يا بلوجر ربنا يهديك لدين الاسلام الرافض قطعا لسلوكك بالتعدي علي المدونين وسيدخل نار جهنم ان لم تتب

يا بلوجر متي يهدك ربنا وتتوب عن تدخلك السافر في روابط المدونات وتحويلها الي صفحة المشاركات في كل مدوناتك –اعلم ان جوجل لن يحاسبك عن هذه التجاوزات الخطيرة للمصالح المشتركة بينكما لكن لا اعلم اين غابت عنكم  ضمائركم ونخوات المروءة والشهامة والحفاظ علي الامانة عندكم فهذا الرابط موضوع في كلمة   .Bloggerدرافتك المشؤوم الملوث{المظهر: Awesome Inc.. يتم التشغيل بواسطة Blogger. } اوف لك ولفعلك

4 دقائق مع الشيخ اسلام صبحي مقطع من سورة هود

دقائق4 مع الشيخ اسلام صبحي مقطع من سورة هو

الأربعاء، 26 أكتوبر 2022

ج5.وج6.الشريعة للاجري

 

https://download.tvquran.com/download/selections/315/5cca02c11a61a.mp3

ج5وج6..الشريعة للاجري

ج5.
كتاب : الشريعة للآجري

- وحدثنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال : حدثنا محرز بن عون قال : حدثنا عبد الله بن نافع المديني ، عن أبي بكر بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله ، عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أنا أول من تنشق الأرض عنه ، ثم أبو بكر وعمر ، ثم أهل البقيع يبعثون معي ، ثم أهل مكة ثم أحشر بين أهل الحرمين »

1292 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا الفضل بن الصباح البزار ، وعلي بن مسلم قالا : حدثنا ابن أبي فديك قال : حدثني غير واحد زاد علي بن مسلم في حديثه منهم علي بن عبد الرحمن بن عثمان ، وعمرو بن أبي عمرو ، عن عبد العزيز بن عبد المطلب ، عن أبيه ، عن جده عبد الله بن حنطب قال : كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع أبو بكر وعمر قال : فلما نظر إليهما قال : « هذان السمع والبصر »

1293 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا محمد بن مصفى قال : حدثنا بقية بن الوليد ، عن ثور بن يزيد ، عن عبد الله بن بشر الكندي ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لقد هممت أن أبعث رجالا من أصحابي إلى ملوك الأرض ؛ يدعونهم إلى الإسلام ، كما بعث عيسى ابن مريم الحواريين » فقالوا : يا رسول الله ، ألا تبعث أبا بكر وعمر فهما أبلغ ؟ قال : « إنه لا غنى بي عنهما ، إنما منزلتهما من الدين بمنزلة السمع والبصر من الجسد »

1294 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن إسحاق البهلول القاضي قال : حدثني أبي رحمه الله قال : حدثني أبي رضي الله عنه عن ابن الفرات بن السائب ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يرسل رجلا في حاجة مهمة ، وأبو بكر ، وعمر عن يمينه وعن يساره ، فقال علي رضي الله عنه وعنهما : ألا تبعث هذين ؟ قال : « وكيف أبعث هذين وهما من هذا الدين بمنزلة السمع والبصر من الرأس »

1295 - وحدثنا أيضا أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول قال : حدثني أبي قال : حدثنا سمرة بن حجر قال : حدثني حمزة بن أبي حمزة النصيبي ، عن نافع ، عن ابن عمر أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « لقد هممت أن أبعثهم إلى الأمم كما بعث عيسى ابن مريم الحواريين » فقالوا : يا رسول الله ، ألا تبعث أبا بكر وعمر ؟ فإنهما أفضل فقال : « إنهما لا غنى عنهما ، إنهما من هذا الدين بمنزلة السمع والبصر ، وبمنزلة العين من الرأس »
باب إخبار النبي صلى الله عليه وسلم أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وزيراه وأميناه من أهل الأرض

1296 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عبد الله بن سعيد الكندي قال : حدثنا تليد بن سليمان ، عن أبي الجحاف ، عن عطية ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما من نبي إلا وله وزيران من أهل السماء ووزيران من أهل الأرض ، فأما وزيراي من أهل السماء فجبريل وميكائيل عليهما السلام ، وأما وزيراي من أهل الأرض فأبو بكر وعمر »

1297 - وحدثنا أبو الفضل العباس بن يوسف الشكلي قال : حدثنا محمد بن موسى القرشي قال : حدثنا إسماعيل بن عبد الله الجرمي قال : حدثنا عبد الله بن مالك قال : حدثنا عطاء بن عجلان ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « وزيراي من أهل السماء جبريل وميكائيل ، ووزيراي من أهل الأرض أبو بكر وعمر رضي الله عنهما »

1298 - وحدثنا أبو الطيب الحسين بن صالح الهروي قال : حدثنا علي بن داود القنطري قال : حدثنا عبد الله بن صالح يعني كاتب الليث قال : حدثنا المعلى بن هلال ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن لكل نبي أمينين ووزيرين ، فأميناي ووزيراي من أهل السماء جبريل وميكائيل ، وأميناي ووزيراي من أهل الأرض أبو بكر وعمر رضي الله عنهما »
باب فضل إيمان أبي بكر وعمر رضي الله عنهما

1299 - حدثنا أبو أحمد هارون بن يوسف قال : حدثنا ابن أبي عمر قال : حدثنا سفيان ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، سمع أبا سلمة بن عبد الرحمن يقول : سمعت أبا هريرة يقول : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح ، ثم أقبل على الناس بوجهه فقال : « بينما رجل يسوق بقرة ، إذ أعيا فركبها فضربها ، فقالت : إنا لم نخلق لهذا ، إنما خلقنا لحراثة الأرض » فقال الناس : سبحان الله سبحان الله بقرة تتكلم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « فإني أومن به أنا وأبو بكر وعمر وما هما ثم » قال : « وبينما رجل في غنم له ، إذ جاء الذئب على شاة منها ، فأدركها صاحبها ، فاستنقذها منه ، فقال الذئب : فمن لها يوم السبع (1) يوم لا راعي لها غيري ؟ » فقال الناس : سبحان الله ذئب يتكلم ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « فإني أومن به أنا وأبو بكر وعمر وما هما ثم » قال سفيان : وحدثنا مسعر ، عن سعد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله

__________

(1) السبع : كل ما له ناب يعدو به

1300 - حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال : حدثنا عبد الجبار بن العلاء العطار قال : حدثنا سفيان قال : حدثنا أبو الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، ومسعر ، عن سعد يعني ابن إبراهيم عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : بينا رجل يسوق بقرة ، إذ ركبها فضربها ، فقالت : إنا لم نخلق لهذا ، إنما خلقنا للحرث . فقالوا : سبحان الله بقرة تتكلم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « فإني أومن بهذا وأبو بكر وعمر ، ما هما ثم » قال : وبينما رجل في غنم ، إذ عدا عليه الذئب ، فأخذ منها شاة ، فطلبها فاستنقذها ، فقال : هاه ، أخذتها مني ، فمن لها يوم السبع (1) يوم لا راعي لها غيري ؟ فقالوا : سبحان الله ذئب يتكلم ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « فإني أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر وما هما ثم » قال ابن صاعد : ولا أعلمه رواه عن مسعر إلا ابن عيينة

__________

(1) السبع : كل ما له ناب يعدو به

1301 - حدثنا ابن مخلد أبو عبد الله العطار قال : حدثنا ابن الجنيد يعني محمدا قال : حدثنا معمر بن بشر قال : حدثنا ابن المبارك قال : حدثنا عمر بن أبي حسين ، عن ابن أبي مليكة ، أنه سمع ابن عباس قال : قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : كنت أكثر أن أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « ذهبت أنا وأبو بكر وعمر ، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر ، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر » رضي الله عنهما
باب ما روي أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وزنا بالأمة فرجحا بإيمانهما

1302 - حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن أبي المهلب ، عن عبيد الله بن زحر ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « رأيتني أدخلت الجنة ، فجزت من أحد أبواب الثمانية ، فأتيت بكفة ميزان ، فوضعت فيها وجيء بأمتي فوضعت في الكفة الأخرى ، فرجحت بأمتي ، وجيء بأبي بكر فوضع في كفة ، ثم جيء بأمتي فوضعت في الكفة الأخرى ، فرجح بأمتي ، ثم رفع أبو بكر ،
ثم جيء بعمر فوضع في كفة الميزان ، ثم جيء بأمتي فوضعت في الكفة الأخرى ، فرجح بها ، ورفع الميزان ، إلى السماء وأنا أنظر »


1303 - وأنبأنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكشي قال : حدثنا علي بن عبد الله المديني قال : حدثنا عمر بن سعد أبو داود الحفري قال : حدثنا بدر بن عثمان ، عن عبيد الله بن مروان قال : حدثني أبو عائشة وكان رجل صدق عن ابن عمر قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة (1) فقال : « رأيت قبل الغداة كأني أعطيت المقاليد والموازين ، فأما المقاليد فهذه المفاتيح ، وأما الموازين فهذه التي يزنون بها » قال : « فوضعت في إحدى الكفتين ، ووضعت أمتي في الكفة الأخرى ، فوزنت ، فرجحتهم ، ثم جيء بأبي بكر فوزنهم ، ثم جيء بعمر فوزنهم » وذكر الحديث

__________

(1) الغداة : ما بين الفجر وطلوع الشمس
باب ذكر فضل درجات أبي بكر وعمر في الجنة

1304 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال : حدثنا مندل ، عن الأعمش ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن أهل الدرجات العلى يراهم من تحتهم كما يرى الكوكب الطالع من الأفق من أفاق السماء ، وأبو بكر منهم وعمر منهم وأنعما »

1305 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا وهب بن بقية الواسطي قال : أنبأنا خالد بن عبد الله الطحان ، عن ابن أبي ليلى ، عن عطية ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن أهل الدرجات العلى ليراهم من أسفل منهم كما ترون الكوكب الطالع في أفق السماء ، وإن أبا بكر وعمر من أولئك وأنعما »

1306 - وأنبأنا ابن مخلد أبو عبد الله العطار قال : حدثنا الحسن بن عرفة قال : حدثنا محمد بن فضيل ، عن الأعمش ، وابن أبي ليلى ، وكثير النواء ، وعبد الله بن صهبان ، كلهم عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن أهل الدرجات العلى ليراهم من تحتهم كما ترون النجم الطالع في أفق من آفاق السماء ، ألا وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما »

1307 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عبد الله بن سعيد الكندي قال : حدثنا ابن فضيل ، عن عاصم ، عن سالم بن أبي حفصة ، والأعمش ، وكثير النواء ، وابن أبي ليلى ، وعبد الله بن صهبان ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن أهل الدرجات العلى ، ليراهم من تحتهم كما يرى النجم الزاهر في السماء ، وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما »

1308 - وأنبأنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال : حدثنا يحيى بن معين قال : حدثنا ابن أبي زائدة ، عن مجالد قال : أشهد على أبي الوداك أنه شهد على أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن أهل الجنة ليرون أهل عليين كما ترون الكوكب الدري (1) في أفق السماء ، وإن أبا بكر وعمر لمنهم وأنعما » فقال إسماعيل يعني ابن أبي خالد وهو مع مجالد على الطنفسة ، وأنا أشهد على عطية أنه شهد على أبي سعيد الخدري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول ذلك حدثنا أبو عبد الله بن مخلد قال : حدثنا محمد بن علي بن معدان قال : سمعت داود بن عمرو قال : سمعت أحمد بن حنبل يقول : سمعت سفيان بن عيينة يقول : وأنعما : قال : وأهلا « قال محمد بن الحسين رحمه الله : وكذا روي عن يزيد بن هارون ، أنه سئل عن تفسير وأنعما ، فقال : وأهلا وحدثناه ابن مخلد قال : حدثنا الدقيقي محمد بن عبد الملك قال : سمعت يزيد بن هارون ، وسئل عن تفسير وأنعما ، فقال : وأهلا

__________

(1) الدري : الكوكب المتلألئ الضوء
باب أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما

1309 - حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا بندار محمد بن بشار قال : حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، قال المطرز : وحدثنا عمرو بن علي قال : حدثنا أبو عامر جميعا عن سفيان الثوري ، عن عبد الملك يعني ابن عمير عن مولى لربعي ، عن ربعي ، عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اقتدوا باللذين من بعدي » وأشار إلى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما

1310 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا سريج بن يونس ويعقوب بن إبراهيم الدورقي قالا : حدثنا سفيان يعني ابن عيينة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن ربعي بن حراش ، عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اقتدوا باللذين من بعدي : أبي بكر وعمر »

1311 - حدثنا أبو أحمد هارون بن يوسف قال : حدثنا ابن أبي عمر قال : حدثنا سفيان ، عن زائدة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن ربعي بن حراش ، عن حذيفة بن اليمان : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « اقتدوا باللذين من بعدي : أبي بكر وعمر »

1312 - وحدثنا أبو أحمد أيضا قال : حدثنا ابن أبي عمر قال : حدثنا عبد الله بن إبراهيم ، عن سليمان بن المغيرة ، عن ثابت البناني ، عن أبي قتادة ، أنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم في مسير له ، وتخلف عنه الناس في مسيرهم ، وفيهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « إن تطيعوا أبا بكر وعمر ترشدوا » بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
كتاب فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه
باب ذكر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه بأن يعز الله عز وجل به الإسلام

1313 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء قال : حدثنا يونس بن بكير ، عن النفر أبي عمر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « اللهم أعز الإسلام بأبي جهل بن هشام أو بعمر بن الخطاب » فأصبح عمر رضي الله عنه فأسلم

1314 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد الواسطي قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا أبو عامر العقدي قال : حدثني خارجة بن عبد الله الأنصاري ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك ، بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام » فكان أحبهما إلى الله عز وجل عمر بن الخطاب رضي الله عنه
باب ابتداء إسلام عمر رضي الله عنه كيف كان

1315 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنيني قال أسامة بن زيد بن أسلم المدني قال : حدثني أبي ، عن جدي قال : قال لنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أتحبون أن أعلمكم أول إسلامي ؟ قلنا : نعم ، قال : كنت من أشد الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ قال : فبينا أنا في يوم شديد الحر في الهاجرة (1) ، في بعض طرق مكة ، إذ رآني رجل من قريش ، فقال : أين تذهب يا ابن الخطاب ؟ قال : فقلت : أريد هذا الرجل ، فقال لي : عجبا لله يا ابن الخطاب قد دخل عليك هذا الأمر في منزلك وأنت تقول هكذا ؟ قال : فقلت له : وما ذاك ؟ قال : أختك ، فرجعت مغضبا ، حتى قرعت عليها الباب قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أسلم بعض من أسلم ممن لا شيء له ضم الرجل والرجلين والرجال ممن ينفق عليه قال : وقد كان ضم رجلين من أصحابه إلى زوج أختي قال : فلما قرعت الباب ، قيل : من هذا ؟ قلت لهم : أنا عمر . قال : وقد كانوا جلوسا يقرءون كتابا في أيديهم ، فلما سمعوا صوتي قاموا ، حتى اختفوا في مكان قال : وتركوا الكتاب على حاله قال : فلما فتحت لي أختي الباب قال : قلت : أي عدوة نفسها : أصبوت (2) ؟ قال : وأرفع شيئا في يدي ، فأضرب به على رأسها ، فسال الدم قال : فبكت ، وقالت لي : يا ابن الخطاب ، ما كنت صانعا فاصنعه ، فإني قد أسلمت ، قال : فدخلت ، فجلست على السرير ، فإذا بصحيفة وسط البيت قال : فقلت لها : ما هذه الصحيفة هاهنا ؟ فقالت لي : يا ابن الخطاب دعها عنك ، فإنك لا تغتسل من الجنابة ، ولا تطهر ، وهذا لا يمسه إلا المطهرون قال : فما زلت بها ، حتى أعطتنيها قال : فنظرت فيها ، فإذا فيها بسم الله الرحمن الرحيم فذعرت ، وألقيت الصحيفة من يدي قال : ثم رجعت إلى نفسي فقرأت في الصحيفة : ( سبح لله ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم (3) ) قال : فكلما مررت باسم من أسماء الله تعالى ذعرت (4) ، وألقيت الصحيفة من يدي قال : ثم رجعت إلى نفسي فأقرأ فيها حتى أبلغ : ( آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه (5) ) قال : فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ، فخرج القوم مبادرين وكبروا استبشارا بذلك ، وقالوا : أبشر يا ابن الخطاب ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا يوم الاثنين ، فقال : « اللهم أعز دينك بأحب هذين الرجلين إليك إما عمر وإما أبي جهل بن هشام » وإنا نرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فقلت لهم : دلوني على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أين هو ؟ فلما عرفوا الصدق دلوني عليه في المنزل الذي هو فيه قال : فجئت حتى قرعت الباب قال فقيل : من هذا ؟ فقلت أنا عمر بن الخطاب قال : وقد كانوا علموا شدتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعلموا بإسلامي ، فما اجترأ أحد منهم أن يفتح لي الباب ، حتى قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : « افتحوا له فإن يرد الله به خيرا يهده » قال : ففتح لي الباب قال : فأدخلني رجلان بعضدي ، حتى دنوت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أرسلاه » فأرسلاني قال : فجلست بين يديه قال : فأخذ بمجامع قميصي ، ثم قال لي : « أسلم يا ابن الخطاب ، اللهم اهده » قال : فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله قال : فكبر المسلمون تكبيرة سمعت في طرق مكة قال : وقد كانوا مستخفين قبل ذلك وكان الرجل إذا أسلم تعلق به أولئك الناس فيضربونه قال : فجئت إلى خالي فقرعت (6) عليه الباب ، وهو في منزله قال : فقال : من هذا ؟ قال : فقلت : عمر فخرج إلى قال : فقلت له : أعلمت أني قد أسلمت ؟ قال : أو فعلت ؟ فقلت : نعم ، قد كان ذلك فقال لي : لا تفعل ، ودخل البيت وأجاف الباب دوني ؛ قال : فذهبت إلى رجل من كبراء قريش ، فناديته ، فخرج إلى قال : فقلت له : أما علمت أني قد أسلمت ؟ قال : فقال : وفعلت ؟ فقلت : نعم قال : فقلت في نفسي ما هذا بشيء ، أرى المسلمين يضربون وأنا لا أضرب ، ولا يقال لي شيء قال فقال لي رجل أتحب أن يعلم إسلامك ؟ قال : قلت : نعم فقال لي : إذا جلس الناس في الحجر ، فأت فلانا ، فقل له فيما بينك وبينه : أشعرت أني قد أسلمت ، فإنه قل ما يكتم السر قال : فجئت إليه وقد اجتمع الناس في الحجر ، فقلت له : فيما بيني وبينه أشعرت أني قد أسلمت ؟ قال : فقال لي : وفعلت ؟ فقلت له : نعم قال : فنادى بأعلى صوته : إن عمر بن الخطاب قد صبأ قال : فبادر إلى أولئك الناس ، فما زالوا يضربونني وأضربهم قال : فقال خالي ما هذا ؟ قالوا إن عمر قد صبأ ، فقام على الحجر فنادى بصوته وأشار بكمه : ألا إني قد أجرت ابن أختي فلا يمسه أحد قال : فنكصوا (7) عني قال : وكنت لا أشاء أرى أحدا من المسلمين يضرب إلا رأيته قال : فقلت : ما هذا بشيء ، أرى الناس يضربون ولا أضرب ، ولا يصيبني شيء قال : فلما جلس الناس في الحجر جئت إلى خالي فقلت له أتسمع ؟ قال : أسمع فقلت له : جوارك عليك رد قال : لا تفعل ، قال : فقلت له : جوارك عليك رد ، قال : فما شئت ، قال : فما زلت أضرب وأضرب ، حتى أظهر الله عز وجل الإسلام

__________

(1) الهَجير والهاجِرة : اشتدادُ الحَرِّ نصفَ النهار

(2) صبأ الرجل وصبا : ترك دين قومه ودان بآخر

(3) سورة : الحديد آية رقم : 1

(4) الذعر : الفزع والخوف الشديد

(5) سورة : الحديد آية رقم : 7

(6) القرع : الدق والطرق

(7) نكص : رجع إلى خلف
باب ذكر إعزاز الإسلام وأهله بإسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه

1316 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان الكوفي قال : حدثنا أبو يحيى الحماني قال : حدثنا النضر بن عبد الرحمن ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : « لما أسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ؛ قال المشركون : الآن انتصف القوم منا »

1317 - وأنبأنا أبو محمد أيضا قال : حدثنا وهب بن بقية الواسطي قال : أنبأنا خالد يعني ابن عبد الله الواسطي ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم قال : قال عبد الله بن مسعود : « ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه »

1318 - وحدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : ثنا عبيد الله بن عمر ، قال ثنا يحيى بن سعيد القطان ، عن إسماعيل بن أبي خالد قال : حدثني قيس يعني ابن أبي حازم قال : قال عبد الله بن مسعود : « ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه »

1319 - حدثنا أبو القاسم البغوي قال : حدثنا عبيد الله بن عمر قال : حدثنا يحيى بن سعيد القطان ، عن إسماعيل بن أبي خالد قال : حدثني قيس يعني ابن أبي حازم قال : قال عبد الله بن مسعود : « ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر رضي الله عنه »

1320 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا يزيد بن هارون قال : حدثنا المسعودي ، عن القاسم بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن مسعود قال : كان إسلام عمر رضي الله عنه عزا ، وكانت هجرته نصرا ، وكانت خلافته رحمة ، والله ما استطعنا أن نصلي ظاهرين حتى أسلم عمر ، وإني لأحسب أن الشيطان يفرق من حس عمر وإني لأحسب أن بين عيني عمر رضي الله عنه ملكا يسدده ، فإذا ذكر الصالحون فحي هلا بعمر

1321 - حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد الأعرابي قال : حدثنا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق قال : حدثنا صفوان بن المغلس قال : حدثنا إسحاق بن بشر قال : حدثنا خلف بن خليفة ، عن أبي هاشم الرماني ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : « أسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة وثلاثون رجلا وامرأة ، ثم إن عمر رضي الله عنه أسلم ؛ فصاروا أربعين ؛ فنزل جبريل عليه السلام فقال : ( يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين (1) ) »

__________

(1) سورة : الأنفال آية رقم : 64

1322 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا عبد الله بن عمر يعني ابن أبان الكوفي قال : حدثنا عبد الله بن خراش ، عن العوام بن حوشب ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : « لما أسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه نزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد لقد استبشر أهل السماء اليوم بإسلام عمر رضي الله عنه »
باب ما روي أن الله عز وجل جعل الحق على قلب عمر ولسانه ، وأن السكينة تنطق على لسانه

1323 - حدثنا الفريابي قال : ثنا محمد بن أبي السري العسقالاني قال : حدثنا بشر بن بكر قال : حدثنا أبو بكر بن أبي مريم ، عن حبيب بن عبيد ، عن غضيف بن الحارث ، عن بلال رحمه الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « جعل الحق على قلب عمر ولسانه »

1324 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا عبد السلام بن عبد الحميد الحراني قال : حدثنا عبد العزيز بن محمد ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن النبي صلى صلى الله عليه وسلم قال : « إن الله عز وجل جعل الحق على لسان عمر وقلبه »

1325 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا وهب بن بقية قال : حدثنا خالد بن عبد الله ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن عامر الشعبي قال : قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : « ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر رضي الله عنه »

1326 - وأخبرنا أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال : حدثنا أبو شهاب يعني الحناط عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي ، أن عليا رضي الله عنه قال : « ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر رضي الله عنه »

1327 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا محمود بن غيلان المروزي قال : حدثنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن عاصم ، عن زر ، عن علي رضي الله عنه قال : « ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر رضي الله عنه » قال محمد بن الحسين رحمه الله : ويدخل في هذا الباب من فضائل عمر رضي الله عنه حديث سارية ، فإن هذا موضعه

1328 - أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري قال حدثنا : يونس بن عبد الأعلى قال : أخبرنا عبد الله بن وهب قال : أخبرني يحيى بن أيوب ، عن محمد بن عجلان ، عن نافع ، عن ابن عمر : أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعث جيشا وأمر عليهم رجلا يدعى سارية قال : فبينما عمر بن الخطاب يخطب الناس يوما فجعل يصيح وهو على المنبر : يا ساري الجبل يا ساري الجبل . مرتين ، فقدم رسول الجيش فسأله ؛ فقال : يا أمير المؤمنين لقينا عدونا ، فهزمونا ، فإذا بصائح يصيح : يا ساري الجبل يا ساري الجبل ، فأسندنا ظهورنا بالجبل ؛ فهزمهم الله عز وجل فقيل لعمر : إنك كنت تصيح بذلك قال ابن عجلان : وحدثني إياس بن معاوية بمثل ذلك قال أبو بكر النيسابوري قال : وحدثنا محمد بن يحيى قال : حدثنا محمد بن عيسى بن الطباع قال : حدثنا عبد الله بن وهب بإسناده مثله

1329 - وحدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد الأعرابي قال : حدثنا عبد الكريم بن الهيثم قال : حدثنا أحمد بن صالح المصري قال : حدثنا عبد الله بن وهب ، عن يحيى بن أيوب ، عن محمد بن عجلان ، عن نافع ، عن ابن عمر : أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : وجه جيشا وأمر عليهم رجلا يدعى سارية قال : فبينا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخطب ، جعل ينادي : يا ساري الجبل يا ساري الجبل ثلاثا قال : ثم قدم رسول الجيش فسأله عمر ؛ فقال : يا أمير المؤمنين قد هزمنا ، فبينا نحن كذلك إذ سمعنا صوتا ينادي : يا ساري الجبل ، يا ساري الجبل ، يا ساري الجبل قال : فأسندنا ظهورنا إلى الجبل ، فهزمهم الله عز وجل قال : فقيل لعمر : إنك كنت تصيح بذلك قال محمد بن الحسين : هذا يدل على أن ملكا ينطق على لسان عمر رضي الله عنه ، كما قال علي رضي الله عنه : إن السكينة تنطق على لسان عمر رضي الله عنهم أجمعين ، إخوانا على سرر متقابلين

باب ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم : « قد كان يكون في الأمم محدثون فإن يكن في أمتي فعمر بن الخطاب رضي الله عنه » قال محمد بن الحسين رحمه الله : هذا موافق للباب الذي قبله ، ومعناه عند العلماء والله أعلم أن الله عز وجل يلقي في قلبه الحق ، وينطق به لسانه ، يلقيه الملك على لسانه وقلبه من الله عز وجل خصوصا خص الله الكريم به عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما قال علي رضي الله عنه : ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر هذه الأحاديث تصدق بعضها بعضا

1330 - حدثنا الفريابي قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا الليث بن سعد ، عن محمد بن عجلان ، عن سعد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة ، عن عائشة رحمها الله قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « قد كان يكون في الأمم محدثون ؛ فإن يكن في أمتي أحد فعمر بن الخطاب »

1331 - وحدثنا أحمد بن يحيى الحلواني قال : ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال : ثنا مندل يعني ابن علي عن محمد بن عجلان ، عن سعد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة ، عن عائشة رحمها الله قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « قد يكون في أمتي محدثون فإن يكن منهم أحد فعمر بن الخطاب رضي الله عنه »
باب ما روي أن غضب عمر بن الخطاب عز ورضاه عدل

1332 - حدثنا أبو محمد بن صاعد يحيى بن محمد بن صاعد قال : حدثنا الحسين بن الحسن المروزي قال : حدثنا إبراهيم بن رستم قال : حدثنا يعقوب بن عبد الله القمي ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، عن أنس بن مالك : « أن جبريل ، عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أقرئ عمر السلام ، وأخبره أن غضبه عز ، ورضاه عدل »

1333 - وحدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال : حدثنا نصر بن علي قال : حدثنا جرير ، عن يعقوب يعني القمي عن جعفر القمي ، عن سعيد بن جبير قال : قال جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم : اقرأ على عمر السلام ، وأخبره أن غضبه عز ، ورضاه عدل
باب ذكر موافقة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لربه عز وجل مما نزل به القرآن

1334 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن العباس الطيالسي قال : حدثنا محمود بن خداش قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا حميد الطويل ، عن أنس بن مالك قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : « وافقت ربي عز وجل في ثلاث : قلت : يا رسول الله ، لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى قال : فنزلت : ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى (1) ) قال : وقلت : يا رسول الله ، إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر ، فلو أمرتهن أن يحتجبن قال : فنزلت آية الحجاب قال : واجتمع على رسول الله صلى الله عليه وسلم نساؤه في الغيرة ؛ فقلت لهن ( عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن . . . (2) ) الآية ؛ قال : فنزلت كذلك »

__________

(1) سورة : البقرة آية رقم : 125

(2) سورة : التحريم آية رقم : 5

1335 - حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن سويد بن منجوف السدوسي قال : حدثنا أبو داود الطيالسي قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن أنس بن مالك قال : قال عمر رضي الله عنه : وافقت ربي عز وجل في أربع قلت : يا رسول الله ، لو صلينا إلى المقام ؛ فأنزل الله عز وجل : ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى (1) ) وقلت : يا رسول الله ، لو اتخذت على نسائك حجابا ، فإنه يدخل عليهن البر والفاجر ، فأنزل الله عز وجل : ( وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب (2) ) وقلت لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم : لتنتهين أو ليبدلنه الله عز وجل خيرا منكن ، فأنزل الله عز وجل : ( عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن (3) ) الآية ، وأنزل الله عز وجل : ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين (4) ) حتى بلغ الآية ، فقلت أنا : فتبارك الله أحسن الخالقين يعني فنزلت ( فتبارك الله أحسن الخالقين (5) )

__________

(1) سورة : البقرة آية رقم : 125

(2) سورة : الأحزاب آية رقم : 53

(3) سورة : التحريم آية رقم : 5

(4) سورة : المؤمنون آية رقم : 12

(5) سورة : المؤمنون آية رقم : 14

1336 - وحدثنا ابن صاعد قال : حدثنا عقبة بن مكرم العمي قال : حدثنا سعيد بن عامر ، عن جويرية بن أسماء ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : وافقت ربي عز وجل في ثلاث : في الحجاب ، وفي أسارى بدر ، وفي مقام إبراهيم عليه السلام

باب ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم : « لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه »

1337 - حدثنا الفريابي قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال : حدثنا عبد الله بن يزيد قال : حدثنا حيوة بن شريح ، عن بكر بن عمرو ، عن مشرح بن هاعان قال : سمعت عقبة بن عامر يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب »

1338 - وحدثنا أبو العباس عبد الله بن الصقر السكري قال : حدثنا الحسن بن الصباح البزار قال : حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ ، عن حيوة بن شريح ، عن بكر بن عمرو ، عن مشرح بن هاعان ، عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه »

1339 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا محمد بن يحيى بن فياض الزماني قال : حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ قال : حدثنا حيوة ، عن بكر بن عمرو ، عن مشرح بن هاعان ، عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب »
باب إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بالعلم والدين الذي أعطي عمر بن الخطاب

1340 - حدثنا الفريابي قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا الليث بن سعد ، عن عقيل ، عن الزهري ، عن حمزة بن عبد الله بن عمر ، عن عبد الله بن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « بينا أنا نائم ، أتيت بقدح من لبن ؛ فشربت منه ، ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب » قالوا : فما أولته يا رسول الله ؟ قال « العلم »

1341 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا محمد بن مصفى قال : حدثنا بقية بن الوليد قال : حدثنا الزبيدي ، عن الزهري ، عن حمزة بن عبد الله بن عمر ، عن ابن عمر : عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ قال : « بينا أنا نائم ، أتيت بقدح من لبن فشربت منه ، حتى إني لأرى الري يجري في أظفاري ، ثم أعطيت فضلي عمر » قالوا : فما أولت ذلك يا رسول الله ؟ قال : « العلم »

1342 - وحدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا أبي ، عن صالح بن كيسان ، عن ابن شهاب قال : حدثني أبو أمامة بن سهل بن حنيف ، أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « بينا أنا نائم رأيت الناس يعرضون علي وعليهم قمص ، فمنها ما يبلغ الثدي ، ومنها ما يبلغ دون ذلك ، ومر علي عمر وعليه قميص يجره » فقالوا له : يا رسول الله فما أولت ذلك ؟ قال : « الدين »
باب ذكر بشارة النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه بما أعد الله عز وجل له في الجنة

1343 - حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء قال : حدثنا أبو بكر بن عياش قال : حدثنا حميد الطويل ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أدخلت الجنة فرفع لي فيها قصر ، فقلت : لمن هذا ؟ فقالوا : لرجل من قريش ، فظننت أني أنا هو ، فقلت : من هو ؟ قالوا : عمر بن الخطاب » قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « فما منعني أن أدخله إلا غيرتك يا أبا حفص » قال : أعليك أغار يا رسول الله ؟ وهل رفعني الله تعالى إلا بك وهداني ؟ وهل من (1) الله عز وجل علي إلا بك ؟ قال : وبكى « قال أبو بكر بن عياش : قلت لحميد في النوم أو في اليقظة ؟ قال : لا ، بل في اليقظة

__________

(1) المن : الإحسان والإنعام

1344 - وحدثنا أيضا قاسم المطرز ؛ قال : حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع قال : حدثنا إسماعيل بن جعفر قال المطرز : وحدثنا أبو سعيد الأشج قال : حدثنا أبو خالد الأحمر قال المطرز : وحدثنا ابن عبد الأعلى قال : حدثنا معتمر ، كلهم ، عن حميد ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « دخلت الجنة ، فإذا بقصر من ذهب . . » . فذكروا مثله إلى قوله : « أو عليك أغار يا رسول الله »

1345 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا كامل بن طلحة الجحدري قال : حدثنا الليث بن سعد ، عن عقيل بن خالد ، عن ابن شهاب ، عن ابن المسيب ، : أن أبا هريرة قال : بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فقال : « بينا أنا نائم رأيتني في الجنة ، فإذا أنا بامرأة شوهاء يعني حسناء إلى جانب قصر ، فقلت : لمن هذا القصر قالوا : لعمر ، فذكرت غيرته فوليت مدبرا » قال أبو هريرة : فبكى عمر رضي الله عنه ، وقال : بأبي أنت وأمي أو عليك أغار

1346 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا محمد بن مصفى قال : حدثنا بقية بن الوليد قال : حدثنا ؛ قال : حدثنا الزبيدي ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة قال : بينا نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : « بينا أنا نائم رأيتني في الجنة ، فإذا امرأة شوهاء يعني حسناء إلى جانب قصر ؛ فقلت : لمن هذا ؟ فقالوا : لعمر بن الخطاب ؛ فذكرت غيرتك فوليت مدبرا »

1347 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا أحمد بن حنبل قال : حدثنا محمد بن بشر قال : حدثني مسعر بن كدام ، عن عبد الملك بن ميسرة ، عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص ، عن معاذ بن جبل قال : إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لمن أهل الجنة ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ما رأى في يقظته وفي نومه حقا ؛ وإنه قال : « بينا أنا نائم رأيتني دخلت الجنة فرأيت فيها دارا ؛ فقلت : لمن هذه الدار فقيل : لعمر بن الخطاب »

1348 - وحدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا محمد بن رزق الله قال : حدثنا زيد بن الحباب قال : حدثني الحسين بن واقد قال : حدثني عبد الله بن بريدة الأسلمي قال : سمعت أبي يقول : أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ؛ فقال : « إني دخلت الجنة البارحة (1) فرأيت فيها قصرا مربعا من ذهب ، فقلت : لمن هذا القصر ؟ فقيل : لرجل من العرب ؛ فقلت : فأنا من العرب ؛ فلمن هو ؟ فقيل : لرجل من المسلمين من أمة محمد قلت : فأنا محمد فلمن هذا القصر ؟ فقيل : لعمر بن الخطاب » ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « فلولا غيرتك لدخلت القصر » فقال له عمر : يا رسول الله ما كنت لأغار عليك

__________

(1) البارحة : أقرب ليلة مضت

1349 - وحدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا موسى بن داود قال : حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون قال : حدثنا محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « رأيت كأني أدخلت الجنة البارحة (1) قال : ورأيت فيها قصرا أبيض بفنائه جارية قال : فقلت : لمن هذا القصر ؟ فقيل : لعمر بن الخطاب ؛ فأردت أن أدخله ، فأنظر إليه فذكرت غيرتك يا عمر » قال : فقال له عمر : بأبي وأمي يا رسول الله وعليك أغارك ؟ وحدثناه أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا صالح بن مالك الخوارزمي قال : حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الماجشون قال : حدثني محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : . . . وذكر الحديث مثله

__________

(1) البارحة : أقرب ليلة مضت
باب ما روي أن الشيطان يفرق من عمر بن الخطاب رضي الله عنه هيبة له

1350 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال : حدثنا داود بن عمرو قال : حدثنا مكرم بن حكيم ، عن أبي محمد ، عن الحسن ، عن أنس بن مالك : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في دار فدخل عليه نسوة من قريش تسألنه ، وتستخبرنه رافعات أصواتهن فوق صوته ؛ فأقبل عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاستأذن ؛ فلما سمعن صوت عمر بادرن الحجاب ، فأذن لعمر ، فدخل فاستضحك النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال عمر : أضحك الله سنك يا نبي الله ، مم ضحكت ؟ فقال : « ألا إن نسوة من قريش دخلن علي يسألنني ويستخبرنني رافعات أصواتهن فوق صوتي ؛ فلما سمعن صوتك بادرن الحجب أو الحجاب » فقال عمر : يا عدوات أنفسهن تهبنني وتجترئن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت امرأة منهن : إنك أفظ وأغلظ فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : « مه عن عمر فوالله ما سلك عمر واديا قط فسلكه الشيطان » قال محمد بن الحسين رحمه الله : وقد ذكرنا عن ابن مسعود في هذا الكتاب قوله : كان إسلام عمر عزا ، وكانت هجرته نصرا ، وكانت خلافته رحمة ، والله ما استطعنا أن نصلي ظاهرين حتى أسلم عمر ؛ وإني لأحسب أن الشيطان يفرق من حس عمر رضي الله عنه . . . « وذكر الحديث
باب ما روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قفل الإسلام ؛ وأن الفتن تكون بعده

1351 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا هارون بن عبد الله البزاز قال : حدثنا سيار بن حاتم قال : حدثنا جعفر بن سليمان قال : حدثنا المعلى بن زياد ، عن الحسن قال : بينما عمر بن الخطاب رضي الله عنه آخذا بيد أبي ذر رحمه الله إذ غمزها (1) ، فقال له أبو ذر : مه يا قفل الإسلام أوجعتني فقال : ما هذا يا أبا ذر ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، تذكر يوم كذا وكذا ؟ يذكره إذ أقبلت فأشرفت (2) على الوادي (3) ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لن تصيبكم فتنة ما كان هذا بين أظهركم » فأنت قفل الإسلام يا عمر «

__________

(1) الغمز : الإشارة والجس والضغط باليد أو العين

(2) أشرف : أطل وأقبل واقترب وعلا ونظر وتطلع

(3) الوادي : كل منفرج بين الجبال والتلال ، يكون مسلكا للسيل ومنفذا

1352 - حدثنا أبو أحمد هارون بن يوسف قال : حدثنا ابن أبي عمر قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، وجامع بن أبي راشد ، عن أبي وائل ، عن حذيفة بن اليمان قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : من يحدثنا عن الفتنة ؟ فقلت : أنا سمعته يقول : « فتنة الرجل في أهله ، وماله ؛ تكفرها الصلاة والصدقة ، والصوم » فقال عمر : ليس عن تلك أسألك ؛ عن التي تموج كموج البحر ؟ فقلت : « إن من دون ذلك بابا مغلقا ، قتل رجل أو موته » قال : أفيكسر ذلك الباب أو يفتح ؟ قلت : لا بل يكسر ؛ فقال عمر : ذلك أجدر أن لا يغلق إلى يوم القيامة « وزاد الأعمش : فهبنا حذيفة أن نسأله : أكان يعلم عمر رضي الله عنه أنه هو الباب ؟ فأمرنا مسروقا فسأله ؛ فقال : نعم كما يعلم أن دون غد الليلة ، وذلك أني حدثته حديثا ليس بالأغاليط حدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا ابن أبي المقرئ قال : حدثنا سفيان ، عن جامع بن أبي راشد ، عن أبي وائل ، عن حذيفة قال : قال عمر رضي الله عنه : من يحدثنا عن الفتنة ؛ فقال حذيفة : أنا وذكر الحديث مثله سواء

1353 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد الواسطي قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا حبيب بن أبي حبيب قال : حدثنا عبد الله بن عامر الأسلمي ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « كان جبريل يذاكرني أمر عمر ؛ فقلت : يا جبريل ، اذكر لي فضائل عمر وما له عند الله عز وجل ؟ فقال لي : لو جلست معك مثل ما جلس نوح في قومه ما بلغت فضائل عمر ، وليبكين الإسلام بعد موتك يا محمد على موت عمر بن الخطاب رضي الله عنه »
باب ما روي أن عمر بن الخطاب سراج أهل الجنة

1354 - حدثنا عمر بن أيوب السقطي ، والحسن بن علي الجصاص قالا : حدثنا الحسن بن عرفة قال : حدثنا عبد الله بن إبراهيم الغفاري ، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « عمر بن الخطاب سراج أهل الجنة » قال محمد بن الحسين رحمه الله : فإن قال قائل : إيش يحتمل قوله سراج أهل الجنة ؟ قيل له والله أعلم : لما كان قد أسلم جماعة من المسلمين بمكة قبل عمر ، فكان يؤذيهم المشركون أذى شديدا ، ويستخفي كثير منهم بإسلامهم ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يجتمع إليه الجماعة منهم فيقرئهم القرآن سرا خوفا عليهم ؛ فلما أسلم عمر رضي الله عنه فرج الله عز وجل عن المسلمين ، وخرجوا وأظهروا إسلامهم ، فأعز الله الكريم المسلمين بإسلام عمر ، وأضاء نور الإسلام ، وقويت قلوب المسلمين ، وعلموا أن الله عز وجل قد منع منهم ، وفرج عنهم ، وأن الله عز وجل سيبدلهم من بعد خوفهم أمنا ؛ ألم تسمع إلى ما قال ابن عباس : « لما أسلم عمر بن الخطاب قال المشركون : انتصف القوم منا » وقال ابن مسعود : « ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر بن الخطاب » وروى ابن عباس : « لما أسلم عمر رضي الله عنه نزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد ، لقد استبشر أهل السماء اليوم بإسلام عمر » قلت : فصار عمر رضي الله عنه سراج أهل الجنة بهذه المعاني وما أشبهها من فضائله الشريفة ؛ استضاء بإسلامه نور القلوب وعزوا وقال ابن مسعود : « ما استطعنا أن نصلي ظاهرين حتى أسلم عمر » ، فهذا جوابنا في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : « عمر بن الخطاب سراج أهل الجنة »
باب ذكر جوامع فضائل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما قال محمد بن الحسين رحمه الله : قد اختصرت من ذكر فضائل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ما حضرني ذكره بمكة ، وفضائلهما بحمد الله كثيرة ، وفيما ذكرته مقنع لمن علمه ؛ فزاده الله الكريم محبة لهما رضي الله عنهما

1355 - حدثنا عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا الحسن بن عرفة قال : حدثنا الوليد بن الفضل ، عن إسماعيل بن عبيد العجلي ، عن حماد بن أبي سليمان ، عن إبراهيم النخعي ، عن علقمة بن قيس ، عن عمار بن ياسر قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يا عمار ، أتاني جبريل عليه السلام آنفا ، فقلت : يا جبريل ، حدثني بفضائل عمر في السماء ، فقال لي : لو لبثت ما لبث نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما ما نفدت فضائل عمر ، وإن عمر حسنة من حسنات أبي بكر »

1356 - وحدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا حبيب بن أبي حبيب قال : حدثنا عبد الله بن عامر الأسلمي ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « كان جبريل عليه السلام يذاكرني أمر عمر ، فقلت : يا جبريل ، اذكر لي فضائل عمر ، وما له عند الله عز وجل ، فقال لي : لو جلست معك مثل ما جلس نوح في قومه ما بلغت فضائل عمر ، وليبكين الإسلام بعد موتك يا محمد على موت عمر بن الخطاب رضي الله عنه »
باب ذكر مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه

1357 - حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال : حدثنا سلمة بن شبيب قال : حدثنا أبو داود الطيالسي قال : حدثنا جعفر بن سليمان قال : حدثنا ثابت ، عن أبي رافع قال : كان أبو لؤلؤة غلاما للمغيرة بن شعبة ، وكان يصنع الأرحاء ، وكان يصيب منها إصابة كبيرة ، وكان المغيرة يستغل منه كل يوم أربعة دراهم ، فأتى عمر رضي الله عنه ، فقال : يا أمير المؤمنين إن المغيرة قد أثقل غلتي ؛ فكلمه أن يخفف عني ، فقال : اتق الله ، وأحسن إلى مواليك ، وافعل وافعل ، قال : ومن نيته أن يلقى المغيرة ، فيأمره بالتخفيف عنه ؛ قال : فغضب وقال : وسع الناس كلهم عدلك غيري ، فصنع خنجرا ، وشحذه قال : وأحسبه قال : وجعل له رأسين ؛ ثم أتى به الهرمزان من الفرس ، فقال : كيف ترى هذا ؟ قال : أرى هذا أنه لا يضرب به أحد إلا قتله ، قال : فتحين عمر رضي الله عنه ، فأتاه من ورائه وهو في إقامة الصف ؛ فوجأه (1) ثلاث وجآت ، طعنه في كتفه ، وطعنه في خاصرته (2) ، وطعنه في بعض جسده ، قال : فسقط ، واحتمل إلى منزله ، وقال عبد الرحمن بن عوف رحمه الله : الصلاة الصلاة ؛ فتقدم عبد الرحمن فصلى بهم ، وقرأ بأقصر سورتين في القرآن ، وانطلق الناس نحو عمر يسألون عنه ، ويدعون له ، ويقولون : لا بأس عليك ؛ فقال عمر : « إن يكن علي في القتل بأس ؛ فقد قتلت » ؛ فدعا بشراب لينظر ما قدر جراحته ، فشرب فخرج مع الدم ، فلم يتبين ؛ فجعلوا يثنون عليه ؛ فقال عمر : « والذي نفسي بيده ، لوددت أني انفلت (3) منها كفافا (4) ، وسلم لي عملي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال : وسلم لي ما قبلها قال : وابن عباس عند رأسه ، فقال : يا أمير المؤمنين ، لا والله لا تنفلت منها كفافا ، لقد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فصحبته بخير ما صحبه فيه صاحب ، كنت تنفذ أمره ، وكنت في عونه حتى قبض صلى الله عليه وسلم وهو عنك راض ، ثم وليها أبو بكر رضي الله عنه ، فكنت تنفذ أمره ، وكنت في عونه حتى قبض وهو عنك راض ، ثم وليتها بخير ما وليها وال قال : وذكر محاسنه ، فكأن عمر استراح إلى كلام ابن عباس وهو في كرب الموت ، فقال : كرر علي كلامك فأعاد عليه الكلام ، فقال عمر : » والله لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت من هول المطلع « وجاء صهيب ، فقال : وأخاه وأخاه ، رفع صهيب صوته فقال عمر : » مهلا يا صهيب مهلا يا صهيب ، أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن المعول عليه يعذب » . قال : وجعل الأمر إلى ستة : إلى عثمان ، وعلي ، وطلحة ، والزبير ، وسعد ، وعبد الرحمن ، وأمر صهيبا أن يصلي بالناس

__________

(1) وجأ : ضرب وطعن

(2) الخاصرة : ما بين رأس الوَرِك وأسفل الأضلاع وهما خاصرتان

(3) الانفلات : المباغتة والانسلاخ والتخلص من الشيء فجأة من غير تمكث

(4) الكفاف : ما أغنى عن سؤال الناس وحفظ ماء الوجه وسد الحاجة من الرزق

1358 - أنبأنا أبو محمد بن صاعد قال : حدثنا إسحاق بن شاهين أبو بشر الواسطي قال : حدثنا خالد بن عبد الله ، عن حصين ، عن عمرو بن ميمون ، قال ابن صاعد : وحدثنا يوسف بن موسى القطان قال : حدثنا جرير ، عن حصين ، عن عمرو بن ميمون قال ابن صاعد : وحدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي ، وخلاد بن أسلم قالا : حدثنا علي بن عاصم ، عن حصين ، عن عمرو بن ميمون - واللفظ لخالد بن عبد الله - قال : كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه : « بعث حذيفة على ما سقت دجلة ، وبعث عثمان بن حنيف على ما سقى الفرات ، فوضعا الخراج ، فلما قدما عليه قال : لعلكما حملتما الأرض ما لا تطيق ، فقال حذيفة : لو شئت لا ضعفت أرضي ، وقال عثمان بن حنيف : لقد حملتها ما تطيق ، وما فيها كبير فضل فقال : لئن عشت لأرامل أهل العراق لأدعهن لا يحتجن إلى أحد بعدي قال : فما لبث إلا أربعة حتى أصيب قال : وكان عمر رضي الله عنه إذا أقيمت الصلاة ؛ قال للناس : استووا فلما استووا طعنه رجل فقال : باسم الله أكلني الكلب ، أو قتلني الكلب قال : فطار (1) العلج بسكين ذي طرفين لا يدنوا منه إنسان إلا طعنه حتى طعن ثلاثة عشر رجلا ، فمات منهم تسعة ، وألقى عليه رجل من المسلمين برنسا (2) ، ثم جثم عليه ، فلما عرف أنه مأخوذ ، طعن نفسه ، فقتل نفسه ؛ قال : وقدم الناس عبد الرحمن فصلى بهم صلاة خفيفة قال : فقال عمر لابن عباس : انظر من قتلني قال : فجال جولة ثم رجع فقال : غلام المغيرة بن شعبة ، فقال : الصنيع ؟ قال : نعم ، قال : قاتله الله لقد كنت أمرت به خيرا ، الحمد لله الذي لم يجعل منيتي في يد رجل من المسلمين ، وقال لابن عباس : لقد كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة ، قال : فقال : ألا نقتلهم ؛ قال : أبعد ما صلوا صلاتكم وحجوا حجكم ، ثم حمل حتى أدخلوه منزله ، فكأن لم يصب المسلمين مصيبة قبل يومئذ قال : فجعل الناس يدخلون عليه ، إذ دخل عليه شاب فقال : أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله عز وجل فإن لك من القدم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان لك ، ثم وليت فعدلت ، ثم رزقك الله عز وجل الشهادة قال : يا ابن أخي ، وددت أني وذاك لا لي ولا علي ، ثم أدبر الشاب ، فإذا هو يجر إزاره (3) ، فقال : ردوه ، فرد ، فقال له : يا ابن أخي ، ارفع إزارك فإنه أنقى لثوبك ، أتقى لربك . قال عمرو بن ميمون : فوالله ما منعه ما كان فيه أن نصحه ، ثم أتي بشراب نبيذ فشرب منه فخرج من جرحه فعرف أنه لم به ، فقال : يا عبد الله بن عمر ، انظر ما علي من الدين فنظر فإذا بضع وثمانون ألفا فقال : سل في آل عمر فإن وفى وإلا فسل في بني عدي ، فإن وفت وإلا فسل في قريش ، ولا تعدهم إلى غيرهم ، ثم قال : يا عبد الله ، ائت أم المؤمنين عائشة فقل : إن عمر يقرأ عليك السلام ، ولا تقل أمير المؤمنين ، فإني لست اليوم للمؤمنين بأمير ، وقل : يستأذن في أن يدفن مع صاحبيه فإن أذنت فادفنوني معهما ، وإن أبت فردوني إلى مقابر المسلمين ، فأتاها عبد الله وهي تبكي فقال : إن عمر يستأذن في أن يدفن مع صاحبيه فقالت : لقد كنت أدخر ذلك المكان لنفسي لأوثرنه (4) اليوم على نفسي ، ثم رجع ، فلما أقبل قال عمر : أقعدوني ثم قال : ما وراءك ؟ قال : قد أذنت لك ، قال : الله أكبر ، ما شيء أهم إلي من ذلك المضجع ، فإذا أنا قبضت فاحملوني ثم قولوا : يستأذن عمر فإن أذنت فادفنوني وإلا فردوني إلى مقابر المسلمين ثم قال : إن الناس يقولون : استخلف وإن الأمر إلى هؤلاء الستة الذين توفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض : علي ، وعثمان ، وطلحة ، والزبير ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن مالك ، وليشهدهم عبد الله بن عمر وليس له من الأمر شيء ، فإن أصابت الخلافة سعدا ، وإلا فليستعن به من ولي ، فإني لم أعزله عن عجز ولا خيانة ، ثم قال : أوصي الخليفة من بعدي بتقوى الله عز وجل ، وأوصيه بالمهاجرين الأولين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم ، أن يعرف لهم حقهم ، ويحفظ لهم حرمتهم ، وأوصيه بالأنصار خيرا أن يقبل من محسنهم ، ويتجاوز عن مسيئهم ، وأوصيه بأهل الأمصار خيرا فإنهم ردء الإسلام ، وغيظ العدو وجباة المال لا يؤخذ منهم إلا فضلهم عن رضى منهم ، وأوصيه بالأعراب خيرا ؛ فإنهم أصل العرب ومادة الإسلام ، أن يؤخذ من حواشي أموالهم فيرد على فقرائهم ، وأوصيه بذمة الله عز وجل وذمة رسوله أن يوفي لهم بعهدهم ، وأن يقاتل من ورائهم ولا يكلفوا إلا طاقتهم »

__________

(1) طار : أسرع وخف

(2) البرنس : كل ثوب رأسُه منه مُلْتَزق به

(3) الإزار : ثوب يحيط بالنصف الأسفل من البدن

(4) آثر : أعطى وأفرد وخص وفضل وقدم وميز

1359 - وحدثنا أبو حفص عمر بن سهل بن مخلد البزار من كتابه قال : حدثنا أبو السائب سلم بن جنادة بن سلم بن خالد بن جابر بن سمرة قال : حدثني سليمان بن عبد العزيز بن أبي ثابت ، عن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف قال : حدثني أبي ، عن عبد الله بن جعفر ، عن أبيه ، عن المسور بن مخرمة ، عن أمه وكانت أمه عاتكة بنت عوف قالت : خرج عمر بن الخطاب يوما يطوف في السوق فلقيه أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة وكان نصرانيا فقال : يا أمير المؤمنين ، أعدني على المغيرة بن شعبة فإن علي خراجا (1) كثيرا قال : فكم خراجك ؟ قال : درهمان في كل يوم قال : وأي شيء صناعتك ؟ قال : نجارا نقاشا حدادا قال : ما أرى خراجك بكثير على ما تصنع من الأعمال ، ثم لقد بلغني أنك تقول لو أردت أن أعمل رحى تطحن بالريح فعلت قال : نعم قال : فاعمل لي رحى قال : لأن سلمت لأعملن لك رحى يتحدث بها من بالمشرق والمغرب قال : ثم انصرف عمر إلى منزله فلما كان من الغد جاءه كعب الأحبار فقال له : يا أمير المؤمنين ، اعهد ، فإنك ميت في ثلاثة أيام قال : وما يدريك ؟ قال : أجده في كتاب الله عز وجل التوراة قال عمر : آلله إنك تجد عمر بن الخطاب في التوراة ؟ قال : اللهم لا ، ولكن أجد صفتك وحليتك ، وأنه قد فني أجلك قال وعمر لا يحس وجعا ، ولا ألما قال : فلما كان الغد جاءه كعب فقال : يا أمير المؤمنين ، ذهب يوم وبقي يومان قال : ثم جاءه الغد فقال : يا أمير المؤمنين ، ذهب يومان وبقي يوم وليلة ، وهي لك إلى صبيحتها قال ، فلما كان في الصبح خرج عمر بن الخطاب إلى الصلاة ، وكان يوكل بالصفوف رجالا فإذا استووا دخل هو فكبر قال : ودخل أبو لؤلؤة في الناس في يده خنجر له رأسان ، نصابه في وسطه ، فضرب عمر ست ضربات ، إحداهن تحت سرته ، هي التي قتلته ، وقتل معه كليب بن وائل بن البكير الليثي ، كان حليفهم ، فلما وجد عمر حر السلاح سقط ، وقال : أفي الناس عبد الرحمن بن عوف ؟ قالوا : نعم هو ذا قال : فتقدم بالناس فصلى قال : فصلى عبد الرحمن وعمر طريح ؟ قال : ثم احتمل فأدخل إلى داره ، ودخل عبد الرحمن بن عوف ، فقال : إني أريد أن أعهد إليك قال : يا أمير المؤمنين إن أشرت علي قال : وما تريد ؟ قال : أنشدك بالله أتشير علي بذلك ؟ قال : اللهم لا قال : إذن والله لا أدخل فيه أبدا قال : فهبني صمتا حتى أعهد إلى النفر الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض ، أدع لي عليا وعثمان والزبير وسعدا ؛ قال : وانتظروا أخاكم طلحة ثلاثا فإن جاء ، وإلا فاقضوا أمركم ، أنشدك الله يا علي ، إن وليت من أمور الناس شيئا أن تحمل بني هاشم على رقاب الناس ، أنشدك الله يا عثمان ، إن وليت من أمور الناس شيئا أن تحمل بني أبي معيط على رقاب الناس ، أ نشدك الله يا سعد ، إن وليت من أمور الناس شيئا أن تحمل أقاربك على رقاب الناس ، قوموا فتشاوروا ، ثم اقضوا أمركم ، وليصل بالناس صهيب ثم دعا أبا طلحة الأنصاري فقال : قم على بابهم فلا تدع أحدا يدخل إليهم ، وأوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم أن يقسم عليهم فيئهم (2) ، ولا يستأثر عليهم ، وأوصى الخليفة من بعدي بالأنصار الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم أن يحسن إلى محسنهم ، وأن يعفو عن مسيئهم ، وأوصى الخليفة من بعدي بالعرب فإنهم مادة الإسلام ، أن تؤخذ صدقاتهم من حقها ، وتوضع في فقرائهم ، وأوصي الخليفة من بعدي بذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوفي لهم بعهدهم ، اللهم هل بلغت تركت الخليفة بعدي على أنقى من الراحة ، يا عبد الله بن عمر ، اخرج إلى الناس فانظر من قتلني قال : يا أمير المؤمنين ، قتلك أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة فقال : الحمد لله الذي لم يجعل قتلي بيد رجل سجد لله سجدة واحدة يا عبد الله بن عمر ، اذهب إلى عائشة رضي الله عنها فسلها أن تأذن لي أن أدفن مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ، يا عبد الله ، إن اختلف الناس فكن مع الأكثر ، وإن كانوا ثلاثة وثلاثة ، فكن في الحزب الذي فيه عبد الرحمن بن عوف يا عبد الله بن عمر ، ائذن للناس فجعل يدخل عليه المهاجرين والأنصار يسلمون عليه ويقول لهم : أعن ملاء منكم كان هذا ؟ فيقولون : معاذ الله . قال : ودخل في الناس كعب الأحبار ، فلما نظر إليه عمر أنشأ يقول : وأوعدني كعب ثلاثا أعدها ولا شك أن القول ما قاله كعب وما بي حذار الموت إني لميت ولكن حذار الذنب يتبعه الذنب فقيل له : يا أمير المؤمنين ، لو دعوت طبيبا ؛ قال : فدعي بطبيب من بني الحارث بن كعب ، فسقاه نبيذا فخرج النبيذ يعني مع الدم قال : فاسقوه لبنا ، فخرج اللبن أبيض فقيل له : يا أمير المؤمنين ، اعهد ، قال : قد فرغت ثم توفي ليلة الأربعاء لثلاث ليال بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين قال : فخرجوا به بكرة يوم الأربعاء ، فدفن في بيت عائشة رضي الله عنها مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه وتقدم صهيب فصلى عليه وذكر الحديث بطوله

__________

(1) الخراج : ما فرض من ضريبة تؤدى من العبد المتكسب إلى سيده

(2) الفيء : ما يؤخذ من العدو من مال ومتاع بغير حرب
ذكر نوح الجن على عمر رضي الله عنه

1360 - حدثنا أبو العباس سهل بن أبي سهل الواسطي قال : حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي قال : حدثنا حماد بن زيد قال : حدثنا أيوب ، عن عبد الله بن أبي مليكة قال : ناحت (1) الجن على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فوصف ذلك فقال : عليك سلام الله من أمير وباركت يد الله في ذاك الأديم (2) الممزق قضيت أمورا ثم غادرت بعدها نوائح في أكمامها لم تفتق فمن يسع أو يركب جناحي نعامة ليدرك ما قدمت بالأمس يسبق أبعد قتيل بالمدينة أظلمت له الأرض تهتز الغضاة بأسوق

__________

(1) ناحت : بكت بجزع وعويل

(2) الأديم : الجلد المدبوغ

1361 - حدثنا سهل قال : حدثنا يحيى بن حبيب قال : حدثنا حماد بن زيد قال : قال : حدثنا عاصم ابن بهدلة مثله وزاد فيه : وما كنت أخشى أن تكون وفاته بكفي سبنتى أزرق العين مطرق

1362 - وحدثنا حامد بن شعيب البلخي قال : حدثنا منصور بن أبي مزاحم قال : حدثنا شريك ، عن عبد الملك بن عمير : أن الجن ناحت (1) على عمر بن الخطاب رضي الله عنه : جزى الله خيرا من إمام وباركت يد الله في ذاك الأديم الممزق قضيت أمورا ثم غادرت بعدها نوائح في أكمامها لم تفتق فمن يسع أو يركب جناحي نعامة ليدرك ما قدمت بالأمس يسبق فما كنت أخشى أن تكون وفاته بكفي سبنتى أزرق العين مطرق

__________

(1) ناحت : بكت بجزع وعويل

1363 - حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد الحنائي قال : حدثنا محمد بن عبيد بن حساب قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن ابن أبي مليكة قال : ناحت الجن على عمر رضي الله عنه : عليك سلام الله من أمير وباركت يد الله في ذاك الأديم (1) الممزق قضيت أمورا ثم غادرت بعدها نوائح في أكمامها لم تفتق فمن يسع أو يركب جناحي نعامة ليدرك ما قدمت بالأمس يسبق فيا لقتيل بالمدينة أظلمت له الأرض تهتز الغضاة بأسوق وزاد عاصم بن بهدلة : وما كنت أخشى أن تكون وفاته بكفي سبنتي أزرق العين مطرق

__________

(1) الأديم : الجلد المدبوغ

1364 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود السجستاني قال : حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام قال : حدثنا شبابة بن سوار ، عن محمد بن الفضل ، عن زيد العمي قال : لما مات عمر رضي الله عنه سمعوا نوح (1) الجن عليه وهم يقولون : جزى الله خيرا من أمير وباركت يد الله في ذاك الأديم الممزق فمن يسع أو يركب جناحي نعامة ليدرك ما قدمت بالأمس يسبق قضيت أمورا ثم غادرت بعدها نوائح في أكمامها لم تفتق لقتل قتيل بالمدينة أظلمت له الأرض تهتز الغضاة بأسوق وما كنت أخشى أن تكون وفاته بكفي سبنتي أزرق العين مطرق ولقاك ربي في الجنان تحية ومن كسوة الفردوس لا تتمزق آخر ما حضرني من فضائل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما

__________

(1) النوح : البكاء بجزع وعويل
كتاب ذكر فضائل أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه وعن جميع الصحابة قال محمد بن الحسين رحمه الله : أول فضائل عثمان بن عفان رضي الله عنه بعد الإيمان بالله عز وجل وبرسوله صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل أكرمه بأن زوجه بابنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واحدة بعد واحدة ولم يجمع بين ابنتي نبي منذ خلق الله آدم عليه السلام إلى يوم القيامة إلا عثمان بن عفان رضي الله عنه ، فضيلة أكرمه الله عز وجل بها مع الكرامات الكثيرة ، والمناقب الجميلة ، والفضائل الحسنة ، وبشارة النبي صلى الله عليه وسلم له بالشهادة ، وأنه يقتل مظلوما ، وأمره بالصبر ، فصبر رضي الله عنه حتى قتل وحقن دماء المسلمين
باب ذكر تزويج عثمان رضي الله عنه بابنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فضيلة خص بها

1365 - حدثنا أحمد بن سهل الأشناني قال : حدثنا عبد الله بن عمر أبو عبد الرحمن الكوفي قال : قال لي حسين بن علي الجعفي : يا أبا عبد الرحمن ، لم سمي عثمان ذا النورين ؟ قلت : لا والله ما أدري قال : « لم يجمع بين ابنتي نبي إلا عثمان رضي الله عنه »

1366 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا محمد بن حرب الواسطي قال : حدثنا عمير بن عمران الحنفي ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الله عز وجل أوحى إلى أن أزوج كريمتي من عثمان بن عفان »

1367 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود السجستاني قال : حدثنا إسحاق بن منصور الكوسج قال : حدثنا عبد الكريم بن روح بن عنبسة بن سعيد قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن أم عياش ، عن ابن عباس قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « ما زوجت عثمان أم كلثوم إلا بوحي من السماء »

1368 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا أبو الربيع الزهراني قال : حدثنا حماد بن زيد قال : حدثني مولى لعثمان ، عن أسامة بن زيد قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بصحفة (1) فيها لحم إلى عثمان رضي الله عنه ، فدخلت عليه فإذا هو جالس مع رقية رضي الله عنها ، ما رأيت زوجا أحسن منهما ، فجعلت مرة أنظر إلى عثمان ، ومرة أنظر إلى رقية ، فلما رجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « دخلت عليهما ؟ » قلت : نعم قال : « هل رأيت زوجا أحسن منهما ؟ » قلت : لا يا رسول الله ، لقد جعلت مرة أنظر إلى رقية ، ومرة أنظر إلى عثمان «

__________

(1) الصحفة : إِناءٌ كالقَصْعَة المبْسُوطة ونحوها، وجمعُها صِحَاف

1369 - حدثنا أبو العباس عبد الله بن الصقر السكري ، وأبو أحمد هارون بن يوسف بن زياد قالا : حدثنا أبو مروان العثماني قال : حدثني أبي عثمان بن خالد ، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي عثمان بن عفان رضي الله عنه عند باب المسجد ، فقال : « يا عثمان ، هذا جبريل عليه السلام يخبرني أن الله عز وجل قد زوجك أم كلثوم بمثل صداق رقية ، وعلى مثل مصاحبتها »

1370 - وحدثنا أبو العباس عبد الله بن الصقر السكري قال : حدثنا أبو مروان العثماني قال : حدثنا أبي ، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على قبر ابنته الثانية ، التي كانت عند عثمان رضي الله عنه وقال : « ألا أبو أيم ، إلا أخو أيم ، يزوجها عثمان ، فلو كن عشرا لزوجتهن عثمان ، وما زوجته إلا بوحي من السماء »
باب ذكر مواساة عثمان رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم بماله وتجهيزه لجيش العسرة

1371 - حدثنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي قال : حدثنا محمد بن أبي السري العسقلاني قال : حدثنا ضمرة بن ربيعة ، عن عبد الله بن شوذب ، عن عبد الله بن القاسم ، عن كثير مولى عبد الرحمن بن سمرة ، عن عبد الرحمن بن سمرة قال : جاء عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، وفي كمه ألف دينار ، فصبها في حجر النبي صلى الله عليه وسلم ثم ولى قال عبد الرحمن : فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها بيده في حجره ويقول : « ما ضر عثمان ما فعل بعدها أبدا » حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع قال : حدثنا ضمرة بن ربيعة ، وذكر الحديث نحوا منه وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا أبو عمير الرملي قال : حدثنا ضمرة بن ربيعة ، وذكر الحديث مثله

1372 - وحدثنا قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا الوليد بن شجاع قال : حدثنا الوليد بن مسلم ، عن خليد بن دعلج ، عن قتادة : « أن عثمان رضي الله عنه جهز في جيش العسرة تسعمائة وثلاثين بعيرا وسبعين فرسا »

1373 - وحدثنا الفريابي قال : حدثني محمد بن عزيز الأيلي قال : حدثنا سلامة بن روح ، عن عقيل بن خالد قال : قال ابن شهاب الزهري : حمل عثمان بن عفان رضي الله عنه في غزوة تبوك على تسعمائة بعير وأربعين بعيرا ، ثم جاء بستين فرسا فأتم بها الألف

1374 - وأنبأنا إبراهيم بن الهيثم الناقد قال : حدثنا داود بن رشيد قال : حدثنا سويد بن عبد العزيز قال : حدثنا حصين ، عن عمرو بن جاوان ، عن الأحنف بن قيس قال : نشد عثمان بن عفان : عليا وطلحة والزبير وسعدا رضي الله عنهم : هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم جيش العسرة : « من جهزها غفر الله له » فجهزتهم حتى ما يفقدون خطاما (1) ولا عقالا (2) ، هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من يشتري بئر رؤمة فيجعلها سقاية للمسلمين غفر الله له » فابتعتها ثم ذكرتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : « اجعلها سقاية للمسلمين وأجرها لك ؟ » قالوا : اللهم نعم قال : فنشدتكم بالله هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من اشترى بيتا فزاده في المسجد غفر الله له » فابتعته ، ثم ذكرت ذلك له فقال : « زده في المسجد وأجره لك » ففعلت ذلك ؟ قالوا : اللهم نعم

__________

(1) الخطام : كل ما وُضِعَ على أنف البعير ليُقتادَ به

(2) العقال : الحبل الذي تُربط به الإبل ونحوها
باب إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بفتن كائنة وأن عثمان رضي الله عنه وأصحابه منها برءاء

1375 - حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا عبد الوهاب الثقفي قال : حدثنا أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي الأشعث الصنعاني : أن خطباء قامت بالشام فيهم رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام آخرهم رجل يقال له مرة بن كعب ، فقال : لولا شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قمت : فذكر فتنة فقربها ، فمر رجل فقال : « هذا يومئذ على الهدى » فقمت إليه فأقبلت عليه بوجهه فقال : هو هذا ؟ قال : نعم فإذا هو عثمان بن عفان رضي الله عنه

1376 - وحدثنا أيضا قاسم المطرز قال : حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، وإسحاق بن إبراهيم قالا : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن رجل قال إسحاق : قال حماد : هو أبو الأشعث الصنعاني قال : شهدت خطباء في أول الفتنة في الشام قال : فقام رجل في آخرهم ، يقال له : مرة بن كعب فقال : لولا حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قمت ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوما فتنة ، فمر رجل مقنع فقال : « هذا وأصحابه على الحق » فأتبعته فإذا هو عثمان رضي الله عنه وأنبأناه أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم المروزي قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن رجل ، قد سماه قال حماد : هو أبو الأشعث الصنعاني قال : شهدت خطباء أول الفتنة ، وذكر الحديث مثله

1377 - وحدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا عباس بن عبد العظيم العنبري قال : حدثنا أسود بن عامر قال : حدثنا سنان بن هارون ، عن كليب بن وائل ، عن ابن عمر قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة ، فمر رجل فقال : « يقتل فيها هذا المقنع مظلوما » قال : فنظرت إليه ؛ فإذا هو عثمان بن عفان رضي الله عنه
باب إخبار النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان رضي الله عنه أنه يقتل مظلوما

1378 - حدثنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال : حدثنا منصور بن أبي مزاحم قال : حدثنا أبو سعيد المؤدب ، عن خصيف ، عن مجاهد ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : « دخل عثمان رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا دونهما ، فناجاه طويلا فما فجأني إلا وعثمان رضي الله عنه جاث على ركبتيه ، يقول : ظلما وعدوانا يا رسول الله ؟ قالت : فظننت أنه أخبره بقتله »

1379 - حدثنا قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا بشر بن دحية الزيادي قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، أن أبا عثمان يعني النهدي ، حدث عن أبي موسى الأشعري : أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل حائطا وقال لي : « احفظ الباب » فجاء رجل يستأذن قال : « ائذن له وبشره بالجنة » فإذا أبو بكر ، ثم جاء رجل آخر يستأذن فقال : « ائذن له ، وبشره بالجنة » فإذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثم جاء آخر يستأذن فلبث رسول الله صلى الله عليه وسلم هنيهة (1) ثم قال « ائذن له وبشره بالجنة بعد بلوى شديدة ستصيبه » قال فأذنت له فإذا عثمان رضي الله عنه قال حماد : وسمعت علي بن الحكم ، وعاصما الأحول أنهما سمعا أبا عثمان يحدث عن أبي موسى ، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه

__________

(1) الهنيهة : القليل من الزمان .

