الخالق.
(يُرِيدُ اللهُ أنْ
لاَ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً) (176) أي نصيباً.
(وَلاَ يَحْسَبَنَّ
الَّذِينَ كَفَرُوا أنَّ مَا نُمْلِى لَهُمْ خَيْرٌ لأنْفُسِهِمْ) (178): ألف (أن)
مفتوحة، لأن (يحسبن) قد عمِلت فيها، (وما): في هذا الموضع بمعنى (الذي) فهو اسم، والمعنى من الإملاء ومن الإطالة،
ومنها قوله: (واهْجُرْني مَلِيّاً) (19 44): أي دهراً؛ وتمليت حبيبك؛ والمَلَوَان:
النهار والليل كما ترى، قال ابن مُقْبِل:
ألا يا دِيارَ الحَيّ
بالسَّبُعانِ ... أمَلَّ عليها بالبِلَى المَلَوَانِ
يعنى الليل والنهار،
و(أملّ عليها بالبلى): أي رجع عليها حتى أبلاها، أي طال عليها، ثم أستأنفتَ الكلام
فقلت: (إنّمَا تمَلي لهُمْ ليزْدَادُوا إثماً) (178) فكسرتَ ألف (إنما) للابتداء فإنما أبقيناهم إلى وقت آجالهم ليزدادوا إثماً؛
وقد قيل في الحديث: المَوْتُ خيْرٌ لِلُمْؤِمن لِلنَّجَاةِ مِن الفِتْنةِ،
وَالمَوْتُ خيرٌ لِلكَافِرِ لِئَلاَّ يزْدَادَ إثماً.
(عَذَابٌ مُهِينٌ)
(178): فذلك من الهَوَان.
(يَجْتِبي مِن
رُسُلِهِ) (179): يختار.
(وَلاَ يَحْسَبنَّ
الّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا أتَاهُمُ الله مِنْ فَضلِهِ هُوَ خيْراً لَهمُ) (180):
انتَصَب، ولم تَعمل (هو) فيه، وكذلك كل ما وقفتَ فيه فلم يتمَّ إّلا بخبر نحو: ما
ظننتُ زيداً هو خيراً منك، وإنما نصبتَ (خيراً)، لأنك لا تقول: ما ظننت زيداً، ثم تسكت؛ وتقول: رأيت زيداً
فيتم (الكلام)، فلذلك قلت: هو خير منك فرفعتَ وقد يجوز في هذا النصبُ.
(سَيُطوَّقُونَ)
(180): يُلزَمون، كقولك طوَّقته الطوقَ.
(عَذَابَ الْحَرِيق) (181):
النارُ اسم جامع؛ تكون ناراً وهي حريق وغير حريقٍ، فإذا التَهبت فهي حريق.
(سَيُكْتَبُ مَا
قَالُوا) (182): سيُحْفَظ.
(إنَّ اللهَ عَهِدَ
إلَيْنَا) (183): أمرنا، (أَلاَّ نُؤمِنَا لِرَسُولٍ) (183): أن لا نَدِين له
فنقرَّ به.
(كُلُّ نَفْسٍ
ذَائِقةُ المَوْتِ) (185): أي ميّتة، قال:
الموتُ كأسٌ والمَرْء
ذائقُها
في هذا الموضع شاربها.
(فنَبَذُوه وَراءَ
ظُهُورِهم) (187) أي لم يلتفتوا إليه يقال: نبذتَ حاجتي خلف ظهرك، إذا لم يلتفت
إليها، قال أبو الأسْود الدُّؤَلِيّ:
نظَرْتَ إلى عنوانه
فنَبذتُه ... كنبذك نَعْلاً أخلقت مِن نِعالكا
(بِمَفَازَةٍ مِن
العَذَاب) (188): أي تزَحْزُحٍ زِحْزَحٍ بعيدٍ.
(وَيَتَفَكَّرُونَ فِي
خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَاْلأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً) (191):
العرب تختصر الكلام ليخففوه لعلم المستمع بتمامه فكأنه في تمام القول: ويقولون:
ربنا ما خلقتَ هذا باطلا.
(يُنَادِىِ
لْلإِيمانِ) (193) أي ينادى إلى الإيمان، ويجوز: إننا سمعنا منادياً للإِيمان
ينادى.
(فَاسْتَجَابَ لَهُمْ
رَبُّهُمْ أَني لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ) (195): فتحت ألف (أن) لأنك
أعملتَ (فاستجاب لهم ربهم بذلك، ولو كان مختصراً على قولك. وقال إني
لا أضيع أجْرَ العامِلين فكسرت الألف. (لأكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ)
(لأذهبنّها عنهم أي لأمحونَّها عنهم؛ (فاستجاب لهم) أي أجابهم، وتقول العرب:
استجبتك، في معنى استجبت لك، قال الغَنَوِيّ:
وداعٍ دعا يا مَن
يُجيب إلى النَّدَى ... فلم يستجبه عند ذاك مُجيبُ
(نُزُلاً مِنْ عِنْدِ
اللهِ) (198) أي ثواباً، ويجوز مُنْزَلاً من عند الله من قولك: أنزلتُه منزلاً.
(وَرَابِطُوا) (200)
أي اثْبتُوا ودُوموا، قال الأخطل:
ما زال فينا رِباطُ
الخيل مُعْلَمةً ... وفي كُلَيْبٍ رِباطُ الُّلوم والعارِ
بِسمِ اللهِ
الرَّحَمنِ الرَّحِيمِ
سورة (النساء) (4)
(وَاتَّقَوا اللهَ
الَّذِي) تَسَاءَلُونَ بِهِ وَاْلأَرْحَامَ) (1): اتّقوا الله والأرحامَ نصب، ومن
جرها فإنما يجرها بالباء.
(كَانَ عَلَيْكُمْ
رَقِيباً) (1): حافظاً، وقال أبو دُؤاد الإيادِيّ:
كمَقاعِد الرُّقباءِ
للضُّرباء أيديهم نَواهِدْ
الضريب الذي يضرب
بالقِدَاح؛ نهدت أيديهم أي مدّوها.
(إنَّهُ كَانَ حُوباً
كَبِيراً) (2) أي إثماً، قال أُميَّة بن الأسْكر اللَّيْثيّ:
وإنَّ مُهاجرَينِ
تكنَّفاه ... غداةَ إذٍ لقد خَطئا وحابا
وقال الهذليّ:
ولا تُخْنوا عليّ ولا
تَشطُّوا ... بقول الفَخْر إنَّ الفخر حُوبُ
(وإنْ خِفْتُمْ أَلاَّ
تُقْسِطُوا) (3) وَإنْ أيقنتم ألاَّ تَعْدِلوا.
(مِنَ النِّسَاءِ
مَثْنَى) (3) أي ثنتين، ولا تنوين فيها، قال ابن عَنَمة الضَّبي:
يباعون بالبُعْرَان
مَثْنَى ومَوْحِدا
وقال الشاعر:
ولكنما أهلي بوادٍ أَنيسُه
... ذِئابٌ تَبَغَّي الناس مَثْنَى ومَوْحِدا
قال النحويون: لا
ينوّن (مَثْنَى) لأنه مصروف عن حدّه، والحدّ أن يقولوا: اثنين؛ وكذلك ثُلاثُ ورُباعُ لا تنوين فيهما، لأنه ثَلاثٌ وأربعٌ في
قول النحويين، قال صَخْر بن عمرو بن الشّرِيد السُلَمِيّ:
ولقد قتلتكم ثُناءَ
ومَوْحداً ... وتركتُ مُرّةَ مثلَ أَمسِ المُدْيرِ
فأخرج اثنين على مخرج
ثُلاث، قال صَخْر الغَيّ الهذلي:
منَتْ لَك أن
تُلاقيَني المَنَايا ... أُحادَ أحادَ في شهْرٍ حلالِ
منَتْ لك، تقول:
قدّرت لك، والمنايا: الأقدار، يقال: منت تَمْنِى له مَنْياً؛ فأخرج الواحد مخرج
ثُناء وثُلاث، ولا تجاوز العرب رُباع، غير أن الكمُيْتَ بن زيد الأسَديّ قال:
فلم يَسترِيثوكَ حتى
رَمي ... تَ فوقَ الرِّجال خِصالاً عُشارا
فجعل عشار على مخرج
ثلاث ورُباع.
(فَإِنْ خِفْتُمْ
ألاَّ تَعْدِلُوا) (3): مجازه: أيقنتم، قالت ليلَى بنت الحِماس:
قلتُ لكم خافوا بألف
فارسِ ... مُقَنَّعِينَ في الحديد اليابسِ
أي أيقنوا. قال: لم
أسمع هذا من أبي عبيدة.
(ذَلِكَ أدْنَى أَلاَّ
تَعُولُوا) (3) أي أقرب ألا تجوروا، تقول: عُلتَ عليّ أي جُرت عليّ.
(وَءَاتُوا النِّسَاءَ
صَدُقاتِهنَّ نِحْلَةً) (4) أي مهورهن عن طيب نفس بالفريضة بذلك.
(الَّتِي جَعَلَ اللهُ
لَكُمْ قِيَاماً) (5): مصدرُ يقيمكم، ويجئ في الكلام في معنى قوام فيكسر، وإنما هو
مِن الذي يقيمك، وإنما أذهبوا الواو لكسرة القاف، وتَرَكها بعضهم كما قالوا:
ضِياءً للناس وضِواءً للناس.
(وَابْتَلُوا
الْيَتَامَى) (6) أي اختبِرُوهم.
(إِسْرَافاً) (7)
الإسراف: الإفراط.
(وبِدَاراً) (7) أي
مبادرة قبل أن يُدْرَك فيؤنَس منه الرُّشد فيأخذ منك.
(فَلْيأكُلْ
بِالْمَعْرُوف) (7) أي لا يتأثَّلْ مالاً، التأثل: اتخاذ أصل مالٍ، والأَثلة:
الأصل، قال الأعشى:
ألستَ مُنْتهياً عن
نَحْت أثْلَتِنَا ... ولستَ ضائِرَها ما أطَّتِ الإِبلُ
مجد مؤثَّل: قديم له
أصل.
(نَصِيباً مَفْرُوضاً)
(8): نصب على الخروج من الوصف.
(قَوْلاً سَدِيداً)
(10) أي قصداً.
(فَإنْ كَانَ لَهُ
إخْوَةٌ) (12) أي أخوان فصاعداً، لأن العرب تجعل لفظ الجميع على معنى الإثنين، قال
الراعى:
أخُلَيْد إنَّ أباكِ
ضافَ وِسادَهُ ... هَمَّانِ باتا جَنْبةً ودَخيلا
طَرَقا فتلك هَما
هِمى أقريهما ... قُلُصاً لوَاقح كالقِسيِّ وَحُولا
فجعل الإثنين في لفظ
الجميع وجعل الجميع في لفظ الاثنين.
(أقْرَبُ لَكُمْ
نَفْعاً) (12) أدْنَى نفعاً لكم.
(فَلَهُنَّ الثُّمنُ)
(13)، (والرُّبعُ) والمعنى واحد (؟).
(كَلاَلَةً) (13): كل
من لم يرثه أب أو ابن أو أخ فهو عند العرب كلالة.
(يُورَثُ كلالةً):
مصدرٌ مِنَ تَكلَّلَهُ النسبُ، أي تعطّف النسب عليه، ومن قال: (يُورثُ
كلالة) فهم الرجال الورثة، أي يعطف النسب عليه.
(تِلْكَ حُدُودُ
اللهِ) (13): فرائض الله.
(وَاللاِتى يَأتِينَ
الفَاحِشَةَ) (14): واحدها التي، وبعض العرب يقول: اللواتي وبعضهم يقول: اللاتي،
قال الراجز:
مِن اللّوَاتي
والّتِي واللاَّتي ... زعمن أني كبرتْ لِدَاتي
أي أسناني وقال
الأخطل:
مِن اللّواتي إذا
لانت عَرِيكتُها ... يَبقَى لها بعدَه آلٌ ومَجْلودُ
آلها: شخصها،
ومجلودها جلدها، وقال عمر بن أبي ربيعة:
مِنَ اللاتي لم
يَحْجُجنَ يَبِغين حِسْبةً ... ولكن لِيَقْتُلْنَ البَرِئَ المغَفَّلاَ
(أَعْتَدْنَا لَهُمْ
عَذَاباً أَلِيماً) (17): أفعلنا مِن العَتاد، ومعناها: أعددنا لهم؛ و(أَلِيماً)
مؤلمِاً.
(وَعَاشِرُوهُنّ
بِالْمَعْرُوفِ) (18) أي خالقوهنَّ.
(بُهْتَاناً) (19) أي:
ظُلْماً.
(أَفْضَى بَعْضُكُمْ
إلَى بَعْضٍ) (20): المُجَامعة.
(مِيثَاقاً) (20):
المِيثاق، مِفْعال من الوثيقة بيمين، أو عهد، أو غير ذلك، إذا استوثقت.
(وَلاَ تَنْكِحُوا مَا
نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ) (21): نهاهم أن ينكحوا نساء آبائهم، ولم يُحِلَّ لهم ما سلف، أي ما مضى، ولكنه
يقول: إلاَّ ما فعلتم.
(إنَّه كَانَ
فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً) (21) أي بئس طريقةً ومَسْلَكا، ومن كان
يتزوج امرأة أبيه فوُلد له منها، يقال له: مَقْتِيّ، ومقْتَوِىٌ من قَتَوْتُ، وهذا
من مَقَت؛ (كان الأشْعَث بن قيس منهم، تزوج قيس بن مَعْدِي كَرِب امرأة أبيه،
فولدت له الأشْعَثَ، وكان أبو عمرو بن أمَيَّة خلف على العامرية امرأةِ أبيه فولدت
له أبا مُعيط).
(وَرَبَائِبُكُُ
الَّلاتيِ فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُم) (22) بنات المرأة من غيره. ربيبة
الرجل: بنت امرأته، ويقال لها: المربوبة، وهي بمنزلة قتيلة ومقتولة.
(فِي حُجُورِكُمْ)
(22) في بيوتكم، ويقال: إن عائشة كتبت إلى حَفْصة: إن ابن أبي طالب بعث ربِيبَه ربيبَ
السَّوء، تعنى محمد بن أبي بكرٍ، وكانت أمه أسماء بنت عُمَيْس، عند علي بن أبي
طالب؛ ويقال للزوج أيضاً: هو ربيب ابن امرأته، وهو رابٌّ له، فخرجت مخرج عليم في
موضع عالم.
(وَحَلاَئِلُ
أبْنَائِكُمْ) (22) حليلة الرجل: امرأتُهُ.
(وَالْمُحْصَنَاتُ)
(23): ذوات الأزواج، والحاصن: العفيفة، قال العجاج:
وحاصنٍ مِنْ حَاصناتٍ
مُلْسِ ... من الأذَى ومن قِرَافِ الوَقْسِ
أي الجَرَب.
(كِتَابَ اللهِ
عَلَيْكُمْ) (23) أي: كتَبَ اللهُ ذاك عليكم، والعرب تفعل مثل هذا إذا كان في موضع
(فعَل) أو (يفعل)، نصبوه.
عن أبي عمرو بن
العلاء، قال كَعْب بن زهير:
تَسْعَى الوُشَاةُ
جَنَابَيْهَا وَقِيَلهُمُ ... إنّك يَا بْنَ أَبي سُلْمَي لَمَقْتُولُ
قال: سمعت
أَبا عمرو بن العَلاء يقول: معناها: ويقولون، وكذا كل شيء من هذا المنصوب كان في
موضع (فعل) أو (يفعل)، كقولك: (صَبراً ومهلاً وحِلاًّ، أي: اصبرْ،
وامهلْ، وتحلَّلْ.
(مَا وَرَاءَ
ذَلِكُمْ) (23): ما سوى ذلك.
(مُسَافِحِينَ) (23):
المُسَافح، الزاني، ومصدره: السِّفاح.
(ولاَ جُنَاحَ
عَلَيْكُمْ) (23): لا إثم عليكم، ولا تَبِعة.
(طَوْلاً) (24)،
الطول: السَّعَة والفضل، تقول للرجل: مالك على فضلٌ ولا طَوْلٌ.
(فَتَيَاتكُم) (24)
إماءِكم، وكذلك العبيد، يقال للعبد: فتى فلانٍ.
(وَاءَاتُوهُنَّ
أُجُورَهُنَّ) (24)، أي: مهورهنَّ.
(نِصْفُ مَا عَلَى
الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ) (24) من عقوبة الحدّ.
(العَنَتَ) (24) كل
ضررٍ، تقول: أَعنتنِى.
(سُنَنُ الَّذِينَ
مِنْ قَبْلِكُمْ) (25) أي سبل الذين من قبلكم.
(يُرِيدُ اللهَ أَنْ
يُخَفِّفَ عنْكُمْ) (27) إيجاب.
(وَلاَ تَقْتُلُوا
أَنْفُسَكُمْ) (28) أي لا تُهِلكوها.
(وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا
مَوَالِىَ) (32) أي أولياء ورثة، المولى ابن العم، والمولى الحليف وهو العقيد
والمنعم عليه، والمولى الأسفل، والمولى الوليّ؛ (اللّهمّ مَنْ كنتُ مَوْلاَه)؛
والمولى، المُنعم على المُعتق، وقال الشاعر:
ومَوْلىً كداءِ البطن
لو كان قادراً ... على المَوْت أَفنى الموتُ أهلي وماليا
يعني ابن العم، وقال
الفَضْل بن عبّاس:
مَهْلاً بنى عمّنا
مَهْلاً موالينا ... لا تُظهرُنَّ لنا ما كان مَدْفونا
وقال ابن الَّطيْفان
من بني عبد الله بن دارم والطَّيْفان أمُّه:
ومَوْلىً كَمَولى
الزِّبِرْقَان أدّملتهُ ... كما اندملتْ ساقٌ يُهَاضُ بها كَسْرُ
ادّملته: أصلحته
واحتملت ما جاء منه.
(وَالَّذِينَ
عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) (32) عاقده، حالفه.
(فَلاَ تَبْغُوا
عَلَيْهِنَّ) (33) أي لا تُعلِّلوا عليهن بالذنوب.
(نُشُوزَهُنَّ) (33)
النشوز: بعض الزوج.
(وَإنْ خِفْتُمْ)
(34): أيقنتم.
(شِقَاقَ بَيْنِهِمَا)
(34) أي تباعد.
(وَبِالْوَالِديْنِ
إحْسَاناً) (35): مختصر، تفعل العرب ذلك، فكان في التمثيل: واستوصُوا بالوالدين
إحساناً.
(وَالْجَارِ ذِي
الْقُرْبىَ) (35) القريب، (وَالْجَارِ الْجُنُبِ) (35) الغريب، يقال: ما
تأتينا إلا عن جنابة، أي من بعيد، قال عَلْقَمة بن عَبْدة:
فلا تَحرِمني نائلاً
عن جنابَةٍ ... فإني امرُؤٌ وَسْطَ القِبابِ غَرِيبُ
وإنما هي من الاجتناب،
وقال الأعشى:
أتَيْتُ حُرَيثاً
زائراً عن جنابةٍ ... فكان حُرَيثٌ عن عَطائِيَ جامدا
(والصَّاحِبِ
بِالْجَنْبِ) (35) أي: يصاحبك في سفرك، ويلزَمُك، فينزل إلى جنبك: ( وَابْنِ
السَّبِيلِ) (35): الغريب.
(مُخْتَالاً) (35):
المختال، ذو الْخُيَلاء والخال، وهما واحد، ويجىء مصدراً، قال العجَّاج:
والخالُ ثوبٌ مِنْ
ثِيَابِ الْجُهَّالْ
وقال العَبدِيّ:
فَإنْ كنتَ
سَيِّدَنَا سُدْتَنَا ... وإن كنتَ لِلخالِ فاذهبْ فخَلْ
أي: اختل.
(فَسَاءَ قَرِيناً)
(37) أي: فساء الشيطان قريناً، على هذا نصبهُ.
(وَأَنْفَقُوا مِمَّا
رَزَقَهُم اللهُ) (38) أي أعطَوا في وجوه الخير.
(مِثْقَالَ ذَرَّةٍ)
(39) أي زِنَةَ ذرة.
(يُضاعِفْها) (39)
أضعافاً، ويضعِّفها ضعيفَين.
(لَوْ تُسَوَّى بِهِمْ
اْلأَرْضُ) (41): لو يُدخَلون فيها حتى تَعْلوهم.
(وَلاَ جُنُباً إلاَّ
عَابِرِي سَبيلٍ) (42) معناه في هذا الموضع: لا تقربوا المُصلّى جنباً إلاّ عابر
سبيلٍ يقطعه، ولا يقعد فيه (والمصلّى) مختصر.
(أوْ عَلَى سَفَرٍ)
(42): أو في سفر، وتقول: أنا على سفر، في معنى آخر: تقول: أنا متهىّءٌ له.
(أوْ جَاءَ أَحَدٌ
مِنُكُمْ مِنَ الغَائِطِ) (42): كناية عن حاجة ذي البطن، والغائط: الفَيْح من
الأرض المتصوِّبُ وهو أعظم من الوادي.
(أوْ لاَمَسْتُمْ
النِّسَاءَ) (42): اللماس النكاح: لمستم، ولامستم أكثر.
(فَتَيَمَّمُوا
صَعِيداً طَيِّباً) (42) أي فتعمدوا ذاك، والصعيدُ: وجه الأرض.
(نَصِيباً مِنَ
الكِتَابِ) (44): طرفاً وحظاً.
(مِنَ الذِينَ هَادُوا
يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِه) (46) هادوا في هذا الموضع: اليهود،
والكلم: جماعة كلمة، يحرّفون: يُقلِّبُون ويغيّرون.
(مِنْ قَبْلِ أنْ
نَطْمِسَ وُجُوهاً) (47) أي نسوّيها حتى تعود كأقفائهم، ويقال: الريح
طمَست آثارنا أي محتها، وطَمَس الكتاب: محاه، ويقال: طُمِست عينُه.
(افْتَرَى إثْماً
عَظِيما) (48) أي تخلَّقه.
(ألَمْ تَرَ إلَى
الَّذِينَ) (49) ليس هذا رأى عين، هذا تنبيه في معنى: ألم تعرف.
(فتِيلا) (49)، الفتيل
الذي في شقِّ النَّواة.
(انْظُرْ كَيفَ
يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ) (50): مِثل (ألم تر إلى الذين). (بالجبْتِ وَالطَّاغُوتِ) (51) كلُّ معبود من حَجر أو مَدَرٍ أو صورة
أو شيطان فهو جِبْت وطاغوت.
(أهْدَى مِنَ
الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلا) (51): أقوم طريقةً.
(نَقِيراً) (53)
النُّقرة في ظهر النواة.
(أمْ يَحْسُدُونَ
النَّاسَ) (54) معناها: أيحسدون الناس.
(وَكَفَى بِجَهَنَّمَ
سَعِيراً) (55) أي وقوداً.
(نُصْلِيهِم نَاراً)
(56): نَشْوِيهم بالنار ونُنضِجهم بها، يقال: أتانا بحمَل مَصْلىّ مَشْوِيّ،
وذكروا أن يهودية أهدت إلى النبي صلى الله عليه وسلم شاةً مَصْلِيةً، أي مشوية.
(وَأُوِلي الأمْر
مِنْكُمْ) (59) أي ذوي الأمر، والدليل على ذلك أن واحدها (ذو).
(فَإنْ تَنَازَعْتُمْ
فِي شيْءِ) (59) أي اختلفتم.
(فَرُدُّوهُ إِلى
اللهِ) (59) أي حُكمُه إلى الله فالله أعلم.
(شَجَرَ بَيْنَهُمْ)
(65) أي اختلط.
(لاَ يَجِدُوا فِي
أنْفُسِهِمْ حَرَجاً) (65) أي ضيقاً.
(وَلَو أَنَّا
كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ) (66) معناه: قضينا عليهم.
(مَا فَعَلُوهُ إلا
قَلِيلٌ مَنْهُمْ) (66) ما فعلوه: استثناء قليل من كثير، فكأنه قال: ما فعلوه،
فاستثنى الكلام، ثم قال: إلا أنه يفعل قليل منهم. ومنهم من زعم: أن (ما فعلوه) في موضع: ما فعله إلاَّ قليل منهم، وقال
عمرو بن مَعْدي كَربِ:
وكل أخٍ مُفارِقهُ
أخوه ... لعَمر أبيك إلاَّ الفَرْقَدانِ
فشُبّه رفع هذا برفع
الأول، وقال بعضهم: لا يشبهه لأن الفعل منهما جميعاً.
(مَا يُوعَظونَ بِهِ)
(66): ما يُؤمَرون به.
(وَأَشَدَّ
تَثْبِيتاً) (66): من الإثبات، منها: اللَّهم ثبِّتنا على مِلّة رسولك.
(وَحَسُنَ أُولَئِكَ
رَفِيقاً) (69) أي رفقاء، والعرب تلفظ بلفظ الواحد والمعنى يقع على الجميع، قال
العباس بن مِرْداسٍ:
فقُلنا أَسلمِوا
إنَّا أخوكم ... فقد بَرِئَتْ مِن الإحَنِ الصدورٌ
وفي القرآن:
(يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً) (245) والمعنى أطفالا.
(فانْفِرُوا ثُبَاتٍ)
(71): واحدتها ثُبَة، ومعناها: جماعات في تفرقة؛ وقال زُهَيْر بن أبي سُلْمَى:
وقد أغدو على ثُبَةٍ
كرام ... نَشَاوى واجدين لمِا نشاء
وتصديق ذلك (أو
انْفِرُوا جَمِيعاً) (71)، وقد تجمع ثُبَة: ثُبِينَ، قال عمرو بن كلْثُوم:
فأمَّا يَوْم خَشيتِنا
عليهم ... فتُصِبح خيلُنا عُقَبَا ثِبينَا
(لِمَ كَتَبْتَ
عَلَيْنَا القِتَالَ) (77) معناها: لِمَ فرضته علينا.
(لَوْلاَ أَخَّرْتَنَا
إلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ) (77) معناها: هلاّ أخرتنا.
(بُرُوج) (78):
البُرْج: الحِصْن.
(مُشيَّدَةٍ) (78):
مطوّلة والمشيد المزّيَّن، الشِّيد: الجِصّ والصَّاروج، والبروج: القصور.
(فَمَا أَرْسَلْنَاكَ
عَلَيْهم حَفِيظاً) (80) أي مُحاسِبا.
(بَيَّتَ طَائِفَةٌ
مِنْهُمْ غَيْرَ الّذِي تَقُولُ) (81) أي قدروا ذلك ليلاً، قال عُبَيدة بن هَمَّام
أحد بني العَدَوية:
أتَوْني فلم أرضَ ما
بيّتوا ... وكانوا أتَوْني بشيءٍ نُكُرْ
لأُنكِحَ أَيِّمَهُم
مُنِذراً ... وهل يُنكِحُ العبد حُرٌّ لِحُرْ
بيّتوا أي قدّروا
بليل، وقال النَّمِر بن تَوْلَب:
هبَّتْ لتعذُلَني من
الليل أسمعي ... سَفَهاً تَبَيّتُكِ المَلاَمةَ فَاهْجَعي
كل شيء قُدّر بليل
فهو تبيّتٌ.
(أَذَاعُوا بِهِ)
(83): أَفشَوه، معناها: أذاعوه، وقال أبو الأَسْوَد:
أَذَاعَ بهِ في
النَّاس حتى كأنه ... بعَلْياءَ نارٌ أوقدتْ بِثُقُوبِ
يقال: أثقِبْ نارك،
أي أوقدِها حتى تُضئ.
(الّذِينَ
يَسْتَنْبِطُونَهُ) (83): يستخرجونه، يقال للرَّكية إذا استُخرجتْ هي نَبَطٌ إذا
أَمهاها يعنى استخرج ماءها.
(وحَرِّض
المُؤْمِنِينَ) (84) أي حَضّض.
(عَسَى اللهُ) (84) هي
إيجاب من الله، وهي في القرآن كلَّها واجبة، فجاءت على إحدى لغتى العرب، لأن عسى
في كلامهم رجاءٌ ويقين، قال ابن مُقْبِل:
ظَنّي بهم كعَسَى وهم
بتَنُوفَةٍ ... يتنازعون جَوائزَ الأمثالِ
أي ظني بهم يقينٌ.
(يَكنْ لهُ كِفْلٌ
مِنْهَا) (85) أي نصيب، ويقال: جاءنا فلان متكفلا حماراً، أي متخذا عليه كساءً
يُديره يُشبِّهه بالسَّرج يقعد عليه.
(عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
مُقِيتاً) (85) أي حافظاً محيطاً، قال اليهوديّ في غير هذا المعنى:
ليت شِعْرِي
وأَشعرنَّ إذا ما ... قَرّبوها مَطويةً ودُعَيتُ
أَليّ الفضلُ أم عليّ
إذا حوسب ... ت إني على الحِساب مُقِيتُ
أي هو موقوف عليه.
(عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
حَسِيباً) (86) أي كافياً مقتدِراً، يقال: أَحسَبني هذا أي كفاني.
(َواللهُ أَرْكَسَهُمُ)
(88) أي نكَّسهم وردّهم فيه.
(إِلاَّ الَّذِينَ
يَصِلُونَ إلَى قَوْم بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ) (89)، يقول: فإذا كانوا من أولئك القوم الذين بينكم
وبينهم ميثاق فلا تقتلوهم.
(أَوْ جَاءوكُمْ
حَصْرِتْ صُدُورُهُمْ) (90) من الضيق، وهي من الحصور، وقد قال الأعْشى:
إذا اتصلتْ قالت
أَبكْرَ بن وائلٍ ... وَبكرٌ سَبَتْها والأنُوفُ رَواغِمُ
أخذه من وَصَل، أي
انتسب.
(وَأَلْقَوْا
إلَيْكُمْ السَّلَمَ) (90) أي المقادة، يقول: استسلموا.
(وَمَا كَانَ
لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إلاَّ خَطئاً) (91)، هذا كلام تستثنى العربُ
الشيء من الشيء وليس منه على اختصار وضمير، وليس لمؤمن أن يقتل مؤمناً على حالٍ
إلاَّ أن يقتله مُخطئاً، فإن قتله خطئا فعليه ما قال الله في القرآن، وفي القرآن:
(الّذيِنَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ اْلإِثْم وَالْفَوَاحِشَ إلاَّ اللَّمَمَ)
(5332): واللَّمَم ليس من الكبائر، وهو في التمثيل: إلا أن يُلِمُّوا من غير
الكبائر والفواحش، قال جرير:
من البِيض لم تَظْعَن
بعيداً ولم تطأ ... على الأرض إلا ذَيل مِرْطٍ مُرَحَّلِ
المُرَحَّل: بُرْد في
حاشيته خطوط، فكأنه قال: لم تطأ على الأرض إلا أن تطأ ذيلَ البُرْد، وليس هو من
الأرض، ومثله في قول بعضهم:
وَبَلْدةٍ لَيْسَ بها
أَنيسُ ... إلاَّ اليَعافيرُ وإلاَّ العِيسُ
يقول: إلاَّ أن يكون
بها. وقال أبو خِراش الهذليّ:
أَمْسَى سُقامُ خلاءً
لا أَنيسَ به ... إلا السِّباع ومَرّ الريح بالغَرَف
سقام: وادٍ لهذيل؛
الغَرفُ: شجرٌ تُعمَل منه الغرابيل، وكان أبو عمرو الهذلي يرفع ذلك.