1380 - وحدثنا أبو أحمد هارون بن يوسف قال : حدثنا ابن أبي عمر قال : حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة ، عن أبي عثمان النهدي ، عن أبي موسى الأشعري قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم حسبته قال : في حائط (1) ، فجاء رجل فسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « اذهب فائذن له وبشره بالجنة ؛ على بلوى شديدة » فانطلقت فإذا عثمان رضي الله عنه ، فقلت : ادخل وأبشر بالجنة على بلوى شديدة فجعل يقول : اللهم صبرا ، حتى جلس

__________

(1) الحائط : البستان أو الحديقة وحوله جدار

1381 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا سعيد بن سليمان ، عن عبد الأعلى بن أبي المساور قال : حدثنا إبراهيم بن محمد بن حاطب ، عن عبد الرحمن بن محيريز ، عن زيد بن أرقم قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « انطلق حتى تأتي السوق فتلقى عثمان فيها يبيع ويبتاع فقل له : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عليك السلام ويقول : أبشر بالجنة بعد بلاء شديد » فانطلقت حتى أتيت السوق فألقى عثمان رضي الله عنه يبيع ويبتاع كما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عليك السلام ويقول : « أبشر بالجنة بعد بلاء شديد » قال : وأين رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلت : بمكان كذا وكذا فأخذ بيدي فجئنا جميعا حتى أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له عثمان : يا رسول الله ، إن زيدا أتاني فقال لي : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عليك السلام ويقول : « أبشر بالجنة بعد بلاء شديد » فأي بلاء يصيبني يا رسول الله ؟ فوالذي بعثك بالحق ما تغنيت ، ولا تمنيت ، ولا مسست ذكري بيميني منذ بايعتك فقال : « هو ذاك هو ذاك » مرتين

1382 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا محمد بن عبيد بن حميد قال : حدثنا عبد الحميد الحماني قال : حدثنا عبد الأعلى ، عن الشعبي ، عن زيد بن أرقم قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان رضي الله عنه فبشرته بالجنة على بلوى تصيبه ، فأخذ عثمان بيدي ، فانطلق بي حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، ما هذه البلوى التي تصيبني ؟ ما تغنيت ، ولا تمنيت ، ولا مسست فرجي بيميني منذ أسلمت ، أو بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا زنيت في جاهلية ولا إسلام ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : « إن الله عز وجل مقمصك فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه »
باب بذل عثمان دمه دون دماء المسلمين وترك النصرة لنفسه وهو يقدر رضي الله عنه

1383 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا عبد الله بن عمر الكوفي قال حدثنا عبد الله بن خراش قال : ثنا العوام بن حوشب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عمر ، : أنه دخل على عثمان رضي الله عنه يعرض نصرته ويذكر بيعته ، فقال : « أنتم في حل من بيعتي وفي حرج من نصرتي ، وإني لأرجو أن ألقى الله عز وجل سالما مظلوما »

1384 - أنبأنا إبراهيم بن الهيثم الناقد قال : حدثنا داود بن رشيد قال : حدثنا عبد الله بن كثير ، عن الأوزاعي قال : حدثني محمد بن عبد الملك قال : لما حصر عثمان رضي الله عنه ؛ دخل عليه المغيرة بن شعبة ، فقال : إنه قد نزل بك ما ترى ، وأنا أعرض عليك خصالا (1) ثلاثا : إن شئت خرقنا لك بابا من الدار سوى الباب الذي هم عليه ، فنقعدك على رواحلك ؛ فتلحق بمكة ، فإنهم لن يستحلوك وأنت بها ، أو تلحق بالشام فإنهم أهل الشام وفيهم معاوية ، وإن شئت خرجت بمن معك فقاتلتهم ، فإن معك عدة وقوة ، وإنك على حق وهم على باطل ، فقال عثمان رضي الله عنه : أما قولك : أن نخرق لك من الدار بابا ، فأقعد على رواحلي (2) فألحق بمكة فإنهم لن يستحلوني وأنا بها ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « يلحد رجل من قريش بمكة عليه نصف عذاب العالم » فلن أكون إياه وأما قولك أن ألحق بالشام فهم أهل الشام وفيهم معاوية ، قلت : أفارق دار هجرتي ومجاورة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ، وأما قولك : إن معي عدة وقوة فأخرج فأقاتلهم ؛ فإني على الحق وهم على الباطل ، فلن أكون أول من خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته بإهراقه ملء محجم (3) من دم بغير حق

__________

(1) الخصال : جمع خصلة وهي خلق في الإنسان يكون فضيلة أو رزيلة

(2) الرواحل : جمع راحلة وهي ما صلح للأسفار والأحمال من الإبل

(3) المحجم : المشرط الذي يستخدمه الحجام لتشريط موضع الحجامة من الجلد

1385 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي قال : حدثنا يحيى بن سعيد القطان قال : حدثنا إسماعيل يعني ابن أبي خالد قال : حدثنا قيس يعني ابن أبي حازم ، عن أبي سهلة مولى عثمان بن عفان ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « ادعوا لي بعض أصحابي » قالت : قلت أدعو لك أبا بكر ؟ فسكت ، قلت : أدعو لك عمر ؟ فسكت ، قلت : أدعو لك ابن عمك عليا ؟ فسكت ، قلت : أدعو لك عثمان ؟ قال : « ادعيه » فجاء عثمان فقال لي : « هكذا أي تنحي قالت : فرأيته يقول لعثمان ولونه يتغير أو وجهه يتغير قالت : فلما كان يوم الدار قيل له : ألا تقاتل ؟ فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم » عهد إلى عهدا ، وإني صابر نفسي « وحدثني أبو حفص عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا محفوظ بن أبي توبة قال : حدثنا محمد بن بشر العبدي قال : حدثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، عن أبي سهلة ، مولى عثمان رضي الله عنه ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه

1386 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا يعقوب الدورقي قال : سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : لو لم يكن في عثمان رضي الله عنه إلا هاتان الخصلتان كفتاه ؛ « بذله دمه دون دماء المسلمين ، وجمعه المصحف »

1387 - حدثنا الفريابي قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، وعمرو بن محمد الناقد قالا : حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي قال : حدثنا أبو جعفر الرازي ، عن أيوب السختياني ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنه : أن عثمان رضي الله عنه أصبح يحدث الناس فقال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : « يا عثمان ، أفطر عندنا الليلة » فأصبح صائما ، ثم قتل من يومه ، رحمة الله عليه
باب ذكر إنكار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل عثمان رضي الله عنه وتعظيم ذلك عندهم وعرضهم أنفسهم لنصرته ومنعه إياهم

1388 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم المروزي قال : حدثنا شريك ، عن عبد الله بن عيسى ، عن جده عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : رأيت عليا رضي الله عنه عند أحجار الزيت : رافعا أصبعيه أو قال مادا أصبعيه يقول : « اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان »

1389 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن خالد البرذعي في المسجد الحرام قال : حدثنا محمد بن سليمان بن بنت مطر الوراق قال : حدثنا يزيد بن هارون قال : أنبأنا العوام بن حوشب قال : حدثني حبيب بن أبي ثابت ، عن محمد بن علي قال : لما كان يوم الدار أرسل عثمان رضي الله عنه إلى علي يدعوه ، فأراد إتيانه ، فتعلقوا به ومنعوه ، فألقى عمامة سوداء كانت على رأسه ، ونادى ثلاثا : « اللهم إني لا أرضى قتله ولا آمر به »

1390 - وحدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا إسماعيل بن أبي الحارث قال : حدثنا داود بن المحبر قال : حدثنا مبارك بن فضالة ، عن الحسن قال : كان الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما « يرد الناس عن عثمان رضي الله عنه يوم الدار بسيفين يضرب بيديه جميعا »

1391 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال : حدثنا مروان بن معاوية قال : حدثنا الحارث بن ربيع ، عن مولى ، لحذيفة قال : لما بلغ حذيفة بن اليمان قتل عثمان رضي الله عنه جعل يتردد في الدار قائما وذاهبا كهيئة الناخر وهو يقول : « اللهم إني أخاف أن يكون أمير المؤمنين مضى وهو علي ساخط »

1392 - وأنبأنا عبد الله بن صالح قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال : حدثنا الفضل بن موسى السيناني ، عن فطر ، عن زيد بن علي ، : أن زيد بن ثابت رحمه الله « بكى على عثمان رضي الله عنه يوم الدار »

1393 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا إسماعيل بن أبي الحارث قال : حدثنا داود بن المحبر قال حدثني أبي محبر بن قحذم ، عن مجالد بن سعيد ، عن الشعبي قال : لما قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه رثاه كعب بن مالك الأنصاري رحمه الله فقال : عجبت لقوم أسلموا بعد عزهم إمامهم للمنكرات وللغدر فلو أنهم سيموا من الضيم خطة لجاد لهم عثمان بالأيد والنصر فما كان في دين الإله بخائن ولا كان في الأقسام بالضيق الصدر ولا كان نكاثا بعهد محمد ولا تاركا للحق في النهي والأمر فإن أبكه أعذر لفقدي عدله ومالي عنه من عزاء ولا صبر وهل لامرئ يبكي لعظم مصيبة أصيب بها بعد ابن عفان من عذر فلم أر يوما كان أعظم فتنة وأهتك منه للمحارم والستر غداة أصيب المسلمون بخيرهم ومولاهم في إله العسر واليسر

1394 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا وهب بن بقية الواسطي قال : حدثنا خالد بن عبد الله الواسطي ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم قال : سمعت سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل يقول : « لو انقض أحد فيما فعلتم بابن عفان لكان محقوقا أن ينقض »

1395 - حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا يحيى بن سعيد القطان قال : حدثنا إسماعيل قال : حدثنا قيس قال : سمعت سعيد بن زيد يقول للقوم : « لو أن أحدا ، انقض لما صنعتم بعثمان رضي الله عنه لكان محقوقا أن ينقض »

1396 - حدثنا عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا محفوظ بن أبي توبة قال : ثنا عبد الرزاق قال : أنبأنا معمر ، عن من ، سمع ابن سيرين يقول : بعث عثمان رضي الله عنه سليط بن سليط وعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد ، فقال : اذهبا إلى ابن سلام فتنكرا له ، وقولا له : إنه قد كان من أمر الناس ما قد ترى فما تأمرنا ؟ قال : فأتيا ابن سلام فقالا له نحوا من مقالته ، فقال لأحدهما : أنت فلان ابن فلان ، وقال للآخر : أنت فلان ابن فلان ، بعثكما إلي أمير المؤمنين ، فاقرئاه السلام ، وأخبراه بأنه مقتول فليكف ، فإنه أقوى لحجته يوم القيامة عند الله عز وجل فأتياه فأخبراه فقال عثمان : « عزمت عليكم أن لا يقاتل معي منكم أحد »

1397 - وحدثني عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا محفوظ بن أبي توبة قال : حدثنا عبد الرزاق قال : أنبأنا معمر ، عن قتادة قال : قال ابن سلام : « والله لئن كان قتل عثمان هدى ليحتلبن لبنا ، ولئن كان قتله ضلالة ليحتلبن دما »

1398 - حدثنا أبو محمد بن صاعد قال : حدثنا علي بن سعيد بن مسروق الكندي قال : حدثنا أبو المحياة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن ابن أخي عبد الله بن سلام قال : لما أريد عثمان جاء عبد الله بن سلام فقال له عثمان : ما جاء بك ؟ قال : جئت في نصرتك قال : اخرج إلى الناس فخرج عبد الله إلى الناس فقال : « أيها الناس ، إنه كان لي اسم في الجاهلية فلانا ، فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله ، ونزلت في آيات من كتاب الله عز وجل : نزلت في ( وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين (1) ) ونزلت في ( قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب (2) ) إن لله سيفا مغمودا عنكم ، وإن الملائكة جاورتكم في بلدكم هذا ، الذي نزل فيه نبيكم صلى الله عليه وسلم ، فالله ، الله في هذا الرجل أن تقتلوه ، فوالله لئن قتلتموه ؛ لتطردن جيرانكم من الملائكة ، وليسلن سيف الله المغمود عنكم فلا يغمد (3) إلى يوم القيامة »

__________

(1) سورة : الأحقاف آية رقم : 10

(2) سورة : الرعد آية رقم : 43

(3) أغمد السيف : أدخل السيف في غلافه وجرابه

1399 - وحدثني عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا محفوظ بن أبي توبة قال : حدثنا عبد الرزاق قال : أنبأنا معمر ، عن حميد بن هلال قال : قال لهم عبد الله بن سلام : « إن الملائكة لم تزل محيطة بمدينتكم منذ قدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اليوم ، فوالله لئن قتلتموه ليذهبن ، ثم لا يعودون أبدا ، فوالله لا يقتله منكم رجل إلا لقي الله أجذم لا يد له ، وإن سيف الله عز وجل لم يزل مغمودا عنكم ، وإنكم والله لئن قتلتموه ليسلنه الله عز وجل ثم لا يغمد عنكم إما قال : أبدا ؛ وإما قال : إلى يوم القيامة وما قتل نبي قط إلا قتل به سبعون ألفا ، ولا خليفة إلا قتل به خمسة وثلاثون ألفا قبل أن يجتمعوا ، وذكر أنه قتل على دم يحيى بن زكرياء سبعون ألفا »

1400 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال : حدثنا عبد الله بن عمر الكوفي قال : حدثنا أبو معاوية قال : حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : دخلت على عثمان رضي الله عنه يوم الدار فقلت : يا أمير المؤمنين ، طاب أو ضرب فقال : يا أبا هريرة ، « أيسرك أن يقتل الناس جميعا وإياي معهم ؟ » قال : قلت : لا قال : « فإنك والله إن قتلت رجلا واحدا فكأنما قتلت الناس جميعا » قال : فرجعت ولم أقاتل قال الأعمش : وكان أبو صالح إذا ذكر ما صنع بعثمان بكى . قال الأعمش : كأني أسمعه يقول : هاه ، هاه

1401 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا أبو معاوية ، ووكيع قالا : حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، قال : « كان إذا ذكر قتل عثمان بكى ، فكأني أسمعه يقول : هاه ، هاه »

1402 - حدثنا عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا أبو هشام الرفاعي قال : حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن ليث بن أبي سليم ، عن زياد بن أبي مليح ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : « لو اجتمعوا على قتل عثمان رضي الله عنه لرجموا بالحجارة كما رجم قوم لوط »

1403 - حدثنا عمر بن أيوب أيضا قال : حدثنا أبو هشام الرفاعي قال : حدثنا يحيى بن يمان قال : حدثنا شريك ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن كعب يعني كعب الأحبار قال : « لا تقتلوا عثمان ، والله لئن قتلتموه ليستحلن القتل ما بين دروب الروم إلى صنعاء ، وليكونن فتن وضغائن »
باب ذكر عذر عثمان رضي الله عنه عند أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

1404 - حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسين الكوفي الأشناني قال : حدثنا أحمد بن عبد الحميد بن خالد قال : حدثنا أبو أسامة ، عن مسعر قال : حدثني أبو عون الثقفي ، عن محمد بن حاطب قال : ذكروا عثمان رضي الله عنه عند الحسن بن علي رضي الله عنه ، فقال الحسن : هذا أمير المؤمنين علي رضي الله عنه يأتيكم الآن فاسألوه عنه ، فجاء علي رضي الله عنه « فسألوه عن عثمان رضي الله عنه ، فتلا هذه الآية في المائدة ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح (1) كلما مر بحرف من الآية قال : كان عثمان من الذين آمنوا ، كان عثمان من الذين اتقوا ، ثم قرأ إلى قوله عز وجل والله يحب المحسنين »

__________

(1) سورة : المائدة آية رقم : 93

1405 - وحدثني أبو جعفر أحمد بن خالد البرذعي في المسجد الحرام قال : حدثنا محمد بن سليمان بن بنت مطر الوراق قال : حدثنا أبو قطن ، عن شعبة ، عن أبي عون ، عن محمد بن حاطب قال : سئل علي رضي الله عنه عن عثمان رضي الله عنه ؟ فقال : « كان من الذين آمنوا ، ثم اتقوا ، ثم آمنوا ، ثم اتقوا »

1406 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا يونس بن حبيب قال : حدثنا أبو داود يعني الطيالسي قال : حدثنا أبو عوانة ، عن أبي بشر ، عن يوسف بن سعد قال : قدم محمد بن علي رضي الله عنه البصرة قال : فحدثني ، قال : شهدت عليا رضي الله عنه وهو على سرير ، وعنده عمار بن ياسر وزيد بن صوحان ، وصعصعة ، فذكر عثمان رضي الله عنه قال : وعلي رضي الله عنه ينكت في الأرض بعود معه فقرأ إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون (1) قال : نزلت في عثمان ، فقلت لمحمد بن علي : أروي هذا عنك ؟ قال : نعم

__________

(1) سورة : الأنبياء آية رقم : 101

1407 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن العباس الطيالسي قال : حدثنا هلال بن العلاء الرقي قال : حدثنا أبي قال : حدثنا عبيد الله بن عمرو ، عن زيد بن أبي أنيسة ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : لما حصر عثمان رضي الله عنه في داره ، اجتمع الناس حول داره فأشرف عليهم عثمان ، فقال : أنشد الله رجلا سمع نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا انتفض حراء فقال : « اثبت حراء ، فما عليك إلا نبي ، أو صديق أو شهيد » فقال أناس ممن سمع ذلك : قد سمعناه قال : أنشدكم بالله هل تعلمون أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : « من ينفق نفقة متقبلة في جيش العسرة ؟ » والناس يومئذ مجهدون معسرون ، فجهزت الجيش من مالي ؟ قالوا : اللهم نعم ، ثم قال : أنشدكم بالله أتعلمون أن رومة كان لا يشرب منها أحد إلا بثمن فاشتريتها بمالي للفقير والغني وابن السبيل والناس عامة ؟ قالوا : اللهم نعم في أشياء عددها عليهم

1408 - وأنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا عبد الله بن عمر الكوفي قال : حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن حصين ، عن عمرو بن جاوان السعدي ، عن الأحنف بن قيس ، : أن عثمان رضي الله عنه نشد قوما فقال : أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من يبتاع مربد (1) بني فلان غفر الله له » فابتعته بعشرين أو بخمسة وعشرين ألفا ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : قد ابتعته قال : « اجعله في مسجدنا وأجره لك » قالوا : اللهم نعم قال : فقال : أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من يبتاع بئر رومة غفر الله له » فابتعتها بكذا وكذا ثم أتيته فقلت : قد ابتعتها قال : « اجعلها سقاية للمسلمين وأجرها لك » قالوا : اللهم نعم قال : أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر في وجوه القوم فقال : « من يجهز هؤلاء غفر الله له » يعني : جيش العسرة ؛ فجهزتهم حتى لم يفقدوا عقالا (2) ولا خطاما (3) قالوا : اللهم نعم قال : فقال : اللهم اشهد اللهم اشهد اللهم اشهد

__________

(1) المربد : مأوى الأبل والغنم ومحبسها

(2) العقال : الحبل الذي تُربط به الإبل ونحوها

(3) الخطام : كل ما وُضِعَ على أنف البعير ليُقتادَ به

1409 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد الواسطي قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا بشر بن شعيب بن أبي حمزة قال : حدثني أبي قال : أخبرني الزهري قال : أخبرني سالم بن عبد الله بن عمر قال : قال عبد الله بن عمر : جاءني رجل في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه ، فكلمني بكلام طويل ، يريد في كلامه بأن أعيب على عثمان ، وهو امرؤ في لسانه ثقل لا يكاد يقضي كلامه في سريع ، فلما قضى كلامه ، قلت : « قد كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي أفضل أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، وإنا والله ما نعلم عثمان قتل نفسا بغير حق ، ولا جاء من الكبائر شيئا ، ولكن إنما هو هذا المال ، فإن أعطاكموه رضيتم ، وإن أعطى أولي قرابته سخطتم ، إنما تريدون أن تكونوا كفارس والروم لا يتركون لهم أميرا إلا قتلوه » قال : ففاضت عيناه بأربع من الدمع ثم قال : اللهم لا نريد ذلك

1410 - أنبأنا إبراهيم بن الهيثم قال : حدثنا داود بن رشيد قال : حدثنا صالح بن عمر ، عن كليب بن وائل ، عن ابن أبي مليكة قال : جاء رجل فسأل ابن عمر فقال : أشهد عثمان بدرا ؟ قال : لا قال : أشهد بيعة الرضوان ؟ قال : لا قال : فهل تولى يوم التقى الجمعان ؟ قال : نعم قال : فلما قام الرجل قيل له : إن هذا ينطلق فيزعم أنك وقعت في عثمان فقال : ردوه فدعوه له ، فقال : علمت ما سألتني عنه ؟ قال : نعم ، سألتك هل شهد عثمان بدرا ؟ فقلت : لا وسألتك هل شهد بيعة الرضوان ؟ قلت : لا ، وسألتك هل تولى يوم التقى الجمعان ؟ قلت : نعم قال ابن عمر : أما بدر ، فإنه كان في حاجة الله ، وحاجة رسوله ، فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه ، ولم يضرب لأحد غيره ، وأما بيعة الرضوان ؛ فإنه كان في حاجة الله ، وحاجة رسوله ، فبايع له رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ، فيد رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان خير من يد عثمان لنفسه ، وأما يوم التقى الجمعان ؛ فإن الله عز وجل قال : إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم (1) اذهب فاجهد على جهدك

__________

(1) سورة : آل عمران آية رقم : 155

1411 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا إسحاق بن منصور الكوسج قال : أنبأنا عبد الكريم بن روح بن عنبسة بن سعيد قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن أم عياش قالت : « خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان رضي الله عنه على رقية أيام بدر ، وكانت مريضة ، فأقام عليها على أن ضمن له رسول الله صلى الله عليه وسلم له سهمه في بدر ، وأجره في بدر »

1412 - وبهذا الإسناد أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عثمان زمن بيعة الرضوان إلى مكة في بعض حاجته ، فلما حضرت البيعة ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيساره على يمينه ، وقال : « هذه لعثمان »

1413 - وحدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن يحيى بن سعيد ، عن سالم بن عبد الله قال : قال ابن عمر : « لقد عابوا على عثمان رضي الله عنه أشياء لو فعل بها عمر ما عابوها عليه »
باب سبب قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه إيش السبب الذي قتل به رضي الله عنه . قال محمد بن الحسين رحمه الله : فإن قال قائل : قد ذكرت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر فتنة تكون من بعده ، ثم قال في عثمان : « فاتبعوا هذا وأصحابه فإنهم يومئذ على هدى » فأخبرنا عن أصحابه من هم ؟ قيل له : أصحابه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المشهود لهم بالجنة ، المذكور نعتهم في التوراة والإنجيل ، الذي من أحبهم سعد ، ومن أبغضهم شقي فإن قال : فاذكرهم ، قيل له : علي بن أبي طالب ، وطلحة ، والزبير ، وسعد ، وسعيد رضي الله عنهم وسائر الصحابة في وقتهم رضي الله عنهم ، كلهم كانوا على هدى كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، وكلهم أنكر قتله ، وكلهم استعظم ما جرى على عثمان رضي الله عنه ، وشهدوا على قتلته أنهم في النار ، فإن قال قائل : فمن الذي قتله ؟ قيل له : طوائف أشقاهم الله عز وجل بقتله حسدا منهم له وبغيا ، وأرادوا الفتنة وأن يوقعوا الضغائن بين أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، لما سبق عليهم من الشقوة في الدنيا وما لهم في الآخرة أعظم ، فإن قال : فمن أين اجتمعوا على قتله ؟ قيل له : أول ذلك وبدء شأنه أن بعض اليهود يقال له : ابن السوداء ويعرف بعبد الله بن سبأ لعنة الله عليه زعم أنه أسلم ، فأقام بالمدينة ، فحمله الحسد للنبي صلى الله عليه وسلم ولصحابته ، وللإسلام ، فانغمس في المسلمين ، كما انعمس ملك اليهود بولس بن شاوذ في النصارى حتى أضلهم ، وفرقهم فرقا ، وصاروا أحزابا ، فلما تمكن فيهم البلاء والكفر تركهم ، وقصته تطول ، ثم عاد إلى التهود بعد ذلك ، فهكذا عبد الله بن سبأ ، أظهر الإسلام ، وأظهر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وصار له أصحاب في الأمصار ، ثم أظهر الطعن على الأمراء ، ثم أظهر الطعن على عثمان رضي الله عنه ، ثم طعن على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، ثم أظهر أنه يتولى عليا رضي الله عنه ، وقد أعاذ الله الكريم علي بن أبي طالب وولده وذريته رضي الله عنهم من مذهب ابن سبأ وأصحابه السبأية ، فلما تمكنت الفتنة والضلال في ابن سبأ وأصحابه ، صار إلى الكوفة ، فصار له بها أصحاب ، ثم ورد إلى البصرة فصار له بها أصحاب ، ثم ورد إلى مصر ، فصار له بها أصحاب ، كلهم أهل ضلالة ، ثم تواعدوا الوقت ، وتكاتبوا ليجتمعوا في موضع ، ثم يصيروا كلهم إلى المدينة ، ليفتنوا المدينة وأهلها ففعلوا ، ثم ساروا إلى المدينة ، فقتلوا عثمان رضي الله عنه ، ومع ذلك فأهل المدينة لا يعلمون حتى وردوا عليهم ، فإن قال : فلم لم يقاتل عنه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قيل له : إن عثمان رضي الله عنه وصحابته لم يعلموا حتى فاجأهم الأمر ، ولم يكن بالمدينة جيش قد أعد لحرب ، فلما فجأهم ذلك اجتهدوا رضي الله عنهم في نصرته والذب عنه ، فما أطاقوا ذلك وقد عرضوا أنفسهم على نصرته ولو تلفت أنفسهم ، فأبى عليهم وقال : أنتم في حل من بيعتي ، وفي حرج من نصرتي ، وإني لأرجو أن ألقى الله عز وجل سالما مظلوما ، وقد خاطب علي بن أبي طالب وطلحة والزبير رضي الله عنهم وكثير من الصحابة لهؤلاء القوم بمخاطبة شديدة ، وغلظوا لهم في القول ، فلما أحسوا أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنكروا عليهم ؛ أظهرت كل فرقة منهم أنهم يتولون الصحابة ، فلزمت فرقة منهم باب علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وزعمت أنها تتولاه ، وقد برأه الله عز وجل منهم ، فمنعوه الخروج ولزمت فرقة منهم باب طلحة ، وزعموا أنهم يتولونه ، وقد برأه الله عز وجل منهم ، ولزمت فرقة منهم باب الزبير وزعموا أنهم يتولونه ، وقد برأه الله عز وجل منهم ، وإنما أرادوا أن يشغلوا الصحابة عن الانتصار لعثمان رضي الله عنه ، ولبسوا على أهل المدينة أمرهم للمقدور الذي قدره عز وجل أن عثمان يقتل مظلوما ، فورد على الصحابة أمر لا طاقة لهم به ، ومع ذلك فقد عرضوا أنفسهم على عثمان رضي الله عنه ليأذن لهم بنصرته مع قلة عددهم ، فأبى عليهم ، ولو أذن لهم ؛ لقاتلوا

1414 - حدثنا العباس بن أحمد الختلي المعروف بابن أبي شحمة قال : حدثنا دهثم بن الفضل أبو سعيد الرملي قال : ثنا المؤمل بن إسماعيل قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، وهشام ، عن محمد بن سيرين قال : « لقد كان في الدار جماعة من المهاجرين والأنصار وأبناؤهم ، منهم : عبد الله بن عمر ، والحسن والحسين وعبد الله بن الزبير ، ومحمد بن طلحة ، الرجل منهم خير من كذا وكذا يقولون : يا أمير المؤمنين ، خل بيننا وبين هؤلاء القوم ، فقال : أعزم على كل رجل منكم وإن لي عليه حقا أن لا يهريق في دما ، وأحرج على كل رجل منكم لما كفاني اليوم نفسه » فإن قال قائل : فقد علموا أنه مظلوم ، وقد أشرف على القتل ، فكان ينبغي لهم أن يقاتلوا عنه ، وإن كان قد منعهم ، قيل له : ما أحسنت القول ؛ لأنك تكلمت بغير تمييز ، فإن قال : ولم ؟ قيل : لأن القوم كانوا أصحاب طاعة وفقهم الله تعالى للصواب من القول والعمل ، فقد فعلوا ما يجب عليهم من الإنكار بقلوبهم وألسنتهم ، وعرضوا أنفسهم لنصرته على حسب طاقتهم ، فلما منعهم عثمان رضي الله عنه من نصرته ، علموا أن الواجب عليهم السمع والطاعة له ، وأنهم إن خالفوه لم يسعهم ذلك ، وكان الحق عندهم فيما رآه عثمان رضي الله عنه وعنهم ، فإن قال قائل : فلم منعهم عثمان من نصرته وهو مظلوم ، وقد علم أن قتالهم عنه نهى عن منكر ، وإقامة حق يقيمونه ؟ قيل له : وهذا أيضا غفلة منك ، فإن قال : وكيف ؟ قيل له : منعه إياهم عن نصرته يحتمل وجوها ، كلها محمودة : أحدها ، علمه بأنه مقتول مظلوم لا شك فيه ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أعلمه أنك تقتل مظلوما ، فاصبر فقال : أصبر ، فلما أحاطوا به علم أنه مقتول ، وأن الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم له حق كما قال لابد من أن يكون ، ثم علم أنه قد وعده من نفسه الصبر ، فصبر كما وعد ، وكان عنده أن من طلب الانتصار لنفسه والذب عنها فليس هذا بصابر ، إذ وعد من نفسه الصبر فهذا وجه ، ووجه آخر : وهو أنه قد علم أن في الصحابة رضي الله عنهم قلة عدد ، وأن الذين يريدون قتله كثير عددهم ، فلو أذن لهم بالحرب لم يأمن أن يتلف من صحابة نبيه بسببه ، فوقاهم بنفسه إشفاقا منه عليهم ؛ لأنه راع والراعي واجب عليه أن يحوط رعيته بكل ما أمكنه ، ومع ذلك فقد علم أنه مقتول فصانهم بنفسه ، وهذا وجه ، ووجه آخر : وهو أنه لما علم أنها فتنة ، وأن الفتنة إذا سل فيها السيف لم يؤمن أن يقتل فيها من لا يستحق ؛ فلم يختر لأصحابه أن يسلوا في الفتنة السيف ، وهذا أيضا إشفاق منه عليهم ، فتنة تعم ، وتذهب فيها الأموال ، وتهتك فيها الحريم ، فصانهم عن جميع هذا ، ووجه آخر ، يحتمل أن يصبر عن الانتصار لتكون الصحابة رضي الله عنهم شهودا على من ظلمه ، وخالف أمره ، وسفك دمه بغير حق ، لأن المؤمنين شهداء الله عز وجل في أرضه ، ومع ذلك فلم يحب أن يهراق بسببه دم مسلم ، ولا يخلف النبي صلى الله عليه وسلم في أمته بإهراقه دم مسلم ، وكذا قال رضي الله عنه ، فكان عثمان رضي الله عنه بهذا الفعل موفقا معذورا رشيدا ، وكان الصحابة رضي الله عنهم في عذر ، وشقي قاتله
باب ذكر قصة ابن سبأ الملعون وقصة الجيش الذين ساروا إلى عثمان رضي الله عنه فقتلوه

1415 - حدثنا أبو بكر أحمد بن عبد الله بن سيف السجستاني قال : حدثنا السري بن يحيى بن السري التميمي أبو عبيدة قال حدثنا شعيب بن إبراهيم قال : حدثنا سيف بن عمر ، عن عطية ، عن يزيد القفسي قال : كان ابن سبأ يهوديا من أهل صنعاء ، أمه سوداء ، فأسلم زمان عثمان رضي الله عنه ، ثم تنقل في بلدان المسلمين يحاول ضلالتهم ، فبدأ بالحجاز ، ثم البصرة ، ثم الكوفة ، ثم الشام ، فلم يقدر على ما يريد عند أحد من أهل الشام ، فأخرجوه ، حتى أتى مصر ، فاغتمر فيهم ، فقال لهم فيما كان يقول : العجب ممن يزعم أن عيسى عليه السلام يرجع ، ويكذب بأن محمدا صلى الله عليه وسلم يرجع ، وقد قال الله عز وجل إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد (1) فمحمد أحق بالرجوع من عيسى قال : فقبل ذلك عنه ، ثم وضع لهم الرجعة فتكلموا فيها ، ثم قال بعد ذلك : إنه كان لكل نبي وصي ، وكان علي رضي الله عنه وصي محمد ، وقال لهم : محمد خاتم الأنبياء وعلي خاتم الأوصياء ، وقال بعد ذلك : من أظلم ممن لم يجز وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ووثب على وصي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال لهم بعد ذلك : أن عثمان قد جمع أن أخذها بغير حقها ، وهذا وصي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانهضوا في هذا الأمر فحركوه وابدءوا بالطعن على أمرائكم ، وأظهروا الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، تستميلوا الناس ، وادعوا إلى هذا الأمر ، فبث دعاة ، وكاتب من كان استفسد في الأمصار وكاتبوه ، ودعوا في السير إلى ما عليه رأيهم ، وأظهروا الأمر بالمعروف ، وجعلوا يكتبون إلى الأمصار (2) بكتب يضعونها في عيوب ولاتهم ، ويكاتبهم إخوانهم بمثل ذلك ، ويكتب أهل كل مصر إلى أهل مصر آخر بما يصنعون ، فيقرأه أولئك في أمصارهم ، وهؤلاء في أمصارهم ، حتى ينالوا بذلك المدينة ، وأوسعوا الأرض إذاعة وهم يريدون غير ما يظهرون ، ويسترون غير ما يرون ، فيقول أهل كل مصر : إنا لفي عافية مما ابتلي به هؤلاء أهل المدينة فإنهم جاءهم ذلك ، عن جميع أهل الأمصار ، فقالوا : إنا لفي عافية مما الناس فيه قال : واجتمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان رضي الله عنه ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ، أيأتيك عن الناس الذي أتانا ؟ قال : « لا والله ما جاءني إلا السلامة » قالوا : فإنا قد أتانا وأخبروه بالذي انتهى إليهم قال : « فأنتم شركائي ، وشهود أمير المؤمنين فأشيروا علي » ، قالوا : نشير عليك أن تبعث رجالا ممن تثق بهم إلى الأمصار حتى يرجعوا إليك بأخبارهم ، فدعا محمد بن مسلمة فأرسله إلى الكوفة ، وأرسل أسامة بن زيد إلى البصرة ، وأرسل عمار بن ياسر إلى مصر ، وأرسل عبد الله بن عمر إلى الشام ، وفرق رجالا سواهم فرجعوا جميعا قبل عمار ، فقالوا جميعا : أيها الناس ، والله ما أنكرنا شيئا ولا أنكره أعلام المسلمين ولا عوامهم ، وقالوا جميعا : الأمر أمر المسلمين

__________

(1) سورة : القصص آية رقم : 85

(2) المصر : البلد أو القرية

1416 - وحدثنا أبو بكر بن سيف قال : حدثنا السري قال : حدثنا شعيب بن إبراهيم قال : حدثنا سيف بن عمر ، عن أبي حارثة ، وأبي عثمان الغساني قالا : لما قدم ابن السوداء مصر أعجبهم ، واستحلاهم واستحلوه ، فعرض لهم بالكفر فأبعدوه ، وعرض لهم بالشقاق فأطمعوه فيه ، فبدأ فطعن على عمرو بن العاص ، فقال : ما باله أكثركم عطاء ورزقا ألا ننصب رجلا من قريش يسوي بيننا ، فاستحلوا ذلك منه ، وقالوا : كيف نطيق ذلك مع عمرو وهو رجل العرب ؟ قال : تستعفون منه ثم نعمل عملنا ، ونظهر الائتمار بالمعروف والطعن ، فلا يرده علينا أحد ، فاستعفوا منه ، وسألوا عبد الله بن سعد فأشركه مع عمرو ، فجعله على الخراج ، وولى عمرا على الحرب ، ولم يعزله ، ثم دخلوا بينهما حتى كتب كل واحد منهما إلى عثمان رضي الله عنه بالذي يبلغه عن صاحبه ، فركب أولئك فاستعفوا من عمرو ، وسألوا عبد الله فأعفاهم ، فلما قدم عمرو بن العاص على عثمان رضي الله عنه قال : ما شأنك يا أبا عبد الله ؟ قال : والله يا أمير المؤمنين ما كنت منذ وليتهم أجمع أمرا ولا رأيا مني منذ كرهوني ، وما أدري من أين أتيت ؟ فقال عثمان : ولكني أدري ، لقد دنا أمر هو الذي كنت أحذر ، ولقد جاءني نفر من ركب فرددت عنهم وكرهتهم ، ألا وإنه لابد لما هو كائن أن يكون ، ووالله لأسيرن فيهم بالصبر ، ولنتابعنهم ما لم يعص الله عز وجل قال محمد بن الحسين رحمه الله : فهذه من بعض قصص عبد الله بن سبأ وأصحابه لعنه الله ، أغروا بين المسلمين منذ وقت الصحابة إلى وقتنا هذا ، وجميع المسلمين ينكرون على ابن سبأ مذهبه ، وقد كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه نفاه إلى ساباط ، فأقام فيهم فأهلكهم ، وادعى على علي بن أبي طالب رضي الله عنه ما قد برأه الله عز وجل منه وصانه ، وأعلى قدره في الدنيا والآخرة عما ينحله إليه السبأية ، ولقد أحرقهم بالنار ، وقال : لما سمعت القول قولا منكرا أججت نارا ، ودعوت قنبرا فحرقهم بالكوفة بموضع يقال له : صحراء أحد عشر
ذكر مسير الجيش الذين أشقاهم الله عز وجل بقتل عثمان رضي الله عنه وأعاذ الله الكريم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتله

1417 - حدثنا أبو بكر بن سيف السجستاني قال : حدثنا السري بن يحيى قال : حدثنا شعيب بن إبراهيم قال : حدثنا سيف بن عمر ، عن أبي حارثة ، وعن أبي عثمان ، ومحمد ، وطلحة بن الأعلم قالوا : وكتب عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى الناس بالذي كان ، وبكل ما صبر عليه من الناس إلى ذلك اليوم كتابا : « بسم الله الرحمن الرحيم ، إلى المؤمنين والمسلمين ؛ سلام عليكم ، أما بعد » فإني أذكركم الله عز وجل الذي أنعم عليكم ، وعلمكم الإسلام ، وهداكم من الضلالة ، وأنقذكم من الكفر ، أراكم من البينات ، ونصركم على الأعداء ، ووسع عليكم في الرزق ، وأسبغ عليكم نعمته ، فإن الله عز وجل قال : وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار (1) « قال محمد بن الحسين رحمه الله : ثم أمرهم بالطاعة ، ونهاهم عن الفرقة ، وقرأ عليهم به كل آية أمر الله عز وجل فيها بالطاعة ، ونهاهم عن الفرقة ، وكتب كتابا آخر : أما بعد : » فإن الله عز وجل رضي لكم السمع والطاعة ، وكره لكم المعصية والفرقة والاختلاف ، وقد أنبأكم فعل الذين من قبلكم ، وتقدم إليكم فيه لتكون له الحجة عليكم إن عصيتموه ، فاقبلوا نصيحة الله عز وجل ، واحذروا عذابه ، فإنكم لن تجدوا أمة هلكت إلا من بعد أن تختلف ، فلا يكون لها إمام يجمعها ، ومتى ما تفعلوا ذلكم لم تقم الصلاة جميعا ، وسلط عليكم عدوكم ، ويستحل بعضكم حرم بعض ، ومتى ما تفعلوا ذلك تفرقوا دينكم ، وتكونوا شيعا ، وقد قال الله عز وجل إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون (2) وإني أوصيكم بما أوصاكم الله عز وجل به ، وأحذركم عذابه ، فإن القرآن نزل يعتبر به ، وينتهى إليه ، أو لا ترون إلى شعيب عليه السلام قال : لقومه ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود (3) ، وكتب بكتاب آخر : أما بعد : فإن أقواما ممن كان يقول في هذا الحديث أظهروا للناس إنما يدعون إلى كتاب الله عز وجل والحق ، ولا يريدون شرا ولا منازعة فيها ، فلما عرض عليهم الحق إذا الناس في ذلك شتى ، منهم آخذ الحق ونازع عنه من يعطاه ، ومنهم تارك للحق رغبة في الأمر يريدون أن يبتزوه بغير الحق ، وقد طال عليهم عمري ، وراث عليهم أملهم في الأمور ، واستعجلوا القدر وذكر الحديث قالوا : حتى إذا دخل شوال من سنة ثنتي عشرة صربوا كالحاج ، فنزلوا قرب المدينة في شوال ، سنة خمس وثلاثين خرج أهل مصر في أربعة رفاق على أربعة أمراء المقل يقول : ستمائة ، والمكثر يقول : ألف ، وخرج أهل الكوفة في أربعة رفاق ، وخرج أهل البصرة في أربعة رفاق ، قالوا : فأما أهل مصر فإنهم كانوا يشتهون عليا رضي الله عنه ، وأما أهل البصرة فكانوا يشتهون طلحة ، وأما أهل الكوفة فإنهم كانوا يشتهون الزبير قال محمد بن الحسين رحمه الله : وقد برأ الله عز وجل علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وطلحة ، والزبير رضي الله عنهم ، من هذه الفرق ، وإنما أظهروا ليموهوا على الناس وليوقعوا الفتنة بين الصحابة ، وقد أعاذ الله الكريم الصحابة من ذلك ، ثم عدنا إلى الحديث قالوا : فخرجوا وهم على الخروج جميعا في الناس شتى ، لا تشك كل فرقة إلا أن الفلج معها ، وإن أمرها سيتم دون الأخرى ، فخرجوا حتى إذا كانوا من المدينة على ثلاث ، تقدم أناس من أهل البصرة فنزلوا ذا خشب ، وأناس من أهل الكوفة فنزلوا الأعوص ، وجاءهم ناس من أهل مصر ، ونزل عامتهم بذي المروة ، ومشى فيما بين أهل مصر وأهل البصرة زياد بن النضر وعبد الله بن الأصم وقالوا : لا تعجلوا ولا تعجلونا حتى ندخل لكم المدينة ونرتاد ، فإنه قد بلغنا أنهم قد عسكروا لنا ، فوالله إن كان أهل المدينة قد خافونا : استحلوا قتالنا ولم يعلموا علمنا لهم علينا إذا علموا علمنا أشد ، إن أمرنا هذا لباطل ، وإن لم يستحلوا قتالنا ووجدنا الذي بلغنا باطلا لنرجعن إليكم الخبر قالوا : اذهبوا فدخل الرجلان فأتوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وعلي بن أبي طالب وطلحة والزبير رضي الله عنهم ، وقالوا : إنما نؤم هذا البيت ونستعفي هذا الوالي من بعض عمالنا ، ما جئنا إلا لذلك ، واستأذنوهم للناس بالدخول ، فكلهم أبى ونهى ، فرجعا إليهم ، فاجتمع من أهل مصر نفر فأتوا عليا رضي الله عنه ، ومن أهل البصرة نفر فأتوا طلحة رضي الله عنه ، ومن أهل الكوفة نفر فأتوا الزبير رضي الله عنه ، وقال كل فريق منهم : إن بايعنا صاحبنا وإلا كدناهم ، وفرقنا جماعتهم ، ثم كررنا حتى نبغتهم ، فأتى المصريون عليا رضي الله عنه في عسكر عند أحجار الزيت ، عليه حلة معتم بشقيقة حمراء يمانية متقلدا بالسيف ليس عليه قميص ، وقد سرح الحسن رضي الله عنه إلى عثمان رضي الله عنه ، فيمن اجتمع إليه ، فالحسن جالس عند عثمان رضي الله عنه ، وعلي رضي الله عنه عند أحجار الزيت ، فسلم عليه المصريون وعرضوا له ، فصاح بهم وطردهم ، وقال : لقد علم الصالحون أن جيش ذي المروة وذي خشب والأعوص ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم فارجعوا ، لا صحبكم الله قالوا : نعم ؛ فانصرفوا من عنده على ذلك ، وأتى البصريون طلحة وهو في جماعة أخرى إلى جنب علي ، وقد أرسل بنيه إلى عثمان ، فسلم البصريون عليه وعرضوا به ، فصاح بهم : وطردهم وقال : لقد علم المؤمنون أن جيش ذي المروة وذي خشب والأعوص ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم وأتى الكوفيون الزبير وهو في جماعة أخرى ، وقد سرح عبد الله يعني ابنه إلى عثمان ، فسلموا عليه وعرضوا له ، فصاح بهم وطردهم وقال : لقد علم المسلمون أن جيش ذي المروة وذي خشب والأعوص ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم ، فخرج القوم ، وأوروهم أنهم يرجعون ، فانفشوا عن ذي خشب والأعوص حتى انتهوا إلى عساكرهم ، وهي على ثلاث مراحل كي يتفرق أهل المدينة ، فافترق أهل المدينة لخروجهم ، فلما بلغ القوم عساكرهم كروا بهم فلم يفجأ أهل المدينة إلا والتكبير في نواحي المدينة ، فنزلوا في عساكرهم وأحاطوا بعثمان رضي الله عنه ، فما فارقوا حتى قتلوه قال محمد بن الحسين رحمه الله : والقصص تطول كيف قتلوه ظلما ، وقد جهد الصحابة وأبناء الصحابة رضي الله عنهم أن لا يكون ما جرى عليه ، ولقد قال هؤلاء النفر الأشقياء الذين ساروا إلى عثمان رضي الله عنه فقتلوه لما نظروا إلى اجتهاد الصحابة وأبنائهم في أن لا يقتل عثمان قالوا لهم : لولا أن تكونوا حجة علينا في الأمة لقتلناكم بعده

__________

(1) سورة : إبراهيم آية رقم : 34

(2) سورة : الأنعام آية رقم : 159

(3) سورة : هود آية رقم : 89

1418 - أنبأنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال : حدثنا شجاع بن مخلد قال : حدثنا هشيم بن بشير قال : حدثنا منصور ، عن ابن سيرين قال : قالت نائلة بنت الفرافصة الكلبية حين دخلوا على عثمان رضي الله عنه فقتلوه قال : فقالت نائلة بنت الفرافصة : « إن تقتلوه أو تدعوه فقد كان يحيي الليل بركعة يجمع فيها القرآن » قال محمد بن الحسين رحمه الله : لما قتل عثمان رضي الله عنه بكى عليه كثير من الصحابة ، ورثاه كعب بن مالك الأنصاري ، وقد تقدم ذكرنا له ، ولزم قوم بيوتهم فما خرجوا إلا إلى قبورهم ، وبكت الجن ، وناحت عليه

1419 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود السجستاني قال : ثنا محمد بن إسحاق الصيني قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عثمان بن مرة قال : حدثتني أمي قالت : لما قتل عثمان رضي الله عنه بكت الجن على مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا ، وكانت تنشدنا ما قالوا على عثمان رضي الله عنه : ليلة المسجد إذ يرمون بالصم الصلاب ثم قاموا بكرة يرمون صقرا كالشهاب زينهم في الحي والمجلس فكاك الرقاب

1420 - وحدثنا ابن أبي داود قال : حدثنا عبد الله بن سعيد قال : حدثنا أبو تميلة قال : وذكر محمد بن إسحاق قال : وسمع صوت الجن : تبكيك نساء الجن يبكين شجيات وتخمش وجوها كالدنانير نقيات ويلبسن ثياب السود بعد القصبيات
باب ما روي في قتلة عثمان رضي الله عنه

1421 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن ابن عون ، عن الوليد أبي بشر ، عن جندب ، عن حذيفة قال : « قد ساروا إليه والله ليقتلنه قال : قلت : فأين هو ؟ قال : في الجنة قال : قلت : فأين قتلته ؟ قال : في النار والله »

1422 - حدثنا أبو حفص عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع قال : حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن ليث بن أبي سليم ، عن زياد بن أبي مليح ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : « لو اجتمعوا على قتل عثمان رضي الله عنه لرجموا بالحجارة كما رجم قوم لوط »

1423 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال حدثنا ابن المبارك ، عن ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب قال : بلغني أن « عامة الركب ، الذين ساروا إلى عثمان رضي الله عنه جنوا » قال ابن المبارك : « وكان الجنون لهم قليلا »

1424 - وحدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد الواسطي قال : حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي قال : حدثنا عنبسة بن سعيد قال : حدثنا ابن المبارك ، عن ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب قال : « إن » عامة الركب الذين خرجوا إلى عثمان رضي الله عنه جنوا « قال ابن المبارك : » الجنون لهم أيسر «

1425 - وحدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال : حدثنا حماد بن زيد قال : حدثنا يزيد بن حازم ، عن سليمان بن يسار : « أن جهجاه الغفاري ، أخذ عصى عثمان رضي الله عنه التي كان يتخصر بها فكسرها على ركبته ، فوقعت في ركبته الأكلة »

1426 - وحدثنا علي بن إسحاق بن زاطيا قال : حدثنا عبد الله بن عمر الكوفي قال : حدثنا عبد الله بن إدريس قال : حدثنا عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، : « أن رجلا يقال له : جهجاه ، تناول عصا من يد عثمان رضي الله عنه ، فكسرها على ركبته ، فرمي ذلك المكان بأكلة »

1427 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا بشر بن خالد قال : حدثنا أبو يحيى الحماني ، عن الأعمش ، عن أبي إسحاق ، عن زيد بن يثيع قال : تجهز أناس من بني عبس إلى عثمان رضي الله عنه ، فنهاهم حذيفة ، وقال : « ما سعى قوم إلى ذي سلطانهم في الأرض ليذلوه إلا أذلهم الله عز وجل قبل أن يموتوا »

1428 - أنبأنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال : حدثنا محمد بن إسحاق الصاغاني قال : حدثنا بكر بن خراش قال : حدثنا حبان بن علي ، عن مجالد بن سعيد ، عن صخر العجلي قال : قال الحسن بن علي رضي الله عنهما : « ما كنت لأقاتل بعد رؤيا رأيتها : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم متعلقا بالعرش ، ورأيت أبا بكر واضعا يده على منكب النبي صلى الله عليه وسلم ، ورأيت عمر واضعا يده على منكب أبي بكر ، ورأيت عثمان واضعا يده على منكب عمر ، ورأيت دونهم دما ، فقلت : ما هذا ؟ فقيل : هذا الله عز وجل يطلب بدم عثمان رضي الله عنه »

1429 - وأنبأنا ابن مخلد قال : حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن يونس السراج قال : حدثنا أبو أيوب الدمشقي قال : حدثنا عبد العزيز بن الوليد بن سليمان بن أبي السائب قال : سمعت أبي يذكر ، أن الحسن بن علي رضي الله عنهما سمع أعمى يذكر عثمان وما ولد ، فقال الحسن لعثمان رحمه الله : « يقولون لقد قتل عثمان رضي الله عنه وما على الأرض أفضل منه ، وما على الأرض من المسلمين أعظم حرمة منه فقيل له : قد كان فيهم أبوك فقال : ذروني من أبي رضي الله عنه ، لقد قتل عثمان رضي الله عنه يوم قتل وما من رجل أعظم على المسلمين حرمة منه ، ولو لم يكن إلا ما رأيت في منامي لكفاني ، فإني رأيت السماء انشقت ، فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر عن يمينه ، وعمر عن يساره ، والسماء تمطر دما ، قلت : ما هذا ؟ قالوا : هذا دم عثمان قتل مظلوما »

1430 - وأنبأنا أبو عبيد علي بن الحسين بن حرب القاضي قال : حدثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام قال : أنبأنا المعتمر بن سليمان قال : سمعت أبي يحدث عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد ، مولى أبي أسيد قال : سمع عثمان رضي الله عنه : أن وفدا من أهل مصر قد أقبلوا ، فخرج فتلقاهم فذكر الحديث بطوله قال في آخره : ثم دخل عليه رجل من بني سدوس ، يقال : الموت الأسود ، فخنقه وخنقه ثم خرج ، فقال : ما رأيت ألين من حلقه ، لقد خنقته حتى نظرت إلى نفسه يتردد في جسده كأنها نفس جان ، ثم دخل عليه رجل وفي يده السيف ، فقال : بيني وبينك كتاب الله عز وجل ، فضربه ضربة فاتقاها بيده فقطعها ، لا أدري أبانها أم لم يقطعها ولم يبنها ، ثم دخل عليه التجيبي فأشعره مشقصا (1) فانتضح الدم على هذه الآية فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم (2) فإنها لفي المصحف ما حكت ، وذكر الحديث

__________

(1) المشقص : نصل السهم إذا كان طويلا غير عريض

(2) سورة : البقرة آية رقم : 137
باب فيمن يشنأ عثمان رضي الله عنه أو يبغضه

1431 - حدثنا أبو حفص عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا يوسف بن موسى القطان قال : حدثنا عثمان بن زفر التيمي قال : حدثنا محمد بن زياد ، عن محمد بن عجلان ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله : عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه أتي بجنازة الرجل ليصلي عليه فلم يصل عليه ، فقالوا : يا رسول الله ، ما رأيناك تركت الصلاة على أحد إلا على هذا ؟ فقال : « إنه كان يبغض عثمان أبغضه الله » وحدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن سفيان ، ومحمد بن شعيب الأيليان قالا : حدثنا عثمان بن زفر التيمي وذكر الحديث مثله

1432 - وحدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا عبد الله بن أبي زياد قال : حدثنا معاوية بن هشام قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن هلال بن يساف ، عن حيان بن غالب قال : جاء رجل إلى سعيد بن زيد فقال : إني أبغضت عثمان بغضا لم أبغضه أحدا ، فقال : بئس ما صنعت ، أتبغض رجلا من أهل الجنة 0000 وذكر قصة حراء « قال محمد بن الحسين رحمه الله : كفى به شقوة لمن سب عثمان أو أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله : » من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين « وقوله صلى الله عليه وسلم في أصحابه : » لا تتخذوهم غرضا بعدي ، فمن أحبهم فبحبي أحبهم ، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ، ومن آذاهم فقد آذاني ، ومن آذاني فقد أذى الله ، ومن أذى الله فيوشك أن يأخذه « ولقوله صلى الله عليه وسلم : » لا تسبوا أصحابي ، فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه « قال محمد بن الحسين رحمه الله : قلت : والذي يسب عثمان رضي الله عنه لا يضر عثمان ، وإنما يضر نفسه عثمان رضي الله عنه قد شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بأنه يقتل شهيدا مظلوما وبشره النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة رضي الله عنه في غير حديث ، رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ورواه عنه سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل رضي الله عنه ، ورواه عبد الرحمن بن عوف ، وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم : أن عثمان رضي الله عنه من أهل الجنة ، على رغم أنف كل منافق ذليل مهين في الدنيا والآخرة
باب ذكر إكرام النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان رضي الله عنه وفضله عنده

1433 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء قال : حدثنا يونس بن بكير ، عن النضر أبي عمر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « ألا أستحيي ممن تستحي منه الملائكة ، إن الملائكة لتستحي من عثمان بن عفان »

1434 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال : حدثنا عبد الله بن مطيع قال : حدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن محمد بن أبي حرملة ، عن عطاء ، وسليمان ابني يسار ، وأبي سلمة بن عبد الرحمن : أن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا كاشفا عن ساقيه ، فاستأذن أبو بكر رضي الله عنه فأذن له وهو على تلك الحال فتحدث ، ثم استأذن عمر رضي الله عنه فأذن له وهو كذلك ، ثم استأذن عثمان رضي الله عنه ، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وسوى ثيابه فتحدث ، فلما خرج قالت عائشة رحمها الله تعالى : يا رسول الله ، دخل أبو بكر فلم تباله ، ثم دخل عمر فلم تباله ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك ؟ فقال : « ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة » ولهذا الحديث طرق جماعة

1435 - وأنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا أبو معمر القطيعي قال : حدثنا هشيم بن بشير ، عن كوثر بن حكيم ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « وأصدقهم حياء عثمان بن عفان » قال محمد بن الحسين رحمه الله : وقد روي من غير وجه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « أرحم أمتي بأمتي أبو بكر ، وأقواهم في دين الله عمر ، وأصدقهم حياء عثمان بن عفان ، وأقضاهم علي بن أبي طالب » رضي الله عنهم وذكر الحديث

1436 - حدثنا أبو أحمد هارون بن يوسف قال : حدثنا أبو مروان العثماني قال : حدثني أبي عثمان بن خالد ، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لكل نبي رفيق ، ورفيقي فيها عثمان بن عفان »

1437 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا محمد بن عبد الله ، مولى بني هاشم قال : حدثنا الوضاح بن حسان قال : حدثنا طلحة بن زيد ، عن عبيدة بن حسان ، عن عطاء ، عن جابر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعثمان : « أنت ولي في الدنيا والآخرة »

1438 - حدثنا الفريابي قال : حدثنا هدبة بن خالد قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن الجريري ، عن عبد الله بن شقيق ، عن عبد الله بن حوالة قال : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : « تهجمون على رجل يبايع معتجرا ببرد حبرة (1) من أهل الجنة » فهجمنا على عثمان وهو معتجر ببرد حبرة يبايع الناس يعني البيع والشراء

__________

(1) الحبرة : ثوب يماني من قطن أو كتان مخطط

1439 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب قال : حدثنا شبابة بن سوار قال : حدثنا حريز بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن ميسرة قال : سمعت أبا أمامة الباهلي يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي مثل أحد الحيين ربيعة أو مضر » قال : فكان المشيخة يرون أن ذلك الرجل عثمان بن عفان رضي الله عنه «

1440 - وحدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا محمد بن يزيد أبو هشام الرفاعي قال : حدثنا ابن يمان قال : حدثنا الحسن أبو جعفر ، عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يشفع عثمان يوم القيامة لمثل ربيعة ومضر »

1441 - حدثنا عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا محفوظ بن أبي توبة قال : حدثنا محمد بن القاسم الأسدي قال : سمعت الأوزاعي ، عن حسان بن عطية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « غفر الله لك يا عثمان ، ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت ، وما أخفيت وما أبديت ، وما هو كائن إلى يوم القيامة »

1442 - وحدثنا أبو عبد الله جعفر بن إدريس القزويني بمكة ، المؤذن إمام المسجد الحرام قال : حدثني أبي إدريس بن محمد القزويني قال : حدثنا إسماعيل بن توبة قال : حدثنا كثير بن هشام ، عن جعفر بن برقان ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عباس قال : « قحط (1) المطر على عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، فاجتمع الناس إلى أبي بكر رضي الله عنه ، فقالوا : السماء لم تمطر ، والأرض لم تنبت ، والناس في شدة شديدة ، فقال أبو بكر الصديق : انصرفوا واصبروا فإنكم لا تمسون حتى يفرج الله عز وجل عنكم ، فما لبثنا إلا قليلا أن جاء أجراء عثمان بن عفان رضي الله عنه من الشام ، فجاءته مائة راحلة برا (2) ، أو قال : طعاما ، فاجتمع الناس إلى باب عثمان رضي الله عنه ، فقرعوا (3) عليه الباب ، فخرج إليهم عثمان رضي الله عنه في ملأ من الناس ، فقال : ما تشاءون ؟ قالوا : الزمان قد قحط ، السماء لا تمطر ، والأرض لا تنبت ، والناس في شدة شديدة ، وقد بلغنا أن عندك طعاما فبعناه حتى توسع على فقراء المسلمين قال عثمان : حبا وكرامة ، ادخلوا فاشتروا ، فدخل التجار فإذا الطعام موضوع في دار عثمان رضي الله عنه ، فقال : يا معاشر التجار ، تربحوني على شرائي من الشام ؟ قالوا : للعشرة اثنا عشر ، فقال عثمان رضي الله عنه : قد زادوني ، قالوا : للعشرة أربعة عشر ، فقال عثمان : قد زادوني ، قالوا : للعشرة خمسة عشر قال عثمان : قد زادوني قال التجار : يا أبا عمرو ؛ ما بقى في المدينة تجار غيرنا ، فمن ذا الذي زادك ؟ فقال : زادني الله عز وجل بكل درهم عشرة ، أعندكم زيادة ؟ فقالوا : اللهم لا قال : فإني أشهد الله أني قد جعلت هذا الطعام صدقة على فقراء المسلمين فقال ابن عباس رضي الله عنه : فرأيت من ليلتي رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني في المنام وهو على برذون (4) أبلق (5) ، وعليه حلة من نور ، في رجليه نعلان من نور ، وبيده قضيب من نور ، وهو مستعجل ، فقلت : يا رسول الله ، لقد اشتد شوقي إليك وإلى كلامك ، فأين تبادر ؟ قال : » يا ابن عباس ، إن عثمان بن عفان تصدق بصدقة وإن الله عز وجل قد قبلها منه ، وزوجه بها عروسا في الجنة ، وقد دعينا إلى عرسه «

__________

(1) القحط : الجدب والجفاف واحتباس المطر وعدم نزوله

(2) البر : القمح

(3) القرع : الطرق والضرب

(4) البرذون : يطلق على غير العربي من الخيل والبغال وهو عظيم الخلقة غليظ الأعضاء قوي الأرجل عظيم الحوافر

(5) الأبلق : الذي به سواد وبياض
كتاب فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال محمد بن الحسين رحمه الله : الحمد لله المتفضل علينا بالنعم الدائمة ، ظاهرة وباطنة ، حمد من يعلم أن مولاه الكريم يحب الحمد ، فله الحمد على كل حال ، وصلى الله على محمد النبي ، وعلى آله الطيبين وسلم ، أما بعد : فاعلموا رحمنا الله وإياكم أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، شرفه الله الكريم بأعلى الشرف ، سوابقه بالخير عظيمة ، ومناقبه كثيرة ، وفضله عظيم ، وخطره جليل ، وقدره نبيل ، أخو الرسول صلى الله عليه وسلم ، وابن عمه ، وزوج فاطمة ، وأبو الحسن والحسين ، وفارس المسلمين ، ومفرج الكرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقاتل الأقران ، الإمام العادل ، الزاهد في الدنيا ، الراغب في الآخرة ، المتبع للحق ، المتأخر عن الباطل ، المتعلق بكل خلق شريف ، الله عز وجل ورسوله له محبان ، وهو لله والرسول محب ، الذي لا يحبه إلا مؤمن تقي ، ولا يبغضه إلا منافق شقي ، معدن العقل والعلم ، والحلم والأدب رضي الله عنه
باب ذكر جامع مناقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه

1443 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود السجستاني قال : حدثنا الحسن بن عبد الرحمن الكندي قال : حدثنا محمد بن سعيد بن زائدة قال : حدثنا أبو الجارود ، عن أبي الطفيل قال : سمعت عليا رضي الله عنه يقول : « أنشدكم بالله أيها النفر جميعا أفيكم أخ لرسول الله صلى الله عليه وسلم غيري ؟ قالوا : اللهم لا قال : أنشدكم بالله هل فيكم أحد له عم مثل عمي حمزة أسد الله وأسد رسوله صلى الله عليه وسلم خير الشهداء ؟ قالوا : اللهم لا قال : أنشدكم الله أفيكم أحد له مثل أخي جعفر المزين بالجناحين بالجوهر يطير بهما في الجنة حيث شاء ؟ قالوا : اللهم لا قال : أنشدكم بالله هل فيكم أحد له مثل زوجتي فاطمة رضي الله عنها ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالوا : اللهم لا قال : أنشدكم بالله هل فيكم من له مثل سبطي الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة ؟ قالوا : اللهم لا قال : أنشدكم بالله هل فيكم أحد صلى القبلتين جميعا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غيري ؟ قالوا : اللهم لا قال : أنشدكم بالله هل فيكم أحد كان يأخذ الخمس غيري وغير زوجتي فاطمة ؟ قالوا : اللهم لا قال : أنشدكم بالله هل فيكم أحد كان يأخذ سهمين ؛ سهما في الخاصة وسهما في العامة غيري ؟ قالوا : اللهم لا قال : فأنشدكم بالله هل فيكم أحد أمر الله عز وجل بمودته من السماء غيري في قوله عز وجل فآت ذا القربى حقه (1) ؟ قالوا : اللهم لا قال : أنشدكم بالله هل فيكم أحد قتل مشركي قريش عند كل شديدة بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم غيري ؟ قالوا : اللهم لا قال : فأنشدكم بالله أفيكم أحد كان أعظم غناء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث جئت أضطجع في مضجعه أقيه بنفسي وأبذل له مهجة دمي غيري ؟ قالوا : اللهم لا قال فأنشدكم بالله أفيكم أحد أخاه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له غير مرة : » أنت مني بمنزلة هارون من موسى « غيري ؟ قالوا : اللهم لا قال : فأنشدكم بالله هل فيكم أحد ولي غمض عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم غيري ؟ قالوا : اللهم لا »

__________

(1) سورة : الروم آية رقم : 38

1444 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود أيضا قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم النهشلي قال : حدثنا يحيى بن حماد قال : أنبأنا أبو عوانة قال : حدثنا أبو بلج قال : حدثنا عمرو بن ميمون قال : إني لجالس إلى ابن عباس رضي الله عنهما إذ أتاه تسعة رهط (1) ، فقالوا : يا أبا عباس ، إما أن تقوم معنا وإما أن تخلينا هؤلاء ، فقال ابن عباس : بل أقوم معكم ، وهو يومئذ صحيح البصر قال : فانتبذوا (2) فتحدثوا ، فلا أدري ما قالوا قال : فجاء ينفض ثوبه ويقول : أف وتف وقعوا في رجل له عشر ، وقعوا في رجل قال النبي صلى الله عليه وسلم : « لأبعثن رجلا لا يخزيه الله أبدا ، يحب الله ورسوله » فاستشرف لها من استشرف ، فقال : « أين علي ؟ » فقالوا : هو في الرحل يطحن قال : « وما كان أحدكم ليطحن ؟ » قال : فجاء وهو أرمد ، لا يكاد يبصر قال : فنفث في عينيه ثم هز الراية ثلاثا فأعطاها إياه ، فجاء بصفية بنت حيي قال : ثم بعث أبا بكر رضي الله عنه بسورة التوبة ، ثم بعث عليا رضي الله عنه خلفه فأخذها منه ، فقال أبو بكر : لعل الله ورسوله قال : لا ، ولكن لا يذهب بها إلا رجل هو مني وأنا منه قال : وقال لبني عمه : « أيكم يواليني في الدنيا والآخرة » فأبوا فقال علي : أنا أواليك في الدنيا والآخرة فقال له : « أنت وليي في الدنيا والآخرة » قال : وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه فوضعه على علي وفاطمة وحسن وحسين رضي الله عنهم فقال : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا (3) قال : وشرى (4) علي بنفسه لبس ثوب النبي صلى الله عليه وسلم ثم نام في مكانه قال : وكان المشركون يرمون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاء أبو بكر رضي الله عنه ، وعلي رضي الله عنه نائم ، وأبو بكر يحسب أنه نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا نبي الله ، فقال له علي رضي الله عنه : إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قد انطلق نحو بئر ميمون فأدركه قال : فانطلق أبو بكر رضي الله عنه فدخل معه الغار ، وجعل علي رضي الله عنه يرمي بالحجارة كما كان يرمي نبي الله صلى الله عليه وسلم ، وهو يتضور قد لف رأسه في الثوب لا يخرجه حتى أصبح ، ثم كشف عن رأسه ، فقالوا : كان صاحبك نرميه فلا يتضور ، وأنت تتضور قد استنكرنا ذلك قال : وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس في غزوة تبوك ، فقال له علي رضي الله عنه : أخرج معك ، فقال له نبي الله صلى الله عليه وسلم : « أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنك لست نبيا ، إنه لا ينبغي لي أن أذهب إلا وأنت خليفتي » قال : وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أنت ولي كل مؤمن بعدي » قال : وسد الأبواب من المسجد غير باب علي ، ويدخل المسجد جنبا وهو طريقه ليس له طريق غيره قال : وقال : « من كنت مولاه فإن عليا مولاه » قال : وأخبرنا الله عز وجل في القرآن أنه قد رضي عنهم يعني أصحاب الشجرة فعلم ما في قلوبهم ، فهل حدثنا أنه سخط عليهم ؟ وقال نبي الله صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه حين قال له في حاطب بن أبي بلتعة : ائذن لي فأضرب عنقه قال : وكنت فاعلا : « وما يدريك لعل الله عز وجل اطلع إلى أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم »

__________

(1) الرهط : الجماعة من الرجال دون العشرة

(2) انتبذت : تنحيت وابتعدت

(3) سورة : الأحزاب آية رقم : 33

(4) شرى : باع

1445 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود أيضا قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم النهشلي قال : حدثنا الكرماني بن عمرو ، أخو معاوية بن عمرو قال : حدثنا إسرائيل بن يونس قال : حدثنا حكيم بن جبير ، عن علي بن شداد ، عن ابن عباس قال : « لقد كانت لعلي رضي الله عنه ثماني عشرة منقبة ، لو لم يكن له إلا واحدة منها نجا بها ، ولقد كانت له ثلاث عشرة ما كانت لأحد قبله »

1446 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عباد بن يعقوب قال : أنبأنا عيسى بن راشد ، عن علي بن بذيمة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : « ما نزلت آية يا أيها الذين آمنوا (1) إلا علي رضي الله عنه رأسها وشريفها وأميرها ، ولقد عاتب الله عز وجل أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في غير آي من القرآن وما ذكر عليا رضي الله عنه إلا بخير »

__________

(1) سورة : البقرة آية رقم : 104
باب ذكر محبة الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وأن عليا محب لله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم

1447 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن العباس الطيالسي قال : حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال : حدثنا إسماعيل بن أبي أويس ، عن أبيه ، عن الحسن ، عن خارجة بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه قال : قال رسول صلى الله عليه وسلم : « لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله » فدعا عليا رضي الله عنه فأعطاه «

1448 - حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني قال : حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال : حدثنا أبو عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : « لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله » فقال : « أين علي ؟ » فقالوا : يطحن ، وما كان أحد منهم يرضى أن يطحن ، فأتي به فدفع إليه الراية ، فجاء بصفية «

1449 - حدثنا الفريابي قال : حدثنا إبراهيم بن الحجاج السامي قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر : « لأدفعن الراية إلى يد رجل يحب الله ورسوله ، يفتح الله عليه » فقال عمر رضي الله عنه : فما أحببت الإمارة إلا يومئذ ، فتطاولت لها قال : فقال لعلي رضي الله عنه : « قم » فدفع اللواء إليه ، ثم قال : « اذهب ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك » فمشى هنيهة (1) ، ثم قام ولم يلتفت للعزمة ، فقال علي رضي الله عنه : علام أقاتل الناس ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، فإذا قالوها ؛ فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله عز وجل »

__________

(1) الهنيهة : القليل من الزمان .