(غَيْرُ أُولِى
الضَّرَرِ) (95): مصدر، ويقال ضرير بين الضرر.
(وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي
سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي اْلأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وسَعَة) (100): المُراغَم
والمُهاجَر واحد، تقول: راغمتُ وهاجرتُ قومي، وهي المذاهب، قال النابغة الجعْديّ:
كطَوْدٍ يُلاذُ
بِأَرْكَانِهِ ... عَزيز المرُاغَم والمَهْرَبِ
(فَقَدْ وَقَعَ أجْرُه
عَلَى اللهِ) (100): ثوابه وجب.
(أنْ تَقْصُرُوا مِنَ
الصَّلاَةِ) (101) أي تَنقُصُوا منها.
(فإِذَا
اطْمَئْنَنْتُمْ) (103) من السفر أو الخوف.
(فَأَقِيمُوا
الصَّلاَةَ) (103) أي أَتمّوها.
(كِتَاباً مَوْقُوتاً)
(103) أي مُوَقّتاً وقَّته الله عليهم.
(تَأْلَمُونَ) (103)
توجعون، قال أبو قَيس بن الأسْلَتْ:
لا نَأْلَم الْحَرب
ونَجزِى بها الْ ... أعْداءَ كَيْلَ الصّاعِ بالصّاعِ
(وَمَنْ يَكْسِبْ
خَطِيئَةً أوْ إثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً) (111): وقع اللفظ على الإثم
فذكَّره، هذا في لغة من خبّر عن آخر الكلمتين.
(لاَ خَيْرَ فِي
كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُم إلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ) (113) فالنجوى
فعل والأمر بالصدقة ليس مِن نجواهم التي لا خير فيها. إلا أن يكونوا يأمرون بصدقة
أو معروف، والنَّجوَى: فِعل، ومَن: اسمٌ، قال النابغة:
وقد خِفْتُ حتى ما
تزيدُ مخَافتي ... على وَعَلٍ فِي ذِي القِفارة عاقِلِ
والمخافة: فعل،
والوَعل اسم؛ وفي آية أخرى: (ليس البِرّ أنْ تُولوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ المَشْرِقِ
والمَغْرِبِ وَلكِنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ) (2126) فالبرّ ها هنا مصدر، و(مَن) في هذا الموضع اسم.
(إنْ يَدْعُونَ مِنْ
دُونِهِ إلاَّ إنَاثاً) (116) إلا المَوَاتَ؛ حجراً أو مَدَراً أو ما أشبه ذلك.
(شَيْطَاناً مَريداً)
(116) أي متمرداً.
(فَلَيُبَتِّكُنَّ
آذَانَ اْلأَنْعَام) (118) بَتكهُ: قطَعه.
(مَحِيصاً) (120)، حاص
عنه: عدَل عنه.
(وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ
اللهِ قِيلاً) (121) أو (قولا) واحد.
(فَلاَ تَمِيلُوا
كُلَّ المَيْل) (128) أي لا تجوروا.
(وَإنْ تَلْوُوا أو
تُعْرِضُوا) (134): كلَّ شيء لويته مِن حق أو غيره.
(مَنْ يَكْفُرْ
بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْم الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ
ضَلاَلا بَعِيداً) (135) والكفر بملائكته: انهم جعلوا الملائكة الذين هم عباد
الرحمن إناثاً.
(فَإِنَّ العِزَّةَ
للهِ جَمِيعاً) (138) أي العزة جميعاً لله.
(حَتَّى) يَخُوضُوا
فِي حَدِيثٍ غَيرِهِ) (139) يأخذوا في حديث غيره.
(أَلَمْ نَسْتَحْوِذُ
عَلَيْكُمْ) (140): نغلب عليكم (اسْتحْوَذَ عَلِيْهم الشَّيْطَانُ) (5819): غلب
عليهم، قال العجاج:
يُحُوذُهُنَّ ولهُ
حُوذِىّ ... كما يحُوذ الفِئةَ الكَمِىُّ
أي يغلب عليها،
يحوذهن: مثل يحوزهن، أي يجمعهن.
(فِي الدَّرَكِ
الأسْفَلِ) (145): جهنم أدراكُ أي منَازل وأطباق، ويقال للحبل الذي قد عجز عن
(بلوغ) الركية: أعطنى دَرَكَا أصل به.
(لاَ يُحِبُّ اللهُ
الجَهْرَ بالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إلاَّ مَنْ ظُلِم) (147): (مَنْ) في هذا الموضع
اسم مَن فَعَل.
(أَرِنَا اللهَ
جَهْرَةً) (152): علانية.
(الُّطورَ) (153):
الجبل.
(فَبِمَا نَقْضِهِمْ)
(154): فبنقضهم.
(طَبَعَ اللهُ عَلَى
قُلُوبِهِمْ) (154) أي ختم.
(لَكِن الرَّاسِخُونَ
فِي الْعِلْم مِنْهُمْ وَالُمؤْمنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إلَيْكَ وَمَا
أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالمُقِيميِنَ الصَّلاَةَ وَالمؤْتُونَ الزَّكَاةَ
وَالمُؤْمِنُونَ بِاللهِ) (161): العرب تخرج من الرفع إلى النصب إذا كثُرَ الكلام،
ثم تعود بعدُ إلى الرفع. قالت خِرْنق:
لا يَبْعَدَنْ
قَوْمِي الذين هُمُ ... سمُّ العُداةِ وآفة الجُزْرُ
النازلين بكل
مُعْتَرِكٍ ... والطيّبون معَاقِدَ الأزْرِ
(فَآمِنُوا خَيْراً
لَكُمْ) (169): نصبٌ على ضمير جواب (يكن خيراً لكم)، وكذلك كل أمر ونهى، وإذا كانت
آية قبلها وأنْ تفعلوا، ألف (أن) مفتوحة فما بعدها رفع لأنه خبر (أن)، (وأنْ
تَصَدَّقوا خَيْرٌ لَكُمْ) (2280).
وما مرَّ بك من أسماء
الأنبياء لم تحسن فيه الألف واللام فإنه لا ينصرف، وما كان في آخره (ى) فإنه لا
ينون نحو عِيسَى ومُوسَى.
(لاَ تَغْلُوا فِي
دِينِكُمْ) (170) من الغلوّ والاعتداء، كل شيء زاد حتى يجاوز الحدّ من نبات أو عظم
أو شباب، يقال في غُلَوَائها وغُلَواء الشباب، قال الحارث بن خالد المخْزُومي:
خُمْصانةٌ قَلِقٌ
موشَّحُها ... رُؤْدُ الشبابِ غَلاَبها عَظْمُ
(وَكَلِمَتُهُ
أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ) (170) قوله كُنْ، فكان.
(وَرُوح مِنْهُ) (171)
أحياه الله فجعله روحاً.
(وَلاَ تَقُولوُا
ثَلاَثَةٌ) (171) أي لا تقولوا: هم ثلاثة.
(لَنْ يَسْتَنْكِفَ
المَسِيحُ) (171) لن يأنف ويستكبر ويتعظم.
(فَأَمَّا الّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلوا الصَّالَحِاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ) (173) الألف مفتوحة وكذلك كل شيء في القرآن إذا كان تمامُ كلامه بالفاء، وإذا
كان تخييراً فألف (إما) مكسورة كقوله: (إمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإمَّا أنْ تَتَّخِذَ)
(1883)، وإذا كان في موضع (إن) فكذلك الألف مكسورة؛ من ذلك (فَإِمَّا
تَرَيَنَّ مِنَ البَشَر أحَداً) (1925).
(بُرْهَانٌ) (174):
بيان وحجة سواء.
بِسمِ اللهِ
الرَّحَمنِ الرَّحِيمِ
سورة المائدة (5)
(أَوْفُوا
بِالْعُقُودِ) (1) واحدها عَقْد، ومجازها: العهود والأيمان التي عقّدتم. وقال
الحُطَيْئة:
قَوْمٌ إذا عَقَدُوا
عَقداً لجارِهم ... شَدّوا العِناجَ وشَدّوا فوقَه الكَرَبا
ويقال: اعتقد فلان
لنفسه، ويقال: وفيت وأوفيت.
(وَأنْتُمْ حُرُمٌ)
(1) واحدها حرام، قال:
فقلتُ لها فِيئى
إليكِ فإنّني ... حَرَامٌ وإني بعد ذاك لَبيبُ
أي مع ذاك، والمعنى
محرم.
(شَعَائِرَ اللهِ) (2)
واحدتها شعيرة وهي الهدايا، ويدلك على ذلك قوله: (حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْىُ
مَحِلَّهُ) (2196)، وأصلها من الإشعار وهو أن يُقَلّد، أو يُحلل أو يطعَن شِقّ
سَنامِها الأيمن بحديدة ليعلمها بذلك أنّها هدية، وقال الكُميت:
نقُتِّلهم جِيلاً
فجِيلاً تَراهُمُ ... شعائرَ قُرْبانٍ بها يُتقرَّبُ
الجيل والقرن واحد،
ويقال: إن شَعائر الله ها هنا المشاعر؛ الصَّفا والمَرْوة ونحو ذلك.
(وَلاَ آمِّينَ
الْبَيْتَ الْحَرَامَ) (2) ولا عامدين، ويقال: أمَمَتْ. وتقديرها هَمَمَتْ خفيفة.
وبعضهم يقول: يمّمت، وقال:
إنِّي كذاك إذا ما
ساءني بلَدٌ ... يمَّمْتُ صدرَ بَعِيرِي غيرَه بلدا
(وَلاَ يَجْرِمَنّكُمْ
شَنَئَانُ قَوْمٍ) (2) مجازه: ولا يَحْمِلَنَّكُمْ ولا يعْدِينَّكم، وقال:
ولقد طعَنْتَ أبَا
عُيَيْنَةَ طَعْنَةً ... جَمَعَتْ فَزَارَة بَعْدَمَا أنْ يغْضَبُوا
ومجاز (شَنئَان
قَوْمٍ) أي بَغضاء قوم، وبعضهم يحرّكُ حروفها، وبعضهم يسكِّن النون الأولى كما قال
الأحْوَصُ:
وَما العَيْشُ إلاّ
مَا تَلَذُّ وَتَشْتَهِى ... وَإنْ لاَمَ فِيهِ ذُو الشَّنَان وَفَنَّدَا
وبعضهم يقول:
(شَنَانُ قَوْمٍ) تقديره (أبان)، ولا يهمزه، وهو مصدرُ شنيت، وله موضع آخر معناه:
شنئت حقك أقررتُ به وأخرجته من عندي كما قالَ العَجَّاجُ:
زَلَّ بَنُو
الْعَوَّامِ عَنْ آلِ الْحكَمْ ... وَشَنئوا المُلْكَ لِمَلْكٍ ذِي قَدَمْ
شنئوا الملك: أخرجوه
وأدَّوه وسلّموا إليه. (وقَدَم). قال الله تبارك وتعالى: (أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ) (102) قدم: منزلة
ورفعة، وقِدَم من القديم، وقدم إذا تقدم أمامه، وقال الفرزدق:
وَلَو كَانَ فِي
دِينٍ سِوَى ذَا شَنِئْتُمُ ... لنَا حَقَّنَا أَوْ غُصَّ بالماءِ شَارِبُهْ
(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ
الْمَيْتَةُ) (3): مخَفَّفة، وهي تخفيف ميَتّة، ومعناهما واحد، خُفِّفتْ أو
ثُقِّلَتْ. كقول ابن الرّعْلاَء:
ليْسَ مَنْ مَاتَ
فَاسْتَرَاحَ بِمَيْتٍ ... إنما المَيْتُ مَيِّتُ الأحْيَاءِ
إنما المَيْتُ مَنْ
يعِيشُ ذَليلاً ... سَيِّئا بَالُهُ قَلِيلَ الرَّجَاءِ
واسم ابن الرَّعْلاء
كُوِتىّ، والكُؤتِيّ، والكُوِئىّ يهمز، ولا يهمز. والكُوْتى من الخيل والحمير: القصار. قال: فلا أدري أيكون في الناس أم
لا؛ قال: ولا أدري الرَّعْلاءُ أبوه أو أُمّه.
(وَمَا أُهِلَّ
لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) (3) مجازه: وما أهلَّ به لغير الله، ومعناه: وما ذُكر غيرُ
اسم الله عليه إذا ذُبح أو نحر، وهي من استهلال الكلام، قال رجل، وخاصَمَ إلى النبيّ
صلى الله عليه وسلم في الجنين: (أَرَأَيْتَ مَنْ لا شَرِبَ وَلاَ أكلَ ولاَ صَاحَ
فَاستهلَّ، أليسَ مثلُ ذلكمْ يُطَلُّ). ومنه قولهم: أهَلَّ بالحجّ أي تكلَّمَ به،
وأظهره من فيه.
وقال ابن أحْمَر:
يُهِلُّ
بِالْفَرْقَدِ رُكْبَانُهَا ... كمَا يُهِلُّ الرَّاكِبُ المُعْتَمِرْ
يقال: مُعتمِر
ومُعْتَم، والعَمار والعِمامة، وكل شيء على الرأس من إكليل أو تاج أو عمامة، فهو
عَمَار؛ وله موضع آخر.
ما ذُبح لغيره، كقول
ابن هَرْمة:
كَمْ نَاقَةٍ قَدْ
وَجَأتُ لبَّتَهَا ... بِمُسْتَهِلِّ الشُّؤبُوبِ أوْ جَمَلِ
أي بمنفجر.
(وَالْمُنْخَنِقَةُ)
(3): التي انحنقت في خناقها حتى ماتت.
(وَالْمَوْقُوذَةُ)
(3): التي تُضرَب حتى توقذ فتموت منه أو تُرمَى؛ يقال: رماه بحجر، فوقَذه يقذه
وَقْذاً ووُقوذاً.
(وَالْمُتَرَدِّيَةُ)
(3): التي تردّت فوقعت في بئر أو وقعت من جبل أو حائط أو نحو ذلك فماتت.
(وَالنَّطِيحَةُ) (3):
مجازها مجاز المنطوحة حتى ماتت.
(وَمَا أَكَلَ
السَّبُعُ) (3) وهو الذي يصيده السَّبعُ فيأكل منه ويبقى بعضُه ولم يُذكَّ، وإنما
هو فريسة.
(إلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ)
(3): وذكاته أن تقطع أوداجه أو تنهر دمه وتذكر اسم الله عليه إذا ذبجتَه، كقوله:
نعَمْ هو ذكّاها
وأنتِ أضعتِهَا ... وألهاكِ عنها خُرْفةٌ وَفطيمُ
الخُرفة اجتناء،
اخترف اجتنى.
(وَمَا ذُبِحَ عَلَى
النُّصُبِ) (3) وهو واحد الأنصاب، وكان أبو عمرو يقول: نَصْب بفتح أوله ويسكن
الحرف الثاني منه.
والأنصاب: الحجارة
التي كانوا يعبدونها، وأنصاب الحرم أعلامه.
(وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا
بِاْلأَزْلاَمِ) (3) وهو من استفعلت من قسمت أمرى، بأن أُجيل القِداح لتقسم لي
أمري: أأُسافر أم أُقيم أم أغزو أو لا أغزو ونحو ذلك فتكون هي التي تأمرني وتنهاني
ولكلّ ذلك قِدْحٌ معروف وقال:
ولم أقْسِم فترَ
بُثَنى القَسومُ
ويقال: رَبثه يربثه
رَبْثاً إذا حبسه. وواحد الأزلام: زَلَم وزُلَم لغتان وهو القِدح.
(ذَلِكُمْ فِسْقٌ) (3)
أي كفر.
(وَرَضِيْتُ لَكُمُ
اْلإِسْلاَمَ دِيناً) (3) أي اخترت لكم.
(فِي مَخْمَصَةٍ) (3)
أي مَجَاعة، وقال الأعْشى:
تبَيتون في
المَشْتَىِ ملاءً بطونُكم ... وجاراتكمُ سُغْب يبتن خمَائِصا
أي جياعاً.
(غَيْرَ مُتَجَانِف
لإِثْمٍ) (3) أي غير متعوّج مائل إليه، وكل منحرف، وكل أعوج فهو أجنف.
(قُلْ أحِلَّ لَكمُ
الطّيِّبَاتُ) (4) أي الحلال.
(وَمَا عَلَّمْتُمْ
مِن الجَوَارحِ) (4) أي الصوائد، ويقال: فلان جارحة أهله أي كاسبهم، وفي آية أخرى:
(ومن يجترح) (؟) أي يكتسب، ويقال: امرأة أرملة لا جارح لها، أي لا كاسب لها، وفي
آية أخرى: (اجترحوا السيئات) (4520) كسبوا، (وَمَا جَرَحْتُمْ) (660) أي ما كسبتم.
(مُكَلِّبِينَ) (4)
أصحاب كلاب، وقال طُفَيْل الغَنَويّ:
تُبارى مرَاخيها
الزِّجاج كأنها ... ضِراءٌ أَحَسَّتْ نبأةً من مُكلِّبِ
(وَالْمُحْصَنَاتُ
مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ) (5) أي ذوات الأزواج، وقد فرغنا قبل هذا منه.
(مُسَافحِينَ) (5) أي
زانين، والسِّفاح: الزّناء.
(أُجُورَهُنَّ) (5):
مهورهن.
(حَبِطَ عَمَلُهُ) (6)
أي ذهب.
(وَأمْسَحُوا برُؤوسِكُمْ
وَأَرْجُلِكُمْ) (6) مجرور بالمجرورة التي قبلها، وهي مشتركة بالكلام الأول من
المغسول، والعرب قد تفعل هذا بالجِوار، والمعنى على الأول، فكأن موضعه (واغسلوا
أرجلَكم)، فعلى هذا نصبهَا مَن نَصب الجرّ، لأن غسل الرجلَين جاءت به السُّنة، وفي
القرآن: (يُدْخِلُ مَنْ يَشَاء فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالمِينَ أَعَدَّ لُهَمْ
عَذاباً أَلِيماً) (7431) فَنصبوا الظالمين على موضع المنصوب الذي قبله، والظالمين: لا يُدخلهم
في رحمته؛ والدليل على الغسل أنه قال: (إِلَى الْكَعْبَيْنِ)، ولو كان مسحاً مُسحَتا
إلى الكعبين، لأن المسح على ظهر القدم (والكعبان) ها هنا: الظاهران لأن الغسل لا
يدخل إلى الداخلين.
(وَإِنْ كُنْتُمْ
جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) (7) والواحد والإثنين والجميع في الذكر والأنثى لفظه واحد: هو جُنُب،
وهي جُنُب، وهما جُنُب، وهم جُنُب، وهنّ جُنُب.
(أوْ عَلَى سَفَرٍ)
(6) أو في سفر.
(أوْ جَاءَ أحَدٌ
مِنْكُمْ مِنَ الغَائِطِ) (6) كناية عن إظهار لفظ قضاء الحاجة في البطن، وكذلك
قوله تبارك وتعالى (أوْ لَمسْتُمْ النّسَاء) كناية عن الغشيان (فَتَيَمَّمُوا
صَعِيداً طَيِّباً) (6) أي تعمدوا صعيداً، أي وجهَ الأرض، طيباً أي طاهراً.
(مِنْ حَرَجٍ) (6) أي
ضِيقٍ.
(بِذَاتِ الصدُورِ)
(7) مجازها: بحاجة الصدور لأنها مؤنثة.
(قَوَّامِينَ للهِ
شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ) (9) أي قائمين بالعدل، يقومون به، ويدمون عليه.
(وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ
آمنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) (9) أي خيراً أي فاضلة بهذه، ثم قال، مستأنفاً:
(لَهُمْ مَغْفِرةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) (9) فارتفعتا على القطع من أول الآية والفعل
الذي في أولهما، وعملت فيهما (لَهُمْ).
(وَبَعَثْنَا مِنْهُمْ
اثْنَى عَشَرَ نَقِيباً (12) أي ضامِناً ينقب عليهم وهو الأمين والكفيل على القوم.
(وَعَزَّرْتُمُوُهمْ)
(12): نصرتموهم وأعنتموهم ووقّرتموهم وأيّدتموهم، كقوله:
وكم مِن ماجدٍ لهم
كريمٍ ... ومِن لَيْثٍ يُعزَّرُ في النَّدِىِّ
وقال يونس: أثنيتم
عليهم. قال الأثْرم: والتعزير في موضع آخر: أن يُضْرَبَ الرجل دون الحدّ.
(سَوَاءَ السَّبِيل)
(12): أي وسط الطريق وقال حسان:
يا وَيحَ أَنصار
النبي ونسلهِ ... بَعد المغيَّبِ في سَواءِ المُلْحَدِ
(فَبِمَا نَقْضِهِمْ
مِيثَاقَهُمْ) (13): فبنقضهم، والعرب تستعمل (ما) في كلامها توكيداً وإن كان الذي
قبلها بَجرّ جررتَ الاسمَ الذي بعدها، وإن كان مرفوعاً رفعتَ الاسمَ، وإن كان
منصوباً نصبتَ الاسمَ كقولهم: ليت من العشْب خوصَة.
(قُلُوبَهُمْ
قَاسِيَةً) (13) أي يابسة صلبة من الخير وقال:
وقد قَسوتُ وقَسا
لُدَّتِى
ولُدّتِى ولِداتى
واحد، وكذلك عَسا وعَتا سواء.
(يُحَرِّفُونَ
الْكَلِمَ) (13) يزيلون.
(وَنَسُوْا حَظّاً
مِمَّا ذُكِرُوا بِهِ) (13) أي نصيبهم من الدين.
(عَلَى خَائِنَةٍ
مِنْهُمْ) (13) أي على خائن منهم، والعرب تزيد الهاء في المذكرَّ كقولهم: هو راوية
للشعر، ورجل علاَّمة، وقال الكِلابيّ:
حَدَّثتَ نفسَك
بالوَفاء ولم تكن ... لِلغَدْر خائِنةً مُغِلَّ الإِصْبَعِ
وقد قال قوم بل
(خائنةٍ منهم) ها هنا الخِيانة، والعرب قد تضع لفظ (فاعلة) في موضع المصدر كقولهم
للخِوان مائدة، وإنما المائدة التي تميدهم على الْخِوان؛ يُميده ويُميحه واحد،
وقال:
إلى أميرِ المؤمنين
المُمْتادْ
أي الممتاح.
(فَأغْرَيْنَا بَيْنَهُمْ
العَدَاوَةَ) (14): والإغراءُ: التهييج والإفساد (وَللهِ مُلْكُ السَّموَاتِ
وَالأَرْض وَمَا بَيْنَهُمَا) (17) والسموات جماع والأرض واحد فقال: (ما بينهما).
فذهب إلى لفظ الإثنين، والعرب إذا وحّدوا جماعة في كلمة، ثم أشركوا بينهما وبين
واحد جعلوا لفظ الكلمة التي وقع معناها على الجميع كالكلمة الواحدة، كما قال
الراعي:
طَرَقا فتلك همَا
همِى أقرِيهما ... قُلُصاً لَواقِحَ كالقِسىِّ وحُولا
وقد فرغنا منه في
موضع قبل هذا.
(الْمُقَدَّسَةَ) (22)
المطهّرة، يقال: لا قدّسه اللهُ (الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) (22) أي جعل الله
لكم وقضاها.
(فَاذهَبْ أَنْتَ
وَرَبُّك فَقَاتِلاَ) (26) مجازها: اذهب أنت وربك فقاتل، وليقاتل ربك أي ليعنك؛
ولا يذهب الله.
(فَافْرُقْ بَيْنَنَا
وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ) (25) أي باعدْ وافصِلْ وميّزْ، وأصله: فعلتُ
خفيفة من فعّلت ثقيلة، كقوله:
يا ربّ فافرقْ بينه
وبيني ... أشَدَّ ما فرّقتَ بين اثْنين
الفاسقين ها هنا:
الكافرين.
(يَتِيهُونَ في
الأرْضِ) (26) أي يحورن ويحارون ويضلون.
(فَلاَ تَأسَ عَلَى
الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) (26) لا تحزنْ، يقال: أسيتُ عليه، قال العجّاج:
وانحلبتْ عيناه من
فَرْط الأَسَى
(بَسَطْتَ إِلَىَّ
يَدَكَ) (28) أي مددتَ.
(أنْ تَبُوءَ
بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ) أي أن تحتملَ إثمي وتفوز به، وله موضع آخر: أن
تُقِرَّ به؛ تقول: بُؤْت بذنبي، ويقال: قد أبأتُ الرجُلَ بالرجُلِ أي قتلتُه، وقد
أبأ فلانٌ بفلان، إذا قتلهُ بقتِيلٍ. قال عمرو ابن حُنَيّ التَغْلِبيّ:
ألا تستحىِ منا ملوكٌ
وتتَّقِى ... مَحارِمَنا لا يُبَأَءُ الدَّمُ بالدَّمِ
ولا يُباءُ الدّم
بالدّمِ سواء في معناها، ويقالُ: أبأتُ بهذا المَنزل، أي نَزلت.
(فَطَوَّعَتْ لَهُ
نَفْسُهُ) (30) أي شجّعَته وآتته على قتله، وطاعت له، أي أطاعته.
(سَوْأَةَ أخِيهِ)
(31) أي فرْجَ أخيه.
(مِنْ أجْلِ ذَلِكَ)
(32) أي: من جِناية ذلك وجرِّ ذلك، وهي مصدر أجَلت ذلك عليه.
قال الخِنَّوْتِ، وهو
تَوْبة بن مُضَرِّس، أحد بني مالك بن سعد بن زيد مَنَاة ابن تميم؛ وإنما سمَاه
الِخنَّوْتَ الأحْنَفُ بن قيس، لأن الأحنف كلّمه فلم يكلمه احتقاراً له، فقال إن
صاحبكم هذا الخِنَّوْت؛ والخِنَّوْت المتجبِّر الذاهب بنفسه، المستصغر للناس فيما
أخبرني أبو عبيدة محمد بن حفص بن مَحْبُور الأسَيْدِيِّ
وَأهْلُ خِبَاءٍ
صَالحٍ ذات بينهم ... قد احتربوا في عاجِلٍ أنَا آجلُهْ
فأقبلتُ في الساعِينَ
أسأَل عَنْهُمُ ... سُؤَالَكَ بالشيء الذي أنتَ جاهلُهْ
أي جانيه وجارُّ ذلك
عليهم، ويقال: أجلت لي كذا وكذا، أي جررت إليَّ وكَسبتهُ لي.
(مَنْ قَتَلَ نَفْساً
بِغَيْرِ نَفْسٍ أوْ فَسَادٍ فِي الأرْضِ) (32) مجازه: أو بغير فساد في الأرض.
(لَمُسْرِفُونَ (32)
أي: لمفسدون معتدون.
(يُحَارِبُونَ اللهَ
وَرَسُولَهُ) (33) والمحاربة ها هنا: الكفر.
(أوْ تُقَطَعَ
أيْدِيهِمْ وَأرْجُلُهُمْ) مِنْ خِلاَفٍ) (33) يده اليمنى ورِجله اليسرى، يخالف
بين قطعهما.
(وَابْتَغُوا إلَيْهِ
الوَسِيلَةَ) (35)، أي القُرْبة، أي اطلبوا، واتخذوا ذلك بطاعته، ويقالُ: توسلتُ
إليه تقرّبتُ، وقال:
إذا غفَلَ الواشُونَ
عُدْنَا لِوَصْلِنَا ... وعادَ التصافِي بيننَا وَالوسَائلُ
الحوائج، وقال
عَنْترَة:
إنَّ الرِّجَالَ لهمْ
إليكِ وَسِيلةٌ ... أنْ يأخذُوكِ تَكَحَّليِ وَتَخَضَّبيِ
الحاجة، (قال رؤبة:
النَّاسُ إنْ
فَصَّلْتَهُمْ فَصَائِلاَ ... كلٌّ إلينَا يبتغى الوَسَائِلاَ)
(عَذَابٌ مُقِيمٌ)
(37) أي دائم، قال:
فإنّ لكم بيوم
الشَّعْب مِنِّي ... عذاباً دائماً لكم مُقِيما
(وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ
فَاقْطَعُوا أيْدِيَهُمَا) (38) هما مرفوعان كأنهما خرجا مَخرج قولك: وفي القرآن
السّارقُ والسارقةُ، وفي الفريضة: السارقُ والسارقةُ جزاؤهما أن تُقطع أيديهما
فاقطعوا أيديهما؛ فعلى هذا رُفعا أو نحو هذا، ولم يجعلوهما في موضع الإغراء
فينصِبوهما، والعرب تقول: الصَّيدُ عندَك، رفع وهو في موضع إغراء، فكأنه قال:
أَمكنَك الصيد عندك فالزَمه، وكذلك: الهلالُ عندك، أي طلع الهلالُ عندك فانظر
إليه، ونصبَهما عيسى بن عُمر. ومجاز (أيديَهما) مجاز يديهما، وتفعل هذا العرب فيما
كان من الجسد فيجعلون الاثنين في لفظ الجميع.
(نَكَالاً مِنَ اللهِ)
(38) أي عقوبة وتنكيلا.
(لاَ يَحْزُنْكَ) (41)
يقال: حزَنتُه وأحزنتُه، لغتان، وهو محزون، وحزِنتُ أنا لغة واحدة.
(وَمِنَ الَّذِينَ
هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ) (41) وهو ها هنا من الذين تهوَّدوا، فصاروا
يهوداً. (وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ) (41): أي كُفره.
(لِلسُّحْتِ) (42)
السحت: كَسْب مالا يَحِلُّ.
(فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ
بِالْقِسْطِ) (42) أي بالعدل.
(إنَّ اللهَ يُحِبُّ
المُقْسِطِينَ) (42) أي العادلين.
يقال: أقسط يُقسِط،
إذا عدل، وقوله عز وجل: (وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ) (7215) الجائرون الكُفّار،
كقولهم هجَد: نام، وتهجَّد: سهَر.
(بِمَا استُحْفِظُوا
مِنْ كِتَابِ اللهِ) (44) أي بما استوُدعوا، يقال استحفظتهُ شيئاً: أي استودعتُه.
(فَمَنْ تَصدّقَ بِهِ
فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ) (45) أي عفا عنه.
(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ
بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالُمِونَ) (45): أي الكافرون،
ومَن ها هنا في معنى الجميع، فلذلك كان فأولئك هم الظالمون؛ وللظلم موضعٌ غيرُ
هذا؛ ظلمُ النَّاس بعضُهم بعضاً، وظلمُ اللَّبَنِ: أن يُمْخَص قبل أن يَرُوب،
وظلمُ السائل مالا يطيق المسئول عفواً. كقول زُهَير:
ويُظْلَم أحياناً
فَيَنظلمُ
والأرض مظلومة: لم
ينْبَط بهان ولا أُوقِد بها نار.
(وَقَفَّيْنَا عَلَى
آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ
التَّوْرَاةِ) (47) أي لمِا كان قبلَه، (وَقَفَّينا) أي أتبعنا، وقفيت أنا على
أثره.
(وَمُهَيْمِناً
عَلَيْهِ) (48) أي مصدِّقاً مؤتمناً على القرآن وشاهداً عليه.
(لِكُلٍ ّجَعَلْنَا
مِنْكُمْ شِرْعَةً) (48) أي سُنة (وَمِنْهَاجاً) (48) سبيلا واضحاً بَينّاً، وقال:
مَن يك ذا شكٍّ فهذا
فَلْجُ ... ماءٌ رُواء وطَريقٌ نَهْجُ
(وَاحْذَرْهُمْ) أَنْ
يَفْتِنُوكَ) (49) أن يُضلّوك ويستزلّوك.
(عَنْ بَعْضِ مَا
أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ) (49)، وأفتنت لغة، وقال الأعشَى أعشَى هَمْدان:
لئن فتَنَتْنى لهى
بالأمس أَفتنتْ ... سُعَيْداً فأَمسَى قد قَلا كلَّ مُسْلِمٍ
فيه لغتان (نَخْشَى
أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ) (52) أي دولة، والدوائر قد تدور، وهي الدولة، والدوائل
تدول، ويُديل اللهُ منه، قال حُمَيد الأرقط:
يرُدّ عنك القَدرَ
المقدورَا ... ودائراتِ الدَّهر أنْ تدورا
(بِالْفَتْحِ) (52) أي
بالنّصر.
(يُقِيمُونَ
الصَّلاَةَ) (55) أي يُديمون الصلاة في أوقاتها.
(فَإِنّ حِزْبَ اللهِ
هُمُ الْغَالِبُونَ) (56) أي أنصار الله، قال رؤبة:
وكيفَ أَضوَى وبِلالُ
حِزْبِي
قوله: أَضوى أي أنتقص
وأستضعف، من الضَّوَى.
(هَلْ تَنْقِمُونَ
مِنَّا) (59) أي هل تكرهون، قال: نَقَموا أكثر، ونَقِموا واحد، وهما لغتان ليس
أحدهما بأولَى بالوجه من الآخر كما قال:
ما نَقَموا من نبي
أميَّةَ إلاّ ... أنهم يَحملون ان غَضِبوا
(بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ
مَثْوَبةً) (60): تقديرها مَفْعَلة من الثواب على تقدير مَصْيدة من صِدتُ،
ومَشْعلة من شعَلت؛ ومن قرأها (مَثُوَبةً) فجعل تقديرها: مفعُولة، بمنزلة مَضُوفة ومَعُوشة، كما قال:
وكنتُ إذا جارِى دعا
لمَضوفةٍ ... أَشَمِّر حتى يَنْصُفَ السَّاق مِئزَرِى
فخرج مخرج ميسُور
ومعسور.
(يَدُ اللهِ
مَغْلُولَةٌ) (64) أي خير الله مُمْسَك.
(وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ
الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ) (64) أي جعلنا (كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً
لِلْحَرْبِ) (64) أي كلما نصبوا حرباً.
(لَكَفَّرْنَا
عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ) (65) أي لمَحونا عنهم.
(مِنْهُمْ أُمَّةٌ)
(66) أي جماعة.
(يَعْصِمُكَ مِنَ
النَّاسِ) (67) يمنعك، كقوله:
وقلتُ عليكم مالكاً
إنّ مالكا ... سيَعصمكم إن كان في الناس عاصمُ
(لَسْتُمْ عَلَى
شَيْءٍ) (68) أي ليس في أيديكم حُجة ولا حق ولا بيان.
(فَلاَ تَأسَ) (68) أي
لا تَحزن. (عَلَى الْقَوْمِ الْكاَفِرِينَ) (68)، ولا تجزع، وقال العجّاج:
وَأنحَلبتْ عيناه مِن
فَرْط الأَسَى
والأسَى: الحُزن،
يقال: أَسِىَ يأسَى، وأنشد:
يقولون لا تهلِكْ أسى
وتجلّدِ
(إنَّ الَّذِينَ
آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا والصَّابئُونَ وَالنَّصَارَى) (66): والصابئ الذي يخرج من دين إلى دين، كما تصبُؤ النجومُ من مطالعها، يقال:
صبأت سِنُّهُ وصبأ فلان علينا: أي طلَع؛ ورفع (الصابئون) لأن العرب تخرج المُشْرَك
في المنصوب الذي قبلَه من النصب إلى الرفع على ضمير فعل يرفعه، أو استئنافٍ ولا
يُعملون النصب فيه، ومع هذا إن معنى (إنّ) معنى الابتداء، ألا ترى أنها لا تعمل
إلا فيما يليها ثم ترفع الذي بعد الذي يليها كقولك: إن زيداً ذاهبٌ، فذاهب رفعٌ،
وكذلك إذا واليتَ بين مُشرَكين رفعتَ الأخير على معنى الابتداء. سمعت غير واحد يقول:
فمنَ يَكُ أَمسَى
بالمدينة رَحْلُه ... فإنِّي وقَيّارٌ بها لغريبُ
وقد يفعلون هذا فيما
هو أشدّ تمكناً في النصب من (إنّ). سمعت غير واحد يقول:
وكلُّ قومٍ أَطاعوا
أَمر سيِّدهم ... إلاّ نُمَيراً أَطاعت أمرَ غاويها
الظَّاعنون ولما
يُظعِنوا أحداً ... والقائلين لمن دارٌ نُخَلِّيها
وربما رَفعوا
(القائلين)، ونصبو (الظاعنين).
(فَرِيقاً كَذَّبُوا)
(70): مقدم ومؤخر، مجازه كذبوا فريقاً. (وَفرِيقاً يَقْتُلُونَ) (70) مجازه:
يقتلون فريقاً.
(وَحَسِبُوا أَنْ لاَ
تَكُونُ فِتْنَةٌ) (71) فتكونُ: مرفوعةٌ على ضمير الهاء، كأنه قال: (أنه لا تكونُ
فِتنةٌ)، ومَن نصب تكون فعلى إعمال (أن) فيها ولا تمنع (لا) النصبَ أن يعمل في الفعل.
(عَُوا وصَمُّوا
كَثِيرٌ مِنْهُمْ) (71) مجازه على وجهين، أحدهما أن بعض العرب يظهرون كناية الاسم في آخر
الفعل مَع إظهار الاسم الذي بعد الفعل كقول أبي عمر والهذليّ (أكلُوني البَراغيثُ). والموضع
الآخَر أنه مستأنَف لأنه يتم الكلام إذا قلتَ: عَمُوا وصمّوا، ثم سكتّ، فتستأنف
فتقول: كثير منهم، وقال آخرون: كثير صفةٌ للكناية التي في آخر الفعل، فهي في موضع،
مرفوع فرفعت كثير بها.
(أنَّي يُؤْفَكُونَ) (75) أي كيف يُحَدُّون ويُصَدُّون عن الخير والدين والحق ويقال: أفكتْ أرضُ
كذا أي لم يصبها مطر وصُرف عنها ولا نبات فيها ولا خير.
(بالَّلغْوِ) (89) أي بالذي هو فضل: لا والله، وبلَى والله، ما لم تحلفوا على حّقٍ تذهبون
به، وما لم تعقِدوا عليه أي توجبوا على أنفسكم.
(فَكَفّارَتُهُ (89)
أي فمَحوه.
(وَالْمَيْسِر) (89)
أي الوجاب أي المواجبة من وجب الشيء والأمر بقداحٍ أو بغيرها والقمارُ.
(لَيَبْلُوَنَّكُمُ
اللهُ بِشَيءٍ مِنَ الصَّيْدِ) (94) أي ليختبرنكم وليبتلينكم.
(فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا
قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) (95) في هذا الموضع الإبل والبقر والغنم، والغالب على
النّعَم الإبلُ.
(يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا
عَدْلٍ مِنْكُمْ، (95) فجاء مصدراً في القرآن كلِّهِ؛ مَن جعله صفةً على أنه مصدرٌ
ولفظه للأنثى والذكر والجميع سواء؛ هي عَدْلٌ وهم عدل، قال زُهَير:
متى يَشتجرْ قومٌ
يقلْ سَرَوَاتُهم ... هُمُ بيننا فهمْ رضاً وهُمُ عَدْلُ
فجعله هِشامٌ أخو ذي
الرُّمة صِفةً تجرى مجرى ضخم وضخمة، فقال: عدل، وعَدْلة للمرأة.
(أوْ عَدْلُ ذَلِكَ
صِيَاماً) (95) مفتوح الأول، أي مثل ذلك، (فإذا كسَرت فقلت: عِدل فهو زِنَة ذلك).
(لِيَذُوقَ وَبَالَ
أَمْرِهِ) (95) أي نَكال أمره، وعذابهَ ويقال: عاقبة أمره من الشرّ.
(وَمَنْ عَادَ
فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) (95) رفعٌ لأنه مُجازاتٌ فيه، فمجازُه فمن عاد فإن
الله ينتقم منه، وعاد: في موضع يعود، قال قعنب بن أُم صاحب:
إنْ يَسْمَعُوا
رِيبَةً طَارُوا بهَا فَرَحاًوَإنْ ذُكِرْتُ بِسُوءٍ عِنْدَهُمْ أَذِنُوا
أي استمعوا.
(ذُو انْتِقَام) (95):
ذو اجتراء.
(جَعَلَ اللهُ
الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ) (97) أي قوَاماً، وقال
حُمَيدٌ الأرْقط:
قِوَامُ دُنْيَا
وَقِوَامُ دِينِ
(مَا جَعَلَ اللهُ
مِنْ بَحيِرَةٍ وَلاَ سَائِبَةٍ) (103) أي: ما حرَّمَ الله البَحِيرَةَ التي كان
أهل الجاهلية يُحرِّمُونهَا، وكانوا يُحَرِّمُونَ وَبَرَهَا وظَهْرَها وَلْحَمَهَا
ولبنَهَا على النساء، وَيُحِلُّونها للرجال، وما وَلدَتْ من ذكَر أو أُثنى فهو
بمنزلتها، وإن ماتَتْ البَحِيرة اشترَك الرجالُ والنساء في أَكل لحمها، وإذا
ضُرِبَ جَمَلٌ من وَلَدِ البَحِيرَة فهو عندهم حام، وهو اسمٌ له.
والسائبة من
النَّعَمِ على نحو ذلك، إلا أنها ما وَلَدَتْ من وَلَدٍ بينها وبين ستة أولاد فعلى
هيئة أُمها وبمنزلتها، فإذا وَلَدَتِ السابعَ ذكراً أو ذَكَرَيْنِ، ونحوَه، فأكله الرجال
دون النساء، وإن أتأمَتْ بذكَرٍ أو أُنثَى، فهو (وَصِيلة) (103)؛ فلا يذبح الذكر،
يترك ذبحه من أجل أخته؛ وإن كانتا اثنتين تُرِكتا، فلم تذبحا؛ وإذا وَلَدَتْ سبعةَ
أبطن، كلّ بطن ذكراً وأُنثى، قالوا: قد وَصَلت أخاها؛ وإذا وضعت بعد سبعة أبطنٍ
ذكراً أو أُنثى قالوا: وصلت أخاها، فأَحْمَوْها وتركوها تَرْعى ولا يمسّها أحد؛
فإن وضعت أنثى حيّةً بعد البطن السابع كانت مع أمها كسائر النّعم لم تُحْمَ لا هي
ولا أمُّها؛ وإن ولدت أنثى ميتة بعد البطن السابع أكلتها النِّسَاء دون الرجال؛
فإن وَضَعَتْ ذكراً حيّاً بعد البطن السابع، أكله الرجالُ دون النساء؛ وكذلك إن
وَضَعَتْ ذكراً ميّتاً بعد البطن السابع، أكله الرجالُ دون النساء؛ وإن وَضَعَتْ ذكراً
وأُنثى ميتين بعد البطن السابع، أكلهما الرجالُ والنساء جميعاً بالتسوية؛ وإن
وَضَعَتْ ذكراً وأنثى حيين بعد البطن السابع، أكل الذكَرَ منها الرجالُ دون النساء،
وجعلوا الأنثى مع أُمها كسائر النّعَم.
قال أبو الحسن
الأثْرَم: والسائبة من العبيد، تعتقه سائبة، فلا ترثه؛ أي سيبّته، ولا عقل عليه.
والسائبة من جملة
الأنعام: تكون من النذور، يجعلونها لأصنامهم، فتُسَيَّبُ ولا تُحبس عن رَعْىٍ، ولا
عن ماءٍ ولا يركبها أحد.
(حَامٍ) (103)، والحام من فُحُول الإبل خاصةً، إذا نتجوا منه
عشرة أبطن، قالوا: قد حَمَى ظهرَه، فأَحْمَوا ظهرَهُ ووبَرَه، وكل شيء منه، فلم
يمُسَّ، ولم يُرْكب، ولم يُطْرَق.
والبَحِيرة: جعلها
قوم من الشاة خاصة إذا ولدَت خمسة أبطن بحّروا أُذنها وتُرِكت، فلا يمسّها أحد ولا
شيئاً منها يبَحّرُون أُذنها؛ أي يخرمونها.
والفرع من الإبل أول
ولد تضعه الناقة، يفرع لأصنامهم؛ أي يذبح، يقال: أفرعنا أي ذبحنا تلك. وقال آخرون:
بل
البَحِيرة أنّها إذ
انتجت الناقة خمسة أبطن فكان آخرها سَقْباً، أي ذكراً بحّرُوا أذن الناقة، أي شقوها
وخلّوا عنها، فلم تُرْكَبْ ولم يضر بها فَحْلٌ، ولم تُدْفَع عن ماءٍ، ولا عن
مَرْعى، وحرّموا ذلك منها، فتلقى الجائع، فلا ينحرها، ولا يركبها المُعْيِى
تحرّجاً.
وقالوا: السائبة لا
تكون إلاَّ من الإبل، إن مَرِضَ الرَّجل نَذَرَ؛ إن بَرِىء ليسيبنَّ بعيراً، أو إن
قَدِمَ من سفر، أو غزوة، أو شكر رَفْعَ بلاءٍ أو نقمةٍ سَيّب بعيراً، فكان بمنزلة
البَحِيرة؛ وكذلك المُعْتِقُ السائبةَ في الإسلام، لا يرثه الذي يعتقه.
وقالوا: الوَصِيلةُ
من الغنم خاصةً إذا ولَّدُوها ذكراً جعلوها لأصنامهم فتقرَّبوا به، وإذا ولَّدُوها
أُنثى؛ قالوا: هذه لنا خاصةً دون آلهتنا، وإذا وَلَّدُوها ذكراً أو أنثى؛ قالوا:
وصلت أخاها فلم يذبحوا أخاها لإلهتهم لمكانها.
وقالوا: بل (الحام)
هو كما وصف في أول هذا الوجه، إلاَّ أنهم يجعلونه لأصنامهم وآلهتهم، فلا يهاج.
(يَفْتَرُونَ عَلَى
اللهِ الْكَذِبَ) (103) أي يختلقون الكذب على الله.
(فإنْ عُثِرَ عَلَى
أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إثْماً) (107)؛ أي: فإن ظُهر عليه، ووقع، وهو من قولهم:
(عَثَرَتْ عَلَى الْغَزْلِ بأخَرَة، فَلمْ تدَعْ بِنَجْدٍ قَرَدَةً).
(اسْتَحَقَّ
عَلَيْهِمُ الأَوْلَينِ) (107): واحدها الأَولى؛ ومن قرأها: الأُولَيَان، فالواحدة
منها: الأولى.
(أَيَّدْتُكَ) (110)
أي قوَّيتك، يقال: رجل أيِّد أي شديد قويٌّ.
(كَهَيْئَةِ
الطَّيْرِ) (110) أي كمثل الطير، ومنه قولهم: دعه على هيئته.
(وَإذْ أَوْحَيْتُ
إلَى الْحَوَارِيِّينَ) (111) أي ألقيتُ في قلوبهم، وقد فرغنا من تفسيرهم في موضع
قبل هذا، وليس من وحي النبوة إنما هو أَمرت، قال العجّاج:
وَحَي لها القرارَ
فاستقرَّتِ
أي: أمرها بالقرار.
يقال: وَحَى وَأَوْحَى.
(هَلْ يَسْتَطِيعُ
رَبُّكَ) (112) أي هل يريد ربك.
(أَنْ يُنَزِّلَ
عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ) (112) أصلها أن تكون مفعولة، فجاءتْ فاعلة
كما يقولون: تَطِليقة بائنَة، وعِيشة راضية؛ وإنما مِيد صاحبُها بما عليها من
الطعام، فيقالُ: مادَنى يَميدنى، قال رؤبة:
إلى أمير المؤمنين
المُمْتَادْ
أي المُسْتَعطَى
المسئول به؛ امتدتُك، ومِدْتنى أنت.
(تَكُونُ لَنَا عِيداً
لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا) (114) مجاز العيد ها هنا: عائدة من الله علينا، وحجة
وبرهان.
(وآيةً مِنْكَ) (114)
أي: علماً وعلامة.
(وَإذْ قَالَ اللهُ
يَا عِيسَى) (116) مجازه: وقال الله يا عيسى، وإذْ من حروف الزوائد، وكذلك: (وَإذْ
عَلّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) (110) أي علمتك.
(ءَانْتَ قُلْتَ
لِلنَّاسِ اتَّخِذُونيِ وَأُمِّيَ) (116)، هذا باب تفهيم، وليس باستفهام عن جهل
ليعلمه، وهو يخرج مَخرج الاستفهام، وإنما يُراد به النَّهى عن ذلك ويتهدد به، وقد
عَلم قائله أكان ذلك أم لم يكن، ويقول الرجلُ لعبدهِ: أفعلت كذا؟ وهو يَعلمُ أنهُ
لم يفعَله ولكن يُحَذِّرُهُ، وقال جرير:
ألستم خيرَ مَنْ
رَكِبَ المَطَايا ... وَأَنْدَى العالمينَ بُطُونَ رَاحِ
ولم يستَفهِم، ولو
كان استفهاماً ما أعطاه عبدُ الملك مائةً من الإبل برعاتها.
(أتَّخِذُونيِ
وَأُمِّيَ إِلهَيْنِ) (116) إذا أشركوا فِعل ذكَر مع فعل أُنثى غُلِّبَ فعلُ
الذَّكر وذكَّروهما.
(الرَّقِيبَ) (117):
الحافظ.
(عِبَادُكَ) (118):
جمعُ عبد، بمنزلة عبيد.
بِسمِ اللهِ
الرَّحَمنِ الرَّحِيمِ
(سورة الأنعام) (6)
(وَجَعَلَ
الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ) (1) أي خلق، والنور الضوء.
(بِرَبِّهِمْ
يَعْدِلُونَ) (1): مقدم ومؤخر، مجازه يعدلون بربهم، أي: يجعلون له عِدْلاً، تبارك
وتعالى عما يصفون.
(وَأَجَلٌ مُسَمَّى
عِنْدَهُ) (2) مقدم ومؤخر، مجازه وعنده أجلٌ مَسُمَّى، أي وقتٌ مؤقَّتٌ.
(ثُمَّ أَنْتُمْ
تَمْتَروُنَ) (2) أي تشكّون.
(أنبأ مَا كَانُوا
بِهِ يَسَتْهِزءُونَ) (5) أي أخبار.
(مِنْ قَرْنٍ) (6) أي:
من أمة يروُون أن ما بين القرنين أقلُّهُ ثلاثون سنة.
(مَكَنَّهُمْ فِي
الأَرْضِ) (6) أي: جعلنا لهم منازلَ فيها وأكالاً، وتثبيتاً ومكناهم؛ مكَّنُتك
ومكنتْ لك واحد، يقال: أُكُل وأكال وآكال واحدها أُكل.
قال الأَثرَم: قال
أبو عمرو: يقال له أُكل من الملوك، إذا كان له قطايع.
(وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ
عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً) (6) مجاز السماء ها هنا مجاز المطر، يقال: ما زلنا في
سماء، أي في مطر، وما زلنا نَطأُ السماء، أي أثر المطر، وأَنَّى أخذَتكم هذه
السماءُ؟ ومجاز (أرْسلنا): أنزلنا وأمطرنا (مِدْرَاراً) (6) أي غزيرة دائمة.
قَال الشاعر:
وسقاكِ من نوْءِ
الثرَيَّا مُزْنَةٌ ... غرَّاءُ تَحْلِبُ وابلا مِدْرارا
أي غزيراً دائماً.
(وَأَنْشَأنَا) (6) أي
ابتدأنا، ومنه قولهم: فأنشأ فلان في ذلك أي ابتدأ فيه.
(الَّذِينَ خَسِرُوا
أَنْفُسَهُمْ) (12) أي غبنوا أنفسهم وأهلكوها، قال الأعشى:
لا يأخذ الرشِوَةَ
فِي حُكْمه ... ولا يُبَالِي غَبَنَ الْخاسِرِ
أي: خسرَ الخاسرِ.
(فَاطِرِ السَّمَوَاتِ)
(14) أي خالق السموات. (هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورِ) (673) أي: مِنْ
صدوع، ويقال: انفطرت زجاجتك أي انصدعت، ويقال: فطر نابُ الجمل، أي انشقّ فخرج.
(ثُمَّ لَمْ تَكُنْ
فِتْنَتُهُمْ إلاَّ أَنْ قَالوا وَاللهِ رَبَّنَا) (23) مرفوعة إذا علمت فيها (ثم
لم تكن) فتجعل قولهم الخبر لتكن، وقوم ينصبونَ (فتنتهم) لأنهم يجعلونها الخبر،
ويجعلون قولهم الاسم، بمنزلة قولك ثم لم يكن قولهم إلا فتنةً، لأن (إلاَّ أن
قالوا) في موضع (قولهم)، ومجاز فتنتهم: مجاز كفرهم وشركهم الذي كان في
أيديهم.
(أَكِنّةً أَنْ
يَفْقَهُوهُ) (25) واحدها كِنان، ومجازها عِطاء، قال عُمَر بن أبي ربيعة:
أيّنَا باتَ ليلةً
... بين غُصْنين يُوبَلُ
تحت عيْنٍ كنانها ...
ظِلُّ بُرْدٍ مُرَحَّلُ
أي غطاؤنا الذي
يُكنِّنا.
(وَفِي آذَانِهِمْ
وَقْراً) (25) مفتوح، ومجازه: الثِّقْل والصَمَم، وإن كانوا يسمعون، ولكنهم صُمّ
عن الحق والخير والهُدَى؛ والوِقَر هو الحِمل إذا كسرته.
(أَسَاطِيرُ
اْلأَوَّلِينَ) (25) واحدتها أُسْطورة، وإسطارة لغة، ومجازها مجار الترَّهَاتُ
البَسَابِسُ ليس له نظام، وليس بشيء.
(وَهمْ يَنْهَوْنَ
عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ) (26) أي يتباعدون عنه، قال النَّابغة:
فأبلغْ عامراً عني
رسولاً ... وزُرْعةَ إنْ دنَوْتُ وإن نأيتُ
(مَا فَرَّطْنَا) (31)
مجازه: ما ضيّعنا.
(أَوْزَارَهُمْ) (31) واحدها: وِزر مكسورة، ومجازها: آثامهم، والوِزر والوَزَر واحد، يبسط الرجل
ثوبه فيجعل فيه المتاع فيقال له: أحمِلْ وِزْرك، ووَزَرك، ووِزرَتك.
(تَبْتَغِى نَفَقاً
فِي اْلأَرْضِ) (35) يريد أهوِية ومنه نافقاء اليربوع الجحر الذي ينفق منه فيخرج
ينفق نَفقاً مصدر.
(أَوْ سُلَّماً فِي
السَّمَاءِ) (35) أي مَصعداً، قال ابن مُقْبل:
لا تُحْرِز المرءَ
أحجاءُ البلاد ولا ... تُبُنَى له في السموات السَلاليمُ
(لَوْلاَ نُزّلَ
عَلَيْهِ) (37) مجازها: هلاَّ نزل عليه، قال:
تعدّون عَقْرَ النِّيب
أفْضَل مَجْدكم ... بنى ضَوْطرَى لولا الكمىَّ المقُنَّعَا
أي فهلا تعدّون
الكمِيَّ.
(وَلاَ طَائِرٌ
يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ) (38) مجازه: إلا أجناس يعبدون
الله، ويعرفونه، ومَلكٌ.
(مَا فَرَّطْنَا فِي
الكِتبِ مِنْ شَيْءٍ) (38) مجازه: ما تركنا ولا ضيّعنا ولا خلقنا.
(صُمُّ وَبُكْمٌ فِي
الظُّلُمَاتِ) (39) مثل للكفار، لأنهم لا يسمعون الحق والدين وهم قد يسمعون غيره،
وبُكْمٌ لا يقولونه، وهم ليسوا بخرُسٍ.
(بِالْبَأسَاءِ) (42)
هي البأس من الخوف والشر والبؤسِ.
(والضَّرَّاءِ) (42)
من الضُّرّ.
(بَغْتَةً) (44) أي
فجأة، يقال: بغَتَنى أي فاجأَني.
(فَإِذَا هُمْ
مُبْلِسُونَ) (44) المُبلِس: الحزين الدائم، قال العجّاج:
يا صاح هل تعرف
رَسْماً مُكْرَسا ... قال نعم أعرفه وأَبلَسَا
وقال رؤبة:
وحضَرت يوم خَمِيس
الأخْمَاسْ ... وفي الوجوه صُفْرةٌ وإبلاسْ
أي اكتِئاب وكسوف
وحزن.
(فَقُطِع دَابِرُ
القَوْمِ) (45) أي آخر القوم الذي يدبرهم.
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ
إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَركُمْ) (46) مجازه: إن أَصم اللهُ أسماعكم
وأَعمى أبصاركم، تقول العرب: قد أخذ الله سمعَ فلانٍ، وأخذ بصر فلانٍ.
(ثمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ)
(46) مجازه: يُعرِضون، يقال: صَدف عني بوجهه، أي أعرض.
(إِنْ أَتَاكُمْ
عَذَابُ اللهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً، (47) مجاز بغتة: فجأة وهم لا يشعرون. (أو
جهرة) أي: أو علانية وهم ينظرون.
(وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ
الآيَاتِ) (55) أي نميزها ونبيّنها. قال يزيد ابن ضَبّة في البغتة:
ولكنّهم بانوا ولم
أَدر بَغْتةً ... وأفظعُ شيءٍ حين يفجَؤُك البَغْتُ
(قَدْ ضَللْتُ) (56)
تضِلّ تقديرها: فررَت تفِرّ وضَلِلت تَضَلّ، تقديرها: ملِلت نمَلّ، لغتان.
(عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ
رَبِّي) (57) أي بيان، وقال:
أَبَيِّنَةً تبغونَ
بعدَ اعترافِهِ ... وَقوْل سُوَيْدٍ قَدْ كَفَيْتُكُمُ بشِرا
أي: بياناً.
(جَرَحْتُمْ
بِالنَّهَارِ) (60) أي كسبتم.
(وَهُمْ لاَ
يُفَرِّطُونَ) (61) أي: لا يتوانون ولا يتركون شيئاً، ولا يُخلفونه ولا يغادرون.
(رُدُّوا إِلَى اللهِ
مَوْلاَهُمُ الْحَقّ) (62) مجازه: مولاهم ربهم.
(تَضَرُّعاً
وَخُفْيَةً) (63) أي: تُخفُون في أنفسكم.
(أَوْ يَلْبِسَكُمْ
شِيَعاً) (65) يخْلِطَهم، وهو من الالتباس؛ و(شِيَعاً): فِرقاً، واحدتها: شيعة.
(الذِّكْرَى) (68)
والذِّكرُ واحد.
(أَنْ تُبْسَلَ
نَفْسٌ) (70) أي: تُرْتَهن وتسلم، قال عَوْف ابن الأحْوَص بن جعفر:
وَإبْسَالِي بَنِيَّ
بِغَيْرِ جُرْمٍ ... بعوْنَاهُ وَلاَ بِدَمٍ مُرَاقِ
بعوناه، أي: جنيناه،
وكان حَمل عن غنيٍّ لبنى قُشَيْرٍ دمَ ابنى السَّجَفِيّة، فقالوا: لا نرضى بك،
فرهنهم بنيه، قال النابغة الْجَعْدِيُّ:
وَنحنُ رَهَنَّا
بالاُفَاقَةَ عَامِراً ... بما كان في الدَّرْدَاء رَهْناً فأُبْسِلاَ
وقال الشَّنْفَرَي:
هنَالك لا أَرْجو
حياةً تَسُرُّنيِ ... سَمِيرَ الليالي مُبْسَلا بالجزائرِ
أي أبد الليالي.
وكذلك في آية أخرى: (أُوَلئِكَ الّذِينَ أُبْسِلُوا) (70).
(وَإنْ تَعْدِلْ كُلَّ
عَدْلٍ لاَ يُؤْخَذْ مِنْهَا) (70) مجازه: إنْ تقسط كل قِسْطٍ لا يُقْبَل منها.
لأنّما التوبةُ في الحياة.
(وَنرَدُّ عَلَى
أَعْقَابِنَا) (71) يقال: رُدَّ فلان على عقيبيه، أي رجع ولم يظفر بما طلب ولم يصب
شيئاً.
(كَالَّذِي
اسْتهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ) (72)؛ وهو: الحيران الذي يشبّه له الشياطين فيتبعها
حتى يهوى في الأرض فيضلَّ.
(يَوْمَ يُنْفَخُ فِي
الصُّورِ) (73) يقال إنها جمع صورة تنفخ فيها روحها فتحيا، بمنزلة قولهم: سور
المدينة واحدتها سورة، وكذلك كل ما عَلا وارتفع، كقول النابغة:
ألم ترَ أنَّ اللهَ
أعطاك سورةً ... ترَى كلَّ مَلْكٍ دونَهَا يَتذَبذَبُ
وقال العَجَّاج:
فَرُبَّ ذي سُرَادقٍ
محجورِ ... سِرْتُ إليهِ فِي أعالي السُّورِ
ومنها: سَورة المجد
أعاليه؛ وقال جرير:
لمَّا أَتَى خَبَرُ
الزُّبَيْرِ تَوَاضَعَتْ ... سورُ المدينة والْجِبَالُ الْخُشَّعُ
(مَلَكُوتَ
السَّمَوَاتِ) (75) أي: مُلْك السموات، خرجت مخرج قولهم في المثل: رَهبوت خيرٌ من
رَحموت، أي: رَهْبة خير من رَحْمَة.
(فَلَمَّا جَنَّ
علَيْهِ اللَّيْلُ) (76) أي: غَطَّىَ عليه وأظلم عليه، ومصدره، جنّ الليلُ جنوناً،
قال دريد بن الصِّمًّة:
ولو لا جنونُ الليل
أدْرَكَ رَكْضنَا ... بذي الرِّمْثِ والأَرْطَي عِيَاض بن نَاشِب
وبعضهم ينشده: ولولا
جِنَان الليل، أي غطاؤه وسواده، وما جنَّكَ من شيء فهو جنان لك، وقال سَلامة بن
جنْدَل:
ولولا جنانُ الليل ما
آبَ عامرٌ ... إلى جعفرٍ سِرْباله لم يُمَزَّقِ
قال ابن أحْمَر يخاطب
ناقته:
جَنَانُ المسلمين
أوَدُّ مَسَّا ... وإنْ جاورت أسَلَم أوْ غِفَارا
أي: سوادهم،
يقول: دخولك في المسلمين أودّ لك (فَلَمَّا أَفَلَ) (76) أي غاب؛ يقال: أين أفلتَ
عنا، أي أين غبت عنا، وهو يأفِل مكسورة الفاء، والمصدر: أفل أفولاً كقوله:
وإذَا مَا
الثُّرَيَّا أحَسَّتْ أُفُولا
أي: غيبوبة. قال ذو الرُّمَّة:
مَصَابيحُ ليست
باللواتي تقُودُها ... نُجُومٌ ولا بالآفِلاَتِ الدَّوَالِكِ
(لاَ أُحِبُّ
الآفِليِنَ) (76) أي من الأشياء، ولم يقصد قصدَ الشمس والقمر والنجوم فيجمعها على
جميع الموات.