1450 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عباد بن يعقوب قال : أنبأنا علي بن هاشم ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن أبي فروة ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبيه قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر رضي الله عنه وأصحابه ، فجاء منكسفا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « مالي أراكم تنهزمون أما إني سأبعث إليهم رجلا يحب الله عز وجل ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، يفتح الله عليه » فتشرف لها أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فنظر في القوم فلم ير فيهم عليا ، فقال : « أين علي ؟ » فقالوا : يا رسول الله هو أرمد ، ثم قال : « ادعوا لي عليا فجيء به يقاد ، فتفل في عينيه ، ودعا له بالشفاء ، وأعطاه الراية ، فما لحق به آخر أصحابه حتى فتح على أولهم

1451 - وحدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا إسماعيل بن موسى قال : أنبأنا شريك ، عن أبي ربيعة الإيادي ، عن ابن بريدة ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الله عز وجل أمرني بحب أربعة » قيل : يا رسول الله ، من هم ؟ سمهم لنا ؟ قال : « علي منهم » يقول ذلك ثلاثا « وأمرني بحبهم وأخبرني أنه يحبهم »

1452 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال : ثنا شريك ، عن أبي ربيعة الإيادي ، عن ابن بريدة ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أمرني ربي عز وجل بحب أربعة ، وأخبرني أنه يحبهم ، وإنك يا علي منهم ، إنك يا علي منهم » ثلاثا

1453 - حدثنا عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير قال : حدثنا شريك ، عن أبي ربيعة الإيادي ، عن ابن بريدة ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن ربي تبارك وتعالى أمرني أن أحب أربعة من أصحابي ، وأخبرني أنه يحبهم » قيل : يا رسول الله ، من هم ؟ قال : « علي منهم ، وأبو ذر الغفاري ، والفارسي ، والمقداد بن الأسود »

1454 - حدثنا أبو الحسن علي بن إسحاق بن زاطيا قال : حدثنا عثمان بن عبد الله العثماني قال : حدثنا الزنجي مسلم بن خالد قال : حدثنا جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، : أن جبريل عليه الصلاة والسلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد ، إن الله عز وجل يأمرك أن تحب عليا ، وتحب من يحب عليا ، فإن الله عز وجل يحب عليا ، ويحب من يحب عليا قالوا : يا رسول الله ومن يبغض عليا ؟ قال : « من يحمل الناس على عداوته »

1455 - حدثنا أبو أحمد هارون بن يوسف قال : حدثنا ابن أبي عمر العدني قال : حدثنا محمد بن جعفر بن محمد قال : أخبرنيه ابن أبي الرجال ، عن أبيه ، عن جده ، عن أنس بن مالك قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بيته ، فأهدي له طير فقال : « اللهم ائتني برجل تحبه يأكل معي من هذا الطير » فقلت : اللهم اجعله رجلا من الأنصار ، فقرع (1) الباب ، فجئت فقلت : من هذا ؟ قال : أنا علي ، فقلت : إنما دخل النبي صلى الله عليه وسلم الساعة ، ثم عدت لموقفي ، فأعاد النبي صلى الله عليه وسلم الدعوة فقال : « اللهم ائتني برجل تحبه يأكل معي من هذا الطير » فقرع الباب ، فجئت فقلت : من هذا ؟ قال : أنا علي ، فقلت : قليلا ، ثم عدت لموقفي ، فأعاد النبي صلى الله عليه وسلم الدعوة ، فقرع الباب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « افتح يا أنس » ففتحت فإذا علي رضي الله عنه ، فأكل هو وهو منه قال محمد بن جعفر : وسمعت من قوم ثقات : أنه قال : « اللهم وأحبه »

__________

(1) القرع : الدق والطرق

1456 - حدثنا أبو محمد جعفر بن أحمد بن عاصم الدمشقي قال : حدثنا محمد بن مصفى قال : حدثنا حفص بن عمر ، عن موسى بن سعد ، عن الحسن ، عن أنس قال : أتي النبي صلى الله عليه وسلم بطير جبلي ، فقال : « اللهم ائتني برجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله » فإذا علي رضي الله عنه يقرع (1) الباب ، فقال أنس : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشغول قال : فكنت أحب أن يكون رجلا من الأنصار ، ثم أتى الثانية ، فقال أنس : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشغول ، ثم أتى الثالثة فقال : « يا أنس ، أدخله فقد عنيته » فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « اللهم إلي ، اللهم إلي »

__________

(1) قرع الباب : طرقه

1457 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي قال : حدثنا إسماعيل بن أبان الوراق قال : أخبرني عبد الله بن مسلم الملائي ، عن أبيه ، عن أنس بن مالك قال : أهدت أم أيمن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم طيرا مشويا ، فقال : « اللهم أدخل علي من تحبه وأحبه ، يأكل معي » فجاء علي رضي الله عنه فاستأذن وأنا على الباب يومئذ ، فقلت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم على شغل ، وأنا أحب أن يكون رجلا من الأنصار ، ثم جاء الثانية فاستأذن ، إنه على حاجة فرجع ، ثم جاء الثالثة فسمع النبي صلى الله عليه وسلم صوته ، فقال : « ائذن له » فدخل وهو موضوع بين يديه ، فأكل منه ، وقال : « اللهم وإلي ، واللهم وإلي » ثلاث مرات

1458 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عباد بن يعقوب قال : أنبأنا علي بن هاشم ، عن عبد الملك بن حميد ، عن جميع بن عمير ، عن عائشة رضي الله عنها قال : دخلت عليها مع أمي وأنا غلام ، فذكرتا عليا رضي الله عنه ، فقالت عائشة رضي الله عنها : « ما رأيت رجلا قط أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه ، ولا امرأة أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من امرأته »

1459 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي قال : حدثنا أبو السري قال : حدثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق الشيباني ، عن جميع التيمي قال : دخلت مع أمي على عائشة رضي الله عنها ، وأنا غلام ، فذكرت لها عليا رضي الله عنه ، فقالت : « ما رأيت رجلا قط أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه ، ولا امرأة أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من امرأته »
باب ذكر منزلة علي رضي الله عنه من رسول الله صلى الله عليه وسلم كمنزلة هارون من موسى

1460 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن ناجية قال : حدثنا وهب بن بقية الواسطي قال : أنبأنا خالد بن عبد الله الواسطي ، عن الأجلح بن عبد الله بن أبي الهذيل الكندي ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عبد الرحمن بن البيلماني قال : سمعت سعد بن أبي وقاص يقول : أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول واستخلف عليا رضي الله عنه على المدينة في غزوة تبوك ، فخرج علي رضي الله عنه يشيعه قال : فخرج علي ، فلما رأى جزعه (1) قال : « أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، غير أنه ليس بعدي نبي »

__________

(1) الجزع : الخوف والفزع وعدم الصبر والحزن

1461 - وحدثني عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا محفوظ بن أبي توبة قال : حدثنا عبد الرزاق قال : حدثنا معمر ، عن قتادة ، وعلي بن زيد بن جدعان قالا : حدثنا سعيد بن المسيب قال : حدثنا ابن لسعد بن أبي وقاص ، عن أبيه قال : فدخلت على أبيه فقلت : حديث حدثته عنك حدثنيه حين استخلف النبي صلى الله عليه وسلم عليا على المدينة قال : فغضب سعد وقال : من حدثك به ؟ فكرهت أن أخبره أن ابنه حدثنيه فيغضب عليه ، ثم قال لي : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج في غزوة تبوك استخلف عليا رضي الله عنه على المدينة ، فقال علي : يا رسول الله ، ما كنت أحب أن تخرج وجها إلا وأنا معك ، فقال : « أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي »

1462 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا سلمة بن شبيب قال : حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة ، وعلي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب ، عن سعد بن أبي وقاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه : « أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي »

1463 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عباد بن يعقوب الرواجني قال : أنا عمرو بن القاسم ، عن كثير النواء ، عن الأشهل ، عن سعد ، رحمه الله : أنه أتى معاوية رحمه الله ، فقال له معاوية : ما منعك أن تخرج معنا ؟ فقال سعد : أقاتل رجلا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه ما قال : فقال : ما قال ؟ قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي : « أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي » قال : من سمع هذا معك ؟ قال : أم سلمة قال لو سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قاتلته

1464 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا يونس بن حبيب قال : حدثنا أبو داود يعني الطيالسي قال : حدثنا شعبة ، عن علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب ، عن سعد رحمه الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه : « أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي »

1465 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود أيضا قال : حدثني نصر بن علي قال : أنبأنا عبد الله بن داود ، عن علي بن صالح ، عن موسى الجهني ، عن فاطمة بنت علي رضي الله عنهم ، عن أسماء بنت عميس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه : « أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي »

1466 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا سفيان بن وكيع قال : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن عطية بن سعد ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه : « أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، غير أنه لا نبي بعدي »

1467 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : ثنا الحسن بن علي الحلواني قال : حدثنا عمران بن أبان قال : حدثنا مالك بن الحسن بن مالك بن الحويرث قال : حدثني أبي ، عن جدي مالك بن الحويرث قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه : « أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي »

1468 - وحدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا الحسين بن محمد السعدي الذارع شيخ قدم علينا من البصرة مع أبي الربيع الزهراني قال : حدثنا عبد المؤمن بن عباد العبدي قال : حدثني يزيد بن معن ، عن عبد الله بن شرحبيل ، عن زيد بن أبي أوفى قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده فقال : « أين فلان بن فلان ؟ » فجعل ينظر في وجوه أصحابه يتفقدهم ، ويبعث إليهم حتى توافروا عنده ، فذكر حديث المؤاخاة بين أصحابه ، فقال علي رضي الله عنه : لقد ذهب روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري ، فإن كان هذا من سخط منك علي فلك العتبى والكرامة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « والذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي ، فأنت مني بمنزلة هارون من موسى ، غير أنه لا نبي بعدي » وذكر الحديث إلى آخره

باب ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم « من كنت مولاه فعلي مولاه ، ومن كنت وليه فعلي وليه »

1469 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن العباس الطيالسي قال : حدثنا نصر بن علي قال : أخبرنا أبو أحمد الزبيري قال : أنبأنا ابن أبي غنية ، عن الحكم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن بريدة الأسلمي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من كنت مولاه فعلي مولاه »

1470 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا أحمد بن سنان القطان قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري قال : حدثنا عبد الملك بن حميد بن أبي غنية قال : حدثنا الحكم بن عتيبة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : حدثني بريدة قال : بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن مع علي رضي الله عنه فرأيت منه جفوة (1) ، فلما قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم شكوته إليه قال : فرفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه فقال : « ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ » قال : قلت : بلى قال : « فمن كنت مولاه فعلي مولاه »

__________

(1) الجفوة والجَفَاء : البُعْد عَن الشيء ، وقطع الصلة والبر

1471 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا المسيب بن واضح قال : حدثنا مروان بن معاوية الفزاري ، عن مرزوق ، عن أبي بسطام مولى أسامة قال : كان بين أسامة وبين علي رضي الله عنه منازعة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يا علي ، والله إني لأحبه » يعني أسامة فكأن عليا رضي الله عنه وجد (1) في نفسه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يا أسامة ، من كنت مولاه فعلي مولاه »

__________

(1) الوجد : الغضب ، والحزن والمساءة وأيضا : وَجَدْتُ بِفُلانَة وَجْداً، إذا أحْبَبْتها حُبّا شَديدا.

1472 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا الحسن بن علي الحلواني قال : حدثنا عمران بن أبان قال : أنبأنا مالك بن الحسن بن مالك بن الحويرث قال : حدثني أبي ، عن جدي مالك بن الحويرث قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من كنت مولاه فعلي مولاه »

1473 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا شريك ، عن حنش بن الحارث ، عن رياح بن الحارث قال : بينا علي رضي الله عنه جالس في الرحبة ؛ إذ جاء رجل عليه أثر السفر فقال : السلام عليك يا مولاي ، قال : من هذا ؟ قالوا : أبو أيوب الأنصاري ، فقال علي رضي الله عنه : أفرجوا له ، فقال أبو أيوب : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من كنت مولاه فعلي مولاه »

1474 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عباد بن يعقوب الرواجني قال : حدثنا عمرو بن ثابت ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر بن عبد الله : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من كنت مولاه ، فعلي مولاه »

1475 - وحدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا عبد الله بن عمر الكوفي قال : حدثنا المطلب بن زياد قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن عقيل قال : كنت عند جابر بن عبد الله فقال : كنا بالجحفة ، بغدير خم إذ خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من خباء (1) أو فسطاط ، فقال بيده ثلاث مرات : « هلم ، هلم ، هلم » وثم ناس من خزاعة ، ومزينة ، وجهينة ، وأسلم ، وغفار ، فأخذ بيد علي رضي الله عنه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ألست أولي بالمؤمنين من أنفسهم ؟ » قالوا : بلى قال : « من كنت مولاه فعلي مولاه »

__________

(1) الخباء : الخيمة

1476 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا محمد بن جعفر يعني غندرا قال : حدثنا شعبة ، عن ميمون أبي عبد الله قال : كنت عند زيد بن أرقم فجاء رجل من أقصى الفسطاط فسأله عن علي رضي الله عنه فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ » قالوا : بلى قال : « فمن كنت مولاه فعلي مولاه »

1477 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود أيضا قال : حدثنا عبد الله بن سعيد الكندي قال : حدثنا عبد الله بن الأجلح ، عن أبيه ، عن طلحة بن مصرف ، عن عميرة بن كعب قال : سمعت عليا رضي الله عنه ينشد الناس : من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « من كنت مولاه فعلي مولاه » ؟ فقام ثمانية عشر فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من كنت مولاه فعلي مولاه »
باب ذكر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لمن والى علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وتولاه ، ودعائه به على من عاداه

1478 - أنبأنا أبو محمد بن عبد الله بن العباس الطيالسي قال : حدثنا محمد بن موسى الحرشي قال : حدثنا عثام بن علي قال : حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عطية ، عن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه »

1479 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا الحسن بن مدرك الشيباني ، وأحمد بن محمد بن المعلى الأدمي قالا : حدثنا يحيى بن حماد قال : حدثنا أبو عوانة ، عن الأعمش ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عامر بن واثلة أبي الطفيل ، عن زيد بن أرقم قال : لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع نزل غدير خم ، فأمر بدوحات فقممن ، وقال : « كأني قد دعيت فأجبت » ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال : « الله مولاي ، وأنا مولى كل مؤمن ، ومن كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه » فقيل لزيد : أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : سمع أذناي ، وأبصر عيناي ، وما بقي في الدوحات رجل واحد إلا قد سمعه بأذنيه ورآه بعينيه

1480 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود أيضا قال : حدثنا عمي محمد بن الأشعث قال : حدثنا حجاج قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن عدي بن ثابت ، عن البراء بن عازب قال : أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع حتى إذا كنا بغدير خم نودي فينا : الصلاة جامعة ، فكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة ، فأخذ بيد علي رضي الله عنه ثم قال : « ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ » قالوا : بلى ، قال : « ألست أولى بكل مؤمن من نفسه ؟ » قالوا : بلى ، قال : « فإن هذا مولى من كنت مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه » فلقيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد ذلك فقال : هنيئا لك يا ابن أبي طالب ، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن

1481 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود أيضا قال : حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي قال : حدثنا علي بن ثابت الدهان قال : أنبأنا منصور بن أبي الأسود ، عن مسلم الأعور ، عن أنس بن مالك ، : أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم وهو يقول : « أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم » ثم أخذ بيد علي رضي الله عنه فقال : « من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »

1482 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي قال : حدثنا عقبة بن خالد أبو عمرو الأسدي قال : حدثنا علي بن قاسم الكندي ، عن المعلى بن عرفان ، عن أبي وائل ، عن عبد الله قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد علي رضي الله عنه ، وهو يقول : « هذا وليي ، وأنا وليه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، فقد واليت من والاه ، وعاديت من عاداه »

1483 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم شاذان قال : حدثنا يحيى بن حماد قال : حدثنا أبو عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي رضي الله عنه : « من كنت وليه فعلي وليه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه »

1484 - وحدثنا ابن أبي داود قال : حدثنا عمي محمد بن الأشعث قال : حدثنا أبو غسان قال : حدثنا أسباط بن نصر ، عن السدي ، عن صبيح ، مولى أم سلمة ، عن زيد بن أرقم : عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي وفاطمة ولحسن وحسين رضي الله عنهم : « أنا حرب لمن حاربكم ، وسلم لمن سالمكم »

1485 - وحدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا أحمد بن حنبل قال : حدثنا تليد بن سليمان قال : حدثنا أبو الجحاف ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم : « أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم »
باب ذكر عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي رضي الله عنه أنه لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق والمؤذي لعلي رضي الله عنه المؤذي لرسول الله صلى الله عليه وسلم

1486 - حدثنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا وكيع بن الجراح ، ويحيى بن عيسى قالا : حدثنا الأعمش ، عن عدي بن ثابت ، عن زر بن حبيش ، عن علي بن أبي طالب ، كرم الله وجهه قال : عهد إلي النبي صلى الله عليه وسلم : « أنه لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق »

1487 - وحدثنا ابن أبي داود قال : ثنا هشام بن يونس اللؤلؤي قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عدي بن ثابت ، عن زر بن حبيش قال : سمعت عليا رضي الله عنه على المنبر يقول : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ؛ أنه لعهد النبي الأمي إلي صلى الله عليه وسلم : « أنه لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق »

1488 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا أحمد بن عمران الأخنسي قال : سمعت محمد بن فضيل ، حدثنا أبو نصر عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري ، عن مساور الحميري ، عن أمه ، عن أم سلمة قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي رضي الله عنه : « ما يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق »

1489 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا مالك بن إسماعيل قال : حدثنا إسرائيل ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد الخدري قال : « إنما كنا نعرف منافقي الأنصار ببغضهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه »

1490 - وحدثنا أبو محمد جعفر بن أحمد بن عاصم الدمشقي قال : حدثنا محمد بن مصفى قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن محمد بن علي ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر قال : « ما كنا نعرف منافقينا معشر الأنصار إلا ببغضهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه »

1491 - حدثنا الفريابي قال : حدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا يحيى بن أبي بكير قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبد الله الجدلي قال : دخلت على أم سلمة رضي الله عنها فقالت لي : « أيسب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكم ؟ فقلت : معاذ الله ، أو سبحان الله ، أو كلمة نحوها ، فقالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : » من سب عليا فقد سبني «

1492 - وحدثنا أبو جعفر محمد بن علي الكوفي قال : حدثنا عباد بن يعقوب قال : حدثنا عمرو بن ثابت ، عن يزيد بن أبي زياد بن أخي زيد بن أرقم قال : حججت فدخلت على أم سلمة فقالت : ممن أنت ؟ قلت : من أهل الكوفة قالت : من الذين يسب فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : قلت : لا والله ما سمعت أحدا يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : أليس يقال : فعل الله بعلي وبمن يحب عليا ؟ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه

1493 - حدثنا أبو محمد هارون بن يوسف قال : ثنا ابن أبي عمر قال : حدثنا الحسين بن علي قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا أبي ، عن محمد بن إسحاق ، عن أبان بن صالح ، عن الفضل بن معقل ، عن عبد الله بن نيار الأسلمي ، عن عمرو بن شاس الأسلمي وكان من أصحاب غزوة الحديبية قال : خرجت مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى اليمن ، فجفاني (1) في سفري ذلك حتى وجدت (2) عليه في نفسي ، فلما قدمنا المدينة شكوته في المسجد حتى بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، قال فدخلت المسجد يوما والنبي صلى الله عليه وسلم في أناس من أصحابه ، فأبدني بعينيه يقول : حدد النظر إلي حتى إذا جلست قال : « يا عمرو ، أما والله لقد آذيتني » قال : قلت : أعوذ بالله أن أوذيك يا رسول الله قال : « من آذى عليا فقد آذاني »

__________

(1) الجَفَاء : البُعْد عَن الشيء يقال جَفَاه إذا بَعُدَ عَنْه

(2) الوجد : الغضب ، والحزن والمساءة وأيضا : وَجَدْتُ بِفُلانَة وَجْداً، إذا أحْبَبْتها حُبّا شَديدا.

1494 - حدثني أبو عبد الله جعفر بن إدريس القزويني في المسجد الحرام قال : حدثنا محمد بن زكريا الغلابي البصري قال : حدثنا يعقوب بن جعفر بن سليمان الهاشمي قال : حدثني أبي جعفر بن سليمان عن أبيه سليمان بن علي ، عن أبيه علي بن عبد الله قال : كنت مع أبي عبد الله بن عباس بعد ما كف بصره وهو بمكة ، فمر على قوم من أهل الشام في صفة زمزم ؛ يسبون علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فقال لسعيد بن جبير وهو يقوده : ردني إليهم ، فقال : أيكم الساب الله ؟ قالوا : سبحان الله ؛ ما فينا أحد يسب الله قال : فأيكم الساب رسول الله ؟ قالوا : والله ما فينا أحد يسب رسول الله قال : فأيكم الساب عليا ؟ قالوا : أما هذا فقد كان ، فقال ابن عباس : فإني أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من سب عليا فقد سبني ، ومن سبني فقد سب الله ، ومن سب الله عز وجل أكبه الله عز وجل على منخريه في نار جهنم » ثم ولى عنهم فقال لي : يا بني ما رأيتهم صنعوا ؟ فقلت : يا أبت نظروا إليك بأعين محمرة نظر التيوس إلى شفار الجازر ، قال : زدني يا بني ، قلت : خزر العيون منكسي أذقانهم ، نظر الذليل إلى العزيز القاهر ، قال : زدني يا بني ، قلت : ليس عندي زيادة يا أبت غير الذي قلت قال : لكن عندي زيادة : أحياؤهم خزي على أمواتهم ، الباقون فضيحة للغابر

1495 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا هشام بن يونس اللؤلؤي قال : حدثنا الحسين بن سليمان ، عن عبد الملك بن عمير ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه : « يا علي ، من زعم أنه يحبني ويبغضك فقد كذب »

1496 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا الحسن بن مدرك الشيباني قال : حدثني يحيى بن حماد قال : حدثنا أبو عوانة ، عن عطاء بن السائب قال : لقيت ابن ابن لعبادة بن الصامت ، فقال : إذا رأيت رجلا يبغض عليا رضي الله عنه فاعلم أن أصله يهودي ، ثم قال : حدثني أبي ، عن جدي عبادة بن الصامت قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديقة آل فلان ، فقال : « الآن يطلع عليكم رجل من هاهنا من أهل الجنة » فطلع أبو بكر رضي الله عنه ، ثم قال : « الآن يطلع عليكم رجل من هاهنا من أهل الجنة » فطلع عمر رضي الله عنه فجلس ، ثم قال : « الآن يطلع عليكم رجل من أهل الجنة ، اللهم اجعله عليا ، اللهم اجعله عليا ، اللهم اجعله عليا » فطلع علي رضي الله عنه فجلس

1497 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا محمد بن جعفر يعني غندرا قال : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق قال : سمعت سعيد بن وهب قال : نشد علي رضي الله عنه الناس فقام خمسة أو ستة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فشهدوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من كنت مولاه فعلي مولاه »

1498 - وبإسناده عن أبي إسحاق قال : سمعت عمرا ذا مر وزاد فيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « اللهم وال من والاه ، وانصر من نصره ، وأحب من أحبه ، أو قال ابغض من أبغضه »

1499 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا المسيب بن واضح السلمي قال : حدثنا مروان بن معاوية ، عن قنان بن عبد الله النهمي قال : حدثنا مصعب بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه قال : كنت أنا ورجلان في المسجد فتناولا عليا رضي الله عنه ، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبان ، أعرف في وجهه الغضب ، فقلت : أعوذ بالله ، من غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « ما لي ولكم من آذى عليا فقد آذاني من آذى عليا فقد آذاني ، من آذى عليا فقد آذاني »

1500 - وحدثنا ابن أبي داود قال : حدثنا عباد بن يعقوب الرواجني قال : حدثنا أبو يزيد العكلي ، عن هشام بن سعد ، عن أبي عبد الله المكي ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ثلاث من كن فيه فليس مني ولا أنا منه ، بغض علي بن أبي طالب ، ونصب (1) لأهل بيتي ، ومن قال الإيمان كلام »

__________

(1) النصب : التعب والمشقة

1501 - أنبأنا أبو العباس أحمد بن موسى بن زنجويه القطان قال : حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان قال : حدثنا عبد الكريم بن هلال ، عن أسلم المكي قال : أخبرني أبو الطفيل قال : أخذ علي بن أبي طالب رضي عنه بيدي في هذا المكان فقال لي : يا أبا الطفيل ، لو أني ضربت أنف المؤمن بخشبة ما أبغضني أبدا ، إن الله عز وجل أخذ ميثاق المؤمنين بحبي ، وأخذ ميثاق المنافقين ببغضي ، فلا يبغضني مؤمن أبدا ، ولا يحبني منافق أبدا

1502 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال : حدثنا محمد بن خلف قال : حدثنا محمد بن كثير قال : حدثنا الحارث بن حصيرة ، عن أبي داود ، عن عمران بن حصين قال : كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم وعلي رضي الله عنه إلى جنبه ، إذ تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض (1) قال : فارتعد علي رضي الله عنه فأمسكه النبي صلى الله عليه وسلم وقال : « ما لك يا علي ؟ » قال : يا رسول الله قرأت هذه الآية فخشيت أن أبتلى بها ، فلم أملك نفسي ، فأصابني ما رأيت ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « والذي نفسي بيده لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق » قال ابن مخلد : قال لنا أبو بكر يعني محمد بن خلف : جاءني جعفر الطيالسي يسألني عن هذا الحديث ؟ قال محمد بن الحسين رحمه الله : يعني من صفة المؤمنين العقلاء الذين قد أريد بهم خير صحة المودة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ولأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دل على ذلك القرآن والسنة

__________

(1) سورة : النمل آية رقم : 62

1503 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا إسحاق بن وهب العلاف قال : حدثنا إسماعيل بن أبان قال : حدثنا حبان بن علي العنزي ، عن إسماعيل بن سلمان الأزرق ، عن أبي عمر مولى بشر بن غالب الأسدي ، عن محمد بن الحنفية رضي الله عنه ، في هذه الآية إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا (1) « لا تلقى مؤمنا إلا وفي قلبه ود لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه »

__________

(1) سورة : مريم آية رقم : 96

1504 - وحدثنا ابن أبي داود قال : حدثنا عيسى بن عبد الله الطيالسي قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثنا مندل ، عن إسماعيل بن سلمان قال : حدثنا أبو عمرو مولى بشر بن غالب ، عن محمد بن الحنفية رضي الله عنه في قوله عز وجل : سيجعل لهم الرحمن ودا (1) قال : « لا تلقى مؤمنا إلا وفي قلبه ود لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ولأهل بيته رضي الله عنهم أجمعين »

__________

(1) سورة : مريم آية رقم : 96
باب ذكر ما أعطى علي بن أبي طالب رضي الله عنه من العلم والحكمة وتوفيق الصواب في القضاء ، ودعا النبي صلى الله عليه وسلم له بالسداد والتوفيق

1505 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا شجاع بن شجاع أبو منصور قال : حدثنا عبد الحميد بن بحر البصري قال : حدثنا شريك قال : حدثنا سلمة بن كهيل ، عن أبي عبد الرحمن ، عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أنا مدينة الفقه ، وعلي بابها »

1506 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا بحر بن الفضل العنزي قال : حدثنا محمد عمر بن الرومي قال : أنبأنا شريك ، عن سلمة بن كهيل ، عن الصنابحي ، عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أنا دار الحكمة ، وعلي بابها ، فمن أرادها آتاها من بابها » قال : وكان علي رضي الله عنه يقول : إن بين أضلاعي لعلما كثيرا

1507 - حدثنا أبو الحسن علي بن إسحاق بن زاطيا قال : حدثنا عثمان بن عبد الله العثماني قال : حدثنا عيسى بن يونس ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أنا مدينة الحكمة ، وعلي بابها »

1508 - حدثنا سهل بن أبي سهل الواسطي قال : وحدثنا القاسم بن عيسى بن إبراهيم الطائي قال : حدثنا مؤمل ، عن سفيان ، عن علي بن الأقمر ، عن أبي جحيفة ، عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قال : لما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن قال : قلت : يا رسول الله ، إنك ترسلني إلى قوم ويسألوني ولا علم لي قال : فوضع يده على صدري ثم قال : « إن الله عز وجل سيهدي قلبك ، ويثبت لسانك ؛ فإذا قعد بين يديك الخصمان فلا تقضين حتى تسمع من الآخر ، كما سمعت من الأول ؛ فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء » قال علي رضي الله عنه : فما زلت قاضيا أو ما شككت في قضاء بعد

1509 - وأنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا عبد الله بن عمر الكوفي أبو عبد الرحمن قال : حدثنا محمد بن فضيل ، عن مسلم الأعور ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : قال علي رضي الله عنه : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن لأقضي بينهم ، فقلت : يا رسول الله إني ليس أحسن القضاء ، فوضع يده على صدري ثم قال : « اللهم علمه القضاء » ثم قال : « علمهم الشرائع والسنن وانههم عن الدبا والحنتم (1) والنقير (2) والمزفت (3) »

__________

(1) الحنتم : إناء أو جرة كبيرة تصنع من طين وشعر وتدهن بلون أخضر وتشتد فيها الخمر وتكون أكثر سكرا

(2) النقير : أصل النخلة ينقر وسطه ثم ينبذ فيه التمر ويلقى عليه الماء ليصير نبيذا مسكرا

(3) المزفت : الوعاء المطلي بالقار وهو الزفت

1510 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا أبو الربيع الزهراني قال : حدثنا شريك ، عن سماك ، عن حنش ، عن علي رضي الله عنه قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم قاضيا ، فقلت : يا رسول الله إني شاب وتبعثني إلى أقوام ذوي أسنان قال فدعا لي بدعوات ، ثم قال : « إذا أتاك الخصمان فسمعت أحدهما فلا تقضين بينهما حتى تسمع من الآخر ، فإنه أثبت لك » فما اختلف علي بعد ذلك القضاء

1511 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا إسحاق بن منصور الكوسج قال : أنبأنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن حارثة بن مضرب ، عن علي رضي الله عنه قال : بعثني رسول الله إلى اليمن فقلت : إنك تبعثني إلى قوم هم أسن مني ، فكيف أقضي بينهم ؟ قال : « فإن الله عز وجل سيثبت لسانك ويهدي قلبك »

1512 - حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا محمد بن إشكاب قال : حدثنا عبيد الله بن موسى قال : أنبأنا سفيان الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الكنود وهو عمرو بن حبشي ، عن علي رضي الله عنه قال : بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقلت : يا رسول الله ، إنك تبعثني إلى قوم شيوخ ذوي أسنان ، وإني أخاف أن لا أصيب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الله عز وجل سيثبت لسانك ويهدي قلبك »

1513 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول القاضي قال : حدثني أبي رحمه الله قال : حدثني أبي رضي الله عنه ، عن سلام بن سليم التميمي ، عن زيد العمي ، عن أبي الصديق الناجي ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أرحم أمتي بأمتي أبو بكر ، وأقواهم في دين الله عمر ، وأقضاهم علي ، وأصدقهم حياء عثمان » وذكر الحديث

1514 - حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال : حدثنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد الزهري قال : حدثني عمي يعني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا سلام أبو عبد الله التميمي قال أبو محمد : وهو ابن سلم الطويل المدايني ، عن زيد العمي ، عن أبي الصديق الناجي ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن أرحم هذه الأمة لها أبو بكر ، وأقواهم في دين الله عمر ، وأصدقهم حياء عثمان ، وأقضاهم علي ، وأقرؤهم لكتاب الله تعالى أبي بن كعب ، وأفرضهم زيد بن ثابت ، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح ، ومعاذ بن جبل أعلم الناس بحلال الله وحرامه ، وأبو هريرة وعاء من العلم ، وسلمان علم لا يدرك » وذكر صدق أبي ذر «

1515 - وحدثنا ابن صاعد أبو محمد أيضا قال : حدثنا الحسين بن أبي زيد الدباغ قال : حدثنا علي بن زيد الصدائي قال : حدثنا أبو سعد البقال قال : أنبأنا ابن صاعد في حديث قبله ، وهو سعيد بن المرزبان ، عن أبي محجن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن أرأف الناس بهذه الأمة أبو بكر الصديق ، وأقواها بأمر الله عز وجل عمر ، وأشدها حياء عثمان ، وأعلمها بقضاء علي بن أبي طالب ، وأعلمها بحساب الفرائض زيد بن ثابت » وذكر الحديث
باب ذكر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه بالعافية من البلاء مع المغفرة

1516 - حدثنا أبو عبد الله أحمد بن الحسين بن عبد الجبار الصوفي قال : حدثنا سليمان بن محمد المباركي قال : حدثنا أبو شهاب يعني الحناط عن نصير القرادي ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن سلمة ، عن علي رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ألا أعلمك كلمات تقولهن تغفر لك ذنوبك ولو كانت مثل زبد البحر ، أو مثل عدد الذر مع أنه مغفور لك ؛ لا إله إلا الله الحليم الكريم ، لا إله إلا الله العلي العظيم ، سبحان الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم ، والحمد لله رب العالمين »

1517 - حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا أحمد بن سفيان ، وأبو بكر بن زنجويه ، والفضل بن يعقوب ، ومحمد بن مسعود العجمي ، قالوا : حدثنا محمد بن يوسف الفريابي ، عن سفيان الثوري ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن سلمة ، عن علي رضي الله عنه قال : مرضت فأتاني النبي صلى الله عليه وسلم يعودني ، فقلت : اللهم إن كان أجلي حضر فأرحني ، وإن كان البلاء والشدة فصبرني ، وإن كان متأخرا فخفف عني ، فقال : « أعد ، كيف قلت ؟ » قال : قلت : كذا وكذا قال : فوضع يده أو رجله على بطني ثم قال : « اللهم اشفه » فما سقمت بعد

1518 - حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا بندار محمد بن بشار قال : حدثنا يحيى بن سعيد القطان قال : حدثنا سفيان قال المطرز : وحدثنا سفيان بن وكيع قال : حدثنا أبي قال : حدثني سفيان قال : حدثني أبو إسحاق ، عن ناجية بن كعب ، عن علي رضي الله عنه قال : لما مات أبو طالب أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : إن عمك مات قال : فاذهب فواره ، ولا تحدث شيئا حتى تأتيني ، فذهبت فواريته ، ثم أتيته ، فقلت : قد واريته فأمرني فاغتسلت ، زاد وكيع قال : فدعا لي بدعوات ما أحب أن لي بهن ما على الأرض من شيء

1519 - وحدثنا قاسم المطرز أيضا قال : حدثنا أحمد بن سنان قال : حدثنا أبو أحمد يعني الزبيري قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن ناجية ، عن علي رضي الله عنه مثله ، وزاد : ثم « دعا لي بدعوات هن أحب إلي من حمر النعم »
باب أمر النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه بقتل الخوارج وأن الله عز وجل أكرمه بقتالهم

1520 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا محمد بن سليمان لوين قال : حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي قال : حدثنا عوف ، وهشام ، عن ابن سيرين ، عن عبيدة السلماني قال : شهدت مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه النهر ، فلما قتلت الخوارج قال علي رضي الله عنه : إن فيهم رجلا مخدج (1) اليد أو مؤدن اليد أو مثدن (2) اليد قال : فنظروا فلم يقدروا عليه فقال ذلك ثلاث مرات ، ثم قال : انظروا وقلبوا القتلى قال : فاستخرجوا رجلا آدم مثدن يده اليمنى ، كأنها ثدي المرأة ، فلما رآه علي رضي الله عنه استقبل القبلة ، ورفع يديه ، فحمد الله وأثنى عليه ، وشكر الله الذي ولاه قتلهم ، والذي أكرمه بقتالهم ، ثم أقبل علينا بوجهه فقال : لولا أن تبطروا لحدثتكم بما سبق على لسان النبي صلى الله عليه وسلم من الكرامة لمن قتل هؤلاء القوم قال عبيدة : فقلت : يا أمير المؤمنين ، أشيء بلغك عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ أو شيء سمعته منه ؟ قال : بل سمعته ورب الكعبة

__________

(1) المخدج : القصير اليد ، والمراد رجل من الخوارج وصفه لهم النبي صلى الله عليه وسلم

(2) المثدون : صَغير اليَد مُجْتَمِعُها، والمَثْدون : النَّقِص الخَلْق

1521 - وحدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا أبو عبد الرحمن الجعفي قال : حدثنا حفص بن غياث ، عن أشعث ، عن ابن سيرين ، عن عبيدة السلماني قال : شهدت مع علي رضي الله عنه النهر ، فلما قتل أهل النهر قال : إن فيهم رجلا مؤدن اليد ، أو مثدن (1) اليد ، أو مخدج (2) اليد ، فالتمسوه ، فلم يجدوه ، ثم قال : التمسوه فالتمسوه فلم يجدوه ، ثم قال لهم : فالتمسوه فالتمسوه فوجدوه في وهدة والقتلى عليه قال : وكانت يده إذا مدت امتدت مثل يده الأخرى ، وإذا أرخيت دخلت وليس فيها عظم ، فقال علي رضي الله عنه : لولا أن تبطروا لحدثتكم بما وعد الله عز وجل هذه العصابة التي قتلتهم على لسان محمد صلى الله عليه وسلم قال : فقال له عبيدة : أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ورب الكعبة ، مرتين

__________

(1) المثدون : صَغير اليَد مُجْتَمِعُها، والمَثْدون : النَّقِص الخَلْق

(2) المخدج : القصير اليد ، والمراد رجل من الخوارج وصفه لهم النبي صلى الله عليه وسلم

1522 - وأنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا محمد بن سليمان لوين قال : حدثنا عبد الله بن الزبير ، عن عبد الله بن شريك العامري ، عن جندب قال : لما كان يوم قتل علي رضي الله عنه الخوارج ؛ نظرت إلى وجوههم وإلى شمائلهم فشككت في قتالهم ، فتنحيت عن العسكر غير بعيد ، فنزلت عن دابتي وركزت رمحي ، ووضعت درعي تحتي ، وعلقت ترسي (1) مستترا به من الشمس ، وأنا معتزل عن العسكر ناحية ، إذ طلع أمير المؤمنين علي رضي الله عنه على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت في نفسي : مالي وله ، أنا أفر منه وهو يجيء إلي ، فقال لي : يا جندب ، ما لك في هذا المكان تنحيت عن العسكر ؟ فقلت : يا أمير المؤمنين ، أصابني وعك (2) فشق علي الغبار فلم أستطع الوقوف قال : فقال لي : أما بلغك ما للعبد في غبار العسكر من الأجر ، ثم ثنى رجله فنزل ، فأخذت برأس دابته ، وقعد فقعدت ، فأخذت الترس بيدي ، فسترته من الشمس قال : فوالله إني لقاعد إذ جاء فارس يركض فقال : يا أمير المؤمنين ، إن القوم قد قطعوا الجسر ذاهبين قال : فالتفت إلي فقال : إن مصارعهم دون النهر قال : وإن الرجل الذي أخبره عنده واقف ؛ إذ جاء رجل آخر فقال : يا أمير المؤمنين ، قد والله عبروا فما بقي منهم أحد قال : ويحك إن مصارعهم دون النهر قال : فجاء فارس آخر يركض فقال : يا أمير المؤمنين والذي بعث نبيه صلى الله عليه وسلم بالحق لقد رجعوا ، ثم جاء الناس فقالوا : قد رجعوا ، حتى إنهم ليتساقطون في الماء زحاما على العبور ، ثم إن رجلا جاء فقال : يا أمير المؤمنين إن القوم قد صفوا الصفوف ورموا فينا وقد جرحوا فلانا ، فقال علي رضي الله عنه : هذا حين طاب القتال قال : فوثب فقعد على بغلته ، فقمت إلى سلاحي فلبسته ، ثم شددته علي ، ثم قعدت على فرسي ، وأخذت رمحي ، ثم خرجت ، فلا والله يا عبد الله بن شريك ما صليت العصر قال : الظهر حتى قتلت بيدي سبعين

__________

(1) الترس : الدرع الذي يحمي المقاتل ويتقي به ضربات العدو

(2) وعك : أصابه ألم من شدة المرض والحمى والتعب

1523 - حدثنا الفريابي قال : حدثنا صفوان بن صالح قال : حدثنا الوليد بن مسلم قال : حدثنا ابن لهيعة قال : حدثنا بكير بن عبد الله بن الأشج ، عن ابن سعيد ، عن عبيد الله بن أبي رافع مولى أم سلمة : أن الحرورية ، لما خرجوا وهم مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه قالوا : لا حكم إلا لله فقال علي رضي الله عنه : أجل ، كلمة حق أريد بها باطل ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف أناسا إني لأعرف صفتهم ، يقولون الحق لا يجاوز هذا منهم ، وأشار إلى حلقه ، أبغض خلق الله إلى الله عز وجل ، فيهم أسود إحدى يديه طبي شاة ، أو حلمة ثدي ، فلما قاتلهم علي رضي الله عنه قال : انظروا فنظروا فلم يجدوا شيئا ، فقال : ارجعوا ، فوالله ما كذبت ، ولا كذبت مرتين أو ثلاثا ، ثم وجدوه في خربة فأتوا به عليا حتى وضعوه بين يديه قال عبيد الله بن أبي رافع : أنا حضرت ذلك منهم وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا أحمد بن صالح قال : حدثنا عبد الله بن وهب قال : أخبرني عمرو بن الحارث ، عن بكير بن الأشج ، عن بسر بن سعيد ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن الحرورية لما خرجت وهم مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه وذكر مثل الحديث سواء

1524 - أنبأنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال : حدثنا محمد بن بكار ، قال : حدثنا إسماعيل بن زكريا ، عن يزيد بن أبي زياد قال : سألت : سعيد بن جبير عن أصحاب النهر ؟ فقال : ثنا مسروق قال : سألتني عائشة رضي الله عنها عنهم ، فقالت : هل أبصرت أنت الرجل الذي يذكرون ذا الثدية ؟ قال : قلت : لم أره ، ولكن قد شهد عندي من قد رآه قالت : فإذا قدمت الأرض فاكتب إلي بشهادة نفر قد رأوه أمناء قال : فجئت والناس أشياع قال : فكلمت من كل سبع عشرة ممن قد رآه قال : فقلت : كل هؤلاء عدل رضى ، فقالت : قاتل الله فلانا فإنه كتب إلي أنه أصابه بمصر

1525 - قال إسماعيل : قال يزيد : وحدثني من ، سمع عائشة رضي الله عنها تقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إنهم شرار أمتي ، يقتلهم خيار أمتي » ثم قالت : ما كان بيني وبينه إلا ما كان بين المرأة وأحمائها
باب ذكر جوامع فضل علي بن أبي طالب رضي الله عنه الشريفة الكريمة عند الله عز وجل وعند رسوله صلى الله عليه وسلم وعند المؤمنين

1526 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا محمد بن سليمان لوين قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن أبي جعفر ، عن إبراهيم بن سعد ، عن أبيه قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم وعنده قوم ، فدخل عليه علي رضي الله عنه فقاموا ، فخرجوا وجلس علي رضي الله عنه ، فلما خرجوا تلاوموا ، فقالوا : ما أخرجنا فرجعوا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « ما أنا أخرجتكم وأدخلته ، ولا أدخلته وأخرجتكم ، بل الله عز وجل أخرجكم وأدخله »

1527 - وأنبأنا عبد الله بن صالح قال : حدثنا محمد بن سليمان لوين قال : حدثنا أبو المليح يكنى بأبي عبد الله عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر بن عبد الله قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم قاعدا فقال : « يطلع عليكم من تحت هذا الصور رجل من أهل الجنة » فدخل أبو بكر رضي الله عنه ، فهنئوه بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : « يدخل عليكم رجل من تحت هذا الصور من أهل الجنة » فدخل عمر رضي الله عنه ، ، فهنئوه ، بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : « يدخل عليكم من تحت هذا الصور رجل من أهل الجنة » ثم قال : « اللهم إن شئت جعلته عليا » فدخل علي رضي الله عنه

1528 - حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني قال : حدثني جدي قال : حدثنا موسى بن أعين ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر بن عبد الله قال : خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى امرأة من الأنصار ، فجلسنا في نخل لها ، فقال : « يطلع عليكم رجل من أهل الجنة » قال : وجعل ينظر بين النخل ويقول : « اللهم إن شئت جعلته عليا » فطلع علي رضي الله عنه

1529 - حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن شاهين قال حدثنا أبو مسلم الأودي قال : حدثنا محمد بن ربيعة الكلابي قال : حدثنا سعيد بن عبيد الطائي ، عن علي بن ربيعة ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن ربك تبارك وتعالى ليتبدى إليك وأنت في الجنة حيث تشاء في قصورك ، وأزواجك وخدمك ، فلا تعدل رؤيته عندك شيئا مما أنت فيه »

1530 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا إسحاق بن منصور الكوسج قال : أنبأنا حرمي بن عمارة بن أبي حفص ، عن الفضل بن عميرة الطفاوي قال : حدثني ميمون الكردي قال : حدثنا أبو عثمان النهدي قال : قال علي رضي الله عنه : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذ بيدي ونحن نمشي في سكك المدينة ؛ إذ مررنا بحديقة ، فقلت : يا رسول الله ، ما أحسنها ، فقال : « إن لك في الجنة أحسن منها » ثم مررنا بأخرى فقلت : يا رسول الله ، ما أحسنها فقال : « إن لك في الجنة أحسن منها » حتى مررنا بتسع حدائق ، كلها أقول يا رسول الله ما أحسنها ، فيقول : « إن لك في الجنة أحسن منها »

1531 - حدثنا عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي ، عن الحسن بن صالح ، عن أبي ربيعة ، عن الحسن ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « تشتاق الجنة إلى علي ، وعمار ، وسلمان »

1532 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي قال : حدثنا أبو السري قال : حدثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق الشيباني ، عن جميع التيمي قال : دخلت مع أمي إلى عائشة رضي الله عنها ، وأنا غلام فذكرت لها عليا رضي الله عنه ، فقالت : « ما رأيت رجلا قط كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه ، ولا امرأة كانت أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من امرأته »

1533 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عباد بن يعقوب قال : حدثنا علي بن هشام ، عن عبد الملك بن حميد ، عن أبي إسحاق الشيباني ، عن جميع بن عمير ، عن عائشة رضي الله عنها قال : دخلت إليها مع أمي وأنا غلام فذكرنا عليا رضي الله عنه ، فقالت عائشة رضي الله عنها : ما رأيت رجلا قط أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه ، ولا امرأة كانت أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من امرأته

1534 - حدثنا ابن أبي داود قال : حدثنا عمي محمد بن الأشعث قال : حدثنا عمرو بن حماد بن طلحة القناد قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الأزدي ، عن معروف ، عن أبي جعفر ، عن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ألا أدلكم على من إذا استرشدتموه لم تضلوا ولم تهلكوا ؟ » قالوا : بلى يا رسول الله قال : « هو هذا » وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه جالس ، ثم قال : « وازروه ، وناصحوه ، وصدقوه » ثم قال : « إن جبريل عليه السلام أمرني بما قلت لكم »

1535 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا عبد الله بن داهر بن يحيى الرازي قال : حدثني عمرو بن جميع العبدي ، عن عمرو بن عبيد ، عن الحسن ، عن عمران بن حصين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها : « أي بنية ، اقنعي بابن عمك ، فوالذي بعثني بالنبوة حقا لقد زوجتك سيدا في الدنيا ، وسيدا في الآخرة »

1536 - أنبأنا عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا القاسم بن أبي بزة قال : حدثنا محمد بن معاوية قال : حدثني يحيى بن سابق المديني ، عن زيد بن أسلم ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يا علي ، أنت معي في الجنة ، يا علي أنت معي في الجنة ، يا علي أنت معي في الجنة » قالها ثلاثا

1537 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا سليمان بن عمر الرقي قال : حدثنا محمد بن مصعب ، عن عمرو بن أبي المقدام ويقال : عمرو بن ثابت ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير قال : ذكروا عليا رضي الله عنه عند ابن عباس ، فقال : « لقد ذكرتم رجلا إن كان ليسمع وطئ جبريل عليه السلام على ظهر بيته »

1538 - وحدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا محمد بن عباد المكي ، قال : حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ، عن صدقة بن الربيع ، عن عمارة بن غزية ، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد ، عن أبيه قال : كنا عند بيت النبي صلى الله عليه وسلم نفر من المهاجرين والأنصار ، فخرج علينا يعني النبي صلى الله عليه وسلم فقال : « ألا أخبركم بخياركم ؟ » قلنا : بلى قال : « خياركم الموفون المطيبون ، إن الله عز وجل يحب الخفي التقي » قال : ومر علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فقال : « الحق مع ذا ، الحق مع ذا »

1539 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي قال : حدثنا حسين بن حسن الأشقر قال : حدثنا سالم ، عن علي بن الحكم العبدي ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة بن قيس ، والأسود بن يزيد قالا : أتينا أبا أيوب الأنصاري فقلنا له : إن الله عز وجل أكرمك بمحمد صلى الله عليه وسلم إذ أوحى إلى راحلته (1) فبركت على بابك ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضيفك ، فضيلة فضلك الله عز وجل بها ، ثم خرجت تقاتل مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : مرحبا بكما وأهلا ، إني أقسم لكما بالله لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا البيت الذي أنتما فيه ، وما في البيت غير رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي رضي الله عنه جالس عن يمينه ، وأنا قائم بين يديه ، إذ حرك الباب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يا أنس ، انظر من بالباب » فخرج فنظر ورجع فقال : هذا عمار بن ياسر قال أبو أيوب : فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « يا أنس ، افتح لعمار الطيب المطيب » ففتح أنس الباب ، فدخل عمار فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد عليه السلام ورحب به ، وقال : « يا عمار إنه سيكون في أمتي بعدي هنات (2) واختلاف حتى يختلف السيف بينهم حتى يقتل بعضهم بعضا ، ويتبرأ بعضهم من بعض ، فإذا رأيت ذلك فعليك بهذا الذي عن يميني يعني عليا رضي الله عنه وإن سلك كلهم واديا وسلك علي واديا فاسلك وادي علي ، وخل الناس طرا ، يا عمار ، إن عليا لا يردك عن هدى ، يا عمار ، إن طاعة علي طاعتي ، وطاعتي من طاعة الله عز وجل »

__________

(1) الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى

(2) الهنات : الشرور والفساد ، والشدائد والأمور العظام

1540 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن أبي زهير قال : حدثنا علي بن قادم ، عن جعفر الأحمر ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الله بن الحارث ، عن علي رضي الله عنه قال : مرضت فأتاني النبي صلى الله عليه وسلم فطرح علي ثوبه ، ثم قام يصلي ، فلما فرغ قال : « قم يا علي ، ما سألت الله تعالى لنفسي شيئا ؛ إلا سألت لك مثله ، وما سألته شيئا إلا أعطاني ؛ إلا أنه قال لا نبوة بعدي »

1541 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عباد بن يعقوب قال : حدثنا علي بن هاشم ، عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع ، عن عبد الرحمن بن عبد الله الجرمي ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه : « يا علي ، إن الله عز وجل أمرني أن أدنيك ولا أقصيك ، وأن أعلمك ولا أجفوك ، حق علي أن أطيع الله عز وجل فيك ، وحق عليك أن تعي عني »

1542 - وحدثنا ابن أبي داود أيضا قال : حدثنا سليمان بن داود المهري قال : حدثنا عبد الله بن وهب قال : حدثنا أبو صخر ، عن أبي معاوية البجلي ، عن سعيد بن جبير ، عن أبي الصهباء ، عن عمرة الهمدانية قالت : قالت لي أم سلمة : أنت عمرة ؟ قالت : قلت : نعم يا أمتاه ، ألا تخبريني عن هذا الرجل الذي أصيب بين ظهرانينا ، فمحب وغير محب ؟ فقالت أم سلمة : أنزل الله عز وجل إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا (1) وما في البيت إلا جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهما وأنا فقلت : يا رسول الله أنا من أهل البيت ؟ قال : « أنت من صالحي نسائي » قالت أم سلمة : يا عمرة ، فلو قال : « نعم » كان أحب إلي مما تطلع عليه الشمس وتغرب

__________

(1) سورة : الأحزاب آية رقم : 33

1543 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا هارون بن إسحاق قال : حدثنا عبد الله بن سالم قال : سمعت ابن إدريس يعني عبد الله يقول : « ما خالف عليا رضي الله عنه أحد إلا كان علي رضي الله عنه أحق منه ، وما قام علي رضي الله عنه إلا في أوان قيامه »

1544 - وحدثنا أيضا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا هارون بن إسحاق قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس عن عطاء بن مسلم قال : سمعت سفيان يعني الثوري يقول : « ما حاج عليا رضي الله عنه أحد إلا حجه علي رضي الله عنه »

1545 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا جعفر بن محمد بن الهذيل قال : حدثنا يحيى بن عبد الحميد قال : حدثنا يحيى بن يعلى ، عن عمار بن رزيق ، عن أبي إسحاق ، عن زياد بن مطرف ، عن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من أحب أن يحيى حياتي ، ويموت ميتتي ، ويدخل الجنة التي وعدني ربي عز وجل ، فإن الله تبارك وتعالى غرس قصباتها بيده ، فليتول علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فإنه لن يخرجكم من هدى ، ولن يدخلكم في ضلالة »

1546 - حدثنا أبو عبيد علي بن الحسين بن حرب القاضي قال : حدثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام قال : حدثنا أبو بكر الحنفي قال : حدثنا فطر بن خليفة ، عن إسماعيل بن رجاء ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعض حجر نسائه ، فانقطع شسع نعله ، فأخذها علي رضي الله عنه وتخلف يصلحها ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظر وقمنا معه ، فقال : « إن منكم لمن يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله » قال : فاستشرفها القوم وفيهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا ولكنه صاحب النعل » قال : فانطلقنا إليه نبشره ، فلم يرفع بها رأسا ، كأنه شيء قد كان سمعه «

1547 - حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد الأعرابي قال : حدثنا الحسن بن المثنى قال : حدثنا عفان بن مسلم قال : حدثنا حماد ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس رضي الله عنه : أن الوليد بن عقبة قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه : أنا أبسط ، منك لسانا ، وأحد منك سنانا ، وأجلى للكتيبة منك ، فقال : اسكت ، فإنك فاسق فأنزل الله عز وجل أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا ، لا يستوون (1)

__________

(1) سورة : السجدة آية رقم : 18
باب ذكر مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وما أعد الله الكريم لقاتله من الشقاء في الدنيا والآخرة قال محمد بن الحسين رحمه الله تعالى : قد قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو على حراء وقد تحرك الجبل ، فقال : « اثبت حراء ، فإنما عليك نبي ، وصديق وشهيد » وعليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وطلحة ، والزبير وسائر من في الحديث المذكور المشهور ، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم شهداء ، فقتل عمر رضي الله عنه شهيدا ، وقتل عثمان رضي الله عنه شهيدا ، وقتل علي رضي الله عنه شهيدا ، لعن الله قاتل علي بن أبي طالب ، وأخزاه في الدنيا والآخرة وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه : « إنك مستخلف ، وإنك مقتول » ولا بد لما قاله النبي صلى الله عليه وسلم أنه يكون ، لا بد من أن يكون ، وذلك درجات لهم رضي الله عنهم عند ربهم عز وجل يزيدهم فضلا إلى فضلهم ، كرامة منه لهم رضي الله عنهم

1548 - حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا يحيى بن يوسف الزمي قال : حدثنا محمد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن محمد بن خثيم ، عن محمد بن كعب القرظي قال : حدثني أبو يزيد بن خثيم ، عن عمار بن ياسر قال : كنت أنا وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه رفيقين في غزوة العشيرة ، فنزلنا منزلا فرأينا رجالا من بني مذلج يعملون في نخل لهم ، فقلت له : لو انطلقنا إلى هؤلاء فنظرنا إليهم كيف يعملون فأتيناهم ، فنظرنا إليهم ساعة ثم غشينا النعاس فعمدنا إلى صور من النخل فنمنا تحته في دقعاء (1) من التراب ، فما أيقظنا إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى عليا رضي الله عنه فغمزه (2) برجله ، وقد تتربنا في ذلك التراب فقال : « قم ، ألا أخبرك بأشقى الناس ؟ أحيمر ثمود عاقر (3) الناقة ، والذي يضربك على هذا » وأشار إلى قرنه « وتبتل هذه منها » وأخذ بلحيته

__________

(1) الدقعاء : التراب الدقيق على وجه الأرض

(2) الغمز : الإشارة والجس والضغط باليد أو العين

(3) العاقر : الذابح أو القاتل

1549 - حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسين الكوفي قال : حدثنا عباد بن يعقوب قال : حدثنا علي بن هاشم ، عن ناصح ، عن سماك ، عن جابر بن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه : « إنك مؤمر مستخلف ، وإنك مقتول ، وإن هذه مخضوبة (1) من هذا » لحيته من رأسه

__________

(1) المخضوبة : المصبوغة الملونة

1550 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال حدثنا الحسن بن علي الحلواني قال : حدثنا عبد الله بن صالح يعني كاتب الليث بن سعد قال : أخبرني الليث بن سعد قال : حدثني خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن زيد بن أسلم ، : أن أبا سنان الدؤلي ، هكذا قال : قال عاد عليا رضي الله عنه في شكوى اشتكاها ، فقيل : لقد تخوفنا عليك يا أمير المؤمنين في شكواك هذا قال : ولكني والله ما تخوفت على نفسي منه ، لأني سمعت الصادق المصدوق يقول : « إنك ستضرب ضربة هاهنا » وأشار إلى صدغيه (1) « تسايل دما حتى يخضب لحيتك ، فيكون صاحبها أشقاها ، كما كان عاقر (2) الناقة أشقى ثمود » وأنبأنا عبد الله بن صالح قال : حدثنا الحسن بن علي قال : حدثنا يزيد بن هارون قال : أنبأنا عبد الله بن جعفر ، عن زيد بن أسلم قال : حدثني يزيد بن أمية أبو سنان الديلي ، عن علي رضي الله عنه مثله عن النبي صلى الله عليه وسلم

__________

(1) الصدغ : ما بين العَين إلى شَحْمة الأذُن

(2) العاقر : الذابح أو القاتل

1551 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا زيد بن أخزم قال : حدثنا عبد الله بن داود قال : سمعت الأعمش ، عن سلمة بن كهيل ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن عبد الله بن سبع قال : سمعت عليا رضي الله عنه على المنبر يقول : ما ننتظر الأشقى ، عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لتخضبن هذه من دم هذا » قالوا : أخبرنا بقاتلك حتى نبير (1) عترته (2) قال : أنشد الله رجلا قتل بي غير قاتلي وذكر الحديث

__________

(1) نُبِير : نُهْلِك

(2) عترة الرجل : نسله ورهطه وعشيرته

1552 - وأنبأنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال : حدثنا أبو هشام الرفاعي قال : حدثنا أبو أسامة قال : حدثنا أبو جناب قال : حدثنا أبو عون الثقفي قال : كنت أقرأ على أبي عبد الرحمن السلمي ، وكان الحسن بن علي يقرأ عليه قال أبو عبد الرحمن : فاستعمل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه رجلا من بني تميم يقال له : حبيب بن قرة على السواد ، وأمره أن يدخل الكوفة من كان بالسواد من المسلمين ، فقلت للحسن بن علي رضي الله عنهما : إن ابن عم لي بالسواد أحب أن يقر بمكانه ، فقال : تغدو على كتابك قد ختم فغدوت عليه من الغد ، فإذا الناس يقولون : قتل أمير المؤمنين ، قتل أمير المؤمنين ، فقلت للغلام أتقربني إلى القصر ؟ فدخلت القصر وإذا الحسن بن علي قاعد في المسجد في الحجرة ، وإذا صوائح ، فقال : ادن يا أبا عبد الرحمن ، فجلست إلى جنبه فقال لي : خرجت البارحة وأمير المؤمنين يصلي في هذا المسجد فقال لي : يا بني إني بت الليلة أوقظ أهلي ؛ لأنها ليلة الجمعة ، صبيحة بدر لتسع عشرة من رمضان ، فملكتني عيناي ، فسنح لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ، ماذا لقيت من أمتك من الأود واللدد قال : والأود العوج ، اللدد الخصومات فقال لي : « ادع عليهم » فقلت : اللهم أبدلني بهم من هو خير منهم ، وأبدلهم بي شرا قال : وجاء ابن التياح فآذنه (1) بالصلاة فخرج ، وخرجت خلفه ، فاعتوره الرجلان ، فأما أحدهما فوقعت ضربته في الطاق ، وأما الآخر فأثبتها في رأسه ، قال ابن صاعد : قال أبو هشام : قال أبو أسامة : إني لأغار عليه كما يغار الرجل على المرأة الحسناء يعني على هذا الحديث لا تحدث به ما دمت حيا «

__________

(1) الأذَانِ والإذن : هو الإعْلام بالشيء أو الإخبار به وباقترابه
باب ذكر ما فعل بقاتل علي بن أبي طالب كرم الله وجهه

1553 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال : حدثنا أحمد بن منصور قال : حدثنا عبد الرزاق قال : أنبأناه ابن جريج ، عن عبد الكريم أبي أمية ، عن قثم مولى الفضل قال : لما ضرب ابن ملجم عليه لعنة الله عليا رضي الله عنه قال : للحسن والحسين ومحمد رضي الله عنهم : « عزمت عليكم لما حبستم الرجل فإن مت فاقتلوه ، ولا تمثلوا (1) به قال : فلما مات قام إليه حسين ومحمد فقطعاه وحرقاه »

__________

(1) التمثيل : جدع الأطراف أو قطعها أو تشويه الجسد والتنكيل به

1554 - حدثنا أبو بكر محمد بن هارون بن المجدر قال : حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال : حدثنا أبو أسامة قال : حدثنا أبو طلق علي بن حنظلة بن نعيم ، عن أبيه قال : لما ضرب ابن ملجم لعنة الله عليه عليا رضي الله عنه قال علي : « احبسوه فإنما هو جرح ، فإن برأت امتثلت أو عفوت ، وإن هلكت قتلتموه فعجل عليه عبد الله بن جعفر ، وكانت زينب بنت علي تحته ، فقطع يديه ، وفقأ عينيه ، وقطع رجليه وجدعه ، وقال : هات لسانك ، فقال له : إذ صنعت ما صنعت فإنما نستقرض في جسدك ، أما لساني ويحك ، فدعه أذكر الله عز وجل به ، وإني لا أخرجه لك أبدا ، فشق لحيته واستخرج لسانه من بين لحيتيه فقطعه ، ثم حما مسمارا ليفقأ عينيه ، فقال : إنك لتكحل بملمول مضر ، فجاءت زينب تبكي وتقول : يا خبيث ، والله ما ضرت أمير المؤمنين ؟ فقال علي : ما تبكين يا زينب والله ما خانني سيفي ، وما ضعفت يدي » قال محمد بن الحسين رحمه الله : ومن فضائل علي رضي الله عنه : تزويجه بفاطمة رضي الله عنها ، خصه الله الكريم بتزويجه بها ، سنذكره في باب فضائل فاطمة رضي الله عنها ، حالا بعد حال ، إن شاء الله تعالى

1555 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال : أنبأنا العباس بن جعفر ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين زوجه فاطمة رضي الله عنها ؛ دعا بماء فمجه (1) ، ثم رشه في جيبه وبين كتفيه ، ثم دعا فاطمة فصنع بها مثل ذلك ، ثم عوذه ب قل هو الله أحد والمعوذتين ، ثم قال : « يا فاطمة » فجاءت تمشي على استحياء ففعل بها مثل ما فعل به ، وقال : « إني لم آل أن زوجتك خير أهل بيتي »

__________

(1) مَجَّه : لَفِظَه وألْقَى به
كتاب فضائل فاطمة رضي الله عنها قال محمد بن الحسين رحمه الله : اعلموا رحمنا الله وإياكم أن فاطمة رضي الله عنها كريمة على الله عز وجل ، وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، وعند جميع المؤمنين ، شرفها عظيم ، وفضلها جزيل ، النبي صلى الله عليه وسلم أبوها ، وعلي رضي الله عنه بعلها ، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ولداها ، وخديجة الكبرى أمها ، قد جمع الله الكريم لها الشرف من كل جهة ، مهجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وثمرة فؤاده ، وقرة عينه رضي الله عنها ، وعن بعلها ، وعن ذريتها الطيبة المباركة قال النبي صلى الله عليه وسلم : « فاطمة سيدة نساء عالمها » وقال صلى الله عليه وسلم : « حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وآسية امرأة فرعون » . قال محمد بن الحسين رحمه الله : وسنذكر من فضلها ما تأدى إلينا مما حضرنا ذكره بمكة
باب ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم إن فاطمة رضي الله عنها سيدة نساء عالمها

1556 - حدثنا أبو حفص عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا الحسن بن عرفة قال : حدثنا عمر بن عبد الرحمن ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي نعم ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « فاطمة سيدة نساء عالمها ؛ إلا ما جعل الله عز وجل لمريم بنت عمران »

1557 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا محمد بن علي قال : حدثنا عبد الرزاق بن همام قال : أنبأنا معمر ، عن قتادة ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم »

1558 - وحدثناه أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا أحمد بن حنبل قال : حدثنا عبد الرزاق قال : أنبأنا معمر بن راشد ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم ، وآسية امرأة فرعون »

1559 - حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسين الكوفي الأشناني ، حدثنا محمد بن عبيد المحاربي ، حدثنا عبد العزيز ، حدثنا ابن هلال أبو يعفور ، عن جابر ، عن أبي الطفيل ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها : « أما ترضين أنك سيدة نساء أمتي ، كما سادت مريم نساء قومها »

1560 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا يحيى بن حاتم العسكري قال : حدثنا بشر بن مهران قال : حدثنا محمد بن دينار ، عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « حسبك منهن أربع سيدات نساء العالمين ، فاطمة بنت محمد ، وخديجة بنت خويلد ، وآسية بنت مزاحم ، ومريم بنت عمران »

1561 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا عبد الله بن داهر الرازي قال : حدثني عمرو بن جميع العبدي ، عن عمرو بن عبيد ، عن الحسن ، عن عمران بن حصين وكان له من رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلة وجاه ، فقال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه فقال : « يا عمران بن الحصين إن لك عندنا منزلة وجاها فهل لك في عيادة (1) فاطمة ؟ فقلت : نعم يا رسول الله بأبي أنت وأمي وأي شرف أشرف من هذا فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقمت معه حتى وقف بباب فاطمة رضي الله عنها فقال : » السلام عليك يا بنية أدخل ؟ « فقالت : ادخل يا رسول الله بأبي أنت وأمي قال : » أنا ومن معي ؟ « قالت : ومن معك يا رسول الله ؟ قال : » معي عمران بن الحصين الخزاعي « قالت : والذي بعثك بالحق يا أبة ما علي إلا عباءة لي فقال : » يا بنية اضبعي بها هكذا أو هكذا « وأشار بيده قالت : يا رسول الله بأبي أنت وأمي ، هذا جسدي قد واريته فكيف لي برأسي ؟ فألقى إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ملاءة له خلقة فقال : أي بنية شدي بهذه على رأسك » ثم أذنت له فدخل ودخلت معه ، فقال : « كيف أصبحت يا بنية ؟ » فقالت : أصبحت والله وجعة يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي ، وزادني وجعا على ما بي من وجع أني لست أقدر على طعام آكله فقد أهلكني الجوع فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بكيت معهم ، ثم قال : « أبشري يا بنية وقري عينا ولا تجزعي فوالذي بعثني بالنبوة حقا إن ذقت طعاما منذ ثلاث ، وإني لأكرم على الله عز وجل منك ، ولو شئت أن أظل يطعمني ربي ويسقيني لفعلت ، ولكني آثرت الآخرة على الدنيا ، أي بنية لا تجزعي فوالذي بعثني بالنبوة حقا إنك لسيدة نساء العالمين » فوضعت يدها على رأسها ثم قالت : يا ليتها ماتت ، فأين آسية امرأة فرعون ومريم ابنة عمران وخديجة بنت خويلد قال : « آسية سيدة نساء عالمها ومريم سيدة نساء عالمها وخديجة سيدة نساء عالمها ، وأنت سيدة نساء عالمك ، إنكن في بيوت من قصب ، لا أذى فيه ولا نصب (2) » فقالت : يا رسول الله ما بيوت من قصب (3) ؟ قال : « در مجوف من قصب ، لا أذى فيه ولا صخب (4) » قال : ثم ضرب بيده على منكبها فقال : « أي بنية اقنعي بابن عمك ، فوالذي بعثني بالنبوة حقا لقد زوجتك سيدا في الدنيا وسيدا في الآخرة »

__________

(1) العيادة : زيارة الغير

(2) النصب : التعب والمشقة

(3) القصب : لؤلؤ مجوَّف واسع كالقصر المُنيف

(4) الصخب : الضَّجَّة، واضطرابُ الأصواتِ وارتفاعها للخِصَام

1562 - وحدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثني الفضل بن موسى مولى بني هاشم قال : أنبأنا محمد بن خالد بن عثمة ، عن موسى بن يعقوب قال : حدثني هاشم بن هاشم ، : أن عبد الله بن وهب ، أخبره ، عن أم سلمة قالت : دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة رضي الله عنها بعد الفتح فناجاها فبكت ، ثم حدثها ، فضحكت قالت أم سلمة : فلم أسألها عن شيء حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما توفي سألتها عن بكائها وضحكها ؟ فقالت : أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه يموت فبكيت ، وحدثني أني سيدة نساء أهل الجنة بعد مريم ابنة عمران فضحكت
باب ذكر إكرام النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها وعظم قدرها عنده

1563 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : أنبأنا عثمان بن عمر البصري قال : حدثنا إسرائيل بن يونس ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن ميسرة بن حبيب النهدي ، عن المنهال بن عمرو ، عن عائشة بنت طلحة ، عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : ما رأيت أحدا كان أشبه كلاما وحديثا من فاطمة برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت إذا دخلت عليه رحب بها ، وقام إليها فأخذ بيدها فقبلها وأجلسها في مجلسه ، وكان إذا دخل عليها رحبت به ، وقامت إليه فأخذت بيده فقبلته ، وأجلسته في مجلسها ، فدخلت عليه في مرضه الذي توفي فيه ، فرحب بها ، وقبلها وأسر إليها ، فبكت ، ثم أسر إليها فضحكت ، فسألتها ؟ فقالت : أسر إلي أخبرني أنه ميت فبكيت ، ثم أسر إلي أني أول أهله لحوقا به ، فضحكت

1564 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا وهب بن بقية الواسطي قال : حدثنا خالد بن عبد الله الطحان ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن عائشة رضي الله عنها : أنها قالت لفاطمة رضي الله عنها : أرأيت حين أكببت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكيت ثم ضحكت ؟ قالت : أخبرني أنه ميت من وجعه هذا ، فبكيت ، ثم أكببت عليه ، فأخبرني أني أسرع أهله لحوقا به ، وأني سيدة نساء أهل الجنة ، إلا مريم بنت عمران ، فضحكت
باب غضب النبي صلى الله عليه وسلم لغضب فاطمة رضي الله عنها

1565 - حدثنا أبو حفص عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا محمد بن الصباح الجرجرائي قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن أبي مليكة ، عن المسور بن مخرمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إنما فاطمة بضعة مني ، فمن أغضبها أغضبني »

1566 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد الواسطي قال : حدثنا ابن المقرئ قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن محمد بن علي : أن عليا رضي الله عنه أراد أن ينكح ابنة أبي جهل ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال : « إن عليا أراد أن ينكح العوذي ، ولم يكن ذلك له ؛ أن يجمع بين ابنة عدو الله ، وبين ابنة حبيب الله ، إنما فاطمة بضعة مني ، فمن أغضبها فقد أغضبني »

1567 - وحدثنا ابن عبد الحميد أيضا قال : حدثنا محمد بن رزق الله قال : حدثنا الحكم بن نافع أبو اليمان الحمصي قال : حدثنا شعيب بن أبي حمزة قال : حدثني الزهري قال : أخبرني علي بن الحسين رضي الله عنهما : أن المسور بن مخرمة ، أخبره : أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه خطب ابنة أبي جهل ، وعنده فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما سمعت بذلك فاطمة رضي الله عنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها : « ما شأنك يا فاطمة ؟ » فقالت : إن قومك يتحدثون أنك لا تغضب لبناتك ، وهذا علي بن أبي طالب ناكح ابنة أبي جهل قال المسور بن مخرمة : فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعته حين تشهد ، ثم قال : « أما بعد ، فإنما فاطمة ابنة محمد بضعة مني ، وإنها والله لا تجتمع ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وابنة عدو الله أبدا » قال : فبلغ ذلك عليا رضي الله عنه ، فترك علي رضي الله عنه الخطبة «
باب ذكر تزويج فاطمة رضي الله عنها بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وعظيم ما شرفهما الله عز وجل به في التزويج من الكرامات التي خصهما الله عز وجل بها