(فَلَمَّا رَأَى
الْقَمَرَ بَازِغاً) (77) أي طالعاً.
(مَا لَمْ يُنَزِّلْ
بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً) (81) أيِ ما لم يجعل لكم فيه حجة، ولا برهاناً، ولا
عذراً.
(وَاجْتَبَيْنَاهُمْ)
(87) أي اخترناهم، يقال: اجتبي فلان كذا لنفسه، أي اختار.
(فَقَدْ وَكَّلْنَا
بِهَا قَوْماً) (89) أي فقد رزّقناها قوماً.
(وَمَا قَدَرُوا اللهَ
حَقَّ قَدْرِهِ) (91) أي ما عرفوا الله حقَّ معرفته.
(تُجْزَوْنَ عَذَابَ
الْهُونِ) (93) مضموم، وهو الهَوَان، وإذا فتحوا أوله، فهو الرفق والدَّعة.
(فُرَدَى) (94) أي
فرداً فرداً.
(تَقَطَّعَ
بَيْنُكُمْ) (94) أَي وَصُلكم مرفوع؛ لأن الفعل عمل فيه، كما قال مُهَلْهِل:
كأنَّ رِماحهمْ
أشطانُ بئرٍ ... بعيدٍ بَيْنُ جالَيْهَا جَرورِ
(وَجَاعِلُ اللَّيْل
سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) (96) منصوبتين، لأنه فرق بينهما وبين الليل
المضاف إلى جاعل قولُه: (سَكَناً)، فأعملوا فيهما الفعل الذي عمل في قوله: سكناً،
فنَصبوهما كما أخرجوهما من الإضافة، كما قال الفرزدق:
قُعُوداً لَدَى
الأَبْوَاب طالبَ حاجةٍ ... عَوَانٍ من الحاجاتِ أوْ حاجةٍ بِكرا
(وَالشَّمْسَ
وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً) (96)، وهو جميع حساب، فخرج مخرج شهاب، والجميع شُهْبَان.
(فَمُسْتَقرٌّ
وَمُسْتَوْدَعٌ) (98) مستقرٌّ في صلب الأب، ومستودع في رحم الأم.
(قِنْوَانٌ) (99). القِنْو هو العِذْق، والاثنان: قِنْوَانِ، النون مكسورة، والجميع قِنْوَانٌ
على تقدير لفظ الاثنين، غير أن نون الاثنين مجرورة في موضع الرفع والنصب والجر،
ونون الجميع يدخله الرفع والجر والنصب، ولم نجد مثله غير قولهم صِنْوٌ، وصِنْوَان،
والجميع صِنْوَانٌ.
(وَيَنْعِهِ إنَّ فِي ذَلِكُمْ)
(99)، يَنعه: مصدر من ينَع إذا أينع؛ أي: من مَدركه، واحده يانع والجميع يَنْع،
بمنزلة تاجر والجميع تَجْر، وصاحب والجميع صَحْب، ويقال: قد ينَعَ الثمرُ فهو
يَيْنَعَ ينوعاً، فمنه اليانع؛ ويقال: قد ينعت الثمرة وأينعت لغتان، فالآية فيها
اللغتان جميعاً، قال:
فِي قِبَابٍ حَوْلَ
دَسْكرَةِ ... حَوْلَهَا الزيتون قدْ يَنَعَا
(وَخَرَقُوا لَهُ
بَنيِنَ وَبَنَاتٍ) (100) افتعلوا لله بنين وبنات وجعلوها له واختلقوه من كفرهم
كذباً.
(بَدِيعُ السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضِ) (101) أي مُبتدع.
(عَلَى كُلِّ شَيْءِ
وَكِيلٌ) (102) أي حفيظ ومحيط.
(قَدْ جَاءَكُمْ
بِصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ) (104) واحدتها بصيرة، ومجازها: حجح بّينة واضحة ظاهرة.
(دَارَسْتَ) (105) من
المدارسة، و(دَرَسْتَ) أي امتحنت.
(فَيَسُبُّوا اللهَ
عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ) (108) عدواً أي اعتداءً.
(وَمَا يُشْعِرُكُمْ)
(109) أي ما يُدْرِيكم.
(إِنَّهَا إِذَا
جَاءَتْ) (109) ألف (إنها) مكسورة على ابتداء (إنها)، أو تخبير عنها؛ ومن فتح ألف
(أنها) فعلى إعمال (يُشعركم) فيها، فهي في موضع اسم منصوب.
(وَحَشَرْنَا
عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً) (111) ومجاز (حَشَرْنَا)، سُقنا وجمعنا؛ (قُبُلاً) جميع، قبيل قبيل؛ أي: صنف صنف؛
ومن قرأها (قِبَلاً)؛ فإنه يجعل مجازها عياناً، كقولهم: (من ذي قِبَل)، وقال آخرون
(قُبُلاً) أي مقابلة، كقولهم: (أقبَلَ قُبُلَهُ، وسقاها قُبُلاً، لم يكن أعدَّ لها
الماء، فاستأنفتْ سقيها، وبعضهم يقول: (منْ ذيِ قَبَلٍ).
(زُخْرُفَ الْقَوْلِ
غُرُوراً) (112) كل شيء حسّنته وزيَّتته وهو باطل فهو زُخرف؛ ويقال: زَخرَف فلان
كلامَه وشهادتَه.
(وَلِتَصْغَى إلَيْهِ
أَفْئِدَةُ الَّذِينَ) (113) من صغوت إليه أي مِلْت إليه وهويته؛ وأصغيت إليه لغة،
قال ذو الرمة:
تُصْغِى إذا شدَّها
بالرَّحْل جانِحَةً ... حتى إذا ما استَوَى في غَرْزِها تَثِبُ
(وَلِيَقْتَرِفُوا مَا
هُمْ مُقْتَرِفُونَ) (113) مجاز الاقتراف القِرفة والتُّهمة والإدعاء. ويقال:
بئسما اقترفت لنفسك، قال رؤبة:
أعيَا اقتراف
الكَذِبِ المقروفِ ... تَقْوَى التَقِيّ وعِفّةُ العفيفِ
يقال: أنت قِرفتى،
وقارفت الأمر أي واقعته.
(يَخْرُصُونَ) (116)
أي: يظنون ويوقعون، ويقال: يتخرص، أي يتكذب.
(أَكَبِرَ
مُجْرِمِيهَا) (123) أي العظماء.
(لِيَمْكُرُوا فِيهَا)
(123) مصدره المكر، وهو الخديعة والحيلة بالفجور والغَدْو والخِلاف.
(صَغَارٌ) (124)
الصغار: هو أشدّ الذُّلّ.
الرجز و(الرِّجْسَ)
(125) سواء، وهما العذاب.
(وَمَا أَنْتُمْ
بِمُعْجِزِينَ) (134) أي فائتين، ويقال: أعجزني فلان فاتني وغلبني وسبقني، وأعجز
مني، وهما سواء.
(اعْمَلُوا عَلَى
مَكَانَتِكُمْ) (135) أي على حِيالكم وناحيتكم.
(ذَرَأَ) (136) بمنزلة
بَرَأَ، ومعناهما خلق.
(حِجْرٌ) (138( أي
حرام، قال المُتَلَمِّسِ:
حَنَّتْ إلى
النَّخْلة القُصْوَى فقلتُ لها ... حِجْرٌ حرامٌ ألا ثمَّ الدَّهاريسُ
الدهاريس: الدواهي.
(جَنَّاتٍ
مَعْروُشَاتٍ) (141) قد عُرش عِنبها.
(وَغَيْرَ
مَعْروُشَاتٍ) (141) من سائر الشجر الذي لا يعرش، ومن النخل.
(كلُوا مِنْ ثَمَرِهِ
إذَا أَثْمَرَ) (141) جميع ثمرةن ومن قرأها: (مِنْ ثُمُرِهِ) فضمَّها، فإنه يجعلها
جميع ثَمَر.
(حَمُولَةً وَفَرْشاً)
(143) أي ما حملوا عليها، والفرش: صِغار الإبل لم تُدْرِك أن يُحمَل عليها.
(أَوْ دَماً
مَسْفُوحاً) (145) أي مُهرَاقاً مصبوباً، ومنه قولهم: سَفح دمعى، أي: سال قال
الشاعر:
هاج سَفْحُ دُمُوعِي
... ما تُحِنَّ مُلوعِي
(قُلْ هَلُمَّ
شُهَدَاءَكُمْ) (150): هَلَّم في لغة أهل العالية للواحد والاثنين والجميع من
الذكر والأنثى سواء.
قال الأعشى:
وكان دَعَا قومهُ
بعدَها ... هَلُمَّ إلى أمْركم قد صُرِمْ
وأهل نجد يقولون
للواحد هَلمّ، وللمرأة هَلمِّى، وللاثنين هَلمَّا، وللقوم: هَلمُّوا،
وللنساء هَلُمْنَ، يجعلونها من هَلممتُ وأهل الحجاز لا يجعلون لها فِعْلاً.
(وَلاَ تَقْتُلُوا
أَوْلاَدَكُمْ مِنْ إمْلاَقٍ) (151) من ذَهاب ما في أيديكم؛ يقال: أملق فلان، أي
ذهب ماله، واحتاج، وأقفرَ مثُلها.
(مِلَّةَ إبْرَاهِيمَ
حَنِيفاً) (161) أي دين إبراهيم؛ يقال من أيّ ملّة أنت، وهم أهل مِلتك.
(وَنُسِكى
وَمَحْيَايَ) (162) وهو مصدرُ نسكتُ، وهو تقربت بالنسائك، وهي النسيكة، وجمعها
أيضا نُسُك متحركة بالضمة.
(خَلاَئِفَ اْلأًرْضِ)
(165): واحدهم: خليفة في الأرض بعد خليفة، قال الشَّماخ وهو الرجل المتكبر:
تُصِيبهم وتُخطئُنِي
المنَايا ... وأخلُفُ في ربوع عن رُبوع
الربع: الدار والجميع
ربوع، والرَّبع أيضاً: قبيلة، قال: يقال رجل من ربعه يعنى من قبيلته.
بسم الله الرحمن
الرحيم
سورة الأعراف(آلمص):
(1) ساكن لأنه جرى مَجرى سائر فواتح السور اللواتي جريْن مجرى حروف التّهجِّي،
وموضعه ومعناه على تفسير سائر ابتداء السور.
(كِتَابٌ أُنْزِلَ
إِلَيْكَ) (2) رفع من موضعين؛ أحدهما: أنزل إليك كتاب، والآخر على الاستئناف.
(فَلاَ يَكُنْ): (2)
ساكن لأنه نهىٌ (فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ) أي ضيق.
(بَيَاتاً): أي ليلا؛
بيّتهم بياتاً وهم نيام.
(أَوَهُمْ قَائُلونَ)
(3): أي نهاراً إذا قالوا.
(فَمَا كَانَ
دَعْوَاهُمْ) (4): لها موضعان؛ أحدهما قولهم ودعواهم، والآخر ادِّعاؤهم.
(مَا مَنَعَكَ أَلاَّ
تَسْجُدَ) (11) مجازه: ما منعك أن تسجد، والعرب تضع لا في موضع الإيجاب وهي من
حروف الزوائد، قال أبو النجم:
فما ألُوم البِيضَ
ألاّ تَسْخرا ... ممّا رأين الشَمطَ القفَنْدرا
أي ما ألوم البيض أن
يسخرن، القفندر: القبيح السَّمِج، وقال الأحْوَص:
ويَلْحَيْنَني في
اللَّهْو أَلاَّ أحبّه ... ولِلّهو داعٍ دائبٌ غير غافلِ
أراد: في اللهو أن
أُحبه، قال العجاج:
في بئر لا حورٍ سَرَى
وما شَعَرْ
الحور: الهلكة،
وقوله لا حور: أي في بئر حور، ولا في هذا الموضع فضل (اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءومُاً)
وهي من ذأمت الرجلَ، وهي أشد مبالغة من ذممت ومن ذِمت الرجل تذيم، وقالوا في
المثل: لا تَعْدَم الحسناءُ ذَاماً، أي ذماً، وهي لغات.
(مَدْحوراً) (17) أي
مُبعَداً مُقصىً، ومنه قولهم: ادحرْ عنك الشيطان، وقال العجّاج:
فأَنْكَرَتْ ذا
جَمّةٍ نمَيراً ... دَجْرَ عِراكٍ يَدْجَر المدحورا
(وَقَاسَمُهما) (20)
أي حالفهما، وله موضع آخر في موضع معنى القسمة.
(سَوْءَاتُهُمَا) (21)
كناية عن فرجيهما.
(وَطَفِقَا
يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا) (21) يقال؛ طفقت أَصْنع كذا وكذا كقولك: ما زلت أصنع ذا
وظللت، ويخصفان الورق بعضه إلى بعض.
(وَمَتَاعٌ إِلَى
حِينٍ) (23) إلى وقت يوم القيامة، وقال:
وما مزاحك بعد الحِلم
والدِّين ... وقد علاك مَشيبُ حينَ لاحين
أي وقت لا وقت.
(وَرِيَاشاً) (25) الرياش والريش واحد)، وهو ما ظهر من اللباس والشارة وبعضهم يقول: أعطاني
رجلاً بريشه أي بكسوته وجهازه وكذلك السرج بريشه، والرياش أيضاً: الخِصْب
والمعاش.
(إِنَّهُ يَرَاكُمْ
هُوَ وقَبِيلُه) (26) أي وجيلُه الذي هو منه.
(كَمَا بَدَأَكُمْ
تَعودُونَ فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهم الضَّلالَةُ) (28،29) نصبهما
جميعاً على إعمال الفعل فيهما أي هَدَى فريقاً ثم أشرك الآخر في نصب الأول وإن لم
يدخل في معناه؛ والعرب تُدخل الآخر المشرَك بنصب ما قبله على الجوار وإن لم يكن في
معناه، وفي آية أخرى (يُدْخِلُ مَنْ يشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ والظَالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً
أَلِيماً) (7631) وخرج فعل الضلالة مذكراً والعرب تفعل ذلك إذا فرَّفوا بين الفعل
وبين المؤنثة لقولهم: مضى من الشهر ليلة.
(حَتَّى إِذَا
ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعاً) (37) أي اجتمعوا فيها، ويقال تداركَ لي عليه شئ أي
اجتمع لي عنده شئ، وهو مدغم التاء في الدال فثقّلت الدال.
(عذَاباً ضِعْفاً)
(37) أي عذابين مضعف فصار شيئين.
(في سَمِّ الخِيَاطِ)
(39) أي في ثقب الإبرة وكل ثقب من عين أو أنف أو أذن أو غير ذلك فهو سَمّ والجميع
سموم.
(لَهُمْ مِنْ
جَهَنَّمَ مِهَادٌ) أي فراش وبساط ولا تنصرف جهنم لأنه اسم مؤنثة على أربعة أحرف.
(وَمِنْ فَوْقِهِمْ
غَوَاشٍ) واحدتها غاشية وهي ما غشاهم فغطاهم من فوقهم (لاَ نُكلِّفُ نَفْساً
إِلاَّ وُسْعَهَا) (21): طاقتها، يقال لا أسع ذلك.
(وَعَلَى الأَعْرَافِ
رِجَالٌ يَعْرِفُونَ) (45) مجازها: على بناء سورٍ لأن كل مرتفع من الأرض عند العرب
أعراف، قال:
كل كِناز لَحْمه
نِياف ... كالعَلَم المُوفِى على الأعرافِ
وقال الشَّمَّاخ:
وظَلَّتْ بأَعرافٍ
تفالى كأنها ... رِماحٌ نَحاها وِجْهَة الرِّيح راكزُ
أي على نَشْزٍ:
(بِسِيماهُمْ) (45) منقوصة، والمعنى: بعلاماتهم.
(وَإِذَا صُرِفَتْ
أَبْصَارهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ) (46) أي حيال أصحاب النار، وفي آية
أخرى (تِلْقَاءِ مَدْيَن) (2822) أي حِيال مَدْيَن وتجاهه.
(فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ)
(50) مجازه: نؤخرهم ونتركهم، (كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا) (50) أي كما
تركوا أمر ربهم وجحدوا يوم القيامة.
(هَل يَنْظُرُونَ
إِلاَّ تَأوِيلَهُ) (52) أي هل ينظرون إلاّ بيانه ومعانيه وتفسيره.
(خَسِرُوا
أَنْفُسَهُمْ) (52) مجازه: غبنوا أنفسهم وأهلكوا قال الأعشى:
لا يأخذ الرّشوة في
حُكْمه ... ولا يُبالِي غبنَ الخاسِرِ
(إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ
قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (55) هذا موضع يكون في المؤنثة والثنتين والجميع
منها بلفظ واحد ولا يُدخلون فيها الهاء لأنه ليس بصفة ولكنه ظرف لهن وموضع، والعرب
تفعل ذلك في قريب وبعيد قال:
فإن تمس ابنةُ
السَّهمىّ منا ... بعيداً لا نكلّمها كلاما
وقال الشَّنْفَرَي:
تؤرُقني وقد أَمست
بعيداً ... وأصحابي بِعَيْهَمَ أو تَبالهْ
فإذا جعلوها صفة في
معنى مقتربة قالوا: هي قريبة وهما قريبتان وهن قريبات.
(يُرْسِلُ الرِّيَاحَ
نُشُراً) (56) أي متفرقة من كل مهب وجانب وناحية.
(أقَلَّتْ سحَاباً) أي
ساقت.
(لاَ يُخْرِجُ إِلاَّ
نَكِداً) (57) أي قليلاً عسراً في شدة قال:
لا تنجِز الوعَد إن
وعدتَ وإن ... أعطيتَ اعطيتَ تافِهاً نَكِدا
تافِه: قليل.
(آلاّءَ اللهِ) (68)
أي نعم الله، وواحدها في قول بعضهم ألى تقديرها قفاً، وفي قول بعضهم إلى تقديرها
مِعَي.
جعل الأعشى واحدها
إلى خفيف فقال:
أبْيَضَ لا يَرْهَبُ
الهذالَ ولا ... يَقطُع رُحْماً ولا يخون إِلا
(رجْسٌ) (70) أي عذاب
وغضب.
(وَبَوّأَكُمْ) (73)
أي أنزلكم قال ابن هَرْمَة:
وبُوّئِتْ في صَمِيم
مَعْشَرها ... فتَمَّ في قومها مبوَّؤُها
وزوّجكم.
(وَعَتَوْا عَنْ
أَمْرِ رَبِّهِمْ) (76) أي تكبروا وتجبروا، يقال جبّار عاتٍ.
(جَاثمينَ) (77) أي
بعضهم على بعض جثوم، وله موضع آخر جثوم على الرُّكَب، قال جرير:
عرفتُ المُنتَأى
وعرفتُ منها ... مَطايا القِدر كالحدأ الجثومِ
(امْرَأَتهُ كانَتْ
مِنَ الغَابِرينَ) (582) أي كانت قد غبرت من كبرها في الغابرين، في الباقين حتى
هرَموا وهَرِمت وهي قد أُهلكت مع قومها فلم تغْبر بعدهم فتَبقَى ولكنها كانت قبل
ذلك من الغابرين، وجعلها من الرجال والنساء وقال: من الغابرين، لأن صفة النساء مع صفة الرجال تُذكَّر إذا أشرك بينهما
وقال العجاج:
فما وَنَى محمدٌ مُذْ
أنْ غَفَرْ ... له الإلهُ ما مَضَى وما غَبَرْ
أي ما بقى وقال
الأعشى:
عَض بما أبقَى
الموَاسِي له ... مِن أمّه في الزّمَن الغابِرِ
ولم يخْتَّنْ فيما
مضى فبقى من الزمن الغابر أي الباقي ألا ترى أنه قد قال:
وكنَّ قد أَبقين منها
أذَىً ... عند الملاقِى وافر الشافِرِ
(وَلا تّبخَسُوا
النَّاسَ أَشْيَاءَهُم) (84) مجازه: لا تظلموا الناس حقوقهم ولا تنقصوها وقالوا في
المثل: (نحسبها حمقاء وهي باخسة) أي ظالمة.
(تَبْغُونَهَا
عِوَجاً) (85) مكسورة الأول مفتوح ثاني الحروف وهو الإعوجاج في الدين وفي الأرض،
وفي آية أخرى:
(لاَ تَرَى فِيهَا
عِوَجاً ولا أمْتاً) (20107) والعِوج إذا فتحوا أوله والحرف الثاني فهو الميل فيما
كان قائماً نحو الحائط والقناة والسِّن ونحو ذلك.
(افْتَحْ بَيْنَنَا
وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالَحْقِّ) (88) أي احكم بيننا. قال: والقاضي يقال له الفتاح،
قال:
ألا أبلغْ بنى عُصْمٍ
رسولا ... بأني عن فتاحتكم غَنِىُّ
وهو لبعض مُراد.
(الرَّجْفَةُ) (90):
مِن رجفت بهم الأرض أي تحركت بهم.
(كَأَنْ لَمْ
يَغْنَوْا فِيهَا) (91) أي لم ينزلوا فيها ولم يعيشوا فيها، قال مُهَلْهل
غَنِيتْ دارنا
تِهَامَة في الده ... ر وفيها بنو مَعدٍّ حُلُولا
وقولهم مغاني الديار
منها، واحدها مَغنىً قال:
أتعرف مَغنَى دِمْنةٍ
ورُسُومِ
(فَكَيْفَ آسَى) (92)
أي أحزن وأتندم وأتوجع، ومصدره الأسى، وقال:
وانحلبتْ عيناه من
فَرْط الأسَى
(حَتَّى عَفَوْا) (94)
مجازه: حتى كثروا، وكذلك كل نبات وقوم وغيره إذا كثروا: فقد عَفَوا، قال لبيد:
فلا تتجاوزُ
العَطِلاتِ منها ... إِلى البكرِ المُقارِبِ والكَرُومِ
ولكنّا نُعِضُّ
السَّيفَ منها ... بأَسْوُقِ عافِياتِ اللَّحْمِ كُومِ
أي كثيرات اللحم
(الضَّرَّاءُ والسَّرَّاءُ) (94) أي الضُّرّ، والسُّرّ وهو السرور.
(لَفَتَحْنَا
عَليْهِمْ) (95) أي لأنزلنا عليهم.
يقال: قد فتح الله
على فلان ولفلان، وذلك إذا رُزق وأصاب الخير وأقبلت عليه الدنيا؛ وإذا ارتج على
القارئ فتحت عليه فلقنته.
(أَوْ لَمْ نَهْدِ
لِلَّذِينِ) (99) مجازه: أو لم نبين لهم ونوضح لهم.
(وَنَطْبَعُ على
قُلُوبِهِمْ) (96) مجازه: مجاز نختم.
(وَمَا وَجَدْنَا
لأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ) (101) مجازه وما وجدنا لأكثرهم عهداً أي وفاء ولا
حفيظة؛ ومن من حروف الزوائد وقد فسرناها في غير هذا الموضع.
(وَإِنْ وَجَدْنَا
أَكْثَرَهُم لَفَاسِقِينَ) (101): أي لكافرين، ومجازه: إنْ وجدنا اكثرهم إلاّ
فاسقين، أي ما وجدنا، وله موضع آخر أن العرب نؤكد باللام كقوله:
أُمُّ الحُلَيْسِ
لعجوز شَهْرَ بْه
(فَظَلمُوا بِهَا)
(101) مجازه: فكفروا بها.
(حَقِيقٌ عَلَىَّ أَنْ
لا أَقُولَ) (104): مجازه: حق علىّ أن لا أقول إلاَّ الحقَّ، ومن قرأها (حَقِيقُ
عَلَى أنْ لاَ أَقُولُ ولم يضف على إليه فإنه يجعل مجازه مجاز حريص على أن لا أقول،
أو فحق أن لا أقول.
(ثُعْبَانٌ مُبِين)
(106) أي حية ظاهرة.
(ونَزَعَ يَدَهُ)
(107) أخرج يده (فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ) (107) من غير سوء، ولكنها كانت آية لأنه
كان آدَمَ.
(أَرْجِهْ وَأَخَاهُ)
(110) مجازه: أخِّره.
(إنَّ لَنَا لأَجْراً)
(113) ثواباً وجزاءً، واللام المفتوحة تزاد توكيداً.
(سَحَرُوا أَعْيُنَ
الناسِ) (1159 أي غَشّوا أعين الناس وأخذوها.
(واسْتَرْهَبُوهُمْ)
(115) وهو من الرهبة مجازه: خوفوهم.
(تَلْقفُ ما
يَأفِكُونَ) 0116) أي تَلْهمُ ما يسحرون ويكذبون أي تَلْقُمه.
(أَفْرِعْ عَلَيْنَا)
(125) أنزل علينا (قَالَ عَسى رَبُّكُمْ) (128) وعسى من الله عز وجل في كل القرآن
أجمع واجبة.
(وَلَقَدْ أَخَذْنَا
آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِين) (129) مجازه ابتليناهم بالجدوب في آل فرعون أهل دين
فرعون وقومه.
(أَلاَ إنَّمَا
طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ) (130) مجازه: إنما طائرهم، وتزاد ألا للتنبيه والتوكيد،
ومجاز طائرهم: حظهم ونصيبهم.
(الطُّوفَانَ) (132)
مجازه من السيل: البُعاقُ والدُّباش وهو دُباش شديد سيله، ومن الموت الذريع
المبالغ السريع.
(والقُمَّلَ) (132)
عند العرب هو الحَمنان، والحمنان: ضرب من الفِردان واحدتها حمنانة.
(الرَّجْزُ) (133)
مجازه: العذاب.
(بِمَا عَهِدَ
عِنْدكَ) (133) مجازه: أَوصاك وأَعلمك.
(فِي الْيَمِّ) (135)
أي في البحر، قال:
كباذِخِ اليَمِّ
سَقاه اليَمُّ
(يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ
وَقَوْمُهُ ومَا كَانُوا يَعْرِشُونَ) (136) مجازه: يبنون وبَعِرش ويَعُرش لغتان،
وعَريش مكَّة: خِيامها.
(وَجَاوَزْنَا بِبنَي
إسْرَائِيلَ البَحْرَ) (137) مجازه: قطعنا.
(يَعْكُفُونَ) (137)
أي يقيمون، ويَعكفِون لغتان.
(مُتَبَّرٌ مَنُهمْ
فيه) (138) أي مبيَّتٌ ومُهَلك.
(أَبْغِيكُمْ إلها)
(139) أي أَجعل لكم.
(جَعَلَهُ دَكّاً)
(142) أي مستوياً مع وجه الأرض، وهو مصدرٌ جعله صفة، ويقال: ناقة دكَّاء أي ذاهبةُ
السَّنام مستوٍ ظهرها أملسُ، وكذلك أرض دكَّاء، قال الأغْلَب:
هل غير غارٍ دَكَّ
غاراً فانهدمْ
(لَهُ خُوَارٌ) (147)
أي صوت كخوار البقر إذا خار، وهو يخور.
(وَلَّمَا سُقِطَ في
أَيْدِيهِمْ) (148) يقال لكل من ندم وعجز عن شئ ونحو ذلك: سُقط في يد فلان.
(غَضْبَانَ أَسِفاً)
(149) من شدة، يقال: أسِفَ وعَنَد وأَضِمَ، ومن شدّة الغضب يتأسف عليه أي يتغيظ.
(وَلَّمَا سَكَتَ عَنْ
مُوسَى الْغَضَبُ) (153) أي سكن لأن كل كافٍ عن شئ فقد سكت عنه أي كف عنه وسكن،
ومنه: سكت فلم ينطق.
(واخْتَارَ مُوسى
قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً) (154) مجازه: اختار موسى من قومه. ولكن بعض العرب
يجتازون فيحذفون من، قال العجاج:
تحت التي اختار له
اللهُ الشَّجَرْ
أي تحت الشجرة التي
اختار له الله من الشجر.
(إِنَّا هُدْنَا
إلَيْكَ) (155) مجازه: إنا تبنا إليك هو من التهويد في السير تَرُفقُ به وتعرجُ
وتَمْكُثُ.
(الْمَنَّ) شئ يسقط
على الشجر.
(والسَّلْوَى) (12)
طائر يظنون أنه السُّمَّاني، والسَماني أيضاً مخفف، وله موضع آخر لكل شئ سلا عن
غيره، ومنه السلوان قال:
لو أَشرَبُ
السُّلوانَ ما سَلِيتُ
وعلى التخفيف:
(سُمانَي لُبادَي)، تقول الصبيان إذا نصبوا له يستدرجونه: سُماني لُبادَي أي يلبد
بالأرض أي لا يبرح.
(أَسْبَاطاً) الأسباط
(159) قبائل بنى إسرائيل واحدهم سَبْط يقال: من أي سبط أنت، أي من أي قبيلة وجنس.
قال أبو عبيدة:
(فَانْبَجَسَتْ) (159) أي انفجرت.
(إذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ)
(162) إذ يتعدّون فيه عما أمروا به ويتجاوزونه (شُرَّعاً) (162) أي شوارع.
(بِعَذَابٍ بَئيسٍ)
(164) أي شديد. قال ذو الإصْبَع العَدْوانيّ
أان رأيت بني أبي ...
ك مجمَّحين إليكِ شُوسا
حَنَقاً علىّ وما ترى
... لي فيهم أثَراً بئِيسا
(قِرَدَة خَاسِئِينَ) (165)
أي قاصين مُبْعَدِين، يقال: خسأته عنى وخسأ هو عني.
(وَإذْ تَأَذَّنَ
رَبُّكَ) (166) مجازه: وتأذن ربك، مجازه: أمر وهو من الإذن وأَحلّ وحرّم ونَهَى.
(وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي
الأَرْضِ أُمَماً) (167) أي فرَّقناهم فِرَقاً.
(فَخَلَفَ مِنْ
بَعْدِهِمْ خَلْفٌ) (168) ساكن ثاني الحروف، وإن شئت حركت الحرف الثاني وهما في
المعنى واحد كما قالوا: أثْر وأثَر، وقوم يجعلونه إذا سكَّنوا ثاني حروفه إذا
كانوا مشركين، وإذا حركوه جعلوه خَلفاً صالحاً.
(عَرَضَ هذا
الأَدْنَى) (168) أي طمع هذا القريب الذي يعرض لهم في الدنيا.
(وَدَرَسُوا مَا
فِيهِ) (168) مجازه: من دراسة الكتب ويقال: قد درست إمامي أي حفظته وقرأته، يقال:
ادْرُسْ على فلان أي اقرأ عليه.
(وإِذْ نَتَقْنَا
الجَبَلَ فَوْقَهُمْ) (170) أي رفعنا فوقهم، وقال العجّاج:
يَنُتق أقتاد الشّليل
نَتْقا
أي يرفعه عن ظهره،
وقال رؤبة:
ونَتَقوا أحلامنا
الأثاقِلا
(أَخْلدَ إِلَى
الأرْضِ) (176) لزم وتقاعَس وأبطأ؛ يقال فلان مُخِلد أي بطئ الشَّيب، والمخلد الذي
تبقى ثنيتاه حتى تخرج رباعيتاه، وهو من ذاك أيضاً.
(وَلَقَدْ ذَرَأْنَا
لِجَنَهَّمَ) (178) أي خلقنا.
(وَذَرُوا الذَّينَ
يُلْحِدُونَ في أَسْمَائِهِ) (179) يجورون ولا يستقيمون ومنه سُمِّى اللحد لأنه في
ناحية القبر.
(سَنَسْتَدْرِجُهُم)
(182): والاستدراج أن تأتيه من حيث لا يعلم ومن حيث تلطُف له حتى تغترّه.