1568 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال حدثنا محمد بن حميد الرازي قال : حدثنا هارون بن المغيرة قال : حدثني عمرو بن أبي قيس ، عن شعيب بن خالد البجلي ، عن عثمان بن حنظلة بن سبرة بن المسيب بن نجية ، عن أبيه ، عن جده ، عن عبد الله بن عباس قال : كانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها تذكر ، فلا يذكرها أحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا أعرض عنه ، فقال سعد بن معاذ الأنصاري لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه : إني والله ما أرى النبي صلى الله عليه وسلم يريد بها غيرك ، فقال علي رضي الله عنه : أترى ذلك ؟ وما أنا بواحد من الرجلين ، ما أنا بذي دنيا يلتمس ما عندي ، لقد علم صلى الله عليه وسلم أن ما لي حمراء ولا بيضاء ، فقال له سعد : لتفرجنها عني ، أعزم عليك لتفعلن قال : فقال له علي رضي الله عنه : فأقول ماذا ؟ قال : تقول له : جئتك خاطبا إلى الله وإلى رسوله فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم ، فإن لي في ذلك فرحا فانطلق علي رضي الله عنه ، حتى يعرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : « كأن لك حاجة ؟ » فقال : أجل فقال : « هات » فقال له : جئتك خاطبا إلى الله وإلى رسوله ، فاطمة ابنة محمد ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم « مرحبا مرحبا » ولم يزده على ذلك ، ثم تفرقا ، فلقي علي رضي الله عنه سعد بن معاذ ، فقال له سعد : ما صنعت ؟ قال : قد فعلت الذي كلفتني ، فما زادني على أن رحب بي ، فقال له سعد : بالرفعة والبركة ، قد أنكحك والذي بعثه بالحق ، إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يخلف ولا يكذب ، أعزم عليك لتلقينه غدا ، ولتقولن له : يا رسول الله متى تبني لي ؟ فقال له : هذه أشد من الأولى ، أولا أقول حاجتي ، فقال له : لا فانطلق حتى لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : يا رسول الله متى تبني لي ؟ فقال له : « الليلة إن شاء الله » ثم انصرف ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا ، فقال له : « إني قد زوجت فاطمة ابنتي من ابن عمي ، وأنا أحب أن يكون من أخلاق أمتي الطعام عند النكاح ، اذهب يا بلال إلى الغنم ، فخذ شاة وخمسة أمداد فاجعل لي قصعة (1) لعلي أجمع عليها المهاجرين والأنصار » قال : ففعل ذلك ، وأتاه بها حين فرغ ، فوضعها بين يديه قال : فطعن في أعلاها ثم تفل فيها وبرك ، ثم قال : « ادع الناس إلى المسجد ، ولا تفارق رفقة إلى غيرها » فجعلوا يردون عليها رفقة رفقة ، كلما نهضت رفقة ، وردت أخرى ، حتى تتابعوا ، ثم كفت فتفل عليه وبرك ، ثم قال : « يا بلال احملها إلى أمهاتك ، وقل لهن : كلن وأطعمن من غشيكن » ففعل ذلك بلال ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على النساء فقال لهن : « إني قد زوجت ابنتي من ابن عمي ، وقد علمتن منزلتها مني وإني دافعها إليه الآن ، فدونكن ابنتكن » فقمن إلى الفتاة ، فعلقن عليها من حليهن ، وطيبنها ، وجعلن في بيتها فراشا حشوه ليفا ، ووسادة وكساء خيبريا ومخضبا ، واتخذن أم أيمن بوابة ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل هو وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ، حتى جلسا مجلسهما ، وفاطمة رضي الله عنها مع النساء ، وبينهن وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم حجاب ، فهتف : « يا فاطمة » رضي الله عنها وهي في بعض بيوته ، فأقبلت ، فلما رأت زوجها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حصرت وبكت ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ادني مني » فدنت منه ، وأخذ بيدها ويد علي ، فلما أراد أن يجعل كفها في كفه ، حصرت ودمعت عيناها ، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه إلى علي وأشفق أن يكون بكاها من أجل أنه ليس له شيء ، فقال لها : « ما ألوتك ونفسي لقد زوجتك خير أهلي ، وأيم الله ، لقد زوجتك سيدا في الدنيا ، وإنه في الآخرة من الصالحين » قال : فلان منها ، وأمكنته من كفها ، فقال لهما : « اذهبا إلى بيتكما ، جمع الله بينكما ، وأصلح بالكما لا تهيجا سببا حتى آتيكما » فأقبلا حتى جلسا مجلسهما ، وعندهما أمهات المؤمنين والنساء ، وبينهن وبين علي حجاب ، وفاطمة مع النساء ، ثم أقبل النبي صلى الله عليه وسلم حتى دق الباب ، فقالت له أم أيمن : من هذا ؟ فقال : « أنا رسول الله » وفتحت له الباب ، وهي تقول : بأبي أنت وأمي ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أثم أخي يا أم أيمن ؟ » فقالت له : ومن أخوك ؟ فقال : « علي بن أبي طالب » رضي الله عنه فقالت : يا رسول الله ، هو أخوك وتزوجه ابنتك ؟ فقال : « نعم » فقالت له : إنما يعرف الحل والحرام بك فدخل وخرجن النساء مسرعات ، وبقيت أسماء بنت عميس ، فلما بصرت برسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا بهشت لتخرج ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : « على رسلك من أنت ؟ » فقالت : أنا أسماء ابنة عميس بأبي وأمي ، إن الفتاة ليلة يبنى بها لا غنى بها عن امرأة ، إن حدث لها حاجة أفضت بها إليها ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما أخرجك إلا ذلك ؟ » فقالت : إي والذي بعثك بالحق ، ما أكذب والروح الأمين عليه السلام يأتيك ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : « فأسأل إلهي أن يحرسك من فوقك ، ومن تحتك ، ومن بين يديك ، ومن خلفك ، وعن يمينك ، وعن شمالك من الشيطان الرجيم ، ناوليني المخضب (2) ، واملئيه ماء » قال : فنهضت أسماء ابنة عميس فملأت المخضب ماء ، ثم أتته به ، فملأ فاه ثم مجه فيه ، ثم قال : « اللهم إنهما مني ، وأنا منهما ، اللهم كما أذهبت عني الرجس وطهرتني ، فطهرهما » ثم دعا فاطمة ، فقامت إليه وعليها النقبة وإزارها ، فضرب كفا من بين ثدييها وأخرى بين عاتقيها ، وبأخرى على هامتها ، ثم نضح جلدها وجلده ، ثم التزمهما ، ثم قال : « اللهم إنهما مني وأنا منهما ، اللهم كما أذهبت عني الرجس وطهرتني ، فطهرهما » ثم أمره ببقيته أن تشرب وتمضمض وتستنشق وتتوضأ ، ثم دعا بمخضب آخر ، فصنع به كما صنع بصاحبه مثل ذلك ، ودعا له كما دعا لها ، ثم أغلق عليهما بابهما وانطلق ، فزعم عبد الله بن عباس عن أسماء بنت عميس : أنه لم يزل يدعو لهما خاصة حتى وارته حجرته ، حتى ما يشرك معهما في دعائه أحدا

__________

(1) القصعة : وعاء يؤكل ويُثْرَدُ فيه وكان يتخذ من الخشب غالبا

(2) المخضب : الإناء الذي يُغْسَل فيه صغيرا كان أو كبيرا

1569 - وحدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال : حدثنا أبو الحسن محمد بن نهار بن عمار بن يحيى ، عن يعلى التيمي قال : حدثنا عبد الملك بن خيار ابن عم ، يحيى بن معين قال : حدثنا محمد بن دينار الغرقي ، بساحل دمشق قال : حدثنا هشيم ، عن يونس ، عن الحسن ، عن أنس قال : بينا أنا قاعد ، عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ غشيه الوحي ، فلما سرى عنه قال لي : « يا أنس ، تدري ما جاءني به جبريل عليه السلام من صاحب العرش عز وجل ؟ » قلت : بأبي وأمي ما جاءك به جبريل عليه السلام من صاحب العرش عز وجل ؟ قال : « إن الله عز وجل أمرني أن أزوج فاطمة من علي ، انطلق وادع لي أبا بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعليا ، وطلحة ، والزبير ، وبعدتهم من الأنصار » قال : فدعوتهم ، فلما أخذوا مقاعدهم قال النبي صلى الله عليه وسلم : « الحمد لله المحمود بنعمه ، المعبود بقدرته ، المطاع بسلطانه ، المرغوب إليه فيما عنده ، المرهوب من عذابه ، النافذ أمره في أرضه وسمائه ، الذي خلق الخلق بقدرته ، وميزهم بأحكامه ، وأعزهم بدينه ، وأكرمهم بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم إن الله عز وجل جعل المصاهرة نسبا لاحقا ، وأمرا مفترضا ، وشج به الأرحام ، وألزمها الأنام ، فقال تبارك اسمه ، وتعالى ذكره : وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا (1) فأمر الله عز وجل يجري إلى قضائه ، وقضاؤه يجري إلى قدره ، فلكل قدر أجل ، ولكل أجل كتاب ، يمح الله ما يشاء ويثبت ، وعنده أم الكتاب ، ثم إن الله عز وجل أمرني أن أزوج فاطمة من علي ، وأشهدكم أني قد زوجته على أربعمائة مثقال فضة ، إن رضي بذلك علي » وكان علي رضي الله عنه غائبا قد بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بطبق فيه بسر (2) فوضع بين أيدينا ، ثم قال : « انتهبوا » فبينا نحن ننتهب إذ أقبل علي رضي الله عنه ، فتبسم إليه النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال : « يا علي ، إن الله عز وجل أمرني أن أزوجك فاطمة ، وقد زوجتكها على أربعمائة مثقال فضة إن رضيت » فقال علي : قد رضيت يا رسول الله ثم إن عليا مال ، فخر ساجدا شكرا لله عز وجل ، الذي حببني إلى خير البرية محمد صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « بارك الله عليكما ، وبارك فيكما ، وأسعد جدكما ، وأخرج منكما الكثير الطيب » قال أنس : فوالله لقد أخرج منهما الكثير الطيب «

__________

(1) سورة : الفرقان آية رقم : 54

(2) البسر : تمر النخل قبل أن يُرْطِبَ

1570 - وحدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد أيضا قال : حدثنا أبو عمرو أحمد بن عمرو بن خالد بن عمر السلفي ويعرف خالد : بأبي الأخيل الحمصي قال : حدثني أبي قال : حدثنا عبيد الله بن موسى قال : حدثنا سفيان الثوري ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قال : أصاب فاطمة رضي الله عنها صبيحة العرس رعدة ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : « زوجتك سيدا في الدنيا ، وإنه في الآخرة لمن الصالحين ، يا فاطمة ؛ لما أردت أن أملك لعلي أمر الله تعالى شجر الجنان ، فحملت الحلل والحلي ، وأمرها فنثرته على الملائكة ، فمن أخذ منه يومئذ شيئا أكثر مما أخذ صاحبه وأحسن افتخر به على صاحبه إلى يوم القيامة » قالت أم سلمة : فلقد كانت فاطمة رضي الله عنها تفتخر على النساء ؛ لأن أول من خطب عليها جبريل عليه السلام «

1571 - وحدثنا ابن مخلد أيضا قال : حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن أنس بن القربيطي قال : حدثنا معبد بن عمرو ، بصرى قال : حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي قال : أخبرني جعفر بن محمد ، عن آبائه رضي الله عنهم ، ذكر قصة تزويج فاطمة رضي الله عنها بطوله إلى ليلة زفافها ، وقصة أسماء بنت عميس ، فقالت له أسماء : يا رسول الله خطبها إليك ذوو الأسنان (1) والأموال من قريش ، فلم تزوجهم ، وزوجتها هذا الغلام ؟ فقال : « يا أسماء ، ستزوجين بهذا الغلام ، وتلدين له غلاما » قال : فلما كان من الليل بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سلمان الفارسي ، فقال : « يا سلمان ، ائتني ببغلتي الشهباء » فأتاه ببغلته الشهباء ، فحمل عليها فاطمة رضي الله عنها ، فكان سلمان يقود بها ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسوق بها ، فبينا هو كذلك ؛ إذ سمع حسا خلف ظهره ، فالتفت فإذا هو جبريل وميكائيل وإسرافيل وجمع من الملائكة كثير ، فقال : « يا جبريل ، ما أنزلكم ؟ » قالوا : نزلنا نزف فاطمة إلى زوجها ، فكبر جبريل ، ثم كبر ميكائيل ، ثم كبر إسرافيل ، ثم كبرت الملائكة ، ثم كبر النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم كبر سلمان ، فصار التكبير خلف العرائس سنة من تلك الليلة ، فجاء بها فأدخلها علي رضي الله عنه فأجلسها إلى جنبه على الحصير القطري ، ثم قال « يا علي ، هذه بنتي ، فمن أكرمها فقد أكرمني ، ومن أهانها فقد أهانني » ثم قال : اللهم بارك عليهما واجعل منهما ذرية طيبة ، إنك سميع الدعاء « ثم وثب 0000 وذكر الحديث قال محمد بن الحسين رحمه الله : قد والله بارك فيهما ، وبارك في ولديهما ، وفي ذريتهما الطيبة المباركة رضي الله عنهم أجمعين ، الذي لا يحبهم إلا مؤمن ، ولا يشنأهم إلا منافق

__________

(1) الأسنان : الأعمار وهو كناية عن الخبرة والحكمة التي يكتسبها مع تقدم السن

1572 - حدثنا أبو أحمد هارون بن يوسف قال : حدثنا محمد بن أبي عمر العدني قال : حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أيوب ، عن أبي يزيد المديني ، وعكرمة ، أو أحدهما ، عن أسماء ابنة عميس قالت : لما أهديت فاطمة إلى علي رضي الله عنهما لم يوجد في بيته إلا رمل مبسوط ، ووسادة حشوها ليفا ، وكوزا وجرة ، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليه فقال : « لا تقرب أهلك حتى آتيك » فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال : « أثم أخي » فقالت أم أيمن : أهو أخوك وزوجته ابنتك ؟ قال : « إن ذلك يكون يا أم أيمن » قالت : ثم دعا النبي صلى الله عليه وسلم بإناء فيه ماء فقال فيه ما شاء الله أن يقول ، ثم نضح (1) به وجه علي رضي الله عنه وصدره ، ثم دعا فاطمة رضي الله عنها فقامت إليه تعثر في مرطها (2) من الحياء قالت : فنضح عليها من ذلك الماء ، وقال ما شاء الله أن يقول قالت : ثم رأى النبي صلى الله عليه وسلم سوادا من وراء الباب ، أو من وراء الستر ، فقال : « من هذا ؟ » فقالت : أسماء ، فقال : « أسماء ابنة عميس ؟ » قالت : نعم يا رسول الله قال : « أمع ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم جئت كرامة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ » قالت نعم ، إنه لابد للفتاة من امرأة تكون معها قالت : فدعا لي بدعاء ، إنه لأوثق عملي عندي قالت : ثم خرج فولى ، فلم يزل يدعو لهما حتى توارى في حجرته صلى الله عليه وسلم «

__________

(1) النضح : الرش بالماء

(2) المرط : كساء من صوف أو خز أو كتان
باب ذكر بيان فضل فاطمة رضي الله عنها في الآخرة على سائر الخلائق

1573 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا علي بن المثنى قال : حدثنا عبيد بن إسحاق العطار قال : حدثنا مهاجر بن كثير الأسدي ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن أبي أيوب الأنصاري ، : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إذا كان يوم القيامة وجمع الله الأولين والأخرين في صعيد واحد ، نادى مناد من بطنان العرش : يا معشر الخلائق ، إن الجليل جل جلاله يقول : نكسوا رءوسكم ، وغضوا أبصاركم ، فإن هذه فاطمة ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تريد أن تمر على الصراط » قال محمد بن الحسين رحمه الله : فضائل فاطمة رضي الله عنها كثيرة جليلة ، وقد ذكرت منها ما حضرني ذكره بمكة ، يتلوه فضائل الحسن والحسين رضي الله عنهما وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى
كتاب فضائل الحسن والحسين رضي الله عنهما قال محمد بن الحسين رحمه الله : الحمد لله المحمود على كل حال والمصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله أجمعين قال محمد بن الحسين : اعلموا رحمنا الله وإياكم : أن الحسن والحسين رضي الله عنهما خطرهما عظيم ، وقدرهما جليل ، وفضلهما كبير ، أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم خلقا وخلقا الحسن والحسين رضي الله عنهما ، هما ذريته الطيبة الطاهرة المباركة ، وبضعتان منه ، أمهما فاطمة الزهراء ، مهجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبضعة منه ، وأبوهما أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، أخو رسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم ، وابن عمه ، وختنه على ابنته ، وناصره ومفرج الكرب عنه ، ومن كان الله ورسوله له محبين ، فقد جمع الله الكريم للحسن والحسين رضي الله عنهما الشرف العظيم ، والحظ الجزيل من كل جهة ، ريحانتا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسيدا شباب أهل الجنة وسنذكر ما حضرني ذكره بمكة من الفضائل ؛ ما تقر بها عين كل مؤمن محب لهما ، ويسخن الله العظيم بها عين كل ناصبي خبيث ، باغض لهما أبغض الله من أبغضهما

باب ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم : « الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة »

1574 - حدثنا موسى بن هارون أبو عمران قال : حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال : حدثنا شريك ، عن الإفريقي وهو عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ، عن مسلم بن يسار الأنصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة » وحدثنا موسى بن هارون قال : حدثنا يحيى الحماني قال : حدثنا شريك ، عن جابر ، عن ابن أسباط ، عن جابر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله

1575 - حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسين الكوفي الأشناني قال : حدثنا محمد بن علي الشقيقي قال : أنبأنا أبي قال ، : حدثنا أبو حمزة ، عن جابر بن عبد الرحمن بن سابط ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من سره أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة فلينظر إلى الحسين بن علي »

1576 - حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا محمد بن عبيد الهمذاني قال : حدثنا سيف بن محمد ، عن سفيان الثوري ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « حسن وحسين سيدا شباب أهل الجنة »

1577 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا الحسن بن علي الحلواني قال : حدثنا المعلى بن عبد الرحمن قال : حدثنا ابن أبي ذئب ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ابناي هذان الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وأبوهما خير منهما »

1578 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال : حدثنا الكرماني بن عمرو قال : حدثنا محمد بن أبان قال : حدثنا أبو جناب ، عن الشعبي ، عن زيد بن يثيع ، عن علي رضي الله عنه قال : كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس عنده أحد غيري ، فأقبل أبو بكر وعمر يمشيان ، فقال : « يا علي هذان سيدا كهول أهل الجنة أجمعين ، ما خلا النبيين والمرسلين ، لا تخبرهما بشيء من هذا ، يا علي ، وحسن وحسين سيدا شباب أهل الجنة » قال : قال علي : فوالله ما حدثت بهذا الحديث حتى ماتا

1579 - وحدثنا أبو حفص عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا الحسن بن عرفة قال : حدثنا عمر بن عبد الرحمن ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي نعم ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة »

1580 - حدثنا أبو أحمد هارون بن يوسف قال : حدثنا محمد بن أبي عمر العدني قال : حدثنا مروان بن معاوية ، عن الحكم بن عبد الرحمن بن أبي نعم قال : ذكر أبي عبد الرحمن بن أبي نعم ، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : « أن حسنا وحسينا سيدا شباب أهل الجنة ، إلا ابني الخالة عيسى ابن مريم ، ويحيى بن زكريا عليهما الصلاة والسلام »

1581 - حدثنا أبو علي الحسن بن محمد بن سعيد الأنصاري قال : حدثنا علي بن المنذر الطريقي قال ابن فضيل : قال : حدثنا يزيد ابن أبي زياد ، عن ابن أبي نعم ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وأمهما سيدة نساء أهل الجنة ؛ إلا ما كان من مريم »

1582 - حدثنا أبو الحسن علي بن إسحاق بن زاطيا قال : حدثنا محمد بن بكار قال : حدثنا مروان بن معاوية ، عن الحكم بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ؛ إلا ابني الخالة عيسى ، ويحيى بن زكريا عليهما السلام »
باب شبه الحسن والحسين رضي الله عنهما برسول الله صلى الله عليه وسلم

1583 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب قال : حدثنا إبراهيم بن الحسن الرافعي ، عن أبيه ، عن زينب ابنة أبي رافع ، عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم بابنيها الحسن ، والحسين رضي الله عنهما في مرضه الذي توفي فيه ، فقالت : يا رسول الله ، هذان ابناك لم تورثهما شيئا ، فقال : « أما الحسن فإن له هيبتي وسؤددي ، وأما الحسين فله جرأتي وجودي »

1584 - أنبأنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال : حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي قال : حدثنا شريح بن مسلمة التنوخي قال : حدثنا إبراهيم بن يوسف ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، : أنه سمع هبيرة بن يريم ، أنه سمع عليا رضي الله عنه يقول : « من سره أن ينظر إلى أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين عنقه إلى وجهه وشعره فلينظر إلى الحسن بن علي ، ومن سره أن ينظر إلى أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين عنقه إلى كعبه خلقا ؛ فلينظر إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما »

1585 - حدثنا الفريابي قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا حكام بن سلم الرازي ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي جحيفة قال : « رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الحسن بن علي يشبهه »

1586 - وأنبأنا أبو الحسن علي بن إسحاق بن زاطيا قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي ، عن عمر بن سعيد بن أبي حسين قال : حدثني عبد الله بن أبي مليكة ، عن عقبة بن الحارث قال : خرجت مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه من صلاة العصر بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بليال ، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه يمشي إلى جنبه ، فمر بحسن بن علي رضي الله عنه وهو يلعب مع الغلمان ، فاحتمله أبو بكر الصديق رضي الله عنه على رقبته ، وجعل يقول : بأبي شبه النبي ليس شبيها بعلي وعلي رضي الله عنه يضحك

1587 - وحدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد الأعرابي قال : حدثنا الحسن بن عفان الكوفي قال : حدثنا أبو داود الحفري ، عن سفيان الثوري ، عن عمر بن سعيد ، عن ابن أبي مليكة ، عن عقبة بن الحارث قال : إني لمع أبي بكر الصديق رضي الله عنه حتى مر الحسن رضي الله عنه فوضعه على عنقه ، ثم قال : بأبي شبه النبي لا شبه علي وعلي معه فجعل يضحك
باب ذكر محبة النبي صلى الله عليه وسلم للحسن والحسين رضي الله عنهما

1588 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا الحسن بن علي الحلواني قال : حدثنا محمد بن خالد بن عثمة قال : حدثنا موسى بن يعقوب الزمعي قال : حدثني عبد الله بن أبي بكر ، عن مسلم بن أبي سهل ، عن حسن بن أسامة ، عن أبيه قال : طرقت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة لبعض حاجته ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مشتملا على شيء ، فقلت : يا رسول الله ، ما هذا الذي أنت مشتمل عليه ؟ فكشف ، فإذا حسن وحسين رضي الله عنهما فقال : « هذان ابناي ، وابنا فاطمة ، اللهم إنك تعلم أني أحبهما ، فأحبهما »

1589 - حدثنا أبو بكر محمد بن الليث الجوهري قال : حدثنا يحيى بن طلحة اليربوعي قال : حدثنا شريك ، عن أشعث بن سوار ، عن عدي بن ثابت ، عن البراء بن عازب قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل حسنا وهو يقول : « اللهم إني أحبه فأحبه »

1590 - وحدثنا عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا شبابة يعني ابن سوار عن شعبة ، عن عدي بن ثابت ، عن البراء قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم حمل الحسن بن علي رضي الله عنهما على عاتقه (1) وقال : « اللهم إني أحبه فأحبه »

__________

(1) العاتق : ما بين المنكب والعنق
باب حث النبي صلى الله عليه وسلم أمته على محبة الحسن والحسين وأبيهما وأمهما رضي الله عنهم أجمعين

1591 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال : حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال : حدثني علي بن جعفر بن محمد قال : حدثني أخي ، موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن محمد بن علي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي رضي الله عنهم : أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيد الحسن والحسين رضي الله عنهما ، فقال : « من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة »

1592 - أنبأنا أبو الحسن علي بن إسحاق بن زاطيا قال : حدثنا عبد الأعلى بن حماد قال : حدثنا حماد بن شعيب ، عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله بن مسعود قال : كان الحسن والحسين رضي الله عنهما يحبوان حتى يأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد ، فيركبان على ظهره ، فإذا جاء بعض أصحابه ليميطهما عنه أشار إليه أن دعهما ، فإذا قضى الصلاة ضمهما إلى نحره ثم قال : « بأبي وأمي من كان يحبني فليحب هذين »

1593 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال : حدثنا محمد بن عباد المكي قال : حدثنا حاتم بن إسماعيل ، عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة ، عن إسحاق بن أبي حبيبة مولى رباح مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن أبي هريرة ، هكذا قال ابن عباد في هذا الحديث : أن مروان أتى أبا هريرة في مرضه الذي مات فيه ، فقال مروان لأبي هريرة : ما وجدت عليك في شيء منذ اصطحبنا إلا حبك حسنا وحسينا قال : فتحفز أبو هريرة وجلس ، فقال : أشهد لخرجنا معتمرين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا ببعض الطريق سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت حسن وحسين رضي الله عنهما يبكيان وهما مع أمهما ، فأسرع السير حتى أتاهما ، فسمعته يقول لها : « ما شأن ابني ؟ » فقالت : العطش ، فأخلف يده إلى شنته فلم يجد فيها ماء ، فنادى : « هل من أحد منكم معه ماء ؟ » فلم يبق منا أحد إلا أخلف يده إلى كلابه يبتغي الماء في شنته ، فلم يجد أحد منا قطرة ، فقيل : يا رسول الله ليس مع أحد منا قطرة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ناوليني أحدهما » فناولته إياه من تحت الخدر ، فأخذه فضمه إلى صدره وهو يضع ما يسكت ، فأدلع له لسانه ، فجعل يمصه حتى هدأ وسكت ، فما سمع له بكاء ، والآخر يبكي كما هو ما سكت ، فناولها إياه ، وقال لها : « ناوليني الآخر » فناولته إياه ، ففعل به كذلك ، فسكتا فما سمع لهما صوت ، ثم قال : « سيروا » فتصدعنا يمينا وشمالا عن الظعائن حتى لقيناه على الطريق قال أبو هريرة : فإني لا أحب هذين وقد رأيت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

1594 - حدثنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال : حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي قال : حدثنا موسى بن عثمان الحضرمي ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبى هريرة قال : كان الحسين رضي الله عنه عند النبي صلى الله عليه وسلم وكان يحبه حبا شديدا ، فقال : أذهب إلى أمي ، فقلت : أذهب معه ؟ قال : « لا » فجاءت برقة من السماء ، فمشى في ضوئها حتى بلغ
باب قول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن والحسين رضي الله عنهما « هما ريحانتاي من الدنيا »

1595 - حدثنا أبو القاسم إبراهيم بن الهيثم الناقد قال : حدثنا داود بن رشيد قال : حدثنا منصور أبو النصر قال : حدثنا مهدي ، عن محمد بن أبي يعقوب عن ابن أبي نعم قال : كنت جالسا عند ابن عمر إذ جاءه رجل من أهل العراق فسأله عن دم البعوض ؟ فقال : انظروا إلى هذا ، يسألني عن دم البعوض ، وهم قتلوا ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « هما ريحانتاي من الدنيا »

1596 - وحدثنا أبو عبيد علي بن الحسين بن حرب القاضي قال : حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني قال : حدثنا شبابة يعني ابن سوار قال : حدثنا مهدي ، عن محمد بن أبي يعقوب ، عن ابن أبي نعم قال : سمعت ابن عمر ، وأتاه رجل فسأله عن دم البعوض فقال : ممن أنت ؟ فقال : من أهل العراق ، فقال : هلموا انظروا إلى هذا ، يسألني عن دم البعوض ، وقد قتلوا ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « هما ريحانتاي من الدنيا »

1597 - حدثنا أبو بكر محمد بن الليث الجوهري قال : حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء قال : حدثنا أبو معاوية ، عن إسماعيل بن مسلم ، عن الحسن ، عن أبي بكرة قال : رأيت الحسن والحسين رضي الله عنهما يثبان على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ، فيمسكهما بيده حتى إذا استقر على الأرض تركهما ، فلما صلى أجلسهما في حجره ثم مسح رؤسهما ثم قال : « إن ابني هذين ريحانتاي من الدنيا » ثم أقبل على الناس فقال : « إن ابني هذا سيد ، وأرجو أن يصلح الله عز وجل به بين فئتين عظيمتين في آخر الزمان » قال محمد بن الحسين : يعني به الحسن رضي الله عنه

1598 - وحدثنا أبو حفص عمر بن الحسن قاضي حلب قال : حدثنا أبو خيثمة مصعب بن سعيد المصيصي قال : حدثنا محمد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن عمرو ، عن الحسن ، عن أبي بكرة قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ، فكان إذا سجد جاء الحسن فركب ظهره ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه أخذه فوضعه على الأرض وضعا رفيقا ، فإذا سجد ركب ، ظهره فلما صلى أخذه فوضعه في حجره ، فجعل يقبله فقال له رجل : أتفعل بهذا الصبي هكذا ؟ فقال : « إنه ريحانتي ، وعسى الله عز وجل أن يصلح به بين فئتين من المسلمين »
باب ذكر حمل النبي صلى الله عليه وسلم للحسن والحسين رضي الله عنهما على ظهره في الصلاة وغير الصلاة

1599 - حدثني أبو جعفر محمد بن خالد البرذعي في المسجد الحرام قال : حدثنا محمد بن سليمان بن بنت مطر الوراق قال : حدثنا عبيد الله بن موسى عن علي بن أبي صالح عن عاصم عن زر عن عبد الله قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ، فإذا سجد وثب الحسن والحسين رضي الله عنهما على ظهره ، فإذا أرادوا أن يمنعوهما أشار إليهم أن دعوهما ، فلما صلى وضعهما في حجره ثم قال : « من أحبني فليحب هذين »

1600 - أنبأنا أبو الحسن علي بن إسحاق زاطيا قال : حدثنا عبد الأعلى بن حماد النرسي قال : حدثنا حماد بن شعيب ، عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله بن مسعود قال : كان الحسن والحسين رضي الله عنهما يحبوان حتى يأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد ، فيركبان على ظهره ، فإذا جاء بعض أصحابه ليميطهما عنه أشار إليه أن دعهما ، فإذا قضى الصلاة ضمهما إلى نحره ، وقال : « بأبي وأمي من كان يحبني فليحبهما »

1601 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا أبو بكر شاذان ، وأبو بكر بندار قالا : حدثنا أبو عامر العقدي قال : حدثنا زمعة بن صالح ، عن سلمة بن وهرام ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم حاملا الحسن بن علي رضي الله عنهما على عاتقه (1) ، فقال رجل : نعم المركب ركبت يا غلام ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « ونعم الراكب هو »

__________

(1) العاتق : ما بين المنكب والعنق

1602 - حدثنا أبو سعيد الحسن بن علي الجصاص قال : حدثنا محمد بن عبد الحكم القطري ، بالرملة قال : حدثنا يزيد بن موهب قال : حدثنا أبو شهاب مسروح ، عن سفيان الثوري ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هو على أربع والحسن والحسين رضي الله عنهما على ظهره ، وهو يحبو بهما في البيت وهو يقول : « نعم الجمل جملكما ، ونعم العدلان أنتما »

1603 - حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد الشاهد قال : حدثنا محمد بن عيسى بن حيان المدائني قال : حدثنا شعيب بن حرب قال : حدثنا كامل أبو العلاء قال : حدثنا أبو صالح ، عن أبي هريرة قال : « كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم فإذا سجد وثب الحسن والحسين رضي الله عنهما على ظهره ، فإذا رفع رأسه أخذهما فوضعهما على الأرض ، فإذا عاد عادا حتى يقضي صلاته »

1604 - وأنبأنا أبو الحسن علي بن إسحاق بن زاطيا قال : حدثنا يوسف بن موسى القطان قال حدثنا علي بن الحسن بن شقيق قال : أنبأنا الحسين بن واقد قال حدثنا ابن بريدة ، عن أبيه قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إذ أقبل الحسن والحسين رضي الله عنهما ، عليهما قميصان أحمران ، يمشيان ويعثران ، إذ نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المنبر فرفعهما إليه وقال : « » صدق الله : إنما أموالكم وأولادكم فتنة (1) نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران ، فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما «

__________

(1) سورة : التغابن آية رقم : 15

1605 - حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد الأعرابي قال : حدثنا الحسن بن عفان الكوفي قال : حدثنا زيد بن الحباب قال : حدثنا حسين بن واقد ، عن ابن بريدة ، عن أبيه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب ، فأقبل الحسن والحسين رضي الله عنهما ، عليهما قميصان أحمران يعثران ويقومان ، فلما رآهما نزل فأخذهما ، ثم صعد فوضعهما في حجره ، ثم قال : « صدق الله : إنما أموالكم وأولادكم فتنة (1) رأيت هذين يعثران فلم أصبر حتى أخذتهما »

__________

(1) سورة : التغابن آية رقم : 15
باب ذكر ملاعبة النبي صلى الله عليه وسلم للحسن والحسين رضي الله عنهما

1606 - حدثنا أبو سعيد الحسن بن علي الجصاص قال : حدثنا أبو عتبة الحمصي قال : حدثنا بقية يعني ابن الوليد عن إسماعيل بن عياش ، عن يحيى بن عبيد الله ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم بيته وهو مستلق على قفاه ، وأحد ابني ابنته على ساقه ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « لن ترق عين بقة » ويرفع ساقه حتى قرب من صدره ففتح فاه فقبله ، ثم قال : « اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه »

1607 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا ابن أبي بزة ، مؤذن المسجد الحرام قال : حدثنا جعفر بن عون قال : حدثنا معاوية بن أبي مزرد ، عن أبيه ، عن أبى هريرة قال : بصر عيني ، وسمع أذني ، رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد حسن أو حسين وهو يقول : « ترق عين بقة » ثم يأخذ بيد الغلام فيصعده حتى إذا بلغ فاه قال : « اجنح » فيقبله ، ثم يقول : « اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه »

1608 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا سفيان ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة : أن الأقرع بن حابس ، أبصر النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقبل الحسن بن علي رضي الله عنه ، فقال : إن لي لعشرة من الولد ما قبلت واحدا منهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من لا يرحم لا يرحم »

1609 - وأنبأنا الفريابي قال : حدثنا أبو مسعود أحمد بن الفرات قال : أنبأنا أبو صالح قال : حدثني الليث بن سعد قال : حدثني هشام بن سعد ، عن نعيم المجمر قال : سمعت أبا هريرة يقول : أخذ النبي صلى الله عليه وسلم يوما بيدي فانطلقنا إلى سوق بني قينقاع ، فلما رجع دخل المسجد فجلس فيه ، فجاء حسن يسعى حتى سقط في حجره ، وجعل أصابعه في لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففتح رسول الله صلى الله عليه وسلم فمه ، فأدخل فاه في فيه ، فقبله وقال : « اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه » فقال أبو هريرة : فما رأيته قط ؛ إلا فاضت عيناي

1610 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي قال : حدثنا عثمان بن عمر قال : أنبأنا ابن عون ، عن عمير بن إسحاق قال : كنت مع الحسن بن علي رضي الله عنهما فلقيه أبو هريرة فقال : هلم أقبل منك حيث رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل ، فقال : ها ، فقبل سرته
باب ذكر إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاح المسلمين بالحسن بن علي رضي الله عنهما

1611 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا علي بن الجعد قال : أخبرني مبارك بن فضالة ، عن الحسن ، عن أبي بكرة : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن ابني هذا سيد ، عسى الله عز وجل أن يصلح به بين فئتين من المسلمين » يعني الحسن رضي الله عنه

1612 - وأنبأنا إبراهيم بن موسى الجوزي قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن علي بن زيد ، عن الحسن ، عن أبي بكرة قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إذ جاء الحسن بن علي رضي الله عنهما حتى صعد المنبر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن ابني هذا سيد وإن الله عز وجل يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين » قال حماد : قال هشام : قال الحسن : فرآهم أمثال الجبال في الحديد ، فقال : اضرب بين هؤلاء وبين هؤلاء في ملك من ملك الدنيا لا حاجة لي فيه

1613 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا وهب بن بقية الواسطي قال : حدثنا خالد بن عبد الله الواسطي ، عن صدقة بن المثنى ، عن رباح بن الحارث قال : اجتمع الناس إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما بعد وفاة علي رضي الله عنه ، فخطبهم فحمد الله عز وجل وأثنى عليه ، ثم قال : « إن كل ما هو آت قريب ، وإن أمر الله عز وجل لواقع ، ما له من دافع ، ولو كره الناس ، وإني ما أحب أن ألي من أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم ما يزن مثقال حبة من خردل ، يهراق فيه محجمة من دم ، قد عرفت ما ينفعني مما يضرني ، فالحقوا بطيبتكم »

1614 - حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن أسد الفارسي قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري قال : أنبأنا عبد الرزاق قال : أنبأنا معمر ، عن أيوب ، عن ابن سيرين ، أن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال : « لو نظرتم ما بين جابرس إلى جابلق ما وجدتم رجلا جده نبي غيري وأخي ، أرى أن تجتمعوا على معاوية ، وإن أدري لعله فتنة لكم ، ومتاع إلى حين » قال معمر : معنى جابرس وجابلق : المشرق والمغرب قال محمد بن الحسين رحمه الله : انظروا رحمكم الله وميزوا فعل الحسن الكريم ابن الكريم ، أخي الكريم ابن فاطمة الزهراء ، مهجة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قد حوى جميع الشرف ، لما نظر إلى أنه لا يتم ملك من ملك الدنيا إلا بتلف الأنفس ، وذهاب الدين ، وفتن متواترة ، وأمور يتخوف عواقبها على المسلمين ، صان دينه وعرضه ، وصان أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، ولم يحب بلوغ ما له فيه حظ من أمور الدنيا ، وقد كان لذلك أهلا ، فترك ذلك بعد المقدرة منه على ذلك ، تنزيها منه لدينه ، ولصلاح أمة محمد صلى الله عليه وسلم ولشرفه ، وكيف لا يكون ذلك ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : « إن ابني هذا سيد ، وإن الله عز وجل يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين » فكان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، رضي الله عن الحسن والحسين ، وعن أبيهما ، وعن أمهما ، ونفعنا بحبهم
باب إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الحسين رضي الله عنه وقوله : « اشتد غضب الله على قاتله »

1615 - حدثنا سهل بن أبي سهل الواسطي قال : حدثنا عمر بن صالح بن زياد قال : حدثنا عبد الله بن جعفر ، عن هاشم بن هاشم ، عن عبيد الله بن عبد الله بن زمعة ، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نام لم يترك أحدا يدخل عليه ؛ إلا حسنا وحسينا رضي الله عنهما قالت : فنام يوما في بيتي ، وجلست على الباب أمنع من يدخل ، فجاء حسين يسعى فخليت عنه ، فذهب حتى سقط على بطنه ، ففزع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبكي فالتزمه ، فقلت : يا رسول الله ، ما لك تبكي وقد نمت وأنت مسرور ؟ فقال : « إن جبريل عليه السلام أتاني بهذه التربة » قالت : وبسط رسول الله صلى الله عليه وسلم كفه ، فإذا فيها تربة حمراء « فأخبرني أن ابني هذا يقتل في هذه التربة » قالت : فقلت : وما هذه الأرض ؟ قال « هذه كربلاء » فقلت : « أرض كرب وبلاء »

1616 - حدثنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال : حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن موسى بن عبيدة ، عن داود قال : قالت أم سلمة رضي الله عنها : دخل الحسين رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففزع ، فقالت أم سلمة : ما لك يا رسول الله ؟ قال : « إن جبريل عليه السلام أخبرني أن ابني هذا يقتل ، وأنه اشتد غضب الله عز وجل على من قتله »

باب ما يقول إذا سمع أصوات الديكة

1618 - حدثنا أبو بكر بن داود السجستاني قال : حدثنا عبد الله بن سعيد الأشج قال : حدثنا أبو خالد الأحمر قال : حدثني رزين قال : حدثتني سلمى قالت : دخلت على أم سلمة رضي الله عنها وهي تبكي ، فقلت : ما يبكيك ؟ قالت : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني في النوم وعلى رأسه ولحيته التراب فقلت : ما لك يا رسول الله ؟ فقال : « شهدت قتل الحسين آنفا »

1619 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب قال : حدثنا سفيان بن حمزة ، عن كثير بن زيد ، عن المطلب بن عبد الله قال : لما أحيط بالحسين رضي الله عنه قال : ما اسم هذه الأرض ؟ فقيل : كربلاء فقال : « صدق النبي صلى الله عليه وسلم ، هي أرض كرب وبلاء »

1620 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي قال : حدثنا محمد بن عبيد قال : حدثنا شرحبيل بن مدرك الجعفي ، عن عبد الله بن نجي الحضرمي ، عن أبيه ، وكان صاحب مطهرة علي رضي الله عنه قال : خرجنا مع علي رضي الله عنه إلى صفين ، فلما حاذى نينوى قال : صبرا أبا عبد الله ، صبرا أبا عبد الله بشط الفرات قال : قلت : وماذا ؟ قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعيناه تفيضان قال : فقلت له : هل أغضبك أحد يا رسول الله ؟ مالي أرى عينيك تفيضان (1) ؟ قال : « أخبرني جبريل عليه السلام أن أمتي تقتل ابني الحسين » ثم قال لي : « هل لك أن أريك من تربته ؟ » قال : قلت نعم قال : فمد يده فقبض قبضة ، فلما رأيتها لم أملك عيني أن فاضتا

__________

(1) تفيض : تنهمر وتتكاثر وتسيل

1621 - حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد الأعرابي قال : حدثنا يحيى بن جعفر بن عبد الله بن الزبرقان قال : حدثنا شبابة بن سوار قال : حدثنا يحيى بن إسماعيل بن سالم الأسدي قال : سمعت الشعبي ، يحدث عن ابن عمر : أنه كان بمال له ، فبلغه أن الحسين بن علي رضي الله عنهما قد توجه إلى العراق ، فلحقه على مسيرة ليال ، فقال له : أين تريد ؟ قال : العراق قال : وإذا معه طوامير كتب ، فقال : هذه بيعتهم ، فقال : لا تأتهم ، فأبى (1) ، فقال : إني محدثك حديثا : إن جبريل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم فخيره بين الدنيا والآخرة ، فاختار الآخرة ، ولم يرد الدنيا ، وإنكم بضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا يليها أحد منكم أبدا ، وما صرفها الله عز وجل عنكم ؛ إلا للذي هو خير لكم قال : فأبى أن يرجع ، فاعتنقه ابن عمر وبكى ، وقال : أستودعك الله من قتيل

__________

(1) أبى : رفض وامتنع

1622 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد العطشي ، وأبو عبد الله بن مخلد العطار قالا : حدثنا علي بن حرب الطائي الموصلي قال : حدثنا ابن فضيل ، عن يزيد بن أبى زياد ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله بن مسعود قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فمر به فتية من بني هاشم ، فتغير لونه ، فقلنا : يا رسول الله لا نزال نرى في وجهك الذي نكره ، فقال : « أهل بيتي هؤلاء اختار الله عز وجل لهم الآخرة على الدنيا ، وسيلقون بعدي تطريدا وتشريدا وبلاء وشدة »
باب ذكر نوح الجن على الحسين رضي الله عنه

1623 - حدثنا أبو محمد جعفر بن أحمد بن عاصم الدمشقي قال : حدثنا هاشم بن خالد الأزرق قال : حدثنا خالد بن يزيد قال : حدثنا أبو جناب ، عن يحيى الهمداني قال : « خرجت في ليلة مقمرة من منزلي لقضاء حاجة في الجبانة ، فإذا بنساء عليهن ثياب بيض ، وبأيديهن عمائم وهن يبكين وينحن قال : فحفظت من قولهن : يا عين جودي ولا تجمدي ، على الهالك السيدي ، بالشام أمسى صريعا ، فقد رذي الغداة بأمر بدا ، قال : ثم ذهبن فما رأيتهن ، قال : فأتيت منزلي فأيقظت أهلي ، ثم دعوت بلوح فكتبت هذه الأبيات فيه لئلا أنساها ، فلما أصبحت حدثت بها قال : والله ما أقمت إلا تسعة أيام حتى جاء نعي الحسين رضي الله عنه »

1624 - وأنبأنا أبو الحسن علي بن إسحاق بن زاطيا قال : حدثنا الحسن بن عرفة قال : حدثنا أبو حفص الأبار ، عن إسماعيل بن عبد الرحمن الأودي ، عن أبي جناب الكلبي قال : « لما قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما ، ناحت عليه الجن ، فحفظ من قولهم : مسح النبي جبينه فله بريق في الخدود أبواه من عليا قريش ، جده خير الجدود »

1625 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عباد بن يعقوب الرواجيني ، أنبأنا أبو زياد الفقيمي ، عن أبي جناب الكلبي قال : كان الجصاصون يبرزون إلى الجبانة حين قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما فيسمعون نوح (1) الجن وهم يقولون : مسح الرسول جبينه ، فله بريق في الخدود أبواه من عليا قريش ، جده خير الجدود رضي الله عنه قال محمد بن الحسين رحمه الله : ولقد بلغني في حديث لا يحضرني إسناده : أن قوما كانوا في سفر ، فنزلوا منزلا ، فبينما هم يتغدون خرجت عليهم كف مكتوب فيها : أترجو أمة قتلت حسينا شفاعة جده يوم الحساب ؟

__________

(1) النوح : البكاء بجزع وعويل
باب في الحسن والحسين رضي الله عنهما من أحبهما فللرسول صلى الله عليه وسلم يحب ومن أبغضهما فللرسول صلى الله عليه وسلم يبغض

1626 - حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا محمد بن عبيد الهمداني قال : حدثنا سيف بن محمد ، عن سفيان الثوري ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « حسن وحسين من أبغضهما فقد أبغضني »

1627 - وأنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا سلمة بن شبيب قال : حدثنا يزيد بن أبي حكيم العدني ، عن سفيان الثوري ، عن سالم قال : سمعت أبا حازم ، يقول : سمعت أبا هريرة ، يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من أحبهما فقد أحبني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني » يعني الحسن والحسين رضي الله عنهما

1628 - حدثني أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن يحيى الأزدي قال : حدثنا حجاج بن نصير قال : حدثنا قرة بن خالد ، عن أبي رجاء قال : لا تسبوا أهل هذا البيت ، بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن جارا لي من بلهجيم حين قتل الحسين رضي الله عنه قال : انظروا إلى هذا الفاعل قال : فرماه الله عز وجل بكوكبين من السماء فطمسا بصره

1629 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا الخليل بن بحر أبو معاذ قال : حدثنا حجاج بن نصير قال : حدثنا قرة ، عن أبي رجاء العطاري قال : « لا تسبوا أهل هذا البيت ، بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن جارا لي من بلهجيم حين قتل الحسين رضي الله عنه قال : ألم تروا إلى الكذا ابن الكذا يعني الحسين فرماه الله عز وجل بكوكبين من السماء فطمسا بصره »

1630 - حدثنا أبو عبد الله أحمد بن أبي عوف البزوري قال : حدثنا أبو معمر القطيعي قال حدثنا جرير ، عن الأعمش قال : بلغني أن رجلا ، أحدث على قبر الحسين بن علي رضي الله عنهما ، فسلط الله تبارك وتعالى على أهل ذلك البيت الجنون ، والجذام (1) ، والبرص (2) ، وكل داء وبلاء قال أبو معمر : وأهل ذلك كانوا . قال محمد بن الحسين رحمه الله : على من قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما لعنة الله ، ولعنة اللاعنين ، وعلى من أعان على قتله ، وعلى من سب علي بن أبي طالب ، وسب الحسن والحسين ، أو آذى فاطمة في ولدها ، أو آذى أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعليه لعنة الله وغضبه ، لا أقام الله الكريم له وزنا ، ولا نالته شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم

__________

(1) الجُذَام : هو الدَّاء المعروف يصيب الجلد والأعصاب وقد تتساقط منه الأطراف

(2) البرص : بياض يصيب الجِلْد
فضائل خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها قال محمد بن الحسين رحمه الله : المحمود الله على كل حال ، والمصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلى آله الطيبين وسلم . قال محمد بن الحسين : اعلموا رحمنا الله وإياكم أن خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها فضلها عظيم ، وخطرها جزيل ، أكرمها الله تعالى العظيم بأن زوجها رسوله صلى الله عليه وسلم ، رزقت منه الأولاد الكرام ، وأولدها فاطمة الزهراء ، مهجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان النبي صلى الله عليه وسلم يعظم قدر خديجة ، ويكثر ذكرها ، ويغضب لها ، ويثني عليها ، كرامة منه لها ، بعث النبي صلى الله عليه وسلم وهي زوجته ، وهي أول من أسلم من النساء ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يخبرها بما يشاهد من الوحي ، فتثبته وتعلمه : إنك نبي ، وإنك عند الله كريم ، ويتعبد لربه عز وجل في جبل حراء ، فتزوده وتعينه على عبادة ربه عز وجل ، وتحوطه بكل ما يحب فبشرها النبي صلى الله عليه وسلم بما أعد الله لها في الجنة من الكرامة ، أمره الله عز وجل أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب ، وهو الدر المجوف ، وقال صلى الله عليه وسلم : « خديجة بنت خويلد سيدة نساء عالمها » وقال صلى الله عليه وسلم : « حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وآسية امرأة فرعون » فرضي الله عنها ، وعن ذريتها المباركة ، وسأذكر من الأخبار ما دل على ما قلت إن شاء الله

1631 - حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال : حدثنا محمد بن سهل بن عسكر ، ومحمد بن عبد الملك بن زنجويه ، والحسن بن أبي الربيع ، وأحمد بن منصور ، واللفظ لابن عسكر قال : حدثنا عبد الرزاق قال : أنبأنا معمر ، عن الزهري قال : حدثني عروة بن الزبير ، عن عائشة رضي الله عنهما قالت : أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، ثم حبب إليه الخلاء (1) ، فكان يأتي حراء ، فيتحنث فيه ، وهو التعبد الليالي ذوات العدد ، ويتزود (2) لذلك ، ثم يرجع إلى خديجة فتزوده لمثلها ، حتى فجأه الحق ، وهو في غار حراء ، وجاءه الملك فيه فقال : اقرأ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « فقلت إني لست بقارئ فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني ، فقال : اقرأ ، فقلت : ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني ، فقال : اقرأ فقلت : ما أنا بقارئ فغطني الثالثة ، حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني ، فقال : اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم (3) » فرجع ترجف بوادره حتى دخل على خديجة رضي الله عنها ، فقال : « زملوني زملوني » ، فزملوه حتى ذهب عنه الروع ، فقال : « يا خديجة ، مالي » وأخبرها الخبر ، فقال : « قد خشيت علي ؟ » قالت : كلا ، أبشر ، فوالله لا يخزيك الله عز وجل أبدا ، إنك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث ، وتحمل الكل ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق

__________

(1) الخلاء : الانفراد والعزلة والخلوة

(2) تزود : اتخذ زادا وهو طعام يتخذه المسافر

(3) سورة : العلق آية رقم : 1

1632 - حدثنا أبو علي الحسين بن زكريا السكري قال : حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي قال : حدثنا يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق قال : حدثنا إسماعيل بن أبي حكيم ، مولى الزبير : أنه حدث عن خديجة بنت خويلد رضي الله عنها أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما تثبته به ، فيما أكرمه الله عز وجل به من نبوته : يا ابن عم ، هل تستطيع أن تخبرني بصاحبك هذا الذي يأتيك إذا جاءك ؟ قال : « نعم » قالت : فإذا جاءك فأخبرني ، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها يوما إذ جاءه جبريل عليه السلام ، فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : « يا خديجة ، هذا جبريل عليه السلام قد جاءني » قالت : أتراه الآن ؟ قال : « نعم » فقالت : فاجلس إلى شقي الأيسر ، فجلس ، فقالت : هل تراه الآن ؟ قال « نعم » قالت : فاجلس إلى شقي الأيمن ، فتحول فجلس ، فقالت : هل تراه الآن ؟ قال : « نعم » قالت : فتحول فاجلس في حجري ، فتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس ، فقالت هل تراه الآن ؟ قال : « نعم » فتحسرت فألقت خمارها ، فقالت : هل تراه الآن ؟ قال : « لا » قالت : ما هذا بشيطان ، إن هذا الملك يا ابن العم ، فاثبت وأبشر ، ثم آمنت به ، وشهدت أن الذي جاء به الحق « قال محمد بن الحسين رحمه الله : هذا فعل موفقة كريمة منتجبة ، أكرمها الله تعالى عز وجل ، ودخرها لنبيه صلى الله عليه وسلم أول أزواجه من أمهات المؤمنين ، شرفها الله بالولد منه ، وجعل منها الذرية الطيبة المباركة ، رضي الله عنها
باب ذكر تزويج النبي صلى الله عليه وسلم بخديجة رضي الله عنها وولدها منه

1633 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا يعقوب بن سفيان قال : ثنا حجاج بن أبي منيع ، عن جده ، عن الزهري قال : أول امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي ، تزوجها في الجاهلية ، وأنكحه إياها أبوها ، فولدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم القاسم ، به كان يكنى ، والطاهر ، وزينب ، ورقية ، وأم كلثوم ، وفاطمة فأما زينب ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجها أبا العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف في الجاهلية ، فولدت لأبي العاص جارية (1) ، اسمها أمامة ، فتزوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد فاطمة رضي الله عنها ، فقتل علي رضي الله عنه وعنده أمامة ، فخلف على أمامة بعد علي المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب فتوفيت عنده رضي الله عنها وأما رقية ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فتزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه ، فولدت له عبد الله بن عثمان ، كان عثمان رضي الله عنه يكنى به أول مرة ، حتى كني بعد ذلك بعمرو ، ابن له ، وبكل قد كان يكنى ، ثم توفيت رقية زمن بدر ، فتخلف عثمان على دفنها رضي الله عنها ، فذلك منعه أن يشهد بدرا ، وقد كان عثمان هاجر إلى الحبشة ، وهاجر معه برقية وأما أم كلثوم ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فتزوجها أيضا عثمان رضي الله عنه ، بعد أختها رقية ، ثم توفيت رضي الله عنها ولم تلد شيئا ، وأما فاطمة رضي الله عنها فتزوجها علي رضي الله عنه ، فولدت له حسن بن علي الأكبر ، وحسين بن علي رضي الله عنهم ، وزينب ، وأم كلثوم رضي الله عنهن ، فهذا ما ولدت فاطمة من علي رضي الله عنهما فأما زينب ابنة فاطمة فتزوجها عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما ، وماتت عنده ، وولدت عنده علي بن عبد الله بن جعفر ، وأخا له يقال له : عون وأما أم كلثوم رضي الله عنها فتزوجها عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فولدت له زيد بن عمر ، وبالله التوفيق

__________

(1) الجارية : الأمة المملوكة أو الشابة من النساء
باب ذكر غضب النبي صلى الله عليه وسلم لخديجة رضي الله عنها وحسن ثنائه عليها

1634 - حدثنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال : حدثنا عمر بن إسماعيل بن مجالد قال : حدثنا أبي ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة ، فيحسن عليها الثناء ، فذكرها يوما من الأيام ، فأدركتني الغيرة فقلت : هل كانت إلا عجوزا ، فقد أبدلك الله عز وجل خيرا منها ، فغضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب ، ثم قال : « لا والله ما أخلف الله لي خيرا منها ، وقد آمنت بي إذ كفر بي الناس ، وصدقتني وكذبني الناس ، وواستني من مالها إذ حرمني الناس ، ورزقني الله عز وجل الأولاد منها ، إذ حرمني أولاد النساء » قالت عائشة رضي الله عنها : فقلت : بيني وبين نفسي لا أذكرها بسيئة أبدا «

1635 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا عبد الله بن عون الخراز قال : حدثنا عبدة بن سليمان قال : حدثني هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة ، لكثرة ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرها ، ولقد أمره ربه أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب (1)

__________

(1) القصب : لُؤْلُؤٌ مُجَوَّف واسع كالقَصْر المنيف
باب إخبار النبي صلى الله عليه وسلم أن خديجة رضي الله عنها سيدة نساء عالمها

1636 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال حدثنا عبد الرزاق بن همام قال أنبأنا معمر عن قتادة عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « حسبك من نساء العالمين بمريم ابنة عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم »

1637 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا عبد الله بن داهر الرازي قال : حدثني عمرو بن جميع العبدي ، عن عمرو بن عبيد ، عن الحسن ، عن عمران بن الحصين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « خديجة بنت خويلد سيدة نساء عالمها »

1638 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا يحيى بن حاتم العسكري قال : حدثنا بشر بن مهران قال : حدثنا محمد بن دينار ، عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « حسبك منهن أربع سيدات نساء العالمين : فاطمة بنت محمد ، وخديجة بنت خويلد ، وآسية بنت مزاحم ، ومريم بنت عمران »
باب بشارة النبي صلى الله عليه وسلم لخديجة رضي الله عنها بما أعد الله عز وجل لها في الجنة

1639 - حدثنا موسى بن هارون قال : حدثنا سريج بن يونس قال : حدثنا إسماعيل بن مجالد ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن جابر بن عبد الله ، : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : سئل عن خديجة أنها ماتت قبل أن تنزل الفرائض والأحكام ؟ فقال : « أبصرتها على نهر من أنهار الجنة ، في بيت من قصب (1) ، لا لغو فيه ولا نصب (2) »

__________

(1) القصب : لُؤْلُؤٌ مُجَوَّف واسع كالقَصْر المُنِيف

(2) النصب : التعب والمشقة

1640 - وحدثنا أبو أحمد هارون بن يوسف ، قال : حدثنا ابن أبي عمر ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي خالد ، عن ابن أبي أوفى قال : قال جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم : « بشر خديجة ببيت في الجنة ، لا صخب (1) فيه ولا نصب (2) »

__________

(1) الصخب : الضَّجَّة، واضطرابُ الأصواتِ وارتفاعها للخِصَام

(2) النصب : التعب والمشقة والكد

1641 - وحدثنا أبو القاسم البغوي قال : حدثنا عبد الله بن عون الخراز قال : حدثنا عبدة بن سليمان قال : حدثني هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رحمها الله قالت : لقد أمره ربه عز وجل يعني النبي صلى الله عليه وسلم : « يبشر خديجة ببيت في الجنة لا صخب (1) فيه ولا نصب (2) »

__________

(1) الصخب : الضَّجَّة، واضطرابُ الأصواتِ وارتفاعها للخِصَام

(2) النصب : التعب والمشقة

1642 - وحدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا عبد الله بن داهر الرازي قال : حدثني عمرو بن جميع العبدي ، عن عمرو بن عبيد ، عن الحسن ، عن عمران بن الحصين قال : دخل النبي صلى الله عليه وسلم على فاطمة رضي الله عنها يعودها (1) ، فقال : « أي بنية ، لا تجزعي ، فوالذي بعثني بالنبوة حقا إنك لسيدة نساء العالمين » فوضعت يدها على رأسها ، وقالت : يا ليتها ماتت ، فأين آسية امرأة فرعون ، ومريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ؟ قال : « آسية سيدة نساء عالمها ، ومريم سيدة نساء عالمها وخديجة سيدة نساء عالمها ، وأنت سيدة نساء عالمك ، إنكن في بيوت من قصب (2) ، لا أذى فيه ولا نصب (3) » قالت : يا رسول الله بأبي وأمي ، وما بيوت من قصب ؟ قال : « در مجوف من قصب ، لا أذى فيه ولا صخب (4) » قال محمد بن الحسين رحمه الله : قد ذكرت من فضائل خديجة رضي الله عنها ما حضرني ذكره بمكة ، والله ولي التوفيق

__________

(1) العيادة : زيارة الغير

(2) القصب : لؤلؤ مجوَّف واسع كالقصر المُنيف

(3) النصب : التعب والمشقة

(4) الصخب : الضَّجَّة، واضطرابُ الأصواتِ وارتفاعها للخِصَام
كتاب جامع فضائل أهل البيت رضي الله عنهم قال محمد بن الحسين رحمه الله : قد ذكرت من فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وفاطمة ، والحسن والحسين رضي الله عنهم ما حضرني ذكره بمكة ، زادها الله شرفا ، وفضلهم كثير عظيم ، وأنا أذكر فضل أهل البيت جملة ، الذين ذكرهم الله عز وجل في كتابه في غير موضع ، وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يباهل بهم ، فقال جل ذكره : فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل (1) وهم : علي ، وفاطمة ، والحسن والحسين رضي الله عنهم ، وممن قال الله عز وجل : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا (2) وهم الذين غشاهم النبي صلى الله عليه وسلم بمرط له مرحل ، وقيل : بكساء خيبري ، وقال لهم : « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا » وهم : علي ، وفاطمة ، والحسن والحسين رضي الله عنهم ، وممن قال النبي صلى الله عليه وسلم : « كل سبب ونسب وصهر منقطع يوم القيامة ، إلا سببي ونسبي وصهري » فهم علي ، وفاطمة ، والحسن والحسين ، وجعفر الطيار ، وجميع أولاد علي ، وجميع أولاد فاطمة ، وجميع أولاد الحسن والحسين ، وأولاد أولادهم ، وذريتهم الطيبة المباركة ، وأولاد خديجة أبدا ، رضوان الله عليهم أجمعين

__________

(1) سورة : آل عمران آية رقم : 61

(2) سورة : الأحزاب آية رقم : 33

1643 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود السجستاني قال : حدثنا يحيى بن حاتم العسكري قال : حدثنا بشر بن مهران قال حدثنا محمد بن دينار ، عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، عن جابر بن عبد الله قال : قدم وفد نجران على النبي صلى الله عليه وسلم العاقب ، والطيب ، فدعاهما إلى الإسلام ، فقالا : أسلمنا يا محمد قبلك قال : « كذبتما إن شئتما أخبرتكما بما يمنعكما من الإسلام ؟ » قالا : هات أنبئنا قال : « حب الصليب ، وشرب الخمر وأكل لحم الخنزير ، فلا مال ولا حياة » قال : ودعاهما إلى الملاعنة ، فواعداه على أن يغادياه الغداة (1) ، فغدا (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بيد علي ، وفاطمة ، والحسن والحسين رضي الله عنهم ، ثم أرسل إليهما فأبيا أن يجئا ، وأقرا له بالخراج ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « والذي بعثني بالحق لو فعلا لأمطر عليهم الوادي نارا » قال جابر : فيهم نزلت هذه الآية : فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم (3) قال الشعبي : أبناءنا وأبناءكم : الحسن والحسين ، ونساءنا ونساءكم : فاطمة ، وأنفسنا وأنفسكم : علي بن أبي طالب رضي الله عنهم

__________

(1) الغداة : ما بين الفجر وطلوع الشمس

(2) الغُدُو : السير أول النهار

(3) سورة : آل عمران آية رقم : 61

1644 - وأنبأنا إبراهيم بن موسى الجوزي قال : حدثنا يوسف بن موسى القطان قال : حدثنا عبيد الله بن موسى قال : أنبأنا أبو حمزة الثمالي ، عن شهر بن حوشب قال : قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المسيح ، ومعه العاقب ، وقيس أخوه ومعه ابنه الحارث بن المسيح وهو غلام ، ومعه أربعون جبارا فقال : يا محمد كيف تقول في المسيح ، فوالله إنا لننكر ما تقول ؟
فأوحي إليه إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب (1) إلى آخر الآية قال : فنخر نخرة إجلالا له ، ما تقول ؟ بل هو الله ، فأنزل الله عز وجل فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم (2) الآية ، قال : فلما سمع ذكر الأبناء غضب ، فأخذ بيد ابنه هات لهذا كفوا قال : فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا ثم دعا الحسن والحسين ، وعليا وفاطمة رضي الله عنهم ، فأقام الحسن عن يمينه ، والحسين عن يساره ، وعليا وفاطمة إلى صدره ، وقال : « هؤلاء أبناؤنا ونساؤنا وأنفسنا ، فائتنا لهم بأكفاء » قال : فوثب يعني أخاه العاقب ، فقال : إني أذكرك الله أن تلاعن هذا الرجل ، فوالله لئن كان كاذبا ما لك في ملاعنته خير ، ولئن كان صادقا لا يحول الحول (3) ومنكم نافخ صرفة أو صرف - شك عبيد الله - قال : فصالحوه كل الصلح ورجع «

__________

(1) سورة : آل عمران آية رقم : 59

(2) سورة : آل عمران آية رقم : 61

(3) الحول : العام أو السنة

1645 - وأنبأنا إبراهيم بن موسى قال : حدثنا يوسف القطان قال : حدثنا محمد بن سعيد الأصبهاني قال حدثنا شريك ، عن جابر ، عن أبي جعفر ، في قول الله عز وجل : فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم (1) قال : « الحسن والحسين ، ونساءنا ونساءكم قال : فاطمة ، وأنفسنا وأنفسكم قال : علي بن أبي طالب رضي الله عنهم »

__________

(1) سورة : آل عمران آية رقم : 61
باب ذكر قول الله عز وجل إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا (1) قال محمد بن الحسين رحمه الله : هم الأربعة الذين حووا جميع الشرف ، وهم : علي بن أبي طالب ، وفاطمة ، والحسن والحسين رضي الله عنهم

__________

(1) سورة : الأحزاب آية رقم : 33

1646 - حدثنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا محمد بن بشر قال : حدثنا زكريا بن أبي زائدة قال : حدثنا مصعب بن شيبة ، عن صفية بنت شيبة قالت : قالت عائشة رحمها الله : خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات غداة (1) ، وعليه مرط (2) مرحل من شعر أسود ، فجاء الحسن رضي الله عنه فأدخله معه ، ثم جاء الحسين رضي الله عنه فأدخله معه ، ثم جاءت فاطمة رضي الله عنها فأدخلها ، ثم جاء علي رضي الله عنه فأدخله ، ثم قال : « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا (3) »

__________

(1) الغداة : ما بين الفجر وطلوع الشمس

(2) المرط : كساء من صوف أو خز أو كتان

(3) سورة : الأحزاب آية رقم : 33

1647 - وأخبرنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا الوليد بن شجاع قال : حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال : حدثنا أبي ، عن مصعب بن شيبة ، عن صفية بنت شيبة الحجبي ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة (1) ، وعليه مرط مرحل من شعر أسود ، فجلس فجاءته فاطمة رضي الله عنها ، فأدخلها فيه ، ثم جاء علي فأدخله فيه ، ثم جاء حسن رضي الله عنه فأدخله فيه ، ثم جاء حسين رضي الله عنه فأدخله فيه ثم قال : « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا (2) »

__________

(1) الغداة : ما بين الفجر وطلوع الشمس

(2) سورة : الأحزاب آية رقم : 33 ==========
ج6. كتاب : الشريعة للآجري الآجري
- وأنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : أنبأنا عمار بن خالد التمار قال : حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق قال : حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان ، عن أبي ليلى الكندي ، عن أم سلمة رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بيتها على منامة له ، تحته كساء خيبري ، فجاءت فاطمة رضي الله عنها ببرمة (1) فيها خزيرة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ادعي زوجك ، وابنيك حسنا وحسينا » فدعتهم ، فبينا هم يأكلون ، إذ نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا (2) فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم الكساء فغشاهم بهم ، ثم قال : « اللهم هؤلاء أهل بيتي ، وحامتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا »
__________
(1) البرمة : القِدر مطلقا وهي في الأصل المتخذة من الحجارة
(2) سورة : الأحزاب آية رقم : 33

1649 - حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني قال : حدثنا عبد العزيز بن داود الحراني قال حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن شهر بن حوشب ، عن أم سلمة رحمها الله : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة رضي الله عنها : « ائتني بزوجك وابنيك » فجاءت بهم رضي الله عنهم ، فألقى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كساء فدكيا ، فوضع يده عليهم ، ثم قال : « اللهم هؤلاء آل محمد ، فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد إنك حميد مجيد » قالت أم سلمة : فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه رسول الله صلى الله عليه وسلم من يدي وقال : « إنك على خير »

1650 - وأنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا الحسن بن علي الحلواني ، قال : حدثنا يزيد بن هارون قال : حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عطاء ، عن أم سلمة وعن داود بن أبي عوف ، عن شهر بن حوشب ، عن أم سلمة ، وعن أبي ليلى الكندي ، عن أم سلمة رحمها الله : بينما النبي صلى الله عليه وسلم في بيتي على منامة له عليها كساء خيبري ، إذ جاءته فاطمة رضي الله عنها ببرمة فيها خزيرة ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : « ادعي زوجك وابنيك » قالت : فدعتهم فاجتمعوا على تلك البرمة يأكلون منها ، فنزلت الآية : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا (1) فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم فضل الكساء فغشاهم مهيمه إياه ، ثم أخرج يده فقال بها نحو السماء ، فقال : « اللهم هؤلاء أهل بيتي وحامتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا » قالت : فأدخلت رأسي في الثوب ، فقلت : رسول الله أنا معكم ؟ قال : « إنك إلى خير ، إنك إلى خير » قالت : وهم خمسة : رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلي ، وفاطمة ، والحسن والحسين رضي الله عنهم
__________
(1) سورة : الأحزاب آية رقم : 33

1651 - وحدثنا ابن أبي داود قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عمر بن يونس ، ثنا عمر بن يونس قال : حدثنا سليمان بن أبي سليمان الزهري قال : حدثنا يحيى بن أبي كثير قال : حدثنا الأوزاعي قال : حدثني شداد بن عبد الله قال : سمعت واثلة بن الأسقع ، وقد جيئ برأس الحسين رضي الله عنه ، فذكره رجل فغضب واثلة وقال : والله لا أزال أحب عليا وحسنا وحسينا وفاطمة رضي الله عنهم أبدا ، بعد إذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في منزل أم سلمة يقول فيهم قال قال واثلة : رأيتني يوما وقد جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم في منزل أم سلمة فدخل الحسن فأجلسه على فخذه اليمنى وقبله ، وجاء الحسين فأجلسه على فخذه اليسرى وقبله ، ثم جاءت فاطمة فأجلسها بين يديه ، ثم دعا بعلي رضي الله عنهم فجاء ، ثم أغدق عليهم كساء خيبريا كأني أنظر إليه ثم قال : « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا » فقلت لواثلة : ما الرجس ؟ قال : الشك في الله عز وجل «

1652 - حدثنا ابن أبي داود قال : حدثنا ابن أبي أيوب ، ومحمد بن عبد الملك الواسطيان قالا : حدثنا عبد الرحيم بن هارون قال : حدثنا هارون بن سعد العجلي ، عن عطية العوفي قال : سألت أبا سعيد الخدري عن أهل البيت ، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا (1) ؟ فقال : النبي صلى الله عليه وسلم ، وعلي ، وفاطمة ، والحسن والحسين رضي الله عنهم
__________
(1) سورة : الأحزاب آية رقم : 33
باب ذكر أمر النبي صلى الله عليه وسلم أمته بالتمسك بكتاب الله عز وجل وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وبمحبة أهل بيته والتمسك على ما هم عليه من الحق والنهي عن التخلف عن طريقتهم الجميلة الحسنة

1653 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي ، حدثنا هارون بن عبد الله البزاز قال : حدثنا سيار بن حاتم قال : حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي قال : حدثنا أبو هارون العبدي قال : حدثني شيخ قال : سمعت أبا ذر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح عليه السلام من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك »

1654 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عباد بن يعقوب قال : حدثنا عمرو بن ثابت ، عن أبي إسحاق ، عن حنش بن المعتمر قال : رأيت أبا ذر وهو آخذ بحلقة باب الكعبة ، فقلت : ما شأنك ؟ فقال : من لم يعرفني ، فأنا أبو ذر ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « يا أيها الناس إنما مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق »

1655 - حدثنا أبو حفص عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا بشر بن الوليد القاضي قال : حدثنا محمد بن طلحة ، عن الأعمش ، عن عطية بن سعد ، عن أبي سعيد الخدري : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إني أوشك أن أدعى فأجيب ، وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي ، كتاب الله عز وجل حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا بما تخلفونني فيهما »

1656 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود السجستاني قال : حدثنا إسحاق بن البهلول الأنباري قال حدثنا إسحاق بن الطباع ، عن محمد بن طلحة ، عن الأعمش ، عن عطية ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إني أوشك أن أدعى فأجيب وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل ، حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا بما تخلفونني فيهما »

1657 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عبد الله بن شبيب الربعي قال : حدثنا محمد بن يحيى أبو غسان قال : حدثني أبي ، عن محمد بن إسحاق ، عن الزهري ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس في حجة الوداع فقال : « أما بعد أيها الناس اسمعوا قولي هذا ، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا » ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أي يوم هذا ؟ » فقال الناس : هذا يوم الحج الأكبر وهو يوم النحر (1) ، ثم قال : « أي شهر هذا ؟ » فقال الناس : هذا شهر حرام ، ثم قال : « أي بلد هذا ؟ » فقالوا هذا بلد حرام قال : « فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى يوم القيامة تلقون ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ، وإنكم ستلقون ربكم عز وجل فيسألكم عن أعمالكم وقد بلغت » قال محمد بن الحسين رحمه الله : ثم ذكر الخطبة بطولها ثم قال في آخرها : « ألا وإني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به لن تضلوا بعده أبدا ، كتاب الله عز وجل وسنة نبيه » ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ألا هل بلغت ؟ » فقال الناس : اللهم نعم ثم قال : « اللهم اشهد »
__________
(1) يوم النحر : اليوم الأول من عيد الأضحى

1658 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا أبو بكر شاذان قال : حدثنا إسماعيل بن أبي أويس بن أخت ، مالك بن أنس قال : حدثني أبي ، عن عبد الله بن أبي عبد الله البصري ، وعن ثور بن زيد الديلي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أيها الناس اسمعوا قولي فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد يومي هذا في هذا الموقف ، يا أيها الناس ، دماؤكم وأموالكم حرام إلى يوم تلقون ربكم عز وجل ، فذكر الخطبة إلى قوله فاعقلوا أيها الناس قولي فإني قد بلغت وتركت فيكم أيها الناس ما إن تمسكتم به فلن تضلوا أبدا كتاب الله عز وجل وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم » وذكر الحديث إلى آخره