(وَأُمْلِى لَهُمْ) أي
أؤخرهم، ومنه قوله: مضى مَلِىٌّ من الدهر عليه؛ ومُلاوة ومِلاوة ومَلاوة فيها ثلاث
لغات: ضمة وكسرة وفتحة. ويقال: ملاّك الله ولدك، وتمليت حبيباً، أي مدّ الله لك في
عمره. (واهْجُرْني مَلِيّاً) (1946) منها قال العجّاج:
مَلاوَةً مُلِّيتُها
كَأَني ... صاحبُ صَنْجِ نَشْوةٍ مُغَنِّى
(إِنَّ كَيْدِي
مَتِينٌ) (182) أي شديد.
(مَا بِصَاحِبِهمْ
مِنْ جِنَّةٍ) (183) أي ما به جنون.
(أَيَّانَ مُرْسَاهَا)
(186) أي متى، وقال:
أَيَّان تقضِى حاجتي
أيّانا ... أَما ترى لنجْحِها إِبَّانا
أي متى خروجها.
(لاَ يُجَلِّيهَا
لِوَقْتِهَا إلاَّ هُوَ) 0186) مجازها: لا يُظهرها ولا يُخرجها إلاّ هو يقال
جَلَّى لي الخبرَ وقال بعضهم: جله لي الخبر، والجَلاء جَلاء الرأس إذا ذهب الشعر
قال طَرَفة:
سأَحُلب عَيْساً
صَحْن سَمٍّ فأَبتغى ... به جِيرتي إنْ لم يجلّوا لي الخَبَرْ
أي يوضحون لي الأمر
وهذا يهجوهم، يقال: عاسها يعيسها، والعيس ماء الفَحل (ثَقُلَتْ في السَّموَاتِ والأرْضِ) (186) مجازها: خفيت، وإذا خفى عليك
شئ ثقل (كأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا) (186) أي حَفّي بها، ومنه قولهم: تحفيت به في
المسئلة.
(حَمَلَتْ حَمْلاً
خَفِيفاً) (188) مفتوح الأول إذا كان في البطن وإذا كان على العنق فهو مكسور الأول
وكذلك اختلفوا في حمل النخلة فجعله بعضهم من الجوف ففتحه وجعله بعضهم على العنق
فكسره.
(فَمَرَّتْ بِهِ)
(188) مجازه: استمرّ بها الحمل فأَتمتَّه.
(خُذِ العَفْوَ) (198)
أي الفضل وما لا يجهده، يقال خذ من أخيك ما عفالك.
(بِالعُرْفِ) (198)
مجازه: المعروف.
(وإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ
مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ) (199) مجازه: وإما يستخفنك منه خفة وغضب وعجلة، ومنه
قولهم: نَزَغَ الشَّيْطَانُ بينهم أي أفسد وحمل بعضهم على بعض.
(طَيْفٌ مِنَ
الشَّيْطَانِ) (200) مجازه: لَمَمٌ قال الأعشَى:
وتُصِبح عن غِب
السُّرَى وكأنّما ... ألمَّ بها من طائف الجنّ أوْلقُ
وهو من طفتُ به أطِيف
طَيْفاً، قال:
أَنَّي ألمّ بك
الخيالُ يَطِيفُ ... ومَطافُه لكِ ذِكرةٌ وشُعُوفُ
(يَمُدُّونَهُمْ فِي
الْغَيّ) مجازه: يزّينوه لهم الغى والكفر، ويقال: مدّ له في غيِّة زيّنه له
وحسَّنه وتابعه عليه.
(هذَا بَصَائِر من
رَبِّكُمْ) (202) هذا القرآن ما يتلى عليكم، فلذلك ذكَّره، والعرب تفعل ذلك، قال:
قبائلنا سبعٌ وأنتم
ثلاثة ... وللسبعُ أَركَى مِن ثَلاث وأكثر
ذكرَّ ثلاثة ذهب به
إلى بطن ثم أنثه لأنه ذهب به إلى قبيلة ومجاز بصائر أي حجج وبيان وبرهان.
واحدتها بصيرة وقال
الجُعْفِيّ:
حمَلوا بَصائِرهم على
أكتفاهم ... وبصيرتي يعدو بها عَتَدٌ وَأمي
البصيرة الترس،
والبصيرة الحلقة من حلق الدرع، فيجوز أن يقال للدرع كلها بصيرة والبصيرة من الدم
الذي بمنزلة الورق الرشاس منه والجدية أوسع من البصيرة والبصيرة مثل فرسن البعير
فهو بصيرة والجدية أعظم من ذلك، والإسبأة والأسابي في طول، قال:
والعادياتِ أسابيُّ
الدَّماء بها ... كأَنَّ أَعناقها أنصاب تَرْجِيبِ
(تَضَرُّعاً
وَخِيْفَةً) (204) أي خوفاً وذهبت الواو بكسرة الخاء.
(وَالآصَالِ) (204)
واحدتها أصل وواحد الأصل أصيل ومجازه: ما بين العصر إلى المغرب، وقال أبُو ذُؤَيب:
لَعمري لأنت البيت أكرِم
أَهله ... وأقصدُ في أفيائه بالأصائِلِ
يقال: آخر النهار.
بسم الله الرحمن
الرحمن
سورة الأنفال(يَسْئَلُونَكَ
عَنِ الأنْفَالِ) (1) وَمَجازُهَا الغنائم التي نَفلها الله النبيَّ صلى الله عليه
وأصحابه، واحدها نَفَلٌ، متحرك بالفتحة، قال لبيد:
إِنَّ تَقْوَى ربِّنا
خَيْرُ نَفَلْ
(وَجِلتْ قُلُوبُهُمْ)
أي خافت وفزعت، وقال مَعْن بن أَوْس:
لَعَمركَ ما أَدرِي
وإِنّي لأوجلُ ... عَلَى أيّنا تَعْدو المنِيَّة أَوْلُ
(كَمَا أَخْرَجَكَ
رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ) مجازها مجاز القَسَم، كقولك: والذي أخرجك ربك
لأن ما في موضع الذي وفي آية أخرى (والسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا) (915) أي والَّذِي
بَنَاهَا، وقال:
دَعِيني إنما خَطَأي
وصَوْبي ... علىَّ وإن ما اهلكتُ مال
أي وإنّ الذي أهلكت
مالٌ. وفي آية أخرى " إِنَّ مَا صِّنَعُوا كَيْدُ سَاحرٍ) (2069): إنّ الذي
فعلوه كيد ساحر فلذلك رفعوه.
(غَيْرَ ذَاتِ
الشَّوْكَةِ) (7) مجاز الشوكة: الحدُّ، يقال: ما أشدَّ شوكةَ بني فلان أي حدَّهم.
(بِأَلْفٍ مِنَ
المَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ) (9) مجازه: مجاز فاعلين، مِن أَردَفوا أي جاءوا بعد قوم
قبلهم وبعضهم يقول: ردَفني أي جاء بعدي وهما لغتان، ومن قرأها بفتح الدال وضعها في
موضع مفعولين من أرْدَفهم الله مِن بعد مَن قبلَهم وقدامهم.
(النُّعَاسَ أمَنَةً
مِنْهُ) (11) وهي مصدر بمنزلة أمنت أمَنَةً وأماناً وأمنا، كلهن سواء.
(رجْزَ الشَّيْطَانِ)
(11) أي لَطْخ الشيطان، وما يدعو إليه من الكفر.
(وَيُثَبِّت بِهِ
الأَقْدَامَ) (11) مجازه: يُفرِغ عليهم الصبر وينزله عليهم فيثبتون لعدوهم.
(فَاضْرِبُوا فَوْقَ
الأَعْنَاقِ) (12) مجازه: على الأعناق، يقال ضربته فوق الرأس وضربته على الرأس.
(واضْرِبُوا مِنْهُمْ
كُلَّ بَنَانٍ) (12) وهي أطراف الأصابع واحدتها بنانى، قال عباس بن مِرْداس:
ألا ليتنِي قطَّعتُ
مني بنانةً ... ولاقيتُه في البيت يقَظانَ حاذِرا
يعني أبا ضَبٍّ رجلاً
من هذيل قتل هُرَيمَ بن مِرْداس وهو نائم وكان جاورهم بالربيع.
(شَاقُّوا اللهَ) (13)
مجازه: خانوا الله وجانبوا أمره ودينه وطاعته.
(وَمَنْ يُشَاقِقِ
اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ) (13) والعرب إذا جازت ب من يفعل كذا فإنهم يجعلون خبر الجزاء لمن وبعضهم
يترك الخبر الذي يُجاز به لمن ويخبرُ عما بعده فيجعل الجزاءَ له كقول شَدَّاد بن معاوية
العَبْسيِّ وهو أبو عنترة:
فَمن يك سائلاً عني
فإني ... وجَرْوَة لا تَرود ولا تُعارُ
لا أدعها تجئ وتذهب
تعار. ترك الخبر عن نفسه وجعل الخبر لفرسه، والعرب أيضاً إذا خبروا عن اثنين
أظهروا الخبر عن أحدهما وكفوا عن خبر الآخر ولم يقولوا: ومن يحارب الصلت وزيداً فإن الصلت وزيداً شجاعان كما فعل ذلك قائل:
فمَن يك سائلاً عني
فإني ... وجَرْوة لا ترود ولا تعار
ولم يقل لا نرود ولا
نعار فيدخل نفسه معها في الخبر، وكذلك قول الأعشى:
وإِنّ إمراءً أهدى
إليكِ ودونه ... من الأرْض مَوْماةٌ ويهماءُ خَيْفَقُ
لمحقوقة أن تستجيبي
لِصَوته ... وأن تعلمي أن المُعان مُوفَّقُ
قال أبو عبيدة: كان
المحلق اهدى إليه طلباً لمديحه وكانت العرب تحب المدح فقال لناقته يخاطبها:
وإن امراءً أهدى
إليكِ ودونَه
ترك الخبر عن امرئ
وأخبر عن الناقة فخاطبها. وفي آية أخرى: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فإِنَّ
اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (849).
(وَمَا رَمَيْتَ إِذْ
رَمَيْتَ ولكِنَّ اللهَ رَمى) (17) مجازه: ما ظفرت ولا أصبت ولكن الله أيّدك
واظفرك وأصاب بك ونصرك ويقال: رمى الله لك، أي نصرك الله وصنع لك.
(إنْ تَسْتَفْتِحُوا
فَقَدْ جَاءَكُمُ الفَتْحُ) (19) مجازه: إن تستنصروا فقد جاءكم النصر.
(فِئَتِكُمْ شَيْئاً)
(19) مجازهَا: جماعتكم، قال العَجّاج:
كما يحُوز الفِئةَ
الكمِىُّ
(وَلاَ تَوَلَّوْا
عَنْهُ وأنْتُمْ تَسْمَعُونَ) (20) مجازه: ولا تدبروا عنه ولا تُعرِضوا عنه فتدعوا
أمره.
(اسْتَجِيبُوا لله)
(24) مجازه: أجيبوا الله؛ ويقال استجبت له واستجبته، وقال كعبُ بن سَعْد
الغَنَوِيّ:
وداعٍ دَعا يا مَن
يُجيب إلى النَّدَى ... فلم يتجبع عند ذاك مُجيبُ
(إِذَا دَعَاكُمْ
لِمَا يُحْيِيَكُمْ) (249 مجازه: للذي يهديكم ويُصلحكم ويُنجيكم من الكفر والعذاب.
(فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا
حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ) (329 مجازه أن كل شئ من العذاب فهو أمطرت بالألف وإن
كان من الرحمة فهو مَطِرت.
مُكَاءً وتَصْدِيَةً)
المُكاء الصفير قال رجل يعني امرأته:
ومَكابها فكأنما يمكو
بأعْصم عاقلِ
(وَتَصْدِيَهً) أي
تصفيق بالأكف، قال: تصدية بالكف أي تصفيق، التصفيق والتصفيح والتصدية شئ واحد.
(فَذُوقُوا) (35)
مجازه: فجرّبوا وليس من ذوق الفم.
(فَيَرْكُمَهُ
جَمِيعاً) (37) مجازه: فيجمعه بعضه فوق بعض أجمع.
(بِالعِدْوَةِ الدُّنْيَا)
(42) مكسورة، وبعضهم يضمها، ومجازه من: عَدَى الوادِي أي مِلطاط شفيره والمِلطاط
والعَدَى حافتا الوادي من جانبيه، بمنزلة رَجا البئر من أسفَل، ويقال: أَلزمْ هذا
المِلطاطَ.
(إذْ يُرِيكَهُمُ
اللهُ في مَنَامِكَ) (44) مجازه: في نومك ويدلّ على ذلك قوله في آيةٍ أخرى: (إذّ يُغَشِيكُمْ
النُّعَاسَ) (811) وللمنام موضع آخر في عينك التي تنام بها ويدل على ذلك قوله
(وَنُقَلِّلكُمْ في أَعْيُنِهِمْ) (44).
(وَتذْهَبَ ريحُكُمْ)
(46) مجازه: وتنقطع دولتكم.
(نَكَصَ عَلَى
عَقِبَيْهِ) (49) مجازه: رجع من حيث جاء.
(وَلَوْ تَرَى إِذْ
يَتَوَفَّى الذِينَ كَفَرُوا المَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأْدبَارَهُمْ
وَذُوقُوا عذَابَ الحَرْيقِ) (51) مجازه مجاز المختصر المضمر فيه وهو بمعنى
ويقولون ذوقوا عذاب الحريق، والعرب تفعل ذلك، قال النَّابغة:
كأنّك مِن جِمال بني
أقَيْشِ ... يُقَعْقَع خَلْفَ رجليه بِشَنِّ
معناه: كأنك جملٌ
والعرب نقدِّم المفعول قبل الفاعل.
(كَدَأْبِ آلِ
فِرْعَوْنَ) (53) مجازه: كعادة آل فرعون وحالهم وسنتهم والدَّأب والدَّيْدن
والدِّين واحد، قال المُثقِّب العَبديُّ:
تقول إذا درأتُ لها
وَضِينِي ... أهذا دِينُه ودِينِي
أكلّ الدهرِ حَلٌّ
وارتحالٌ ... أما يُبقِى عَلَىَّ ولا يَتِينِي
وقوله: درأت أي
بَسطت ويقال يا فلانة ادرئ لفلان الوِسادة، وقال خِداش بن زُهَير العامريّ في يوم
الفِجار، كانت النصرة فيه لكنانة وقُرَيش على قَيْس:
وما زال ذاك الدَّأب
حتى تخاذلت ... هَوازِنُ وارفضّت سُلَيْم وعامرُ
(إنَّ شَرَّ
الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الّذِينَ كَفَرُوا) (56) مجاز الدواب انه يقع على الناس
وعلى البهائم، وفي آية أخرى:
(وَمَا مِنْ دَابَّةٍ
في الأَرْضِ إلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا " (116).
(فَإمَّا
تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الحَرْبِ) (58) مجازه مجازُ فإن تثقفنّهم.
(فَشَرِّدْ بِهِمْ
مَنْ خَلْفَهُمْ) (58) مجازه فأخِف واطرُدْ بهؤلاء الذين تثقفنهم الذين بعدهم،
وفرّقْ بينهم.
(وإِمَّا تَخَافَنَّ
مِنْ قَومٍ خِيانَةً فانْبِذ إلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءِ (59) مجاز
وإما وإن، ومعناها وإما توقننَّ منهم خيانة أي غدراً، وخلافاً وغشّاً، ونحو ذلك.
(فَانْبِذْ إلَيْهِمْ)
(59) مجازه: فأَلقِ إليهم وأظهر لهم أَنهم حَربٌ وعدوٌ وأنك ناصب لهم حتى يعلموا
ذلك فتصيروا على سواء وقد أعلمتَهم ما علمت منهم، يقال: نابذتُك على سواءٍ.
(وَلا يَحْسَبَنَّ
الذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا) (60) مجازه: فاتوا.
(إنَّهُمْ لا
يُعْجِزُونَ) (60) لا يفوتون.
(تُرْهِبُونَ بِه
عَدُوَّ اللهِ) (61) أي تُخِيفون وتُرعِبون أَرَهبته ورَهَبته سواء، والرَّهَب
والرُّهْب واحد. قال طُفَيل بن عَوْف الغَنَوِيّ.
ويْلُ أمَّ حَيٍّ
دَفعتم في نحورِهمِ ... بَنِي كِلابٍ غداةَ الرُّعب والرَّهَبِ
(وَإِن جَنَحُوا
لِلسِّلْمِ) (62) أي رجعوا إلى المسالمة، وطلبوا الصلح وهو السلم مكسورة ومفتوحة
ومتحركة الحروف بالفتحة واحد، قال رجل من أهل اليَمنَ جاهلي:
أناثلُ إنني سلمٌ ...
لأهلِك فاقبلِي سلمِي
فيها ثلاث لغات، وكذلك
السلام أيضاً، وقد فرغنا منه في موضع قبل هذا ويقال للدلو سلم مفتوحة ساكنة اللام،
ويقال: أخذته سلماً أي أسرته ولم أقتله ولكن استسلم لي، متحرك الحروف بالفتحة
وكذلك السلم الذي تسلم فيه وهو السلف الذي تسلف فيه وهو متحرك الحروف والسلم شجر
واحدته سلمة متحركة بالفتحة.
(حَتّى يُثْخِنَ فِي
الأَرْضِ) (68) مجازه: حتى يغلب ويغالب ويبالغ.
(عَرَضَ الدُّنْيَا)
(68) طمعها ومتاعها والعرض في موضع آخر من أعراض البلايا.
(وَهَاجَرُوا) (73)
مجازه: هاجروا قومهم وبلادهم وأخرجوا منها.
(مِنْ وَلاَيَتِهِمْ)
(73) إذا فتحتها فهي مصدر المولى وإذا كسرتها فهي مصدر الوالي الذي يلي الأمر
والمَوْلَى والمُوْلَى واحد.
(وَأُولُوا
الأَرْحَامِ) (76) ذووا، ألا ترى أن واحدها ذو.
سورة التوبة(بَرَاءَةٌ
مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ) (1) ثم خاطب شاهداً فقال: (فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ) (2) مجازه: سِيروا
وأقبلوا وأدبروا، والعرب تفعل هذا، قال عنترة:
شَطَّتْ مزَار
العاشقين فأَصبحتْ ... عَسِراً عَلَىَّ طلابُكِ ابنةَ مَخْرَمِ
(وَأَذَانٌ مِنَ
اللهِ) (3) مجازه: وعلم من الله وهو مصدر واسم من قولهم: آذنتهم أي أعلمتهم، يقال
أيضاً: (أذينٌ وإذنٌ).
(وَاقعُدُوا لَهُمْ
كُلَّ مَرْصَدٍ) (4) وكذلك: واقْعدْ له على كل مرصد، والمراصد: الطرق، قال عامر بن
الطُّفَيل:
ولقد علمتُ وما إخالُ
سِواءَه ... أَن المَنيَّة للفَتَى بالمَرْصدِ
(لاَ يَرْقُبوا
فِيكُمْ إلاًّ وَلاَ ذِمَّةُ) (9) مجاز الإلّ: العهد والعقد واليمين، ومجاز الذمة
التذمم ممن لا عهد له، والجميع ذِمَم؛ (يَرْقُبوا) أي يراقبوا.
(وَأَقَامُوا
الصَّلاةَ وَآتَوا الزَّكَاةَ) أي أَداموها في مواقيتها، وأعطوا زكاة أموالهم.
(فَإِخْوَانُكمْ فِي
الدِّين (12) مجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير، كقولك: فهم إخوانكم.
(وَإنْ نكَثُوا
أَيمَانَهُمْ) (13) مجازه: إن نقضوا أيمانهم، وهي جميع اليمين من الحلف.
(وَلِيْجَةً) (17) كل شئ أدخلته في شئ ليس منه فهو وليجة، والرجل يكون في القوم وليس منهم
فهو وليجة فيهم، ومجازه يقول: فلا تتخذوا ولياً ليس من المسلمين دون الله ورسوله،
ومنه قول طَرَفَة بن العَبْد:
فإن القَوا في
يَتّلِجْنَ مَوالجاً ... تَضايَقُ عنها أَن تُولجّهِ الإبَرْ
ويقال للكناس الذي
يلج فيه الوحش من الشجر دَوْلَجٌ وتَوْلج، وقال:
مُتخذاً منها إياداً
دَوْلجا
(وَلَمْ يَخْشَ إلاَّ
اللهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ المُهْتَدِين) عسى ها هنا واجبة من
الله.
(أَنْزَلَ اللهُ
سَكِينَتَهُ) (26) مجازه مجاز فَعليه من السكون، قال أبو عُرَيف الكُلُيْبِيّ:
لله قبرٌ غالَها ماذا
يجَنُّ ... لقد أَجنَّ سكينةً ووقَارا
(إنَّمَا
المُشْرِكُونَ نَجَسٌ) (29) متحرك الحروف بالفتحة، ومجازه: قَذر، وكل نَتْنٍ
وطَفَسٍ نَجَسٌ.
(وَإنْ خِفْتُمْ
عَيْلَةٌ) (29) وهي مصدر عال فلانٌ أي افتقر فهو يَعِيل، وقال:
وما يَدري الفقير متى
غناه ... وما يَدري الغَنِىّ متى يَعيلُ
(وَلا يَدِينُونَ
دِينَ الحَقِّ) (30) مجازه: لا يطيعون الله طاعة الحق، وكل من أطاع مَلِيكا فقد
دان له، ومن كان في طاعة سلطان فهو في دينه، قال زُهَير:
لئن حللتَ بجّوٍ في
بني أَسَدٍ ... في دين عمرو وحالت بيننا فَدَكُ
وقال طَرفَة بن
العَبْد:
لَعَمْرُكَ ما كانت
حَمولةُ مَعْبَدٍ ... على جُدِّها حرباً لدِيبك مِن مُضَرْ
أي لطاعتك، جُدّها
مياهها.
(حتَّى يُعْطُوا
الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغرِينَ) (30) كل من انطاع لقاهر بشئ أعطاه من غير
طيب نفس به وقهر له من يد في يد فقد أعطاه عن يد ومجاز الصاغر الذليل الحقير،
يقال: طِعت له وهو يَطاع له، وانطعت له، وأطعته، ولم يُحفَظ طُعت له.
(يُضَاهُون قَوْلَ
الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ) (31) ومجاز المضاهات مجاز التشبيه.
(قَاتَلَهُمُ اللهُ)
قتلهم الله، وقلّما يوجد فَاعَلَ إلاّ أن يكون العمل من إثنين، وقد جاء هذا ونظيره
ونِظْره: عافاك الله، والمعنى أعفاك الله، وهو من الله وحده. والنظر والنظِير سواء
مثل نِدِّ وندَيد، وقال:
ألا هل أَتَى نِظْيري
مُلَيْكَةَ أنّنِي
(أَنَّي يُؤْفَكُونَ)
(30) كيف يُحَدُّون، وقال كَعْب بن زُهَير:
أَنَّى ألّم بك
الخَيالُ يطِيف ... ومطافُه لك ذِكْرةٌ وشُعُوفُ
ويقال: رجل مأفوك أي
لا يصيب خيراً، وأرض مأفوكة أي لم يصبها مطر وليس بها نبات.
(وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ
الذَّهَبَ والْفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا) (34) صار الخبر عن أحدهما، ولم يقل
(ولا ينفقونهما) والعرب تفعل ذلك، إذا أشركوا بين اثنين قصروا فخبّروا عن أحدهما
استغناءً بذلك وتخفيفاً، لمعرفة السامع بأن الآخَر قد شاركه ودخل معه في ذلك
الخبر، قال:
فمن يك أَمسَى
بالمدينة رَحْلُه ... فإنِّي وقيّارٌ بها لَغريبُ
وقال:
نحن بما عندنا وأنت
بما ... عندك راض والرأيُ مُختلِفُ
وقال حَسَّان بن ثابت:
إن شَرْخَ الشَّباب
والشَّعرَ الأسْ ... وَد ما لم يُعاصَ كان جُنونا
ولم يقل يعاصَيا وقال
جرير:
ما كان حَيْنُكَ
والشقَّاء لِينتهي ... حتى أَزوركَ في مُغار مُحْصَدٍ
لم يقل لينتهيا.
(الدِّينُ القَيِّمُ)
(36) مجازه: القائم أي المستقيم، خرج مخرج سيّد، وهو مِن ساد يسود بمنزلة قام يقوم.
(وَقَاتِلُوا
المُشْرِكِينَ كافَّةً) (36) أي عامة، يقال: جاءوني كافة، أي جميعاً.
(إنَّمَا النِّسِئُ
زِيَادَةٌ فِي الكُفْرِ) (37) كانت النسَأة في الجاهلية، وهم بنو فُقَيم من كِنانة
اجتَبروا لدينهم ولشدتهم في دينهم في الجاهلية، إذا اجتمعت العرب في ذي الحجة
للموسم وأرادوا أن يؤخروا ذا الحجة في قابل لحاجة أو لحرب، نادى مناد: إن المحرم
في صفر وكانوا يسمون المُحَرَّم وصَفَر الصفرين، والمحرَّم صَفَر الأكبر، وصفر
المحرم الأصغرَ فيحلون المحرم ويحّرمون صفر، فلا يفعلون ذلك كل عام، حتى إذا حج
النبي صلى الله عليه وسلم في ذي الحجة الذي يكون فيه الحج قال: " إن الزمان
قد استدار وعاد كهيئته، فاحفظوا العدد) فبنصرف الناس بذلك إلى منازلهم.
(لِيُوَاطِوُا) (37)
مجازه: ليوافقوا مِن وَطئت، قال ابن مُقبل:
ومنْهلٍ دَعْسُ آثارِ
المَطِيِّ به ... يأتي المَخارِمَ عِرْنينا فعرنينا
واطَأتُه بالسُّرىَ
حتى تركتُ به ... ليلَ التمّام ترى أعلامَه جُونا
(إِذَا قِيلَ لَكُمُ
انْفُرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَثَّاقَلْتُمُ إلَى الأَرْضِ) (38)، انفروا: اخرُجوا واغزوا، ومحاز: (أثاقلتم):
مجاز افتعلتم من التثاقل فأدغمت التاء في الثاء فثقلت وشددت؛ إلى الأرض أي أخلدتم
إليها فاقمتم وابطأتم.
(إِنّ اللهَ مَعَنَا)
(40) أي ناصرنا وحافظنا.
(الشُّقَّةُ) (42) السفر البعيد، يقال: إنك لبعيد الشّقّة، قال الأّخْوَص الرِّياحي وحمل
أبوه حَمالة فظَلَع فقدما البصرة فبادر أباه فقال: إنا من تعرفون وأبناء السبيل
وجئتا من شقة ونسأل في حق وتنطوننا ويجزيكم الله. فقام أبوه ليخطب فقال: يا إياك،
إني قد كفيتك، وليس بنداء إنما هي ياء التنبيه. إياك كف، كقولك: إياك وذاك، فقال
معاوية للأخوص: وكيف غلبت الأبيرد وهو أسن منك؟ قال: إن قوافي علائق وأنبازي
قلائد، فقال معاوية: قاتلك الله جني برونكت بالقضيب في صدره.
(إلاَّ خَبالاً)
الخبَال: الفساد.
قوله عز وجل: (وَلا
وْضَعُوا خِلاَلَكُمْ) (47) أي لأسرعوا خَلاكم أي بَيْنكم، وأصله مِن التخلل.
(وَفِيكُمْ
سَمَّاعُونَ لَهُمْ) (47) أي مُطيعون لهم سامعون.
(أَثْذَنْ لِيَ وَلاَ
تَفْتِنِّي) (49) مجازه: ولا تؤثمني.
(أَلاَ في الْفِتْنَةِ
سَقَطُوا) (49) أي ألا في الإثم وقعوا وصاروا.
(إلاَّ مَا كَتَبَ
اللهُ لَنَا) (51) إلا ما قضى الله لنا وعلينا.
(هُوَ مَوْلاَنَا)
(051) أي ربُّنا.
(أَنْ يُصِيَبكُمُ
اللهُ بِعذَابٍ) (52) أي أن يُميتكم.
(أَنْفِقُوا طَوْعاً
أَوْ كَرْهاً) (53) مفتوح ومضموم سواء.
(كُسَالَي) (54)
وكَسالى مضمومة ومفتوحة وهي جميع كَسلان، وإن شئت كَسْل.
(وَتَزْهَقَ
أَنْفُسُهُمْ) (55) أي تخرج وتموت وتهلك، ويقال: زهَق ما عندك، أي ذهب كله.
(مَلْجَئاً أَوْ
مَغَارَات) (57) أي ما يلجئون إليه أو ما يغورون فيه فيدخلون فيه ويتغيبون فيه.
(يَجْمَحُونَ) (57)
يَجمح أي يَطمَح يريد أن يُسِرع.
(وَمِنْهُمْ مَنْ
يَلْمِزُكَ) (57) أي يعيبون، قال زِياد الأعْجَم:
إذا لقيتُكَ تُبدِي
لِي مُكاشرةً ... وإن أَغِيب فأَنتَ العائب اللُّمَزَهْ
(أَلمْ يَعْلَمُوا
أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللهَ) (63) أي من يحارب الله ويشاقق الله ورسوله.
(وَيَقْبِضُونَ
أَيْدِيَهُمْ) (67) أي يمسكون أيديهم عن الصدقة والخير، يقال: قبض فلان عنا يده أي
منعنا.
(فَاسْتَمْتَعُوا
بِخَلاقِهِمْ) (69) أي بنصيبهم ودينهم ودنياهم.
(وَمَالَهُ في
الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ) (2200) أي من نصيب يعود إليه.
(وَالمُؤْتَفِكَاتِ)
(70) قوم لوط ائتفكت بهم الأرض أي انقلبت بهم.
(في جنَّاتِ عَدْنٍ)
(72) أي خلد، يقال عدن فلان بأرض كذا وكذا أي أقام بها وخلد بها، ومنه المعدن، ويقلل
هو في معدن صدق، أي في أصل ثابت، وقال الأعشى:
وإنْ يَسْتضيفوا إلى
حِلْمه ... يُضافوا إلى راجحٍ قد عدَنْ
أي رزين لا يستخفّ
(إِلاّ جُهْدُهمْ) (79) مضموم ومفتوح سواء، ومجازه: طاقتهم، ويقال: جَهدُ المُقِل
وجُهده.
(خِلاَفَ رَسُولِ
اللهِ) (81) أي بعده، قال الحارث بن خالد
عَقِب الربيعُ
خُلافَهم فكأنما ... بسَطَ الشواطِبُ بينهن حصِيرا
الشواطب اللاتي يشطبن
سِحاءَ الجريد ثم يصبغنه ويرمُلن الحُصرَ.
(مَعَ الخَالِفِينَ)
(83) الخالف الذي خلف بعد شاخص فقعد في رحله، وهو من تَخَلَّفَ عن القوم.
ومنه أللهم اخلفُني
في ولدي، ويقال فلان خالفة أهل بينه أي مخالفهم إذا كان لا خير فيه.
(أُولُوا الطَّوْلِ
مِنْهُمْ) (86) أي ذوو الغِنَى والسِّعة.
(رَضُوْا بِأَنْ
يَكُونُوا مَعَ الخَوَالِفِ) (87) يجوز أن يكون الخوالف ها هنا النساء، ولا يكادون
يجمعون الرجال على تقدير فواعل، غير أنهم قد قالوا: فارس، والجميع فوارس، وهالك في قوم هوالك، قال ابن جِذْل الطَّعَان
يرثى رَبيعةَ.
ابن مكدم:
فأيقنتُ أنِّي ثائراً
بنِ مِكَدِّمٍ ... غداة إذٍ أو هالكٌ في الهَوالِكِ
(وَطِبعَ على
قُلُوبِهِمْ) (87) أي ختم، ومنه قولهم: ضَعْ عليه طابعاً، أي خاتماً.
(وَأُولَئِكَ لَهُمُ
الخَيْرَاتُ) (88) وهي جميع خَيرة، ومعناها الفاضلة في كل شئ، قال رجل من بني
عَدِي جاهليُّ عَدِي تميم:
ولقد طعنتُ مجامِعَ
الرَّبَلاتِ ... رَبَلاتِ هِندٍ خيْرة المَلكَاتِ
(وَجَاءَ
المُعَذِّرُونَ مِنَ الأَعْرَابِ) (90) أي من مُعَذِّر وليس بجادّ إنما يُظهر غيرَ
ما في نفسه ويعرض ما لا يفعله.
(تَوَلَّوْا وأَعْيُنُهُمْ
تَفِيضُ مِنَ الدَّمْع) (92) والعرب إذا بدأت بالأسماء قبل الفعل جعلت أفعالها على
العدد فهذا المستعمل، وقد يجوز أن يكون الفعل على لفظ الواحد كأنه مقدم ومؤخر،
كقولك: وتفيض أعينهم، كما قال الأعْشَى:
فإِن تعهَديني ولي
لِمّةٌ ... فإن الحوادث أَودى بها
ووجه الكلام أن يقول:
أَودين بها، فلما توسع للقافية جاز على النَّكس، كأنه قال: فإنه أودى الحوادث بها.
(مَرَدُوا عَلَى
النِّفَاقِ) (101) أي عتوا ومرّنوا عليه وهو من قولهم: تمرَّد فلان، ومنه (شيطانٍ
مَرِيدِ) (223).
(إنَّ صَلَوَاتِكُ
سكَنٌ لَهُمْ) (103) أي إن دعاءك تثبيت وسكون ورجاء، قال الأعشَى:
تقول بِنتِي وقد
قرَّبْتُ مُرتَحِلاً ... يا رَبِّ جنِّبْ أبي الأوْصابَ والْوجَعا
عليكِ مِثلُ الذي
صليتِ فاغتمِضي ... نوماً فإن لِجنب المَرءٍ مضْطَجعا
رفعته كرفع قولك: إذا
قال السلام عليكم، قلت أنت: وعليك السلام وبعضهم ينصبه على الإغراء والأمر: أن
تلزم هذا الذي دعت به فتردده وتدعو به.
(يَقْبَلُ التَّوْبَةَ
عَنْ عِبَادِهِ) (104) أي من عبيده، كقولك أخذته منك وأخذته عنك.
(وَآخَرُونَ
مُرْجَوْنَ لأَمْرِ اللهِ) (106) أي مؤخرُون، يقال: أرجَأتك، أي أخّرتك.
(عَلَى شَفَا جُرُف
هارٍ) (109) مجاز شفا جرفِ شَفير، والجرف ما لم يبن من الرَّكايا لها جُول، قال:
جُرُفٌ هِيَامٌ
جُوْلُه يَتَهدَّمُ
وهار مجاره هائر،
والعرب تنزع هذه الياء من فاعل، قال العجاج:
لاثٍ به الأَشَاء
والعُبْرِيُّ
أي لائث. ويقال: كيدٌ
خاب أي خائب، لات: بعضه فوق بعض كما تلوث العمامة؛ مجاز التمثيل لأن ما بنوه على
التقوى أثبت أساساً من البناء الذي بنوه على الكفر والنفاق فهو على شفا جرف، وهو
ما يجرف من سيول الأودية فلا يثبت البناء عليه.
(إلا أَنْ تُقَطّعَ
قُلُوبُهُمْ) (110) إلا ها هنا غاية.
(إنَّ إبْرَاهِيمَ
لأوَّاهٌ حَلِيمٌ) (114) مجازه مجاز فَعَّال من التأوه، ومعناه متضرع شفقاً
وفَرَقاً ولزُوماً لطاعة ربه، وقال المُثقِّب العَبْدِيُّ:
إذا ما قمتُ
أَرحَلُها بليلٍ ... تأوَّهُ آهَةَ الرجلِ الحزين
(تَزِيغُ قُلُوبُ
فَريقٍ مِنْهُمْ) (117) أي تعدل وتجور وتحيد، فريق: بعضز (رَؤُوفٌ)
(117) فَعول من الرأفة وهي أرق الرحمة، قال كَعْب بن مالك الأنصاري:
نُطيع نبيّنا ونطيع
ربّاً ... هو الرحمن كان بنا رءوفا
وقال:
ترَى للمُسلمين عليك
حقاً ... كفعل الوالد الرؤف الرحيمِ
(رَحُبَتْ) أي اتسعت، والرحيب
الواسع.
(مَخْمَصَةٌ) (120)،
المخمصة: المجاعة.
(فلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ
كلِّ فِرْقةٍ مِنهُمْ) (122) مجازه: فهلا، وقد فرغنا منها في غير موضع.
(يُفْتَنُون في كُلِّ
عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ) (126) وهو من الفتنة في الدين والكفر.
بسم الله الرحمن
الرحيم
سورة يونس(آلر) (1)
ساكنة لأنها حروف جرت مجرى فواتح سائر السور اللواتي مجازهن مجاز حروف التهجي
ومجاز موضعهن في المعنى كمجاز ابتداء فواتح السور.
(تِلْكَ آيَاتُ
الكِتَابِ الحَكِيمِ) (1) مجازها: هذه آيات الكتاب الحكيم، أي القرآن، قال الشاعر:
ما فَهم مِن الكِتاب
أي آي القرآنِ
والحكيم: مجازه
المُحكَم المبَّين الموضَّح، والعرب قد نضع فعيل في معنى مُفْعَل، وفي آية أخرى:
(هَذَا مَا لَدَىَّ عَتِبدٌ) (5032)، مجازه: مُعَد، وقال أبو ذُوءَيب:
إِني غداة إذٍ ولم
أَشعر خَلِيفُ
أي ولم أشعر أني
مُحْلِف، من قولهم: أخلفتُ المَوْعدَ. ومجاز آيات مجاز أعلام الكتاب وعجائبه، وآياته
أيضاً: فواصِله، والعرب يخاطبون بلفظ الغائب وهم يعنون الشاهد، وفي آية أخرى:
" آلم ذَلِكَ الكِتَابُ " (21) مجازه: هذا القرآن، قال عَنْتَرة:
شَطَّتْ مَزارَ
العاشقين فأَصبحتْ ... عَسِراً عَلَىَّ طِلابُكِ ابنةَ مَحْرَمِ
(قَدَمَ صِدْقِ عِنْدَ
رَبِّهِمْ) (2) مجازه:سابقة صدق عند ربهم، ويقال: له قدم في الإسلام وفي الجاهلية.
(ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى
العَرْشِ) (3) مجازه: ظَهر على العرش وعلا عليه، ويقال: استويت على ظهر الفرس،
وعلى ظهر البيت.
(إلَيْه مَرْجِعُكمْ
جَمِيعاً وَعْدَ اللهِ حَقّاً) (4) وعْدَ اللهِ: منصوب لأنه مصدر في مِوضع (وَعَدَ
اللهُ)، وإذا كان المصدر في موضع فَعَل، نصبوه كقول كَعْب:
تَسْعَى الوشاةُ
جَنابيْها وقِيلَهُمُ ... إنّك يا بْنَ أبي سُلْمَى لَمقتولُ
يقولون حكايةً عن أبي
عمرو: وقِيلَهم منصوب لأنه في موضعِ ويقولون.
(وَعَملُوا الصَّالِحَاتِ
بالْقِسْطِ) (4) أي بالعدل (لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ) (4) كل حار فهو حميم، قال المرَقِّشُ الأصغر من بني سَعْد بن مالِك:
وكلُ يومٍ لهَا
مِقطرةٌ ... فيها كِباءٌ مُعدٍّ وحَميمُ
أي ماء حار يُستَحمّ
به، كباءٌ مما تكبّيتَ به أي تبخَّرتَ وتجمَّرتَ سواء، وكبيً منقوص: هي الكُنَاسة
والسُّباطة والكَساحة.
(جَعَلَ الشَّمْسَ
ضيَاءً) (5) وصفها بالمصدر، والعرب قد تصف المؤنثة بالمصدر وتسقط الهاء، كقولهم:
إنما خلقت فلانة لك عذاباً وسجناً ونحو ذلك بغير الهاء.
قال: (الَّذِينَ لا
يَرْجُونَ لِقَاءَنَا) (7) مجازه: لا يخافون ولا يخشون، وقال:
إذا لسَعْته النحلُ
لم يَرْجُ لَسْعها ... وحالفها في بيت نوبٍ عوامِلِ
(دَعْوَاهُمْ فِيهَا)
(10) أي دعاؤهم أي قولهم وكلامهم. (وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَن الحَمْدُ للهِ رَبِّ
الْعَالَمينَ) (10).
(لَقُضِىَ إِلَيْهِمْ
أَجَلُهُمْ) (11) مجازه: لفُزغ ولقُطع ونُبذ إليهم، وقال أبو ذؤَيب:
وعَليهما مَسرودتانِ
قضاهما ... داودُ أو صَنَعُ السَوابغِ تُبَّعُ
(دَعَانَا لَجِنْبِهِ
أَوْ قَاعِداً أو قَائِماً) (12) مجازه: دعانا على إحدى هذه الحلات، ومجاز دعانا
لجنبه مجاز المختصر الذي فيه ضمير كقولك: دعانا وهو مضطجع لجنبه.
(مَرَّ كَأَن لمَّ
يَدْعُنَا) (12) أي استمر فمضى.
(مِنْ تِلْقَاءِ
نَفْسِي) (15) أي من عند نفسي.
(وَلاَ أَدْرَكُمْ
بِهِ) (16) مجازه: ولا أفعلكم به؛ من دريت أنا به.
(عُمراً) (16) أي
حِيناً طويلاً، مجازه من قولهم: مضى علينا حين من الدهر، والعُمْر والعُمُر
والعَمر ثلاث لغات.
(وَيَعْبُدُونَ مِنْ
دُونِ اللهِ مَالاَ يَضُرُّهُم ولا يَنْفُعهُمْ وَيَقُولُون هؤُلاَءِ شُفَعَاؤُنَا
عِنْدَ اللهِ) (8) مجازما ها هنا مجاز الذين، ووقع معناها على الحجارة، وخرج
كنايتها على لفظ كناية لآدميين، فقال: هؤلاء شفعاؤنا، ومثله في آية أخرى: (لَقَدْ
عَلِمْتَ مَا هؤُلاَءِ ينْطِقُونَ) (2165)، وفي آية أخرى: (إِنِّي رَأيْتُ أَحَدَ
عَشَرَ كَوْكَباً والشَّمْسَ والقْمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجدين) (1249) والمستعمل
في الكلام: ما تنطق هذه، ورأيتهن لي ساجدات، وقال:
تمزَّزتُها والدِّيكُ
يدعو صباحَه ... إذا ما بنو نَعْشٍ دَنَوا فتصَوَّبوا
وفي آية أخرى (يا
أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكَمْ لاَ يَحْطَمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ)
(2718) والمستعمل: ادْخُلن مساكنكن لا يحطمنكن سليمان.
(مِنْ بَعْدِ ضرَّاءَ
مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ في آيَاتِنَا) (21) مجاز المكر ها هنا مجاز
الجحود بها والرد لها.
(قُلْ اللهُ أُسْرَعُ
مَكْراً) (21) أي أخداً وعُقوبة واستدراجاً لهم.
(أَنَّهُمْ أُحِيطَ
بِهِمْ) (22) مجازه: دنوا للهلاك، ويقال: إنه محاط بك، والإدراكِ أي إنك مُدْرَك
فُمهلكَ.
(فَجَعَلّنَاهَا حَصِيداً)
(24) أي مستأصلين، والحصيد من الزرع والنبات المجذوذ من أصله وهو يقع أيضاً لفظه
على لفظ الجميع من الزرع والنبات فجاء في هذه الآية على معنى الجميع، وقد يقال:
حصائد الزرع، اللواتي تُحصَد.
(وَلا يَرْهَقُ وُجوهَهُمْ
قَتَرٌ وَلاَ ذِلّةٌ) (26) يرهق: أي يغشى، والقَتَر جميع قَتَرة، وفي القرآن:
(تَرْهَقُها قَتَرةٌ) (8041)، وهو الغبار قال الأخطل:
يَعلو القَناطِرَ
يَبنيها ويهدمُها ... مسَوَّماً فوقَه الرايات والقَتَرُ
وقال الفرزدق:
متَوَّجٌ بِرِداء المُلكِ
يَتْبعُه ... مَوجٌ تَرى فَوْقَه الراياتِ والفَتَرا
(قِطَعاً من اللَّيْلِ
مُظْلِماً) (27) إذا أسكنت الطاء فمعناه بعضاً من الليل، والجميع: أقطاع من الليل،
أي ساعات من الليل، يقال: أتيته بقطع من الليل؛ وهو في آية أخرى: بِقِطْعٍ مِنَ
اللّيْلِ (1181). ومن فتح الطاء فإنه يجعلها جميع قطعة والمعنيان واحد. ويجعل
مظلماً من صفة الليل وينصبها على الحال وعلى أنها نكرة وصفت به معرفة.
(هنَالكَ تَبْلُوا
كُلُّ نَفسٍ) (30) أي تخْبُر وتجد. وتَتْلُو تتْبع.
(لاَ رَيْبَ فِيهِ
مِنْ رَبِّ العَالَمِينَ أَمْ يَقولُونَ) (37، 38) مجاز أم ها هنا مجاز الواو
ويقولون.
(افْتَرَاه) 38) أي
اختلقه وابتشكه.
(إِنْ أَتَاكمْ
عَذَابُه بَيَاتاً) (50) أي بيّتكم ليلا وأنتم بائتون.
(إِذْ تُفِيضونَ فيهِ)
(61) أي تكِثرون وتلغَطون وتخلطِون.
(وَمَا يعْزُفَ عَنْ
رَبِّكَ) (61) أي ما يغيب عنه، ويقال: أين عزب عقلك عنك.
(مِثْقَالَ ذَرَّةٍ)
(61) أي زنة نملة صغيرة، ويقال خذ هذا فإنه أخف مثقالاً، أي وزناً.
(وَالنَّهَارَ مبْصِراً)
(67) له مجازان أحدهما: أن العرب وصعوا أشياء من كلامهم في موضع الفاعل، والمعنى:
أنه مفعول، لأنه ظرف يفعل فيه غيره لأن النهار لا يبصر ولكنه يبصر فيه الذي ينظر،
وفي القرآن: " فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ " (6121) وإنما يرضى بها الذي يعيش فيها، قال جرير:
لقد لمتِنا يا أُمَّ
غَيلانَ في السُّرى ... ونمتِ وما ليل المَطِيِّ بنائمِ
والليل لا ينام وإنما
يُنام فيه، وقال رؤبة:
فنام ليلى وتجلَّى
همِّي
(إِنْ عِنْدَكمْ مِنْ
سلْطانٍ بهذَا) (68) مجازه: ما عندكم سلطان بهذا، ومن حروف الزوائد، ومجاز سلطان
ها هنا: حجّةٌ وحقٌّ وبرهان.
(ثمَّ لا يَكُنْ
أَمْركُمْ عَلَيْكمْ غُمَّةً) (71) مجازها: ظلمة وضِيق وهمٌّ، قال العَجَّاج:
بل لو شَهدتَ الناس
إذ تُكُمُوا ... بغمَّةٍ لو لم تُفرَّجْ غُمُّوا
تكمّوا: تُغُمِّدوا،
يقال تكمِّيت فلاناً أي تغَمَّدته، وقد كميتَ شهادتك إذا كتمتها، وفارس كَمِيُّ
وهو الذي لا يظهر شجاعته إلا عند الحاجة إلى ذلك.
(ثمَّ اقْضُوا إليَّ
وَلاَ تُنْظِرون) (71) مجازه كمجاز الآية الأخرى:
(وَقَضَيْنَا إلَى
بَنِي إسْرَائِيلَ) (174) أي أمرناهم.
(إلَى فِرْعَوْنَ
وَمَلائِهِ) (75) أي أشراف قومه.
(أجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا
عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا) (78) أي لتصرفنا عنه وتميلنا وتلوينا عنه،
ويقال: لفت عنقه. كقول رؤبة:
يَدُقُّ صُلّباتِ
العِظامِ لَفْتِى ... لَفْتاً وتهزيعاً سَواءَ اللَّفْتِ
التهزيع: الدَّق؛
واللَّفت: اللَّى.
(قَالَ مُوسى مَا
جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ) (81) مجاز ما ها هنا: الذي؛ ويزيد فيه قوم ألف
الاستفهام، كقولك: آلسِّحر؟.
(اطْمِسْ عَلَى
أَمْوَالِهِمْ) (88) أي أذهِب أَموالهم، ويقال: طمسَتْ عينُه وذهَبتْ، وطمسَت
الريح على الديار.
(واشْدُدْ عَلَى
قُلُوبِهِمْ) (88) مجازه ها هنا كمجاز (اشددِ البابَ)، ألا نرى بعده: (فَلاَ
يُؤْمِنوا) (88) جزمُ، لأنه دعاء عليهم، أي فلا يؤمننَّ.
(فَأَتْبَعَهُمْ
فِرْعَوْنُ) (90) مجازه: تبعهم، هما سواء.
(بَغْياً وَعَدْواً)
(90) مجازه: عُدواناً.
(فالْيَوْمَ
نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ) (92) مجازه: نُلِقيك على نَجْوة، أي ارتفاع ليصر علماً أنه
قد غَرق.
(لتَكُونَ لَمِنْ
خَلْفَكَ آيَةَ) (92) أي علامة، ومجاز خلفك: بَعدك.
(إِنَّ الَّذِينَ
حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ
آيَةٍ حَتّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ) (96، 97) مجازه: المؤِلم وهو الموجع، والعرب تضع فعيل في موضع مُفْعِل، وقال في
آية أخرى: (سَمِيعٌ بَصِيرٌ) (2261) أي مُبصِرٌ وقال عَمْرو بن مَعْد يَكْربَ.
أمِنْ رَيْحانة
الداعي السميعُ
يريد المسُمِع.
رَيْحانة: أخت عمرو بن مَعْد يكرب كان الصِّمّة أَغار عليها وذهب بها، وقال أبو
عبيدة: كانت ريحانة أختَ عمرو وفسباها الصِّمّة وهي أم دُرَيد وخالد.
(إِلا قَوْمَ يُونُسَ)
(98) مجاز إلاّ ها هنا مجاز الواو، كقولك: وقوم يونس لم يؤمنوا حتى رأوا العذاب
الأليم فآمنوا ف(كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ)، وقال في ذلك عَنَز بن
دَجَاجةَ المازِنيُّ:
مَن كان أسرعَ في
تَفَرُّقِ فالجٍ ... فلَبونُه جَرِبتْ معاً وأغدَّتِ
إِلاّ كنا شرةَ الذي
ضَيَّعتمُ ... كالْغصن في غُلَوائِه المُتَنَبِّتِ
وقال الأعشى:
من مبلغٌ كِسْرَى إذا
ما جئتَه ... عنِّي قوافٍ غارماتٍ شُرَّدا
إلاّ كخارجةَ
المكلِّف نفسَه ... وابْنَي قَبِيصةَ أن أَغيبَ ويَشَهدا
أي وكخارجةَ وابنّي
قَبِيصةَ؛ ثم جاء معنى هذا (فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها
إيمَانهَا) (98) مجازه: فهّلا كانت قرية إذا رأت بأسنا آمنت فكانت مثلَ قوم يونس.
ولها مجاز آخر قالوا فيه: (إِنَّ الّذينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لاَ
يؤْمِنونَ وَلَوْ جَاءَتْهم كلُّ آيَةٍ حَتّى يَرَوا العَذَابَ الأَلِيمَ) (96،
97) ثم استثنى منهم فقال: إِلاّ أن قومَ يونسَ لمَّا رأوا العذاب آمنوا فنفعهم إيمانهم فكشفنا
عنهم عذاب الخِزيِ.
ويقال: يونسْ ويؤنِس
كأنه يُفعِل من: آنسَتُه.
(فإِنَّمَا يَضِلٌّ
عَلَيْهَا) (108) مجازه: يضل لها أي لنفسه، وهداه لنفسه.
بسم الله الرحمن
الرحيمسورة هود (11)
(آلر) (1) ساكن، مجازه
مجاز فواتح سائر السور اللواتي مجازهن مجاز حروف التهجي، ومجازه في المعنى. ابتداء
فواتح سائر السور.
(آلرِ كتَابٌ): مجازه
مجاز المختصر الذي فيه ضمير، كقوله: هذا كاب.
(مِنْ لَدُنْ) (1) أي
هذا قرآن من عندح لدن ولدن ولداً سواء ولد.
(لِيَسْتَخْفُوا
مِنْهُ أَلاَ حِينَ يَسْتغْشُونَ ثِيَابَهُمْ) (5) والعرب تدخل ألا توكيداً
وإيجاباً وتنبيهاً.
(وَمَا مِنْ دَابَّة
فِي الأَرْضِ إلاّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا) (6) كل آكل فهو دابة، ومجازه: وما دابة
في الأرض؛ ومن من حروف الزوائد.
(وَلئِنْ أَخَّرْنَا
عَنْهمْ العَذَابَ إلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ) (8) أي إلى حين موقوت وأجل، وفي آية
أخرى: (وادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ) (1245) أي بعد حين.
(أَلاَ يَوْمَ
يَأتِيهِمْ) (8) ألا توكيد وإيجاب وتنبيه.
(وَحَلَقَ بِهِمْ) (8)
أي نزل بهم وأصابهم.
(لَيَؤُسٌ كَفُورٌ)
(9) مجازه: فعول من يئست.
(وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ
نَعْمَاءَ) (10) أي أمسسناه نعماء.
(وَيَقُولُ
الأَشْهَادُ) (18) واحدهم شاهد بمنزلة صاحب والجميع أصحاب، ويقول: بعضهم شهيد في
معنى شاهد بمنزلة شريف والجميع أشراف.
(أَلاَ لَعْنَةُ اللهِ
عَلَى الظَّالِمِينَ) (18) مجازه: لعنة الله، وألا إيجاب وتوكيد وتنبيه.
(وَأَخْبَتُوا إِلى
رَبِّهِمْ) (23) مجازه: أتابوا إلى ربهم وتضرعوا إليه، وخضعوا وتواضعوا له.
(مَثَلُ الفَرِيقَيْنِ
كَالأَعْمَى والأصَمِّ وَالبْصَيرِ والسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً) (24)
مجازه: مَثل الكافر وهو الأعمى الذي لا يبصر الهدى والحق ولا أمر الله وإن كان
ينظر، وهو الأصم الذي لا يسمع الحق ولا أمر الله وإن كان يسمع بأذنه؛ والمؤمن وهو
البصير أي المبصر الحق والهدى، وهو السامع الذي يسمع أمر الله ويهتدي له، ومجازه
مجاز المختصر الذي فيه ضمير كقولك: مثل الفريقين كمثل الأعمى، ثم رجع الوصف إلى
مثل الكافر ومثل المؤمن فقال: (هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً) أي لا يستوي المثلان
مثلا، ولي موضع هل ها هنا موضع الاستفهام ولكن موضعها ها هنا موضع الإيجاب أنه لا يستويان،
وموضع تقرير وتخبير، أن هذا ليس كذاك، ولها في غير هذا موضع آخر: موضع قد،
قال: (هَلْ أَتى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً
مَذْكُوراً) (761) معناها: قد أنى على الإنسان.
(بَادِئَ الرَّأْيِ)
(27) مهموز لأنه من بدأت عن أبي عمرو، ومعناه: أول الرأي، ومن لم يهمز جعله ظاهر
الرأس من بدا يبدو، وقال الراجز:
وقد عَلَتْني ذُرْأةٌ
بادِي بَدِىْ
(فلم يهمز جعلها في
بدا، الذُّرأة الشَّمَط القليل في سَوادٍ، مِلحٌ ذَرْآنيٌّ: الكثير
البياض وكَبَشٌ أذرأ، ونعجة ذرآء في أذنها بياض شِبهُ النَّمش.
(فَعَلىَّ إجْرَامِي)
(35) وهو مصدر أجرمت، وبعضهم يقول: جرمت تجرم، وقال الهيْرُدان السَّعْديُّ أحد
لصوص بني سَعْد: (طَريدُ عَشيرةٍ ورَهينَ ذنبٍ بما جَرَمت يدِي وجَنَى لساني
(الفُلْكَ) (37) واحد وجميع وهي السفينة والسُّفن مثل السلام واحدها السلامة مثل
نعام ونعامة، وقتاد وقتادة.
(بِسْمِ اللهِ
مَجْرَاهَا) (41) أي مسيرها وهي من جرت بهم، ومن قال: مجراها جعله من أجريتها أنا،
قال لبيد:
وعُمرتُ حَرْساً قبل
مُجْرَى داحسٍ ... لو كان للنفس اللَّجُوجِ خُلودُ
قوله: حرساً يعني
دهراً؛ ويقال: مَجْرَى داحس.
(وَمُرْسَاهَا) (41)
أي وقفها وهو مصدر أرسيتها أنا.
(وَغيضَ المَاءُ) (44)
غاضت الأرض والماء، وغاض الماء يغيض، أي ذهب وقلَّ.
(الجُودِىِّ) (44) اسم
جبل، قال زيد بن عمرو بن نُفيل العَدَويُّ:
وقَبْلنا سَبَّح
الجُودِيُّ والجُمُدُ
(إِنْ نَقُولٌ إِلاَّ
اعترَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ) (54) وهو افتعلك من عروته، أي أصابك، قال أبو
خراش.
تَذكَّر دَخْلاً
عندنا وهو فاتك ... مِن القوم بعروه اجتراءُ ومَأثَمُ
(إِلاَّ هُوَ آخِذ
بِنَاصِيَتِهَا) (56) مجازه إلا هو في قبضته وملكه وسلطانه.
(أَمْرَ كُلِّ جَبَّار
عَنِيدٍ) (59) وهو العنود أيضاً والعاند سواء وهو الجائر العادل عن الحق قال
الراجز:
إنَي كبيرٌ لا أطيقُ
العُنَّدا
يعني من الإبل، ويقال
عرق عاند، أي ضار لا يرقا، قال العَجَّاج:
مما ضَرَىَ العِرْقُ
به الضَّرِىُّ
(هُوَ أَنْشَأَكُمْ
مِنَ الأَرْض) (61) أي ابتدأكم فخلقكم منها.
(وَاسْتَعْمَرَكُمْ) (61) مجازه: جعلكم عُمّار الأرض، يقال: اعمرته الدار، أي جعلتها له أبداً وهي
العمري وأرقبته: أسكنته إيّاها إلى موته.
(قَالُوا سَلاَماً قال
سَلامٌ) (69)، قالوا: لا يتمكن في النصب وله موضعان: موضع حكاية، وموضع آخر يعمل
فيما بعده فينصب، فجاء قوله: قالوا سلاماً، منصوباً لأن قالوا: عمل فيه فنصب، وجاء
قوله سلام مرفوعاً على الحكاية، ولم يعمل فيه فينصبه.
(أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ
حَنِيذٍ) (69) في موضع محنوذ وهو المشوىّ، يقال: حنَذت فرسي، أي سخنته وعرّقته،
قال العَجَّاج:
ورهِبا مِن حَنْذه أن
يَهْرَجا
(نَكِرَهُمْ) (70)
وأنكرهم سواء، قال الأعشَى:
فأنكرتْني وما كان
الذي نَكِرتْ ... من الحوادث إلاّ الشَّيْبَ والصَّلَعا
قال أبو عبيدة: قال
يونس: قال أبو عمرو: أنا الذي زدت هذا البيت في شعر الأعشى إلى آخره فذهب فأتوب
إلى الله منه، وكذلك استنكرهم.
(وَأوْجَسَ مِنْهُمْ
خِيفةُ) (70) أي أحسّ وأضمر في نفسه خوفاً.
(حَمِيدٌ مَجِيدٌ)
(73) أي محمود ماجد.
(عَنْ إبْرَاهِيمَ
الروع) (74) أي الذُّعر والفَزع.
(مُنِيبُ) (75) أي
راجع تائب.
(سِئَ بِهِمْ) (77)
وهو فُعلَ بهم السوء.
(هذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ)
(77) أي شديد، يعصب الناس بالشر، وقال عَدِيَ بن زيد:
وكنتُ لِزازَ خصمِكَ
لم أُعُرِّدِ ... وقد سلكوكَ في يومٍ عصيبِ
وقال:
يومٌ عصيبٌ يَعصبِ
الأبْطالا ... عَصْبَ القَوِيِّ السُّلَّم الطِّوالا
وقال:
وإنكَ إلا تُرض بَكرَ
بن وائلٍ ... يكنْ لك يومٌ بالعِراقِ عَصِيبُ
(يُهْرَعُونَ
إِلَيْهِ) (78) أي يُستَحثون إليه، قال:
بمُعجَلات نحوه
مَهارِعُ
(أَوْ آوِى إِلى
رُكْنٍ شَدِيدٍ) (80) من قولهم: آويت إليك وأنا آوي إليك أُويّاً والمعني: صرت
إليك وانضممت، ومجاز الركن ها هنا عشيرة، عزيزة، كثيرة، منيعة، قال:
يأوِى إلى ركنٍ من
الأركان ... في عددٍ طَيْسٍ ومجدٍ بانِ
الطيس: الكثير، يقال:
أتانا بلبنٍ طَيسٍ وشراب طيس أي كثير.
(فأسْرٍ بِأهْلكَ)
(81) يقال: سريت وأسريت به، قال النابغة الذُّبيانيُّ:
سَرَتْ عليه من
الجوزاء ساريةٌ ... تُزجي الشِّمالُ عليه جامِدَ البَرَدِ
ولا يكون إلاّ بالليل.
(فَأسْرِ بِأَهْلِكَ
بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدً إِلاَّ أمْرَأَتَكَ)
منصوبَة لأنها في موضع مستثنى واحدٍ من جميع فيخرجونه منهم، يقال: مررت بقومك إلا
زيداً وكان أبو عمرو بن العلاء يجعل مجازها على مجاز قوله: لا يلتفت من أهلك إلا
امرأتك فإنها تلتفت فيرفعها على هذا المجاز والسرى بالليل، قال لبيد:
فبات وأسْرَى القومُ
آخر ليلهم ... وما كان وَقَّافاً بغير مُعصَّرِ
(حِجَارَةً مِنْ
سِجِّيلٍ) (82) وهو الشديد من الحجارة الصُّلب ومن الضرب، قال:
ضَرْباً تَواصَى به
الأبطالُ سِجّيلا
وبعضهم يحوَّل اللام
نوناً كقول النّابغة:
بكل مُدَجَّجٍ
كاللّيث يَسْمو ... على أَوصال ذيَّالٍ رِفَنِّ
يريد رِفَلّ.
مَنْضُوضٍ: بعضه على
بعض: (مُسَوَّمَةً) (83) أي مُعلمة بالسيماء وكانت عليها أمثال الخواتيم.