1659 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثني عمي محمد بن الأشعث قال : حدثنا زيد بن عوف قال : حدثنا أبو عوانة ، عن الأعمش قال : حدثنا حبيب بن أبي ثابت ، عن عمرو بن واثلة ، عن زيد بن أرقم قال : لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع ونزل غدير خم ، وأمر بدوحات فقممن ، ثم قام فقال : « كأني قد دعيت فأجبت ، وإني قد تركت فيكم الثقلين ، أحدهما كتاب الله عز وجل ، وعترتي أهل بيتي ، انظروا كيف تخلفونني فيهما ، إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض » ثم قال : « إن الله عز وجل مولاي ، وأنا مولى كل مؤمن » ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال : « من كنت وليه فهذا وليه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه » قال : فقلت لزيد بن أرقم : أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : ما كان في الدوحات أحد إلا قد رآه بعينه وسمعه بأذنه قال الأعمش : وحدثنا عطية ، عن أبي سعيد الخدري مثل ذلك قال محمد بن الحسين : فيدل على أن خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بمنى ، وأمر أمته بالتمسك بكتاب الله عز وجل وبسنته صلى الله عليه وسلم ، وفي رجوعه من هذه الحجة بغدير خم فأمر أمته بكتاب الله والتمسك به وبمحبة أهل بيته ، وبموالاة علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وتعريف الناس شرف علي وفضله عنده ، يدل العقلاء من المؤمنين على أنه واجب على كل مسلم أن يتمسك بكتاب الله عز وجل ، وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وسنة الخلفاء الراشدين المهدين ، وبمحبتهم وبمحبة أهل بيته الطيبين ، والتعلق بما كانوا عليه من الأخلاق الشريفة ، والاقتداء بهم رضي الله عنهم ، فمن كان هكذا ، فهو على طريق مستقيم ، ألا ترى أن العرباض بن سارية السلمي قال : وعظنا النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم موعظة بليغة ، ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب ، فقلنا : يا رسول الله : إن هذه لموعظة مودع ، فما تعهد إلينا ؟ قال : « أوصيكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة ، وإن عبدا حبشيا ، فإنه من يعش منكم بعدي سيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بسنتي ، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، عضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة » . قال محمد بن الحسين رحمه الله : والخلفاء الراشدون فهم : أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ، فمن كان لهم محبا راضيا بخلافتهم ، متبعا لهم ، فهو متبع لكتاب الله عز وجل ، ولسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن أحب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الطيبين ، وتولاهم وتعلق بأخلاقهم ، وتأدب بأدبهم ، فهو على المحجة الواضحة ، والطريق المستقيم والأمر الرشيد ، ويرجى له النجاة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : « مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح عليه الصلاة والسلام ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها هلك » فإن قال قائل : فما تقول فيمن يزعم أنه محب لأبي بكر وعمر وعثمان ، متخلف عن محبة علي بن أبي طالب رضي الله عنهم ، وعن محبة الحسن والحسين رضي الله عنهما ، غير راضي بخلافة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ؟ هل تنفعه محبة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ؟ قيل له : معاذ الله ، هذه صفة منافق ، ليست بصفة مؤمن قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه : « لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق » وقال عليه السلام : « من آذى عليا فقد آذاني » وشهد النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه بالخلافة وشهد له بالجنة ، وبأنه شهيد ، وأن عليا رضي الله عنه محب لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم محبان لعلي رضي الله عنه وجميع ما شهد له به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفضائل التي تقدم ذكرنا لها وما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم من محبته للحسن والحسين رضي الله عنهما ، مما تقدم ذكرنا له ، فمن لم يحب هؤلاء ويتولهم فعليه لعنة الله في الدنيا والآخرة ، وقد برئ منه أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ، وكذا من زعم أنه يتولى علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ويحب أهل بيته ويزعم أنه لا يرضى بخلافة أبي بكر وعمر ولا عثمان ولا يحبهم ويبرأ منهم ، ويطعن عليهم ، فنشهد بالله يقينا أن علي بن أبي طالب والحسن والحسين رضي الله عنهم برآء منه لا تنفعه محبتهم حتى يحب أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ، كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه فيما وصفهم به ، وذكر فضلهم ، وتبرأ ممن لم يحبهم ، فرضي الله عنه ، وعن ذريته الطيبة ، هذا طريق العقلاء من المسلمين ، ونعوذ بالله ممن يقذف أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطعن على أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ، لقد افترى على أهل البيت وقذفهم بما قد صانهم الله عز وجل عنه وهل عرفت أكثر فضائل أبي بكر وعمر وعثمان ، إلا مما رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين ؟

1660 - حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني قال : حدثنا علي بن الجعد قال أنبأنا زهير بن معاوية قال أبي لجعفر بن محمد رضي الله عنهما : إن لي جارا يزعم أنك تتبرأ من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، فقال : برئ الله من جارك ، والله إني لأرجو أن ينفعني الله عز وجل بقرابتي من أبي بكر رضي الله عنه ، ولقد اشتكيت شكاة فأوصيت إلى خالي عبد الرحمن بن القاسم

1661 - حدثنا عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا الحسن بن عرفة قال : حدثنا محمد بن فضيل ، عن سالم بن أبي حفصة قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي ، وجعفر بن محمد رضي الله عنهم ، عن أبي بكر ، وعمر رضي الله عنهما ؟ فقالا : « يا سالم ، تولهما ، وابرأ من عدوهما فإنهما كانا إمامي هدى قال ابن فضيل : قال سالم : قال لي جعفر بن محمد : يا سالم أيسب الرجل جده أبو بكر رضي الله عنه جدي لا تنالني شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم إن لم أكن أتولاهما وأبرأ من عدوهما »

1662 - وحدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي ، حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب قال : حدثنا يحيى بن سليم قال : حدثنا جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن عبد الله بن جعفر الطيار رضي الله عنهم قال : « ولينا أبو بكر ، فخير خليفة أرحمه بنا ، وأحناه علينا » قال محمد بن الحسين رحمه الله : فعن مثل هؤلاء السادة الكرام يؤخذ العلم يعرف بعضهم قدر بعض
باب ذكر قول الله عز وجل : وتقطعت بهم الأسباب (1) قال محمد بن الحسين رحمه الله : ومن فضائل أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة : أن كل سبب ونسب يوم القيامة منقطع إلا نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسببه وصهره قال ابن عباس : وتقطعت بهم الأسباب ، قال : المودة في الدنيا « وعن مجاهد : وتقطعت بهم الأسباب قال : تواصلهم في الدنيا وقال النبي صلى الله عليه وسلم : » كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة ، إلا نسبي وسببي «
__________
(1) سورة : البقرة آية رقم : 166

1663 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري ، وأبو بكر بن أبى داود قالا : حدثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم قال : حدثنا موسى بن عبد العزيز قال : حدثنا الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة ، إلا سببي ونسبي »

1664 - وحدثنا ابن أبي داود قال : حدثنا محمد بن مصفى قال : حدثنا مروان بن محمد قال : حدثنا عبد الله بن جعفر المخرمي قال : حدثتني أم بكر بنت المسور ، عن أبيها المسور قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « كل نسب ينقطع يوم القيامة ، وكل صهر (1) ينقطع إلا صهري » قال محمد بن الحسين رحمه الله : لما سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه بهذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه ابنته أم كلثوم رضي الله عنها ، وأمها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهي صبية صغيرة ، فقال له علي رضي الله عنه : فإني حبستها على ابن أخي جعفر رضي الله عنهم ، وهي صبية فبعث إليه عمر وإن كانت صغيرة ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « كل نسب وصهر منقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري » فلذلك رغبت فيها فزوجه إياها ، فرضي الله عن عمر وعن علي وعن أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
__________
(1) الصِّهر : القريب بالزواج

1665 - أنبأنا الفريابي قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا الليث بن سعد ، عن هشام بن سعد ، عن عطاء الخراساني ، أنه قال : خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى علي رضي الله عنه أم كلثوم ابنته ، وهي من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال علي : إنها صغيرة ، فقال عمر : وإن كانت صغيرة ، فقال علي رضي الله عنه : فإني حبستها على ابن أخي جعفر فقال عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن كل نسب وصهر (1) منقطع يوم القيامة ، إلا نسبي وصهري » فلذلك رغبت فيها . فقال له علي : فإني مرسلها إليك ، هل تنظر إلى صغرها ؟ فأرسلها إليه فجاءته ، فقالت : إن أبي يقول لك : هل رضيت الحلة (2) ؟ فقال عمر : قد رضيتها . فأنكحه علي رضي الله عنهما ، فأصدقها عمر أربعين ألفا
__________
(1) الصِّهر : القريب بالزواج
(2) الحُلَّة : ثوبَان من جنس واحد

1666 - أنبأنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عمي قال : ثنا معلى قال : حدثنا وهيب ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه : أن عمر بن الخطاب ، خطب إلى علي رضي الله عنهما أم كلثوم . فقال : أنكحنيها ، فقال علي : إني أرصدها لابن أخي جعفر رضي الله عنه ، فقال عمر : أنكحنيها ، فوالله ما أحد من الناس يرصد (1) من أبيها ما أرصده ، فأنكحه ، فأتى عمر المهاجرين فقال : رفئوني . فقالوا : بمن يا أمير المؤمنين ؟ قال : لأم كلثوم ابنة علي لفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلا ما كان من نسبي وسببي » . فأحببت أن يكون بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم نسبا
__________
(1) الرصد والترصد : الترقب والإعداد

1667 - وأنبأنا ابن أبي داود قال : حدثنا إسحاق بن منصور الكوسج قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن عثمان بن المغيرة ، عن محمد بن علي قال : خرج عمر رضي الله عنه إلى الناس فقال : رفئوني بابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فكأنهم قالوا له ، فقال : لقد كانت لي صحبتي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي »
باب فضل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه قال محمد بن الحسين رحمه الله تعالى : جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه أخو علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، قتل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته ، فقاتل قتالا شديدا حتى قطعت يداه ، فيقال : إنه أخذ الرمح بذراعيه فقاتل حتى قتل رضي الله عنه ، فجعل الله الكريم له في الجنة جناحين مرصعين بالدر يطير بهما في الجنة ، وقد كان هاجر إلى الحبشة ، فلما قدم استقبله النبي صلى الله عليه وسلم فعانقه ، وقبل ما بين عينيه ، وقد كان ولد لجعفر ؛ عبد الله ومحمد من أسماء بنت عميس

1668 - وحدثنا أبو القاسم البغوي قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا إسماعيل بن مجالد ، عن أبيه ، عن عامر يعني الشعبي عن جابر قال : لما قدم جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه من الحبشة عانقه النبي صلى الله عليه وسلم

1669 - وحدثنا أبو القاسم ، أيضا ، قال : حدثنا داود بن عمرو قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير ، عن يحيى بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة ، رحمها الله ، قال : لما قدم جعفر رضي الله عنه وأصحابه استقبله النبي صلى الله عليه وسلم فقبل ما بين عينيه

1670 - حدثنا الفريابي قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا أبو حفص عمر بن هارون ، عن عبد الملك بن عيسى الثقفي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : لما جاء نعي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ، دخل النبي صلى الله عليه وسلم على أسماء بنت عميس ، فوضع عبد الله ومحمد ابني جعفر على فخذه ثم قال : « إن جبريل عليه السلام أخبرني أن الله عز وجل استشهد جعفرا ، وأن له جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة » ثم قال : « اللهم اخلف جعفرا في ولده »

1671 - حدثنا أبو القاسم بدر بن الهيثم قال : حدثنا محمد بن عمر بن الوليد قال : حدثنا شريح بن مسلمة قال : حدثنا عمر بن عبد الغفار الفقيمي ، عن الأعمش ، عن عدي بن ثابت ، عن البراء بن عازب قال : لما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل جعفر رضي الله عنه ، دخل من ذلك حتى أتاه جبريل عليه السلام فقال : إن الله عز وجل قد جعل لجعفر جناحين مرصعين بالدر يطير بهما مع الملائكة

1672 - وحدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا عبيد الله بن عمر قال : حدثنا عبد الله بن جعفر ، عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « رأيت جعفرا له جناحان يطير بهما »

1673 - وحدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا الهيثم بن خارجة قال : حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن أبيه ، عن أبي يحيى سليم بن عامر قال : سمعت أبا أمامة وهو يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : « ثم انطلق بي ، يعني : في الجنة ، حتى أشرفت على ثلاثة يشربون من خمر لهم ، قال : قلت : » من هؤلاء يا جبريل ؟ « قال : هؤلاء زيد بن حارثة وجعفر وابن رواحة رضي الله عنهم

1674 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم النهشلي قال : حدثنا الكرماني بن عمرو قال : حدثنا أبو شيبة العبسي قال : حدثنا الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجعفر : « أنت أشبههم بي خلقا » وقال لعلي : « أنت أخي وصاحبي ، وأنت مني وأنا منك »
باب فضل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه قال محمد بن الحسين رحمه الله قال : أنبأنا أبو بكر بن أبي داود في « كتاب المصابيح » ، يقال : أبو عمارة ، ويقال : أبو يعلى حمزة بن عبد المطلب أسد الله عز وجل ، وأسد رسوله ، شهد بدرا ، وصلى القبلتين ، وهاجر بمهاجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقتل يوم أحد ، وصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكبر عليه سبعين تكبيرة ، وأبناؤه يعلى وعمارة لخولة بنت قيس الأنصاري لا عقب له ، وقد كان لحمزة بنت فزوجها شداد بن الهاد الليثي ، وابنها عبد الله بن شداد المحدث

1675 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو ، عن جابر قال : ولد لرجل منا غلام ، فقالوا : يا رسول الله ، بم نسميه ؟ قال : « سموه بأحب الناس إلي حمزة بن عبد المطلب »

1676 - أنبأنا أبو سعيد المفضل بن محمد الجندي قال : حدثنا علي بن زياد اللحجي قال : حدثنا أبو قرة موسى بن طارق قال : حدثنا إسماعيل بن عبد الله ، عن إبراهيم بن محمد الفزاري قال : حدثنا الحسن بن عمارة ، عن الحكم بن عتيبة ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : لما انصرف المشركون عن قتال أحد أشرف (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم على القتلى ، فرأى منظرا ساءه ، فرأى حمزة رضي الله عنه قد شق بطنه ، واصطلم أنفه ، وجدعت أذناه ، فقال : « لولا أن تجزعن النساء وتكون سنة بعدي لتركته حتى يحشره الله عز وجل من بطون السباع والطير ، ومثلت بثلاثين منهم مكانه » ثم دعا ببردة فغطى بها وجهه فخرجت رجلاه ، فغطى بها رجليه فخرج وجهه ، فغطى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه ، وجعل على رجليه من الإذخر (2) ، ثم قدمه فكبر عليه عشرا ، ثم جعل يجاء بالرجل فيوضع إلى جنبه فيصلي عليه ، ثم يرفع ويجاء بآخر فيوضع وحمزة مكانه ، حتى صلى عليه سبعين صلاة ، وكان القتلى يومئذ سبعين ، فلما دفنهم وفرغ منهم نزلت هذه الآية ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة (3) إلى قوله عز وجل : وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ، واصبر وما صبرك إلا بالله (4) قال : فصبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعاقب ولم يقتل
__________
(1) أشرف : أطل وأقبل واقترب وعلا ونظر وتطلع
(2) الإذخِر : حشيشة طيبة الرائِحة تُسَقَّفُ بها البُيُوت فوق الخشبِ ، وتستخدم في تطييب الموتي
(3) سورة : النحل آية رقم : 125
(4) سورة : النحل آية رقم : 126

1677 - وحدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال : حدثنا بشر بن الوليد قال : حدثنا صالح المري ، عن سليمان يعني التيمي عن أبي عثمان النهدي ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف على حمزة رضي الله عنه حيث استشهد ، فنظر إلى شيء لم ينظر إلى شيء قط كان أوجع لقلبه منه ، ونظر إليه وقد مثل (1) به فقال : « رحمة الله عليك ، فإنك كنت ، ما علمت ، فعولا للخير وصولا للرحم ، ولولا حزن من بعدك لسرني أن أدعك تحشر من أفواه شتى ، أما والله مع ذلك لأمثلن بسبعين منهم مكانك » . فنزل جبريل عليه السلام والنبي صلى الله عليه وسلم واقف بعد بخواتيم سورة النحل ، فقال : وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ، واصبر وما صبرك إلا بالله (2) فصبر النبي صلى الله عليه وسلم وكفر (3) عن يمينه وانصرف عما أراد
__________
(1) التمثيل : جدع الأطراف أو قطعها أو تشويه الجسد والتنكيل به
(2) سورة : النحل آية رقم : 126
(3) الكفارة : الماحية للخطأ والذنب

1678 - حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد الأعرابي قال : حدثنا الرمادي قال : حدثنا يعقوب بن محمد قال : حدثنا محمد بن فضالة ، عن يعقوب بن مجاهد ، عن محمد بن كعب ، في قول الله عز وجل : يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية (1) . قال : نزلت في حمزة
__________
(1) سورة : الفجر آية رقم : 27

1679 - حدثنا أبو سعيد قال : حدثنا أبو علي سالم بن علي الدوري قال : حدثنا يحيى بن معين قال : حدثنا يحيى بن اليمان ، عن إبراهيم بن الزبرقان ، عن صالح بن حيان ، عن ابن بريدة : يا أيتها النفس المطمئنة (1) . قال : حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه قال محمد بن الحسين رحمه الله تعالى : وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب ، ورجل قام إلى إمام جائر فنهاه فقتله على ذلك » آخر فضائل حمزة رضي الله عنه
__________
(1) سورة : الفجر آية رقم : 27
كتاب فضائل العباس بن عبد المطلب وولده رضي الله عنهم أجمعين قال محمد بن الحسين رحمه الله : كان النبي صلى الله عليه وسلم يكرم عمه العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه ، ويعظمه ويغضب لغضبه ويقول له : « يا عم » . ويدعو له ولولده بأن يسترهم الله عز وجل من النار ، ودعا لعبد الله بن عباس بأن يعلمه الله الحكمة والتأويل ، فأجابه الله الكريم فيه ، فكان يقال لابن عباس رضي الله عنه : ترجمان القرآن ، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعظم العباس وولده ، وعبد الله بن عباس ، وهم لذلك أهل ، رضي الله عنهم أجمعين

باب ذكر تعظيم قدر العباس رضي الله عنه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم

1680 - حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن يحيى بن قيس الكوفي قال : قال : حدثنا عبد الله بن الأجلح ، عن أبيه ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : جاء النبي صلى الله عليه وسلم يعود (1) العباس رضي الله عنه ، وكان على السرير ، فصعد به فأقعده في مجلسه ، وقال : « وفقك الله يا عم »
__________
(1) العيادة : زيارة الغير

1681 - وأنبأنا أبو محمد عبد الله بن ناجية قال : حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان قال : حدثنا عبد الله بن نمير قال : حدثنا إسرائيل ، عن عبد الأعلى ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « العباس مني وأنا منه »

1682 - حدثنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي وأبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا محمد بن عباد المكي قال : حدثنا محمد بن طلحة التيمي ، عن أبي سهيل بن مالك ، عن سعيد بن المسيب ، عن سعد قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في نقيع الخيل يجهز بعثا (1) إذ طلع العباس رضي الله عنه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « هذا العباس عم نبيكم أجود قريش كفا وأوصلها لها »
__________
(1) البعث : الجيش

1683 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا أحمد بن صالح ، وجعفر بن مسافر قالا : حدثنا محمد بن طلحة التيمي ، عن أبي سهيل بن مالك ، عن سعيد بن المسيب ، عن سعد بن أبي وقاص ، رحمه الله ، قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهز جيشا ، وخرج العباس رضي الله عنه من باب المدينة ، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال : « هذا العباس عم نبيكم أجود قريش كفا وأوصلها لها »

1684 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا يوسف بن موسى القطان قال : أخبرني بكير أبو عمرو الضبي ، عن مغيرة ، عن إبراهيم قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة معتجرا بعمامة سوداء ، والعباس بن عبد المطلب ، وحول البيت أصنام ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يكسر تلك الأصنام ويقول : « هيا يا أبه » ويقول العباس : هيا يا بني ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم . « من رآني ورأى عمي فقد رأى إبراهيم وإسماعيل وهما يرفعان القواعد من البيت »

باب ذكر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للعباس رضي الله عنه ولولده ، وأنه قد أجيب في ذلك

1685 - حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال : حدثنا إسماعيل بن قيس بن سعد بن زيد بن ثابت الأنصاري قال : حدثني أبو حازم ، عن سهل بن سعد الساعدي قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر القيظ (1) ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل ، فقام العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه يستره ، قال : فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « اللهم استر العباس وولده من النار »
__________
(1) القيظ : الحر الشديد

1686 - حدثنا أيضا ، قاسم المطرز قال : حدثنا علي بن نصر بن علي الجهضمي قال : سمعت عبد الله بن عثمان بن إسحاق بن سعد بن أبي وقاص يقول : حدثني أبو أمي مالك بن حمزة بن أبي أسيد ، أنه سمع أبا أسيد البدري يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه : « لا تبرح من منزلك حتى آتيك » ، قال : فأتاهم بعدما أضحى فسلم فقال : « كيف أصبحتم ؟ » قالوا : بخير ، بأبينا أنت وأمنا يا رسول الله ، قال : « ادنوا ، تقاربوا يزحف بعضكم إلى بعض » ، قال : فاشتمل (1) عليهم بملائته فقال : « اللهم هذا عمي وصنو أبي ، وهؤلاء أهل بيتي ، اللهم فاسترهم من النار كستري إياهم بملائتي هذه » ، فقالت أسكفة (2) الباب : آمين ، وقال جدار البيت : آمين
__________
(1) الاشتمال : أن يتلفف بالثوب حتى يجلل به جميع جسده ، ولا يرفع شيئا من جوانبه فلا يمكنه إخراج يده إلا من أسفله
(2) الأسكفة : عتبة تكون تحت الباب

1687 - وحدثنا أبو الحسن علي بن إسحاق بن زاطيا قال : حدثنا إبراهيم بن عبد الله الهروي قال : حدثنا عبد الله بن عثمان بن سعد بن أبي وقاص قال : حدثني أبو أمي مالك بن حمزة بن أبي أسيد الساعدي ، عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه : « يا أبا الفضل لا ترم من منزلك أنت وبنوك حتى آتيكم ، فإن لي فيكم حاجة » . قال : فانتظروه حتى جاء بعد ما أضحى فدخل عليهم فقال : « السلام عليكم » قالوا : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته قال : « كيف أصبحتم » قالوا : بخير نحمد الله . فكيف أصبحت بأبينا وأمنا يا رسول الله ؟ قال : « أصبحت بخير أحمد الله » فقال : « تقاربوا تقاربوا يزحف بعضكم إلى بعض » . حتى إذا أمكنوه ، اشتمل (1) عليهم بملائته ثم قال : « يا رب ، هذا عمي وصنو أبي وهؤلاء أهل بيتي فاسترهم من النار كستري إياهم بملائتي هذه » قال : فأمنت أسكفة (2) الباب ، وحوائط البيت ، آمين آمين آمين
__________
(1) الاشتمال : أن يتلفف بالثوب حتى يجلل به جميع جسده ، ولا يرفع شيئا من جوانبه فلا يمكنه إخراج يده إلا من أسفله
(2) الأسكفة : عتبة تكون تحت الباب

1688 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا إسحاق بن حاتم العلاف قال : حدثنا عبد الوهاب بن عطاء ، عن ثور بن يزيد ، عن مكحول ، عن كريب ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس رضي الله عنه : « إذا كان يوم الإثنين فائتني أنت وولدك » . قال : فغدا (1) وغدونا معه فألبس العباس وولده كساء له وقال : « اللهم اغفر للعباس وولده مغفرة ظاهرة وباطنة لا تغادر ذنبا ، اللهم ولده في ولده »
__________
(1) الغُدُو : السير أول النهار

باب ذكر من آذى العباس رضي الله عنه فقد آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم

1689 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال : حدثنا داود بن عمرو الضبي قال : حدثنا خالد الواسطي ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الله بن الحارث ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال « من آذى العباس فقد آذاني ، إن عم الرجل صنو (1) أبيه »
__________
(1) الصنو : النظير والمثل

1690 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : قرأت على الحسن بن محمد بن الصباح ، أن بهلول بن عبيد ، حدثهم ، قال : حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تؤذوني في العباس ، فمن آذى العباس فقد آذاني ، ومن سب العباس فقد سبني ، إن عم الرجل صنو (1) أبيه »
__________
(1) الصنو : النظير والمثل

1691 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة المروزي قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن عبد الأعلى ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن العباس مني وأنا منه ، لا تسبوا أمواتنا فتؤذوا أحياءنا »

باب غضب النبي صلى الله عليه وسلم لغضب العباس رضي الله عنه

1692 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا يوسف بن موسى القطان قال : حدثنا عبيد الله بن موسى قال : حدثنا إسرائيل ، عن عبد الأعلى ، أنه سمع سعيد بن جبير يقول : حدثني ابن عباس ، رضي الله عنه : أن رجلا وقع (1) في رجل كان في الجاهلية فلطمه العباس رضي الله عنه وكان نسيبا له ، فجاء قومه ، فقالوا : والله لنلطمنه كما لطمه (2) . حتى لبسوا السلاح ، فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر ثم قال : « يا أيها الناس ، أي أهل الأرض تعلمونه أكرم على الله عز وجل ؟ » . قالوا : أنت . قال : « فإن العباس مني وأنا منه ، لا تسبوا أمواتنا فتؤذوا أحياءنا » . فجاء القوم فقالوا : يا رسول الله نعوذ بالله من غضبك ، استغفر لنا
__________
(1) وَقَعْت بفُلان : إذا لُمْتَه ووقَعْت فيه، إذا عِبْتَهُ وَذَممْتَه
(2) لطمه : ضرب خده أو صفحة جسده بالكف مبسوطة

1693 - وأنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع قال : حدثنا عبد الرحيم بن سليمان قال : حدثنا إسرائيل بن يونس ، عن عبد الأعلى الثعلبي ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : أن رجلا وقع (1) في أب للعباس كان في الجاهلية ، فلطمه العباس ، فجاء قومه ، فقالوا : والله لنلطمنه كما لطم . حتى لبسوا السلاح فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد المنبر ثم قال : « أيها الناس ، أي الناس تعلمونه أكرم على الله عز وجل ؟ » . قالوا : أنت . قال : « فإن العباس مني وأنا منه ، لا تسبوا أمواتنا فتؤذوا أحياءنا » ، فجاء القوم فقالوا : يا رسول الله ، نعوذ بالله من غضبك ، استغفر لنا
__________
(1) وَقَعْت بفُلان : إذا لُمْتَه ووقَعْت فيه، إذا عِبْتَهُ وَذَممْتَه

باب ما روي أن للعباس رضي الله عنه شفاعة يشفع بها للناس يوم القيامة

1694 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان قال : حدثنا محمد بن فضيل قال : حدثنا زكريا بن أبي زائدة ، عن عطية العوفي ، أن كعبا ، أخذ بيد العباس رضي الله عنه فقال : إني أدخر هذا للشفاعة . فقال العباس : وهل شفاعة إلا للأنبياء ؟ فقال : نعم ، إنه ليس أحد من أهل بيت نبي إلا كانت له شفاعة

1695 - وحدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد الواسطي قال : حدثنا أبو هشام الرفاعي قال : حدثنا محمد بن فضيل قال : حدثنا زكريا بن أبي زائدة ، عن عطية بن سعد قال : أخذ كعب بيد العباس رضي الله عنه فقال : إني اختبأتها للشفاعة عندك . فقال العباس : وهل لي شفاعة ؟ قال : نعم ، ليس أحد من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم إلا كانت له شفاعة يوم القيامة قال محمد بن الحسين رحمه الله تعالى : ومن فضائل العباس رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استسقى عام الرمادة بالعباس فسقوا

1696 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال : حدثنا أبو الربيع الزهراني قال : حدثنا أبو معاوية الضرير ، عن عبد الرحمن بن عبد الله العمري ، عن نافع قال : خرج عمر رضي الله عنه عام الرمادة يستسقي (1) ، فقال : اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا ، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا ، فسقوا
__________
(1) الاستسقاء : طلب نزول المطر بالتوجه إلى الله بالدعاء

باب فضل عبد الله بن عباس رضي الله عنه وما خصه الله الكريم به من الحكمة والتأويل الحسن للقرآن

1697 - حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكشي قال : حدثنا سليمان بن داود الشاذكوني قال : حدثنا خالد بن عبد الله الواسطي قال : حدثنا خالد الحذاء ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : ضمني النبي صلى الله عليه وسلم فقال : « اللهم علمه الحكمة »

1698 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عمرو بن علي قال : حدثنا عبد الوهاب قال : حدثنا خالد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : ضمني النبي صلى الله عليه وسلم إليه وقال : « اللهم علمه الحكمة »

1699 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا أبو هشام الرفاعي قال : حدثنا عبد الله بن بكر السهمي قال : حدثنا حاتم بن أبي صغيرة ، عن عمرو بن دينار قال : أخبرني كريب ، عن ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له أن يرزقه الله عز وجل علما وفهما

1700 - وأنبأنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال : حدثنا الزبير بن بكار قال : حدثني ساعدة بن عبيد الله المزني ، عن داود بن عطاء ، عن زيد بن أسلم ، عن ابن عمر ، أنه قال : إن عمر رضي الله عنه كان يدعو عبد الله بن عباس رحمه الله فيقربه ويقول : إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاك يوما فمسح رأسك وتفل في فيك فقال : « اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل »

1701 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن قهزاذ قال : حدثنا حاتم بن العلاء قال : حدثنا عبد المؤمن بن خالد الحنفي قال : حدثنا أبو نهيك ، عن ابن عباس قال : إن نبي الله صلى الله عليه وسلم دعاني فأجلسني في حجره ، فمسح رأسي ودعا لي بالحكمة فلم تخطئني دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم

1702 - وحدثنا ابن أبي داود قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن قهزاذ قال : حدثنا حاتم بن الجلاب قال : سمعت عبد المؤمن بن خالد قال : سمعت عبد الله بن بريدة ، يحدث عن ابن عباس ، رضي الله عنه ، قال : انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده جبريل عليه السلام ، فقال جبريل : إنه كائن حبر (1) هذه الأمة فاستوص به خيرا
__________
(1) الحبر : العالم المتبحر في العلم

باب ذكر ما انتشر من علم ابن عباس رضي الله عنه

1703 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا أبو هشام الرفاعي قال : حدثنا عبد الله بن إدريس قال : أنبأنا ليث عن طاوس قال : قيل له : أدركت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وانقطعت إلى ابن عباس ؟ فقال : أدركت سبعين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، إذا تدارءوا (1) في شيء انتهوا إلى قول ابن عباس
__________
(1) تدارأ : تخاصم وتنازع

1704 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال : حدثنا عبد الله بن داود ، عن الأعمش ، عن عبد الملك بن ميسرة ، عن طاوس قال : جلست إلى سبعين أو قال : خمسين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ما منهم أحد خالف ابن عباس فيفارقه حتى يقول : القول ما قلت

1705 - حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسين الكوفي الأشناني قال : حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري قال : أنبأنا عبد الله بن الأجلح الكندي ، عن أبي صالح ، وعن أبي حمزة ، عن عكرمة قال : لقد شهدت من ابن عباس مشهدا لو أن قريشا ، فخرت به على العرب لكان لها فخرا ، شهدته موسما من المواسم ، فاجتمع الناس وهو داخل ، فقالوا : استأذن لنا على ابن عباس ، قال : فدخلت إليه فقلت : إن الناس قد سألوني أن أدخلهم عليك . قال : ائذن لهم . فقلت : إنهم أكثر من ذلك ، قال : ضع لي طهورا . أحسبه قال : أتوضأ أو أغتسل . ثم قال لي : طنفستي (1) . قال : ثم خرج فجلس . قال : فقال : ائذن لهم . قال : قلت : إنهم أكثر من ذلك . قال : ائذن لأهل القرآن . قال : فخرجت إليهم ، فقلت : من هاهنا من قراء القرآن فليدخل . قال : فدخلوا ، فسألوا حتى نفدت مسائلهم ، ثم أفادهم مثل ما سألوه عنه ، ثم قال : أعقبوا إخوانكم . ثم قال : ائذن لأهل الفرائض (2) . قال : فخرجت فقلت : من ها هنا من أهل الفرائض فليدخل ، فدخلوا فسألوا حتى نفدت مسائلهم ، ثم أفادهم مثل ما سألوه عنه ، ثم قال : أعقبوا إخوانكم . ثم قال : اخرج ائذن لأصحاب الوصايا . قال : فخرجت فقلت : من كان ها هنا من أصحاب الوصايا فليدخل ، قال : فدخلوا فسألوا حتى نفدت مسائلهم ، ثم أفادهم مثل ما سألوه عنه ، ثم قال : أعقبوا إخوانكم . ثم قال لي : اخرج فائذن للمتفقهين وأصحاب الشعر ، قال : فسألوه حتى سألوه عن كسرى وعن أحاديث بني إسرائيل وأنوشروان ، قال : فشهدت هذا من ابن عباس ، ولو فخرت به قريش على العرب لكان فخرا
__________
(1) الطنفسة : بساط له خمل رقيق
(2) الفرائض : المواريث ، وعلم تعرف به قسمتها ، وهي أيضا : الأنصبة المقدرة في كتاب الله

1706 - أنبأنا عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا عبد الأعلى بن حماد قال : حدثنا عبد الجبار بن الورد المكي قال : سمعت عطاء بن أبي رباح يقول : ما رأيت مجلسا قط أكرم من مجلس ابن عباس أكثر فقها وأعظم جفنة ، إن أصحاب الفقه عنده وأصحاب القرآن عنده ، وأصحاب الشعر عنده ، يصدرهم كلهم من واد واسع

1707 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا محمد بن الوزير الواسطي قال : حدثنا إسحاق بن يوسف ، يعني : الأزرق ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله ، أنه ذكر ابن عباس فقال : لنعم الترجمان للقرآن ابن عباس

1708 - وحدثنا ابن أبي داود قال : حدثنا الحسن بن عرفة قال : حدثنا يحيى بن يمان العجلي ، عن عمار بن رزيق ، عن محمد بن بشير الخثعمي قال : قال عبد الله بن عمر : ابن عباس أعلم الناس بما أنزل الله عز وجل على محمد صلى الله عليه وسلم

باب ذكر وفاة ابن عباس رضي الله عنه بالطائف ، والآية التي رؤيت عند دفنه

1709 - حدثنا جعفر بن محمد الصندلي قال : أنبأنا الحسن بن عرفة قال : حدثنا مروان بن شجاع ، وأنبأنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال : حدثني جدي قال : حدثنا مروان بن شجاع الجزري ، عن سالم الأفطس ، عن سعيد بن جبير قال : مات ابن عباس رضي الله عنه بالطائف ، فجاء طائر لم ير على خلقته ، فدخل نعشه (1) ثم لم نره خارجا منه ، فلما دفن تليت هذه الآية على شفير (2) القبر ، لا يدرى من تلاها : ( يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية ، فادخلي في عبادي وادخلي جنتي (3) )
__________
(1) النعش : سرير يحمل عليه المريض أو الميت ، وسُمِّي سَريرا لارتفاعه
(2) الشفير : الحرف والجانب والناحية
(3) سورة : الفجر آية رقم : 27

1710 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا أبو هشام الرفاعي قال : حدثنا محمد بن فضيل ، عن الأجلح ، عن أبي الزبير قال : لما مات ابن عباس جاء طائر أبيض فدخل في أكفانه . قال ابن فضيل : كانوا يرون أن ذلك علمه

باب إيجاب حب بني هاشم أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم على جميع المؤمنين قال محمد بن الحسين رحمه الله : واجب على كل مؤمن ومؤمنة محبة أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم : بنو هاشم ، علي بن أبي طالب وولده وذريته ، وفاطمة وولدها وذريتها ، والحسن والحسين وأولادهما وذريتها ، وجعفر الطيار وولده وذريته ، وحمزة وولده ، والعباس وولده وذريته ، رضي الله عنهم ، هؤلاء أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واجب على المسلمين محبتهم وإكرامهم واحتمالهم وحسن مداراتهم ، والصبر عليهم ، والدعاء لهم ، فمن أحسن من أولادهم وذراريهم ، فقد تخلق بأخلاق سلفه الكرام الأخيار الأبرار ، ومن تخلق منهم بما لا يحسن من الأخلاق ، دعي له بالصلاح والصيانة والسلامة ، وعاشره أهل العقل والأدب بأحسن المعاشرة وقيل له : نحن نجلك عن أن تتخلق بأخلاق لا تشبه سلفك الكرام الأبرار ، ونغار لمثلك أن يتخلق بما تعلم أن سلفك الكرام الأبرار لا يرضون بذلك ، فمن محبتنا لك أن نحب لك أن تتخلق بما هو أشبه بك ، وهي الأخلاق الشريفة الكريمة ، والله الموفق لذلك

1711 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا أبي وسهل بن بحر ، أو أحدهما ، قال : حدثنا إبراهيم بن سيف قال : حدثنا هشام بن يوسف ، عن عبد الله بن سليمان النوفلي ، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أحبوا الله عز وجل لما يغذوكم به من نعمه وأحبوني لحب الله عز وجل ، وأحبوا أهل بيتي لحبي »

1712 - وحدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن هارون العسكري قال : حدثني إبراهيم بن الجنيد الختلي قال : حدثنا ابن معين قال : حدثنا هشام بن يوسف القاضي ، عن عبد الله بن سليمان النوفلي ، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أحبوا الله عز وجل لما يغذوكم به من نعمه ، وأحبوني لحب الله عز وجل ، وأحبوا أهل بيتي لحبي »

1713 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا يزيد يعني : ابن هارون ، عن إسماعيل يعني : ابن أبي خالد ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الله بن الحارث ، عن العباس بن عبد المطلب قال : قلت : يا رسول الله ، إن قريشا إذا لقي بعضها بعضا لقوها ببشر حسن ، وإذا لقونا لقونا بوجوه لا نعرفها . فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا فقال : « والذي نفس محمد بيده ما يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم لله ولرسوله »

1714 - وحدثنا ابن أبي داود ، أيضا ، قال : حدثنا أيوب بن محمد الوزان قال : حدثنا مروان قال : حدثنا يحيى بن أبي كثير ، عن صالح بن خباب الفزاري ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال : قال العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه : يا رسول الله ، ما بال قريش يلقى بعضها بعضا بوجوه تكاد تسال من الود ، ويلقونا بوجوه قاطبة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يا عم ، ويفعلون ذلك ؟ » . قال : إي والذي بعثك بالحق نبيا . قال : « أما والذي بعثني بالحق ، لا يؤمنون حتى يحبوكم »

باب ذكر فضل بني هاشم على غيرهم

1715 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عباد بن يعقوب الرواجني قال : أنبأنا موسى بن عمير ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « يا معشر بني هاشم ، والذي بعثني بالحق لو أخذت بحلقة باب الجنة ما بدأت إلا بكم »

1716 - وحدثنا ابن أبي داود قال : حدثنا عبد الرحمن بن مسلم المقرئ قال : حدثنا نعيم بن قنبر قال : سمعت أنس بن مالك يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لو أني أخذت بحلقة باب الجنة لم أبدأ إلا بكم يا بني هاشم »

باب فضل قريش على غيرهم

1717 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا أبو مصعب الزبيري قال : حدثنا إبراهيم بن محمد بن ثابت قال : حدثني عثمان بن عبد الله بن أبي عتيق ، عن سعيد بن عمرو بن جعدة ، عن أبيه ، عن جدته أم هانئ بنت أبي طالب قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « فضل الله عز وجل قريشا بسبع خصال لم يعطها أحدا قبلهم ، ولا يعطيها أحدا بعدهم ؛ فضل الله عز وجل قريشا أني منهم ، وأن النبوة فيهم ، وأن الحجابة فيهم ، وأن السقاية (1) فيهم ، ونصروا على الفيل ، وعبدوا الله عز وجل عشر سنين لا يعبده أحد غيرهم ، والإمامة فيهم » قال أبو مصعب : يعني : قوله عز وجل لإيلاف قريش إيلافهم (2) إلى آخرها
__________
(1) السقاية : سقاية الحاج : وهي سقيهم الحاج ماء به زبيب ونحوه
(2) سورة : قريش آية رقم : 1

1718 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عمرو بن علي قال : حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن قال : أنبأنا عمرو بن يحيى بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص ، عن جده سعيد بن عمرو ، وقال : قال جابر بن عبد الله : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « قريش خيار الناس ، وقريش كالملح ، هل يطيب الطعام إلا به ، وقريش كالصلب ، هل يمشي الرجل بغير صلب »
باب ذكر فضائل طلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن بن عوف وأبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم .

1719 - حدثنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، عن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن عوف ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « أبو بكر في الجنة ، وعمر في الجنة ، وعلي في الجنة ، وعثمان في الجنة ، وطلحة في الجنة ، والزبير في الجنة ، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة ، وسعد بن أبي وقاص في الجنة ، وسعيد بن زيد بن عمرو في الجنة ، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة »

1720 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا أحمد بن عبد الواحد بن عبود الدمشقي قال : حدثنا مروان بن محمد قال : حدثنا عبد العزيز بن محمد قال : حدثنا عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبيه ، عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « عشرة من قريش في الجنة ؛ أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وأبوعبيدة بن الجراح وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف » ، قال : وسكت عن العاشر ، قال : يرون أنه نفسه

1721 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا أبو عبيد الله أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال : حدثنا عمي ، وهو عبد الله بن وهب ، قال : حدثنا معاوية بن صالح ، عن يحيى بن سعيد ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراء ومعه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد ، فتحرك الجبل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اسكن حراء فليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد » فسكن الجبل قال محمد بن الحسين رحمه الله : قد تقدم ذكرنا للشهادة للعشرة بالجنة من الكتاب والسنة ، وكفى به فضلا ، ونحن نذكر بعد ذلك ما تأدى إلينا من فضل باقي العشرة رضي الله عنهم

باب ذكر فضل طلحة والزبير رضي الله عنهما

1722 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا حمزة بن عون المسعودي قال : حدثنا أبو إبراهيم محمد بن القاسم الأسدي قال : حدثنا سفيان ، وشريك ، وأبو بكر بن عياش ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن زر بن حبيش قال : إني لقاعد عند علي رضي الله عنه ، أتي برأس الزبير ، فقال علي : بشر قاتل ابن صفية بالنار ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « لكل نبي حواري (1) وحواريي الزبير »
__________
(1) الحواري : الناصر والصديق والمعين

1723 - وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « طلحة والزبير في الجنة »

1724 - وحدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا محمد بن يزيد الكوفي قال : حدثنا النضر بن منصور قال : حدثنا عقبة بن علقمة قال : سمعت عليا رضي الله عنه يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « طلحة والزبير جاراي في الجنة »

1725 - وحدثنا أبو علي الحسن بن محمد بن شعبة الأنصاري ، قال : حدثنا عبد الله بن سعيد الكندي قال حدثنا أبو عبد الرحمن بن منصور العنزي وسألت رجلا من قومه عن اسمه ، فقال : نضر قال : حدثنا عقبة بن علقمة اليشكري ، قال : سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول : سمعت أذناي من في رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : « طلحة والزبير جاراي في الجنة »

1726 - حدثنا البغوي عبد الله بن محمد قال : حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال : حدثنا صالح بن موسى الطلحي ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن عمر ، رضي الله عنه ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد يقول : « أوجب طلحة الجنة »

1727 - وحدثنا أبو جعفر محمد بن الحسين الكوفي قال : حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء قال : حدثنا أبو أسامة قال : حدثنا هشام بن عروة ، وسفيان الثوري ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن لكل نبي حواريا (1) وحواريي الزبير »
__________
(1) الحواري : الناصر والصديق والمعين

1728 - وحدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال : حدثنا خلف بن هشام البزار قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن هشام بن عروة ، أن عبد الله بن الزبير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن لكل نبي حواريا (1) ، والزبير حواريي وابن عمتي »
__________
(1) الحواري : الناصر والصديق والمعين

باب فضل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

1729 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الرحمن المقرئ قال : حدثني سفيان ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب قال : قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم جمع (1) أبويه لأحد إلا لسعد ، فقال : « ارم فداك أبي وأمي »
__________
(1) جمع أبويه : قال فداك أبي وأمي

1730 - وأنبأنا إبراهيم بن الهيثم الناقد قال : حدثنا داود بن رشيد قال : حدثنا مروان بن معاوية الفزاري قال : أنا هاشم الوقاصي قال : سمعت سعيد بن جبير يقول : سمعت سعد بن أبي وقاص يقول : نثل (1) لي رسول الله صلى عليه وسلم كنانته (2) يوم أحد ، فقال : « ارم فداك أبي وأمي »
__________
(1) نثل : استخرج
(2) الكنانة : جعبة صغيرة من جلد تحمل فيها السهام

1731 - حدثنا أبو القاسم البغوي عبد الله بن محمد قال : حدثنا أبو بكر بن زنجويه قال : حدثنا أحمد بن حنبل قال : حدثنا يحيى بن سعيد القطان ، عن يحيى بن سعيد يعني : الأنصاري ، عن سعيد بن المسيب ، عن سعد قال : جمع (1) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه يوم أحد
__________
(1) الجمع : الضم والإقران والمراد جمع والديه قائلا له فداك أبي وأمي

باب ذكر فضل سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل رضي الله عنه قال محمد بن الحسين رحمه الله : قد ذكرنا فضله أنه من العشرة المشهود لهم بالجنة ، وأنهم ممن قبض النبي صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض ، وهو ممن رضيهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وسائر الصحابة ، وكان مجاب الدعوة رضي الله عنه

1732 - حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن ذريح العكبري قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن الحصين ، عن هلال بن يساف ، عن عبد الله بن ظالم ، عن سعيد بن زيد قال : أشهد على التسعة أنهم في الجنة ، ولو شهدت على العاشر لصدقت ، قال : قلت : وما ذاك ؟ قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم على حراء ، وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اثبت حراء فإنه ليس عليك إلا نبي ، أو صديق ، أو شهيد » ، قال : قلت : فمن العاشر ؟ قال : أنا ، يعني : سعيد بن زيد بن عمرو ابن نفيل

1733 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا عمرو بن محمد الناقد قال : حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم قال : حدثنا شيبان أبو معاوية ، عن أبي يعفور ، عن يزيد بن الحارث العبدي قال : قدم سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل الكوفة ، فدخل على المغيرة بن شعبة ، وهو أمير ، فأوسع له إلى جنبه ، فقال : أشهد أني سمعت أبا بكر رضي الله عنه يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ليتني قد رأيت رجلا من أهل الجنة ، فقال : « أنا من أهل الجنة » ، فقال : إني لست عنك أسأل ، قد عرفت أنك من أهل الجنة ، فقال : « أنا من أهل الجنة ، وأنت من أهل الجنة ، وعمر من أهل الجنة ، وعثمان من أهل الجنة ، وعلي من أهل الجنة ، وطلحة من أهل الجنة ، والزبير من أهل الجنة ، وسعد من أهل الجنة ، وعبد الرحمن من أهل الجنة ، ولو شئت لسميت العاشر » . قال : عزمت عليك لما سميته ، قال : أنا ، يعني : سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل

1734 - حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا سويد بن سعيد قال : حدثنا علي بن مسهر ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : خاصمت أروى بنت أوس سعيد بن زيد إلى مروان بن الحكم ، فقالت : إنه انتقص من أرضي إلى أرضه ، فقال سعيد : أنا أنتقص من أرضها إلى أرضي ، أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم لسمعته يقول : « من أخذ شبرا من الأرض ظلما فإنه يطوقه (1) من سبع أرضين يوم القيامة » ، فقال له مروان : والله لا نكلمك بعدها ، يعني : تصديقا له وتعظيما لسعيد ، قال : فدعا عليها سعيد ، فقال : اللهم ظلمتني فأعم بصرها ، واقتلها في أرضها ، فذهب بصرها وبينا هي تمشي في أرضها إذ وقعت في بئر فماتت
__________
(1) يطوقه : يجعل في عنقه طَوْقا يقلد به ، وقيل : المعنى من طَوْق التَّكْليف لاَ من طَوْق التَّقْليد

1735 - حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز أيضا ، قال : حدثنا أبو بكر بن زنجويه قال : حدثنا أبو صالح يعني عبد الله بن صالح ، كاتب الليث ، قال المطرز : وحدثنا أحمد بن سفيان قال : حدثنا ابن بكير قال : حدثنا الليث بن سعد قال : حدثني يزيد بن عبد الله ، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال : جاءت أروى ابنة أوس إلى أبي : محمد بن عمرو ، فقالت : يا أبا عبد الملك : إن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قد بنى ضفيرة ، - وقال ابن سفيان : ضفيرة في حقي - ، فأته فكلمه ، فلينزع عن حقي ، فوالله لئن لم يفعل لأصيحن به في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال لها : لا تؤذي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما كان ليظلمك ، ولا يأخذ لك حقا ، فخرجت فجاءت عمارة بن عمرو وعبد الله بن مسلمة ، فقالت لهما : ائتيا سعيد بن زيد ، فإنه ظلمني وبنى ضفيرة في حقي ، فوالله لئن لم ينزع لأصيحن به في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخرجا حتى أتياه في أرضه بالعقيق ، فقال لهما : ما أتى بكما ؟ فقالا : جاءتنا أروى ابنة أوس ، فزعمت أنك بنيت ضفيرة في حقها ، وحلفت بالله لئن لم تنزع لتصيحن بك في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، - زاد ابن بكير : فأحببنا أن نأتيك فنخبرك ونذكر لك ذلك - فقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من أخذ شبرا من الأرض بغير حقه طوقه الله عز وجل يوم القيامة من سبع أرضين » لتأتي فلتأخذ ما كان لها من حق ، اللهم إن كانت كذبت علي فلا تمتها حتى تعمي بصرها ، وتجعل منيتها فيها ، فرجعوا فأخبروها بذلك ، فجاءت حتى هدمت الضفيرة ، وبنت بنيانا فلم تمكث إلا قليلا حتى عميت ، وكانت تقوم من الليل ومعها جارية لها تقودها لتوقظ العمال ، فقامت ليلة وتركت الجارية لم توقظها ، فخرجت تمشي حتى سقطت في البئر ، فأصبحت ميتة

1736 - وحدثنا قاسم المطرز ، أيضا ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري قال : حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال : حدثني ابن أبي الزناد ، عن هشام بن عروة ، عن عروة ، أن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قال : سألت أنا وعمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم عن زيد بن عمرو بن نفيل ؟ فقال : « يأتي يوم القيامة أمة وحده »

1737 - وحدثنا أيضا المطرز قاسم قال : حدثنا عمرو بن علي قال : حدثني أبو داود قال : حدثنا المسعودي ، عن نفيل بن هشام بن سعيد بن زيد ، عن أبيه ، عن جده : أنه قال : يا رسول الله ، إن أبي كان كما قد رأيت ، وكما قد بلغك فاستغفر له قال : « نعم فإنه يبعث يوم القيامة أمة وحده »

باب ذكر فضل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه

1738 - حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني قال : حدثني جدي أحمد بن أبي شعيب قال : حدثنا محمد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن مكحول ، عن كريب ، مولى ابن عباس ، عن ابن عباس قال : سمعت عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، وهو يقول لعبد الرحمن بن عوف في حديث سأله عنه فقال : هلم ، فحدثنا فأنت عندنا العدل الرضى . . . وذكر الحديث

1739 - وحدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي قال : حدثنا سفيان ، عن يحيى بن صبيح ، عن قتادة ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن معدان بن أبي طلحة ، أن عمر رضي الله عنه قال على المنبر : « إني قد جعلت الأمر بعدي إلى هؤلاء الستة الذين قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض : عثمان ، وعلي ، وعبد الرحمن ، وطلحة ، والزبير ، وسعد ، فمن استخلفوا (1) منهم فهو الخليفة »
__________
(1) استخلفوه : اتفقوا على اختياره وليَّ الأمر ( خليفة )

1740 - حدثنا أبو القاسم البغوي ، أيضا ؛ قال : حدثني يحيى بن عبد الحميد الحماني قال : حدثنا عبد الله بن جعفر المخرمي قال : حدثتني أم بكر بنت المسور بن مخرمة ، عن المسور بن مخرمة قال : باع عبد الرحمن بن عوف أرضا له من عثمان رضي الله عنهما بأربعين ألف دينار ، فقسم ذلك المال في قريش وبني مخزوم ، وبعث معي من ذلك المال إلى عائشة رضي الله عنها ، فقالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « لن يحنو عليكن بعدي إلا الصالحون » ، سقى الله عز وجل ابن عوف من سلسبيل الجنة

1741 - وحدثنا قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا هارون بن عبد الله قال : حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي قال : حدثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك ، عن أبيه ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبيه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « يا ابن عوف ، إنك من الأغنياء ، فأقرض الله تعالى يطلق لك قدميك » قال ابن عوف : وما الذي أقرض الله يا رسول الله ؟ قال : « تتبرأ مما أمسيت فيه » قال : يا رسول الله ، مالي كله أجمع ؟ قال : « نعم » قال : فخرج ابن عوف وهو مهتم لذاك . فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « أتاني جبريل عليه السلام فقال : مر عبد الرحمن ، فليضف الضيف ، وليعط السائل ، وليبدأ بمن يعول (1) ، فإنه إذا فعل ذلك كان تزكية ما هو فيه »
__________
(1) يعول : يقوم بما يحتاج إليه غيره من طعام وكساء وغيرهما

1742 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا أبو أيوب سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي قال : حدثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك ، عن أبيه ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عمر ، وهو يومئذ بمنى ؛ فجاءه رجل من أهل البصرة ، فسأله عن إرسال العمامة خلفه ؟ فقال ابن عمر : سأخبرك عن ذلك حتى تعلم إن شاء الله . فذكر حديثا طويلا ، قال فيه : ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عوف يعني عبد الرحمن بن عوف أن يتجهز لسرية يبعثه عليها ، فأصبح وقد اعتم بعمامة كرابيس سوداء ، قال : فأدناه النبي صلى الله عليه وسلم ثم نقضها (1) فعممه ، فأرسل من خلفه أربع أصابع أو نحو ذلك ؛ ثم قال : « هكذا يا ابن عوف فاعتم ، فإنها أعرف وأحسن »
__________
(1) نقض : فك وحل

باب فضل أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه

1743 - حدثنا أبو أحمد هارون بن يوسف قال : حدثنا ابن أبي عمر العدني قال : حدثنا بشر بن السري قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن ثابت ، عن أنس ، أن أهل اليمن ، لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : أرسل معنا من يعلمنا ، قال : فأخذ بيد أبي عبيدة بن الجراح فأرسله معهم ؛ وقال : « هذا أمين هذه الأمة »

1744 - حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا حمويه بن إسحاق المروزي قال : حدثنا الفضل بن موسى السيناني قال : حدثنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل اليمن : « لأبعثن إليكم رجلا يعمل بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه » . قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : فما أحببت الإمارة قبل يومئذ ، فتطاولت لها ورجوت أن أكون أنا هو ، فأمر أبا عبيدة بن الجراح فخرج إليهم

1745 - وحدثنا أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا سعيد بن سليمان ، عن يونس بن بكير قال : حدثنا محمد بن إسحاق قال : حدثني الجراح بن منهال ، عن حبيب بن نجيح ، عن عبد الرحمن بن غنم ، عن عبد الله بن الأرقم قال : كنت عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن لكل أمة أمينا وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح »

1746 - حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال : حدثنا الحسين بن أبي زيد الدباغ قال : حدثنا علي بن يزيد الصدائي قال : حدثنا أبو سعد البقال ، عن أبي محجن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح »

1747 - وحدثنا أبو محمد بن صاعد ، أيضا ، قال : حدثنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد الزهري قال : حدثنا عمي يعني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا سلام أبو عبد الله ، والتميمي ، - قال ابن صاعد : وهو ابن سلمان الطويل المدائني ، عن زيد العمي ، عن أبي الصديق الناجي ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أرحم هذه الأمة لها أبو بكر ، وأقواهم في دين الله عمر ، وأصدقهم حياء عثمان ، وأقضاهم (1) علي ، وأقرؤهم لكتاب الله عز وجل أبي بن كعب ، وأفرضهم (2) زيد بن ثابت ، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح ، ومعاذ بن جبل أعلم الناس بحلال الله وحرامه ، وأبو هريرة وعاء من العلم ، وسلمان علم لا يدرك » . وذكر صدق أبي ذر رضي الله عنهم قال محمد بن الحسين : قد ذكرت من فضائل العشرة الذين شهد الله الكريم لهم بالرضوان والمغفرة والجنة وشهد لهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة وقبض وهو عنهم راض ما تأدى إلينا مما أمكنني إخراجه . وفضلهم عظيم رضي الله عنهم وعن جميع أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونفعنا بحبهم
__________
(1) القَضاء : الفَصْل والحُكْم في الأمور
(2) أفرضهم : أكثرهم علما بالفرائض وهي المواريث
كتاب مذهب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين . قال محمد بن الحسين رحمه الله : أما بعد ، فإن سائلا سأل ، عن مذهب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم وكيف كانت منزلتهم عنده ؟ . وهل كان متبعا لهم في خلافته بعدهم ؟ . وهل حفظ عنه شيء من فضائلهم ؟ . وهل غير في خلافته شيئا من سيرتهم ؟ . فأحب السائل أن يعلم من ذلك ما يزيده محبة لجميعهم رضي الله عنهم وعن جميع الصحابة رضي الله عنهم ، وعن جميع أزواجه أمهات المؤمنين ، وعن جميع أهل البيت فأجيب السائل إلى الجواب عنه مختصرا إن شاء الله ، والله الموفق للصواب من القول والعمل . اعلموا رحمنا الله وإياكم أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه لا يحفظ عنه الصحابة ومن تبعهم من التابعين ومن بعدهم من أئمة المسلمين إلا محبة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم في حياتهم وفي خلافتهم وبعد وفاتهم : فأما في خلافتهم فسامع لهم مطيع يحبهم ويحبونه ، ويعظم قدرهم ويعظمون قدره ، صادق في محبته لهم ، مخلص في الطاعة لهم ، يجاهد من يجاهدون ، ويحب ما يحبون ، ويكره ما يكرهون ، يستشيرونه في النوازل ؛ فيشير مشورة ناصح مشفق محب ، فكثير من سيرتهم بمشورته جرت ، فقبض أبو بكر رضي الله عنه فحزن لفقده حزنا شديدا ، وقتل عمر رضي الله عنه فبكى عليه بكاء طويلا ، وقتل عثمان رضي الله عنه ظلما ، فبرأه الله عز وجل من دمه ، وكان قتله عنده ظلما مبينا . ثم ولي الخلافة بعدهم ، فعمل بسنتهم ، وسار سيرتهم ، واتبع آثارهم ، وسلك طريقهم . وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فضائلهم ، وخطب الناس في غير وقت ؛ فذكر شرفهم ، وذم من خالفهم ، وتبرأ من عدوهم ، وأمر باتباع سنتهم وسيرتهم ، فرضي الله عنه وعنهم : هؤلاء الأربعة الذين قال النبي صلى الله عليه وسلم : « لا يجتمع حب هؤلاء الأربعة إلا في قلب مؤمن أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم » قال محمد بن الحسين رحمه الله تعالى : فلن يحبهم إلا مؤمن تقي ، قد وفقه الله عز وجل للحق ، ولن يتخلف عن محبتهم ، أو عن محبة واحد منهم إلا شقي قد خطي به عن طريق الحق ، ومذهبنا فيهم أنا نقول في الخلافة والتفضيل : أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم علي رضي الله عنهم . ويقال رحمكم الله : أنه لا يجتمع حب أبي بكر وعمر وعثمان وعلي إلا في قلوب أتقياء هذه الأمة . وقال سفيان الثوري رحمه الله : لا يجتمع حب عثمان وعلي رضي الله عنهما إلا في قلوب نبلاء الرجال

1748 - وحدثنا أبو العباس أحمد بن سهل الأشناني قال : حدثنا الربيع بن ثعلب قال : حدثنا إسماعيل بن علية وحدثني أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا زياد بن أيوب الطوسي قال : حدثنا إسماعيل بن علية ، عن حميد الطويل قال : قال أنس بن مالك : قالوا : إن حب عثمان وعلي رضي الله عنهما لا يجتمعان في قلب مؤمن ، كذبوا ، قد جمع الله عز وجل حبهما بحمد الله في قلوبنا قال محمد بن الحسين رحمه الله : وروي عن أيوب السختياني ، أنه قال : من أحب أبا بكر فقد أقام الدين ، ومن أحب عمر فقد أوضح السبيل ، ومن أحب عثمان فقد استنار بنور الله عز وجل ومن أحب عليا فقد استمسك بالعروة الوثقى ، ومن قال الحسنى في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فقد برئ من النفاق

باب ذكر مذهب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم

1749 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الحسن بن عمارة ، عن فراس ، عن الشعبي ، عن الحارث الأعور ، عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، قال : أقبل أبو بكر وعمر رضي الله عنهما وأنا جالس ، عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : « إن هذين سيدا كهول (1) أهل الجنة من الأولين والأخرين إلا النبيين والمرسلين ، لا تخبرهما يا علي » . قال : فما ذكر ذلك لهما حتى هلكا
__________
(1) الكهل : الشخص الذي جاوز الثلاثين إلى الخمسين وتم عقله وحلمه

1750 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا المسيب بن واضح السلمي قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن فراس ، عن الشعبي ، عن الحارث ، عن علي ، رضي الله عنه قال : كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقبل أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فقال : « يا علي ، هذان سيدا كهول (1) أهل الجنة من الأولين والأخرين إلا النبيين والمرسلين ، لا تخبرهما يا علي » . قال : فما أخبرتهما حتى ماتا
__________
(1) الكهل : الشخص الذي جاوز الثلاثين إلى الخمسين وتم عقله وحلمه

1751 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا وهب بن بقية الواسطي قال عمر بن يونس اليمامي : عن عبد الله بن عمر ، عن الحسن بن زيد بن الحسن قال : جاءه نفر من أهل العراق ، فقالوا : يا أبا محمد ، حديث بلغنا أنك تحدثه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في أبي بكر وعمر رحمهما الله فقال : نعم ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فأقبل أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فقال : « يا علي هذان سيدا كهول (1) أهل الجنة بعد النبيين والمرسلين »
__________
(1) الكهل : الشخص الذي جاوز الثلاثين إلى الخمسين وتم عقله وحلمه

1752 - وحدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد الأعرابي قال : حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ قال : حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي قال : حدثنا محمد بن عبد الرحمن قال : حدثنا جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي ، رضي الله عنه قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فقال : « يا علي هذان سيدا كهول (1) أهل الجنة ما خلا النبيين والمرسلين ممن مضى في سالف الدهر ومن في غابره ، يا علي لا تخبرهما مقالتي ما عاشا » قال محمد بن الحسين رحمه الله : فهؤلاء أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم السادة الكرام - رضوان الله عليهم - يروون عن علي رضي الله عنه مثل هذه الفضيلة في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما جزى الله الكريم أهل البيت عن جميع المسلمين خيرا
__________
(1) الكهل : الشخص الذي جاوز الثلاثين إلى الخمسين وتم عقله وحلمه

1753 - وحدثنا أبو سعيد ، أيضا ؛ قال : حدثنا عباس الدوري قال : حدثنا خلف بن الوليد أبو الوليد الجوهري قال : حدثنا الأشجعي ، عن سفيان ، عن سالم بن أبي حفصة ، عن عبد الله بن مليل ، عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه قال : إن لكل نبي سبعة نجباء من أمته ، وإن لنبينا صلى الله عليه وسلم أربعة عشر نجيبا (1) ، منهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما
__________
(1) النجيب : الفاضل النفيس في نوعه

1754 - حدثنا أبو سعيد قال : حدثنا مطين الكوفي قال : حدثنا مصرف بن عمرو قال : حدثنا يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، ؛ قال : سمعت أبا جعفر يقول : من جهل فضل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فقد جهل السنة

1755 - أنبأنا أبو القاسم إبراهيم بن الهيثم الناقد قال : حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر الكوفي قال : حدثنا عبد الله بن نمير ، عن عبد الملك بن سلع الهمداني ، عن عبد خير قال : سمعت علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه يقول : قبض الله نبيه صلى الله عليه وسلم على خير ملة قبض عليها نبي من الأنبياء . قال : وأثنى عليه ، ثم استخلف أبو بكر رضي الله عنه فعمل بعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وبسنته ثم قبض أبو بكر على خير ما قبض الله عز وجل عليه أحدا ، وكان خير هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم ، ثم استخلف عمر رضي الله عنه فعمل بعملهما وسنتهما ثم قبض عمر على خير ما قبض عليه أحد ، وكان خير هذه الأمة بعد نبيها وبعد أبي بكر

1756 - وأنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا منذر بن محمد بن أبان البغوي قال : حدثنا سعيد بن محمد الوراق قال : حدثنا كثير النواء ، عن أبي شريحة قال : سمعت عليا ، رضي الله عنه يقول على المنبر : ألا إن أبا بكر رضي الله عنه كان أواها (1) منيب (2) القلب ، ألا وإن عمر رضي الله عنه ناصح الله فنصحه
__________
(1) الأوّاه : المتأوّه المُتضَرّع وقيل هو الكثير البكاء، وقيل الكثير الدعاء.
(2) الإنابة : الرجوع إلى اللَّه بالتَّوبة

1757 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، عن سعيد بن سالم ، عن منصور بن دينار ، عن الأعمش ، والحسن بن عمرو ، وجامع بن أبي راشد ، ومحمد بن قيس ، وأبي حصين ، عن منذر الثوري ، عن محمد بن الحنفية ، رضي الله عنه قال : قلت لأبي : علي بن أبي طالب رضي الله عنه : من خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ . قال : أبو بكر . قلت : ثم من ؟ . قال : « ثم عمر » . ثم بادرت فخفت أن أسأله فقلت : ثم أنت ؟ . فقال : أبوك رجل من الناس له حسنات وسيئات ، يفعل الله ما يشاء «

1758 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن ناجية قال : حدثنا الحسن بن عرفة ، وزياد بن أيوب ، ومحمد بن أبي الوليد الفحام ، قالوا : حدثنا النضر بن إسماعيل أبو المغيرة قال : حدثنا محمد بن سوقة ، عن منذر الثوري ، عن ابن الحنفية قال : قلت لأبي رضي الله عنه يا أبه ، من أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ . قال لي : يا بني أو ما تعلم ؟ . قلت : لا . قال : أبو بكر . قلت : يا أبه ثم من ؟ . قال : أو ما تعلم ؟ . قلت : لا . قال : ثم عمر . قال : ثم عجلت فقلت : يا أبه ثم أنت الثالث ؟ . فقال : يا بني ، أبوك رجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم

1759 - أنبأنا أبو سعيد المفضل بن محمد الجندي ، في المسجد الحرام ، قال : حدثنا أبو حمة محمد بن يوسف قال : حدثنا عبد الرزاق قال : حدثنا الثوري ، عن جامع بن أبي راشد ، عن أبي يعلى ، عن ابن الحنفية ، رضي الله عنه قال : قلت لأبي : يا أبتاه ، من خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ . قال لي : يا بني أبو بكر . قال : قلت : ثم من يا أبتاه ؟ . قال : ثم عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : فخشيت أن أسأل الثالثة فيرميني بعثمان ، قلت : ثم أنت يا أبتاه ؟ . قال : يا بني ، أبوك رجل من المسلمين

1760 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا محمد بن المثنى ، ومحمد بن بشار قالا : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال : حدثنا سفيان الثوري ، عن جامع بن أبي راشد ، عن أبي يعلى منذر الثوري ، عن ابن الحنفية ، رحمه الله ، قال : قلت : يا أبه ، من خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ . فقال : أبو بكر . قلت : ثم من ؛ قال : ثم عمر

1761 - وحدثنا الفريابي ، أيضا ، قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن أبي إسحاق ، عن أبي جحيفة قال : سمعت علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه على المنبر بالكوفة يقول : إن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ، ثم خيرهم بعد أبي بكر عمر والثالث لو شئت سميته

1762 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن مخلد العطار قال : حدثنا العباس بن محمد الدوري قال : حدثنا حسين الجعفي ، عن صالح بن موسى قال : سمعت أبي يسأل ، عاصم بن أبي النجود فقال : يا أبا بكر ، على ما تضعون هذا من علي رضي الله عنه خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ، وخيرهم بعد أبي بكر عمر ، وعلمت مكان الثالث ، فقال له عاصم : ما نضعه إلا أنه عنى عثمان هو كان أفضل من أن يزكي نفسه رضي الله عنه

1763 - حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال : حدثنا إبراهيم بن منقذ الخولاني ، بمصر ، قال : حدثنا إدريس بن يحيى الخولاني ، عن الفضل بن المختار ، عن مالك بن مغول ، والقاسم بن الوليد الهمداني ، عن عامر الشعبي قال : قال أبو جحيفة : دخلت على علي رضي الله عنه فقلت : يا خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : مهلا يا أبا جحيفة ، مهلا يا أبا جحيفة ، ألا أخبرك بخير الناس بعد نبيها رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبو بكر وعمر ، ويحك يا أبا جحيفة ، لا يجتمع حبي وبغض أبي بكر وعمر في قلب مؤمن ، ويحك يا أبا جحيفة لا يجتمع بغضي وحب أبي بكر وعمر في قلب مؤمن

1764 - أنبأنا إبراهيم بن الهيثم الناقد قال : حدثنا عبد الله بن عمر الكوفي قال : حدثنا أبو سلمة ، عن محمد بن طلحة بن مصرف ، عن أبي عبيدة بن الحكم الأسدي ، عن الحكم بن جحل قال : قال علي رضي الله عنه : لا يفضلني أحد على أبي بكر وعمر ، ولا يفضلني أحد عليهما إلا جلدته جلد المفتري

1765 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا يحيى بن إسحاق السالحيني قال : حدثنا سلمة بن الأسود قال : أخبرني أبو عبد الرحمن قال : دخل علي ، رضي الله عنه على عمر ، رضي الله عنه وقد سجي (1) بثوبه ، فقال : ما أحد أحب إلي أن ألقى الله عز وجل بصحيفته من هذا المسجى (2) بينكم ، ثم قال : رحمك الله ابن الخطاب إن كنت بذات الله لعليما ، وإن كان الله عز وجل في صدرك لعظيما ، وإن كنت لتخشى الله عز وجل في الناس ، ولا تخشى الناس في الله عز وجل كنت جوادا بالحق ، بخيلا بالباطل ، خميصا من الدنيا ، بطينا من الآخرة ، لم تكن عيابا ولا مداحا
__________
(1) سجي : غطي
(2) مسجى : مغطى

1766 - وحدثنا أبو بكر ، أيضا ، قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا أبو بدر شجاع بن الوليد قال : حدثنا خلف بن حوشب ، عن أبي السفر ، ؛ قال : رؤي على علي بن أبي طالب رضي الله عنه برد (1) كان يكثر لبسه ، قال : فقيل : يا أمير المؤمنين ، إنك لتكثر لبس هذا البرد ؟ . فقال : نعم ، إن هذا كسانيه خليلي وصفيي (2) عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ثم قال : إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ناصح الله فنصحه ، ثم بكى
__________
(1) البْرُدُ والبُرْدة : الشَّمْلَةُ المخطَّطة، وقيل كِساء أسود مُرَبَّع فيه صورٌ
(2) صفيه : الذي يُصَافِيه الودَّ ويُخْلصُه له

1767 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا موسى بن عبد الرحمن القلاء قال : حدثنا عطاء بن مسلم ، عن سفيان الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن أبي مريم قال : رأيت على علي بن أبي طالب رضي الله عنه بردا (1) خلقا قد انسحقت حواشيه (2) ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، إن لي إليك حاجة . قال : وما هي ؟ قلت : تطرح هذا البرد وتلبس غيره . قال : فقعد وطرح البرد على وجهه وجعل يبكي . فقلت : يا أمير المؤمنين ، لو علمت أن قولي يبلغ منك هذا ما قلته . فقال : إن هذا البرد كسانيه خليلي . قلت : ومن خليلك ؟ قال : عمر رحمه الله إن عمر عبد ناصح الله عز وجل فنصحه
__________
(1) البْرُدُ والبُرْدة : الشَّمْلَةُ المخطَّطة، وقيل كِساء أسود مُرَبَّع فيه صورٌ
(2) الحواشي : الجوانب والأطراف

1768 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا وهب بن بقية الواسطي قال : حدثنا خالد بن عبد الله الواسطي ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن عامر الشعبي قال : قال علي رضي الله عنه : ما كنا نبعد أن السكينة (1) تنطق على لسان عمر رضي الله عنه
__________
(1) السكينة : الطمأنينة والمهابة والوقار

1769 - حدثنا الفريابي قال : حدثنا محمود بن غيلان المروزي قال : حدثنا عبد الرزاق قال : أنبأنا معمر ، عن عاصم ، عن زر ، عن علي ، رضي الله عنه قال : ما كنا نبعد أن السكينة (1) تنطق على لسان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال محمد بن الحسين رحمه الله : لما علم علي رضي الله عنه بفضائل عمر رضي الله عنه وحسن منزلته من الله تعالى ومن رسوله صلى الله عليه وسلم زوجه ابنته أم كلثوم رضي الله عنها ، وأمها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورضوان الله على فاطمة ، وولدت منه ، ولقد قتل عمر رضي الله عنه وهي عنده رضي الله عنها
__________
(1) السكينة : الطمأنينة والمهابة والوقار

1770 - أنبأنا الفريابي قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا الليث بن سعد ، عن هشام بن سعد ، عن عطاء الخراساني ، أنه قال : خطب عمر رضي الله عنه إلى علي كرم الله وجهه أم كلثوم ابنته وهي من فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال علي رضي الله عنه إنها صغيرة . فقال عمر : وإن كانت صغيرة ، فقال علي : فإني حبستها على ابن جعفر ، يعني : الطيار رضي الله عنه فقال عمر رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن كل نسب وصهر (1) منقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري » . فلذلك رغبت فيها . فقال علي رضي الله عنه : فإني مرسلها إليك حتى تنظر إلى صغرها . فأرسلها إليه . فقالت : إن أبي يقول لك : هل رضيت الحلة (2) ؟ فقال : رضيتها ، فأنكحه علي رضي الله عنهما فأصدقها عمر أربعين ألفا
__________
(1) الصِّهر : القريب بالزواج
(2) الحُلَّة : ثوبَان من جنس واحد

1771 - أنبأنا أبو بكر بن أبي داود ؛ قال : حدثنا عمي محمد بن الأشعث قال : حدثنا معلى قال : حدثنا وهيب ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، أن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه خطب إلى علي رضي الله عنه أم كلثوم رضي الله عنها فقال : أنكحنيها . فقال علي كرم الله وجهه إني أرصدها (1) لابن أخي جعفر رضي الله عنه فقال عمر : أنكحنيها ، فوالله ما أحد من الناس يرصد (2) من أبيها ما أرصده ، فأنكحه ، فأتى عمر المهاجرين فقال : رفئوني . فقالوا : بمن يا أمير المؤمنين ؟ فقال : لأم كلثوم بنت علي لفاطمة رضي الله عنهما بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سمعت رسول الله يقول : « كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلا ما كان من سببي ونسبي » فأحببت أن يكون بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم نسب « قال محمد بن الحسين : هؤلاء الصفوة الذين قال الله عز وجل : ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين (3) رضي الله عنهم
__________
(1) أرصدها : أعدها والمعنى أنه ينوي ذلك
(2) الرصد والترصد : الترقب والإعداد
(3) سورة : الحجر آية رقم : 47

1772 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا محمد بن عوف قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا شريك ، عن الأسود بن قيس ، عن عمرو بن قيس قال : قال علي رضي الله عنه : سبق رسول الله صلى الله عليه وسلم وثنى أبو بكر وثلث عمر ، معناه سبق رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفضل ، وثنى أبو بكر بعده بالفضل ، وثلث عمر بعد أبي بكر بالفضل رضي الله عنهم

1773 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا أيوب بن منصور الضبعي قال : حدثنا شبابة يعني ابن سوار ؛ قال : حدثنا شعيب بن ميمون ، عن حصين بن عبد الرحمن ، وابن جناب ، كلاهما عن الشعبي ، عن شقيق بن سلمة قال : قيل لعلي رضي الله عنه : استخلف علينا . فقال : ما أستخلف ولكن إن يرد الله عز وجل بهذه الأمة خيرا يجمعهم على خيرهم كما جمعهم بعد نبيهم صلى الله عليه وسلم على خيرهم

1774 - حدثنا أبو حفص عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا محمد بن معاوية بن مالج قال : حدثنا علي بن هاشم ، عن أبيه ، عن أبي الجحاف قال : قام أبو بكر رضي الله عنه بعدما بويع له ، وبايع له علي رضي الله عنه وأصحابه ، قام ثلاثا يقول : أيها الناس قد أقلتكم بيعتكم ، هل من كاره ؟ . قال : فيقوم علي رضي الله عنه في أوائل الناس فيقول : لا والله لا نقيلك ولا نستقيلك ، قدمك رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن ذا الذي يؤخرك ؟

1775 - حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد الأعرابي قال : حدثنا إبراهيم بن قهد قال : حدثنا محمد بن خالد الواسطي قال : حدثنا شريك ، عن أبي بكر الهذلي ، عن الحسن قال : قال علي رضي الله عنه : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه فصلى بالناس وقد رأى مكاني ، وما كنت غائبا ولا مريضا ، ولو أراد أن يقدمني لقدمني ، فرضينا لدنيانا من رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا

1776 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن العباس الطيالسي ، قال هلال بن العلاء الرقي قال : حدثنا أبي ، قال : إسحاق الأزرق قال : حدثنا أبو سنان ، عن الضحاك بن مزاحم ، عن النزال بن سبرة الهلالي قال : وافقنا من علي بن أبي طالب رضي الله عنه ذات يوم طيب نفس ومزاحا ، فقلنا : يا أمير المؤمنين حدثنا عن أصحابك ، قال : كل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابي . قلنا : حدثنا عن أصحابك خاصة ، قال : ما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب إلا كان لي صاحبا ، قلنا : حدثنا عن أبي بكر ، قال : ذاك امرؤ سماه الله عز وجل صديقا على لسان جبريل ولسان محمد عليهما الصلاة والسلام ، كان خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم رضيه لديننا ، فرضيناه لدنيانا قلنا : حدثنا عن عمر بن الخطاب ؛ قال : ذلك امرؤ سماه الله عز وجل الفاروق ، فرق بين الحق والباطل ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « اللهم أعز الإسلام بعمر » قلنا : حدثنا عن عثمان بن عفان ، قال : ذلك امرؤ يدعى في الملأ الأعلى ذا النورين ، كان ختن (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنتيه ، ضمن له بيتا في الجنة قلنا : حدثنا عن طلحة بن عبيد الله ، قال : فقال : ذاك امرؤ نزلت فيه آية من كتاب الله عز وجل فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا (2) طلحة منهم ، لا حساب عليه في مستقبل قالوا : يا أمير المؤمنين ، حدثنا عن الزبير بن العوام ، قال : ذاك امرؤ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « لكل نبي حواري (3) ، وحواري الزبير » قالوا : فحدثنا عن حذيفة ، قال : ذاك رجل علم المعضلات والمقفلات ، وعلم أسماء المنافقين ، إن تسألوه عنها تجدوه بها عالما قالوا : فحدثنا عن أبي ذر ، قال : ذاك امرؤ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : « ما أظلت الخضراء (4) ، ولا أقلت الغبراء (5) من ذي لهجة (6) أصدق من أبي ذر ، طلب شيئا من الزهد عجز عنه الناس ، قالوا : يا أمير المؤمنين ، فحدثنا عن سلمان الفارسي ، قال : ذاك منا أهل البيت ، إنما أدرك علم الأولين وعلم الآخرين ، من لكم بلقمان الحكيم قلنا : فحدثنا عن ابن مسعود ، قال : ذاك امرؤ قرأ القرآن فعلم حلاله وحرامه ، وعمل بما فيه ، ثم نزل عنده وخيم قلنا : فحدثنا عن عمار بن ياسر ، قال : ذاك امرؤ ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : » خلط الله عز وجل الإيمان ما بين قرنه (7) إلى قدمه ، وخلط الإيمان بلحمه ودمه ، يزول مع الحق حيث زال ، وليس ينبغي للنار أن تأكل منه شيئا « قالوا : يا أمير المؤمنين ، فحدثنا عن نفسك ، قال : مه (8) ، نهى الله عز وجل عن التزكية (9) . قالوا : يا أمير المؤمنين ، إن الله عز وجل قال وأما بنعمة ربك فحدث (10) قال : كنت امرأ أبتدئ فأعطي ، وإن سكت فأبتدأ ، وإن تحت الجوانح مني لعلما جما ، سلوني
__________
(1) الختن : قريب الزوجة كأبيها وأخيها ، وزوج الابنة ، وزوج الأخت
(2) سورة : الأحزاب آية رقم : 23
(3) الحواري : الناصر والصديق والمعين
(4) الخضراء : السماء
(5) الغبراء : الأرض
(6) اللهجة : لغة الإنسان وكلامه
(7) القرن : جانب الرأس
(8) مه : كلمة زجر بمعنى كف واسكت وانته
(9) التزكية : المدح على سبيل الإعجاب
(10) سورة : الضحى آية رقم : 11

1777 - حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسين الكوفي الأشناني قال : حدثنا أحمد بن عبد الحميد بن خالد قال : حدثنا أبو أسامة ، عن مسعر قال : حدثني أبو عون الثقفي ، عن محمد بن حاطب قال : ذكروا عثمان عند الحسين بن علي رضي الله عنهم فقال الحسين : هذا أمير المؤمنين علي رضي الله عنه يأتيكم الآن فاسألوه عنه ؟ فجاء علي فسألوه عن عثمان رضي الله عنهما ؟ فتلا هذه الآية في المائدة ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح (1) كلما مر بحرف من الآية قال : كان عثمان من الذين آمنوا ، كان عثمان من الذين اتقوا ، ثم قرأ إلى قوله عز وجل والله يحب المحسنين
__________
(1) سورة : المائدة آية رقم : 93

1778 - حدثنا أبو جعفر محمد بن خالد البرذعي ، في المسجد الحرام ، قال : حدثنا محمد بن سليمان ، ابن بنت مطر الوراق قال : حدثنا أبو قطن ، عن شعبة ، عن أبي عون ، عن محمد بن حاطب قال : سئل علي رضي الله عنه عن عثمان رضي الله عنه قال : « كان من الذين آمنوا ثم اتقوا وآمنوا »

1779 - حدثني أبو حفص عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا الحسن بن عرفة قال : حدثنا أبو معاوية الضرير ، عن أبي بكر الهذلي ، عن الحسن قال : دخل عبد الله بن الكواء ، وقيس بن عباد على علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد ما فرغ من قتال الجمل ، فقالا له : أخبرنا عن مسيرك هذا الذي سرت رأيا رأيته حين تفرقت الأمة واختلفت الدعوة ، إنك أحق الناس بهذا الأمر ، فإن كان رأيا رأيته أجبناك في رأيك ، وإن كان عهدا عهد إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنت الموثوق المأمون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما حدثت عنه ، قال : فتشهد علي رضي الله عنه وكان القوم إذا تكلموا تشهدوا قال : فقال : أما أن يكون عندي عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا والله ، ولو كان عندي عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تركت أخا بني تميم بن مرة ، ولا ابن الخطاب على منبره ، ولو لم أجد إلا يدي هذه ، ولكن نبيكم صلى الله عليه وسلم نبي رحمة لم يمت فجاءة ، ولم يقتل قتلا ، مرض ليالي وأياما ، وأياما وليالي ، يأتيه بلال فيؤذنه بالصلاة فيقول : « مروا أبا بكر فليصل بالناس » وهو يرى مكاني ، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم نظرنا في أمرنا ، فإذا الصلاة عضد الإسلام وقوام الدين فرضينا لدنيانا من رضي رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا ، فولينا الأمر أبا بكر رحمه الله ، فأقام أبو بكر رضي الله عنه بين أظهرنا الكلمة جامعة ، والأمر واحد لا يختلف عليه منا اثنان ، ولا يشهد أحد منا على أحد بالشرك ، ولا يقطع منه البراءة ، فكنت والله آخذ إذا أعطاني ، وأغزو إذا أغزاني ، وأضرب بيده هذه الحدود بين يديه ، فلما حضرت أبا بكر الوفاة ولاها عمر رحمه الله فأقام عمر بين أظهرنا الكلمة جامعة ، والأمر واحد لا يختلف عليه منا اثنان ، ولا يشهد أحد منا على أحد بالشرك ، ولا يقطع منه البراءة ، فكنت والله آخذ إذا أعطاني ، وأغزو إذا أغزاني ، وأضرب بيدي هذه الحدود بين يديه ، فلما حضرت عمر رضي الله عنه الوفاة ، ظن أنه لن يستخلف خليفة فيعمل ذلك الخليفة بخطيئة إلا لحقت عمر في قبره ، فأخرج منها ولده وأهل بيته ، وجعلها إلى ستة رهط (1) من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان فينا عبد الرحمن بن عوف فقال : هل لكم أن أدع لكم نصيبي منها على أن أختار لله ولرسوله ، وأخذ ميثاقنا على أن نسمع ونطيع لمن ولاه أمرنا ، فضرب بيده يد عثمان فبايعه ، فنظرت في أمري ، فإذا طاعتي قد سبقت بيعتي وإذا الميثاق في عنقي لغيري ، فاتبعت عثمان لطاعته حتى أديت إليه حقه رحمه الله
__________
(1) الرهط : الجماعة من الرجال دون العشرة

1780 - حدثني عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا محمد بن معاوية بن مالج قال : حدثنا كثير بن مروان الفلسطيني ، عن الحسن بن عمارة ، عن المنهال بن عمرو ، عن سويد بن غفلة قال : مررت بنفر من الشيعة يتناولون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وينتقصونهما ، فدخلت على علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقلت : يا أمير المؤمنين ، مررت بنفر من أصحابك يذكرون أبا بكر وعمر بغير الذي هما فيه من الأمة أهلا ، ولولا أنهم يرون أنك تضمر لهما مثل ما أعلنوا ما اجترؤا على ذلك ، قال علي رضي الله عنه : أعوذ بالله ، أعوذ بالله أن أضمر لهما إلا الذي أتمنى عليه المضي ، لعن الله من أضمر لهما إلا الحسن الجميل ، أخوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه ووزيراه رحمة الله عليهما ثم قام دامع العين يبكي قابضا على يدي حتى دخل المسجد فصعد المنبر وجلس عليه متمكنا قابضا على لحيته ينظر فيها وهي بيضاء ، حتى اجتمع له الناس ثم قام فتشهد بخطبة موجزة بليغة ، ثم قال : ما بال أقوام يذكرون سيدي قريش وأبوي المسلمين بما أنا عنه متنزه ، وعما قالوا بريء ، وعلى ما قالوا معاقب ، أما والذي فلق الحبة وبرأ (1) النسمة ، لا يحبهما إلا مؤمن تقي ، ولا يبغضهما إلا فاجر ردي ، صحبا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدق والوفاء ، يأمران وينهيان ويقضيان ويعاقبان ، فما يجاوزان فيما يصنعان رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى مثل رأيهما رأيا ، ولا يحب كحبهما أحدا ، مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهما راض ، والمؤمنون عنهما راضون ، آمن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر على صلاة المؤمنين ، فصلى بهم تسعة أيام في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما قبض الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم ، واختار له ما عنده ، وولاه المؤمنون ذلك وفوضوا الزكاة إليه ، لأنهما مقرونتان ، ثم أعطوه البيعة طائعين غير مكرهين ، أنا أول من سن له ذلك من بني عبد المطلب ، وهو لذلك كاره ، يود أحدا منا كفاه ذلك ، وكان والله خير من بقي ، وأرأفه رأفة وأثبته ورعا وأقدمه سنا وإسلاما ، شبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم بميكائيل رأفة ورحمة ، وبإبراهيم عفوا ووقارا ، فسار فينا بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مضى على أجله ذلك ، ثم ولى الأمر بعده عمر رحمه الله ، واستأمر المسلمين في هذا ، فمنهم من رضي ، ومنهم من كره ، وكنت فيمن رضي ، فلم يفارق الدنيا حتى رضيه من كان كرهه ، فأقام الأمر على منهاج النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه ، يتبع آثارهما كاتباع الفصيل أثر أمه ، فكان والله رفيقا رحيما بالضعفاء ، وللمؤمنين عونا ، وناصرا للمظلومين علىالظالمين ، لا تأخذه في الله لومة (2) لائم ، ثم ضرب الله عز وجل بالحق على لسانه ، وجعل الصدق من شأنه حتى كنا نظن أن ملكا ينطق على لسانه ، فأعز الله بإسلامه الإسلام ، وجعل هجرته للدين قواما ، وألقى الله عز وجل له في قلوب المنافقين الرهبة ، وفي قلوب المؤمنين المحبة ، شبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم بجبريل عليه السلام ، فظا غليظا على الأعداء وبنوح حنقا مغتاظا على الكفار ، الضراء على طاعة الله عز وجل آثر عنده من السراء على معصية الله ، فمن لكم بمثلهما رحمة الله عليهما ورزقنا المضي على أثرهما ، فمن لكم بمثلهما ؟ فإن لا يبلغ مبلغهما إلا باتباع أثرهما والحب لهما ، فمن أحبني فليحبهما ، ومن لم يحبهما فقد أبغضني وأنا منه بريء ، ولو كنت تقدمت إليكم في أمرهما لعاقبت على هذا أشد العقوبة ؛ ولكنه لا ينبغي لي أن أعاقب قبل التقدم ، ألا فمن أتيت به يقول هذا بعد اليوم فإن عليه ما على المفتري ، ألا وإن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر ، ثم الله أعلم بالخير أين هو ، أقول قولي هذا ويغفر الله لي ولكم حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد الأعرابي قال : حدثنا محمد بن زكريا الغلابي قال : حدثنا بشر بن حجر السامي قال : حدثنا حفص بن عمر الدارمي ، عن الحسن بن عمارة ، عن المنهال بن عمرو ، عن سويد بن غفلة قال : مررت بقوم من الشيعة ، وذكر نحوا من الحديث الذي قبله إلى آخره
__________
(1) برأ : خلق وأوجد من العدم
(2) اللوم : العَذَل والتعنيف

1781 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا أحمد بن منصور المروزي وحدثني أبو بكر عبد الله بن محمد الواسطي قال : حدثنا أحمد بن منصور المروزي ويعرف بابن زاج قال : حدثني أحمد بن مصعب المروزي قال : حدثنا عمر بن أبي الهيثم بن خالد القرشي ، عن عبد الملك بن عمير ، عن أسيد بن صفوان وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وحدثني عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا الحسن بن عرفة قال : حدثنا يحيى بن مسعود قال : حدثني أبو حفص العبدي ، عن عبد الملك بن عمير ، عن أسيد بن صفوان ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لما قبض أبو بكر رضي الله عنه وسجي عليه ارتجت (1) المدينة بالبكاء كيوم قبض النبي صلى الله عليه وسلم فجاء علي بن أبي طالب رضي الله عنه باكيا مسترجعا مسرعا وهو يقول : « اليوم انقطعت خلافة النبوة ، حتى وقف على باب البيت الذي فيه أبو بكر ، وأبو بكر رضي الله عنه مسجى (2) ، فقال : رحمك الله أبا بكر كنت إلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنيسه ومستراحه وثقته وموضع سره ومشاورته ، وكنت أول القوم إسلاما ، وأخلصهم إيمانا ، وأسدهم يقينا ، وأخوفهم لله عز وجل ، وأعظمهم غناء في دين الله ، وأحوطهم على رسوله ، وأحدبهم على الإسلام ، وأمنهم على أصحابه ، أحسنهم صحبة ، وأكثرهم مناقب ، وأفضلهم سوابق ، وأرفعهم درجة ، وأقربهم وسيلة ، وأشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم هديا (3) وسمتا (4) ورحمة وفضلا ، أشرفهم منزلة ، وأكرمهم عليه وأوثقهم عنده ، فجزاك الله عن الإسلام وعن رسوله خيرا ، كنت عنده بمنزلة السمع والبصر ، صدقت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كذبه الناس ، فسماك الله عز وجل في تنزيله صديقا ، فقال في كتابه والذي جاء بالصدق (5) محمد صلى الله عليه وسلم وصدق به أبو بكر ، واسيته حين بخلوا ، وأقمت معه عند المكاره حين عنه قعدوا ، وصحبته في الشدة أكرم الصحبة ، وصاحبه في الغار والمنزل عليه السكينة ، ورفيقه في الهجرة ، وخلفته في دين الله عز وجل وأمته أحسن الخلافة ، حين ارتد الناس فقمت بالأمر ما لم يقم به خليفة نبي ، فنهضت حين وهن أصحابك ، وبرزت حين استكانوا ، وقويت حين ضعفوا ، ولزمت منهاج رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنت خليفته حقا ، لم تنازع ولم تصدع برغم المنافقين وكبت الكافرين وكره الحاسدين وفسق الفاسقين وغيظ الباغين ، وقمت بالأمر حين فشلوا ، ونطقت إذ تتعتعوا ، ومضيت بنور إذ وقفوا ، اتبعوك فهدوا ما كنت أخفضهم صوتا وأعلاهم فوقا وأقلهم كلاما وأصوبهم منطقا ، وأطولهم صمتا ، وأبلغهم قولا ، وأكثرهم رأيا ، وأشجعهم نفسا وأعرفهم بالأمور ، وأشرفهم عملا ، كنت والله للدين يعسوبا ، أولا حين نفر عنه الناس ، وآخرا حين فتنوا ، كنت والله للمؤمنين أبا رحيما حين صاروا عليك عيالا ، حملت أثقال ما ضعفوا ، ورعيت ما أهملوا ، وحفظت ما أضاعوا ، تعلم ما جهلوا ، وشمرت إذ خنعوا ، وعلوت إذ هلعوا (6) ، وصبرت إذ جزعوا ، وأدركت آثار ما طلبوا ، وراجعوا رشدهم برأيك فظفروا ، ونالوا ما لم يحتسبوا ، كنت على الكافرين عذابا صبا ، وللمؤمنين رحمة وأنسا وحصنا ، فطرت بعبائها وفزت بحبائها وذهبت بفضائلها ، ولم يزع قلبك ولم يجبن ، كنت والله كالجبل لا تحركه العواصف ولا تزيله القواصف ، كنت كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : » أمن الناس عنده في صحبته « وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم » ضعيفا في بدنك ، قويا في أمر الله ، متواضعا في نفسك ، عظيما عند الله عز وجل ، جليلا في أعين الناس ، كبيرا في أنفسهم « لم يكن لأحد فيك مغمز ، ولا لقائل فيك مهمز ، ولا لأحد فيك مطمع ، ولا لمخلوق عندك هوادة (7) ، الضعيف الذليل عندك قوي حتى تأخذ له بحقه ، القوي العزيز عندك ضعيف ذليل حتى تأخذ منه الحق ، القريب والبعيد في ذلك عندك سواء ، أقرب الناس إليكم أطوعهم لله تبارك وتعالى وأتقاهم له ، شأنك الحق والصدق والرفق ، قولك حكم وحتم ، أمرك حلم وجزم ، ورأيك علم وعزم ، فأقلعت وقد نهج السبيل ، وسهل العسير ، وأطفئت النيران ، واعتدل بك الدين ، وقوي الإيمان ، وثبت الإسلام والمسلمون ، وظهر أمر الله ولو كره الكافرون ، فجليت عنهم فأبصروا ، فسبقت والله سبقا بعيدا ، واتعبت من بعدك إتعابا شديدا ، وفزت بالخير فوزا مبينا ، فجللت عن البكاء ، وعظمت رزيئتك في السماء ، وهدت مصيبتك الأنام ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، رضينا عن الله قضاه ، وسلمنا له أمره ، والله لن يصاب المسلمون بعد رسوله صلى الله عليه وسلم بمثلك أبدا ، كنت للدين عزا وحرزا (8) وكهفا ، وللمؤمنين فئة وحصنا ، وعلى المنافقين غلظة وكظا وغيظا ، فألحقك الله بنبيك ولا حرمنا أجرك ولا أضلنا بعدك ، فإنا لله وإنا إليه راجعون . وسكت الناس حتى انقضى كلامه رضي الله عنه ثم بكوا حتى علت أصواتهم ، فقالوا : صدقت يا ختن (9) رسول الله صلى الله عليه وسلم قال محمد بن الحسين رحمه الله : قد ذكرت من مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، وعثمان معهما لمقتول ظلما رضي الله عنه وعظيم قدرهم عنده ما تأدى إلينا ما فيه مبلغ لمن عقل فميز جميع ما تقدم ذكرنا له ، فمن أراد الله الكريم به خيرا فميز ذلك علم أن أبا بكر وعمر وعثمان وعليا رضي الله عنهم كما قال الله عز وجل ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين (10) وعلم أن هؤلاء الصفوة من صحابة نبينا صلى الله عليه وسلم الذين قال الله عز وجل والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم (11) ، وكذلك جميع صحابته ضمن الله عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم أن لا يخزيه فيهم وأنه يتم لهم يوم القيامة نورهم ويغفر لهم ويرحمهم ؛ قال الله عز وجل يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير (12) وقال عز وجل محمد رسول الله ، والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا ، سيماهم في وجوههم من أثر السجود ، ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار ، وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما » (13) قال محمد بن الحسين رحمه الله : فنعوذ بالله ممن في قلبه غيظ لأحد من هؤلاء أو لأحد من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو لأحد من أزواجه ، بل نرجوا بمحبتنا لجميعهم الرحمة والمغفرة من الله الكريم إن شاء الله
__________
(1) ارتج : اضطرب واهتز
(2) مسجى : مغطى
(3) الهدي : السيرة والهيئة والطريقة
(4) والسَّمْت : عبارةٌ عن الحالة التي يكونُ عليها الإنسانُ من السَّكينة والوَقار، وحُسْن السِّيرة والطَّريقة واستقامةِ المَنْظر والهيئة
(5) سورة : الزمر آية رقم : 33
(6) الهلع : أشد الجزع والضجر
(7) الهوادة : اللين ، وما يرجى به الصلاح بين القوم ، والسكون والرخصة والمحاباة
(8) الحرز : الحصن الواقي والموفر للحفظ والحماية والصيانة
(9) الختن : قريب الزوجة كأبيها وأخيها ، وزوج الابنة ، وزوج الأخت
(10) سورة : الحجر آية رقم : 47
(11) سورة : التوبة آية رقم : 100
(12) سورة : التحريم آية رقم : 8
(13) سورة : الفتح آية رقم : 29

ذكر دفن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم قال محمد بن الحسين رحمه الله : الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، والحمد لله على كل حال ، وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم . أما بعد : فإن سائلا سأل عن دفن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم ، كيف كان بدؤ شأن دفنهما معه ؟ وكيف صفة قبريهما مع قبره ؟ وهل كان تقدم من النبي صلى الله عليه وسلم بذلك أثر أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يدفنان معه في بيت واحد ، في بيت عائشة رضي الله عنها ؟ . فأحب السائل أن يعلم ذلك علما شافيا فأجبته إلى الجواب عنه ، والله المعين عليه ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم قال محمد بن الحسين رحمه الله : من عني بمعرفة فضائل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنه وفضائل المهاجرين والأنصار على حسب ما تقدم ذكرنا في كتاب الشريعة ، لا بد له أن يعلم علم هذه المسألة ليزداد علما ويقينا وعقلا ، ولا يعارضه الشك في صحة دفنهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمتى عارضه جاهل لا علم معه كان معه علم ينفي به الشك حتى يرده إلى اليقين الذي لا شك فيه ، والله الموفق لكل رشاد . اعلموا يا معشر المسلمين أن النبي صلى الله عليه وسلم قد علم أنه ميت ، وقد علم أنه يدفن في بيته بيت عائشة رضي الله عنها وقد علم أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يدفنان معه ، والدليل على هذا قوله صلى الله عليه وسلم : « بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة » . وقوله صلى الله عليه وسلم : « ما بين بيت عائشة ومنبري روضة من رياض الجنة » وقوله صلى الله عليه وسلم : « ما قبض الله تبارك وتعالى نبيا إلا دفن حيث قبض » . فهذا يدل على أنه قد علم صلى الله عليه وسلم أنه يدفن في بيت عائشة رضي الله عنها وستأتي من الأخبار ما يدل على علم النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته أنه يدفن في بيته بيت عائشة رضي الله عنها وأن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يدفنان معه ، وأول من تنشق عنه الأرض النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم عن أبي بكر ثم عن عمر رضي الله عنهما

باب ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم : « بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة »

1782 - حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي قال : حدثنا محمد بن عمر قال : حدثنا نافع بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام ، عن محمد بن جعفر بن الزبير ، ويزيد بن رومان ، عن عروة بن الزبير ، عن جبير بن الحويرث ، عن أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « ما بين منبري هذا وقبري روضة من رياض الجنة »

1783 - أخبرنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا أبو معمر القطيعي ، ومحمد بن أبي عمر العدني ، ويوسف بن موسى القطان ، قالوا : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عمار الدهني ، عن أبي سلمة ، عن أم سلمة ، رحمها الله ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : « ما بين قبري ومنبري روضة (1) من رياض الجنة ، وإن قوائم منبري هذا رواتب (2) في الجنة »
__________
(1) الروضة : البستان
(2) رواتب : جمع راتبة أي ثابتة قائمة

1784 - وحدثنا أبو محمد عبد الله بن العباس الطيالسي قال : حدثنا نصر بن علي قال : أنبأنا سفيان بن عيينة ، عن عمار الدهني ، عن أم سلمة ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : « قوائم منبري هذا على ترع (1) الجنة وما بين بيت عائشة ومنبري روضة (2) من رياض الجنة ومنبري على حوضي »
__________
(1) التُّرعة : الروْضة والدرجة المرتفعة ومعناه أن الصلاة والذكر في هذا الموضع يؤديان إلى الجنة، فكأنه قِطْعة منها
(2) الروضة : البستان

1785 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود السجستاني قال : حدثنا القاسم بن عثمان الجوعي قال : حدثنا عبد الله بن نافع ، عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما بين بيتي ومنبري روضة (1) من رياض الجنة وإن منبري على حوضي » قال محمد بن الحسين رحمه الله : تدل هذه السنن على أنه قد علم صلى الله عليه وسلم أنه يدفن في بيت عائشة رضي الله عنها وأن قبره بإزاء منبره ، وبينهما روضة من رياض الجنة
__________
(1) الروضة : البستان

باب ذكر وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وعدد سنيه التي قبض عليها

1786 - حدثنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي قال : حدثني إبراهيم بن المنذر الحزامي قال : حدثنا محمد بن فليح ، عن موسى بن عقبة ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة ، رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي وهو ابن ثلاث وستين سنة

1787 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا يحيى بن طلحة الأنصاري ، عن يونس بن يزيد ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، رضي الله عنها قالت : قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين سنة

1788 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن خالد البرذعي في المسجد الحرام ، قال : حدثنا محمد بن سليمان ابن بنت مطر الوراق قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عامر بن سعد ، عن معاوية بن أبي سفيان ، رحمه الله ، قال : قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين ، وأبو بكر وهو ابن ثلاث وستين ، وعمر وهو ابن ثلاث وستين

1789 - حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عفير الأنصاري قال : حدثنا محمد بن يحيى الأزدي قال : حدثنا المثنى بن بحر القشيري قال : حدثنا عبد الواحد بن سليمان ، عن الحسن بن الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه قال : لما كان قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بثلاثة أيام هبط عليه جبريل عليه السلام ، فقال : يا محمد أرسلني إليك من هو أعلم بما تجد منك خاصة لك وإكراما لك ، وتفضيلا لك ، يقول لك كيف تجدك ؟ قال : « أجدني يا جبريل مغموما ، وأجدني يا جبريل مكروبا » فلما كان اليوم الثاني هبط عليه جبريل عليه السلام فقال : يا محمد أرسلني إليك من هو أعلم بما تجد منك خاصة لك وإكراما لك ، وتفضيلا لك ، يقول لك : كيف تجدك ؟ . قال : « أجدني يا جبريل مغموما ، وأجدني يا جبريل مكروبا » قال : فلما كان اليوم الثالث هبط جبريل ومعه ملك الموت ، ومعه ملك على شماله يقال له : إسماعيل ، جنده سبعون ألف ملك ، جند كل ملك منهم مائة ألف ، وما يعلم جنود ربك إلا هو (1) استأذن ربه عز وجل في لقاء محمد صلى الله عليه وسلم والتسليم عليه ، فسبقهم جبريل عليه السلام ، فقال : السلام عليك يا محمد ، أرسلني إليك من هو أعلم بما تجد منك خاصة لك وإكراما لك وتفضيلا لك ، يقول لك : كيف تجدك ؟ قال : « أجدني مغموما وأجدني مكروبا » . قال : واستأذن ملك الموت ، فقال جبريل : يا محمد ، هذا ملك الموت يستأذن عليك ، واعلم أنه لم يستأذن على أحد قبلك ، ولا يستأذن على أحد بعدك ؛ قال : « ائذن له يا جبريل » . قال : فدخل ، فقال : السلام عليك يا محمد ، أرسلني إليك ربي وربك ، وأمرني أن أطيعك فيما تأمرني به ؛ إن أمرتني أن أقبض نفسك قبضتها ، وإن كرهت تركتها ؛ قال : « وتفعل ذلك يا ملك الموت ؟ » قال : بذلك أمرت يا محمد ، فأقبل عليه جبريل فقال : يا محمد ، إن الله عز وجل قد اشتاق إليك وأحب لقاءك ، فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم على ملك الموت فقال : « امض لما أمرت به » . فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسمعنا قائلا يقول وما نرى شيئا : في الله عزاء من كل هالك ، وعوض من كل مصيبة وخلف من كل ما فات ، فبالله فثقوا ، وإياه فارجوا ؛ فإن المحروم من حرم الثواب
__________
(1) سورة : المدثر آية رقم : 31

1790 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا محمد بن عباد قال : حدثنا بكر بن سليمان ، عن محمد بن إسحاق قال : وحدثني حسين بن عبد الله ، عن عكرمة ، عن عبد الله بن عباس وذكر وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الثلاثاء ، وضع على سريره في بيته ، وقد كان المسلمون اختلفوا في دفنه ، فقال قائل : ندفنه في مسجده ، وقال قائل : يدفن مع أصحابه . فقال أبو بكر رضي الله عنه : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « ما قبض نبي إلا دفن حيث يقبض » فرفع فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي توفي عليه فحفر له تحته ثم دخل الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسالا (1) ، الرجال حتى إذا فرغوا دخل النساء ، حتى إذا فرغن دخل الصبيان ، ولم يؤم الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد ثم دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم من وسط الليل ليلة الأربعاء
__________
(1) الأرسال : جمع رَسَل وهي الأفواج والفرق المتقطعة التي يتبع بعضها بعضا

1791 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا داود بن عمرو الضبي قال : حدثنا عيسى بن يونس ، عن عمر بن سعيد بن أبي حسين قال : حدثنا ابن أبي مليكة ، أن أبا عمرو ، مولى عائشة ، أخبره أن عائشة رضي الله عنها قالت : إن مما أنعم الله تعالى علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض في بيتي ، وتوفي بين سحري (1) ونحري (2) ، وجمع الله الكريم بين ريقي (3) وريقه عند الموت ، دخل علي أخي عبد الرحمن وأنا مسندة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صدري وبيده السواك ، فجعل ينظر إليه ، وكنت أعرف أنه يعجبه السواك ، فقلت : آخذه لك ؟ . فأومأ (4) برأسه : نعم ، فناولته إياه فأدخله في فيه فاشتد عليه ، فتناولته فقلت : ألينه لك ؟ فأومأ برأسه أن : نعم ، فلينته له ، فأمره وبين يديه ركوة (5) فيها ماء ، فجعل يدخل يده فيها ويمسح بها وجهه ويقول : « لا إله إلا الله ، إن للموت لسكرات » . ثم نصب يده وأشار ابن أبي حسين بأصبعه يقول : الرفيق الأعلى . حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومالت يده قال محمد بن الحسين رحمه الله : مرادنا من هذا دفن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة رضي الله عنها
__________
(1) السَّحْر : الرِّئَةُ وقيل السَّحْر ما لَصِق بالحُلقْوم من أعْلَى البَطْن
(2) النحر : موضع الذبح من الرقبة
(3) الريق : الرضاب ( ماء الفم )
(4) الإيماء : الإشارة بأعضاء الجسد كالرأس واليد والعين ونحوه
(5) الركوة : إناءٌ صغير من جِلْدٍ للشرب وغيره

باب ذكر دفن النبي صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة رضي الله عنها

1792 - حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا فضل بن سهل الأعرج قال : حدثنا عبد العزيز قال : حدثنا عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي مليكة قال : أخبرني أبي ، عن عبيد بن عمير الليثي قال : لما قبض النبي صلى الله عليه وسلم اختلف أصحابه في دفنه ، فمنهم من قال : ادفنوه في البقيع ، ومنهم من قال : ادفنوه في مقابر أصحابه . فقال أبو بكر رضي الله عنه : لا ينبغي رفع الصوت على نبي حيا ولا ميتا ؛ فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : أبو بكر مؤتمن على ما جاء به ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « ما من نبي يموت إلا دفن في موضعه » . فدفنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في موضعه

1793 - وحدثنا أبو بكر المطرز ، أيضا ، قال : حدثنا عمار بن الحسن النسائي قال : حدثنا سلمة بن الفضل ، عن محمد بن إسحاق ، عن حسين بن عبد الله ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : لما فرغ من جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الثلاثاء وضع على سريره في بيته ، وقد كان المسلمون اختلفوا في دفنه ، فقال قائل : ندفنه في مسجده ، وقال قائل : يدفن مع أصحابه . فقال أبو بكر رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « ما قبض الله عز وجل نبيا إلا دفن حيث قبض »

1794 - حدثنا أبو بكر المطرز ، أيضا ، قال : حدثنا إبراهيم بن حاتم قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، أن عائشة ، رحمها الله رأت في المنام كأن قمرا جاء يهوي من السماء فوقع في حجرتها ، ثم قمر ثم قمر ، ثلاثة أقمار فقصتها على أبي بكر رضي الله عنه فقال أبو بكر : إن صدقت رؤياك دفن خير أهل الأرض ثلاثة في بيتك ، أو قال : في حجرتك . قال أيوب : فحدثني أبو يزيد المديني قال : لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفن ، قال أبو بكر رضي الله عنه : يا عائشة هذا خير أقمارك

1795 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا بشر بن الوليد القاضي قال : حدثنا أبو حفص عمر بن عبد الرحمن ، عن سليمان الشيباني ، عن علي بن زيد بن جدعان ، عن جدته ، عن عائشة ، رضي الله عنها قالت : لقد أعطيت تسعا ما أعطيتها امرأة بعد مريم ابنة عمران : لقد نزل جبريل عليه السلام بصورتي في راحته حتى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوجني ، ولقد تزوجني بكرا (1) وما تزوج بكرا غيري ، ولقد قبض ورأسه صلى الله عليه وسلم في حجري ، ولقد قبرته في بيتي ، ولقد حفت الملائكة بيتي ، وإن كان الوحي ينزل عليه في أهله فيتفرقون عنه ، وإن كان لينزل عليه وإني لمعه في لحافه (2) ، وإني لابنة خليفته وصديقه ، ولقد نزل عذري (3) من السماء ، ولقد خلقت طيبة ، وعند طيب ، ولقد وعدت مغفرة ورزقا كريما
__________
(1) البكر : العذراء التي لم يسبق لها الزواج
(2) اللحاف : الغطاء
(3) العذر : البراءة

باب ذكر دفن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم قال محمد بن الحسين رحمه الله : لم يختلف جميع من شمله الإسلام ، وأذاقه الله الكريم طعم الإيمان أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما دفنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة رضي الله عنها وليس هذا مما يحتاج فيه إلى الأخبار والأسانيد المروية : فلان عن فلان ، بل هذا من الأمر العام المشهور الذي لا ينكره عالم ولا جاهل بالعلم ، بل يستغني بشهرة دفنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم عن نقل الأخبار : والدليل على صحة هذا القول : أنه ما أحد من أهل العلم قديما ولا حديثا ممن رسم لنفسه كتابا نسبه إليه من فقهاء المسلمين ، فرسم كتاب المناسك ، إلا وهو يأمر كل من قدم المدينة ممن يريد حجا أو عمرة أو لا يريد حجا ولا عمرة ، وأراد زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم والمقام بالمدينة لفضلها إلا وكل العلماء قد أمروه ورسموه في كتبهم وعلموه كيف يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وكيف يسلم على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما علماء الحجاز قديما وحديثا ، وعلماء أهل العراق قديما وحديثا ، وعلماء أهل الشام قديما وحديثا ، وعلماء أهل مصر قديما وحديثا ، وعلماء خراسان قديما وحديثا ، وعلماء أهل اليمن قديما وحديثا ، فلله الحمد على ذلك . فصار دفن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأمر المشهور الذي لا خلاف فيه بين علماء المسلمين ، وكذلك هو مشهور عند جميع عوام المسلمين ممن ليس من أهل العلم ، أخذوه نقلا وتصديقا ومعرفة ، لا يتناكرونه بينهم في كل بلد من بلدان المسلمين . ولا يمكن أن قائلا يقول : إن خليفة من خلفاء المسلمين قديما ولا حديثا أنكر دفن أبي بكر وعمر مع النبي صلى الله عليه وسلم منذ خلافة عثمان بن عفان وخلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنهم وخلافة بني أمية ، لا يتناكر ذلك الخاصة والعامة ، وكذلك خلافة ولد العباس رضي الله عنه لا يتناكرونه إلى وقتنا هذا ، وإلى أن تقوم الساعة ويدفن معهم عيسى ابن مريم عليه السلام ، كذا روي عن عبد الله بن سلام

1796 - حدثنا أبو العباس عبد الله بن الصقر السكري قال : حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي قال : حدثنا عبد الله بن نافع الصائغ ، عن الضحاك بن عثمان ، عن يوسف بن عبد الله بن سلام ، عن أبيه قال : الأقبر الثلاثة : قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وقبر أبي بكر ، وقبر عمر رضي الله عنهما وقبر رابع يدفن فيه عيسى ابن مريم عليه السلام

1797 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال : حدثنا أبو سعيد عبد الله بن شبيب بن خالد ، قدم مكة ، قال : حدثنا يحيى بن سليمان بن نضلة الكعبي قال : قال هارون الرشيد لمالك بن أنس : كيف كانت منزلة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ . فقال مالك رحمه الله : كقرب قبريهما من قبره بعد وفاته . فقال : شفيتني يا مالك ، شفيتني يا مالك قال محمد بن الحسين رحمه الله : فلا الرشيد بحمد الله أنكر هذا من قول مالك ، بل تلقاه من مالك بالتصديق والسرور ، ومالك فقيه الحجاز أخبر الرشيد عن دفن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم بما لا ينكره أحد ، لا شريف ولا غيره . فلله الحمد . ولو قال قائل : إن النبي صلى الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما خلقوا من تربة واحدة لصدق في قوله . فإن قال قائل : وما الحجة في ما قلت ؟ . قيل : روي أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبر فقال : « من هذا ؟ » . فقالوا : فلان الحبشي . فقال : « سبحان الله ، سيق من أرضه وسمائه إلى التربة التي خلق منها » . فدل بهذا القول أن الإنسان يدفن في التربة التي خلق منها من الأرض . كذا النبي صلى الله عليه وسلم خلق هو وأبو بكر وعمر من تربة واحدة ، دفنوا ثلاثتهم في تربة واحدة

1798 - أنبأنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكشي قال : حدثنا سليمان بن داود الشاذكوني قال : حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال : أخبرني أنيس بن أبي يحيى ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري قال : كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض المدينة ، فمر بقبر فقال : « من هذا ؟ » . قالوا : فلان الحبشي . فقال : « سبحان الله سيق من أرضه وسمائه إلى التربة التي خلق منها »

1799 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال : حدثنا محمد بن يوسف بن أبي معمر قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن المغيرة المخزومي قال : حدثنا مالك بن مغول قال : سمعت محارب بن دثار يقول : أليس يحزنك أن أمتنا قد فرقوا دينهم إذ اشتجروا بعد نبي الهدى وصاحبه الصديق والمرتضى به عمر ثلاثة برزوا وبسبقهم ينصرهم ربهم إذا نشروا فليس من مسلم له بصر ينكر تفضيلهم إذا ذكروا عاشوا بلا فرقة ثلاثتهم واجتمعوا في الممات إذا قبروا قال محمد بن الحسين رحمه الله : وسألت أبا بكر أحمد بن غزال ، وكان حسن الستر ، من أهل القرآن والنحو والعلم ، من جلساء أبي بكر بن الأنباري ، أن ينشدني في دفن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنشدني من قوله : ألا إن النبي وصاحبيه كمثل الفرقدين بلا افتراق على رغم الروافض قد تصافوا وعاشوا في مودة باتفاق وصاروا بعد موتهم جميعا إلى قبر تضمن باعتناق إلى ما فيه قد خلقوا أعيدوا ومنها يبعثون إلى السياق فقل للرافضي : تعست يا من يباين في العداوة والشقاق لأهل السبق والأفضال حقا طوال الدهر تطرح في وثاق فعند الموت تبصر سوء هذا وبعد الموت تحشر في الخناق وأهل البيت حبهم بقلبي وأصحاب النبي لدي رتاق بهم نرجوا السلامة من جحيم تسعر للمخالف باحتراق وفوزا في الجنان بدار خلد ونلقى بالتحية في التلاق وهذا واضح شكرا لربي مكين عند أهل الحق باق

1800 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال : حدثنا أبو العباس إسحاق بن يعقوب العطار قال : حدثنا سوار بن عبد الله قال : حدثنا أبي قال : قال رجل لمالك بن أنس : يا أبا عبد الله ، إني أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أسلم على أحد معه . فقال له مالك رحمه الله : « اجلس » ، فجلس فقال : تشهد ، فتشهد حتى قال : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، فقال مالك : هما من عباد الله الصالحين ، فسلم عليهما يعني أبا بكر وعمر رضي الله عنهما

1801 - حدثنا أبو حفص عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا محمد بن يزيد الواسطي ، أخو كرخويه ، قال : حدثنا معاذ بن معاذ قال : حدثنا ابن عوف قال : سأل رجل نافعا : هل كان ابن عمر يسلم على القبر ؟ . قال : نعم ، لقد رأيته مائة مرة أو أكثر من مائة مرة كان يمر فيقوم عنده فيقول : السلام على النبي صلى الله عليه وسلم ، السلام على أبي بكر ، السلام على أبي قال محمد بن الحسين رحمه الله : فإن قال قائل : فإنا قد رأينا بالمدينة أقواما إذا نظروا إلى من يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ينكرون عليه ويكلمونه بما يكره ، فلم صار هذا هكذا ، وعن من أخذوا هذا ؟ قيل له : ليس الذي يفعل هذا ممن له علم ومعرفة ، هؤلاء نشأوا مع طبقة غير محمودة يسبون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فليس يعول على مثل هؤلاء فإن قال قائل : فإن فيهم أقواما من أهل الشرف يعينونهم على هذا الأمر القبيح في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ؟ قيل له : معاذ الله ، قد أجل الله الكريم أهل الشرف من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وذريته الطيبة من أن ينكروا دفن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم ، هم أزكى وأطهر وأعلم الناس بفضل أبي بكر وعمر وبصحة دفنهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما ينبغي لأحد أن ينحل هذا الخلق القبيح إليهم ، هم عندنا أعلى قدرا وأصوب رأيا مما ينحل إليهم فإن كان قد أظهر إنسان منهم مثلما تقول ، فلعله أن يكون سمع من بعض من يقع في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ويذكرهما بما لا يحسن ، فظن أن القول كما قال ، وليس كل من رفعه الله الكريم بالشرف بقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم عني بالعلم ، فعلم ما له مما عليه ، إنما يعول في هذا على أهل العلم منهم . والذي عندنا أن أهل البيت رضي الله عنهم الذين عنوا بالعلم ينكرون على من ينكر دفن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم ، بل يقولون : إن أبا بكر وعمر مع النبي صلى الله عليه وسلم دفنا في بيت عائشة رحمها الله تعالى ، ويروون في ذلك الأخبار ولا يرضون بما ينكره من جهل العلم وجهل فضل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فإن قال قائل : إيش الدليل على ما تقول ؟ . قلت : هذا طاهر بن يحيى يروي عن أبيه يحيى بن حسين بن جعفر بن عبيد الله بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم ، يروي عنه كتابا ألفه في فضل المدينة وشرفها ، ذكر في كتابه في باب دفن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ووصف في الكتاب كيف دفنهما معه ، وصوره في الكتاب ، صور البيت والأقبر الثلاثة . ورواه عن عائشة رضي الله عنهما فقال : قبر النبي صلى الله عليه وسلم المقدم وقبر أبي بكر عند رجل النبي صلى الله عليه وسلم ، وقبر عمر عند رجل أبي بكر ، فصوره يحيى بن حسين رضي الله عنهم وسمعه منه الناس بمكة والمدينة ، وقرأه طاهر بن يحيى كما سمعه من أبيه ، وهو كتاب مشهور سألت أبا عبد الله جعفر بن إدريس القزويني ، إماما من أئمة المسجد الحرام في قيام رمضان وأحد المؤذنين فحدثني بهذا وذلك أني رأيت الكتاب معه مجلدا كبيرا شبيها بمائة ورقة ، سمعه من طاهر بن يحيى فيه فضل المدينة ، وفي الكتاب باب صفة دفن النبي صلى الله عليه وسلم ، وصفة قبر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، فسألته فحدثني قال : حدثنا طاهر بن يحيى قال : حدثني أبي : يحيى بن الحسين قال : هذه صفة القبور في صفة بعض أهل الحديث ، عن عروة ، عن عائشة وهو مخطوط في الكتاب الذي ألفه طاهر بن يحيى بن الحسين على هذا النعت في الكتاب . قال محمد بن الحسين رحمه الله : فهذا طاهر بن يحيى رضي الله عنه وعن سلفه وعن ذريته يروون مثل هذا ويرسمونه في كتبهم ، ولا ينكرون شرف أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فنحن نقبل من مثل هؤلاء الذرية الطيبة المباركة جميع ما أتوا به من الفضائل في أبي بكر وعمر ، وهل يروي أكثر فضائل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما إلا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وولده من بعده ، يأخذه الأبناء عن الآباء إلى وقتنا هذا ، ونحن نجل أهل البيت رضي الله عنهم أن ينحل إليهم مكروه في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أو تكذيب لدفنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم

1802 - حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسين الحراني قال : حدثنا علي بن الجعد قال : أنبأنا زهير يعني : ابن معاوية قال : قال أبي لجعفر بن محمد رضي الله عنهما إن جارا لي يزعم أنك تتبرأ من أبي بكر وعمر ، فقال جعفر بن محمد : برئ الله من جارك ، إني لأرجو أن ينفعني الله عز وجل بقرابتي من أبي بكر رضي الله عنه ولقد اشتكيت شكاة فأوصيت إلى خالي عبد الرحمن بن القاسم

1803 - وحدثنا عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا الحسن بن عرفة قال : حدثنا محمد بن فضيل ، عن سالم بن أبي حفصة قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي وجعفر بن محمد رضي الله عنهم عن أبي بكر ، وعمر ، رضي الله عنهما فقالا : يا سالم ، تولهما وابرأ من عدوهما فإنهما كانا إمامي هدى . قال ابن فضيل : قال سالم : قال لي جعفر بن محمد : يا سالم أيسب الرجل جده ، أبو بكر رحمه الله جدي لا تنالني شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم إن لم أكن أتولاهما وأبرأ من عدوهما

1804 - وحدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا فضل بن سهل الأعرج قال : حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم قال : ثنا محمد بن طلحة ، عن خلف بن حوشب ، عن سالم بن أبي حفصة قال : دخلت على جعفر بن محمد رضي الله عنهما أعوده (1) وهو مريض فأراه قال : من أجلي : « اللهم إني أحب أبا بكر وعمر وأتولاهما ، اللهم إن كان في نفسي سوى هذا فلا تنلني شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة »
__________
(1) العيادة : زيارة الغير

1805 - حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد الأعرابي قال : حدثنا إسحاق بن يحيى الدهقان قال : حدثنا محمد بن عبيد قال : حدثنا عبد الله بن حكيم بن جبير ، عن أبيه قال : كنت في مجلس فيه رهط (1) من الشيعة ، فعاب بعضهم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ، فقلت : على من يقول هذا لعنه الله ؟ فقال رجل من القوم : من أبي جعفر أخذناه ، قال : فلقيت أبا جعفر ، فقلت : ما تقول في أبي بكر وعمر ؟ قال : وما يقول الناس فيهما ؟ فقلت : يقلونهما ، فقال : إنما يقول ذلك فيهما المراق ، تولهما مثل ما تتولى به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه
__________
(1) الرهط : الجماعة من الرجال دون العشرة

1806 - وحدثنا أبو سعيد قال : حدثنا إسحاق بن يحيى قال : حدثنا محمد بن عبيد قال : حدثنا هاشم بن البريد ، عن أبيه قال : سمعت زيد بن علي ، رضي الله عنهما يقول : البراءة من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما البراءة من علي رضي الله عنه قال محمد بن الحسين رحمه الله : فعن مثل هؤلاء السادة الكرام الأتقياء العلماء العقلاء الذين قد فقههم الله عز وجل في الدين وعلموا الحلال من الحرام وعلموا فضل الصحابة فيؤخذ العلم عن مثل هؤلاء ، ليس يؤخذ عمن جهل العلم ، بل إذا سمع منه ما لا يحسن وقف على ذلك ووعظ ، ورفق به وقيل له : أنت وسلفك أجل عندنا من أن نظن بك أنك تجهل فضل أبي بكر وعمر أو تنكر دفنهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقال له : أنت لم تأخذ هذا الذي تنكره من فضل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما من سلفك الصالح ، إنما أخذته من صنف يزعمون أنهم يتولونكم ، يسمون : الرافضة ، الذي روى جدك علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : « تفترق هذه الأمة على بضع وسبعين فرقة ، شرهم قوم ينتحلون حبنا أهل البيت ويخالفون أعمالنا » وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « يظهر في آخر الزمان قوم يسمون الرافضة يرفضون الإسلام » ويقال له : نحن نجلك عن مذاهب هؤلاء ونرغب بشرفك عن مذاهب هؤلاء الذين قد خطئ بهم عن طريق الحق ولعبت بهم الشياطين

1807 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى قال : حدثنا أبو معاوية قال : حدثنا محمد بن سوقة ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن علي ، رضي الله عنه قال : تفترق هذه الأمة على بضع وسبعين فرقة شرهم قوم ينتحلون (1) حبنا أهل البيت ويخالفون أعمالنا
__________
(1) ينتحل : يدعي كذبا

1808 - وحدثنا ابن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا فضل بن سهل الأعرج قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري قال : حدثنا فضيل بن مرزوق قال : سمعت حسن بن حسن ، رضي الله عنهما يقول لرجل من الرافضة : والله لئن أمكن الله منكم لتقطعن أيديكم وأرجلكم ولا يقبل منكم توبة ، وقال : وسمعته يقول : مرقت علينا الرافضة كما مرقت الحرورية على علي رضي الله عنه قال محمد بن الحسين رحمه الله : فمن سمع هذا من أهل البيت اتبع سلفه الصالح وشنئ مذاهب الرافضة الذين لا عقل لهم ولا دين قال محمد بن الحسين رحمه الله : وقد روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه لما حضرته الوفاة ، قال لهم : إذا مت وفرغتم من جهازي فاحملوني حتى تقفوا بباب البيت الذي فيه قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، فقفوا بالباب وقولوا : السلام عليك يا رسول الله ، هذا أبو بكر يستأذن فإن أذن لكم وفتح الباب ، وكان الباب مغلقا ، فأدخلوني فادفنوني ، وإن لم يؤذن لكم فأخرجوني إلى البقيع وادفنوني . ففعلوا فلما وقفوا بالباب وقالوا هذا : سقط القفل وانفتح الباب ، وسمع هاتف من داخل البيت : أدخلوا الحبيب إلى الحبيب فإن الحبيب إلى الحبيب مشتاق . وروي عن عمر بن الخطاب لما قتله أبو لؤلؤة لعنة الله على أبي لؤلؤة أوصى الخليفة بعده بما أراد ، قال لابنه عبد الله : يا عبد الله ائت أم المؤمنين عائشة ، رحمها الله ، فقل لها : إن عمر يقرأ عليك السلام ولا تقل : أمير المؤمنين ، فإني لست اليوم للمؤمنين بأمير ، وقل : يستأذن أن يدفن مع صاحبيه ، فإن أذنت فادفنوني معهما ، وإن أبت فردوني إلى مقابر المسلمين ، فأتاها عبد الله وهي تبكي ، فقال : إن عمر يستأذن أن يدفن مع صاحبيه ، فقالت : لقد كنت أدخر ذاك المكان لنفسي ولأؤثرنه اليوم على نفسي ، ثم رجع فلما أقبل ، قال عمر : أقعدوني ثم قال : ما وراك ؟ . قال : قد أذن لك ، قال : الله أكبر ما شيء أهم إلي من ذلك المضجع ، فإذا أنا قبضت فاحملوني ثم قولوا : يستأذن عمر فإن أذنت فادفنوني وإلا فردوني إلى مقابر المسلمين أنبأنا بهذا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال : حدثنا إسحاق بن شاهين أبو بشر الواسطي قال : حدثنا خالد بن عبد الله ، عن حصين ، عن عمرو بن ميمون - واللفظ ، لخالد بن عبد الله - وذكر قصة مقتل عمر رضي الله عنه ووصيته ثم قال : يا عبد الله ائت أم المؤمنين ، وذكر الحديث قال محمد بن الحسين رحمه الله : جميع ما ذكرته من الأخبار يصدق بعضها بعضا ، يدل على صحة دفن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم مع ما أوقع الله الكريم صحة ذلك في قلوب المؤمنين ، واطمأنت إليه القلوب وسكنت إليه النفوس ، وبالله التوفيق ، وسنأتي بزيادات على ذلك

1809 - أنبأنا أبو عبد الله أحمد بن الحسين بن عبد الجبار الصوفي قال : حدثنا محرز بن عون قال : حدثنا عبد الله بن نافع المدني ، عن أبي بكر بن عبد الله ، عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أنا أول من تنشق الأرض عنه ثم أبو بكر وعمر ثم أهل البقيع يبعثون معي ثم أهل مكة ثم أحشر بين أهل الحرمين »

1810 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا الحكم بن موسى ، ويحيى بن عبد الحميد الحماني - وهذا لفظ الحكم - قال : حدثنا سعيد بن مسلمة ، عن إسماعيل بن أمية ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد وأبو بكر عن يمينه ، وعمر عن يساره قال : « هكذا نبعث يوم القيامة »

باب ذكر صفة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وصفة قبر أبي بكر وصفة قبر عمر رضي الله عنهما

1811 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود السجستاني قال : حدثنا أحمد بن صالح المصري قال : حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك قال : أخبرني عمرو بن عثمان بن هانئ ، عن القاسم قال : دخلت على عائشة رحمها الله تعالى فقلت : يا أمه اكشفي لي عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، فكشفت لي عن ثلاثة أقبر لا مشرفة (1) ولا لاطئة (2) ، مبطوحة (3) ببطحاء العرصة (4) الحمراء ؛ قال : فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدما وأبا بكر عند رأسه ، وعمر عند رجلي النبي صلى الله عليه وسلم . قال : فوصف لي عمرو قبورهم كما وصفها له القاسم ، ووصفها أحمد بن صالح هذه الصورة
__________
(1) المشرف : المرتفع عن مستوى الأرض
(2) لاطئة : مستوية على وجه الأرض ، يقال : لطأ بالأرض أي لصق بها
(3) مبطوحة : مسواة مبسوطة على الأرض
(4) العرصة : الأرض الخلاء والساحة ليس فيها بناء

1812 - وحدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال : حدثنا سعيد بن عثمان الخياط قال : سمعت إسحاق بن البهلول قال : حدثنا ابن أبي فديك قال حدثني عمرو بن عثمان بن هانئ ، عن القاسم قال : دخلت على عائشة رضي الله عنها فقلت : يا أمه ، اكشفي لي عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه فكشفت لي عن ثلاثة أقبر لا مشرفة (1) ولا لاطئة (2) ، مبطوحة (3) ببطحاء العرصة (4) الحمراء ؛ قال : فرأيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم مقدما وأبو بكر رضي الله عنه عند رأسه ورجلاه بين كتفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعمر رضي الله عنه عند رجلي النبي صلى الله عليه وسلم ، وخطه ابن أبي فديك في كتاب ابن مخلد الخطط كما أخطها إن شاء الله تعالى
__________
(1) المشرف : المرتفع عن مستوى الأرض
(2) لاطئة : مستوية على وجه الأرض ، يقال : لطأ بالأرض أي لصق بها
(3) مبطوحة : مسواة مبسوطة على الأرض
(4) العرصة : الأرض الخلاء والساحة ليس فيها بناء

1813 - حدثنا ابن مخلد ، أيضا ، قال : سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن إسحاق الحربي يقول : كتب أهل البصرة يسألون مصعبا يعني : الزبيري عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم فإنا قد اختلفنا ؟ . فقال مصعب : قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما هكذا ، ومثله إبراهيم الحربي في البيت الذي فيه الأقبر هكذا . قال إبراهيم الحربي : رجلا عمر تحت الجدار

1814 - حدثنا ابن مخلد قال : قرأت على إبراهيم الحربي كتاب المناسك ؛ قال : فتولي ظهرك القبلة وتستقبل وسطه ، وتقول : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، وذكر السلام والدعاء ، قال : ثم تتقدم على يسارك قليلا وقل : السلام عليك يا أبا بكر وعمر وذكر الحديث

1815 - وحدثنا ابن مخلد قال : حدثنا روح بن الفرج بن زكريا أبو حاتم المؤدب قال : حدثنا أبو طالب عبد الجبار بن عاصم قال : حدثنا شعيب بن إسحاق ، عن هشام بن عروة قال : حدثني أبي ، قال : كان الناس يصلون إلى القبر ، فأمر عمر بن عبد العزيز رحمه الله فرفع حتى لا يصلي فيه الناس ، فلما هدم بدت قدم بساق ورقبة ؛ قال : ففزع من ذلك عمر بن عبد العزيز فأتاه عروة فقال : هذا ساق عمر رضي الله عنه وركبته ، فسري (1) عن عمر بن عبد العزيز قال محمد بن الحسين رحمه الله : وفيه رواية أخرى بصفة غير هذه الصفة
__________
(1) التسرية : الكشف والإزالة وتأتي بمعنى التخفيف

1816 - حدثنا ابن مخلد قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن يوسف بن أبي معمر قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن المغيرة المخزومي قال : حدثنا مالك بن مغول قال : حدثني رجاء بن حيوة قال : كتب الوليد بن عبد الملك إلى عمر بن عبد العزيز رحمه الله أن اكسر مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وحجراته ، وقد كان اشتراها من أهلها وأرغبهم في ثمنها ، وكان الوليد هو الذي بنى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ومسجد مكة ومسجد دمشق ومسجد مصر ، وأن تبني مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، فجاء عمر بن عبد العزيز حتى قعد في ناحية المسجد وقعدت معه ثم أمر بهدم الحجرات فما رأيت باكيا ولا باكية أكثر من يومئذ جزعا ، حيث كسرت حجرات النبي صلى الله عليه وسلم ثم بناه ، فلما أراد أن يبني البيت على الأقبر فكسر البيت الأول الذي كان عليه فظهرت القبور الثلاثة ، وكان الرمل الذي عليه قد انهار عليها ، فأراد عمر أن يقوم فيسويها ويضعون البناء ، قال رجاء : فقلت له : أصلح الله الأمير ؛ إنك إن قمت قام الناس معك فوطئوا الأقبر ، فلو أمرت رجلا أن يصلحها ، ورجوت أن يأمرني بذلك فقال : يا مزاحم قم فأصلحها ؛ قال رجاء بن حيوة : فكان قبر النبي صلى الله عليه وسلم المقدم ، وقبر أبي بكر رضي الله عنه خلف رأسه عند وسط النبي صلى الله عليه وسلم وعمر خلف أبي بكر ، رأسه عند وسط أبي بكر رضي الله عنهما

1817 - حدثنا ابن مخلد ، أيضا ، قال : حدثنا سعيد بن عثمان ، عن عباس الخياط قال : سمعت ابن بهلول يعني : إسحاق قال : حدثنا إسحاق بن عيسى ابن بنت داود بن أبي هند قال : حدثنا عثيم بن بسطام المديني قال : رأيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم عمر بن عبد العزيز فرأيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم مرتفعا نحوا من أربع أصابع عليه حصباء (1) إلى الحمرة ما هي ، ورأيت قبر أبي بكر رضي الله عنه وراء قبر النبي صلى الله عليه وسلم أسفل منه ، ورأيت قبر عمر رضي الله عنه وراء قبر أبي بكر رضي الله عنه أسفل منه ، ووصفه ابن مخلد في الحديث بالخطط هكذا قال محمد بن الحسين رحمه الله : وهذا على ما ذكره يحيى بن الحسين في كتابه ، فقد اتفقت الأخبار كلها على أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما مدفونان مع النبي صلى الله عليه وسلم ، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم ، وفيما ذكرته مقنع إن شاء الله تعالى ، وبه الثقة
__________
(1) الحصباء : الحجارة الصغيرة
كتاب فضائل عائشة رضي الله عنها قال محمد بن الحسين رحمه الله : اعلموا رحمنا الله وإياكم أن عائشة رضي الله عنها وجميع أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين ، فضلهن الله عز وجل برسوله صلى الله عليه وسلم ، أولهن خديجة رضي الله عنها وقد ذكرنا فضلها ، وبعدها عائشة رضي الله عنها شرفها عظيم ، وخطرها جليل ، فإن قال قائل : فلم صار الشيوخ يذكرون فضائل عائشة دون سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ممن كان بعدها ، أعني : بعد خديجة وبعد عائشة رضي الله عنهما قيل له : لما أن حسدها قوم من المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرموها بما قد برأها الله تعالى منه وأنزل فيه القرآن وأكذب فيه من رماها بباطله ، فسر الله الكريم به رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأقر به أعين المؤمنين ، وأسخن به أعين المنافقين ، عند ذلك عني العلماء بذكر فضائلها رضي الله عنه زوجة النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة . روي أنه قيل لعائشة رحمها الله : أن رجلا قال : إنك لست له بأم فقالت : صدق أنا أم المؤمنين ، ولست بأم المنافقين وبلغني عن بعض الفقهاء من المتقدمين أنه سئل عن رجلين حلفا بالطلاق ، حلف أحدهما أن عائشة أمه ، وحلف الآخر أنها ليست بأمه فقال : كلاهما لم يحنث . فقيل له : كيف هذا ؟ . لا بد من أن يحنث أحدهما فقال : إن الذي حلف أنها أمه هو مؤمن لم يحنث ، والذي حلف إنها ليست أمه هو منافق لم يحنث . قال محمد بن الحسين رحمه الله : فنعوذ بالله ممن يشنأ عائشة حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم الطيبة المبرأة الصديقة ابنة الصديق أم المؤمنين رضي الله عنها وعن أبيها خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم

باب ذكر تزويج النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها

1818 - حدثنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال : حدثنا عبد الله بن عمر الكوفي قال : حدثنا أبو أسامة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : « رأيتك في المنام مرتين ، أرى رجلا يحملك في سرقة (1) حرير فيقول : هذه امرأتك ، فأكشفها فإذا هي أنت فأقول : إن يكن هذا من عند الله يمضه (2) »
__________
(1) السرقة : قطعة من الحرير
(2) يمضه : يتمه ويحققه وينجزه وينفذه

1819 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى قال : حدثنا حجاج بن المنهال قال : حدثنا حماد يعني : ابن سلمة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : « أتيت بجارية في سرقة (1) من حرير بعد وفاة خديجة رضي الله عنها فإذا هي أنت ، فقلت : إن يكن هذا من عند الله عز وجل يمضه » . قال : « ثم أتيت بجارية في سرقة من حرير فكشفتها ، فإذا هي أنت ، فقلت : إن يكن هذا من عند الله عز وجل يمضه » . قال : « ثم أتيت بجارية في سرقة من حرير فكشفتها فإذا هي أنت ، فقلت إن يكن هذا من عند الله عز وجل يمضه »
__________
(1) السرقة : قطعة من الحرير

1820 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا داود بن عمر وقال : حدثنا عيسى بن يونس ، عن عبد الله بن عمرو بن علقمة ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن عبد الله بن أبي مليكة ، عن عائشة ، رحمها الله تعالى ، قالت : جاء بي جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه في خرقة (1) حرير خضراء فقال : هذه زوجتك في الدنيا والآخرة
__________
(1) الخرقة : القطعة من الثوب الممزق

1821 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار ؛ قال : حدثنا محمد بن يوسف بن أبي معمر قال : حدثنا الوليد بن الفضل العمري قال : حدثنا صالح بن يزيد ، عن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنهم ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أتاني جبريل عليه السلام فقال لي : إن الله عز وجل قد زوجك ابنة أبي بكر ومعه صورة عائشة » . قال : فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر رضي الله عنه فقال : « يا أبا بكر إن جبريل عليه السلام أتاني وقال : إن الله عز وجل قد زوجني ابنتك فأرنيها » . قال : فأخرج إليه أسماء بنت أبي بكر فأراه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ليست هذه الصورة التي أرانيها جبريل عليه السلام » . قال : إن لي ابنة صغيرة لم تبلغ ، قال : « أرنيها » فأخرج إليه عائشة رضي الله عنها فقال : « هذه الصورة التي أتاني بها جبريل عليه السلام وقال : إن الله عز وجل قد زوجنيها » . قال : زوجتك بها يا رسول الله

باب ذكر مقدار سن عائشة رضي الله عنها وقت تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم

1822 - حدثنا أبو أحمد هارون بن يوسف التاجر قال : حدثنا ابن أبي عمر قال : حدثنا سفيان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، رحمها الله تعالى : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها وهى ابنة سبع سنين ، ودخلت عليه وهي بنت تسع سنين

1823 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن المثنى أبو موسى الزمن قال : حدثنا أبو معاوية قال : حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، رحمها الله قالت : تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بنت تسع ، يعني : وقت دخوله بها وهي بنت تسع ، ومات عنها وهى بنت ثماني عشرة سنة

1824 - وحدثنا ابن عبد الحميد ، أيضا ، قال : حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا الحجاج بن المنهال قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، رضي الله عنها قالت : تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم متوفى خديجة رضي الله عنها قبل مخرجه من مكة وأنا ابنة سبع سنين أو ست سنين ، فلما قدمنا المدينة جاءني نسوة وأنا ألعب على أرجوحة وأنا محممة فهيأنني وصنعنني ثم أتين بي رسول الله صلى الله عليه وسلم

1825 - وأنبأنا الفريابي قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن إسماعيل بن أمية ، عن عبد الله بن عروة ، عن عروة ، عن عائشة قالت : تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال وبنى بي في شوال فأي نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحظى (1) عنده مني قال : وكانت تحب أن تدخل نساءها في شوال
__________
(1) أحظى : أقرب مكانة ودنوا

باب ذكر محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها وملاعبته إياها

1826 - حدثنا أبو أحمد هارون بن يوسف قال : حدثنا ابن أبي عمر ، يعني : محمدا العدني قال : حدثنا الحسن بن علي قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال : حدثني أبي ، عن صالح بن كيسان ، عن ابن شهاب قال : أخبرني محمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، أن عائشة ، رضي الله عنها قالت : أرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذنت عليه وهو مضطجع في مرطي (1) فأذن لها ، قالت : يا رسول الله ، إن أزواجك أرسلنني يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة ، وأنا ساكتة ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يا بنية ، ألست تحبين من أحب ؟ » . قالت : بلى ؛ قال : « فأحبي هذه » . فقامت فاطمة رضي الله عنها حين سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجعت إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرتهن بالذي قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبالذي قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم
__________
(1) المرط : كساء من صوف أو خز أو كتان