(وَإِلى مَدْيَنَ
أَخَاهُمْ) (84) مَدْينَ لا ينصرفُ لأنه اسمُ مؤنثةٍ، ومجازها مجاز المختصر الذي
فيه ضمير: وإلى أهل مَدْين، وفي القرآن مثله، قال: (وَسْئَلِ القَرْيَةَ) (1282) أي أهل القرية (وَسَلِ الْعِيرَ) أي مَن
في العير.
(وَاتَّخَذْتُمُوهُ
وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيّاً) (92) مجازه: ألْقيتموه خلف ظهوركم فلم تلتفتوا إليه، ويقال: للذي لا يقضى حاجتك
ولا يلتفت إليها: ظهرتَ بحاجتي وجعلتَها ظِهريّة أي خلف ظهرك؛ وقال:
وجدنا بني البَرْصاءِ
مِن ولد الظَّهْرِ
أي من الذين يظهرون
بهم ولا يلتفتون إلى أرحامهم.
(أَلاَ بُعْداً
لِمَدْيَنَ) (96) مجازه: بُعداً لأهل مَدْين ، ومجاز ألا مجاز التوكيد والتثبيت
والتنبيه ونصب بعداً كما ينصبون المصادر التي في مواضع الفعل كقولهم: بعداً وسحقاً
وسقياً ورَعْياً لك وأهلاً وسَهلاً.
(الرِّفْدُ المَرْفُودُ)
(99) مجازه مجاز العَوْن المعان، يقال: رفدتُه عند الأمير، أي أعنتُه وهو من كل
خير وعون، وهو مكسور الأول وإذا فتحت أوله فهو القِدْح الضَّخْم قال الأعْشَى:
رُبَّ رَفْدٍ
(غَيْرَ تَتْبِيبٍ)
(102) أي تدمير وإهلاك وهو من قولهم: تبَّبتُه وفي القرآن: ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ
لهب) (181) ويقال: تَبّاً لك.
(عَطَاءً غَيْرَ
مَجْذُوذٍ) (109) أي غير مقطوع، ويقال: جذذت اليمين أي الحلف، (جذّ الصِّلِيّانة) أي
حَلَفَ فقطَعها ومنه جذذت الحبل إذ قطعته، ويقال: جذّ اللهُ دابرهم، أي قطَع أصلهم
وبقيَّتهم.
(فِي مِرْيَةٍ) (110)
أي في شكٍّ، ويكسر أولها ويُضَمّ، ومِرية الناقة مكسورة وهي دِرّتها، وكذلك مرية
الفرس وهي أن تمريه بساق أو زجر أوسَوطٍ.
(وَلاَ تَرْكَنُوا
إِلى الَّذِينَ ظَلَمُوا) (113) أي لا تعدلوا ولا تنزِعوا إليهم ولا تميلوا،
ويقال: ركنتُ إلى قولك أي أردته وأحبيته وقبِلته، ومجاز ظلَموا ها هنا كفروا.
(وَزُلَفاً مِنَ
الليْلِ) (115) أي ساعاتٍ وواحدتها زُلْفة، أي ساعة ومنزلة وقُربة، ومنها سميت
المزُدلفة، قال العَجَّاج:
ناجٍ طَواه الأيْنُ
ممن وَجَفَا ... طَيَّ اللّيالي زُلَفا فَزُلفا
سمَاوةَ الهِلالِ حتى
أحقَوْقفا
سماوته: شخصه وسماوة
الرجل شخصه، ووقع، طَيّ على ضمير فعْلٍ للمطى فيصير به فاعلاً.
(فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ
الْقُرُونِ مِنْ قَبَلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ) (117) مجازه: فهلا كان
من القرون الذين من قبلكم ذووا بقية، أي يبقون (ويَنْهَوْنَ عَنِ الفَسَادِ فِي
الأرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مَّمِنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ) منصوب لأنه استثناء من هؤلاء القرون وهم ممن أنجينا، ومجازه: مجاز
المختصر الذي فيه ضمير فلولا كان من القرون الذين كانوا من قبلكم.
(مَا أُتْرِفُوا
فِيهِ) (117) أي ما تجبَّروا وتكبروا عن أمر الله وصدوا عنه وكفروا، قال:
تُهْدِى رؤوسَ
المُتْرَفينَ الصُّدّادْ ... إلى أمير المؤمنين المُمتادْ
المُمتاد مِن ماد
يَميد.
بسم الله الرحمن
الرحيم
سورة يوسف(وكَذلِكَ
يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ) (6) أي يختارك.
(وَعَلَى آلِ
يَعْقُوبَ) (6) أي على أهل يعقوب، والدليل على ذلك إنك إذا صغرت آل قلت أهيل، وعلى
أهل ملته أيضاً.
(فِي غَيَابَةِ
الجُبِّ) (10) مجازها: أن كل شئ (غُيّب عنك شيئاً) فهو غيابة، قال المُنَخَّل بن
سُبَيع العَنْبَريُّ:
فإن أنا يوماً
غيَّبَتْنِي غَيابتي ... فسيروا مَسيري في العشيرة والأهلِ
والجب: الركِيّة التي
لم تُطوَ، قال الأعْشَى:
لئن كنتَ في جُبِّ
ثمانين قامةً ... ورُقِّيتَ أسبابَ السماءَ بسُلَّمِ
(نَرْتَعْ وَنَلْعَبْ)
(15) أي ننعم ونلهو وقال في المثل: (القَيْدُ والرَّتْعَةُ) وقرأها قوم يرتع أي
غبلنا، ونُرتِع نحن إبلَنا.
(وَمَا أَنْتَ
بِمُؤْمِنٍ لَنَا) (17) أي بمصدق ولا مُقرّ لنا أنه صدق.
(سَوَّلَتْ لَكُمْ
أَنْفُسُكُمْ) (18) أي زّينتْ وحسَّنتْ، وتابعتكم على ذلك.
(فَصَبْرٌ جَمِيلٌ)
(18) مرفوعان لأن جميل صفة للصبر ولو كان الصبر وحده لنصبوه كقولك: صبراً ، لأنه
في موضع: اصبر، وغذا وصفوه رفعوه واستغنوا عن موضع: اصبر، قال الراجز:
يشكو إلىَّ جَمَلى
طولَ السُّرَى ... صَبرٌ جميلٌ فكِلانا مبُتَلى
قال أبو الحسن
الأثرم: سمعت من ينشد: صبراً جُمَيل أرد نداء يا جُميلُ (وَشَرَوْهُ بِثَمَنِ بَخْسٍ) (20) أي باعوه، فإذا بعته أنت قلت:
اشتريته، قال ابن مُفَرِّغ:
وشَريتُ بُرْداً
ليتَني ... من بَعد بُردٍ كنتُ هامْه
أي بعته؛ بَخْسٍ: أي
نقصان ناقص، منقوص، يقال: بخسَني حقي، أي نقصني وهو مصدر بخست فوصفوا به وقد تفعل
العرب ذلك.
(بِثَمَنٍ بَخْسٍ
دَرَاهِمَ مَمْدُودَةٍ) (20) جررتَه على التكرير والبدل.
(أَكْرِمِي مَثْوَاهُ)
(21) أي مقامه الذي ثواه، ومنه قولهم: هي أُمّ مَثْوىَ وهو أبو مَثْوىَ، إذا كنت
ضَيفاً عليهم.
(ولَمَّا بَلَغَ
أَشُدَّهُ) (22) مجازه: إذا بلغ منتهى شبابه وحدّه وقوّته من قبل أن يأخذ في
النقصان وليس له واحد من لفظه.
(وَقَالتْ هَيْتَ
لَكَ) (23) أي هلُمَّ لك، أنشدني أبو عمرو بن العلاء:
أبلْغ أمير المؤمن
... ين أخا العِراق إذا أتَيتَا
أنّ العِراق وأهلَه
... عُنُقٌ إليك فهيتَ هَيْتا
يريد عليّ بن أبي
طالب رحمه الله، أي تعالى وتقرب وادته، وكذل لفظ هيت للاثنين والجميع من الذكر
والأنثى سواء إلا أن العدد فيما بعدها تقول: هيت لكما وهيت لكن، وشهدت أبا عمرو
وسأله أبو أحمد أو أحمد وكان عالماً بالقرآن وكان لألأً ثم كبر فقعد في بيته فكان
يؤخذ عنه القرآن ويكون مع القُضّاة، فسأله عن قول من قال: هئت فكسر الهاء وهمز
الياء، فقال أبو عمرو: نبسى أي باطل جعلها قُلْتُ مِن تهيأت؛ فهذا الخِنْدِق،
واستعرِضِ العربَ حتى تنتهى إلى اليمن هل يعرف أحد هئت لك؛ كان خندق كسرى إلى هيت
حين بلغه أن النبي صلى الله عليه يخرج وخاف العرب فوضع عليه المراصد وصوامع وحرساً
ودون ذلك مناظر ثم لما كانت فتنة ابن الأشعث حفره عبيد الله بن عبد الرحمن بن
سمرة، وكان أعور، فقال له حميد الأرقط:
يا أعور العين فديتَ
العُورا ... لا تحسبنَّ الخِندق المحفورا
يردّ عنك القدرَ
المقدورا
وذلك أنه لما انهزم
ابن الأشعث من الزاوية قام هو بأمر أهل البصرة فناصب الحجاج، ثم لما هرب يزيد بن
المهلب من سجن عمر بن عبد العزيز حفره عدى بن أرطاة عامل البصرة، لئلا يدخل يزيد
البصرة ثم حفره المنصور وجعل عليه حائطاً مما يلي الباب فحصنه أشد من تحصين
الأولين للحائط ولم يكن له حائط قبل ذلك.
(وَأَلْفَيَا
سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ) (25) أي وجدا، قال:
فألقيُته غير مستعِتب
... ولا ذاكرَ الله إلاّ قليلا
أي وجدته.
(قَدْ شَغَفَهَا
حُبّاً) (30) أي قد وصل الحب إلى شغف قلبها وهو غلافه، قال النّابغة الذُّبيانيُّ:
ولكن همّاً دون ذلك
والجٌ ... مكان الشِّغَاف تبتغيه الأصابعُ
ويقرؤه قوم قد شعفها:
وهو من المشعوف.
(وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ
مُتَّكَئاً) (31): أفعلت من العتاد، ومعناه: أَعدّت.
له مُتكَئاً، أي ممرقاً
تتكئ عليه، وزعم قوم أنه الأترج، وهذا أبطل باطل في الأرض ولكن عسى أن يكون من
المتكاء أترج يأكلونه، ويقال: ألق له مُتكَئاً.
(أَكْبَرْنَهُ) (31) أجللنه وأعظمنه، ومن زعم أن أكبرنه حضن فمن أين، وإنما وقع عليه الفعل
ذلك، لو قال: اكبرن، وليس في كلام العرب اكبرن حضن، ولكن عسى أن يكون من شده ما
اعظمنه حضن.
(وُقُلْنَ حَاشَ للهِ)
(31) الشين مفتوحة ولا ياء فيه وبعضهم يدخل الياء في آخره، كقوله:
حاشى أبِى ثَوْبانَ
إنّ به ... ضَنّا عن المَلْحاةِ والشَّتْمِ
ومعناه معنى التنزيه
والاستثناء من الشرن ويقال: حاشيته أي استثنيته.
(أَصْبُ إِلَيْهِنَّ)
(33) أي أهواهُنّ وأمِيل إليهن، قال: يَزِيد بن ضَبَّة
إلى هِندٍ صبَا قلبِي
... وهِندٌ مثلُها تُصبِى
وقال:
صَبا صَبوةً بل لَجَّ
وهو لَجوجُ ... وزالت له بالأنْعَمَينِ حُدوجُ
(اذْكُرْنِي عِنْدَ
رَبِّكَ) (32) أي عند سيدك من بني آدم ومولاك وقال:
فإن يك رَبُّ أذوادٍ
بحِسْمَي ... اصابوا من لقائك ما أصابوا
قال الأعشَى:
رَبّي كريم لا يكدّرِ
نِعمةً ... وإذا تُنوشِدَ في المَهارِق أَنشدا
يعني النٌّعمان إذا
سئل بالمهارق الكتب، أنشدا: أعطى كقولك: إذا سُئل أعطى.
(أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ)
(44) واحدها ضغث مكسور وهي ما لا تأويل لها من الرؤيا، أراه جماعات تجمع من الرؤيا
كما يجمع الحشيش، فيقال ضغث، أي ملء كف منه، قال عَوْف بن الخَرِع التَّيْميّ:
وأسفلَ مني نَهدةً قد
ربطتُها ... وأَلقيتُ ضِغْثا من خَلىً متَطيّبِ
أي تطيبت لها أطايبَ
الحشيش، وفي آية أخرى (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فاضْرِبْ بِهِ) (3844).
(وَادَّكَرَ بَعْدَ
أمَّةٍ) (45) أي افتعل من ذكرت فأدغم التاء في الذال فحولوها دالاً ثقيلة بعد
أَمْةٍ أي بعد حين، وبعضهم يقرؤها بعد أمه، أي بعد نسيان، ويقال: أمهت تأمه أمهاً،
ساكن أي نسيت.
(إِلاَّ قَليلاً
مِمَّا تُحْصِنُونَ) (29) أي مما تحرزون.
(وَفِيه يَعْصِرُونَ)
(49) أي به ينجون وهو من العصر وهي العصرة أيضاً وهي المنجاة، قال:
ولقد كان عُصْرةَ
المنجودِ
أي المقهور المغلوب،
وقال لبيد:
فبات وأَسرَى القومُ
آخرَ ليلهم ... وما كان وقّافاً بغير معُصَّرٍ
(الآنَ حَصْحَصَ
الحَقُّ) (51) أي الساعةَ وضح الحقُّ وتبيِّن.
(وَنَمِيرُ أَهْلَنَا)
(65) من مِرت تمير ميراً وهي الميرة، أي نأتيهم ونشترى لهم طعومهم، قال أبو ذؤيب:
أتى قَريةً كانت
كثيراً طَعامُها ... كرفع التراب كلُّ شئ يَميرُها
(كَيْلَ بَعِيرٍ) (65)
أي حمل بعير يكال له ما حمل بعير.
(آوَى إِلَيْهِ
أَخَاهُ) (69) وهو يؤوى إليه إيواءً، أي ضمّه إليه.
(السِّقَايَةَ) (70)
مكيال يكال به ويُشرَب فيه.
(صُوَاعَ المُلِكِ)
(72) والجميع صيعان خرج مخرج الغراب والجمع غربان، وبعضهم يقول: هي صاعُ
المَلِكِ والجميع أصواع خرج مخرج باب والجميع أبواب.
(وأَنَا بِهِ زَعِيمٌ)
(72) أي كفيل وقبيل، قال المُؤسِّىُّ الأزْديَّ:
فلست بآمرٍ فيها
بسَلْم ... ولكنّي على نفسي زعيمُ
بغزوٍ مثل وَلْغ
الذئب حتى ... يَنُوءَ بصاحبي ثأرٌ منيم
(تاللهِ) (73) التاء بمنزلة واو القسم لأن الواو تحَّول تاءً، قالوا: تراث وإنما هي من
ورِثتُ، وقالوا: تقوى، وأصلها وقوى لأنها مِن وقيت.
(اسْتَيْئَسوا مِنْهُ)
(80) استفعلوا مِن يئست.
(خَلَصُوا نَجِيّاً)
(80) أي اعتزلوا نجيّاً يتناجون، والنجى يقع لفظه على الواحد والجميع أيضاً وقد
يجمع، فيقال: بَجىٌ وأنْجية، وقال لَبِيد:
وشَهدتُ أَبجية
الأفاقة عالياً ... كعبي وأَردافُ الملوك شهودُ
(يَأَسَفَي عَلَى
يُوسُفَ) (84) خرج مخرج النُّدبة، وإذا وقفت عندها قلت: يا أسفاه، فإذا اتصلت ذهبت
الياء كما قالوا:
يا راكباً إمّا عرضتَ
فَبّلغنْ
والأسف أشدّ الحزن
والتندم، ويقال: يُوسُف مضموم في مكانين، ويُوسِف تضمّ أوله وتكسر السين بغير همز،
ومنهم من يهمزه يجعله يُفعِل مِن آسفته.
(تَفْتَؤُ تَذْكُرُ
يُوسُفَ) (85) أي لا تزال تذكره، قال أَوْس بن حَجَر:
فما فتِئتْ خيلٌ
تَثُوبُ وتدَّعِى ... ويَلحق منها لاحِقٌ وتقَطَّعُ
أي فما زالت، قال
خِداش بن زُهَير:
وأبرَحُ ما أَدام
الله قومي ... بحمد الله منتطِقا مُجيدا
معنى هذا: لا أَبرح
لا أَزال (حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً) (85) والحرض الذي أذابه الحزنُ أو العشق وهو في
موضع مُحرضَ، قال:
كأنك صَمٌّ
بالأَطِبّاء مُحْرَضُ
وقال العَرْجِىّ:
إلِّى امرؤٌ لجَّ بي
حُبٌّ فأَحرضنِي ... حتى بكيِتُ وحتى شَفَّني السَّقمُ
أي أذابين. فتبقى
مُحرَضاً.
(أوْ تَكُونَ مِنَ
الهَالِكِينَ) (85) أي من الميِّتين.
(إنَّمَا أَشْكُوا
بَثِّي وَحُزْنِيَ إلى اللهِ) (86) البَثّ أشد الحزن، ويقال: حَزَن،
متحرك الحروف بالفتحة أي في اكتاءب، والحزن أشدّ الهَمّ.
(اذْهَبُوا
فَتَجَسَّسُوا) (87) أي تخبَّروا والتمسوا في المظان.
(مُزْجَاةٍ) (88)
يسيرة قليلة، قال:
وحاجةٍ غيرُ مُزجاة
من الحاجِ
(وإِنْ كُنَّا
لخَاطِئِينَ) (91) مجازه: وإن كنا خاطئين، وتزاد اللام المفتوحة للتوكيد والتثبيت،
وخطئت وأخطئت واحد، قال امرؤٌ القَيْس:
يا لهفَ هندٍ إذ خطئن
كاهلا
أي أخطأن، وقال:
أُمَيَّة بن الأسْكُر:
وإنّ مهاجِرَين
تكنَّفاه ... غداة إذٍ لقد خطئا وحابا
(لا تَثْرِيبَ
عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ) (92) أي لا تخليط ولا شَغب ولا إفساد ولا معاقبة.
(يَأْتِ بَصِيراً)
(93) أي يَعُد بصيراً أي يَعُد مُبصراً.
(لَوْلاَ أَنْ
تُفَنِّدُونِ) (94) أي تُسفُّهونِي وتُعَجّزوني وتلوموني، قال هَانئُ بن شكيم
العَدَوِيُّ:
يا صاحبيَّ دَعا
لَوْمي وتفنيدي ... فليس ما فات مِن أَمْرٍ بمردودِ
(عَلَى العَرْشِ)
(100) أي السرير.
(مِنَ البَدْوِ) (100)
وهو مصدر بدوت في البادية.
(مِنْ بَعْدِ أَنْ
نَزَغَ الشَّيْطَانُ) (100) أي أَفسد وحمل بعضنا على بعض.
(غَاشِيَةٌ مِنْ
عَذَابِ اللهِ) (107): مُجَلِّلةٌ.
(أُوْ تَأْتِيَهُمُ
السَّاعَةُ بَغْتَةً) (107) أي فجأة، قال ابن ضَبّة وهو يزيد ابن مُقسِم الثّقفي،
وأُمه ضبة التي قامت عنه أي ولدته:
ولكنّهم بانوا ولم
أَدْرِ بَغتةً ... وأفظع شئٍ حين يفجَأُكَ البغتُ
(قُلْ هذِهِ سَبِيليَ)
(108) قال أبو عمرو: تذكر وتؤنَّث، وأنشدنا:
فلا تبعَدْ فكل فتى
أناسٍ ... سيصبِح سالكاً تلك السبيلا
(عَلَى بَصِيرَةٍ
أَنَا) (108) يعني على يقين.
بسم الله الرحمن
الرحيم
سورة الرعد(بِغَيْرِ
عَمَدٍ) (2) متحرك الحروف بالتفحى، وبعضهم يحركها بالضمة لأنها جميع عمود وهو
القياس لأن كل كلمة هجاؤها أربعة أحرف الثالث منها ألف أو ياء أو واو فجميعه متحرك
مضموم نحو رسول والجميع رُسُل، وصَليب والجميع صُلُب، وحِمار والجميع حُمُر، غير
أنه جاءت أسامي منه استعملوا جميعه بالحركة بالفتحة نحو عمود وأديم وإهاب قالوا:
أدَم وأهَب؛ ومعنى عَمَد أي سَوارى ودعائم وما يعَمَد البناء، قال النَّابغة
الذُّبيانيُّ:
وخَيِّسِ الجِنّ
أَنِّي قد أَذِنْت بهم ... يَبْنون تَدْمُرَ بالصُّفَّاحِ والعَمَدِ
(وَسَخَّرَ الشَّمْسَ
والقَمَرَ) (2) أي ذللَّها فانطاعا.
(كُلٌّ يَجْرِي) (2)
مرفوع على الاستئناف وعلى يجري ولم يعمل فيه وسخَّر ولكن انقطع منه. وكل يجري في
موضع كلاهما إذا نَوَّنوا فيه، فلذلك جاءت للشمس وللقمر لأن التنوين بدل من
الكناية.
(وَهُو الَّذِي مَدَّ
الأَرْضَ) (3) أي بسطها في الطول والعرض، (وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ) أي جبالاً ثابتاتٍ؛
يقال: أرسيتُ الوتد، قال:
به خالداتٌ ما يَرِمن
وهامدٌ ... وأشْعثُ أَرْسَتْه الوليدةُ بالْفِهرِ
أي أثيبته في الأرض.
(وَمِنْ كُلِّ
الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) (3) مجازه: مِن لك ذكر وكل أنثى
اثنين، فكأنه أربعة منهما: من هذا اثنين ومن هذا اثنين، وللزوج موضعان: أحدهما أن
يكون واحداً ذكراً، والثاني أن يكون واحدةً اثنين أيضاً.
(يُغْشِى اللَّيْلَ
والنَّهَارَ) 03) مجازه: يحلّل الليل بالنهار والنهار بالليل.
(وَفي الأَرْضِ قِطعٌ
مُتَجَاوِرَاتٌ) (4) أي متدانيات متقاربات غير جنات ومنهن جَنَّاتٌ.
(وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ
وَغَيْر صِنْوَانٍ) أي يكون أصله واحداً وفرعه متفرقٌ، وواحد صِنوٌ والأثنان
صِنوانٌ النون مجرورةٌ في موضع الرفع والنصب والجر كنون الأثنين، فإذا جمعته قلت:
صنوانٌ كثير، والإعرابُ في نونه يَدخله النصبُ والرفع والجّر ولم نجد جمعاً يجرى
مجراه غير قنو وقنوان والجميع قنوان وَغَيْرُ صِنْوَانٍ مجازه: أن يكون الأصل
والفرع واحداً، لا يتشعب من أعلاه آخر يحمل: (يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ) (49 لأنه
يشرب من أصفله فيصل الماء إلى فروعه المتشعبة من أعلاه.
(وَنُفَضِّلُ
بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكْلِ) في الثمرة والأكل.
(الأَغْلاَلُ) واحدها
غُلّ لا يكون إلاّ في العنق.
(خَلَتْ مِنْ
قَبْلِهِمُ المَثُلاَتُ) (6) واحدتها مَثُلة ومجازها مجاز الأمثال.
(وَمَا تَغِيضُ
الأَرْحَامُ) (8) أي ما تُخرج من الأولاد ومما كان فيها.
(وَمَا تَزْدَادُ) (8)
أي ما تُحدِث وتُحْدُث.
(وَكُلُّ شَئٍ
عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ) (8) أي مقدر وهو مفعال من القدر.
(وَسَارِبٌ بالنّهَارِ)
(10) مجازه: سالك في سَرَبه، أي مذاهبه ووجوهه، ومنه قولهم: أصبح
فلان آمناً في سَرَبه، أي في مذاهبه وأينما توجه، ومنه: انسرب فلان.
(لَهُ مُعَقِّباتٌ
مِنْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ) مجازه: ملائكة تعقِّب بعد ملائكة، وحفظة
تُعقِّب بالليل حفظة النهار تعقِّب حفظة الليل، ومنه قولهم: فلان عقّبني، وقولهم:
عقَّبت في أثره.
(يَحْفَظُونَهُ مِنْ
أَمْرِ اللهِ) (11) أي بأمر الله يحفظونه من أمره.
(وَإِذَا أَرَادَ
اللهُ بِقَوْم سُوءًا) (11) مضموم الأول، ومجازه: هلكة وكل جُذام وبَرص وعَمىً،
وكل بلاء عظيم فهو سوء مضموم الأول، وإذا فتحت أوله فهو مصدر سؤت القوم، ومنه
قولهم: رجل سَوءٍ قال الزِّبْرِ قان بن بَدْر:
قد علمتْ قَيْسٌ
وخِندِفُ إِنّني ... وَقَيتُ إذا ما فارس السَّوءِ أَحجَما
(يُرِيكُم البَرْقَ
خَوْفاً وَطَمَعاً) (12) أي تَرهَبونه وتطمَعون أن يُحييكم وأن يُغيثكم.
(وَيُنْشىُّ
السَّحَابَ) (12) أي يبدأَ السحاب، ويقال: إذا بدأ نشأ.
(وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ
بِحَمْدِهِ) (13) إما أن يكون اسم ملك قد وُكّل بالرَّعد وإما أن يكون صوت سحاب
واحتجوا بآخر الكلام: (وَالمَلاَئِكَةُ مِنْ خيْفَتهِ) (13) يقال: ألا ترى أن العرب تقول:
جَوْن هزيمٌ رَعْدُه
أجَشُّ
ولا يكون هكذا إلا
الصوت.
(شَدِيدُ المِحَالِ)
(13) أي العقوبة والمكر والنكال، قال الأعْشَى:
فَرْعُ تَبْعٍ يَهتزّ
في غصن المَجد غِزيرُ النَّدَى شديدُ المِحالِ
إنْ يعاقبْ يكن
غَراماً وإن يُع ... طِ جزيلاً فإنه لا يُبالِي
غرام: هلاك وفي
القرآن: (إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً) (2565) أي هلاكاً وقد فسرناه في موضعه،
وقال ذُو الرُّمّة:
أَبرّ على الخصومِ
فليس خَصمٌ ... ولا خصمانِ يغلبه جِدالا
ولَبْسٍ بين أقوامٍ
فكلٌ ... أَعدَّ له الشَّغازبَ والمِحالا
والشَّغزبة الالتواء
(والَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ) (14) مجازه: والذين يدعون غيره من دونه، أي
يقصرون عنه. (يَدْعُونَ) من الدعاء، ومجاز دونه مجاز عنه قال:
أتُوعدوى وراءَ بني
رِياحٍ ... كذبتَ لتقصرنَّ يَداك دونِي
أي عنّي.
(لا يَسْتَجِيبُونَ)
(14) مجازه: لا يجيبون، وقال كَعْب:
وداعٍ دعَا يا مَنْ
يُجيبُ إلى النَّدَى ... فلم يستجبه عند ذاك مجيبُ
(إِلاَّ كَبَاسِطِ
كَفَّيْهِ إِلى المَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ) (15) مجازه: إن الذي يَبسُط كفَّه ليقبض
على الماء حتى يؤديه إلى فيه لا يتم له ذلك ولا تَسقِه أناملَهُ أي تجمعه، قال
ضابِيُّ بن الحارث البُرْجُمِيُّ:
فإني وإيّاكم
وشَوْقاً إليكم ... كقابض ماءٍ لم تَسِقْه أَنَامُلهْ
يقول: ليس في يدي من
ذلك شئ كما أنه ليس في يد القابض على الماء شئ. وقال:
فأصبحتُ مما كان بيني
وبينَها ... من الوُدّ مثلَ القابض الماءَ باليدِ
(بِالغُدوِّ
وَالآصَال) (15) أي بالعشىِّ. واحدها: أُصُل وواحد الأُصُل أصيل وهو ما بين العصر
إلى مغرب الشمس، وقال أبو ذُؤيب:
لعمري لأنتَ البيت
أُكرِمُ أهْلَه ... وأقعدُ في أفيائه بالأصائلِ
وقال النَّابِغة:
وقفتُ فيها أصَيلالاً
أسائِلُها ... عيَّتْ جواباً وما بالرَّبْع مِن أحدِ
أصيلال: تصغير آصال.
(فَاحْتَمَلَ السَّيلُ
زَبَداً رَابِياً) (17) مجازه: فاعلٌ مِن رَبا يربو. أي ينتفخ.
(أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ
مِثْلُهُ) (17)، وهو ما تمتعت به، قال المشعث:
تمتْع يا مُشَعَّثُ
إنّ شيئاً ... سَبقتَ به المماتَ هو المَتاعُ
(كَذلِكَ يَضْرِبُ
اللهُ الحَقَّ والْبَاطِلَ) (17) أي يمثِّل الله الحق ويمثل الباطل.
(فَأَمَّا الزَّبَدُ
فَيذْهَبُ جُفَآءً) (17) قال أبو عمرو بن العَلاء: يقال: قد أَجفأت القِدرُ، وذلك
إذا غلت فانصبّ زبدُها أو سكنت فلا يبقى منه شئ.
(لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا
لِرَبِّهِمِ الحُسْنَى) (18) استجبت لك واستجبتك سواء وهو أجبت، والحسنى هي كل خير
من الجنة فما دونها، أي لهم الحسنى.
(المِهَادُ) (18)
الفِراش والبِساط.
(أُولُو الألبَابِ)
(19) أي ذوو العقول، واحدها لُبّ وأولو: واحدها ذو (وَيَدْرَءُونَ بِالحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) (23) أي يدفعون السيئة
بالحسنة، درأته عني أي دفعته.
(عُقْبَي الدَّارِ)
(24) عاقبة الدار.
(سَلاَمٌ عَلَيِكُمْ)
(24) مجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير كقولك: يقولون سلام عليكم.
(وَمَا الحَيَاةُ
الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ " (26) إلاَّ مُتْعة وشئ طَفيف حقير.
(مَنْ أَنابَ) (27)
مَن تاب.
(طُوبَى لَهُمْ
وَحُسْنُ مَآبٍ) (29) أي مُنقَلَب.
(خَلَتْ مِنْ
قَبْلِهَا أُمَمٌ) (30) أي مضت قرون من قبلها وملل.
(وَإلَيْهِ مَتَابِ)
(30) مصدر تبتُ إليه، وتوبتي إليه سواء.
(وَلَوْ أَنَّ
قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِه
المَوْتَى) (31) مجازه مجاز المكفوف عن خبره، ثم استؤنف فقال: (بَلْ للهِ الأَمْرُ
جَمِيعاً) (31) فمجازه: لو سيّرت به الجبال لسارت، أو قطّعت به الأرْض لتقطعت، ولو
كُلّم به الموّتى لنُشِرت، والعرب قد تفعل مثل هذا لعِلم المستمع به استغناءً عنه
واستخفافاً في كلامهم، قال الأخطل:
خَلا أنّ حيّاً مِن
قريشٍ تفضَّلوا ... على الناس أو أنّ الأكارم نَهْشَلا
وهو آخر قصيدة، ونصبه
وكفّ عن خبره واختصره وقال عبد مناف ابن رِبْع الهذَليّ:
الطَّعن شَغْشَغةٌ
والضَّرب هَيْقَعةٌ ... ضربَ المُعوِّل تحتَ الأِّيمة العَضدا
وللقِسىّ أزامِيلٌ
وغَمَغَمةٌ ... حسن الجَنوبِ تَسوق الماءَ والبَرَدا
حتى إذا اسلكوهم في
قُتائدةٍ ... شلاَّ كما تطرد الجمَّالةُ الشُرُدا
وهو آخر قصيدة، وكف ن
خبره. وقوله شغشغة: أي يدخله ويخرجه؛ والهيقعة أن يضرب بالحد من فوق والمعول: صاحب
العالة وهي ظلة يتخذها رعاة البهم بالحجاز إذا خافت البرد على بهمها. فيقول:
فيعتضد العَضَدَ من الشجر لبَهمه أي يقطعه؛ والدِّيمة المطر الضعيف الدائم؛
والأزاميل: الأصوات واحدها أزمل وجمعها أزامل زاد الياء اضطراراً؛ والغَماغِم:
الأصوات التي لم تفهم؛ حسّ الجنوب: صوتها؛ قتائدة طريق. أسلكوهم وسلكوهم واحد.