1827 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى قال : حدثنا حجاج بن منهال قال : حدثنا حماد ، يعني ابن سلمة قال : حدثنا الجريري ، عن عبد الله بن شقيق ، أن عمرو بن العاص قال : يا رسول الله أي الناس أحب إليك ؟ . قال : « عائشة » . قال : من الرجال ؟ قال : « أبو بكر »

1828 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا المسيب بن واضح قال : حدثنا المعتمر يعني : ابن سليمان ، عن حميد ، عن أنس قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أحب الناس إليك ؟ . قال : « عائشة » . قال : ليس عن أهلك نسألك ، قال : « فأبوها »

1829 - حدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا أبو موسى قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن غالب ، أن رجلا نال من عائشة رضي الله عنها عند عمار بن ياسر ، فقال : أغرب مقبوحا (1) منبوحا (2) أتؤذي حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم
__________
(1) مقبوحا : مذموما مبعدا
(2) المَنْبُوح : المَشْتُوم يقال : نَبَحَتْنِي كِلابُك : أي لَحِقَتْنِي شَتَائِمُك وأََصْله من نُباَح الكَلب ، وهو صِيَاحُه

1830 - أنبأنا ابن عبد الحميد ، أيضا ، قال : حدثنا أبو موسى الزمن قال : حدثنا أبو معاوية قال : حدثنا الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق ، أنه كان إذا حدث عن عائشة ، رحمها الله ، قال : حدثتني المبرأة الصديقة ابنة الصديق ، حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم

1831 - حدثنا أبو أحمد هارون بن يوسف قال : حدثنا ابن أبي عمر قال : حدثنا عبد الوهاب ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن عائشة ، إن ناسا كانوا يلعبون فاطلعت عائشة رحمها الله فزبرها (1) أبو بكر رضي الله عنه ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي فقال : « ما شأنك ؟ » . فقالت : دعني منك ؛ قال : « إنك لا تتركين » . فأخبرته ، فقال لها : « قومي فانظري » . فقامت وأدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسها من تحت يديه فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جعلت أرثي (2) له من طول القيام
__________
(1) زبره : انتهره وزجره
(2) أرثي : أتوجع

1832 - حدثنا ابن عبد الحميد ، أيضا ، قال : حدثنا أبو موسى قال : حدثنا عثمان بن عمر قال : أنبأنا يونس ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة قالت : والله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على باب حجرتي ، والحبشة يلعبون بحرابهم (1) في مسجد رسول الله ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه (2) لكي أنظر إلى لعبهم ، ثم يقوم قوما حتى أكون أنا أنصرف ، فاقدروا (3) قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو
__________
(1) الحربة : أداة قتال أصغر من الرمح ولها نصل عريض
(2) الرداء : ما يوضع على أعالي البدن من الثياب
(3) اقدروا : أي اعرفوا قدرها وراعوا حالها

1833 - حدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا أبو موسى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن الحجاج بن عاصم المحاربي ، عن أبي الأسود ، عن عمرو بن حريث قال : كان زنج يلعبون في المدينة فوضعت عائشة رضي الله عنها حنكها على منكب (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت تنظر
__________
(1) المنكب : مُجْتَمَع رأس الكتف والعضد

1834 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا الحسن بن علي الحلواني قال : حدثنا زيد بن الحباب قال : حدثني يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة ، عن محمد بن عبد الرحمن بن خلاد الأنصاري ، عن أم مبشر وكانت بعض خالاته قالت : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عائشة رضي الله عنها وأنا عندها فوضع يده على ركبتيها فأسر إليها شيئا دوني فدفعت في صدره ، فقلت : ما لك يا كذا وكذا تفعلين هذا برسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : « دعيها فإنهن يفعلن هذا وأشد من هذا »

1835 - حدثنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار قال : حدثنا عبد الله بن عمر الكوفي قال : حدثنا أبو أسامة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، رضي الله عنها قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إني لأعلم إذا كنت عني راضية ، وإذا كنت علي غضبى » قالت : فقلت : من أين تعرف ذلك ؟ قال : « إذا كنت عني راضية فإنك تقولين : لا ورب محمد ، وإذا كنت غضبى قلت : لا ورب إبراهيم » . قالت : قلت : أجل ما أهجر إلا اسمك

باب سلام جبريل عليه السلام على عائشة رضي الله عنها

1836 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني ؛ قال : حدثنا محمد بن الصباح قال : حدثنا وكيع قال : حدثنا زكريا بن أبي زائدة ، عن الشعبي ، عن أبي سلمة ، عن عائشة ، رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها : « إن جبريل يقرئك السلام » . فقالت : « وعليه السلام ورحمة الله »

1837 - حدثنا أبو أحمد هارون بن يوسف قال : حدثنا ابن أبي عمر يعني : محمدا العدني قال : حدثنا سفيان ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال : سمعت عائشة ، رضي الله عنها تقول : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعا يده على معرفة فرس قائما يكلم دحية الكلبي قالت : فقلت : يا رسول الله رأيتك واضعا يدك على معرفة فرس قائما تكلم دحية الكلبي ؛ قال : « وقد رأيتيه » . قلت : نعم ؛ قال : « فذلك جبريل عليه السلام وهو يقرئك السلام » . فقلت : وعليه السلام ورحمة الله وبركاته ، جزاه الله خيرا من صاحب ودخيل ، فنعم الصاحب ونعم الدخيل (1)
__________
(1) الدخيل : الضيف

1838 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى قال : حدثنا يزيد بن هارون قال : أنبأنا زكريا بن أبي زائدة ، عن الشعبي ، عن أبي سلمة ، عن عائشة ، رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن جبريل عليه السلام يقرأ عليك السلام » . فقلت : وعليه السلام ورحمة الله

باب ذكر علم عائشة رضي الله عنها

1839 - حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني قال : حدثني جدي قال : حدثنا موسى بن أعين ، عن الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق قال : قلنا له : هل كانت عائشة رحمها الله تحسن الفرائض (1) ؟ قال : والله لقد رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم الأكابر يسألونها عن الفرائض
__________
(1) الفرائض : المواريث ، وعلم تعرف به قسمتها ، وهي أيضا : الأنصبة المقدرة في كتاب الله

1840 - وحدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا أبو معاوية قال : حدثنا الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق ، أنه قيل له : هل كانت عائشة رضي الله عنها تحسن الفرائض (1) ؟ . قال : إي والذي نفسي بيده ، لقد رأيت مشيخة من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم الأكابر يسألونها عن الفرائض
__________
(1) الفرائض : المواريث ، وعلم تعرف به قسمتها ، وهي أيضا : الأنصبة المقدرة في كتاب الله

1841 - أنبأنا يوسف بن يعقوب القاضي قال : أنبأنا أبو الربيع الزهراني قال : حدثنا أبو شهاب ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ، أن أبا موسى الأشعري قال لعائشة رحمها الله تعالى : قد شق علي اختلاف أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في أمر إني لأفظعه أن أذكره لك فقالت : ما هو ؟ . قال : الرجل يأتي (1) المرأة ثم يكسل (2) فلا ينزل ؟ . فقالت : إذا جاوز الختان (3) الختان فقد وجب الغسل . فقال أبو موسى : لا أسأل عن هذا أحدا بعدك
__________
(1) الإتيان : الجماع
(2) يكسل : يضعف عن الإنزال
(3) الختان : موضع القطع من ذكر الغلام وفرج الجارية والمعنى غيوب الحشفة في فرج المرأة حتى يصير ختانه بحذاء ختانها

1842 - وحدثنا أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا سعيد بن سليمان ، عن أبي أسامة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : لقد صحبت عائشة رحمها الله حتى قلت قبل وفاتها بأربع سنين أو خمس : لو توفيت اليوم ما ندمت على شيء فاتني منها ، فما رأيت أحدا قط كان أعلم بآية أنزلت ولا بفريضة ولا بسنة ولا أعلم بشعر ولا أروى له ، ولا بيوم من أيام العرب ولا بنسب ولا بكذا ولا بكذا ولا بقضاء ولا بطب منها . فقلت لها : يا أمه ، الطب من أين علمتيه ؟ . فقالت : كنت أمرض فينعت لي الشيء ويمرض المريض فينعت له فينتفع فأسمع الناس بعضهم لبعض فأحفظه . قال عروة : فلقد ذهب عني عامة علمها لم أسأل عنه

1843 - وحدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا أبو موسى الزمن قال : حدثني أبو أسامة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : ما جالست أحدا كان أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بقضاء ولا بحديث جاهلية ، ولا أروى لشعر ، ولا أعلم بفريضة ولا طب من عائشة رضي الله عنها فقلت : يا خالة ، من أين تعلمت الطب ؟ . قالت : كنت أسمع الناس ينعت بعضهم لبعض فحفظته

1844 - حدثنا الفريابي قال : حدثنا عمرو بن عمير بن كثير الحمصي قال : حدثنا بشر بن شعيب ، عن أبيه ، عن الزهري قال : وحدثني القاسم بن محمد ، أن معاوية بن أبي سفيان رحمه الله حين قدم المدينة يريد الحج ، دخل على عائشة رحمها الله فكلمها خاليين ، لم يشهد كلامهما إلا ذكوان أبو عمرو ومولى عائشة رحمها الله فكلمها معاوية ، فلما قضى كلامه تشهدت عائشة رحمها الله ثم ذكرت ما بعث الله به نبيه صلى الله عليه وسلم من الهدى ودين الحق ، والذي سن الخلفاء بعده وحضت معاوية على اتباع أمرهم ، فقالت في ذلك فلم تترك ، فلما قضت مقالتها ؛ قال لها معاوية : أنت والله العالمة بالله وبأمر رسوله الناصحة المشفقة البليغة الموعظة حضضت على الخير وأمرت به ، ولم تأمرينا إلا بالذي هو خير لنا ، وأنت أهل أن تطاعي ، فتكلمت هي ومعاوية كلاما كثيرا فلما قام معاوية اتكأ (1) على ذكوان ، ثم قال : والله ما سمعت خطيبا قط ليس رسول الله صلى الله عليه وسلم أبلغ من عائشة رضي الله عنها
__________
(1) الاتكاء : الاستناد على شيء والميل عليه

باب ذكر جامع فضائل عائشة رضي الله عنها

1845 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا بشر بن الوليد القاضي قال : حدثنا أبو حفص عمر بن عبد الرحمن ، عن سليمان الشيباني ، عن علي بن زيد بن جدعان ، عن جدته ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، أنها قالت : لقد أعطيت تسعا ما أعطيتها امرأة بعد مريم ابنة عمران : لقد نزل جبريل عليه السلام بصورتي في راحته (1) حتى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوجني ، ولقد تزوجني بكرا (2) وما تزوج بكرا غيري ، ولقد قبض ورأسه صلى الله عليه وسلم في حجري ، ولقد قبرته (3) في بيتي ، ولقد حفت الملائكة بيتي ، وإن كان الوحي لينزل عليه في أهله فيتفرقون عنه ، وإن كان لينزل عليه وإني لمعه في لحافه (4) ، وإني لابنة خليفته وصديقه ، ولقد نزل عذري (5) من السماء ، ولقد خلقت طيبة وعند طيب ، ولقد وعدت مغفرة ورزقا كريما
__________
(1) الراحة : الكف
(2) البكر : العذراء التي لم يسبق لها الزواج
(3) قبر : دفن
(4) اللحاف : الغطاء
(5) العذر : البراءة

1846 - حدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا عثمان بن عمر قال : حدثنا يونس ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، أن عمار بن ياسر ، كان يحدث أن الرخصة التي أنزل الله عز وجل في الصعيد إنما كانت في ليلة حبست عائشة رحمها الله تعالى فيها الناس وهي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرحيل حتى إبهار الليل ، أنار الليل - الشك من ابن عبد الحميد - وليس مع الناس فأتى أبو بكر رضي الله عنه عائشة فتغيظ (1) عليها وقال : حبست الناس وليس مع الناس ماء يتوضئون للصلاة . فأنزل الله عز وجل الرخصة في التيمم : التمسح بالصعيد (2) الطيب . فقال أبو بكر رضي الله عنه حين أنزلت : يا بنية ما علمت ، إنك لمباركة . وكان عمار يحدث أنهم ضربوا بأكفهم الصعيد فمسحوا وجوههم مسحة واحدة ، ثم عادوا فضربوا فمسحوا بأيديهم إلى المناكب
__________
(1) تغيظ : أظهر الغيظ ، وهو أشد الغضب
(2) الصعيد : التراب

1847 - وأنبأنا أبو سعيد المفضل بن محمد الجندي قال : حدثنا علي بن زياد اللحجي قال : حدثنا أبو قرة موسى بن طارق قال : ذكر مالك بن أنس ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة ، رحمها الله قالت : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره حتى إذا كنا بالبيداء (1) أو بذات الجيش انقطع عقدي ، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماسه (2) وأقام الناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء ، فجاء أبو بكر رضي الله عنه ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع رأسه على فخذي قد نام ، فقال : حبست رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس وليسوا على ماء ، وليس معهم ماء فعاتبني وقال ما شاء الله أن يقول وهو يطعن (3) بيده في خاصرتي (4) ولا يمنعني التحرك إلا مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي ، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصبح على غير ماء ، فأنزل الله عز وجل آية التيمم . فقال أسيد بن الحضير : ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر . قالت : فبعثنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته
__________
(1) البيداء : الصحراء
(2) التمس الشيء : طلبه
(3) الطعن : الضرب والوخز
(4) الخاصرة : ما بين رأس الوَرِك وأسفل الأضلاع وهما خاصرتان

1848 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا عبد الله بن مطيع قال : حدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر الأنصاري ، أنه سمع أنس بن مالك يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « فضل عائشة على النساء كفضل الثريد (1) على الطعام »
__________
(1) الثريد : الطعام الذي يصنع بخلط اللحم والخبز المفتت مع المرق وأحيانا يكون من غير اللحم

حديث الإفك قال محمد بن الحسين رحمه الله : إن الله عز وجل لم يزد عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك إلا شرفا ونبلا وعزا ، وزاد من رماها من المنافقين ذلا وخزيا ، ووعظ من تكلم فيها من غير المنافقين من المؤمنين بأشد ما يكون من الموعظة ، وحذرهم أن يعودوا لمثل ما ظنوا مما لا يحل الظن فيه فقال عز وجل لولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين (1) ميزوا رحمكم الله من هذا الموضع حتى تعلموا أن الله عز وجل سبح نفسه تعظيما لما رموها به ، ووعظ المؤمنين موعظة بليغة سمعت أبا عبد الله بن شاهين رحمه الله يقول : إن الله تبارك وتعالى لم يذكر أهل الكفر بما رموه به إلا سبح نفسه تعظيما لما رموه به ، مثل قوله عز وجل وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه (2) قال : فلما رميت عائشة رضي الله عنها بما رميت به من الكذب سبح نفسه تعظيما لذلك ، فقال عز وجل لولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم فسبح نفسه جل وعز تعظيما لما رميت به عائشة رضي الله عنها قال محمد بن الحسين رحمه الله تعالى : فوعظ الله عز وجل المؤمنين موعظة بليغة ، ثم قال الله عز وجل إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم (3) فأعلمنا الله عز وجل أن عائشة رضي الله عنها لم يضرها قول من رماها بالكذب ، وليس هو بشر لها بل هو خير لها ، وشر على من رماها ، وهو عبد الله بن أبي ابن سلول وأصحابه من المنافقين ، وإن كان قد مضها وأقلقها وتأذى النبي صلى الله عليه وسلم وغمه ذلك إذ ذكرت زوجته وهو لها محب مكرم ، ولأبيها رضي الله عنه ، فكل هذه درجات له عند الله عز وجل ، حتى أنزل الله عز وجل ببرآءتها وحيا يتلى ، سر الله الكريم به قلب رسوله صلى الله عليه وسلم وقلب عائشة وأبيها وأهلها وجميع المؤمنين ، وأسخن به أعين المنافقين ، رضي الله عنها وعن أبيها وعن جميع الصحابة وعن جميع أهل البيت الطاهرين
__________
(1) سورة :
(2) سورة : البقرة آية رقم : 116
(3) سورة : النور آية رقم : 11

1849 - حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي قال : حدثنا عبد الله يعني ابن عمرو ، عن إسحاق بن راشد ، عن الزهري ، عن عروة ، وسعيد بن المسيب ، وعلقمة بن وقاص ، وعبيد الله بن عبد الله كلهم عن عائشة ، رضي الله عنها ، فيما قال لها أهل الإفك (1) فبرأها الله عز وجل مما قالوا - قال الزهري : وكلهم حدثني طائفة من حديثها وبعضهم كان أوعى لحديثها من بعض وأثبت له اقتصاصا ، وقد وعيت (2) عن كل رجل منهم الحديث الذي حدثني عنها ، وبعض حديثهم يصدق بعضا وإن كان بعضهم أوعى له من بعض - ، قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج في سفر أقرع بين أزواجه فأيتهن خرج سهمها (3) خرج بها النبي صلى الله عليه وسلم معه ، قالت عائشة رضي الله عنها : فأقرع (4) بيننا في غزوة غزاها فخرج سهمي ، فخرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما أنزل الحجاب ، فأنا أحمل في هودجي (5) وأنزل فيه ، حتى إذا فرغ من غزوته تلك ، ودنونا من المدينة ، آذن (6) بالرحيل فخرجت حين آذنوا بالرحيل ، فتبرزت (7) لحاجتي حتى جاوزت الجيش ، فلما قضيت شأني رجعت إلى رحلي فلمست صدري فإذا عقد لي من جزع (8) ظفار قد انقطع ، فخرجت في التماسه فحبسني (9) ابتغاؤه ، وأقبل الرهط (10) الذين يرحلون بي فاحتملوا هودجي فجعلوه على بعيري الذي كنت أركب ، وهم يحسبون أني فيه ، وكن النساء إذ ذاك لم يهبلهن (11) اللحم ، إنما تأكل إحدانا العلقة (12) من الطعام فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه ، وكنت جارية (13) حديثة السن ، فبعثوا الجمل ، فوجدت عقدي بعد ما استمر الجيش ؛ فجئت مبادرة لهم - أو قالت : منازلهم - وليس بها منهم داع ولا مجيب ، فتيممت (14) منزلي الذي كنت فيه وظننت أنهم سيفقدونني فيرجعون إلي ، فبينما أنا كذلك في منزلي إذ غلبتني عيني فنمت ، وكان صفوان بن المعطل من وراء الجيش ، فأدلج (15) ، فأصبح عند منزلي ، فرأى سواد إنسان ، فأتاني فعرفني حين رآني ، وقد كان رآني قبل الحجاب ، فاستيقظت باسترجاعه ، فخمرت (16) وجهي بجلبابي ، والله ما تكلمنا بكلمة ، ولا سمعت من كلامه غير استرجاعه ، حتى أناخ (17) راحلته فوطئ (18) على يدها ثم ركبتها ، فانطلق يقود بي الراحلة (19) حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا موغرين (20) في نحر (21) الظهيرة . وقد هلك من هلك من أهل الإفك . وكان الذي تولى (22) كبره (23) عبد الله بن أبي ابن سلول ، فاشتكيت حين قدمت المدينة شهرا ، والناس يفيضون (24) في قول الإفك ، ولا أشعر بشيء من ذلك ، وهو يريبني (25) في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أراه حين أشتكي ، إنما يدخل فيقول : « كيف تيكم (26) ؟ » ثم ينصرف فذاك الذي يريبني منه ، ولا أشعر بشيء حتى خرجت بعد ما نقهت (27) أنا وأم مسطح ، وهي ابنة أبي رهم بن المطلب ، وأمها ابنة أبي صخر بن عامر خالة أبي بكر رضي الله عنه ، وابنها مسطح بن أثاثة فأقبلت أنا وأم مسطح حتى فرغنا من شأننا ، فعثرت أم مسطح في مرطها (28) ، فقالت : تعس (29) مسطح ، فقلت : بئسما قلت تسبين رجلا شهد بدرا قالت : أولم تسمعي ما قال ؟ . قلت : فماذا ؟ فأخبرتني بقول أهل الإفك ، فازددت مرضا على مرضي . فلما رجعت دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : « كيف تيكم ؟ » قلت : تأذن لي فآتي أبوي ، وأنا حينئذ أريد أن أستقصي الخبر من قبلهما ، قالت : فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتيت أبوي ، فقلت لأمي : يا أمه ماذا يتحدث الناس به ؟ . قالت : يا بنية هوني عليك ، قلما كانت امرأة وضيئة (30) جميلة عند رجل يحبها ولها ضرائر (31) إلا كثرن عليها ، قالت : قلت : سبحان الله وقد تحدث الناس بهذا ، قالت : فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ (32) لي دمع ، ولا أكتحل (33) بنوم . ثم أصبحت أبكي ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وأسامة بن زيد حين استلبث (34) الوحي عليه يستشيرهما في فراق أهله ، فأما أسامة فأشار على النبي صلى الله عليه وسلم بما يعلم من براءة أهله وبالود الذي لهم في نفسه ، فقال : والله يا رسول الله ما نعلم إلا خيرا ، وأما علي بن أبي طالب ، فقال : يا رسول الله لم يضيق الله عليك ، والنساء سواها كثير ، وسل الجارية تصدقك ، ودعا بريرة ، فقال : « يا بريرة ، هل رأيت شيئا يريبك ؟ » قالت : لا والذي بعثك بالحق ، إن رأيت أمرا أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فيأتي الداجن (35) فتأكله ، فصعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر ، فاستعذر (36) من عبد الله بن أبي ابن سلول فقال : « من يعذرني (37) من رجل قد بلغني أذاه في أهلي ، فو الله ما علمت على أهلي إلا خيرا ، وقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما كان يدخل على أهلي إلا معي » . فقام سعد بن معاذ ، فقال : يا رسول الله أنا أعذرك (38) منه ، إن كان من إخواننا من الأوس ضربت عنقه ، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا ما تأمرنا به ، فقام سعد بن عبادة ، وهو سيد الخزرج ، فقال لسعد بن معاذ : كذبت لعمر الله ، لا تقتله ولا تقدر على قتله ، وقد كان قبل ذلك رجلا صالحا ولكن استجهلته الحمية (39) ، فقام أسيد بن الحضير وهو ابن عم سعد بن معاذ ، فقال لسعد بن عبادة : لنقتلنه فإنك منافق تجادل عن المنافقين ، وتثاور الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا ، والنبي صلى الله عليه وسلم على المنبر ، فلم يزل يسكنهم حتى سكنوا ، فمكثت يومي ذاك أبكي لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ، وأصبح أبواي عندي يظنان أن البكاء فالق كبدي . فبينما هما جالسان وأنا أبكي إذ استأذنت امرأة من الأنصار علي فأذنت لها ، فجلست تبكي معي ، قالت : فبينما نحن كذلك إذ دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم وجلس ، ولم يجلس قبل ذلك منذ قيل ما قيل ، وقد لبث شهرا لا يوحى إليه شيء . فتشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس وقال : « أما بعد يا عائشة ، فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا ، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله ، وإن كنت ألممت (40) بذنب فاستغفري الله ثم توبي إليه ، فإن العبد إذا أذنب ثم تاب تاب الله عليه » فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص (41) دمعي حتى ما أحس منه قطرة ، فقلت لأبي : أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال ، فقال : والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فقلت لأمي : أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم . وأنا جارية حديثة السن ولم أقرأ كثيرا من القرآن ، فقلت : إني والله أعلم أنكم قد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم فصدقتم به ، ولئن قلت : إني بريئة والله يعلم أني بريئة لا تصدقونني ، فوالله ما أجد لي ولكم مثلا إلا أبا يوسف فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون (42) . قالت : ثم تحولت فاضطجعت على فراشي ، وما كنت أرى أن الله عز وجل ينزل في شأني وحيا يتلى ، لشأني كان أحقر في نفسي من أن يتكلم الله عز وجل في بأمر من السماء ، ولكني كنت أرجو أن يري الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم رؤيا في النوم يبرئني الله بها ، فوالله ما رام النبي صلى الله عليه وسلم مجلسه ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أخذه ما كان يأخذه من البرحاء ، وهو العرق ، حين ينزل عليه الوحي ، وكان إذا أوحي إليه أخذه البرحاء (43) حتى إنه لينحدر عليه مثل الجمان (44) في اليوم الشاتي من ثقل القرآن الذي ينزل عليه ، قالت : فسري (45) عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو يضحك ، فكان أول كلمة تكلم بها : « أما أنت يا عائشة فقد برأك الله عز وجل » قالت : فقلت : بحمد الله عز وجل . قالت أمي : قومي إليه ، فقلت : والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله عز وجل ؛ فأنزل الله عز وجل : إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم (46) إلى آخر الآيات العشر كلها ، فلما أنزل الله عز وجل هذا في براءتي ؛ قال أبو بكر رضي الله عنه ، وقد كان ينفق على مسطح لقرابته وفقره : والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال في عائشة . فأنزل الله عز وجل ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى (47) إلى قوله تعالى وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم فقال أبو بكر : والله إني لأحب أن يغفر الله لي ، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه وقال : لا أنزعها منه أبدا وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم سأل زينب بنت جحش عن أمري ؟ فقالت : ما رأيت ولا علمت إلا خيرا أحمي سمعي وبصري ، قالت : وهي التي كانت تساميني (48) من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فعصمها (49) الله عز وجل بالورع ، وطفقت (50) أختها حمنة بنت جحش فهلكت فيمن هلك من أهل الإفك - قال الزهري : فهذا ما انتهى إلي من خبر هؤلاء الرهط من هذا الحديث وحدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا الهيثم بن خارجة قال : حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن وهو ابن يزيد بن جابر قال : حدثنا عطاء الخراساني ، عن الزهري ، عن عروة بن الزبير ، أن عائشة ، حدثته ، وذكر الحديث ، بطوله ، نحوا منه ، وحدثنا أبو أحمد هارون بن يوسف قال : حدثنا ابن أبي عمر العدني قال : حدثنا عبد الله بن معاذ الصنعاني قال : حدثنا معمر قال : حدثنا محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب ، قال ابن أبي عمر ، وحدثنا أيضا عبد الرزاق قال : أنبأنا معمر ، عن الزهري قال : حدثني عروة بن الزبير ، وسعيد بن المسيب ، وعلقمة بن وقاص الليثي ، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، عن حديث عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين قال لها أهل الإفك ما قالوا فبرأها الله عز وجل وذكر الحديث بطوله نحوا من الحديث الأول قال محمد بن الحسين رحمه الله : فالحمد لله الذي سر نبينا صلى الله عليه وسلم ببراءة عائشة رضي الله عنها زوجته في الدنيا والآخرة أم المؤمنين وليست بأم المنافقين
__________
(1) الإفك : الكذب ، والمراد ما رميت به من سوء
(2) وعى : حفظ وفهم وأدرك وحوى
(3) السهم : النصيب
(4) أقرع : أجرى القرعة
(5) الهودج : خباء يشبه الخيمة يوضع على الجمل لركوب النساء
(6) الأذَانِ والإذن : هو الإعْلام بالشيء أو الإخبار به وباقترابه
(7) تبرز : خرج إلى البَراز ( المكان الخالي الفسيح ) لقضاء حاجته
(8) الجزع : الخوف والفزع وعدم الصبر والحزن
(9) الحبس : المنع
(10) الرهط : الجماعة من الرجال دون العشرة
(11) هَبَّلَه اللَّحْم : كَثُر عليه وركِب بعضُه بعضًا
(12) العُلْقَة : كُلُّ ما يُتَبَلَّغُ به مِنَ العَيْشِ
(13) الجارية : الشابة من النساء
(14) تيمم : أراد وقصد وتوجه
(15) الدلج والدلجة : السير في أول الليل ، وقيل في آخره ، أو فيه كله
(16) خَمَّرَ الشَّيْء : غَطَّاه وستره
(17) أناخ البعير : أَبْرَكَه وأجلسه
(18) وطئ يدها : وضع قدمه على يد الناقة ليسهل الركوب عليها
(19) الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى
(20) الموغر : النازل في وقت الحرارة الشديدة
(21) نحر الظهيرة : المراد وقت اشتداد الحر وبلوغ الشمس منتهاها في الارتفاع
(22) تولى : تحمل
(23) تولى كبره : تحمل معظمه فبدأ بالخوض فيه وأشاعه
(24) يفيض : يكثر الحديث
(25) يريبني : يشككني ويوهمني
(26) تيكم : إشارة إلى المؤنث
(27) نقه : صح من مرضه وهو في عقب علته
(28) المرط : كساء من صوف أو خز أو كتان
(29) تعس : هلك وخسر وانكب على وجهه
(30) وضيئة : جميلة حَسنة
(31) الضرائر : جمع ضرة ، وهي الزوجة الأخرى التي تشارك غيرها في زوجها
(32) يرقأ : يسكن ويجف وينقطع بعد جريانه
(33) أكتحل بنوم : أغمض عيني
(34) استلبث : أبطأ وتأخر
(35) الداجن : كل ما أَلِف البيوت وأقام بها من حيوان وطير
(36) استعذر : قال من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي
(37) من يعذرني : من يلومه على فعله ولا يلومني على فعلي ، أو من يقوم بعذري إذا جازَيْتُه بصنعه ، أو من ينصرني ، يقال : عذرته إذا نصرتهُ
(38) أعْذِرُك منه : أَقوم بعُذْرك إن كَافَأْته على سُوءِ صَنِيعه فلا ألُومك وأمنع عنك الأذى
(39) الحمية : الأنفة والغيرة
(40) اللَّمم : مُقَارَبة المَعْصِيَة من غير إيقاع فِعْل
(41) قلص : جف وذهب
(42) سورة : يوسف آية رقم : 18
(43) البرحاء : الشدة
(44) الجمان : اللؤلؤ ، والمراد العرق
(45) التسرية : الكشف والإزالة وتأتي بمعنى التخفيف
(46) سورة : النور آية رقم : 11
(47) سورة : النور آية رقم : 22
(48) سامى : نافس وضاهى
(49) العصمة : المنع والحفظ
(50) طفق يفعل الشيء : أخذ في فعله واستمر فيه

1850 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا عبد الوهاب الوراق قال : حدثنا أبو معاوية ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، رضي الله عنها أنها ذكرت عند رجل فسبها الطاهرة الذكية فقيل له : أليست بأمك ؟ . قال : ما هي لي بأم . فبلغها ذلك فقالت : صدق ، أنا أم المؤمنين ، فأما الكافرون فلست لهم بأم

1851 - حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عفير الأنصاري قال : حدثنا عمران بن موسى الرقي بالري ، عن أبي مصعب المديني ، عن عبد العزيز بن عمران الزهري ، عن الزهري قال : أول حب كان في الإسلام حب النبي عائشة رضي الله عنها ، وفيه قال حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه : تباريح حب ما تزن بريبة تحمل منه مغرما ما تحملا وإن اعتقاد الحب كان بعفة بحب رسول الله عائش أولا حباها بصفو الود منها فأصبحت تبوء به في جنة الخلد منزلا حليلة خير الخلق وابنة حبه وصاحبه في الغار إذ كان موئلا قال محمد بن الحسين رحمه الله : لقد خاب وخسر من أصبح وأمسى وفي قلبه بغض لعائشة رضي الله عنها أو لأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو لأحد من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرضي الله عنهم أجمعين ونفعنا بحبهم آخر فضائل عائشة رضي الله عنها مما أمكنني إخراجه بمكة حرسها الله تعالى والسلام .
كتاب فضائل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قال محمد بن الحسين رحمه الله : معاوية رحمه الله كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم على وحي الله عز وجل وهو القرآن بأمر الله عز وجل ، وصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن دعا له النبي صلى الله عليه وسلم أن يقيه العذاب ، ودعا له أن يعلمه الله الكتاب ويمكن له في البلاد وأن يجعله هاديا مهديا وأردفه النبي صلى الله عليه وسلم خلفه فقال : « ما يليني منك ؟ » قال : بطني ، قال : « اللهم املأه حلما وعلما » . وأعلمه النبي صلى الله عليه وسلم « أنك ستلقاني في الجنة » . وصاهره النبي صلى الله عليه وسلم بأن تزوج أم حبيبة أخت معاوية رحمة الله عليهما ، فصارت أم المؤمنين وصار هو خال المؤمنين فأنزل الله عز وجل فيهم عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة (1) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : « إني سألت ربي عز وجل أن لا أتزوج إلى أحد من أمتي ولا يتزوج إلي أحد من أمتي إلا كان معي في الجنة » وهو ممن قال الله عز وجل يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه (2) فقد ضمن الله الكريم له أن لا يخزيه لأنه ممن آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم وسيأتي من الأخبار ما يدل على ما قلت والله الموفق لذلك إن شاء الله تعالى
__________
(1) سورة : الممتحنة آية رقم : 7
(2) سورة : التحريم آية رقم : 8

باب ذكر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لمعاوية رضي الله عنه

1852 - أنبأنا خلف بن عمرو العكبري ، قال : حدثنا الحميدي عبد الله بن الزبير قال : حدثنا بشر بن السري قال : حدثنا معاوية بن صالح ، عن يونس بن سيف ، عن الحارث بن زياد ، عن أبي رهم السماعي ، عن العرباض بن سارية السلمي قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتسحر فقال : « هلم إلى الغداء المبارك » وسمعته يقول لمعاوية : « اللهم علمه الكتاب والحساب وقه (1) العذاب » أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال : حدثنا معاوية بن صالح ، عن يونس بن سيف ، عن الحارث بن زياد ، عن أبي رهم ، عن العرباض بن سارية السلمي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « اللهم علم معاوية الكتاب والحساب وقه العذاب » حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد الواسطي قال : حدثنا أحمد بن سنان الواسطي قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن معاوية بن صالح ، وذكر الحديث مثله
__________
(1) الوقاية : الحماية والحفظ بالعناية

1853 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال : حدثنا إبراهيم بن هانئ النيسابوري قال : حدثني أبو صالح عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن يونس بن سيف ، عن الحارث بن زياد ، عن أبي رهم ، أنه سمع عرباض بن سارية يقول : دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السحور في شهر رمضان فقال : « هلموا إلى الغداء المبارك » فقال : وسمعته يقول : « اللهم علم معاوية الكتاب والحساب وقه (1) العذاب »
__________
(1) الوقاية : الحماية والحفظ بالعناية

1854 - وأنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي قال : حدثنا يحيى بن معين قال : حدثنا أبو مسهر قال ابن ناجية ، وحدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا أبو مسهر ، عن سعيد بن عبد العزيز ، عن ربيعة بن يزيد ، عن عبد الرحمن بن أبي عميرة وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يدعو لمعاوية رحمه الله : « اللهم اجعله هاديا مهديا واهده واهد به ولا تعذبه »

1855 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال : حدثنا محمد بن إسحاق قال : أخبرني يحيى بن معين قال : حدثنا أبو مسهر قال : أخبرني سعيد بن عبد العزيز ، عن ربيعة بن يزيد ، عن عبد الرحمن بن أبي عميرة وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يدعو لمعاوية رحمه الله فقال : « اللهم اهده واجعله هاديا مهديا » وحدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا العباس بن عبد الله الترقفي قال : حدثنا أبو مسهر ، وذكر مثل الحديثين قبله

1856 - وأنبأنا أبو محمد عبد الله بن ناجية قال : حدثنا أحمد بن إبراهيم قال : حدثنا سليمان بن حرب قال ابن ناجية ، وحدثنا يوسف بن موسى القطان قال : حدثنا الحسن بن الأشيب قالا : حدثنا أبو هلال الراسبي قال : حدثنا جبلة بن عطية ، عن مسلمة بن مخلد قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « اللهم علم معاوية الكتاب ، ومكن له في البلاد ، وقه (1) العذاب »
__________
(1) الوقاية : الحماية والحفظ بالعناية

1857 - وأنبأنا ابن ناجية ، أيضا ، قال : حدثنا أبو أمية محمد بن إبراهيم المقسمي قال : حدثنا وحشي بن إسحاق بن وحشي بن حرب بن وحشي بن حرب قال : حدثني أبي إسحاق بن وحشي ، عن أبيه وحشي ، عن أبيه ، عن جده قال : كان معاوية رحمه الله رديف (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما يليني منك ؟ » قال : بطني وصدري ، قال : « ملأهما الله علما وحلما »
__________
(1) الرديف : الراكب خلف قائد الدابة

1858 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا العباس بن أبي طالب قال : حدثنا عبد الرحمن بن نافع قال : حدثنا سلمة بن بشر أبو بشر قال : حدثنا صدقة بن خالد قال : حدثني وحشي بن حرب بن وحشي ، عن أبيه ، عن جده قال : أردف (1) النبي صلى الله عليه وسلم معاوية ، فقال : « يا معاوية ما يليني منك ؟ » قال : بطني ، قال : « اللهم املأه علما وحلما »
__________
(1) أردفه : حمله خلفه

1859 - حدثنا الفريابي قال : حدثنا هشام بن عمار الدمشقي قال : حدثنا يحيى بن حمزة قال : حدثني ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن عمرو بن الأسود ، أنه حدثه أنه أتاه عبادة بن الصامت وهو بساحل حمص ، ومعه امرأته أم حرام ؛ قال عمرو : فحدثتنا أم حرام أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا » . قالت أم حرام : وأنا فيهم يا رسول الله ؟ . قال : « أنت فيهم » ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم » . قالت أم حرام : أنا فيهم ؟ . قال : « لا » قال الفريابي : وكان أول من غزاه معاوية في زمن عثمان بن عفان رحمة الله عليهما

1860 - حدثنا الفريابي قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر أبو طوالة الأنصاري ، أنه سمع أنس بن مالك يقول : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت أم حرام بنت ملحان خالة لأنس فوضع رأسه عندها ثم رفع رأسه فضحك فقالت : يا رسول الله مم ضحكت ؟ . قال : « رأيت أناسا من أمتي يركبون هذا البحر مثلهم كمثل الملوك على الأسرة » . قالت : يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم ، قال : « اللهم اجعلها منهم » . ثم صنع ذلك مرتين أخريين . فقالت : ادع الله أن يجعلني منهم . فقال : أنت من الأولين ، ولست من الآخرين ، فتزوجها عبادة بن الصامت ، فغزا بها في البحر مع أخت معاوية رضي الله عنهما فلما قفلت (1) ركبت دابة لها بالساحل فتوقصت بها فسقطت فماتت
__________
(1) القفول : العودة والرجوع

باب بشارة النبي صلى الله عليه وسلم لمعاوية رحمه الله بالجنة

1861 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي ، والحسن بن إسحاق بن يزيد قالا : حدثنا عبد العزيز بن بحر القرشي قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، عن أبيه ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يطلع عليكم من هذا الباب رجل من أهل الجنة » . فطلع معاوية ثم قال من الغد مثل ذلك ، ثم قال من الغد مثل ذلك ، فطلع معاوية . فقال رجل : يا رسول الله هو هذا ؟ قال : « نعم هو ذا »

1862 - وأنبأنا ابن ناجية قال : حدثنا أحمد بن إبراهيم ، والحسن بن إسحاق قالا : حدثنا عبد العزيز بن بحر قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، عن أبيه ، عن ابن عمر قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاوية : « يا معاوية ، أنت مني وأنا منك لتزاحمني على باب الجنة كهاتين » وأشار بأصبعيه الوسطى والتي تليها

1863 - وحدثنا أبو القاسم البغوي عبد الله بن محمد قال : حدثنا محمد بن إسحاق قال : أخبرني وضاح بن حسان الأنباري قال : أخبرني الوزير بن عبد الله الجزري ، عن غالب بن عبيد الله ، عن عطاء ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ناول معاوية رحمه الله سهما فقال : « يا معاوية خذ هذا السهم حتى تلقاني به في الجنة »

1864 - وأنبأنا ابن ناجية قال : حدثنا محمد بن قدامة الجوهري ، ومحمد بن أبي الوليد الفحام قالا : حدثنا الوضاح بن حسان قال : حدثنا الوزير بن عبد الله قال : حدثنا أبو عبيد الله القرقساني ، وقال ابن الفحام : عن غالب بن عبيد الله العقيلي قالا جميعا : عن عطاء ، عن أبي هريرة قال : دفع النبي صلى الله عليه وسلم إلى معاوية رحمه الله سهما فقال : « وافني بهذا في الجنة » وقال ابن الفحام : ناول النبي صلى الله عليه وسلم معاوية سهما وقال : « خذ هذا حتى تأتيني به في الجنة »

1865 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا محمد بن مصفى قال : حدثنا محمد بن حرب قال : حدثنا أبو بكر بن أبي مريم ، عن أبي سفيان محمد بن زياد ، عن عوف بن مالك قال : بينما هو نائم في كنيسة القائلة إذ انتبه من قائلته (1) فإذا هو بأسد ، فأهوى إلى سلاحه فقال : لا تخف أنا رسول ربك عز وجل إليك ، اعلم أن معاوية الرحال من أهل الجنة ، قال : قلت : من معاوية الرحال ؟ . قال : معاوية بن أبي سفيان وأنبأنا ابن ناجية قال : حدثنا روح بن الفرج المخرمي قال : حدثنا المعلى بن الوليد بن القعقاع العبسي قال : حدثنا محمد بن حرب الأبرش الحمصي ، عن أبي بكر بن أبي مريم الغساني ، عن محمد بن زياد ، عن عوف بن مالك الأشجعي ، فذكر الحديث نحو حديث الفريابي
__________
(1) القائلة : الظهيرة والمراد الاستراحة فيها

باب ذكر مصاهرة النبي صلى الله عليه وسلم لمعاوية بأخته أم حبيبة رحمه الله

1866 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا روح بن الفرج قال : حدثنا شبابة بن سوار قال : حدثنا خارجة بن مصعب ، عن محمد بن السائب ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، في هذه الآية عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة (1) . قال : المودة التي جعلها الله عز وجل بينهم تزويج النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بنت أبي سفيان ، فكانت أم حبيبة أم المؤمنين ، ومعاوية خال المؤمنين
__________
(1) سورة : الممتحنة آية رقم : 7

1867 - وأنبأنا ابن ناجية قال : حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان قال : حدثنا أبو المحياة التيمي ، عن عمر بن بزيع قال : سمعني علي بن عبد الله بن عباس وأنا أريد أن أسب معاوية رحمه الله ، فقال : مهلا لا تسبه فإنه صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم

1868 - وحدثنا ابن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا عثمان بن زفر التيمي قال : حدثني سيف بن عمر ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن هند بن هند بن أبي هالة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : « إن الله عز وجل أبى علي أن أزوج أو أتزوج إلا إلى أهل الجنة »

1869 - وحدثنا ابن عبد الحميد ، أيضا ، قال : حدثنا يحيى بن أبي طالب قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الشامي قال : ثنا عمار بن سيف ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « سألت ربي عز وجل أن لا أتزوج إلى أحد من أمتي ولا يتزوج إلي أحد من أمتي إلا كان معي في الجنة فأعطاني »

باب ذكر استكتاب النبي صلى الله عليه وسلم لمعاوية رحمه الله بأمر من الله عز وجل

1870 - أنبأنا ابن ناجية قال : حدثنا روح بن الفرج المخرمي قال : حدثنا إبراهيم بن أبان الواسطي قال : حدثني إبراهيم بن أبي يزيد المدني ، عن عمر بن عبد الله ، مولى غفرة ، عن ابن عباس قال : جاء جبريل عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومعاوية رحمه الله عنده يكتب ، فقال : يا محمد إن كاتبك هذا لأمين

1871 - وحدثنا ابن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن محمود قال : حدثنا إسحاق بن حاتم قال : حدثني حسين المعلم قال : حدثنا أصرم الهمداني ، عن أبي سنان ، عن الضحاك ، عن النزال بن سبرة ، عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، قال : كان ابن خطل يكتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ، فقتل يوم فتح مكة ، وأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يستكتب معاوية ، فقال علي رضي الله عنه : لم يكن فينا أكتب منه ، فخشي أن يكون مثل ابن خطل فاستشار فيه جبريل عليه السلام فقال : استكتبه فإنه أمين

1872 - وأنبأنا ابن ناجية قال : حدثنا يوسف بن موسى القطان قال : حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل قال : حدثنا عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن الحارث ، عن عبد الله بن مالك الزبيدي ، عن عبد الله بن عمرو قال : كان معاوية رحمه الله كاتبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم

1873 - وحدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا الرمادي أحمد بن منصور قال : حدثنا موسى بن إسماعيل قال : حدثنا أبو عوانة ، عن أبي حمزة القصاب قال : سمعت ابن عباس يقول : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اذهب فادع معاوية » ، وكان كاتبه

1874 - وحدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا محمد بن المبارك الصوري قال : حدثنا الوليد بن مسلم قال : حدثني عبد الرحمن يعني : ابن يزيد بن جابر ، أخو يزيد بن جابر ، عن أبي كبشة السلولي قال : حدثني سهل بن الحنظلية ، أن عيينة بن حصن ، والأقرع بن حابس ، سألا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ، وأمر معاوية رحمه الله فكتب لهما وختم كتابهما ثم رمى به إليهما

1875 - وأنبأنا ابن ناجية قال : حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن مفضل الحراني قال : حدثنا مسكين بن بكير ، عن محمد بن المهاجر ، عن ربيعة بن يزيد قال : قال أبو كبشة : حدثنا سهل بن الحنظلية قال : دخل عيينة بن بدر والأقرع بن حابس على رسول الله ، فسألاه فأمر لهما بما سألاه وأمر معاوية رحمه الله أن يكتب لهما بذلك ، فكتب لهما ورفع إلى كل واحد منهما صحيفته ، فأما عيينة فقال : أين أذهب إلى قوم بصحيفة لا أدري ما فيها كصحيفة المتلمس ، قال : فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم صحيفته فنظر فيها ، فقال : « قد كتب لك ما آمر لك فيها »

1876 - حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين بن شهريار البلخي قال : حدثنا هارون بن العباس الهاشمي ، رحمه الله ، قال : حدثنا العلاء بن عمرو أبو عمرو البستي قال : حدثنا مروان بن معاوية ، عن ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن نوف البكالي قال : لما نزلت آية الكرسي أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى معاوية رحمه الله فقال : « اكتبها فإن لك مثل أجر من قرأها إلى يوم القيامة »

باب ذكر مشاورة النبي صلى الله عليه وسلم لمعاوية رحمه الله

1877 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن ناجية قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا نعيم بن حماد المروزي قال : حدثنا محمد بن شعيب بن شابور قال : حدثنا مروان بن جناح قال : حدثنا يونس بن ميسرة بن حلبس ، عن عبد الله بن بسر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استشار أبا بكر وعمر رضي الله عنهما في أمر فقالا له : الله ورسوله أعلم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ادعوا لي معاوية » . فغضب أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ، فقالا : أما كان في رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلين من قريش ما يجزيان أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يبعث إلى غلام من غلمان قريش فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم « ادعوا لي معاوية » . فلما جاءه وقف بين يديه ، فقال لهما : « أحضراه أمركما ، حملاه أمركما ؛ فإنه قوي أمين »

باب ذكر صحبة معاوية رحمه الله للنبي صلى الله عليه وسلم ومنزلته عنده

1878 - أنبأنا ابن ناجية قال : حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان بن صالح أبو عبد الرحمن الكوفي قال : حدثنا عبد الله المكي يعني : ابن رجاء المكي قال : حدثنا عثمان بن الأسود ، عن ابن أبي مليكة ، أن معاوية ، رحمه الله ، صلى العشاء ثم أوتر بركعة ؛ قال : فذكرت ذلك لابن عباس فقال : إن معاوية قد صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم

1879 - أنبأنا ابن ناجية قال : حدثنا أبو معمر القطيعي ، ويعقوب الدورقي ، وخلاد بن أسلم ، قالوا : حدثنا مروان بن شجاع قال : حدثنا خصيف ، عن مجاهد ، وعطاء ، - زاد يعقوب - : وطاوس ، عن ابن عباس : أن معاوية ، رحمه الله ، أخبره أنه ، قصر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمشقص (1) ، فقال ابن عباس . ما كان معاوية على رسول الله صلى الله عليه وسلم متهما
__________
(1) المشقص : نصل السهم إذا كان طويلا غير عريض

1880 - حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال : حدثنا الحسين بن الحسن المروزي قال : حدثنا مرحوم بن عبد العزيز ، قال ابن صاعد : وحدثنا يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا مرحوم بن عبد العزيز ، - واللفظ للحسين - قال : حدثنا أبو نعامة السعدي ، عن أبي عثمان النهدي ، عن أبي سعيد الخدري قال : خرج معاوية رحمه الله على حلقة في المسجد فقال : ما أجلسكم ؟ . قالوا : جلسنا نذكر الله عز وجل ؛ قال : الله ما أجلسكم إلا ذاك ؟ . قالوا : الله ما أجلسنا إلا ذلك ؛ قال : أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم ، وما كان أحد بمنزلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم أقل حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مني ، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على حلقة من أصحابه فقال : « ما أجلسكم ؟ » . قالوا جلسنا نذكر الله عز وجل ونحمده على ما هدانا من الإسلام ، فقال : « الله ما أجلسكم إلا ذلك ؟ » . قالوا : الله ما أجلسنا إلا ذلك ؛ قال : « أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم ، ولكن أتاني جبريل عليه السلام فأخبرني أن الله عز وجل يباهي بكم الملائكة » وأخبرناه ابن ناجية ، حدثنا بندار محمد بن بشار ، حدثنا مرحوم بن عبد العزيز ، ذكر الحديث بإسناده

1881 - وأخبرنا ابن ناجية قال : حدثنا نصر بن علي ، وعمرو بن عيسى الضبعي قالا : حدثنا عبد الأعلى السامي قال : حدثنا سعيد الجريري ، عن عبد الله بن بريدة ، أن معاوية ، رحمه الله ، خرج على قوم يذكرون الله عز وجل فقال : سأبشركم بما بشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلكم ، إنكم لا تجدون رجلا منزلته من رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلتي ، أقل حديثا عنه مني ، كنت ختنه (1) ، وكنت في كتابه ، وكنت أرحل له راحلته (2) ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقوم يذكرون الله عز وجل : « إن الله تبارك وتعالى ليباهي (3) بكم الملائكة »
__________
(1) الختن : قريب الزوجة كأبيها وأخيها ، وزوج الابنة ، وزوج الأخت
(2) الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى
(3) المباهاة : المفاخرة

باب ذكر تواضع معاوية رحمه الله في خلافته

1882 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا أحمد بن منيع قال : حدثنا إسماعيل بن علية قال ابن ناجية : وحدثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام قال : حدثنا يزيد بن زريع قال ابن ناجية : وحدثنا بندار قال : حدثنا محمد بن أبي عدي ، كلهم عن حبيب بن الشهيد ، عن أبي مجلز قال : خرج معاوية رحمه الله ، وابن الزبير وابن عامر جالسان فقام أحدهما وجلس الآخر وكان أوزن الرجلين ، يعني : ابن الزبير ، فقال معاوية للذي قام : اجلس ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من أحب أن يمثل له الرجال قياما فليتبوأ (1) بيتا أو مقعدا في النار »
__________
(1) فليتبوأ مقعده من النار : فليتخذ لنفسه منزلا فيها ، وهو أمر بمعنى الخبر أو بمعنى التهديد أو بمعنى التهكم أو دعاء على فاعل ذلك أي بوَّأهُ اللَّه ذلك

1883 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود السجستاني قال : حدثنا أحمد بن حفص بن عبد الله قال : حدثني أبي قال : حدثني إبراهيم بن طهمان ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أبي شيخ الهنائي ، أنه حدثه أن معاوية رحمه الله دخل بيتا فيه عبد الله بن الزبير وعبد الله بن عامر ، فقام عبد الله بن عامر لمعاوية يعظمه بذلك ويفخمه ، فقال معاوية : اجلس ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من أحب أن يمثل له العباد قياما فليتبوأ (1) مقعده من النار »
__________
(1) فليتبوأ مقعده من النار : فليتخذ لنفسه منزلا فيها ، وهو أمر بمعنى الخبر أو بمعنى التهديد أو بمعنى التهكم أو دعاء على فاعل ذلك أي بوَّأهُ اللَّه ذلك

1884 - وأنبأنا ابن ناجية قال : حدثني أبو بكر محمد بن صالح قال : حدثنا هشام بن عمار قال : حدثنا عمرو بن واقد ، عن يونس بن ميسرة بن حلبس قال : رأيت معاوية رحمه الله على بغلة ، عليه قباء مرقوع قد أردف (1) خلفه وصيفا
__________
(1) أردفه : حمله خلفه

1885 - وأنبأنا ابن ناجية قال : حدثنا حسين بن علي بن الأسود العجلي قال : حدثنا عبد الله بن نمير ، عن الأعمش قال : قال مجاهد : لو رأيتم معاوية رحمه الله قلتم : هو المهدي

1886 - وأنبأنا ابن ناجية قال : حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال : حدثنا أبو أسامة قال : سمعته وقيل له : أيما أفضل معاوية أو عمر بن عبد العزيز ؟ . فقال : أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقاس بهم أحد

1887 - حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين بن شهريار البلخي قال : حدثنا علي بن عبد الصمد قال : حدثني عبد الوهاب الوراق قال : حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عمرو قال : سمعت رجلا ، بمرو قال لابن المبارك : معاوية خير أو عمر بن عبد العزيز ؟ . قال : فقال ابن المبارك : تراب دخل في أنف معاوية رحمه الله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خير أو أفضل من عمر بن عبد العزيز

1888 - وحدثنا أبو بكر بن شهريار قال : حدثنا فضل بن زياد قال : حدثنا رباح بن الجراح الموصلي قال : سمعت رجلا ، يسأل المعافى بن عمران فقال : يا أبا مسعود ، أين عمر بن عبد العزيز من معاوية بن أبي سفيان ؟ . فرأيته غضب غضبا شديدا وقال : لا يقاس بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أحد ، معاوية رضي الله عنه كاتبه وصاحبه وصهره (1) وأمينه على وحي الله عز وجل ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « دعوا لي أصحابي وأصهاري فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين »
__________
(1) الصِّهر : القريب بالزواج

1889 - حدثنا أبو بكر بن شهريار ، أيضا ، قال : حدثنا زهير بن محمد المروزي ، ؛ قال : حدثنا عبد الرحمن بن المبارك قال : حدثنا أبو هلال ، عن قتادة قال : قلت للحسن : إن قوما يشهدون على معاوية رحمه الله أنه في النار ؛ قال : لعنهم الله

باب ذكر تعظيم معاوية لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وإكرامه إياهم

1890 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا أبو عمرو عثمان بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان قال : حدثنا عبد الله بن لهيعة قال : سمعت أبا الزبير ، يحدث عن جابر بن عبد الله قال : كنا يوما عند معاوية وقد تفرشت قريش وصناديد العرب ومواليها أسفل سريره وعقيل بن أبي طالب والحسن بن علي رضي الله عنهم عن يمينه ويساره

1891 - وأنبأنا ابن ناجية قال : حدثنا زيد بن أخزم الطائي أبو طالب قال : حدثنا محمد بن الفضل السدوسي عارم قال : حدثني مهدي بن ميمون ، عن محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب قال : كان معاوية رحمه الله إذا لقي الحسين بن علي رضي الله عنهما ، قال : مرحبا بابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهلا ، ويأمر له بثلاثمائة ألف ويلقى ابن الزبير رضي الله عنه فيقول : مرحبا بابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن حواريه (1) ويأمر له بمائة ألف
__________
(1) الحواري : الناصر والصديق والمعين

1892 - وأنبأنا ابن ناجية قال : حدثنا ابن الأسود ، يعني : الحسين بن علي بن الأسود العجلي قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن ثوير ، عن أبيه قال : انطلقت مع الحسن والحسين رضي الله عنهما وافدين إلى معاوية رحمه الله فأجازهما فقبلا

1893 - وأنبأنا ابن ناجية ، أيضا ، قال : حدثنا حسين بن مهدي الأبلي قال : حدثنا عبد الرزاق قال : أنبأنا معمر ، عن الزهري قال : لما قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه وجاء الحسن بن علي رضي الله عنهما إلى معاوية فقال له معاوية : لو لم يكن لك فضل على يزيد إلا أن أمك امرأة من قريش وأمه امرأة من كلب لكان لك عليه فضل ، فكيف وأمك فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم

1894 - وأنبأنا ابن ناجية قال : حدثنا محمد بن مسكين قال : حدثنا يحيى بن حسان قال : حدثنا سليمان بن بلال ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، أن عقيل بن أبي طالب ، رضي الله عنه جاء إلى علي رضي الله عنه إلى العراق ليعطيه فأبى أن يعطيه شيئا ، فقال : إذن أذهب إلى رجل أوصل منك ، فذهب إلى معاوية رحمه الله فغرف له

1895 - وأنبأنا ابن ناجية قال : حدثني محمد بن مسكين قال : حدثنا يحيى بن حسان قال : حدثنا سليمان بن بلال ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، أن الحسن ، والحسين ، رضي الله عنهما ، كانا يقبلان جوائز معاوية رحمه الله

باب ذكر تزويج أبي سفيان رحمه الله بهند أم معاوية رحمة الله عليهم

1896 - أنبأنا أبو عبيد الله علي بن الحسين بن حرب القاضي قال : حدثنا أبو السكين زكريا بن يحيى بن عمر أبي حصن بن حميد بن منهب بن حارثة بن خريم بن أوس بن حارثة بن لام الكوفي قال : حدثني عمر بن زحر بن حصن ، عن جده حميد بن منهب قال : كانت هند بنت عتبة عند الفاكه بن المغيرة المخزومي ، وكان الفاكه من فتيان قريش ، وكان له بيت للضيافة يغشاه الناس على غير إذن ، فخلا ذلك البيت يوما واضطجع الفاكه وهند فيه في وقت القائلة (1) ثم خرج الفاكه لبعض حاجته ، وأقبل رجل كان يغشاه فولج البيت ، فلما رأى المرأة ، يعني هندا ولى هاربا وأبصره الفاكه وهو خارج من البيت ، فأقبل إلى هند فضربها برجله وقال لها : من هذا الذي كان عندك ؟ . قالت : ما رأيت أحدا ، ولا انتبهت حتى أنبهتني ؛ قال لها : الحقي بأبيك ، وتكلم فيها الناس ، فقال لها أبوها : يا بنية ، إن الناس قد أكثروا فيك فأنبئيني نبأك ، فإن يكن الرجل عليك صادقا دسست إليه من يقتله فتنقطع عنك القالة (2) ، وإن يك كاذبا حاكمته إلى بعض كهان اليمن ، فحلفت له بما كانوا يحلفون به في الجاهلية إنه لكاذب عليها . فقال عتبة للفاكه : يا هذا إنك قد رميت ابنتي بأمر عظيم فحاكمني إلى بعض كهان اليمن ، فخرج الفاكه في جماعة من بني مخزوم ، وخرج عتبة في جماعة من بني عبد مناف وخرجوا معهم بهند ، ونسوة معها ، فلما شارفوا البلاد قالوا : غدا نرد على الكاهن (3) ، فتنكرت حال هند وتغير وجهها ، فقال لها أبوها : إني قد أرى ما بك من تنكر الحال وما ذاك إلا لمكروه عندك ، فألا كان هذا قبل أن نشهد الناس مسيرنا ، قالت : لا والله يا أبتاه ما ذاك لمكروه ولكني أعرف إنكم تأتون بشرا يخطئ ويصيب ، ولا آمنه أن يسمني ميسما يكون علي سبة في العرب ، قال : إني سوف أختبره من قبل أن ينظر في أمرك فضفر بفرس حتى أدلى ثم أخذ حبة من حنطة فأدخلها في أحليله وأوكأ (4) عليها بسير ، فلما وردوا على الكاهن أكرمهم ونحر (5) لهم ، فلما تغدوا ، قال له عتبة : إنا قد جئناك في أمر وإني قد خبأت لك خبئا أختبرك به ؛ فانظر ما هو ؟ قال : تمرة في كمرة ، قال : أريد أبين من هذا ؛ قال : حبة من بر (6) في إحليل مهر ؛ قال : صدقت ، انظر في أمر هؤلاء النسوة ، فجعل يدنو (7) من إحداهن فيضرب لعلها كنفها ويقول : انهضي ، حتى دنا من هند فضرب لعلها كنفها وقال : انهضي غير وسخاء ولا زانية ولتلدن ملكا يقال له : معاوية ، فوثب إليها الفاكه فأخذ بيدها ، فنثرت يدها من يده وقالت : إليك فوالله لأحرصن على أن يكون ذلك من غيرك ، فتزوجها أبو سفيان فجاءت بمعاوية رحمة الله عليهم أجمعين
__________
(1) القائلة : الظهيرة ، أو : النوم بعد الظهيرة
(2) القالة : الكلام يفسد بين الناس ويوقع بينهم الخصومة
(3) الكاهن : الذي يتعاطى الخبر عن الكائنات في مستقبل الزمان ويدعي معرفة الأسرار
(4) أوكأ : شد وربط
(5) النحر : الذبح
(6) البر : القمح
(7) يدنو : يقترب

1897 - وأنبأنا أبو محمد بن ناجية قال : حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم قال : حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي قال : حدثنا عمر بن زياد الهلالي ، عن عبد الملك بن نوفل بن مساحق المديني ، من بني عامر بن لؤى ، قال : قالت هند بنت عتبة بن ربيعة لأبيها : يا أبة إني قد ملكت أمري ، قال : وذلك حين فارقها الفاكه بن المغيرة فلا تزوجني رجلا حتى تعرضه علي ، قال : ذلك لك ؛ قال : فقال لها ذات يوم : يا بنية قد خطبك رجلان من قومك ولست بمسم لك واحدا منهما حتى أصفه لك ، أما الأول ففي الشرف الصميم والحسب الكريم تخالين به هوجا من غفلته وذلك أسجاح من شيمته ، حسن الصحبة ، سريع الإجابة ، إن تابعتيه تابعك ، وإن ملت به كان معك ، تقضين عليه في ماله وتكتفين برأيك عن رأيه ، وأما الآخر ففي الحسب والرأي الأريب بدر أرومته وعز عشيرته ، يؤدب أهله ولا يؤدبونه ، إن اتبعوه أسهل بهم ، وإن جابوه توعر بهم ، شديد الغيرة ، سريع الطير ، صعب حجاب (1) القبة ، إن حاج (2) فغير منزور ، وإن نوزع فغير مقصور ، قد بينت لك أمرهما كلاهما ، قالت له : أما الأول فسيد مطاع لكريمته ، موات لها فيما عسى إن لم تعتصم أن تلين بعد إبائها وتضيع تحت خبائها (3) ، وإن جاءت له بولد أحمقت ، فإن أنجبت فعن حطاء أنجبت ، اطو ذكر هذا عني ، فلا تسمه لي . وأما الآخر فبعل الحرة الكريمة إني لأخلاق هذا لواقعة ، وإني له لموافقة ، وإني لآخذ بأدب البعل مع لزومي لقبتي وقلة بلغتي ، وإن السليل بيني وبينه لحري أن يكون المدافع عن حريم عشيرته ، الذائد عن كتيبتها (4) ، المحامي عن حفيظتها ، الزائن لأرومتها ، غير مواكل ولا زميل عند ضعضعة الحوادث فمن هو ؟ قال : ذلك أبو سفيان بن حرب بن أمية . قالت : زوجني منه ، ولا تلقني إليه إلقاء المستسلس السلس ، ولا تسمه بي سوم (5) المغاطس الضرس ، واستخر الله في السماء يخر لك بعلمه في القضاء
__________
(1) الحجاب : الحاجز والمانع والساتر
(2) حاج : جادل ونازع
(3) الخباء : الخيمة
(4) الكتيبة : القِطْعة العَظيمة من الجَيْش
(5) المُساومَة : المُجاذَبَة بين البائِع والمشترى على السّلْعةِ وفَصلُ ثَمنِها

باب ذكر وصية النبي صلى الله عليه وسلم لمعاوية رضي الله عنه : « إن وليت فاعدل »

1898 - أخبرنا أبو محمد بن ناجية قال : حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع قال : حدثنا محمد بن سابق قال : حدثنا يحيى بن زكريا ، عن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر ، عن عبد الملك بن عمير قال : قال معاوية رحمه الله : ما زلت في طمع من الخلافة منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « يا معاوية إن ملكت فأحسن »

1899 - وأنبأنا ابن ناجية ، أيضا ، قال : أنبأنا أبو أمية محمد بن إبراهيم صاحب مقسم طرسوس ، قال : حدثنا محمد بن موسى المصري قال : حدثنا خالد بن يزيد بن صبيح ، عن أبيه ، عن معاوية بن أبي سفيان ، رحمه الله ، قال : كنت أوضئ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم أفرغ عليه من إناء في يدي فنظر إلي نظرة شديدة ففزعت فسقط الإناء من يدي ، فقال : « يا معاوية ، إن وليت شيئا من أمر أمتي فاتق الله واعدل » قال : فما زلت أطمع فيها منذ ذلك اليوم وأسأل الله أن يرزقني العدل فيكم

1900 - وأنبأنا ابن ناجية قال : حدثنا هارون بن عبد الله بن مروان قال : حدثنا الوليد بن الأغر قال : حدثنا عمرو بن يحيى بن سعيد الأموي ، عن جده قال : كانت إداوة (1) يحملها أبو هريرة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لوضوئه ، فاشتكى أبو هريرة فحملها معاوية ، فبينما هو يوضئ رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه فقال : « يا معاوية إن وليت من أمر المسلمين شيئا فاتق الله واعدل » . فما زلت أظن أني مبتلى بذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وليت آخر ما تأدى إلينا من فضائل معاوية رحمه الله ، ورحمة الله على أبي سفيان وعلى هند
__________
(1) الإداوة : إناء صغير من جلد يحمل فيه الماء وغيره

باب فضائل عمار بن ياسر رحمه الله

1901 - حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثنا عمرو بن علي ، وبندار ، وابن سنان قالوا : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال : حدثنا أبو أحمد يعني : الزبيري قال المطرز : وحدثنا يعقوب الدورقي قال : حدثنا وكيع قال المطرز : وحدثنا أحمد بن منيع ، حدثنا أبو أحمد ، يعني الزبيري قال المطرز : وحدثنا يوسف القطان قال : حدثنا أبو نعيم ، كلهم عن سفيان الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن علي ، رضي الله عنه ، قال : جاء عمار يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « ائذنوا له مرحبا بالطيب المطيب »

1902 - حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني قال : حدثنا أحمد بن عبد الملك بن واقد الحراني قال : حدثنا زهير يعني : ابن معاوية قال : حدثنا أبو إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، قال : استأذن عمار رحمه الله على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : « من هذا ؟ » . فقال : عمار . فقال : « مرحبا بالطيب المطيب »

1903 - حدثنا أبو حفص عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن عبد العزيز بن سياه ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عطاء بن يسار ، عن عائشة ، رحمها الله قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما خير عمار بين أمرين إلا اختار أرشدهما »

1904 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال : حدثنا هشيم قال : أنبأنا العوام بن حوشب ، عن الأسود بن مسعود ، عن حنظلة بن خويلد قال : سمعت عبد الله بن عمرو يقول : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « تقتل عمارا الفئة الباغية (1) »
__________
(1) الباغية : الظالمة الخارجة عن طاعة الإمام

باب فضل عمرو بن العاص رحمه الله

1905 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال : حدثنا داود بن عمرو قال : حدثنا عبد الجبار بن الورد ، عن ابن أبي مليكة قال : قال طلحة رحمه الله : ألا أحدثكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ألا إني سمعته يقول : « عمرو بن العاص من صالحي قريش »

1906 - حدثنا ابن أبي داود - أبو بكر - قال : حدثنا علي بن خشرم قال : أنبأنا عيسى بن يونس ، عن نافع بن عمر الجمحي ، عن ابن أبي مليكة ، عن طلحة بن عبيد الله ، رحمه الله ، قال : إنكم تتحدثون أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أدري ما حسنها وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن عمرو بن العاص من صالحي قريش »

1907 - وحدثنا ابن أبي داود قال : حدثنا أبي قال : حدثنا موسى بن إسماعيل قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن محمد بن عمرو بن علقمة ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أبناء العاص مؤمنان عمرو وهشام »

ذكر الكف عما شجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورحمة الله تعالى عليهم أجمعين قال محمد بن الحسين رحمه الله : ينبغي لمن تدبر ما رسمناه من فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفضائل أهل بيته رضي الله عنهم أجمعين أن يحبهم ويترحم عليهم ويستغفر لهم ، ويتوسل إلى الله الكريم بهم ويشكر الله العظيم إذ وفقه لهذا ، ولا يذكر ما شجر بينهم ولا ينقر عنه ولا يبحث ، فإن عارضنا جاهل مفتون قد خطئ به عن طريق الرشاد فقال : لم قاتل فلان لفلان ولم قتل فلان لفلان وفلان ؟ . قيل له : ما بنا وبك إلى ذكر هذا حاجة تنفعنا ولا اضطررنا إلى علمها . فإن قال : ولم ؟ قيل له : لأنها فتن شاهدها الصحابة رضي الله عنهم فكانوا فيها على حسب ما أراهم العلم بها وكانوا أعلم بتأويلها من غيرهم ، وكانوا أهدى سبيلا ممن جاء بعدهم لأنهم أهل الجنة ، عليهم نزل القرآن وشاهدوا الرسول صلى الله عليه وسلم وجاهدوا معه وشهد لهم الله عز وجل بالرضوان والمغفرة والأجر العظيم ، وشهد لهم الرسول صلى الله عليه وسلم أنهم خير قرن . فكانوا بالله عز وجل أعرف وبرسوله صلى الله عليه وسلم وبالقرآن وبالسنة ومنهم يؤخذ العلم وفي قولهم نعيش ، وبأحكامهم نحكم وبأدبهم نتأدب ولهم نتبع وبهذا أمرنا . فإن قال : وإيش الذي يضرنا من معرفتنا لما جرى بينهم والبحث عنه ؟ . قيل له : ما لا شك فيه وذلك أن عقول القوم كانت أكبر من عقولنا ، وعقولنا أنقص بكثير ولا نأمن أن نبحث عما شجر بينهم فنزل عن طريق الحق ونتخلف عما أمرنا فيهم . فإن قال : وبم أمرنا فيهم ؟ . قيل : أمرنا بالاستغفار لهم والترحم عليهم والمحبة لهم والاتباع لهم ، دل على ذلك الكتاب والسنة وقول أئمة المسلمين ، وما بنا حاجة إلى ذكر ما جرى بينهم ، قد صحبوا الرسول صلى الله عليه وسلم وصاهرهم وصاهروه ، فبالصحبة يغفر الله الكريم لهم ، وقد ضمن الله عز وجل في كتابه أن لا يخزي منهم واحدا وقد ذكر لنا الله تعالى في كتابه أن وصفهم في التوراة والإنجيل ، فوصفهم بأجمل الوصف ونعتهم بأحسن النعت ، وأخبرنا مولانا الكريم أنه قد تاب عليهم ، وإذا تاب عليهم لم يعذب واحدا منهم أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون . فإن قال قائل : إنما مرادي من ذلك لأن أكون عالما بما جرى بينهم فأكون لم يذهب علي ما كانوا فيه لأني أحب ذلك ولا أجهله . قيل له : أنت طالب فتنة لأنك تبحث عما يضرك ولا ينفعك ولو اشتغلت بإصلاح ما لله عز وجل عليك فيما تعبدك به من أداء فرائضه واجتناب محارمه كان أولى بك . وقيل : ولا سيما في زماننا هذا مع قبح ما قد ظهر فيه من الأهواء الضالة . وقيل له : اشتغالك بمطعمك وملبسك من أين هو ؟ أولى بك ، وتكسبك لدرهمك من أين هو ؟ وفيما تنفقه ؟ أولى بك . وقيل : لا يأمن أن يكون بتنقيرك وبحثك عما شجر بين القوم إلى أن يميل قلبك فتهوى ما لا يصلح لك أن تهواه ويلعب بك الشيطان فتسب وتبغض من أمرك الله بمحبته والاستغفار له وباتباعه فتزل عن طريق الحق وتسلك طريق الباطل . فإن قال : فاذكر لنا من الكتاب والسنة وعمن سلف من علماء المسلمين ما يدل على ما قلت لترد نفوسنا عما تهواه من البحث عما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم . قيل له : قد تقدم ذكرنا لما ذكرته مما فيه بلاغ وحجة لمن عقل ، ونعيد بعض ما ذكرناه ليتيقظ به المؤمن المسترشد إلى طريق الحق : قال الله عز وجل : ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا ، يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ، ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار (1) ) . ثم وعدهم بعد ذلك المغفرة والأجر العظيم ، وقال الله عز وجل : ( لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة (2) ) وقال عز وجل : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم (3) ) إلى آخر الآية ، وقال عز وجل : ( يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم (4) ) الآية ، وقال عز وجل : ( كنتم خير أمة (5) ) الآية . وقال عز وجل ( لقد رضي الله عن المؤمنين (6) ) إلى آخر الآية ، ثم إن الله عز وجل أثنى على من جاء بعد الصحابة فاستغفر للصحابة وسأل مولاه الكريم أن لا يجعل في قلبه غلا لهم ، فأثنى الله عز وجل عليه بأحسن ما يكون من الثناء ؛ فقال عز وجل : ( والذين جاءوا من بعدهم (7) ) إلى قوله : ( رءوف رحيم ) . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : « خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم » . وقال صلى الله عليه وسلم : « إن الله عز وجل اختار أصحابي على جميع العالمين إلا النبيين والمرسلين ، واختار لي من أصحابي أربعة أبا بكر وعمر وعثمان وعليا ، فجعلهم خير أصحابي وفي أصحابي كلهم خير واختار أمتي على سائر الأمم » . وقال صلى الله عليه وسلم : « إن مثل أصحابي في أمتي كالملح في الطعام لا يصلح الطعام إلا بالملح » . روي هذا عن الحسن ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم . قال : فكان الحسن إذا حدث بهذا يقول : قد ذهب ملحنا فكيف نصلح ؟ . وقال ابن مسعود : إن الله عز وجل نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه ، وبعثه برسالته ، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد صلى الله عليه وسلم فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد ، فجعلهم وزراء نبيه صلى الله عليه وسلم يقاتلون على دينه قال محمد بن الحسين رحمه الله : يقال لمن سمع هذا من الله عز وجل ومن رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن كنت عبدا موفقا للخير اتعظت بما وعظك الله عز وجل به ، وإن كنت متبعا لهواك خشيت عليك أن تكون ممن قال الله عز وجل ( ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله (8) ) وكنت ممن قال الله عز وجل ( ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون (9) ) . ويقال له : من جاء إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يطعن في بعضهم ويهوى بعضهم ويذم بعضا ويمدح بعضا فهذا رجل طالب فتنة ، وفي الفتنة وقع ؛ لأنه واجب عليه محبة الجميع والاستغفار للجميع رضي الله عنهم ونفعنا بحبهم ، ونحن نزيدك في البيان ليسلم قلبك للجميع وتدع البحث والتنقير عما شجر بينهم
__________
(1) سورة : الفتح آية رقم : 29
(2) سورة : التوبة آية رقم : 117
(3) سورة : التوبة آية رقم : 100
(4) سورة : التحريم آية رقم : 8
(5) سورة : آل عمران آية رقم : 110
(6) سورة : الفتح آية رقم : 18
(7) سورة : الحشر آية رقم : 10
(8) سورة : القصص آية رقم : 50
(9) سورة : الأنفال آية رقم : 23

1908 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا أبو معاوية قال : حدثنا رجل ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : لا تسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فإن الله عز وجل أمرنا بالاستغفار لهم وهو يعلم أنهم سيقتتلون

1909 - حدثنا أبو عبد الله بن مخلد العطار قال : حدثنا محمد بن إسماعيل الحساني قال : حدثنا أبو يحيى الحماني ، عن الحسن بن عمارة ، عن الحكم بن عتيبة ، عن مقسم ، عن ابن عباس قال : أمر الله عز وجل بالاستغفار لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وهو يعلم أنهم سيقتتلون

1910 - وحدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا محمد بن سفيان الأبلي قال : حدثنا هارون بن موسى قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن شهاب بن خراش ، عن العوام بن حوشب قال : اذكروا محاسن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم تأتلف عليه قلوبكم ولا تذكروا غيره فتحرشوا الناس عليهم

1911 - حدثني أبو حفص عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن سفيان قال : حدثني سليمان الأعمش ، عن أبي وائل ، عن أبي ميسرة قال : رأيت في المنام قبابا (1) في رياض (2) مضروبة فقلت : لمن هذه ؟ . قالوا : لذي الكلاع وأصحابه ، ورأيت قبابا في رياض فقلت : لمن هذه ؟ . قالوا : لعمار وأصحابه . فقلت : وكيف وقد قتل بعضهم بعضا ؟ . قال : إنهم وجدوا الله عز وجل واسع المغفرة
__________
(1) القبة : الخيمة الصغيرة أو البناء المستدير المقوس المجوف
(2) الرياض : جمع الروضة وهي البستان

1912 - وحدثنا أبو بكر محمد بن الحسين بن شهريار البلخي قال : حدثنا فضل بن زياد قال : حدثنا محمد بن هارون المقرئ قال : حدثنا يزيد بن هارون قال : حدثنا العوام بن حوشب ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي وائل قال : رأى عمرو بن شرحبيل أبو ميسرة ، وكان من أفاضل أصحاب عبد الله بن مسعود ؛ قال : رأيت كأني دخلت الجنة فإذا قباب (1) مضروبة فقلت : لمن هذه ؟ . قالوا : لذي الكلاع وحوشب وكانا مع من قتل مع معاوية رحمه الله فقلت : فأين عمار ؟ . قالوا : أمامك . قلت : وقد قتل بعضهم بعضا قال : لقوا الله عز وجل فوجدوه واسع المغفرة
__________
(1) القبة : الخيمة الصغيرة أو البناء المستدير المقوس المجوف

1913 - حدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي قال : حدثنا حكام بن سلم الرازي ، عن عمرو بن أبي قيس ، عن عبد ربه قال : كان الحسن في مجلس فذكر كلاما وذكر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فقال : أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا أبر هذه الأمة قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا ، قوما ما اختارهم الله عز وجل لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم وإقامة دينه فتشبهوا بأخلاقهم وطرائقهم فإنهم ورب الكعبة على الهدي المستقيم

باب ذكر اللعنة على من سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال محمد بن الحسين رحمه الله : قد علم النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيكون في آخر الزمان أقوام يلعنون أصحابه ، فلعن صلى الله عليه وسلم من لعن أصحابه أو سبهم فقال : « من لعن أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا » ويقال : الصرف الفرض ، والعدل التطوع ، ثم أمر جميع الناس أن يحفظوه في أصحابه وأن يكرموهم . قال محمد بن الحسين رحمه الله : فمن لم يكرمهم فقد أهانهم ، ومن سبهم فقد سب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن سب رسول الله صلى الله عليه وسلم استحق اللعنة من الله عز وجل ، ومن الملائكة ، ومن الناس أجمعين ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : « إذا لعن آخر هذه الأمة أولها فمن كان عنده علم فليظهره فإن كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم »

1914 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود السجستاني قال : حدثنا محمد بن إسماعيل السلمي قال : حدثنا نعيم ، يعني : ابن حماد قال : حدثنا إسماعيل بن زكريا المدائني قال : حدثنا عنبسة بن عبد الرحمن القرشي ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إذا لعن آخر هذه الأمة أولها فليظهر الذي عنده علم علمه ، فإن كاتم العلم ككاتم ما أنزل الله عز وجل »

1915 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا خلف بن تميم قال : حدثنا عبد الله بن السري قال : حدثنا محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا لعن آخر هذه الأمة أولها فمن كان عنده علم فليظهره ، فإن كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم »

1916 - حدثنا أبو الفضل العباس بن يوسف الشكلي قال : حدثنا محمد بن الفرج البزار قال : حدثني خلف بن تميم قال : حدثني عبد الله بن السري قال : حدثني محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا أظهرت أمتي البدع وشتم أصحابي فليظهر العالم علمه فإن كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم »

1917 - أنبأنا إبراهيم بن الهيثم الناقد قال : حدثنا أبو معمر القطيعي قال : أنبأنا ابن نمير ، عن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر ، عن عبد الملك بن عمير ، عن عائشة ، رضي الله عنها قالت : أمروا بالاستغفار لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فسبوهم ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « لا تذهب الدنيا حتى يسب آخر هذه الأمة أولها » قال محمد بن الحسين : فقد ظهر هذا في مواضع كثيرة من بلدان الدنيا ، يلعنون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولن يضر ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما يضرون أنفسهم وقد رسمت في هذا الكتاب وهو كتاب الشريعة فضائلهم رضي الله عنهم ، ويظهر بعد ذلك ما على من سبهم أو لعنهم وآذاهم ما يجب عليه من اللعنة من الله عز وجل ومن ملائكته ومن الناس أجمعين

1918 - أنبأنا خلف بن عمرو العكبري قال : حدثنا الحميدي عبد الله بن الزبير قال : حدثنا محمد بن طلحة قال : حدثنا عبد الرحمن بن سالم بن عبد الرحمن بن عويم بن ساعدة ، عن أبيه ، عن جده ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إن الله عز وجل اختارني واختار لي أصحابا فجعل لي منهم وزراء وأنصارا وأصهارا فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا (1) ولا عدلا (2) »
__________
(1) الصرف : التوبة وقيل : النافلة
(2) العدل : الفدية وقيل : الفَرِيضَة

1919 - وحدثنا أبو العباس عبد الله بن الصقر السكري قال : حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي قال : حدثنا محمد بن طلحة قال : حدثنا عبد الرحمن بن سالم بن عتبة بن عويم بن ساعدة ، عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الله عز وجل اختارني واختار لي أصحابا ، وجعل لي منهم وزراء وأصهارا وأنصارا فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفا (1) ولا عدلا (2) » قال إبراهيم بن المنذر : الصرف والعدل : الفريضة والنافلة
__________
(1) الصرف : التوبة وقيل : النافلة
(2) العدل : الفدية وقيل : الفَرِيضَة

1920 - وأنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان الكوفي ، ومحمد بن سليمان لؤين ، وعبد الرحمن بن واقد أبو مسلم المؤدب ، قالوا : حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن عبيدة بن أبي رايطة ، عن عبد الرحمن بن عبد الله ، عن عبد الله بن مغفل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الله الله في أصحابي ، لا تتخذوهم غرضا (1) بعدي ، فمن أحبهم فبحبي أحبهم ، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ، ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله عز وجل يوشك أن يأخذه » أنبأنا إبراهيم بن الهيثم الناقد قال : حدثنا أبو معمر القطيعي قال : حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن عبيدة بن أبي رايطة ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن ابن مغفل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الله الله في أصحابي » . وذكر الحديث إلى آخره مثله .
__________
(1) الغرض : الهدف الذي يرمى إليه

1921 - حدثنا أبو العباس سهل بن أبي سهل الواسطي قال : حدثنا عمر بن صالح بن زياد يعرف بابن خيرة قال : حدثنا محمد بن الفضل بن عطية الخراساني ، عن أبيه ، عن عمرو بن دينار ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الناس يكثرون وأصحابي يقلون ، فلا تسبوا أصحابي لعن الله من سبهم »

1922 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا عبد الله بن عون الخراز قال : حدثني علي بن يزيد الصدائي قال : حدثنا أبو شيبة الجوهري ، عن أنس بن مالك قال : قال ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ، إنا نسب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفا (1) ولا عدلا (2) »
__________
(1) الصرف : التوبة وقيل : النافلة
(2) العدل : الفدية وقيل : الفَرِيضَة

1923 - وحدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا فضل بن سهل الأعرج قال : حدثنا علي بن يزيد الأكفاني قال : حدثنا أبو شيبة الجوهري ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفا (1) ولا عدلا (2) »
__________
(1) الصرف : التوبة وقيل : النافلة
(2) العدل : الفدية وقيل : الفَرِيضَة

1924 - حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني قال : حدثنا علي بن الجعد قال : أنبأنا شعبة ، وأبو معاوية ، عن الأعمش ، عن ذكوان ، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا تسبوا أصحابي ، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد (1) أحدهم ولا نصيفه (2) »
__________
(1) المد : كيل يُساوي ربع صاع وهو ما يملأ الكفين ، والمراد القَدْرُ والقِيمَة والمكانةُ
(2) النصيف : النصف

1925 - وحدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا عبد الوهاب الوراق قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تسبوا أصحابي ، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا لم يدرك مد (1) أحدهم ولا نصيفه (2) »
__________
(1) المد : كيل يُساوي ربع صاع وهو ما يملأ الكفين ، والمراد القَدْرُ والقِيمَة والمكانةُ
(2) النصيف : النصف

1926 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عبد الله بن سعيد أبو سعيد الأشج ، وعمرو بن عبد الله الأودي قالا : حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما أدرك مد (1) أحدهم ولا نصيفه (2) »
__________
(1) المد : كيل يُساوي ربع صاع وهو ما يملأ الكفين ، والمراد القَدْرُ والقِيمَة والمكانةُ
(2) النصيف : النصف

1927 - وحدثنا ابن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا أبو سعيد عبد الله بن شبيب المديني قال : حدثنا عبد الجبار بن سعيد قال : حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : قلت لعائشة رحمها الله : إني أسمع ناسا يتناولون أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فقالت : يا بني ، إن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان الله عز وجل يجري لهم أجورهم ، فلما قبضهم الله عز وجل أحب أن يجري ذلك الأجر لهم

1928 - حدثنا ابن عبد الحميد ، أيضا ، قال : حدثنا زياد بن أيوب الطوسي قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن نسير بن ذعلوق قال : سمعت عبد الله بن عمر يقول : لا تسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فلمقام أحدهم ساعة ، يعني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خير من عمل أحدكم عمره

1929 - وحدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا أبو هشام الرفاعي قال : حدثنا يحيى بن يمان قال : حدثنا سوادة الجزري ، عن ميمون بن مهران قال : قلت لابن عباس أوصني ، قال : إياك والنجوم ، فإنها تدعو إلى الكهانة ، ولا تسبن أحدا من أصحاب نبيك صلى الله عليه وسلم وإذا حضرت الصلاة فلا تؤخرها

1930 - وحدثنا ابن عبد الحميد ، أيضا ، قال : حدثنا محمد بن يحيى الأزدي قال : حدثنا محمد بن القاسم الأسدي قال : حدثنا عبيدة بن أبي رايطة ، عن عبد الملك بن عبد الرحمن ، عن عياض الأنصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « احفظوني في أصحابي وأصهاري ، ومن حفظني في أصحابي وأصهاري حفظه الله في الدنيا والآخرة ، ومن لم يحفظني في أصحابي وأصهاري تخلى الله عز وجل منه ويوشك أن يأخذه » قال محمد بن الحسين رحمه الله : لقد خاب وخسر من سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه خالف الله ورسوله ، ولحقته اللعنة من الله عز وجل ومن رسوله ومن الملائكة ومن جميع المؤمنين ، ولا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا لا فريضة ولا تطوعا ، وهو ذليل في الدنيا ، وضيع القدر ، كثر الله بهم القبور ، وأخلى منهم الدور

1931 - أنبأنا أبو عبيد علي بن الحسين بن حرب القاضي قال : حدثنا أبو السكين زكريا بن يحيى بن عمر بن حصن بن حميد بن منهب بن حارثة قال : حدثني أبو أيوب سليمان بن داود الهاشمي قال : حدثنا خالد بن عمرو بن محمد الأموي ، وهو عم عبد العزيز بن أبان ، عن سهل بن مالك الأنصاري ، عن أبيه ، عن جده قال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : « يا أيها الناس ، إن أبا بكر لم يسؤني قط فاعرفوا ذلك له ، يا أيها الناس إني راض عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وسعد بن مالك وعبد الرحمن بن عوف ، والمهاجرين الأولين فاعرفوا ذلك لهم ، يا أيها الناس إن الله عز وجل غفر لأهل بدر والحديبية ، يا أيها الناس احفظوني في أختاني وفي أصهاري وفي أصحابي ، لا يطلبنكم الله عز وجل بمظلمة أحد منهم ، فإنها ليست مما توهب ، يا أيها الناس ارفعوا ألسنتكم عن المسلمين ، وإذا مات الرجل فلا تقولوا فيه إلا خيرا » . ثم نزل قال محمد بن الحسين : قد ذكرت من هذا الباب ما فيه مقنع لمن عقل فصانه الله عز وجل عن سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحبهم واستغفر لهم ، وحجة على من سبهم حتى يعلم أنه قد حرم التوفيق ، وأخطأ طريق الرشاد ، ولعبت به الشياطين ؛ فأبعده الله وأسحقه

باب ذكر ما جاء في الرافضة وسوء مذهبهم قال محمد بن الحسين رحمه الله : أول ما نبتدئ به من ذكرنا في هذا الباب ، أنا نجل علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، وفاطمة رضي الله عنها ، والحسن والحسين رضي الله عنهما ، وعقيل بن أبي طالب رضي الله عنه ، وأولادهم ، وأولاد جعفر الطيار رضي الله عنهم ، وذريتهم الطيبة المباركة ، عن مذاهب الرافضة الذين قد خطئ بهم عن طريق الرشاد . أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلى قدرا وأصوب رأيا وأعرف بالله عز وجل وبرسوله صلى الله عليه وسلم مما تنحلهم الرافضة إليه ، من سبهم لأبي بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وعائشة ، رضي الله عنهم ، قد صان الله الكريم علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومن ذكرنا من ذريته الطيبة المباركة عما ينحلونهم إليه بالدلائل والبراهين التي تقدمت من ذكرهم رضي الله عنهم من أبي بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وعائشة وسائر الصحابة إلا بكل جميل ، بل هم كلهم عندنا إخوان على سرر متقابلين في الجنة ، قد نزع الله الكريم من قلوبهم الغل ، كما قال الله عز وجل ( ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين (1) ) ، رضي الله عنهم . وقد تقدم ذكرنا لمذهب علي بن أبي طالب رضي الله عنه في أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم ، وما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من فضائلهم ، وما ذكر من مناقب أبي بكر وعمر رضي الله عنه عند وفاته ، وما ذكر من مناقب عمر رضي الله عنه عند وفاته ، وما ذكر من عظم مصيبته بما جرى على عثمان رضي الله عنه من قتله وتبرأ إلى الله عز وجل من قتله ، وكذا ولده وذريته الطيبة ينكرون على الرافضة سوء مذاهبهم ، ويتبرءون منهم ، ويأمرون بمحبة أبي بكر وعمر وعثمان وسائر الصحابة رضي الله عنهم ؛ لأن الرافضة لا يشهدون جمعة ولا جماعة ، ويطعنون على السلف ، ولا نكاحهم نكاح المسلمين ، ولا طلاقهم طلاق المسلمين ، وهم أصناف كثيرة ، منهم من يقول : إن علي بن أبي طالب رضي الله عنه إله ، ومنهم من يقول : بل علي كان أحق بالنبوة من محمد ، وأن جبريل غلط بالوحي . ومنهم من يقول : هو نبي بعد النبي صلى الله عليه وسلم . ومنهم من يشتم أبا بكر وعمر ، ويكفرون جميع الصحابة ، ويقولون : هم في النار إلا ستة . ومنهم من يرى السيف على المسلمين فإن لم يقدروا خنقوهم حتى يقتلوهم . وقد أجل الله الكريم أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مذاهبهم القذرة التي لا تشبه المسلمين . وفيهم من يقول بالرجعة ، نعوذ بالله ممن ينحل إلى من قد أجلهم الله الكريم وصانهم عنها ، رضي الله عن أهل البيت وجزاهم عن جميع المسلمين خيرا ، وأنا أذكر من الأخبار ما دل على ما قلت ، والله الموفق لكل رشاد والمعين عليه :
__________
(1) سورة : الحجر آية رقم : 47

1932 - أنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا القاسم بن أبي بزة قال : حدثنا محمد بن معاوية قال : حدثنا يحيى بن سابق المديني ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يا علي ، أنت في الجنة ثلاثا قالها وسيأتي من بعدي قوم لهم نبز ، يقال لهم : الرافضة فإذا لقيتهم فاقتلهم فإنهم مشركون » قال : وما علامتهم يا رسول الله ؟ . قال : « لا يرون جمعة ولا جماعة ، يشتمون أبا بكر وعمر »

1933 - وحدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن شاهين قال : حدثنا أحمد بن إسحاق قال : حدثنا الفضل بن غانم قال : حدثنا سوار بن مصعب ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، عن أم سلمة ، رضي الله عنها ، قالت : كانت ليلتي من النبي صلى الله عليه وسلم وكان عندي فأتته فاطمة وتبعها علي رضي الله عنهما فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : « يا علي أنت وأصحابك في الجنة ، وشيعتك في الجنة ، إلا أنه ممن يزعم أنه يحبك أقوام يصغرون الإسلام ثم يلفظونه يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم (1) ، يقال لهم : الرافضة فإن أدركتهم فجاهدهم فإنهم مشركون » قال : يا رسول الله ما العلامة فيهم ؟ . قال : « لا يشهدون جمعة ولا جماعة ويطعنون على السلف الأول »
__________
(1) التَّراقِي : جمع تَرْقُوَة : وهي عظمة مشرفة بين ثغرة النحر والعاتق وهما ترقوتان

1934 - حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسن الكوفي الأشناني قال : حدثنا إسماعيل بن إسحاق بن راشد قال : حدثنا يحيى يعني : ابن سالم ، عن زياد بن المنذر ، عن أبي الجحاف ، عن عمر بن علي بن الحسين ، عن زينب بنت علي ، عن فاطمة رضي الله عنها بنت محمد صلى الله عليه وسلم ، قالت : دخل علي رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس ، فقال : « أبشر أما إنك وشيعتك في الجنة أما إنك وشيعتك في الجنة ، وإن قوما يجيئون من بعدك يصغرون الإسلام ثم يلفظونه ، لهم نبز ، يقال لهم : الرافضة فإن أدركتهم فقاتلهم فإنهم مشركون »

1935 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عبد الله بن سعيد أبو سعيد الأشج قال : حدثنا تليد بن سليمان ، عن أبي الجحاف ، عن محمد بن عمر ، والهاشمي ، عن زينب بنت علي ، عن فاطمة ، رضي الله عنها ، بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي رضي الله عنه فقال : « هذا في الجنة وإن من شيعته (1) قوما يغطون الإسلام يلفظونه ، لهم نبز ، يسمون الرافضة من لقيهم فليقاتلهم فإنهم مشركون »
__________
(1) الشِّيعة : الفِرْقةُ من النَّاس وشيعة الإنسان أوْلياؤُه وأنصارُه

1936 - وحدثنا ابن أبي داود قال : حدثنا عمر بن شبة قال : حدثنا محمد بن سعيد الأحول قال : حدثنا عبثر بن القاسم أبو زبيد قال : حدثني حصين ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، أو غيره من أصحاب علي ، عن علي رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « سيأتي قوم لهم نبز يقال لهم : الرافضة فإن لقيتهم فاقتلهم فإنهم مشركون » . قلت : يا رسول الله ما العلامة فيهم ؟ . قال : « يقرضونك بما ليس فيك ويطعنون على السلف »

1937 - حدثنا عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا الحسن بن عرفة قال : حدثنا أبو معاوية الضرير ، عن أبي جناب الكلبي ، عن أبي سليمان الهمداني ، عن علي ، رضي الله عنه ، قال : يخرج في آخر الزمان قوم لهم نبز ، يقال لهم : الرافضة ، ينتحلون شيعتنا (1) وليسوا من شيعتنا ، وآية ذلك أنهم يشتمون أبا بكر وعمر ، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإنهم مشركون
__________
(1) الشِّيعة : الفِرْقةُ من النَّاس وشيعة الإنسان أوْلياؤُه وأنصارُه

1938 - وأنبأنا إبراهيم بن الهيثم الناقد قال : حدثنا محمد بن سليمان ، لؤين ، قال : حدثنا أبو عقيل ، عن كثير النواء ، عن إبراهيم بن الحسن ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يظهر في آخر الزمان قوم يسمون الرافضة يرفضون الإسلام »

1939 - وحدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى قال : حدثنا أبو معاوية قال : حدثنا محمد بن سوقة ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن علي ، رضي الله عنه ، قال : « تفترق هذه الأمة على بضع وسبعين فرقة ، شرهم قوم ينتحلون (1) حبنا أهل البيت ويخالفون أعمالنا » قال محمد بن الحسين رحمه الله تعالى : فإن قال قائل : فقد رويت عن علي رضي الله عنه أنه قال : فاقتلوهم فإنهم مشركون ، فهل قتلهم علي رضي الله عنه أو أحد من بعده ؟ قيل : نعم ، قد حرقهم علي بالنار ، وخد لهم أخدودا في الأرض ، ونفى قوما وحذر قوما ، ونذر ، وخوف ، وما قصر رضي الله عنه ، وبرئ ممن تبرأ من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما
__________
(1) ينتحل : يدعي كذبا

1940 - وحدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا فضل بن سهل الأعرج قال : حدثنا شبابة بن سوار ، عن خارجة بن مصعب ، عن سلام بن أبي القاسم ، عن عثمان بن أبي عثمان قال : جاء ناس من الشيعة إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقالوا : يا أمير المؤمنين أنت هو ؟ . قال : من أنا ؟ . قالوا : أنت هو ؟ . قال : ويلكم من أنا ؟ . قالوا : أنت ربنا . قال : ارجعوا فتوبوا ، فأبوا (1) فضرب أعناقهم ، ثم خد لهم في الأرض أخدودا ، ثم قال لقنبر : ائتني بحزم الحطب ، فأتاه بها فأحرقهم بالنار ، ثم قال : لما رأيت الأمر أمرا منكرا أوقدت نارا ودعوت قنبرا
__________
(1) أبى : رفض وامتنع

1941 - وحدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا فضل بن سهل الأعرج قال : حدثنا شبابة بن سوار قال : حدثنا خارجة بن مصعب ، عن سلام بن أبي القاسم ، عن عثمان بن أبي عثمان قال : جاء ناس من الشيعة إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فقالوا : يا أمير المؤمنين أنت هو ؟ . قال : من هو ؟ . قالوا : هو ، قال : ويلكم من أنا ؟ . قالوا : أنت ربنا ؛ قال : ارجعوا وتوبوا ، فأبوا (1) فضرب أعناقهم ثم خد لهم في الأرض أخدودا ، ثم قال : يا قنبر ائتني بحزم الحطب ، فأتاه بحزم فأحرقهم بالنار ، ثم قال : لما رأيت الأمر أمرا منكرا أوقدت ناري ودعوت قنبرا حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد الأعرابي قال : حدثنا أبو يحيى الضرير قال : حدثنا شبابة بن سوار قال : حدثنا خارجة بن مصعب ، عن سلام بن أبي القاسم ، عن عثمان بن أبي عثمان قال : جاء ناس من الشيعة إلى علي رضي الله عنه ، فذكر الحديث مثله إلى آخره
__________
(1) أبى : رفض وامتنع

1942 - وحدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا فضل بن سهل الأعرج قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري قال : حدثنا فضيل بن مرزوق قال : سمعت حسن بن حسن ، رضي الله عنهما ، يقول لرجل من الرافضة : والله لإن أمكن الله منكم لنقطعن أيديكم وأرجلكم ولا نقبل منكم توبة

1943 - قال : وسمعته يقول : مرقت علينا الرافضة كما مرقت الحرورية على علي رضي الله عنه

1944 - حدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا أبو موسى الزمن قال : حدثنا أبو داود يعني : الطيالسي قال : حدثني زهير ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن الأصم قال : قلت للحسن بن علي رضي الله عنهما : إن الشيعة تزعم أن عليا مبعوث قبل يوم القيامة ؛ قال : كذبوا والله ما هؤلاء بشيعة ، ولو كان علي رضي الله عنه مبعوثا ما زوجنا نساءه ولا اقتسمنا ماله

1945 - وحدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا جعفر بن محمد قال : حدثنا أبو سعيد الأشج قال : سمعت حفص بن غياث يقول : سمعت جعفر بن محمد يقول : نحن أهل البيت نقول : من طلق امرأته ثلاثا فهي ثلاث

1946 - وحدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا محمد بن رزق الله الكلوذاني قال : حدثنا حسين بن علي الجعفي ، عن زائدة ، عن عبد الرحمن بن الأصبهاني ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال : أتيت ابن عباس ، فقال لي : ألا أعجبك ؟ . قلت : وما ذاك ، قال : إني في المنزل قد أخذت مضجعي للقيلولة ، فجاءني الغلام فقال : بالباب رجل يستأذن ، فقلت : ما جاء في هذه الساعة إلا وله حاجة ؛ أدخله ، فدخل فقلت : ما حاجتك ؟ . فقال : متى يبعث ذاك الرجل ؟ . قلت : أي رجل ؟ . قال : علي بن أبي طالب ، قلت : لا يبعث حتى يبعث من في القبور ، قال : ألا أراك تقول كما يقول هؤلاء الحمقاء ؛ قال : قلت : أخرجوا هذا عني ، لا يدخل علي هو ولا ضربه من الناس

1947 - حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد الأعرابي قال : حدثنا الحسن بن عفان الكوفي قال : حدثنا الحسن بن عطية قال : حدثنا شريك ، عن جابر ، عن أبي جعفر قال : قلت له : هل كان فيكم أهل البيت أحد يسب أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ، فقال : لا ، فتولهما واستغفر لهما وأحبهما ، قلت : هل كان فيكم أحد يؤمن بالرجعة ، قال : لا

1948 - حدثنا أبو سعيد قال : حدثنا إسحاق بن يحيى الدهقان قال : حدثنا محمد بن عبيد قال : حدثنا عبد الله بن حكيم بن جعفر ، عن أبيه قال : كنت في مجلس فيه رهط (1) من الشيعة فعاب بعضهم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ، فقلت : على من يقول هذا لعنه الله ، فقال رجل من القوم : من أبي جعفر أخذناه ، قال : فلقيت أبا جعفر فقلت : ما تقول في أبي بكر وعمر ؟ . فقال : وما يقول الناس فيهما ؟ . فقلت : يقلونهما ، فقال : إنما يقول ذاك المراق ، تولهما مثل ما تتولى به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه
__________
(1) الرهط : الجماعة من الرجال دون العشرة

1949 - حدثنا أبو سعيد قال : حدثنا إسحاق بن يحيى قال : حدثنا محمد بن عبيد قال : حدثنا هاشم بن البريد ، عن أبيه قال : سمعت زيد بن علي يقول : البراءة من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما البراءة من علي رضي الله عنه

1950 - حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني قال : حدثنا علي بن الجعد قال : حدثنا زهير بن معاوية قال : قال أبي لجعفر بن محمد : إن جارا لي يزعم أنك تتبرأ من أبي بكر وعمر ، فقال : برئ الله من جارك ، والله إني لأرجو أن ينفعني الله عز وجل بقرابتي من أبي بكر رضي الله عنه ، ولقد اشتكيت شكاة فأوصيت إلى خالي عبد الرحمن بن القاسم

1951 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال : حدثنا علي بن حرب الطائي قال : حدثنا إسماعيل بن أبان قال : قال رجل لشريك شيئا في أمر علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فقال له شريك : يا جاهل ، إنا ما علمنا بعلي رضي الله عنه حتى خرج فصعد هذا المنبر ، فوالله ما سألناه حتى قال لنا : تدرون من خير هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم ، فسكتنا ، فقال : أبو بكر ثم عمر ، يا جاهل وكنا نقوم فنقول : كذبت قال محمد بن الحسين رحمه الله : فإن قال قائل : فشريك لم يدرك عليا رضي الله عنه ، قيل له : إنما يعني شريك أن هذا الذي ذكرته كان بالكوفة ، وعندنا لا نختلف فيه من قبلنا من صحابة علي رضي الله عنه أنه مشهور أن عليا رضي الله عنه قال هذا

1952 - حدثنا أبو الفضل جعفر بن محمد الصندلي قال : حدثنا أبو بكر بن زنجويه قال : حدثنا محمد بن يوسف الفريابي قال : حدثنا سفيان الثوري ، عن منصور ، عن إبراهيم قال : جاء بشر بن جرموز إلى علي رضي الله عنه فجفاه ، وكان قتل الزبير بن العوام ، فقال : هكذا يصنع بأهل البلاء ؟ فقال علي كرم الله وجهه : بفيك الحجر ، إنى لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير ممن قال الله عز وجل ( ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين (1) )
__________
(1) سورة : الحجر آية رقم : 47

1953 - حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد ؛ قال : حدثنا علي بن عبد العزيز قال : حدثنا حجاج قال : حدثنا حماد بن سلمة قال : حدثنا عاصم بن بهدلة ، عن زر بن حبيش ، أن عليا ، رضي الله عنه ، قيل له : إن قاتل الزبير بالباب ، فقال : ليدخل قاتل ابن صفية النار ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « لكل نبي حواري وحواري الزبير »

1954 - حدثنا أبو سعيد قال : حدثنا الحسن بن عفان العامري قال : حدثنا سهل بن عامر ، عن فضيل بن مرزوق ، عن عطية العوفي قال : قال علي رضي الله عنه لابن طلحة رضي الله عنه : إني لأرجو أن أكون أنا وأبوك ممن قال الله عز وجل ( ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين (1) ) قال : فقال له رجل : دين الله إذن أضيق من حد السيف ، تقتلهم ويقتلونك وتكون أنت وهم إخوانا على سرر متقابلين ؟ قال : فقال له علي رضي الله عنه : التراب في فيك فمن عسى أن يكونوا
__________
(1) سورة : الحجر آية رقم : 47

1955 - وحدثنا أبو سعيد قال : حدثنا أبو أسامة الكلبي قال : حدثنا حسن بن الربيع قال : حدثنا ابن إدريس ، عن حصين ، عن يوسف بن يعقوب ، عن الصلت بن عبد الله بن الحارث بن عبد الله بن نوفل بن عبد المطلب ، عن أبيه قال : كنت مع علي رضي عنه حين فرغ من أهل الجمل فانطلق إلى بيته وهو آخذ بيدي ؛ قال : وإذا امرأته وابنتاه يبكين ، يذكرن عثمان وطلحة والزبير ، وقد أجلسوا وليدة (1) بالباب تؤذنهن بعلي إذا جاء ؛ قال : فألهى الوليدة (2) ما ترى النسوة يفعلن ، فدخل علي رضي الله عنه عليهن وتخلفت ، فقمت بالباب فقال لهن : ما قلتن ؟ فأسكتن ، فانتهرهن (3) مرة أو مرتين ، فقالت امرأة منهن : ما سمعت ، ذكرنا عثمان وقرابته وقدمه ، وذكرنا الزبير وقدمه ، وذكرنا طلحة كذلك ، فقال : إني لأرجو أن يكون كالذي قال الله عز وجل ( ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين (4) ) ومن هم إن لم نكن نحن أولئك ؟
__________
(1) الوليدة : الأمة أو الجارية المملوكة
(2) الوليدة : البنت الصغيرة أو الأمة المملوكة
(3) انتهرهن : زجرهن ونهاهن وعنفهن
(4) سورة : الحجر آية رقم : 47

1956 - وحدثنا أبو سعيد قال : حدثنا الدقيقي قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، عن ابن أبي ذئب ، عن الزهري قال : ما رأيت قوما أشبه بالنصارى من السبائية قال أحمد بن يونس : هم الرافضة

1957 - قال أبو سعيد : وسمعت الدقيقي يقول : سمعت يزيد بن هارون يقول : لا يصلى خلف الرافضي

1958 - وأنبأناه أحمد بن يحيى الحلواني قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، عن ابن أبي ذئب ، عن الزهري قال : ما رأيت قوما أشبه بالنصارى من السبائية قال أحمد بن يونس : هم الرافضة

1959 - حدثنا أبو سعيد قال : حدثنا الحسن بن المثنى قال : حدثنا عفان قال : حدثنا خالد ، عن حصين ، عن عامر قال : ما كذب على أحد في هذه الأمة كما كذب على علي رضي الله عنه

1960 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا الحسن بن عرفة قال : حدثنا أبو حفص الأبار ، عن الحكم بن عبد الملك ، عن الحارث بن حصيرة ، عن أبي صادق ، عن ربيعة بن ناجد ، عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، قال : قال لي رسول الله : « يا علي فيك مثل من عيسى ابن مريم عليه السلام ، أبغضته اليهود حتى بهتوا (1) أمه وأحبته النصارى حتى أنزلوه بالمنزل الذي ليس به »
__________
(1) بهتوا أمه : كذبوا وافتروا عليها

1961 - ثم قال علي رضي الله عنه : « يهلك في رجلان : محب مطر يقرظني (1) بما ليس في ، ومبغض مفتر يحمله شنآني (2) على أن يبهتني (3) »
__________
(1) التقريظ : الثناء والمدح
(2) الشنآن : الكراهية والبغض والحقد
(3) البُهْت : الكذب والإفْتِراء

1962 - حدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا عباس بن محمد الدوري قال : حدثنا نصر بن حماد ، ووهب بن جرير ، وفهد بن حيان ، وأبو جابر المكي محمد بن عبد الملك الأزدي ، قالوا : حدثنا شعبة بن الحجاج ، عن أبي التياح ، عن أبي السوار قال : سمعت عليا ، رضي الله عنه يقول : ليحبني رجال يدخلهم الله عز وجل بحبي النار ، ويبغضني رجال يدخلهم الله عز وجل ببغضي النار

1963 - وحدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا محمد بن الوليد قال : حدثنا محمد بن جعفر يعني غندرا ، قال : حدثنا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي البحتري قال : قال علي رضي الله عنه : يهلك في رجلان ؛ عدو مبغض ، ومحب مفرط

1964 - وحدثنا أبو سعيد الأعرابي قال : حدثنا يحيى بن أبي طالب قال : حدثنا عمرو بن عبد الغفار قال شعبة بن الحجاج ، عن أبي التياح ، عن أبي السوار العدوي قال : سمعت علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، يقول : ليحبني أقوام يدخلون بحبي النار ، وليبغضني أقوام يدخلون ببغضي النار قال محمد بن الحسين رحمه الله : جميع ما ذكرناه يدل من عقل عن الله عز وجل وعن رسوله صلى الله عليه وسلم وعن مذهب علي رضي الله عنه في أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله تعالى عنهم وغيرهم من سائر الصحابة : أن الرافضة أسوأ الناس حالة ، وأنهم كذبة فجرة ، وأن عليا رضي الله عنه وذريته الطيبة أبرياء مما تنحله الرافضة إليهم ، وأن المحب لعلي رضي الله عنه الذي يرجو الثواب من الله عز وجل هو المحب لأبي بكر وعمر وعثمان وجميع الصحابة رضي الله عنهم ، فمن لم يكن كذلك لم تصح له محبة علي رضي الله عنه وقد برأ الله الكريم عليا رضي الله عنه وذريته الطيبة من مذاهب الرافضة الأنجاس الأرجاس . ونقول : إنه من أبغض علي بن أبي طالب رضي الله عنه لم تنفعه محبة أبي بكر وعمر وعثمان ، بل هو عندنا منافق كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه : « لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق » . هذا مذهبنا وبه ندين الله عز وجل ، وبه نأمر إخواننا ، وبالله التوفيق

1965 - حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال : حدثنا إبراهيم بن منقذ الخولاني ، بمصر ، قال : حدثنا إدريس بن يحيى الخولاني ، عن الفضل بن المختار ، عن مالك بن مغول ، والقاسم بن الوليد الهمداني ، عن عامر الشعبي قال : قال أبو جحيفة : دخلت على علي بن أبي طالب ، فقلت : يا خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لي : مهلا يا أبا جحيفة ؛ ألا أخبرك بخير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبو بكر وعمر ، ويحك يا أبا جحيفة لا يجتمع حبي وبغض أبي بكر وعمر في قلب مؤمن ، ويحك يا أبا جحيفة لا يجتمع بغضي وحب أبي بكر وعمر في قلب مؤمن

1966 - أنشدني أبو بكر محمد بن الحسين بن صالح الهروي ، المعروف بابن أبي الطيب ، قال : أنشدني محمد بن زكريا قال : أنشدني مهدي بن سابق : إني رضيت عليا قدوة علما كما رضيت عتيقا صاحب الغار وقد رضيت أبا حفص وشيعته وما رضيت بقتل الشيخ في الدار كل الصحابة عندي قدوة علم فهل علي بهذا القول من عار إن كنت تعلم أني أحبهم إلا لوجهك أعتقني من النار

1967 - أنشدنا أبو سعيد أحمد بن محمد الأعرابي مما قرأناه عليه ، قال : أنشدنا محمد بن زكريا الغلابي قال : أنشدنا عباد بن بشار : حتى متى عبرات العين تنحدر والقلب من زفرات الشوق يستعر والنفس طائرة ، والعين ساهرة كيف الرقاد لمن يعتاده السهر يا أيها الناس إني ناصح لكم كونوا على حذر قد ينفع الحذر إني أخاف عليكم أن يحل بكم من ربكم غير ما فوقها غير ما للروافض أضحت بين أظهركم تسير آمنة ينزو بها البطر تؤذي وتشتم أصحاب النبي وهم كانوا الذين بهم يستنزل المطر مهاجرون لهم فضل بهجرتهم وآخرون هم آووا (1) وهم نصروا كيف القرار على من قد تنقصهم ظلما وليس لهم في الناس منتصر إنا إلى الله من ذل أراه بكم ولا مرد لأمر ساقه القدر حتى رأيت رجالا لا خلاق لهم من الروافض قد ضلوا وما شعروا إني أحاذر أن ترضوا مقالتهم أو لا فهل لكم عذر فتعتذروا رأى الروافض شتم المهتدين فما بعد الشتيمة للأبرار ينتظر لا تقبلوا أبدا عذرا لشاتمهم إن الشتيمة أمر ليس يغتفر ليس الإله براض عنهم أبدا ولا الرسول ولا يرضى به البشر الناقضون عرى (2) الإسلام ليس لهم عند الحقائق إيراد ولا صدر (3) والمنكرون لأهل الفضل فضلهم والمفترون عليهم كلما ذكروا قد كان عن ذا لهم شغل بأنفسهم لو أنهم نظروا فيما به أمروا لكن لشقوتهم والحين يصرعهم قالوا ببدعتهم قولا به كفروا قالوا وقلنا وخير القول أصدقه والحق أبلج والبهتان منشمر وفي علي وما جاء الثقات به من قوله عبر لو أغنت العبر قال الأمير علي فوق منبره والراسخون به في العلم قد حضروا خير البرية من بعد النبي أبو بكر وأفضلهم من بعده عمر والفضل بعد إلى الرحمن يجعله فيمن أحب فإن الله مقتدر هذا مقال علي ليس ينكره إلا الخليع وإلا الماجن الأشر فارضوا مقالته أو لا فموعدكم نار توقد لا تبقي ولا تذر وإن ذكرت لعثمان فضائله فلن يكون من الدنيا لها خطر وما جهلت عليا في قرابته وفي منازل يعشو دونها البصر إن المنازل أضحت بين أربعة هم الأئمة والأعلام والغرر أهل الجنان كما قال الرسول لهم وعدا عليه فلا خلف ولا غدر وفي الزبير حواري النبي إذا عدت مآثره زلفى (4) ومفتخر واذكر لطلحة ما قد كنت ذاكره حسن البلاء وعند الله مدكر إن الروافض تبدي من عداوتها أمرا تقصر عنه الروم والخزر ليست عداوتها فينا بضائرة لا بل لها وعليها الشين والضرر لا يستطيع شفا نفس فيشفيها من الروافض إلا الحية الذكر ما زال يضربها بالذل خالقها حتى تطاير عن أفحاصها الشعر داو الروافض بالإذلال إن لها داء الجنون إذا هاجت بها المرر كل الروافض حمر لا قلوب لها صم وعمي فلا سمع ولا بصر ضلوا السبيل أضل الله سعيهم بئس العصابة (5) إن قلوا أو إن كثروا شين (6) الحجيج فلا تقوى ولا ورع إن الروافض فيها الداء والدبر (7) لا يقبلون لذي نصح نصيحته فيها الحمير وفيها الإبل والبقر والقوم في ظلم سود فلا طلعت مع الأنام لهم شمس ولا قمر لا يأمنون وكل الناس قد أمنوا ولا أمان لهم ما أورق الشجر لا بارك الله فيهم لا ولا بقيت منهم بحضرتنا أنثى ولا ذكر
__________
(1) أوى وآوى : ضم وانضم ، وجمع ، حمى ، ورجع ، ورَدَّ ، ولجأ ، واعتصم ، ووَارَى ، وأسكن ، ويستخدم كل من الفعلين لازما ومتعديا ويعطي كل منهما معنى الآخر
(2) العروة : ما يُستمسك به ويُعتصم من الدين
(3) الصَّدَر بالتحريك : رجوعُ المُسَافِر من مَقْصِده
(4) الزلفى : من الازدلاف أي التقرب
(5) العصابة : الجماعَةُ من الناس من العَشَرَة إلى الأرْبَعين
(6) الشين : العيب والنقيصة والقبح
(7) الدبر : جمع دَبْرَة ، وهي قرحة الدابة

باب ذكر هجرة أهل البدع والأهواء قال محمد بن الحسين رحمه الله : ينبغي لكل من تمسك بما رسمناه في كتابنا هذا وهو كتاب الشريعة أن يهجر جميع أهل الأهواء من الخوارج والقدرية والمرجئة والجهمية ، وكل من ينسب إلى المعتزلة ، وجميع الروافض ، وجميع النواصب ، وكل من نسبه أئمة المسلمين أنه مبتدع بدعة ضلالة ، وصح عنه ذلك ، فلا ينبغي أن يكلم ولا يسلم عليه ، ولا يجالس ولا يصلى خلفه ، ولا يزوج ولا يتزوج إليه من عرفه ، ولا يشاركه ولا يعامله ولا يناظره ولا يجادله ، بل يذله بالهوان له ، وإذا لقيته في طريق أخذت في غيرها إن أمكنك . فإن قال : فلم لا أناظره وأجادله وأرد عليه قوله ؟ . قيل له : لا يؤمن عليك أن تناظره وتسمع منه كلاما يفسد عليك قلبك ويخدعك بباطله الذي زين له الشيطان فتهلك أنت ؛ إلا أن يضطرك الأمر إلى مناظرته وإثبات الحجة عليه بحضرة سلطان أو ما أشبهه لإثبات الحجة عليه ، فأما لغير ذلك فلا . وهذا الذي ذكرته لك فقول من تقدم من أئمة المسلمين ، وموافق لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأما الحجة في هجرتهم بالسنة ، فقصة هجرة الثلاثة الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخروج معه في غزاته بغير عذر : كعب بن مالك ، وهلال بن أمية ، ومرارة بن الربيع رحمهم الله تعالى فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بهجرتهم ، وأن لا يكلموا ، وطردهم حتى نزلت توبتهم من الله عز وجل ، وهكذا قصة حاطب بن أبي بلتعة لما كتب إلى قريش يحذرهم خروج النبي صلى الله عليه وسلم إليهم ؛ فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بهجرته وطرده ، فلما أنزل الله توبته فعاتبه الله تعالى على فعله فتاب عليه ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : « أفضل العمل الحب في الله والبغض في الله » . وضرب عمر بن الخطاب رضي الله عنه لصبيغ ، وبعث إلى أهل البصرة أن لا يجالسوه ؛ قال : فلو جاء إلى حلقة ما هي قاموا وتركوه ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام » وسنذكر عن التابعين وأئمة المسلمين معنى ما قلناه إن شاء الله تعالى

1968 - حدثنا أبو بكر محمد بن محمد بن سليمان الباغندي قال : حدثنا هشام بن خالد الدمشقي قال : حدثنا الحسن بن يحيى الخشني ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، رحمها الله ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام »

1969 - حدثنا أبو الفضل العباس بن يوسف الشكلي قال : حدثنا أحمد بن سفيان المصري قال : حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومي قال : حدثنا الليث بن سعد قال : حدثني هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام »

1970 - وحدثنا أبو الفضل قال : حدثنا إبراهيم بن المهلب الزهري قال حدثنا محمد بن كثير المصيصي قال : حدثنا الأوزاعي ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أهل البدع هم شر الخلق والخليقة »

1971 - حدثنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي ؛ قال : حدثنا أبو الأصبغ عبد العزيز بن يحيى الحراني قال : حدثنا أبو إسحاق الفزاري ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير قال : إذا لقيت صاحب بدعة في طريق فخذ في غيره

1972 - وأنبأنا الفريابي قال : حدثني إسماعيل بن سيف قال : حدثنا حسان بن إبراهيم الكرماني قال : سمعت أبا إسحاق الهمداني يقول : من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام

1973 - حدثنا الفريابي قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب قال : كان أبو قلابة يقول : لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم ، فإني لا آمن أن يغمسوكم في الضلالة أو يلبسوا عليكم في الدين بعض ما لبس عليهم

1974 - وأنبأنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا هشيم ، عن العوام بن حوشب ، عن معاوية بن قرة قال : الخصومات في الدين تحبط الأعمال

1975 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا أبو الخطاب زياد بن يحيى قال : حدثنا سعيد بن عامر قال : حدثنا سلام بن أبي المطيع : أن رجلا من أهل الأهواء قال لأيوب السختياني : يا أبا بكر ، أسألك عن كلمة ؛ قال : فولى أيوب وجعل يشير بأصبعه : ولا نصف كلمة ولا نصف كلمة

1976 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا سعيد بن عامر قال : سمعت جدي أسماء تحدث قالت : دخل رجلان على محمد بن سيرين من أهل الأهواء ، فقالا : يا أبا بكر نحدثك ، قال : لا ، قالا : فنقرأ عليك آية من كتاب الله عز وجل ، قال : لا ، لتقومن عني أو لأقومنه ، فقام الرجلان فخرجا

1977 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا محمد بن داود قال : حدثنا محمد بن عيسى قال : حدثني مخلد ، عن هشام قال : جاء رجل إلى الحسن فقال : يا أبا سعيد ، تعال أخاصمك في الدين ، فقال الحسن : أما أنا فقد أبصرت ديني ، فإن كنت أضللت دينك فالتمسه

1978 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي قال : حدثنا معن بن عيسى قال : انصرف مالك بن أنس يوما من المسجد وهو متكئ على يدي ، قال : فلحقه رجل يقال له : أبو الجويرية ، كان يتهم بالإرجاء ، فقال : يا أبا عبد الله ، اسمع مني شيئا أكلمك به وأحاجك وأخبرك برأيي ؛ قال له مالك : فإن غلبتني ؟ قال : إن غلبتك اتبعتني ؛ قال : فإن جاءنا رجل آخر فكلمنا فغلبنا ؟ . قال : نتبعه ، فقال مالك : يا عبد الله ، بعث الله عز وجل محمدا صلى الله عليه وسلم بدين واحد وأراك تنتقل من دين إلى دين قال عمر بن عبد العزيز : من جعل دينه غرضا للخصومات أكثر التنقل

1979 - وأنبأنا الفريابي قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا معاوية بن هشام ، عن سفيان ، عن جعفر بن برقان قال : جاء رجل إلى عمر بن عبد العزيز فسأله عن بعض الأهواء ، فقال : انظر دين الأعرابي والغلام في الكتاب فاتبعه واله عن ما سوى ذلك

1980 - حدثنا عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا الحسين بن علي بن الأسود العجلي قال : حدثنا محمد بن فضيل قال : حدثنا معاوية ، عن إبراهيم النخعي ، أنه قال لمحمد بن السائب التيمي : ما دمت على هذا الرأي فلا تقربنا ، وكان مرجئا

1981 - حدثنا الفريابي قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا عبد الوهاب الثقفي قال : حدثنا أيوب ، عن أبي قلابة قال : ما ابتدع رجل قط بدعة إلا استحل السيف

1982 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا قتيبة قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، أنه كان يقول : إن أهل الأهواء أهل ضلالة ، ولا أرى مصيرهم إلا إلى النار

1983 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا إبراهيم بن عثمان المصيصي قال : حدثنا مخلد بن الحسين ، عن هشام بن حسان ، عن الحسن قال : صاحب بدعة لا تقبل له صلاة ولا حج ولا عمرة ولا جهاد ولا صرف (1) ولا عدل (2)
__________
(1) الصرف : التوبة وقيل : النافلة
(2) العدل : الفدية وقيل : الفَرِيضَة

1984 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا عبد الأعلى بن حماد قال : حدثنا وهيب قال : حدثنا أيوب ، عن أبي قلابة قال : ما ابتدع رجل بدعة إلا استحل السيف

1985 - وحدثنا الفريابي قال : حدثني أبو علي الحسن بن عمر الشقيقي قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن عمرو بن مالك ، عن أبي الجوزاء ، أنه ذكر أصحاب الأهواء فقال : والذي نفس أبي الجوزاء بيده ، لأن تمتلئ داري قردة وخنازير أحب إلي من أن يجاورني رجل منهم ، ولقد دخلوا في هذه الآية ( ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور (1) )
__________
(1) سورة :

1986 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا سعيد بن عامر قال : حدثنا سلام بن أبي مطيع قال : كان أيوب يسمي أصحاب البدع خوارج ، ويقول : إن الخوارج اختلفوا في الاسم واجتمعوا على السيف

1987 - أنبأنا أبو عبيد علي بن الحسين بن حرب القاضي قال : حدثنا أبو السكين زكريا بن يحيى قال : سمعت أبا بكر بن عياش ، وقال له رجل : يا أبا بكر من السني ؟ فقال : السني الذي إذا ذكرت الأهواء لم يغضب لشيء منها

1988 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا أبو أسامة قال : حدثنا مهدي بن ميمون قال : قال يونس بن عبيد : إن الذي تعرض عليه السنة فيقبلها لغريب وأغرب منه صاحبها

1989 - وحدثنا الفريابي قال : حدثنا عباس العنبري قال : سمعت أحمد بن يونس يقول : رأيت زهير بن معاوية جاء إلى زائدة بن قدامة فكلمه في رجل يحدثه فقال : من أهل السنة هو ؟ . فقال : ما أعرفه ببدعة ، فقال زائدة : هيهات أمن أهل السنة هو ؟ . فقال زهير : متى كان الناس هكذا ؟ . فقال زائدة : ومتى كان الناس يشتمون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما

1990 - حدثنا ابن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي قال : حدثنا سعيد بن عامر ، عن حرب بن ميمون ، عن خويل قال : كنت عند يونس بن عبيد فأتاه رجل فقال : تنهانا عن مجالسة عمرو بن عبيد وهذا ابنك عنده ؛ قال : فلم يلبث أن جاء ابنه فقال : يا بني قد عرفت رأيي في عمرو وتأتيه قال : فقال : ذهبت مع فلان ، فقال : يا بني أنهاك عن الزنا والسرقة وشرب الخمر ؛ ولإن تلقى الله عز وجل بهن أحب إلي من أن تلقاه برأي عمرو وأصحاب عمرو

1991 - حدثنا أبو عبد الله بن مخلد العطار قال : حدثنا أبو موسى هارون بن مسعود الدهقان قال : حدثنا عبد الصمد بن حسان قال : قال سفيان الثوري : اتقوا هذه الأهواء المضلة ، قيل له : بين لنا رحمك الله ؛ قال سفيان : أما المرجئة فيقولون : الإيمان كلام بلا عمل ، من قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فهو مؤمن مستكمل إيمانه على إيمان جبريل والملائكة وإن قتل كذا وكذا مؤمنا وإن ترك الغسل من الجنابة وإن ترك الصلاة ، وهم يرون السيف على أهل القبلة ، وأما الشيعة فهم أصناف كثيرة : منهم المنصورية ؛ وهم الذين يقولون : من قتل أربعين من أهل القبلة دخل الجنة ، ومنهم الخناقون الذين يخنقون الناس ويستحلون أموالهم ، ومنهم الخرينية الذين يقولون : أخطأ جبريل بالرسالة ، وأفضلهم الزيدية وهم ينتفون من عثمان وطلحة والزبير وعائشة أم المؤمنين رضي الله عنهم ، ويرون القتال مع من خرج من أهل البيت حتى يغلب أو يغلب ، ومنهم الرافضة الذين يتبرءون من جميع الصحابة ويكفرون الناس كلهم إلا أربعة : عليا وعمارا والمقداد وسلمان ، وأما المعتزلة فهم يكذبون بعذاب القبر وبالحوض والشفاعة ولا يرون الصلاة خلف أحد من أهل القبلة ؛ إلا من كان على هواهم ، وكل أهل هوى ، فإنهم يرون السيف على أهل القبلة . وأما أهل السنة فإنهم لا يرون السيف على أحد ، وهم يرون الصلاة والجهاد مع الأئمة تامة قائمة ، ولا يكفرون أحدا بذنب ، ولا يشهدون عليه بشرك ويقولون : الإيمان قول وعمل ، مخافة أن يزكوا أنفسهم ، لا يكون عمل إلا بإيمان ، ولا إيمان إلا بعمل . قال سفيان : فإن قيل لك : من إمامك في هذا ؟ . فقل : سفيان الثوري رحمه الله

باب عقوبة الإمام والأمير لأهل الأهواء قال محمد بن الحسين رحمه الله : ينبغي لإمام المسلمين ولأمرائه في كل بلد إذا صح عنده مذهب رجل من أهل الأهواء - ممن قد أظهره - أن يعاقبه العقوبة الشديدة ، فمن استحق منهم أن يقتله قتله ، ومن استحق أن يضربه ويحبسه وينكل به فعل به ذلك ، ومن استحق أن ينفيه نفاه ، وحذر منه الناس . فإن قال قائل : وما الحجة فيما قلت ؟ . قيل : ما لا تدفعه العلماء ممن نفعه الله عز وجل بالعلم ، وذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جلد صبيغا التميمي ، وكتب إلى عماله : أن يقيموه حتى ينادي على نفسه ، وحرمه عطاءه ، وأمر بهجرته ، فلم يزل وضيعا في الناس . وهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، قتل بالكوفة في صحراء أحد عشر جماعة ادعوا أنه إلههم ، خد لهم في الأرض أخدودا وحرقهم بالنار ، وقال : لما سمعت القول قولا منكرا أججت ناري ودعوت قنبرا وهذا عمر بن عبد العزيز كتب إلى عدي بن أرطأة في شأن القدرية : تستتيبهم فإن تابوا وإلا فاضرب أعناقهم وقد ضرب هشام بن عبد الملك عنق غيلان وصلبه بعد أن قطع يده ، ولم يزل الأمراء بعدهم في كل زمان يسيرون في أهل الأهواء إذا صح عندهم ذلك عاقبوه على حسب ما يرون ، لا ينكره العلماء

1992 - حدثنا أبو علي الحسن بن الحباب المقرئ قال : حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن سهم قال : أنبأنا الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي ، عن الزهري ، عن أنس ، أن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه جلد صبيغا التميمي في مسائلته عن حروف القرآن حتى اضطربت الدماء في ظهره ، وقال غير مرة ، وبعث إلى أهل البصرة : أن لا تجالسوه . فلو جاء إلى حلقة ما هي قاموا وتركوه

1993 - وحدثني أبو بكر بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا إسماعيل بن أبي الحارث قال : حدثنا مكي بن إبراهيم قال : حدثنا الجعيد بن عبد الرحمن ، عن يزيد بن خصيفة ، عن السائب بن يزيد قال : أتي عمر بن الخطاب فقالوا : يا أمير المؤمنين ، إنا لقينا رجلا يسأل عن تأويل القرآن ؟ . فقال : اللهم أمكني منه ؛ قال : فبينما عمر رضي الله عنه ذات يوم يغدي الناس إذ جاءه عليه ثياب وعمامة فتغدى حتى إذا فرغ ، قال : يا أمير المؤمنين ( والذاريات ذروا فالحاملات وقرا (1) ) فقال عمر : أنت هو ؟ فقام إليه فحسر (2) عن ذراعيه ، فلم يزل يجلده حتى سقطت عمامته ، فقال : والذي نفسي بيده لو وجدتك محلوقا لضربت رأسك ، ألبسوه ثيابه واحملوه على قتب (3) ثم أخرجوه حتى تقدموا به بلاده ثم ليقم خطيبا ثم ليقل : إن صبيغا طلب العلم فأخطأ ، فلم يزل وضيعا في قومه حتى هلك وكان سيد قومه وأنبأنا أبو زكريا يحيى بن محمد الحنائي قال : حدثنا محمد بن عبيد بن حساب قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن يزيد بن أبي حازم ، عن سليمان بن يسار قال : قدم المدينة رجل من بني تميم يقال له صبيغ بن عسل ، كان عنده كتب وكان يسأل عن متشابه القرآن ، فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه وذكر الحديث نحوا منه وله طرق قال محمد بن الحسين رحمه الله : وأما حديث علي رضي الله عنه فقد تقدم ذكرنا له في هذا الجزء في الذين قتلهم وأحرقهم . وأما حديث عمر بن عبد العزيز :
__________
(1) سورة : الذاريات آية رقم : 1
(2) حسر : كشف
(3) القتب : هو الرحل الذي يوضع حول سنام البعير تحت الراكب

1994- - فأخبرنا الفريابي قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا مالك بن أنس ، عن عمه أبي سهيل بن مالك قال : كنت أسير مع عمر بن عبد العزيز رحمه الله فاستشارني في القدرية ؟ . فقلت : أرى أن تستتيبهم فإن تابوا وإلا عرضتهم على السيف . فقال : أما إن ذلك رأيي . قال مالك : وذلك رأيي

1995 - وأنبأنا الفريابي قال : حدثنا إسحاق بن موسى الأنصاري قال : حدثنا أبو ضمرة أنس بن عياض قال : حدثني أبو سهيل نافع بن مالك بن أبي عامر أنه قال : قال لي عمر بن عبد العزيز رحمه الله من فيه إلى أذني ما تقول في الذين يقولون : لا قدر ؟ . قلت : أرى أن يستتابوا فإن تابوا وإلا ضربت أعناقهم . قال : فقال عمر بن عبد العزيز : ذلك الرأي فيهم ، والله لو لم تكن إلا هذه الآية لكفى بها ( فإنكم وما تعبدون ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم (1) )
__________
(1) سورة : الصافات آية رقم : 161

1996 - وأنبأنا الفريابي قال : حدثنا عبد الله بن عبد الجبار الحمصي قال : حدثنا محمد بن حمير ، عن محمد بن مهاجر ، عن أخيه ، عمرو بن مهاجر قال : بلغ عمر بن عبد العزيز رحمه الله أن غيلان يقول في القدر ، فبعث إليه فحجبه (1) أياما ثم أدخله عليه فقال : يا غيلان ما هذا الذي بلغني عنك ؟ . قال عمرو بن مهاجر : فأشرت إليه أن لا تقول شيئا ، فقال : نعم يا أمير المؤمنين ، إن الله عز وجل يقول : ( هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا ، إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا (2) ) قال عمر : اقرأ آخر السورة : ( وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما (3) ) ثم قال : ما تقول يا غيلان ؟ . قال : أقول : قد كنت أعمى فبصرتني ، وأصم فأسمعتني ، وضالا فهديتني ، فقال عمر : اللهم إن كان غيلان عندك صادقا وإلا فاصلبه . قال : فأمسك عن الكلام في القدر ، فولاه عمر بن عبد العزيز رحمه الله دار الضرب بدمشق ، فلما مات عمر بن عبد العزيز وأفضت الخلافة إلى هشام تكلم في القدر ، فبعث إليه هشام فقطع يده فمر به رجل والذباب على يده فقال : يا غيلان هذا قضاء وقدر ؛ قال : كذبت لعمر الله ما هذا قضاء ولا قدر ، فبعث إليه هشام فصلبه
__________
(1) حجب : منع وحجز
(2) سورة : الإنسان آية رقم : 1
(3) سورة : الإنسان آية رقم : 30

1997 - وأنبأنا الفريابي قال : حدثنا هشام بن خالد الأزرق ، حدثنا أبو مسهر قال : حدثني عون بن حكيم قال : حدثني الوليد بن سليمان بن أبي السائب ، أن رجاء بن حيوة ، كتب إلى هشام بن عبد الملك : بلغني يا أمير المؤمنين أنه وقع في نفسك شيء من قبل غيلان وصالح ، والله لقتلهما أفضل من قتل ألفين من الروم والترك . قال هشام بن خالد : صالح مولى ثقيف

1998 - وأنبأنا الفريابي قال : حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال : حدثنا الهيثم بن خارجة قال : حدثنا عبد الله بن السائب الأشعري ، حمصي ، عن إبراهيم بن أبي عبلة قال : كنت عند عبادة بن نسي ، فأتاه رجل فأخبره أن أمير المؤمنين هشاما قطع يد غيلان ولسانه وصلبه ، قال له : حق ما تقول ؟ . قال : نعم ؛ قال : أصاب والله السنة والقضية ، ولأكتبن إلى أمير المؤمنين فلأحسنن له ما صنع

1999 - حدثني عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا الحسن بن عرفة قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن سلمة بن كهيل ، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى قال : قلت لأبي : يا أبه ، لو سمعت رجلا يسب عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما كنت تصنع به ؟ . قال : كنت أضرب عنقه قال محمد بن الحسين : وكان عبد الرحمن بن أبزى قاضي المدينة

2000 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا الحسن بن الصباح قال : حدثني قاسم العمري ، عن عبد الرحمن بن محمد بن حبيب بن أبي حبيب ، عن أبيه ، عن جده قال : شهدت خالد بن عبد الله القسري وهو يخطب ، فلما فرغ من خطبته ، وذلك يوم النحر فقال : ارجعوا فضحوا تقبل الله منكم ، فإني مضح بالجعد بن درهم ، إنه زعم أن الله تعالى لم يكلم موسى تكليما ، ولم يتخذ إبراهيم خليلا سبحانه وتعالى عما يقول الجعد بن درهم علوا كبيرا ثم نزل فذبحه

2001 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن العباس الطيالسي قال : حدثنا إسحاق بن منصور الكوسج قال : قال أحمد يعني : ابن حنبل رحمه الله ، قال عبد الرحمن بن مهدي : من قال : إن الله تعالى لم يكلم موسى يستتاب فإن تاب وإلا قتل

2002 - حدثنا أبو علي الحسين بن عبد الله الخرقي قال : حدثنا أبو عمر حفص بن عمر الضرير الدوري المقرئ قال : حدثنا علي بن قدامة ، عن المجاشع بن عمرو ، عن ميسرة ، عن عبد الكريم الجزري ، عن ابن عباس ، قي قول الله تعالى ( يوم تبيض وجوه وتسود وجوه (1) ) ، فأما الذين ابيضت وجوههم فأهل السنة والجماعة ، وأما الذين اسودت وجوههم فأهل البدع والأهواء
__________
(1) سورة : آل عمران آية رقم : 106

2003 - حدثنا أبو الفضل العباس بن يوسف الشكلي قال : حدثنا إبراهيم بن المهلب الزهري قال : حدثنا عبد الله بن الحسن الساحلي قال : حدثنا بقية بن الوليد ، والوليد بن مسلم قالا : حدثنا ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا حدث في أمتي البدع وشتم أصحابي فليظهر العالم علمه فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين » . فقال عبد الله بن الحسين : فقلت للوليد بن مسلم : ما إظهار العلم ؟ . قال : إظهار السنة ، إظهار السنة قال محمد بن الحسين رحمه الله : قد رسمت في هذا الكتاب وهو كتاب الشريعة من أوله لآخره ما أعلم أن جميع من شمله الإسلام محتاج إلى علمه لفساد مذاهب كثير من الناس ، ولما قد ظهر كثير من الأهواء الضالة والبدع المتواترة ما أعلم أن أهل الحق تقوى به نفوسهم ، ومقمعة لأهل البدع والضلالة على حسب ما علمني الله عز وجل ، فالحمد لله على ذلك . وقد كان أبو بكر بن أبي داود رحمه الله أنشدنا قصيدة قالها في السنة وهذا موضعها ، وأنا أذكرها ليزداد بها أهل الحق بصيرة وقوة إن شاء الله : أملى علينا أبو بكر بن أبي داود في مسجد الرصافة في يوم الجمعة لخمس بقين من شعبان سنة تسع وثلاثمائة فقال تجاوز الله عنه : تمسك بحبل الله واتبع الهدى ولا تك بدعيا لعلك تفلح ودن بكتاب الله والسنن التي أتت عن رسول الله تنجو وتربح وقل : غير مخلوق كلام مليكنا بذلك دان الأتقياء وأفصحوا ولا تغل في القرآن بالوقف قائلا كما قال أتباع لجهم وأسجحوا ولا تقل : القرآن خلق قرأته فإن كلام الله باللفظ يوضح وقل يتجلى الله للخلق جهرة كما البدر لا يخفى وربك أوضح وليس بمولود وليس بوالد وليس له شبه تعالى المسبح وقد ينكر الجهمي هذا وعندنا بمصداق ما قلنا حديث مصرح رواه جرير عن مقال محمد فقل مثل ما قد قال في ذاك تنجح وقد ينكر الجهمي أيضا يمينه وكلتا يديه بالفواضل تنضح وقل : ينزل الجبار في كل ليلة بلا كيف جل الواحد المتمدح إلى طبق الدنيا يمن بفضله فتفرج أبواب السماء وتفتح يقول : ألا مستغفر يلقى غافرا ومستمنح خيرا ورزقا فيمنح روى ذاك قوم لا يرد حديثهم ألا خاب قوم كذبوهم وقبحوا وقل : إن خير الناس بعد محمد وزيراه قدما ثم عثمان الأرجح ورابعهم خير البرية بعدهم علي حليف الخير بالخير منجح وإنهم والرهط لا ريب فيهم على نجب الفردوس في الخلد تسرح سعيد وسعد وابن عوف وطلحة وعامر فهر والزبير الممدح وقل : خير قول في الصحابة كلهم ولا تك طعانا تعيب وتجرح فقد نطق الوحي المبين بفضلهم وفي الفتح آي في الصحابة تمدح وبالقدر المقدور أيقن فإنه دعامة عقد الدين والدين أفيح ولا تنكرن جهلا نكيرا ومنكرا ولا الحوض والميزان إنك تنصح وقل : يخرج الله العظيم بفضله من النار أجسادا من الفحم تطرح على النهر في الفردوس تحيا بمائه كحبة حمل السيل إذ جاء يطفح وإن رسول الله للخلق شافع وقل في عذاب القبر : حق موضح ولا تكفرن أهل الصلاة وإن عصوا فكلهم يعصي وذو العرش يصفح ولا تعتقد رأي الخوارج إنه مقال لمن يهواه يردي ويفضح ولا تك مرجئا لعوبا بدينه ألا إنما المرجي بالدين يمزح وقل : إنما الإيمان قول ونية وفعل على قول النبي مصرح وينقص طورا بالمعاصي وتارة بطاعته ينمى وفي الوزن يرجح ودع عنك آراء الرجال وقولهم فقول رسول الله أزكى وأشرح ولا تك من قوم تلهوا بدينهم فتطعن في أهل الحديث وتقدح إذا ما اعتقدت الدهر يا صاح هذه فأنت على خير تبيت وتصبح ثم قال لنا أبو بكر بن أبي داود : هذا قولي وقول أبي وقول أحمد بن حنبل وقول من أدركنا من أهل العلم ومن لم ندرك ممن بلغنا عنه ، فمن قال علي غير هذا فقد كذب قال محمد بن الحسين رحمه الله : وبهذا وبجميع ما رسمته في كتابنا هذا وهو كتاب الشريعة ثلاثة وعشرون جزءا ندين الله عز وجل ، وننصح إخواننا من أهل السنة والجماعة ، من أهل القرآن وأهل الحديث وأهل الفقه وجميع المستورين في ذلك ؛ فمن قبل فحظه من الخير إن شاء الله ، ومن رغب عنه أو عن شيء منه فنعوذ بالله منه ، وأقول له كما قال نبي من أنبياء الله عز وجل لقومه لما نصحهم فقال ( فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد (1) )
__________
(1) سورة : غافر آية رقم :  44 .

قلت المدون  تم بحمد الله ثم قلت

 سبحانك وبحمدك وأستغفرك أنت الله الشافي الكافي الرحمن الرحيم الغفار الغفور القادر القدير المقتدر الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور... الواحد الأحد الواجد الماجد الملك المغيث لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ..لك الملك ولك الحمد وأنت علي كل شيئ قدير ولا حول ولا قوة إلا بك وأستغفرك اللهم بحق أن لك هذه الأسماء وكل الأسماء الحسني أسألك أن تََشفني شفاءا لا يُغادر سقما وأن تَكفني كل همي وتفرج كل كربي وتكشف البأساء والضراء عني وأن تتولي أمري وتغفر لي ذنبي وأن تشرح لي صدري وأن تُيسر لي أمري وأن تحلل عُقْدَةً  من لساني يفقهوا قولي وأن تغنني بفضلك عمن سواك اللهم أصلحني: حالي وبالي وأعتقني في الدارين وخُذ بيدي يا ربي وأخرجني من الظلمات الي النور بفضلك  وأن ترحم وتغفر لوالديَّ ومن مات من اخوتي وان تغفر لهم أجمعين وكل من مات علي الايمان والتوبة اللهم آمين

اللهم تقبل واستجب

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بلوجر

يا بلوجر متي يهدك ربنا وتتوب عن تدخلك السافر في روابط المدونات وتحويلها الي صفحة المشاركات في كل مدوناتك –اعلم ان جوجل لن يحاسبك عن هذه...