(أَفَلَمْ يَيْئَسِ
الَّذِينَ آمَنُوا) (31) مجازه: ألم يعلم ويتبين، قال سُحَيم بن وَثِيل
اليَرْبُوعيّ:
أَقول لهم بالشَّعْب
إذ يأسرونني ... ألم تيئسوا أنِّي ابنُ فارس زَهْدَمِ
(قَارِعَةٌ) (31) أي
داهية مُهِلكة، ويقال: قرعت عظمه، أي صدعته.
(فَأَمْلَيْتُ) (32) أي أطلت لهم، ومنه المَلِيّ والملاوة من الدهر، ومنه تمليت حيناً، ويقال:
لليل والنهار الملوان لطولهما، وقال ابن مُقْبِل:
ألا يا ديار الحيّ
بالسَّبُعانِ ... أَلَّح عليها بالبِلَى المَلَوانِ
ويقال: للخرق الواسع
من الأرض مَلاً مقصور، قال:
حَلاً لا تخطّاه
العيون رَغِيب
وقال:
أَمضى المَلا بالشاحِبِ
المتبدِّلِ
(أَفَمَنْ هُوَ قَائمٌ
عَلَى كُلِّ نَفْسٍ) (33) أي دائم قوامٌ عَدلٌ.
(وَلَعَذَابُ الآخرَةِ
أَشَقُّ) (36) أي أشدّ.
(لِلّذِينَ اسْتَجَابُوا
لِرَبِّهِمُ الحُسْنَى) (18) ثم قال: (مَثَلُ الجَنَّةِ الّتِي وُعِدّ المُتّقُونَ
يَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُها دَائمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى
الَّذِين اتَّقَوْا وَعَقْبَى الْكَافِرِينَ النّارُ) (35) مجازه مجاز المكفوف عن
خبره، والعرب تفعل ذلك في كلامها، وله موضع آخر مجازه: للذين استجابوا لربهم
الحُسنى مَثَل الجنة، موصول صفة لها على الكلام الأول.
(حُكْماً عرَبِياً)
(37) أي ديناً عربياً أنزل على رجل عربي.
(يَمْحُوا اللهُ مَا
يَشَاءُ) (39) محوت تَمحو، وتمحي: لغة.
(وَإمَّا نُرِيَنَّكَ
بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفّيَنَّكَ) (40) ألف إما مكسورة لأنه في
موضع أحد الأمرين.
(نَنْقُصُهَا مِنْ
أَطْرَافِهَا) (41) مجازه: ننقص من في الأرض ومن في نواحيها من العلماء والعباد،
وفي آية أخرى: (وَسَلِ الْقَرْيَةَ) (1282) مجازه: وسل من في القرية.
(لاَ مُعَقِّبَ
لُحِكْمِهِ) (41) أي لا رادّ له ولا مغيّر له عن الحق.
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة إبراهيم(ألر)
(1) ساكن لأنه جرى مجرى فواتح سائر السور اللواتي مجازهن مجاز حروف التهجي، ومجاز
موضعه في المعنى كمجاز ابتداء فواتح سائر السور.
(كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ
إِلَيْكَ) مجازه مستأنف أو مختصر فيه ضمير كقولك: هذا كتاب أنزلناه إليك، وفي آية
أخرى: (ألم ذلِكَ الكِتَابُ) (21) وفي غيرها ما قد أظهر.
(يَسْتَحِبُّونَ
الحْيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ) (3) يختارون.
(وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً)
(3) يلتمسون، ويحتالون لها عوجاً، مكسور الأول مفتوح الثاني وذلك في الدِّين
وَغيره، وفي الأرض مما لم يكن قائماً وفي الحائط وفي الرمح وفي السِّن عَوَجَ وَهو
مفتوح الحروف.
(يَسُومُونَكُمْ) (6)
أي يُولُونكم ويَبلونكم.
(وَإذْ تَأَذَّنَ
رَبُّكُمْ) (7) مجازه: وآذَنَكم ربكم، وإذ من حروف الزوائد، وتأذن تفعل من قولهم:
أذَنته.
(فَرَدُّوا أَيْدِيَهمْ
في أَفْوَاهِهِمْ) (9) مجازه مجاز المثل، وموضعه موضع كفوا عما أمروا بقوله من
الحق ولم يؤمنوا به ولم يسلموا، ويقال: رد يده في فمه، أي أمسك إذا لم يجب.
(فَاطِرِ) (10) أي
خالق.
(لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ
ذُنُوبِكُمْ) (10) مجازه: ليغفر لكم ذنوبكم، ومن من حروف الزوائد، وفي آية أخرى:
(فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ) (6947) مجازه: ما منكم
أحد، وقال أبو ذُوَيْب:
جَزيتِك ضِعفَ الحبّ
لمّا شكوتِه ... وما إن جزاكِ الضِّعفَ مَن أحدٍ قَبْلِي
أي أحدٌ قبلي.
(أَوْ لَتَعُودُنَّ
فِي مِلَّتِنَا) (13) أي في ديننا وأهل ملتنا.
(خَافَ مَقَامِي) (14)
مجازه: حيث أُقيمه بين يدي للحساب.
(واسْتَفْتَحُوا) (15)
مجازه: واستنصروا.
عَنود وعَنِيدٍ (15)
وعاند كلها، واحد والمعنى جائر عاند عن الحق، قال:
إذا نزلتُ فاجعلاني
وَسَطَا ... إنّي كبير لا أُطيقُ العُنَّدا
(مِنْ وَرَائِهِ
جَهَنَّمُ) (16) مجازه: قُدامه وأمامه، يقال إن الموت من ورائك أي قدامك، وقال:
أتوعدني وراءَ بني
رِياحٍ ... كذبتَ لتَقصُرنَّ يداك دونِي
أي قدام بني رياح
وأمامهم، وهم دوني أي بيني وبينك، وقال:
أترجو بني مَروانَ
سَمعي وطاعتي ... وقَوْمي تميم والفَلاةُ ورائيا
وقال: (مِنْ مَاءٍ
صَدِيدٍ) (16) والصديد القَيح والدَّم.
(مَثَلُ الَّذِينَ
كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ) (18) مجازه: مثل أعمال الذين كفروا
بربهم كمثل رَمادٍ، وتصديق ذلك من آية أخرى: (أَحْسَنَ كلَّ شَئٍ خَلْقهُ) (327)
مجازه: أحسن كل شئ، وقال حُمَيد بن ثَوْر الهِلالّي:
وطَعْنِي إليك الليلَ
حِضنَيْه إنّني ... لتلك إذا هابَ الهِدانُ فَعولُ
أراد: وطَعْني حِضنَي
الليل إليك أولَ الليل وآخرَه، وإذا ثنّوه كان أكثر في كلامهم وأبينَ، قال:
كأن هنداً ثناياها
وبَهجتَها ... يوم التقينا على أَدحال دَبّابِ
أراد: كأن ثنايا هِند
وبهجتَها يوم التقينا على أدحال دَبّاب.
(اشْتَدَّتْ بِهِ
الرِّيحُ في يَوْمٍ عَاصِفٍ) (18) يقال: قد عصَف يومُنا وذاك إذا اشتدْت الريح
فيه، والعرب تفعل ذلك إذا كان في ظرف صفة لغيره، وجعلوا الصفة له أيضاً، كقوله:
لقد لُمتِنَا يا أم
غَيْلانَ في السُّرَى ... ونُمتِ وما ليل المَطِيِّ بنائمِ
ويقال: يوم ماطر،
وليلة ماطرة، وإنما المطر فيه وفيها.
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ
اللهَ خَلَقَ) (19) ألم تعلم، ليس رؤية عين.
(إِنَّا كُنَّا لَكُمْ
تَبَعاً) (20) جميع تابع، خرج مخرج غائب والجميع غيب.
(مَا أَنَا
بِمُصْرِخكُمْ) (22) أي بمغيثكم، ويقال: استصرخني فأصرخته، أي استعانني فأعنته
واستغاثني فأغثته.
(تُؤْتِي أُكْلَهَا
كُلَّ حِينٍ) (25) أي تُخرج تمرتها، والحين ها هنا ستة أشهر أو نحو ذلك.
(اجْتُثَّتْ مِنْ
فَوْقِ الأَرْضِ) (26) أي استُؤصلت، يقال اجتَثَ الله دابرهم، أي أصلَهم.
(دَارَ البَوَارِ)
(28) أي الهلاك والفناء ويقال بار يبور، ومنه قول عبد الله بن الزِّبَعْرَي:
يا رسولَ المليك إن
لساني ... راتِقٌ ما فتقتُ إذ أنا بورُ
البور والبوار واحد.
(وَجَعَلُوا للهِ
أَنْدَاداً) (30) أي أضداداً، واحدهم نِدّ ونَدِيد، قال رُؤْبة:
تُهدِي رؤوسُ
المُتْرَفِين الأندادْ ... إلى أمير المؤمنين المُمتادْ
(لاَ بَيْعٌ فِيهِ
وَلاَ خِلاَلٌ) (31) مجازه: مبايعة فدية، (ولا خلال): أي مُخالّة خليل، وله موضع
آخَر أيضاً تجعلها جميع خلة بمنزلة جلة والجميع جلال وقلة والجميع قلال، وقال:
فيخبره مكانُ النُّون
منى ... وما أُعطيتُه عَرقَ الخِلالِ
أي المخالّة.
(الفُلْكَ) (32) واحد
وجميع وهو السفينة والسفن.
(الشَّمْسَ وَالقَمَرَ
دَائِبَيْنِ) (33) والشمس أثنى والقمر ذكر فإذا جُمعا ذكر صفتهما لأن صفة المذكر
تغلب صفة المؤنث.
(وَاجْنُبْنِي
وَبَنِيَّ) (35): جنَبتُ الرجلَ الأمرَ، وهو يَجْنُب أخاه الشرَّ وجنَّبته واحد،
وقال:
وتَنفُض مهدَه شفَقاً
عليه ... وتَجْنُبه قَلائصُنَا الصِعابا
وشدّده ذُو الرُّمة
فقال:
وشعرٍ قد أَرِقْتُ له
غريبٍ ... أُجنِّبُه المُسانِدَ والمُحالا
(رَبِّ اجْعَلْنِي
مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) (40) مجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير
كقوله: واجعل من ذريتي من يقيم الصلاة.
(مُهْطِعينَ) (43) أي
مُسرعين، قال الشاعر:
بمُهْطِعٍ سُرُح كأنّ
زمامه ... في رأس جِذع من أَوال مشذَّبُ
وقال:
بمستهطعٍ رَسْلٍ كأنّ
جَدِيله ... بقَيْدُوم رَعْنٍ مِن صُؤَامَ مُمنَّعِ
الرَّسْل الذي لا
يكلّفك شيئاً، بقيدوم: قُدَام، رَعن الجبل أنفه، صُؤام: جبل، قال يَزيد بن مُفرّغ
الحِمْيَريّ:
بدِجْلةَ دارُهم ولقد
أَراهم ... بدِجْلَةَ مُهطعين إلى السَّماعِ
(مُقْنِعِي
رُؤُوسِهِمْ) (43) مجازه: رافعي رؤوسهم، قال الشَّمّاخ بن ضرار:
يباكرن العِضاةَ
بمُقْنَعاتٍ ... نَواجذهن كالحِدَأ الوَقيعِ
أي بؤوس مرفوعات إلى
العضاه ليتناولن منه والعضاة: كل شجرة ذات شوك؛ نواجذهن أضراسهن وقال: الحدأ الفأس
وأراه: الذي ليس له خلف، وجماعها حدأ، وحدأه الطير، الوقيع أي المرققة المحددة،
يقال وقع حديدتك، والمطرقة يقال لها ميقعة، وقال:
أَنفضَ نحوِي رأسه
وأَقْنعا ... كأنَّما أَبْصر شيئاً أَطعما
(وَأَفْئِدَتُهُمْ
هَوَاءٌ) (43) أي جُوف، ولا عقول لهم، قال حسان ابن ثابت:
أَلا أَبلغ أبا
سُفْيان عني ... فأنت مُجوَّفٌ نَخِبٌ هَواءٌ
وقال:
ولا تك مِن أخذان كل
يَراعةٍ ... هواءٍ كسَقْب البانِ جُوفِ مَكاسِرُهْ
اليَراعة القَصبة،
واليراعة هذه الدواب الهَمَج بين البعوض والذبّان، واليَراعة النعامة. قال الراعيّ:
جاؤا بصَكِّهم
واحَدبَ أَخرجتْ ... منه السِياطُ يَراعةٌ إجْفِيلا
أي يذهب فزعاً، كسقب
البان عمود البيت الطويل (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الجِبَالُ)
(46) أي ما كان مكرهم لتزول منه الجبال، في قول من كسر لام لتزول الأولى ونصب
اللام الآخرة ومن فتح اللام الأولى ورفع اللام الآخرة فإن مجازه المثل كأنه قال:
وإن كان مكرهم تزول منه الجبال في المثل وعند من لم يؤمن.
(مُقَرَّنِينَ فِي
الأَصْفَادِ) (49) أي في الأغلال، وواحدها صَفَد والصفَّد في موضع آخر: العطاء
وقال الأعْشَى:
تضيفُته يوماً فقرَّب
مَقْعدي ... وأَصفَدني على الزًّمانِة قائِدا
وبعضهم يقول: صفدني.
(سَرَابِيلُهُمْ مِنْ
قَطِرَانٍ) (50) أي قُمصهم، وواحدها سِربال.
بسم الله الرحمن
الرحيم
سورة الحجر(إِلاّ وَلَهَا
كِتَابٌ مَعْلُومٌ) (4) أي أجل ومدّة، معلوم: موقّت معروف.
(لَوْمَا تَأْتِينَا)
(7) مجازه: لوما فعلت كذا، وهلا ولولا وألا، معناهن واحد، هلا تأتينا، وقال الأشهب
بن عبلة، وقال في غير هذا الموضع: ابن رُمَيْلة:
تعدُّون عَقْرَ
النِّيب أفضل مجدكم ... بَنِي ضوْطَرِىَ لولا الكمي المُقَنَّعا
أي هلاّ تعدون قتل
الكُماة لَوْمَا: مجازها ومجاز لولا واحد، قال ابن مُقْبِل:
لوما الحياءُ ولوما
الدِّينُ عِبْتُكما ... ببعض ما فيكما إذ عبتُما عَوَرِى
(فِي شِيَعِ
الأَوَّلِينَ) (10) في أمم الأولين واحدتها شيعة والأولياء أيضاً شِيَع.
(كَذلِكَ نَسْلُكُهُ)
(12) يقال: سلكه، وأسلكه لغتان.
(فِيهِ يَعْرُجُونَ)
(14) أي يصعدون والمعارج الدَّرَج.
(لَقَالُوا إِنَّمَا
سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا) (15) أي غشيت سمادير، فذهبت وخبا نظرها، قال:
جاء الشتاء
واجْثَأَلَّ القُنُبرُ ... واستَخْفَتِ الأَفْعَى وكانت تظهرُ
وطلعتْ شمسٌ عليها
مِغْفَر ... وجعلت عينُ الحَرورِ تسكُرُ
أي يذهب حرها ويخبو.
(وَلَقَدْ جَعَلْنَا
فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً) (16) أي منازل للشمس والقمر.
(مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ
رَجِيمٍ) (17) أي مرجوم بالنجوم، خرج مخرج قتيل في موضع مقتول.
(وَأَلْقَيْنَا فِيهَا
رَوَاسِيَ) (19) أي جعلنا وأرسينا، ورست هي أي ثبتت.
(مِنْ كُلِّ شَيْءٍ
مَوْزُونٍ) (19) بقدر.
(وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ
لَوَاقِحَ) (22) مجازها مجاز ملاقحن لأن الريح ملقحة للسحاب، والعرب قد تفعل هذا
فتلقي الميم لأنها تعيده إلى أصل الكلام، كقول نَهْشَل بن حَرِىّ يرثى أخاه:
ليبُكَ يزيدُ بائسٌ
لضِراعةٍ ... وأشعثَ ممن طوَّحتْه الطَّوائحُ
فحذف الميم لأنها
المَطاوِحِ، وقال رؤبة:
يخْرُجْن من أَجوازٍ
ليلِ غاضِ
أي مُغضِى، وقال
العجَّاج:
تكشِف عن جَمَاتِهِ
دلْوُ الدَّالْ
(مَاءَ
فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ) (22) وكل ماء كان من السماء، ففيه لغتان: أسقاه الله وسقاه
الله قال الصَّقْر بن حَكِيمِ الرِّبْعِيُّ
يا بنَ رُقَيْعٍ هل
لها مِن غَبَقٍ ... ما شَرِبت بعد طَوِىِّ العَرقِ
من قَطرةٍ غيرْ
النَّجاءِ الدَّفقِ ... هل أنت ساقيها سقاك المسقِى
فجعله باللغتين
جميعاً. وقال لَبيد:
سَقَى قومي بني مَجدِ
وأَسقى ... نُمَيْراً والقبائلَ من هِلالِ
فجاء باللغتين،
ويقال: سقيت الرجل ماء وشراباً من لبن وغير ذلك وليس فيه إلا لغة واحدة بغير ألف
إذا كان في الشفة. وإذا جعلت له شرباً فهو أسقيته وأسقيت أرضه وإبله، لا يكون غير
هذا، وكذلك استسقيت له كقول ذي الرمة:
وقفت على رَسْمٍ
لميَّة ناقتي ... فما زِلتُ أبكي عنده وأُخاطُبه
وأُسقيه حتى كاد مما
أَبُتُّه ... تُكلّمني أَحجارُه ومَلاعبُهْ
وإذا وهبت له إهاباً
ليجعله سِقاء فقد أسقيته إيّاه.
(مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ
حَمَاءٍ مَسْنونٍ) (26) الصلصال: الطين اليابس لذي لم تصبه نار فإذا نقرته صل
فسمعت له صلصلة فإذا طبح بالنار فهو فخار وكل شئ له صَلصلةَ، صوت فهو صلصال سوى
الطين، قال الأعْشَى:
عَنْتَر يسٌ تَعْدو
وإذا حُرَّك السَّو ... طُ كَعدْوِ المُصَلصِلِ الجَوّالِ
(مِنْ حَمَاءٍ) (26)
أي من طين متغير وهو جميع حمأة، مَسْنُونٍ أي مصبوب.
(قالَ رَبِّ بِمَا
أَغْوَيْتَنِي) (39) مجازه مجاز القسم: بالذي أغويتني.
(مَا فِي صُدُوِرِهمْ
مِنْ غِلٍّ) (47) أي من عداوة وشحناءً.
(سُرُرٌ مُتَقَابِلِينَ)
(47) مضمومة السين والراء الأولى وهذا الأصل، وبعضهم يضم السين ويفتح الراء
الأولى. وكل مجرى فعيل من باب المضاعف فإن في جميعه لغة نحو سرير والجميع سرر وسرر
وجرير والجميع جرر وجرر.
(وَجِلُونَ) (52) أي
خائفون.
(قالوا لا تَوْجَل)
(52) ويقال: لا تَيجَل، ولا تَأجَلْ بغير همز، ولا تأجل يُهمَز يجتلبون فيها همزة
وكذلك كل ما كان من قبيل وجَل يَوْجَل ووِحل يَوْحل، ووسخ يوسخ.
(فَبِمَ تُبَشِّرُونِ)
(54) قال: قوم يكسرون النون، وكان أبو عمرو ويفتحها ويقول: إنها إن أضيفت لم تكن
إلاّ بنُونَين لأنها في موضع رفع، فاحتج من أضافها بغير أن يلحق فيها نوناً أخرى
بالحذف حذف أحد الحرفين إذا كانا من لفظ واحد، قال أبو حَيّة النُّمَيريّ.
أبِالْمَوتِ الذي لا
بُدّ أني ... مُلاقٍ لا أباكِ تخِّوفِينِي
ولم يقل تخوفينني؛ لا
أباك: أي لا أبا لكِ، فجاء بقول أهل المدينة. وقال عمرو بن مَعْد يكَرب:
تراه كالثَّغام
يُعَلّ مِسْكاً ... يسوء الفالياتِ إذا فَلَيْنِي
أَراد فَلَيْنني فخذف
إحدى النونين.
(قَالَ وَمَنْ
يَقْنَطْ مِنْ رَحْمَةِ رَبَّهِ) (56) أي ييأس، يقال: قنَط يقنِط وقنِط يقنَط
قنوطاً.
(أَنَّ دَابِرَ هؤلاءِ
مَقْطُوعٌ) (66) أي آخرهم مُجتَذّ مقطوع مستأَصل.
(إِنَّ هؤُلاء
ضَيْفِي) (68) اللفظ لفظ الواحد والمعنى على الجميع كما قال لَبِيد:
وخصمٍ كنادِي الجنِّ
أسقَطْت شَأَوهم ... بمُستَحصدٍ ذي مِرَّةٍ وصُدوعِ
شأوهم: ما تقدموا
وفاقوا به من كل شئ. المستحصد المحكم الشديد، وأمر محكم، وصدوع ألوان، يقال ذو
صدعين: ذو أمرين.
(يَعْمَهُونَ) (72) أي
يجورون ويضلّون، قال رؤبة.
ومَهَمْهٍ أطرافُه في
مَهْمَهِ ... أعْمَى الهُدَى بالجاهلين العمَّهِ
(لِلْمُتَوَسِّمِينَ)
(75) أي المتبصرين المتثبّتين.
(وَإنَّهَا
لَبِسَبِيلٍ مُقيمٍ) (76) أي بطريق.
(وإِنَّهمَا
لَبِإمَامٍ مُبينٍ) (79) الإمام كلما ائتممت واهتديت به.
(فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ
مُصْبِحِينَ) (83) أي الهلكة، ويقال صيح بهم، أي أهلكوا.
(وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ
سَبْعاً مِنَ المَثَانِي والقُرْآنَ العَظِيمَ) (87) مجازها: سبع آيات
من المَثاني، والمَثاني هي الآيات فكأن مجازها: ولقد آتيناك سبع آيات من آيات
القرآن، والمعنى وقع على أم الكتاب وهي سبع آيات، وإنما سميت آيات القرآن مثاني
لأنها تتلو بعضها بعضاً فثنيت الأخيرة على الأولى، ولها مقاطع تفصل الآية بعد
الآية حتى تنقضى السورة وهي كذا وكذا آية، وفي آية أخرى من الزمر تصديق ذلك:
(اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الحَدْيِثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشِعرُّ
مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثمَّ) (3923) مجازه مجاز آيات من
القرآن يشبه بعضها بعضاً قال:
نَشدتُكم بمُنزلِ
الفرقان ... أُمِّ الكتابِ السَّبعٍ من مَثانِي
ثُنَين من آيٍ من
القرآن ... والسَبْع سَبْعِ الطول الدَّوانِي
وهي البقرة (2) وآل
عمران (3) والنساء (4) والمائدة (5) والأنعام (6) والأعراف (7) والأنفال (8). ومجاز قول من نصب (والقرآن العظيم) على إعمال وآتيناك القرآن
العظيم، ومعناه ولقد آتيناك أم الكتاب وآتيناك سائر القرآن أيضاً مع أم الكتاب
ومجاز قول من جر القرآن العظيم مجاز قولك، من المثاني ومن القرآن العظيم أيضاً
وسبع آيات من المثاني ومن القرآن.
(كَمَا أَنْزَلْنَا
عَلَى المُقْتَسِمِينَ) (90) أي عل الذين اقتسموا.
(جَعَلُوا القُرْآنَ
عِضِين) (91) أي عَضَوَه أعضاء، أي فرَّقوه فِرقاً، قال رؤبة:
وليس دينُ اللهِ
بالمُعَصَّى
(فَاصْدَعْ بِمَا
تُؤْمرُ) (94) أي افرق وامضِه، قال أبو ذُؤَيب:
وكأنهن ربابةٌ وكأنه
يَسَرٌ ... يفِيض على القِداح ويَصدَعُ
أي يُفَرِّق على
القداح أي بالقداح.
بسم الله الرحمن
الرحيم
سورة النحل(فِيهَا
دِفْءٌ وَمَنَافِعُ) (5) أي ما استدفئ به من أوبارها. ومنافع سوى ذلك.
(حِينَ تُرِيحُونَ)
(6) بالعشى (وَحِينَ تَسْرَحُونَ) (6) بالغداة.
(إِلاَّ بِشِقِّ
الأَنْفُسِ) (7) يكسر أوله ويفتح ومعناه بمشقة الأنفس، وقال النَّمر بن تَوْلَب:
وذي إبلٍ يسعَى
ويَحسبها له ... أَخي نَصبٍ مِن شقِّها وذؤوبِ
أي من مشقتها، وقال
العجاج:
أصبَحَ مَسْحولٌ
يُوازِي شِقّا
أي يُقاسي مَشقةً،
ومَسْحول بعيره (وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ) (9) السبيل:
لفظه لفظ الواحد، وهو في موضع الجميع فكأنه: ومن السبيل سبيل جائر، وبعضهم يؤنث
السبيل.
(شَجَرٌ فِيهِ
تُسِيمُونَ) (10) يقال: أسمت إبلي وسامت هي، أي رعيتها.
(وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ)
(13) أي ما خلق لكم.
(وَتَرى الفُلْكَ
مَوَاخِرَ فِيهِ) (14) من مخرتِ الماءَ أس شقّته بجآجِئها، والفُلك ها هنا في موضع
جميع فقال فواعل، وهو موضع واحد كقوله: (الفُلْكِ المَشْحُونِ) (26119) بمنزلة
السلاح واحدٍ وجميع.
(وَأَلْقَى فِي
الأَرْضِ رَوَاسِيَ) (15) أي جَعل فيها جبالاً ثوابتَ قد رست.
(أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ)
(15) مجازه: أن لا تميل بكم.
(أَيَّانَ
يُبْعَثُونَ) (21) مجازه: متى يُحَيَوْن.
(لاَ جَرَمَ) (23) أي
حقاً، وقال أبو أسماء بن الضَّرِيبة أو عَطيّة بن عفيف:
يا كُرْزُ إنك قد
مُنيتُ بفارسٍ ... بطَلٍ إذا هاب الكُماة مَجرَّبُ
ولقد طعنتَ أَبا
عُيَيْنَةَ طَعنة ... جَرَمت فزارةَ بَعدها أن يَغضَبوا
أي أحقت لهم الغضب،
وجرم مصدر منه: وكرز: رجل من بني عُقَيل؛ وأبو عُيَيْنَة حِصْن بن حُذَيفة بن
بَدْر.
(أَوْزَارَهُمْ) (25):
الأوزار هي الآثام، واحدها وِزْرٌ.
=======================
ج2.
كتاب : مجاز القرآن
المؤلف : أبو عبيدة
(فَأَتَى اللهُ
بُنْيَانَهُمْ مِنَ القَوَاعِدِ) (26) مجازه مجاز المثل والتشبيه والقواعد الأساس.
إذا استأصلوا شيئاً قالوا هذا الكلام، وهو مثل؛ القواعد واحدتها قاعدة، والقاعد من
النساء التي لا تحيض.
(أَيْنَ شُرَكَائِيَ
الّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ) (27) أي تحاربون فيهم.
(فَأَلْقَوا
السَّلْمَ) (28) أي صالحوا وسالموا والسلم والسلم والسلام واحد.
(وَالزُّبُرِ) (44)
وهي الكتب واحدها: زبور، ويقال: زبرتُ وذبرت أي كتبت، وقال أبو ذؤيب:
عرَفتُ الدِّيارَ
كرقْمِ الدُّوا ... ة كما زَبرَ الكاتبُ الحمِيرَيّ
وكما ذَبرَ في رواية.
(أَوْ يَأْخُذَهُمْ
عَلَى تَخَوُّفٍ) (479 مجازه: على تنقُّص قال:
أُلاَمُ على الهجاء
وكل يَوم ... يلاقيني من الجِيرانِ غُولُ
تخوَّفُ غَدْرِهم
مالي وأُهدِي ... سَلاسلَ في الحُلوق لها صَليلُ
أي تَنَقّصُ غَدْرِهم
مالي. سلاسل يريد القوافي تُنَشد فهو صليلها وهو قلائد في أعناقهم وقال طَرفة:
وجاملٍ خوَّف مِن
نِيبهِ ... زجر المُعَلّى أصُلاً والسَفِيحْ
خوّف من نيبه أي لا
يدعه يزيد.
(وَهُمْ دَاخِرُونَ)
(48) أي صاغرون، يقال: فلان دخر لله، أي ذل وخضع.
(وَلَهُ الدِّينُ
وَاصِباً) (52) أي دائماً، قال أبو الأسود الدُّؤَليّ:
لا أَبتغي الحمدَ
القليلَ بقاؤه ... يوماً بِذَم الدهرِ أجْمَعَ واصِبا
(فَإِلَيْه
تجْأَرُونَ) (53) أي ترفعون أصواتكم، وقال عَدِيّ بن زَيْد:
إنّني واللهِ
فاقْبَلْ حَلِفِي ... بأَبِيلٍ كلّما صلَّى جَأرْ
أي رفع صوتَه وشدَّه.
(وَهُوَ كَظِمٌ) (58)
أي يكظم شدة حزنه ووجده ولا يظهره، وهو في موضع كاظم خرج مخرج عليم وعالم.
(أَيُمْسِكهُ عَلَى
هَوْنٍ) (59) أي هُوانِ.
(مُفْرَطُونَ) (62) أي
متروكون منسيون مخلفون.
(وَإِنَّ لَكُمْ فِي
الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ) (66) يُذكَّر ويؤَنث، وقال آخرون: المعنى على النَّعَم لأن النعم يذكر ويؤنث،
قال:
أكلَّ عامٍ نَعَمٌ
تَحْوُونه ... يُلْقِحُه قومٌ وتَنْتجونَه
أَرْبابه نَوْكي ولا
يَحْمونه
والعرب قد تُظهر الشئ
ثم تخبر عن بعض ما هو بسببه وإن لم يظهروه كقوله:
قبائلنا سَبعٌ وأنتم
ثَلاثةٌ ... وللسَّبعُ أزكيَ من ثَلاثٍ وأكثرُ
قال أنتم أحيْاءٍ ثم
قال: من ثلاث، فذهب به إلى القبائل وفي آية أخرى: (وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ) (169) أي من السبل
سبيل جائر.
(تَتَّخِذُونَ مِنْهُ
سَكَراً) (67) أي طُعْماً، ويقال: جعلوا لك هذا سكراً أي طُعْماً، وهذا له سَكَرٌ
أي طُعْم، وقال جَنْدَل:
جعَلتَ عَيْبَ
الأكْرمِينَ سَكَرا
وله موضع آخر مجازه:
سَكناً، وقال: